تكملة.........................
الفصل الثالث
أولا: التأسيس الحقيقي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وظهورها كتنظيم على أرض فلسطين عام 1981م ..
بعد عودة الدكتور الشقاقي وبعض رفاقه الى قطاع غزة بدأ العمل الدءوب الذي كان غايته نشر فكر الحركة واستقطاب الجماهير لمشروع الحركة وتنظيم الشباب المميز الملتزم ، وكانت أهم الوسائل المتبعة في تحقيق هذه الغاية أسلوب الخطب والجلسات في المساجد وعقد المحاضرات والندوات وتوزيع الكتب والكتيبات والنشرات التي تخدم برنامج الحركة وتحمل خطها العام والتي بدأت تلمس جرح الجماهير بطرحها وتكون بلسمها الشافي ، وكان هناك إقبال على هذه النشرات والكتب وتعاطف مع هذا التنظيم السري الصغير الجديد الغامض بالنسبة لكثير من الناس ولأن الجماهير كانت قد سئمت الاطروحات الأخرى وروتينها وفساد التنظيمات التي كانت تروج لها واليأس الذي عاشه الشعب الفلسطيني بعد تجارب مريرة والذي عيشته به ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية وأوصلت الشعب الى حالة من الموت السريري للجسد فلذا كان الجهاد الإسلامي قدر حياته الجديد وجاء روحاً تري في الشعب والأمة ... روحاً انتفاضية أحيت جسد فلسطين في نعش القضية فلم يكن الجهاد الإسلامي تنظيماً يضاف الى عدد التنظيمات وكما تحدث الشقاقي عن الجهاد الإسلامي عندما سأل عن دوره الحقيقي فقال " إن فلسطين هي القضية المقدسة ولا بد للقضية المقدسة من ضمير مقدس وتصر حركة الجهاد الإسلامي على أن تكون ضمير القضية المقدسة وستبقى في كل الأحوال " .
وبدأت الحركة وقواعدها تنتشر في كل مكان وشعارها الأيمان والوعي والثورة ، وكان أبو إبراهيم يحث أبناء الحركة على القراءة الواعية وكان يقول " إن مشكلتنا هي أن أمة أقرأ لا تقرأ لا تقرأ " ولذا كان يضع الأخوة في منزل مليء بالكتب التي خصصتها الحركة لتربية وتعبئة أبنائها وكان يقول لهم لن تخرجوا من هنا حتى تقرأوا كل ما خصصته لكم ، وكان المعلم الفارس يجوب قطاع غزة من رفح الى الشجاعية الى جباليا يلقي المحاضرات والجلسات والندوات ويشرف بنفسه على تأسيس الخلايا وإعداد برامج الحركة ، وأيضاً قام الشيخ عبد العزيز عودة بدور مميز في مشروع بيت لاهيا في شمال القطاع عبر خطابته الجهادية الثورية في مسجد الشهيد عز الدين القسام – هذا المسجد الذي يقول فتحي حماد أننا سرقناه من حماس " أقرأ الترجمة آخر الدراسة " – حيث كان يقوم بتعبئة الجماهير جهادياً وثورياً في خطب الجمعة والأعياد وكانت تخرج الجماهير في مسيرات ومظاهرات عنيفة على أثر خطبه وتواجه جيش الاحتلال منذ مطلع الثمانيات وكانت الحركة قوية في هذه المنطقة بسبب هذا العطاء المتميز ، وكان هناك أنشطة ثقافية وفكرية ورياضيه تشمل التدريب على فنون القتال في المسجد مثل الكاراتيه ورفع الأثقال وكان هناك نشاطاً آخر بداية تأسيس الحركة في مسجد عنان قرب مخيم الشاطئ وكان الدكتور رمضان شلح يأتي إليه ويشرف على إعداد أعضاء الحركة وكوادرها كما قام بدوره الرائد في الشجاعية ، كذلك تم إحياء سنة صلاة العيدين في العراء ، وتم إخراج الناس لأداء صلاة العيد وكان أبو عبد الله شلح يخطب في العراء في قلب غزة في حي الشجاعية والدبابات الصهيونية تحاصر المصلين في العراء هذا في وقت كان أصحاب العمائم من المشايخ في سبات عميق وأبو عبد الله يزأر بصوته الجهوري قائلاً " كبروا فإن تكبيركم مسموع وعند عرش الرحمن مرفوع ، له دوي كدوي النحل " ، وكان الشقاقي ورفيق دربه الدكتور رمضان وأبناء الجهاد يذهبون الى الأقصى كل عام الى مهرجان أسمموه مهرجان الأقصى السنوي العام ، وكانوا يخطبون هناك في الجماهير ويحرضونها على الجهاد ضد المحتل وإشعال مركزية فلسطين ومكانة الأقصى والقدس وإحيائها في ضمير الأمة ، وكان الدكتور رمضان يخطب هناك عند إحدى منصات ليلة القدر في الجماهير ثم تبدأ المواجهات بعدها مع جنود العدو الصهيوني ، إنهم طلائع الجهاد المقدس تزحف من غزة ورفح نحو بيت المقدس ولسان حالهم في قلب الأقصى يقول " حرباً حرباً حتى النصر زحفاً زحفاً نحو القدس " ، وبدأ صوت الجهاد يعلو ويعلو وتكبر شجرته الطيبة وتمتد فروعها في السماء ، ثم ذهب أبو إبراهيم للضفة الغربية وزار جنين ومناطق أخرى وأشرف على تأسيس خلايا للحركة هناك ونقل التأسيس للقدس حيث عمل هناك طبيباً في مستشفى " المطّلع " ، وفي عام 1983م وعلى أثر الزخم السياسي والإعلامي للحركة ونشاطها المميز في الساحة الفلسطينية وداخل الجامعات والمعاهد حيث بدأ النشاط الطلابي باسم " كتلة المستقلين " ثم باسم " الجماعة الإسلامية " والتي قامت بنشر وتوزيع صور الشهيد خالد الاسلامبولي في ذكرى استشهاده ، وتوزيع صور القسام بعمامته الشامخة وتعريف الناس على هذا الرمز الإسلامي الكبير في الوقت الذي كانت أو كان الطرف الآخر يهزأ بعمامة القسام عندما علقت صوره في جامعات غزة وكانوا يحرقون صوره ولكن بعد أن عرفوه اتخذوا اسمه اسماً لجناحهم العسكري ،هذا القسام الذي كان يمثل نموذج عالم الدين الثوري ، على أثر ذلك وقعت ضربة الاعتقالات الأولى عام 1983م والتي كانت تحت عنوان " طلائع النور الإسلامي " - وكانت النور الإسلامي مجله قام شباب الجهاد بتوزيعها ونشرها - وشملت الاعتقالات العشرات من أعضاء وكوادر الحركة وكان على رأسهم شهيد الأمة الشقاقي والذي اعتقل مدة 11 شهر ، وقال الشقاقي عن هذه التجربة أنها كانت مفيدة إنها كانت أول تجربة اعتقالية لأبناء الجهاد في سجون الاحتلال في الوطن وأول مواجهة بين رجال الشاباك وفرسان الجهاد وتفاجأ الشاباك بنوعية وإرادة هذه الثلة المؤمنة وصلابتها ووعيها وقالو لهم " أنهم أسوأ من منظمة التحرير لأنكم مزيج بين الوطنية والإسلام وكان شعار الشقاقي في مواجهة العدو الصهيوني ورجال مخابراته وإجرام محققيه " أنتم تحصدون والله يزرع فأين حصادكم من زرع الله " .
وكذلك قال أحد المراقبين الصهاينة " الجهاد الإسلامي نبت شيطاني ما إن تجتثه حتى ينمو ويتكاثر ويكبر في بقعة أخرى بسرعة فائقة " وما علم هؤلاء الحاقدين أن الجهاد الإسلامي هو نبت رباني ينبت جيلاً رسالياً طاهراً يصنع على عين الله سبحانه وتعالى ويربى على موائد القرآن فتزول الجبال ولا يزولوا ...
وخرج الشقاقي من السجن وبدأ من جديد متابعة نشاطه وهذه المرة توجه نحو تشكيل الخلايا العسكرية في غزة وإمدادها بالأسلحة ، وفي عام 84م-85م كانت الخلايا العسكرية في غزة تمارس نشاطها وقامت بإلقاء عدة قنابل في مدينة غزة على دوريات الاحتلال مما أدى الى وقوع إصابات في صفوف العدو ، ويجدر الإشارة هنا الى أن الشهيد القائد مصباح الصوري كان قد خرج في عام 85م من السجن في صفقة تبادل الأسرى وكان محكوماً بالسجن المؤبد بعدما أمضى 15عام داخل السجون الإسرائيلية والتحق بالحركة في الخارج في غزة حيث تم اعتقاله مرة أخرى في عام 1986م وفي هذا العام وقعت الضربة الثانية للحركة والتي كانت أكبر من الأولى والتي شملت أعضاء وكوادر عسكريين وكان أبو إبراهيم على رأس الضربة وتم التحقيق مع الشقاقي وأبنائه في سجن غزة ولكن الشقاقي لم يعترف فلقد كان أسطورة في التحقيق رغم اعترافات وشهادات الآخرين ورغم قساوة التحقيق في سجن غزة المركزي في تلك الفترة .. حتى أن أبو إبراهيم اقترب من الشهادة كما وصف ذلك بقوله فيما بعد " لقد أحسست بالاقتراب من لحظة الشهادة في التحقيق وتمنيتها ..... على كل ٍ لا زلت أنتظر " ، وحكم على الشقاقي مدة أربع سنوات ونصف بتهمة حيازة الأسلحة والانتماء للجهاد الإسلامي ولم تثبت عليه تهمة قيادة الحركة .
• حتى في معركة التحقيق يجب المحافظة على السر .
• الجهاد الإسلامي باقٍ وحي ولن يمت بإذن الله .
ثانياً : الهروب من سجن غزة المركزي " قضية ، وذكرى ، وبطولة " 18/5/1987م شهر رمضان المبارك ليلة القدر :
وبالإضافة الى ضربة الدكتور فقد اعتقل عدد آخر من أبطال الجهاد منهم محمد الجمل وسامي الشيخ خليل وكم عليهم بالسحن 9 سنوات وفي سجن غزة تجمع عدد كبير من أبناء الجهاد الإسلامي على رأسهم أبو إبراهيم وأبو حسن مصباح الصوري وبدأ التخطيط لعملية الهروب من سجن غزة وكان أبو إبراهيم على علم بالموضوع بالرغم من أنه كان في قسم آخر ولكنه كان على تواصل مع مصباح " حامل القرآن " وقائم الليل وصائم النهار الذي كان يختم القرآن في كل ست ليالي مرة ، يقود المجموعة نحو الحرية ، إنها كرامة من كرامات ليلة القدر وبركة من بركاتها " سلام هي حتى مطلع الفجر " حيث الضباب يغطي الأفق ومصباح يقص القضبان والأسلاك حتى إذا وصل الى بعض الأسلاك الذي استغل بقصها فإذا بكلب من كلاب الحراسة يأتي نحوه ومصباح القرآني يتلو في خشوعه النادر مطلع سورة يس وينصرف الكلب بفعل بركة القرآن العزيز ، ويشار هنا الى أن الأخوة الهاربين جميعاً كانوا في حالة ذكر ودعاء متواصل ، وأثناء الهروب وصل مصباح الى مبنى المخابرات " الشاباك " في سجن غزة وسار يبحث في السيارات المتوقفة عن قطعة سلاح ولم يجد ، ثم خرج الأخوة من السجن وكانوا ستة وهم " مصباح الصوري ، سامي الشيخ خليل ، محمد الجمل ، عماد الصفطاوي، خالد صالح ، وصالح اشتيوي " أما صالح شتيوي فقد تم القبض عليه بعد يومين من هروبه وأمضى قترة محكوميته كاملة ، وأما عماد الصفطاوي وخالد صالح فقد هربا خارج فلسطين ، أما عاشق الشهادة مصباح الصوري يا له من رجل .. مصباح الذي أمضى خمسة عشرة عاماً في السجن في المرة الأولى من عام 70م الى عام 85م وأمضى عاماً في المرة الثانية ، وصدقت رؤياه التي رآها في المرة الثانية أنه يمكث عام في السحن ثم يخرج .. وخرج شهيدنا باحثاً عن الشهادة في كل مكان في البيارات في الطرقات في الكمائن ، نعم اليوم بدأ إصبعه الشاهد يعمل " السبابة " والذي كان شبه مشلول وكان يدربه- إصبعه- ويمرنه أثناء فترة سجنه ليستطيع الضغط به على زناد السلاح ولذا رفض الهروب من فلسطين مشتاقاً لمعانقة ثراها المقدس الحبيب شهيداً مسربلاً بالدم ....
خمسة شهور من الهروب الى الاستشهاد .. مصباح سامي ومحمد يشعلون الأرض ناراً وثأراً تحت أقدام الغزاة وتهتز الأرض وتهم بابتلاع المحتلين ... خمسة شهور من المطاردة والمعارك والعمليات العسكرية تقض وزير الحرب الصهيوني المجرم الهالك رابيين وجنرالاته الذين جن جنونهم منذ هروب فرسان الجهاد من السجن وحطموا أسطورة الأمن الصهيوني داخل سجون الوطن المحتل ، كانت أياماً للنصر والشهادة ، نعم لم يكن وقتها إلا الجهاد وفرسانه في زمن النائمين .. كانت رصاصات الجهاد تملئ الساحات فرحاً علوياً ربانياً إلهيا ، وتملئ الميادين أملا ودماً وبركاناً يتفجر ، كانت نار الجهاد وبنادقه تسفح دماء الصهاينة الحاقدين على أرض الوطن المقدس المذبوح من الوريد الى الوريد ولكن برغم بحر المعاناة والعذاب والألم اللامحدود يبقى يقهر ولا يقهر في زمن كانت فيه أصوات الباحثين عن الخبز والراحة والسلامة والحياة الرخيصة تنادي دوريات الاحتلال " ليخم يا خواجة " أي " خبز يا أجنبي "
الفصل الثالث
أولا: التأسيس الحقيقي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وظهورها كتنظيم على أرض فلسطين عام 1981م ..
بعد عودة الدكتور الشقاقي وبعض رفاقه الى قطاع غزة بدأ العمل الدءوب الذي كان غايته نشر فكر الحركة واستقطاب الجماهير لمشروع الحركة وتنظيم الشباب المميز الملتزم ، وكانت أهم الوسائل المتبعة في تحقيق هذه الغاية أسلوب الخطب والجلسات في المساجد وعقد المحاضرات والندوات وتوزيع الكتب والكتيبات والنشرات التي تخدم برنامج الحركة وتحمل خطها العام والتي بدأت تلمس جرح الجماهير بطرحها وتكون بلسمها الشافي ، وكان هناك إقبال على هذه النشرات والكتب وتعاطف مع هذا التنظيم السري الصغير الجديد الغامض بالنسبة لكثير من الناس ولأن الجماهير كانت قد سئمت الاطروحات الأخرى وروتينها وفساد التنظيمات التي كانت تروج لها واليأس الذي عاشه الشعب الفلسطيني بعد تجارب مريرة والذي عيشته به ما يسمى بمنظمة التحرير الفلسطينية وأوصلت الشعب الى حالة من الموت السريري للجسد فلذا كان الجهاد الإسلامي قدر حياته الجديد وجاء روحاً تري في الشعب والأمة ... روحاً انتفاضية أحيت جسد فلسطين في نعش القضية فلم يكن الجهاد الإسلامي تنظيماً يضاف الى عدد التنظيمات وكما تحدث الشقاقي عن الجهاد الإسلامي عندما سأل عن دوره الحقيقي فقال " إن فلسطين هي القضية المقدسة ولا بد للقضية المقدسة من ضمير مقدس وتصر حركة الجهاد الإسلامي على أن تكون ضمير القضية المقدسة وستبقى في كل الأحوال " .
وبدأت الحركة وقواعدها تنتشر في كل مكان وشعارها الأيمان والوعي والثورة ، وكان أبو إبراهيم يحث أبناء الحركة على القراءة الواعية وكان يقول " إن مشكلتنا هي أن أمة أقرأ لا تقرأ لا تقرأ " ولذا كان يضع الأخوة في منزل مليء بالكتب التي خصصتها الحركة لتربية وتعبئة أبنائها وكان يقول لهم لن تخرجوا من هنا حتى تقرأوا كل ما خصصته لكم ، وكان المعلم الفارس يجوب قطاع غزة من رفح الى الشجاعية الى جباليا يلقي المحاضرات والجلسات والندوات ويشرف بنفسه على تأسيس الخلايا وإعداد برامج الحركة ، وأيضاً قام الشيخ عبد العزيز عودة بدور مميز في مشروع بيت لاهيا في شمال القطاع عبر خطابته الجهادية الثورية في مسجد الشهيد عز الدين القسام – هذا المسجد الذي يقول فتحي حماد أننا سرقناه من حماس " أقرأ الترجمة آخر الدراسة " – حيث كان يقوم بتعبئة الجماهير جهادياً وثورياً في خطب الجمعة والأعياد وكانت تخرج الجماهير في مسيرات ومظاهرات عنيفة على أثر خطبه وتواجه جيش الاحتلال منذ مطلع الثمانيات وكانت الحركة قوية في هذه المنطقة بسبب هذا العطاء المتميز ، وكان هناك أنشطة ثقافية وفكرية ورياضيه تشمل التدريب على فنون القتال في المسجد مثل الكاراتيه ورفع الأثقال وكان هناك نشاطاً آخر بداية تأسيس الحركة في مسجد عنان قرب مخيم الشاطئ وكان الدكتور رمضان شلح يأتي إليه ويشرف على إعداد أعضاء الحركة وكوادرها كما قام بدوره الرائد في الشجاعية ، كذلك تم إحياء سنة صلاة العيدين في العراء ، وتم إخراج الناس لأداء صلاة العيد وكان أبو عبد الله شلح يخطب في العراء في قلب غزة في حي الشجاعية والدبابات الصهيونية تحاصر المصلين في العراء هذا في وقت كان أصحاب العمائم من المشايخ في سبات عميق وأبو عبد الله يزأر بصوته الجهوري قائلاً " كبروا فإن تكبيركم مسموع وعند عرش الرحمن مرفوع ، له دوي كدوي النحل " ، وكان الشقاقي ورفيق دربه الدكتور رمضان وأبناء الجهاد يذهبون الى الأقصى كل عام الى مهرجان أسمموه مهرجان الأقصى السنوي العام ، وكانوا يخطبون هناك في الجماهير ويحرضونها على الجهاد ضد المحتل وإشعال مركزية فلسطين ومكانة الأقصى والقدس وإحيائها في ضمير الأمة ، وكان الدكتور رمضان يخطب هناك عند إحدى منصات ليلة القدر في الجماهير ثم تبدأ المواجهات بعدها مع جنود العدو الصهيوني ، إنهم طلائع الجهاد المقدس تزحف من غزة ورفح نحو بيت المقدس ولسان حالهم في قلب الأقصى يقول " حرباً حرباً حتى النصر زحفاً زحفاً نحو القدس " ، وبدأ صوت الجهاد يعلو ويعلو وتكبر شجرته الطيبة وتمتد فروعها في السماء ، ثم ذهب أبو إبراهيم للضفة الغربية وزار جنين ومناطق أخرى وأشرف على تأسيس خلايا للحركة هناك ونقل التأسيس للقدس حيث عمل هناك طبيباً في مستشفى " المطّلع " ، وفي عام 1983م وعلى أثر الزخم السياسي والإعلامي للحركة ونشاطها المميز في الساحة الفلسطينية وداخل الجامعات والمعاهد حيث بدأ النشاط الطلابي باسم " كتلة المستقلين " ثم باسم " الجماعة الإسلامية " والتي قامت بنشر وتوزيع صور الشهيد خالد الاسلامبولي في ذكرى استشهاده ، وتوزيع صور القسام بعمامته الشامخة وتعريف الناس على هذا الرمز الإسلامي الكبير في الوقت الذي كانت أو كان الطرف الآخر يهزأ بعمامة القسام عندما علقت صوره في جامعات غزة وكانوا يحرقون صوره ولكن بعد أن عرفوه اتخذوا اسمه اسماً لجناحهم العسكري ،هذا القسام الذي كان يمثل نموذج عالم الدين الثوري ، على أثر ذلك وقعت ضربة الاعتقالات الأولى عام 1983م والتي كانت تحت عنوان " طلائع النور الإسلامي " - وكانت النور الإسلامي مجله قام شباب الجهاد بتوزيعها ونشرها - وشملت الاعتقالات العشرات من أعضاء وكوادر الحركة وكان على رأسهم شهيد الأمة الشقاقي والذي اعتقل مدة 11 شهر ، وقال الشقاقي عن هذه التجربة أنها كانت مفيدة إنها كانت أول تجربة اعتقالية لأبناء الجهاد في سجون الاحتلال في الوطن وأول مواجهة بين رجال الشاباك وفرسان الجهاد وتفاجأ الشاباك بنوعية وإرادة هذه الثلة المؤمنة وصلابتها ووعيها وقالو لهم " أنهم أسوأ من منظمة التحرير لأنكم مزيج بين الوطنية والإسلام وكان شعار الشقاقي في مواجهة العدو الصهيوني ورجال مخابراته وإجرام محققيه " أنتم تحصدون والله يزرع فأين حصادكم من زرع الله " .
وكذلك قال أحد المراقبين الصهاينة " الجهاد الإسلامي نبت شيطاني ما إن تجتثه حتى ينمو ويتكاثر ويكبر في بقعة أخرى بسرعة فائقة " وما علم هؤلاء الحاقدين أن الجهاد الإسلامي هو نبت رباني ينبت جيلاً رسالياً طاهراً يصنع على عين الله سبحانه وتعالى ويربى على موائد القرآن فتزول الجبال ولا يزولوا ...
وخرج الشقاقي من السجن وبدأ من جديد متابعة نشاطه وهذه المرة توجه نحو تشكيل الخلايا العسكرية في غزة وإمدادها بالأسلحة ، وفي عام 84م-85م كانت الخلايا العسكرية في غزة تمارس نشاطها وقامت بإلقاء عدة قنابل في مدينة غزة على دوريات الاحتلال مما أدى الى وقوع إصابات في صفوف العدو ، ويجدر الإشارة هنا الى أن الشهيد القائد مصباح الصوري كان قد خرج في عام 85م من السجن في صفقة تبادل الأسرى وكان محكوماً بالسجن المؤبد بعدما أمضى 15عام داخل السجون الإسرائيلية والتحق بالحركة في الخارج في غزة حيث تم اعتقاله مرة أخرى في عام 1986م وفي هذا العام وقعت الضربة الثانية للحركة والتي كانت أكبر من الأولى والتي شملت أعضاء وكوادر عسكريين وكان أبو إبراهيم على رأس الضربة وتم التحقيق مع الشقاقي وأبنائه في سجن غزة ولكن الشقاقي لم يعترف فلقد كان أسطورة في التحقيق رغم اعترافات وشهادات الآخرين ورغم قساوة التحقيق في سجن غزة المركزي في تلك الفترة .. حتى أن أبو إبراهيم اقترب من الشهادة كما وصف ذلك بقوله فيما بعد " لقد أحسست بالاقتراب من لحظة الشهادة في التحقيق وتمنيتها ..... على كل ٍ لا زلت أنتظر " ، وحكم على الشقاقي مدة أربع سنوات ونصف بتهمة حيازة الأسلحة والانتماء للجهاد الإسلامي ولم تثبت عليه تهمة قيادة الحركة .
• حتى في معركة التحقيق يجب المحافظة على السر .
• الجهاد الإسلامي باقٍ وحي ولن يمت بإذن الله .
ثانياً : الهروب من سجن غزة المركزي " قضية ، وذكرى ، وبطولة " 18/5/1987م شهر رمضان المبارك ليلة القدر :
وبالإضافة الى ضربة الدكتور فقد اعتقل عدد آخر من أبطال الجهاد منهم محمد الجمل وسامي الشيخ خليل وكم عليهم بالسحن 9 سنوات وفي سجن غزة تجمع عدد كبير من أبناء الجهاد الإسلامي على رأسهم أبو إبراهيم وأبو حسن مصباح الصوري وبدأ التخطيط لعملية الهروب من سجن غزة وكان أبو إبراهيم على علم بالموضوع بالرغم من أنه كان في قسم آخر ولكنه كان على تواصل مع مصباح " حامل القرآن " وقائم الليل وصائم النهار الذي كان يختم القرآن في كل ست ليالي مرة ، يقود المجموعة نحو الحرية ، إنها كرامة من كرامات ليلة القدر وبركة من بركاتها " سلام هي حتى مطلع الفجر " حيث الضباب يغطي الأفق ومصباح يقص القضبان والأسلاك حتى إذا وصل الى بعض الأسلاك الذي استغل بقصها فإذا بكلب من كلاب الحراسة يأتي نحوه ومصباح القرآني يتلو في خشوعه النادر مطلع سورة يس وينصرف الكلب بفعل بركة القرآن العزيز ، ويشار هنا الى أن الأخوة الهاربين جميعاً كانوا في حالة ذكر ودعاء متواصل ، وأثناء الهروب وصل مصباح الى مبنى المخابرات " الشاباك " في سجن غزة وسار يبحث في السيارات المتوقفة عن قطعة سلاح ولم يجد ، ثم خرج الأخوة من السجن وكانوا ستة وهم " مصباح الصوري ، سامي الشيخ خليل ، محمد الجمل ، عماد الصفطاوي، خالد صالح ، وصالح اشتيوي " أما صالح شتيوي فقد تم القبض عليه بعد يومين من هروبه وأمضى قترة محكوميته كاملة ، وأما عماد الصفطاوي وخالد صالح فقد هربا خارج فلسطين ، أما عاشق الشهادة مصباح الصوري يا له من رجل .. مصباح الذي أمضى خمسة عشرة عاماً في السجن في المرة الأولى من عام 70م الى عام 85م وأمضى عاماً في المرة الثانية ، وصدقت رؤياه التي رآها في المرة الثانية أنه يمكث عام في السحن ثم يخرج .. وخرج شهيدنا باحثاً عن الشهادة في كل مكان في البيارات في الطرقات في الكمائن ، نعم اليوم بدأ إصبعه الشاهد يعمل " السبابة " والذي كان شبه مشلول وكان يدربه- إصبعه- ويمرنه أثناء فترة سجنه ليستطيع الضغط به على زناد السلاح ولذا رفض الهروب من فلسطين مشتاقاً لمعانقة ثراها المقدس الحبيب شهيداً مسربلاً بالدم ....
خمسة شهور من الهروب الى الاستشهاد .. مصباح سامي ومحمد يشعلون الأرض ناراً وثأراً تحت أقدام الغزاة وتهتز الأرض وتهم بابتلاع المحتلين ... خمسة شهور من المطاردة والمعارك والعمليات العسكرية تقض وزير الحرب الصهيوني المجرم الهالك رابيين وجنرالاته الذين جن جنونهم منذ هروب فرسان الجهاد من السجن وحطموا أسطورة الأمن الصهيوني داخل سجون الوطن المحتل ، كانت أياماً للنصر والشهادة ، نعم لم يكن وقتها إلا الجهاد وفرسانه في زمن النائمين .. كانت رصاصات الجهاد تملئ الساحات فرحاً علوياً ربانياً إلهيا ، وتملئ الميادين أملا ودماً وبركاناً يتفجر ، كانت نار الجهاد وبنادقه تسفح دماء الصهاينة الحاقدين على أرض الوطن المقدس المذبوح من الوريد الى الوريد ولكن برغم بحر المعاناة والعذاب والألم اللامحدود يبقى يقهر ولا يقهر في زمن كانت فيه أصوات الباحثين عن الخبز والراحة والسلامة والحياة الرخيصة تنادي دوريات الاحتلال " ليخم يا خواجة " أي " خبز يا أجنبي "
تعليق