في ذكراه :: عـمـاد عـقـل أســطـــورة الـجـهـاد والـمـقـاومـة ::
مقدمة
أن يترجل فارس من فلسطين في ساحة الشرف ليس بالحدث الجديد، فقد أصبح الاستشهاد على طريق الجهاد والكفاح المسلح قدر الشعب الفلسطيني منذ مطلع هذا القرن حين اتخذ هذا الشعب المسلم قراره التاريخي الحاسم بالدفاع عن دينه ووطنه وحريته وكرامة أمته.
وعندما يترجل الفارس المقدام عماد عقل في قلب الساحة التي لا تحتضن إلا الأبطال فإن حقنا في أرض فلسطين يتضاعف قوةً ، وموعدنا مع النصر يزداد اقتراباً. فشعبنا لا يعرف اليأس أو الاستسلام ولم يعهد عليه ذلك، فإن سقط الأب في المعركة ينهض مكانه الابن والأخ والعم.. وهكذا دواليك حتى يحصل المجاهد في نهاية المطاف على النصر وتحرير الوطن الغالي أو الشهادة ومرافقة المصطفى ^ في الفردوس الأعلى. والذين ينالون هذا الشرف، شرف الشهادة، يعبدون الطريق بدمائهم وبطولاتهم ويضيئون مسيرة الجهاد أمام الأجيال القادمة بقوة إيمان لا يضيرها خيانة خائن أو غدر منافق أو خذلان جبان.
لقد استشهد القائد عماد عقل كما استشهد محمد أبو نقيرة وغسان أبو ندى وطارق دخان وياسر النمروطي ومحمد قنديل وماهر أبو سرور وعدنان مرعي ومحمد عزيز رشدي وساهر التمام وغيرهم من أبطال كتائب الشهيد عز الدين القسام التي انطلقت رصاصات بنادقهم الهادرة لتكون وعد الله المحتوم في بني صهيون تحصد الجنود وتحرق مركباتهم وحافلاتهم وتستولي على أسلحتهم ووثائقهم في عمليات جريئة ومتميزة حتى أصبح اليهود يستعملون عبارة (اذهب إلى غزة) بدلاً من عبارة (اذهب إلى الجحيم). وغدا جيش الاحتلال وأجهزة مخابراته بكافة مسمياتها غير قادرة على تأمين سلامة العسكريين والمدنيين اليهود على حد سواء. ومع النهوض العسكري المتصاعد لأبطال الجناح العسكري في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي شمل مناطق فلسطين الثلاث كما يحلو للبعض تسميتها (الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق المحتلة منذ عام 1948) أخذت قوة الردع الإسرائيلية تضعف يومياً عن يوم رغم التعزيزات والاحتياطات والوسائل والأجهزة المختلفة التي جندت لوقف المد الجهادي لكتائب القسام. وفي هذا المجال كتب الخبير الإسرائيلي المتخصص في التاريخ العسكري أوري ميسلشتاين يقول: "إن حرب العصابات الفلسطينية ليست ظاهرة جديدة، فقد وقع الكثير من الهجمات في السبعينات، لكن هذه المرة فإن العمليات تنجح". وقل آخر لوكالة فرانس برس:"من قبل كان جنودنا يتعرضون لإطلاق النار مرة في الأسبوع، أما الآن فهم يتعرضون لذلك كل يوم".
رحمك الله يا عماد، يا من كنت نوراً يضيء درب الجهاد والاستشهاد الموصل إلى الجنة، وناراً تحرق الاحتلال وعملاءه في الخليل والقدس ورام الله وغزة والشجاعية وجباليا وغيرها من مواقع الشرف والرجولة. وإذا كان الحزن كبيراً على عماد فإن هذا الحزن يزيدنا إصراراً وصلابة. وسنظل نصنع من استشهاد أبطالنا أعراساً للمجد والكرامة تفجر الطاقات والأفعال، فها هو شهيدنا البطل خالد الزير الذي أذاق سلطات الاحتلال وجيشها وأجهزة أمنها في الخليل وبيت لحم مرارة الهزيمة والفشل، يبلي بلاءً حسناً ويستبسل في المعركة ويترجل على ثرى بيت المقدس التي شهدت ساحاتها البيعة للإسلام والقرآن، بعد يومين فقط من استشهاد بطلنا عماد عقل.
وأظهرت الأحداث مرة أخرى أن مدرسة القسام الجهادية أثبت نجاحها عسكرياً وشعبياً، فالعمليات العسكرية التي ينفذها أبطال الكتائب وفق تخطيط مدروس تتميز بالدقة والنوعية، أوقعت خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجنود وحرس الحدود الصهاينة من جانب، وأكسبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ثقة واحترام ومحبة الشارع الفلسطيني بكافة توجهاته الفكرية والسياسية من جانب آخر.
ولعل المواجهات والمظاهرات والاشتباكات الدامية التي خاضتها جماهير شعبنا في الضفة والقطاع في أعقاب استشهاد البطل عماد عقل مثل حي على الشعبية التي اكتسبها أبطال كتائب عز الدين القسام، لم تملك معها مقرات منظمة التحرير الفلسطينية التي افتتحت في غزة إثر اتفاق (واشنطن- أوسلو) إلا أن تغلق أبوابها وتنكس أعلامها رافعة أعلاماً سوداً مكانها.
فقد التهبت الأرض المحتلة وأعلن الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى والاستنفار ووجه الجنرال يهوداً باراك تعليمات بتعزيز الدوريات العسكرية وحذر جنوده من عمليات عسكرية انتقامية سواء من جانب كتائب القسام أو بمبادرات فردية من الجماهير الغاضبة
ما أصعب وما أشق على المرء أن يكتب عن أخ مجاهد سقط على طريق الحق والإيمان شهيداً، فكيف إذا كان الحديث عن فارس مثل عماد عقل رمزاً وقائداً ومجاهداً؟! لا شك أن الكتابة ستكون أصعب، ولن تعطيه حقه من التكريم وهو الفارس كإخوانه أبطال القسام يرفض الحديث ويتجنب الإعلام والدعاية واضعاً نصب عينيه (قتل الجنود الإسرائيليين عبادة نتقرب بها إلى الله). ولهذا، مهما أطلنا الحديث وتعمقنا في البلاغة والفصاحة فإن الكتابة تبقى قاصرة ولن تغطي إلا اليسير اليسير من إنجازات وبطولات هؤلاء الشهداء الذين سطروا بدمائهم الطاهرة، الطريق الذي تسير عليه الأجيال الصاعدة من أبناء شعبنا.
وإذا كنا قد اخترنا عماد عقل للحديث عنه وعن بطولاته التي شارك إخوانه في إنجازها وتنفيذها ضد قوات الاحتلال، فإن ذلك لا ينقص من قدر إخوانه الذين سبقوه من شهداء كتائب عز الدين القسام، ولا من أجرهم. ولا ننسى كذلك إخوانه الذين شاركوه في تلك المواجهات، المعتقلين منهم – فك الله أسرهم- والذين مازالوا طلقاء يمارسون دورهم الجهادي في إطار الكتائب، إذ أن تقصيرنا في كتابة التاريخ البطولي لهؤلاء الشهداء والمعتقلين دفعنا بالإسراع في تسجيل المحطات الخالدة في جهاد القائد عماد عقل، لما له من وقع طيب على جماهير شعبنا في هذه الظروف الدقيقة من تاريخ فلسطين وقضيتها، وحتى تتعلم الأجيال القادمة من هم الرجال في وقت عزّ فيه الرجال.
للكاتب / غسان دوعر
مقدمة
أن يترجل فارس من فلسطين في ساحة الشرف ليس بالحدث الجديد، فقد أصبح الاستشهاد على طريق الجهاد والكفاح المسلح قدر الشعب الفلسطيني منذ مطلع هذا القرن حين اتخذ هذا الشعب المسلم قراره التاريخي الحاسم بالدفاع عن دينه ووطنه وحريته وكرامة أمته.
وعندما يترجل الفارس المقدام عماد عقل في قلب الساحة التي لا تحتضن إلا الأبطال فإن حقنا في أرض فلسطين يتضاعف قوةً ، وموعدنا مع النصر يزداد اقتراباً. فشعبنا لا يعرف اليأس أو الاستسلام ولم يعهد عليه ذلك، فإن سقط الأب في المعركة ينهض مكانه الابن والأخ والعم.. وهكذا دواليك حتى يحصل المجاهد في نهاية المطاف على النصر وتحرير الوطن الغالي أو الشهادة ومرافقة المصطفى ^ في الفردوس الأعلى. والذين ينالون هذا الشرف، شرف الشهادة، يعبدون الطريق بدمائهم وبطولاتهم ويضيئون مسيرة الجهاد أمام الأجيال القادمة بقوة إيمان لا يضيرها خيانة خائن أو غدر منافق أو خذلان جبان.
لقد استشهد القائد عماد عقل كما استشهد محمد أبو نقيرة وغسان أبو ندى وطارق دخان وياسر النمروطي ومحمد قنديل وماهر أبو سرور وعدنان مرعي ومحمد عزيز رشدي وساهر التمام وغيرهم من أبطال كتائب الشهيد عز الدين القسام التي انطلقت رصاصات بنادقهم الهادرة لتكون وعد الله المحتوم في بني صهيون تحصد الجنود وتحرق مركباتهم وحافلاتهم وتستولي على أسلحتهم ووثائقهم في عمليات جريئة ومتميزة حتى أصبح اليهود يستعملون عبارة (اذهب إلى غزة) بدلاً من عبارة (اذهب إلى الجحيم). وغدا جيش الاحتلال وأجهزة مخابراته بكافة مسمياتها غير قادرة على تأمين سلامة العسكريين والمدنيين اليهود على حد سواء. ومع النهوض العسكري المتصاعد لأبطال الجناح العسكري في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي شمل مناطق فلسطين الثلاث كما يحلو للبعض تسميتها (الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق المحتلة منذ عام 1948) أخذت قوة الردع الإسرائيلية تضعف يومياً عن يوم رغم التعزيزات والاحتياطات والوسائل والأجهزة المختلفة التي جندت لوقف المد الجهادي لكتائب القسام. وفي هذا المجال كتب الخبير الإسرائيلي المتخصص في التاريخ العسكري أوري ميسلشتاين يقول: "إن حرب العصابات الفلسطينية ليست ظاهرة جديدة، فقد وقع الكثير من الهجمات في السبعينات، لكن هذه المرة فإن العمليات تنجح". وقل آخر لوكالة فرانس برس:"من قبل كان جنودنا يتعرضون لإطلاق النار مرة في الأسبوع، أما الآن فهم يتعرضون لذلك كل يوم".
رحمك الله يا عماد، يا من كنت نوراً يضيء درب الجهاد والاستشهاد الموصل إلى الجنة، وناراً تحرق الاحتلال وعملاءه في الخليل والقدس ورام الله وغزة والشجاعية وجباليا وغيرها من مواقع الشرف والرجولة. وإذا كان الحزن كبيراً على عماد فإن هذا الحزن يزيدنا إصراراً وصلابة. وسنظل نصنع من استشهاد أبطالنا أعراساً للمجد والكرامة تفجر الطاقات والأفعال، فها هو شهيدنا البطل خالد الزير الذي أذاق سلطات الاحتلال وجيشها وأجهزة أمنها في الخليل وبيت لحم مرارة الهزيمة والفشل، يبلي بلاءً حسناً ويستبسل في المعركة ويترجل على ثرى بيت المقدس التي شهدت ساحاتها البيعة للإسلام والقرآن، بعد يومين فقط من استشهاد بطلنا عماد عقل.
وأظهرت الأحداث مرة أخرى أن مدرسة القسام الجهادية أثبت نجاحها عسكرياً وشعبياً، فالعمليات العسكرية التي ينفذها أبطال الكتائب وفق تخطيط مدروس تتميز بالدقة والنوعية، أوقعت خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجنود وحرس الحدود الصهاينة من جانب، وأكسبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ثقة واحترام ومحبة الشارع الفلسطيني بكافة توجهاته الفكرية والسياسية من جانب آخر.
ولعل المواجهات والمظاهرات والاشتباكات الدامية التي خاضتها جماهير شعبنا في الضفة والقطاع في أعقاب استشهاد البطل عماد عقل مثل حي على الشعبية التي اكتسبها أبطال كتائب عز الدين القسام، لم تملك معها مقرات منظمة التحرير الفلسطينية التي افتتحت في غزة إثر اتفاق (واشنطن- أوسلو) إلا أن تغلق أبوابها وتنكس أعلامها رافعة أعلاماً سوداً مكانها.
فقد التهبت الأرض المحتلة وأعلن الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى والاستنفار ووجه الجنرال يهوداً باراك تعليمات بتعزيز الدوريات العسكرية وحذر جنوده من عمليات عسكرية انتقامية سواء من جانب كتائب القسام أو بمبادرات فردية من الجماهير الغاضبة
ما أصعب وما أشق على المرء أن يكتب عن أخ مجاهد سقط على طريق الحق والإيمان شهيداً، فكيف إذا كان الحديث عن فارس مثل عماد عقل رمزاً وقائداً ومجاهداً؟! لا شك أن الكتابة ستكون أصعب، ولن تعطيه حقه من التكريم وهو الفارس كإخوانه أبطال القسام يرفض الحديث ويتجنب الإعلام والدعاية واضعاً نصب عينيه (قتل الجنود الإسرائيليين عبادة نتقرب بها إلى الله). ولهذا، مهما أطلنا الحديث وتعمقنا في البلاغة والفصاحة فإن الكتابة تبقى قاصرة ولن تغطي إلا اليسير اليسير من إنجازات وبطولات هؤلاء الشهداء الذين سطروا بدمائهم الطاهرة، الطريق الذي تسير عليه الأجيال الصاعدة من أبناء شعبنا.
وإذا كنا قد اخترنا عماد عقل للحديث عنه وعن بطولاته التي شارك إخوانه في إنجازها وتنفيذها ضد قوات الاحتلال، فإن ذلك لا ينقص من قدر إخوانه الذين سبقوه من شهداء كتائب عز الدين القسام، ولا من أجرهم. ولا ننسى كذلك إخوانه الذين شاركوه في تلك المواجهات، المعتقلين منهم – فك الله أسرهم- والذين مازالوا طلقاء يمارسون دورهم الجهادي في إطار الكتائب، إذ أن تقصيرنا في كتابة التاريخ البطولي لهؤلاء الشهداء والمعتقلين دفعنا بالإسراع في تسجيل المحطات الخالدة في جهاد القائد عماد عقل، لما له من وقع طيب على جماهير شعبنا في هذه الظروف الدقيقة من تاريخ فلسطين وقضيتها، وحتى تتعلم الأجيال القادمة من هم الرجال في وقت عزّ فيه الرجال.
تعليق