إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

مكتبة الحديث. أرجوا التثبيت.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    [glow=000000]مشكور اخي الكريم ع الموضوع الطيب
    وبارك الله فيك
    [/glow]

    تعليق


    • #92
      بارك الله فيك أخي لواء السنة

      جزاك الله عنا كل الخير

      تعليق


      • #93
        بسم الله الرحمن الرحيم
        الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
        السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

        اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا لما اختلف فيه من الحق فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

        أولا: أشكر كلا من إخواني [أحمد عماد/ و أبوعدي/ و شبل السرايا-ابو جهاد]. على ردودهما الطيبة، و على مواصلتهم معي في هذا الموضوع القيم الرائع.

        أسأل الله أن يرزقنا اتباع القرآن و السنة، و أن يوحد صفوفنا تحت راية التوحيد و أن يجمع كلمتنا على الكتاب و السنة، و أن يثبتنا على دينه حتى نلقاه، و أن يرحمنا و رحم جميع المسلمين الأحياء منهم و الأموات، و أن يعز الله الإسلام و المسلمين في كل مكان، و يدمر جميع أعداء الإسلام في كل مكان.

        اللهم تقبل منا رمضان بجودك يا رحمان.
        "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.
        و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
        قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
        قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

        تعليق


        • #94
          بارك الله فيك أخي لواء السنة
          لا اله الاالله محمد رسول الله

          تعليق


          • #95
            بارك الله فيك وجزاك الله كل خير

            تعليق


            • #96
              بسم الله الرحمن الرحيم
              الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
              السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

              اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهاد، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا لما اخلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

              الحديث الثامن في:
              "كتاب الجهاد و السير"

              "المتن"
              قَالَ رَجُلٌ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟ قَالَ: "لَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفِرَّ إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَفِرَّ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ". (رواه البخاري).

              معاني المفردات "اللغة":
              قَالَ رَجُلٌ: قال الحافظ، لم أقف على اسمه و جاء في بعض الروايات إنه من قيس.

              أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ: همزة الإستفهام مراد بها التقريع و التأنيب، و المعنى كيف تفرون و فيكم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-؟

              يَوْمَ حُنَيْنٍ: أي يوم غزوة حنين، و حنين اسم واد إلى جنب ذي المجاز بين مكة و الطائف، بينه و بين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات.

              هَوَازِنَ: قبيلة كبيرة من العرب ينسبون إلى هوازن بن منصور ابن عكرمة بن قيس بن غيلان بن الياس بن مضر.

              رُمَاةً: جمع رام أي يجيدون الرمي.

              فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَفِرَّ: أي اما نحن فقد فررنا و اما رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلم يفر.

              بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ: التي أهداها له فروة بن نفاثة، و غير البغلى البيضاء التي التي أهداها له يوحنا بن رؤبة ملك إيلة في غزوة تبوك، التي كانت بعد غزوة حنين.

              وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ: هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم الرسول –صلى الله عليه وسلم- و أخوة من الرضاعة.

              وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الواو للحال، فالجملة و ما بعدها في موضع النصب.

              أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ: أي أنا النبي لا كذب في نبوتي، فلا أنهزم، لأن الذي وعدني الله به من النصر حق لا خلف فيه.

              أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ: انتسب إلى جده عبد المطلب لشهرته بين الناس بما رزق من نبالة الذكر و طول العمر، بخلاف عبد الله أبيه فإنه مات شابا.

              الشرح و الإيضاح:
              لما كات فهم هذا الحديث حق الفهم، يتوقف على ذكر شيء من وقائع غزوة حنين و ما لابسها ناسب ذلك أن نذكر شيئا عن هذه الغزوة و ما حدث للمسلمين فيها و نتائجها.

              غزوة حنين
              قال الله تعالى: " لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26) ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (27)" (سورة التوبة).

              كانت غزوة حنين في شهر شوال من السنة الثامنة من الهجرة، و كانت بين المسلمين و بين هوازن و ثقيف.

              و سببها ... أن النبي –صلى الله عليه وسلم- لما فتح مكة و حطم الأصنام و دانت له قريش شق ذلك على هوازن و ثقيف و خشيا أن يغزوهما، فاجتمع قادة القبيلتين و تشاوروا فيما بينهم و قال قائلهم:
              و الله ما لا قى محمدا قوم يحسنون القتال، فاجمعوا أمركم و سيروا إليه قبل أن يسير إليكم فاتفقوا على قتاله.

              و خرجوا إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في جموع غفيرة بلغت ثلاثين ألف مقاتل بقيادة مالك بن عوف. فلما بلغ النبي –صلى الله عليه وسلم- خروجهم بادر بالخروج إليهم في جيش عدته اثنا عشر ألف مقاتل من بينهم ألفان حديثوا عهد بالإسلام، واغتر المسلمون بكثرتهم، فقال رجل منهم (لن نهزم اليوم من قلة).

              وانحدر النبي –صلى الله عليه وسلم- بجنوده في الوادي عند غبش الصبح و كان رجال من هوازن قد كمنوا له في بعض شعاب ذلك الوادي و مضايقه فلما حمل المسلمون على المشركين انهزموا ظامامهم و ولوا مدبرين.

              قال البراء بن عازب ... فأكببنا على الغنائم فخرج علينا من كانوا كامنين في الشعاب و المضايق واستقبلونا بالسهام، فولينا مدبرين لا يلوي أحد منا على أحد.

              انهزم جيش المسلمين و لكن النبي –صلى الله عليه وسلم- ثبت و ثبت معه رجال من أصحابه، و نادى في أعقاب المنهزمين أيها الناس "هلموا إلي أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله" و لما لم يجد سميعا قال لعمه العباس و كان جهوري الصوت، فصاح بالناس قائلا: (يا معشر المهاجرين يا معشر النصار، يا اصحاب الشجرة، يا للمهاجرين الذين بايعوا النبي تحت الشجرة) فما طرقت هذه الصيحات أذني واحد منهم حتى سارع إليه قائلا لبيك لبيك.

              فأمر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- أن يصدقوا الحملة على المشركين فأجابوه و اندفعوا كالسيل فانهزم المشركون و ولوا الأدبار و تبعهم المسلمون يقتلون و يأسرون. و قبل مرجعه –صلى الله عليه وسلم- قدم إليه وفد هوازن فأسلموا و بايعوا، ثم طلبوا منه –صلى الله عليه وسلم- أن يرجع إليهم الأطفال و النساء فأجابهم إلى طلبهم.

              بعد هذه العجالة نعود إلى شرح الحديث مستمدين العون و التوفيق من الله سبحانه و تعالى:
              " أَفَرَرْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ" غرض السائل بهذا أن يعيروهم بفرارهم عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- يوم حنين، و أنه لم يكن هناك مبرر للفرار و لا مسوغ له، و حتى لو كان هناك ما يدعو إليه من الأسباب غير العادية ما جاز لهم الفرار،و الرسول –صلى الله عليه وسلم- بين ظهرانيهم لأن المرء لا يؤمن حتى يكون الله و رسوله أحب إليه من نفسه التي بين جنبيه، كما جاء بذلك الخبر الصحيح عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- و من فر عن الرسول –صلى الله عليه وسلم- وقت شدته و آثر النجاة بنفسه فما آمن به و لا أحبه كحبه لنفسه، فضلا عن حبه أكثر من نفسه فماذا كان جواب البراء للسائل؟

              " فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَفِرَّ" و هذا الجواب من البراء فيه إشادة بموقف النبي –صلى الله عليه وسلم و بطولته الفذة المنقطعة النظير في هذا الظرف العصيب، و أنه كان ثابت الجأِ قوي القلب حاضر العقل فلم يؤثر فيه هول المفاجأة، و فهم من جوابه أيضا بطريق التلميح لا التصريح لأنهم فروا و ما كان ينبغي لهم أن يفروا، و لكن هول المفاجأة و شدة وقعها على نفوسهم أذهلتهم فتصرفوا تصرف من لا يشعر أن بينهم الرسول –صلى الله عليه وسلم-، و لذلك قال "لا" على سبيل الاعتذار عن الفرار و لكن بيانا منه للمفاجأة التي أذهلتهم فأسلمتهم للفرار:
              " إِنَّ هَوَازِنَ كَانُوا قَوْمًا رُمَاةً وَإِنَّا لَمَّا لَقِينَاهُمْ حَمَلْنَا عَلَيْهِمْ فَانْهَزَمُوا فَأَقْبَلَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى الْغَنَائِمِ وَاسْتَقْبَلُونَا بِالسِّهَامِ". فهو يقول إن هوازن كانوا قوما مشهورين بالرمي يرمونعن القوس و النبل، فإذا أضيف إلى ذلك ننا انشغلنا بالغنائم التي غنمناها منهم بعد هزيمتهم أول الأمر ظنا منا أنهم لن يعودوا إلى محاربتنا، و أنهم انتهزوا الفرصة فانهالوا علينا بالسهام و نحن نجمع الغنائم آمنين، لاسيما و الوقت كان وقت غبش غير صالح للرؤية تيبن لك عذرنا فيما كان منا من الذهول ثم الفرار.

              و مقصوده انهم لم يفروا ضنا بأنفسهم و لا إيثارا لها على نفس الرسول –صلى الله عليه وسلم- فإن هذا يقتضي حضور العقل منهم ثم الموازنة بين أنفسهم و نفس الرسول –صلى الله عليه وسلم- ثم اختيار أنفسهم على نفسه، و هم حين فروا ذاهلين و لا عقل لهم من هول المفاجأة.

              و ما ورد في بعض روايات الحديث " أَوَلَّيْتُمْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ؟". (رواه البخاري). فلا تعارض بينه و بين الرواية التي معنا بحمد الله.

              و إنما كان كذلك لأن موقع الظرف نصب على الحال، أي أوليتم حال كونكم مع الرسول –صلى الله عليه وسلم-؟ فصار المعنى كما ول قيل أوليتم و أنتم مع رسول الله؟
              و هذا بعينه هو معنى الرواية التي معنا و الله أعلم.

              ثم أخذ البراء يسرد الشواهد على قوة بأسه –صلى الله عليه وسلم- بقوله:
              " فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَفِرَّ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّهُ لَعَلَى بَغْلَتِهِ الْبَيْضَاءِ وَإِنَّ أَبَا سُفْيَانَ آخِذٌ بِلِجَامِهَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ". و قوله –صلى الله عليه وسلم- " أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ" فيه إشارة إلى أن صفة النبوة يستحيل معها الكذب، فكأنه يقول: أنا النبي و النبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم، و أنا على يقين بأن الذي وعدني الله به من النصر حق، فلا يجوز لي الفرار.

              و لا يشكل ما في قوله –صلى الله عليه وسلم- " أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ" من الإفتخار بالآباء المنهي عنه، ما كان في غير الحرب، أما فيها فإنه جائز لما فيه من إرهاب العدو، والفت في عضده إذا كان صادرا عمن عرف بالقوة و العزيمة الصارمة مع قوة يقينة و شدة إيمانه، و لأنه قد اشتهر بين الناس أنه يخرج من ذرية عبد المطلب، رجل يدعو إلى الله و يهدي الله الخلق على يديه و يكون خاتم الأنبياء، فانتسب إليه ليتذكر ذل من يعرفه،و أراد –صلى الله عليه وسلم- تنبيه أصحابه بأنه لا بد من ظهوره، و ان العاقبة له، لتقوى قلوبهم إذا عرفوا أنه ثابت غير منهزم.

              و هاتان الجملتان الصادرتان منه –صلى الله عليه وسلم-، في هذا الموقف تدلان دلالة قاطعة على أن يقينه بصدق رسالته متغلغل في أعماق قلبه، فلم تنسه الشدة ما كان عليه وقت الرخاء بل برغم اشتداد الحوادث و برغم أنه –صلى الله عليه وسلم- أصبح عرضة لفتك الأعداء به، فقبل أن تحدثه نفسه بشيءمما يجول في نفوس البشر عند الخوف، و تفرق الناس من حوله، و ضراوة العدو، يبادر إلى إحكام غلق منافذ الوساوس بصخرتين عظيمتين:
              الأولى: أنه نبي حقا، و الله قد ضمن لأنبيائه النصر، فلم الفرار؟
              و الثانية: أنه ابن عبد المطلب صاحب المجد القديم و المواقف المشهورة بين العرب فليس يصح من مثله الفرار.

              و إنه من عمق بصره-صلى الله عليه وسلم- و دقة تفكيره، أنه قدم الحافز على الثبات الناشئ عن الدين، على الحافز الناشئ عن النسب.

              فإذا أضيف إلى هذا أنه –صلى الله عليه وسلم- كان في ذلك اليوم راكبا بغلته، و هي من الدواب التي لا تسعف راكبها بالسرعة، و أنه أمام خصم قوي عنيد، و فر من فر من أصحابه، و لم يبق معه إلا العدد القليل، ظهر بجلاء أن ثباته –صلى الله عليه وسلم- و محاولته الخجوم و هو على هذه الحال آية من آيات النبوة، و موقف من مواقفها، و هي فوق الحصر، و دلالة على النهاية في الشجاعة.

              ما يستفاد من الحديث:
              أولا: أن من أسباب هزيمة المسلمين في حنين اعتزازا بعضهم بكثرتهم و قوتهم حتى كأنهم لم يعتمدوا إلا على أنفسهم.
              ثانيا: أن ثباته –صلى الله عليه وسلم- هو الذي حول الهزيمة إلى النصر، لأن من فر لما علم بموقف كر راجعا، و صدقوا في حملتهم حتى هزموا عدوهم.
              ثالثا: أن النصر إنما هو من عند الله و أن من ينصره الله فلا غالب له، و من يخذله فلا ناصر له غيره، فهو سبحانه الذي تولى نصر رسوله و دينه لا كثرتهم التي أعجبتهم، فإنها لم تغن عنهم شيئا.
              رابعا: أن إنشغال الجنود بالغنائم، و أعراض الدنيا من الأسباب المباشرة للهزيمة، مثل ما حدث في هذه الغزوة و ما حدث في غزوة أحد.
              خامسا: جواز الإنتساب إلى الآباء و الإفتخار بذلك في ميدان القتال. إذا كانوا ممن عرفوا بالشجاعة و المحمدة، و النهي عن ذلك محمول على ما كان في غير الحرب.

              اللهم تقبل منا رمضان بجود يا رحمان.
              "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
              و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
              قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
              قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

              تعليق


              • #97
                بارك الله فيك أخي
                في ميزان حسناتك

                والله اشتقنالك أخي وين زمان ما بتبين
                أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

                كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
                .....

                لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
                ؟

                الشتم و السباب

                تعليق


                • #98
                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
                  السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

                  اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهاد، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا لما اخلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

                  رب يسر و أعن
                  "كتاب الأضاحي"

                  "المقدمة"
                  الأضاحي: جمع أضحية، و هي ما يذبح من النعم تقربا إلى الله تعالى، في يوم عيد الأضحى إلى آخر اليوم الثاني أو الثالث من أيام التشريق، -على خلاف ذلك-. و سميت أضحية: لأنها غالبا تذبح في وقت الضحى.

                  و الأضحية سنة عند الشافعي، و أحمد للموسر، واستدلوا بما روي عن الستة غير البخاري: "من رأى هلال ذي الحجة و أراد أن يضحي فليمسك عن شعره". فلو كانت واجبة ما علقها الرسول –صلى الله عليه وسلم- على الإرادة.

                  و قال مالك: إنها سنة و لكن لا يتركها، فإن تركها فبئس ما صنع إلا إذا كان معذورا.

                  و قال أبوحنيفة: إنها واجبة على المسلم الحر المقيم الموسر/ لما رواه ابن ماجه "من كان له سعة و لم يضح فلا يقربن مصلانا".

                  و الموسر: هو الذي يملك ثمن الأضحية و لا يحتاج إليه في أمر ضروري طول عامه، بأن كان فاضلا عن كل ما يحتاج إليه في أموره المعيشة و لوازم ملبسه و مسكنه، و هكذا في حق غير النبي –صلى الله عليه وسلم- أما هو فالأضحية واجبة في حقه، و من أحسن ممن اقتدى بنبيه و ضحى يوم عيده و وسع على عياله و أطعم من إخوانه المسلمين البائس الفقير.

                  و تجزأ في الأضحية الإبل ماله خمس سنين، و البقر ماله سنتان، و الضأن ماله نصف سنة، و الماعز ماله سنة،.
                  و تجزئ الشاة عن الواحد و أهل بيته و عياله، و البقر و البدنة تجزئ عن السبعة.

                  عن البراء بن عازب –رضي الله عنه- مرفوعا: "أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البين عورها، و المريضة البين مرضها، و العرجاء البين ضلعها، و الكسيرة التي لا تنقي". رواه الترمذي و صححه.

                  و يسن نحر الإبل قائمة معقولة يدها اليسرى، و ذبح البقر و الغنم على جنبها الأيسر موجهة إلى القبلة.

                  و يسمى حين يحرك يده بالفعل، و يكبر و يقول: اللهم هذا منك و لك. و أول وقت الذبح من بعد أسبق صلاة العيد بالبلد، و يستمر وقت الذبح نهارا و ليلا إلى ثالث أيام أو ثاني أيام التشريق على خلاف.

                  "المتن":
                  عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ" فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِي؟ قَالَ: "كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا". (رواه البخاري: باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي و ما يتزود منها).

                  التعريف براوي الحديث:هو سلمة بن الأكوع، يكنى أبا مسلم الأسلي المدني، كان ممن بايع تحت الشجرة، و كان من أشد الناس و أشجعهم راجلا، توفي بالمدينة سمة أربع و سبعين و هو ابن ثمانين سنة، روى عنه خلق كثير.

                  معاني المفردات:

                  مَنْ ضَحَّى: ذبح أضحية.

                  بَعْدَ ثَالِثَةٍ: أي ليلة ثالثة.

                  ادَّخِرُوا: من الادخار و هو الاختزان، و أصل الفعل ادتخر قلبت تاء الافتعال دالا و أدغمت الدال في الدال.

                  َجَهْدٌ: مشقة و شدة، و المراد بها المجاعة.

                  تُعِينُوا: من المعاونة و هي المساعدة.

                  الشرح:
                  الرسول –صلى الله عليه وسلم- يريد بهذا الحديث أن يحقق روح التعاطف و المودة بين الناس، فحض على البر بالفقراء و الإحسان إلى المحتاجين، حتى تشمل الحياة الحرة الكريمة جميع المسلمين، و زاد حرصه بهم إذا جهد الناس و أصابهم قحط و مشقة، و من مظاهر ذلك ما روي في هذا الحديث الجليل،"مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ" أي لا يدخلن في صباح ليلة ثالثة بعد ذبحه و في بيته شيء من لحم المذبوح، فيأكل و يتصدق بال الباقي و لا يدخر شيئا،

                  واستجاب الصحابة رضوان الله عليهم وامتثلوا لأمر الرسول –صلى الله عليه وسلم-، فلما كان العام المقبل و هو سنة عشر من الهجرة. قالوا: رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ الْمَاضِي؟ -و هو العام التاسع من الهجرة- فلا ندخر منها شيئا بعد ثالثة. قال: لا؛ بل كلوا و أطعموا الأهل و الفقراء وادخروا لأن عام النهي كان عام مجاعة و جهد (فأردت أن يفشوا اللحم فيهم) كما في رواية مسلم، و أما هذا العام فهو عام رخاء و غيث من السماء و نبات من الأرض و زيادة الدر و الضرع، فاللحم كثير و ميسر للناس فلا عليكم أن تدخروا.

                  و كأن الصحابة رضوان الله عليهم فهموا أن نهي النبي –صلى الله عليه وسلم- في العام التاسع كان لسبب خاص و هو الرأفة بالمساكين، و إذا ورد العام على سبب خاص جال في النفس من عموم و خصوصه إشكال، فلما كان مظنة الاختصاص عادوا إلى السؤال، فبين لهم –صلى الله عليه وسلم- أنه خاص بذلك السبب، و هو رأفة بالمساكين في وقت الحاجة و الشدة، و الأمر بالأكل و الادخار في الحديث جاء مطلقا بدون تعيين قدر معين فاختلف لذلك العلماء في تحديده و حكمه، فقال بعضهم:
                  يستحب للمضحي أن يأكل منها شيئا و يطعم الباقي غيره على سبيل الصدقة أو الهدية، و قال الشافعي: ما دام ذبح أضحيته وجب التصدق بما يصدق عليه اسم اللحم و لو قليلا، بشرط أن يكون نيئا و ألا يكون قديدا لأنه أنفع للفقير و أبر به.

                  فلو تصدق بها كلها كان مستحبا إلا لقيمات يتبرك بها، فإن لم يفعل قسمها أثلاثا، بين الأكل، و الصدقة على الفقراء، و الهدية للأهل و الإخوان و لو كانوا أغنياء.

                  و لا يتعارض هذا الأمر بالأكل ... الخ مع ما رواه البخاري عن علي –رضي الله عنه- أنه خطب يوم النحر فقال:
                  "إن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث".
                  لأن الوقت الذي خطب فيه كان زمن مجاعة بسبب الحصار الذي حصل على المدينة أيام فتنة عثمان –رضي الله عنه- كالمجاعة التي حصلت في العام التاسع الذي ورد فيه النهي المذكور. فيكون علي –رضي الله عنه- فهم سير الحكم مع العلة وجودا و عدما دون نسخ الحكم، و هذا هو الظاهر، و قال به كثير من العلماء، و فهم الحافظ رحمه الله- أن التقييد بثلاثة أيام واقفة حال غير مقصود منها تحديد العدد، فلو لم تسد حاجة الفقير إلا بتفريق جميع لحوم الأضاحي امتنع الإمساك ولو ليلة واحدة.

                  و من هذا التوجيه النبوي الكريم يظهر مقدار حدب الإسلام على الفقراء و المساكين، و مبلغ رعايته للأفراد و الجماعات، و تحقيق التكافل و التعاون بينهم حتى يكونوا أسرة واحدة قوية البنيان مدعمة الأركان.

                  و قد كان لهذا التوجيه و هذه التربية أثرها في وحدة المسلمين و قوتهم التي حموا بها شرعهم و مبادئهم، و رفعوا بها راية الإسلام خفاقة في العالمين تتحدى الظلم و الطغيان، و تؤدب العابثين المنحرفين، و كانوا بفضل اعتصامهم بهدي نبيهم و دينهم خير أمة أخرجت للناس.

                  ما يستفاد من الحديث:
                  أولا: وجوب التكافل و التعاون بين أفراد المسلمين في كل مناسبة و نازلة.
                  ثانيا: مبادئ الشرع السامية و تعاليمه الرشيدة تنهض بأصحابها و ترشدهم إلى سعادة الحياتين.
                  ثالثا: جواز إلزام الحاكم المحكومين بغير الواجب عليهم بقصد المصلحة العامة.
                  رابعا: جواز الاستفسار و المراجعة فيما أشكل من أحكام.
                  خامسا: ينبغي للقادر أن يضحي توسعة على عياله و برا بالفقراء و المحتاجين.

                  اللهم تقبل منا رمضان بجود يا رحمان.
                  "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
                  و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
                  قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
                  قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                  تعليق


                  • #99
                    جزاك الله كل خير اخوي علي الجهد المبارك والطيب


                    تقبل الله منا ومنك صالح الطاعات


                    دمت بحفظ الرحمن ورعايته
                    إن لله عباداً فطنا .. طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
                    نظروا فيها فلما علموا .. أنها ليست لحييٍ وطنا
                    جعلوها لجةً واتخذوا .. صالح الأعمال فيها سفنا

                    تعليق


                    • بسم الله الرحمن الرحيم
                      الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
                      السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

                      اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهاد، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا لما اخلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

                      رب يسر و أعن

                      المقدمة:
                      الصيد: مصدر صاد يصيد و هو بمعنى المفعول و المراد به الشيء المصيد، قال الله تعالى: "أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ" (سورة المائدة/ الآية 96). أي المصيد منه.
                      الذبائح: جمع ذبيحة بمعنى مذبوحة، و هي ما قصد ازهاق روحها بنحرها بآلة حادة يقطع بها الحلقوم و المريء، لتخرج روحها بأقصر طريق يريحها بغير تعذيب، و الحكمة في التسمية أن يشعر الإنسان بأن هذه الحيوانات مخلوقة لله، فلا يتسلط عليها الإنسان بالذبح إلا بإذن من خالقها وخالقه. و الحديث الآتي بين أحكاما تتعلق بالصيد المذبوح و التسمية على كل منهما.

                      الحديث الأول:
                      "المتن"
                      عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ -رَضِيَ اللَّهُ- عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ قَالَ: "مَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْهُ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ".

                      وَسَأَلْتُهُ عَنْ صَيْدِ الْكَلْبِ فَقَالَ: "مَا أَمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ، فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَ كَلْبِكَ، أَوْ كِلَابِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ، فَخَشِيتَ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهُ مَعَهُ وَقَدْ قَتَلَهُ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ". (رواه البخاري: باب اب التَّسْمِيَةِ عَلَى الصَّيْدِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمْ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّيْدِ ... ").

                      التعريف بالراوي:
                      هو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزمبن طيئ الطائي،وأبوه حاتم هو الجواد الموصوف بالجود، الذي يضرب به المثل، يكنى عدي أبا طريف. وفد عدي على النبي صلى الله عليه وسلم سنة تسع في شعبان، وقيل: سنة عشر، فأسلم وكان نصرانياً. إنه لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى طيئ أخذ عدي أهله، وانتقل إلى الجزيرة، وقيل: إلى الشام، وترك أخته سفانة بنت حاتم، فأخذها المسلمون، فأسلمت وعادت إليه فأخبرته، ودعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحضر معها عنده، فأسلم وحسن إسلامه،روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم على أبي بكر الصديق في وقت الردة بصدقة قومه، وثبت على الإسلام ولم يرتد، وثبت قومه معه.

                      شهد فتوح العراق، ووقعة القادسية ، ووقعة مهران، ويوم الجسر مع أبي عبيد، وغير ذلك. سكن الكوفة،وشهد صفين مع علي،وكان عدي يفت الخبز للنمل ويقول: إنهن جارات، ولهن حق.
                      وتوفي سنة سبع وستين في الكوفة على أصح الأقوال،وله مائة وعشرون سنة.

                      معاني المفردات:
                      المعراض: خشبة في طرفها حديدة مدببة.
                      وقيذ: فعيل بمعنى مفعول أي: ميت.
                      ذكاة: أي: كالذكاة المعروفة، و هي الذبح.

                      الشرح:
                      كان الصيد من أهم وسائل العيش عند كثير من العرب و غيرهم من الأمم، لذلك عني به القرآن و السنة، و لقد وضح الرسول –صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث بعض أحكامه في إجابته عن سؤال لعدي بن حاتم الطائي –ؤضي الله عنه-. قال: (سألت النبي –صلى الله عليه وسلم- عن صيد المعراض)، ففي الكلام مضاف محذوف و التقدير سألت النبي –صلى الله عليه وسلم- عن حكم أكل صيد المعراض، فأجابه الرسول –صلى الله عليه وسلم- بأن ما قتل المعراض بالحد و الطرف المدبب حلال (فكله) لأنه كالمذكى المذبوح في حلقه. و ما قتل بعرض المعراض، و المراد به خلاف الحد فهو (وقيذ) ميت بمثقل لا يحل أكله، فشأنه ما يرمى بالحجر و يُضرب بالعصا لقوله تعالى: "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ". (سورة المائدة: الآية3).
                      فالموقوذة ضمن ما حرمه الله سبحانه من أشياء عشرة في الآية.

                      و مثل هذا ما صيد ببندق الطين الذي كان يجفف و يقذفون بها الحيوان و كانوا يستعملونه في الصدر الأول، إلا إذا أدرك و فيه حياة ثم ذبح فهو حلال.

                      أما ما صيد برصاص البنادق و المسدسات و نحوها فهو حلال، لأنها تنفذ من الجسم أشد من نفاذ السهم و حد المعراض، و فيه إنهار الدم و هو ما شرعت الذكاة لأجله، أما ما رواه أحمد من حديث "لا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت". و ما رواه البخاري ن قول ابن عمر في المقتولة بالبندقة: (تلك الموقوذة). فالبندقة هنا: هي التي تتخذ من طين مجفف.

                      و سأل عدي أيضا عن حكم أكل مصيد الكلب فأجابه الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "إذا أرسلت كلبك المعلم و سميت الله و قصر إمساكه عليك فلم يأكل منه شيئا فحلال أكل ما صاد و إن جرحه و قتله و أدركته ميتا؛ لأن جرح كلب المعلم و قتله كالذبح، و هكذا كل ما صادته الجوارح المعلمة من فهود و بزاة و بواشق و صقور و عقبان. و هي ما لو أرسلت انطلقت، و إذا زجرت انزجرت و إذا أريد إبقائها لم تفر. و إذا اصطادت حبست المصيد على صاحبها و لم تأخذ منه شيئا.
                      المهم أن يتحقق تهليمها و هو أمر يدرك بالعرف. و فرق بعض العلماء كالكلاب و سباع الطير كالصقر. فأباح ما أكل منه الطير دون ما أكل منه الكلب. و الحكمة في ذلك تنزيه الإنسان أن يأكل فضلات الكلاب و فرائس السباع دون الطير.

                      " فَإِنَّ أَخْذَ الْكَلْبِ ذَكَاةٌ" فالفاء تعليلية، و الأخذ بمعنى القتل، و في الكلام تشبيه بليغ، و التقدير فإن أخذ الكلب كالذكاة و وجه الشبه حِل الأكل فيما أخذه الكلب و ما ذكاه الإنسان بيده.
                      ثم بنى الرسول –صلى الله عليه وسلم- حكم ما لو اشترك مع كلب الصيد كلب أو كلاب أخرى لا يدري الصائد من أرسلها، فقد تكون أرسلت بنفسها أو أرسلها مجوسي أو مرتد، فإن خشيت أن يكون الكلب الذي لم ترسله أخذ المصيد مع الذي أرسلته و قد قتله فلا تأكل، فإذا لم يقتله بل أمسكه عليك حيا فذكه و كل، ثم ذكر علة النهي عن الأكل منه فقال: " فَإِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تَذْكُرْهُ عَلَى غَيْرِهِ" واستدل الجمهور بهذا الحديث اشتراط التسمية على الصيد فإنه –صلى الله عليه وسلم- جعل عدم ذكر اسم الله عند إرسال الكلب الآخر علة للنهي عما شارك فيه، فيكون عدم التسمية مانعا من الحل و لا معنى لاشتراطها إلا هذا. و رخص بعضهم في تركها سهوا و قال يحل المصيد، و قال الشافعية إن التسمية سنة و المراد بقوله: " فَإِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ" فإنما أُرسِلتْ ممن هو أهلٌ للصيد و هو المسلم غير المُحْرِمِ. أو الكتابي العاقل القاصد للصيد فيكون علة النهي عما شارك في الكلب الآخر عدم إرساله ممن هو أهل للصيد، لا عدم التسمية عند إرساله.

                      و مما يرشد إليه الإسلام الحنيف ألا يكون الصائد عابثا بصيده فيزهق هذه الأرواح دون قصد منه إلى أكلها أو الانتفاع بها، ففي الحديث:
                      " مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا عَبَثًا عَجَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ يَا رَبِّ إِنَّ فُلَانًا قَتَلَنِي عَبَثًا وَلَمْ يَقْتُلْنِي لِمَنْفَعَةٍ". (رواه النسائي).

                      ما يستفاد من الحديث الشريف:
                      أولا: جواز الصيد بالمعراض الكلب، و إباحة أكل ما صيد بهما بالشروط المذكورة.
                      ثانيا: جواز الاصطياد بالبنادق و المسدسات الحديثة لأنها تنفذ كالحد و تنهر الدم سريعا.
                      ثالثا: مشروعية التسمية عند الصيد على الخلاف في اشتراطها أو استحبابها.
                      رابعا: جواز اقتناء الكلب المعلم.
                      خامسا: إباحة الصيد إلا إذا قصد به العبث و اللهو، فيكون حراما و مكروها على خلاف في ذلك.

                      اللهم تقبل منا رمضان بجود يا رحمان.
                      "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
                      و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
                      قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
                      قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                      تعليق


                      • بسم الله الرحمن الرحيم
                        السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                        بارك الله فيك أخي على هذا الجهد القيم
                        جعله الله في ميزان حسناتك
                        وجزاك الله عن أمة المسلمين خير الجزاء

                        أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
                        وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
                        واذاق قلبي من كؤوس مرارة
                        في بحر حزن من بكاي رماني !

                        تعليق


                        • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
                          أسأل الله ان يجعل هذا العمل في ميزان حسناتك

                          اللـــهم أعز الاســلام والمـسليــــمن
                          اللــــهم أنصر المجـــاهدين في سبيلك

                          تعليق


                          • بسم الله الرحمن الرحيم
                            الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:

                            اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السماوات و الأرض، عالم الغيب و الشهاد، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا اهدنا لما اخلف فيه من الحق، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

                            رب يسر و أعن

                            الحديث الثاني في كتاب:
                            "كتاب الأضاحي"

                            "المتن" :
                            عَنْ ابْنِ عُمَرَ –رضي الله عنهما- أَنه مَرُّ بِنَفَرٍ نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا عَنْهَا وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ مَنْ فَعَلَ هَذَا إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا"، و عنه –رضي الله عنهما- في رواية أنه قال: "لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ". (رواه البخاري: بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ الْمُثْلَةِ وَالْمَصْبُورَةِ وَالْمُجَثَّمَةِ).

                            راوي الحديث:
                            هو عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي. أمه: زينب بنت مظعون بن حبيب الجمحية. أسلم مع أبيه وهو صغير لم يبلغ الحلم.
                            ا جمعوا على أنه لم يشهد بدراً،لصغر سنه،واختلفوا في شهوده أحداً ، فقيل: شهدها . والصحيح أن أول مشاهده الخندق.
                            وكان كثير الاتباع لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إنه نزل منازله، ويصلي في كل مكان صلى فيه.
                            قال مالك: وكان ابن عمر من أئمة المسلمين. وكان كثير الصدقة وربما تصدق في المجلس الواحد بثلاثين ألفاً.

                            روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فأكثر. وروى عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأبي ذر، ومعاذ بن جبل، ورافع بن خديج، وأبي هريرة، وعائشة.

                            وروى عنه ابن عباس، وجابر والأغر المزني من الصحابة. وروى عنه من التابعين بنوه: سالم، وعبد الله، وحمزة. وأبو سلمة وحميد ابنا عبد الرحمن. ومصعب بن سعد، وسعيد المسيب، وأسلم مولى عمر، ونافع مولاه، وخلق كثير.

                            توفي عبد الله بن عمر سنة ثلاث وسبعين، بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر، وكان سبب قتله أن الحجاج أمر رجلاص فسم زج رمح ورحمه في الطريق، ووضع الزج في ظهر قدمه،فمرض منها أياماً، فأتاه الحجاج يعوده، فقال له: من فعل بك؟ قال: وما تصنع قال: قتلني الله إن لم أقتله! قال: ما أراك فاعلاً! أنت أمرت الذي نخسني بالحربة! فقال: لا تفعل يا أبا عبد الرحمن. وخرج عنه، ولبث أياماً، ومات وصلى عليه الحجاج.

                            ومات وهو ابن ست وثمانين سنة، ودفن بالمحصب، وقيل: بذى طوى. وقيل: بفج. وقيل: بسرف.

                            معاني المفردات:
                            بِنَفَرٍ: هم ثلاثة إلى عشرة من الرجال ليس فيهم امرأة.و لا واحد له من لفظه فهو اسم جنس.
                            نَصَبُوا دَجَاجَةً يَرْمُونَهَا: جعلوها هدفا يتعلمون به الرمي.
                            لَعَنَ: اللعن الطرد من رحمة الله.
                            مَثَّلَ: عذب و قطع بعض أطرافه و هو حي.

                            الشرح:
                            كتب ربكم على نفسه الرحمة، و وصه نفسه بها فهو الرحمن الرحيم، و دعا عباده أن يتراحموا، و أن تشمل رحمتهم جميع مخلوقاته من الحيوان، لأنها تتألم كالإنسان.

                            و قد ربى رسوله على الرحمة و الشفقة، فكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما، و قد ظهرت آثار هذه التربية الفاضلة في سلوك صحابته الأكرمين، فهذا عبدالله بن عمر –رضي الله عنهما- تتمثل فيه الرحمة بأكمل معانيها، و تتجلى واضحة فيما يأتي:

                            فقد مر –رضي الله عنه- بنفر أو فتية كما جاء في رواية أخرى، و قد نصبوا دجاجة، وجعهلوها هدفا يتعلمون به الرمي، فلما رأوا ابن عمر مقبلا تركوها و فروا خائفين، فجاء إليها و حلها ثم قال لمن حوله: " مَنْ فَعَلَ هَذَا"؟ و الإستفام للإنكار و التوبيخ، و الإشارة راجعة إلى نصب الدجاجة للرمي، و المعنى: لا ينبغي ان يفعل مثل هذا ثم علل إنكاره بقوله:
                            "إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ فَعَلَ هَذَا". من نصب الدجاجة و رميها.

                            و في هذا ما يدل على تحريم هذا العمل، لأن اللعن الطرد من رحمة الله تعالى، و هو لا يكون إلا لمن ارتكب محرما. و لم يختلف أحد في حرمة هذا العمل، لما فيه من تعذيب للحيوانمن غير ضرورة، و لما فيه من إضاعة المال لأن الحيوان لا يأكل إذا قتل على هذه الصفة، و لذا ورد في صحيح مسلم: "لعن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا". و الغرض الهدف الذي يصوب إليه الرمي.

                            ثم أورد الراوي عن ابن عمر –رضي الله عنهما- رواية أخرى تدل على تحريم النبي –صلى الله عليه وسلم- لهذا الجرم، و لجرم آخر يساويه في بشاعته إن لم يزد عنه و هو التمثيل بالحيوان، و قطع بعض أطرافه و جوارحه و هو حي، فقال: " لَعَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ". لأنه جرم فظيع يدل على قسوة القلب و جحوده، و لقد روى أحمد بإسناد رجال ثقات:
                            " مَنْ مَثَّلَ بِذِي رُوحٍ ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مَثَّلَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".

                            و من هنا أمر الرسول –صلى الله عليه وسلم- بالإحسان في قتل الحيوان و ذبحه فقال: " إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ". (رواه مسلم: بَاب الْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الذَّبْحِ وَالْقَتْلِ وَتَحْدِيدِ الشَّفْرَةِ).

                            و عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أن رجلا أضجع شاة و هو يحد شفرته فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: " أتريد أن تميتها موتات هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها". (المستدرك على الصحيحين للحاكم، و قال: هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه).

                            و هكذا يجب على الإنسان أن يرفق بالحيوان الأعجم، و أن يدفع عنه و أن يرحمه من العذاب ما استطاع إلى ذلك سبيلا " الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ الرَّحِمُ شُجْنَةٌ مِنْ الرَّحْمَنِ فَمَنْ وَصَلَهَا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَهَا قَطَعَهُ اللَّهُ". (رواه الترمذي، و قال أبو عيسى حديث حسن صحيح).

                            ما يستفاد من الحديث الشريف:
                            أولا: وجوب الرفق بالحيوان فقد سخر الله جهده و لحمه للإنسان.
                            ثانيا: السعي في إضاعة المال افتراء و جحد لنعمة الله عزوجل (إلى أصحاب الدخان و كل من يتلف ماله في ما حرم الله).
                            ثالثا: رقة ابن عمر –رضي الله عنهما- في الحق و رهبة القوم منه. و هذا هم أصحاب الحق الذين يحميهم الله و يزرع في قلوب الناس حبا لهم و هيبة.
                            رابعا: عَلْمُ النفر ببشاعة ما كانوا يعملون بدليل تفرقهم عند رؤيتهم لابن عمر.

                            اللهم تقبل منا رمضان بجود يا رحمان.
                            "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
                            و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
                            قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
                            قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                            تعليق


                            • لله يجزيك كل خير اخوي لواء السنة علي الموضوع الرائع

                              وداعا أيا أحبابنا...فغدا نلقاكم في الفردوس الأعلى...بإذن الله

                              أخوكم في الله ابن الإسلام العظيم أبو مؤمن

                              تعليق


                              • بسم الله الرحمن الرحيم
                                الحمد لله و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و بعد:
                                السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

                                اللهم رب جبرائيل و ميكائيل و إسرافيل، فاطر السماوات و الأرض،عالم الغيب و الشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفونن اهدنا اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك، فإنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.أما بعد:

                                "رب يسر و أعن"
                                الحديث الثالث في كتاب:
                                "الصيد و الذبائح"

                                "المتن"
                                عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: قُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ (إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ وَبِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: "أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِـكَـلْـبِكَ الْمُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ مُعَلَّمٍ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ". (رواه البخاري: باب ما جاء في صيد القوس ).

                                راوي الحديث:
                                صاحب النبي -صلى الله عليه وسلم-. روى عدة أحاديث . وله عن معاذ بن جبل ، وأبي عبيدة حدث عنه : أبو إدريس الخولاني ، وجبير بن نفير . وأبو رجاء العطاردي ، وأبو أسماء الرحبي ، وسعيد بن المسيب . و غيرهم.
                                اختلف في اسمه فقيل : جرهم بن ناشم . جرثوم بن لاشر . وقيل غير ذلك ، ولا يكاد يعرف إلا بكنيته .
                                هو من أهل بيعة الرضوان . وأسهم له النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم خيبر ، وأرسله إلى قومه ، وأخوه عمرو بن جرهم ، أسلم على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- . فبينا هو يصلي في جوف الليل ، قبض ، وهو ساجد . فرأت بنته أن أباها قد مات ، فاستيقظت فزعة ، فنادت أمها : أين أبي ؟ قالت : في مصلاه . فنادته ، فلم يجبها ، فأنبهته ، فوجدته ميتا . توفي سنة خمس وسبعين –رضي الله عنه-.

                                معاني المفردات:
                                أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ: الهمزة للإستقهام و الفاء عاطفة على محذوف و التقدير أتأذن لنا فنأكل في آنيتهم.
                                َبِأَرْضِ صَيْدٍ: من إضافة الموصوف إلى صفته، و التقدير بأرض ذات صيد بحذف المضاف، و أقيم المضاف إليم مقامه.

                                الشرح:
                                جاء أبو ثعلبة –رضي الله عنه- يستفتي النبي –صلى الله عليه وسلم- في مسألتين:الأولى: الأكل في آنية أهل الكتاب:
                                (يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ
                                و أراد بقوله إنا: نفسه و قومه خشينة بأرض الشام. و كانوا قد سكنوها مع بطون أخرى من قضاعة و غيرها كآل غسان و تنوخ و قد تنصروا، لكن أبا ثعلبة لما أسلم و رجع إليهم كر لهم محاسن الإسلام و عدله و ما يدعو إليه من فضائل فأسلموا على يديه.

                                "أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟". أي التي يطبخون في قدورهم الخنزير و يشربون في آنيتهم الخمر. و يعين هذا التفسير ما جاء في رواية أبي داود:" إِنَّا نُجَاوِرُ أَهْلَ الْكِتَابِ وَهُمْ يَطْبُخُونَ فِي قُدُورِهِمْ الْخِنْزِيرَ وَيَشْرَبُونَ فِي آنِيَتِهِمْ الْخَمْرَ" أَتَأْذَنُ لنا أن نأكل في آنيتهم؟

                                الثانية: ما يحل من الصيد:
                                (و إنا بأرض صيد أصيد بقوسي فما يصلح لي) أي فما يحل لي أكله من ذلك؟
                                فأجابه –صلى الله عليه وسلم- عن المسألة الأولى بقوله:
                                أما ما ذكرت من أهل الكتاب فلا تأكل في آنيتهم التي يستعملونها في النجاسة إذا وجدتم غيرها و إن غسلتموها لاستقذارها، أما إذا لم تجدوا غيرها فاغسلوها و كلوا فيها. و هل النهي في قوله: "فلا تأكلوا فيها" نهي تحريم أو نهي كراهة.

                                و يمكن تلخيص حكم النهي فيما يأتي:
                                أولا: أواني أهل الكتاب التي يستعملونها في النجاسات كطبخ لحم الخنزير و شرب الخمر يحرم اسعمالها قبل غسلها وجد غيرها أم لم يوجد. و يكره استعمالها بعد الغسل إن وجد غيرها، أما إذا لم يوجد غيرها انتفت الكراهة.

                                ثانيا: أوانٍ لم يستعملوها في النجاسات فيجوز استعمالها قبل الغسل و بعده بلا كراهة.
                                و الأولى أن يحتاط المسلم و يغسلها قبل أن يستعملها.

                                و أجابه –صلى الله عليه وسلم- عن المسألة الثانية بقوله:
                                "و ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله فكل".
                                و حاصل الجواب على هذه المسألة أن ما صدته بقوسك، و ذكرت اسم الله عليه وقت إطلاق السهم فمات أو أدركته حيا فسميت الله و ذكيته فهو حلال فكل.

                                و ما صدته بواسطة كـلـبـك المعلم الذي تحققت فيه أمارات التعليم و ذكرت اسم الله عليه وقت إرساله و أتى به حيا أو ميتا و سميت اسم الله عليه و ذكيته فهو حلال فكل.

                                أما ما صدته بـكـلـب غير المعلم فهو غير حلال إلا إن أدركته و فيه حياة مستمرة و ذكيته، فإنه يحل أكله.

                                فسبحان من علم رسوله فعلم عباده ما مل يكن يعلم و كان فضل الله عليه عظيما.

                                ما يستفاد من الحديث الشريف:
                                أولا: أواني أهل الكتاب يجوز استعمالها بعد التأكد من طهارتها.
                                ثانيا: جواز الصيد بالقوس و كل ما أشبهه من آلات الصيد الحديثة.
                                ثالثا: اشتراط التسمية في المصيد و حل ما صيد بالكلب المعلم دون غيره.

                                اللهم تقبل منا رمضان بجود يا رحمان.
                                "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
                                و صل اللهم على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم.
                                قال الله تعالى: "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
                                قال رسول الله: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                                تعليق

                                يعمل...
                                X