إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في ذكراه :: عـمـاد عـقـل أســطـــورة الـجـهـاد والـمـقـاومـة ::

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • في ذكراه :: عـمـاد عـقـل أســطـــورة الـجـهـاد والـمـقـاومـة ::

    في ذكراه :: عـمـاد عـقـل أســطـــورة الـجـهـاد والـمـقـاومـة ::

    للكاتب / غسان دوعر




    مقدمة

    أن يترجل فارس من فلسطين في ساحة الشرف ليس بالحدث الجديد، فقد أصبح الاستشهاد على طريق الجهاد والكفاح المسلح قدر الشعب الفلسطيني منذ مطلع هذا القرن حين اتخذ هذا الشعب المسلم قراره التاريخي الحاسم بالدفاع عن دينه ووطنه وحريته وكرامة أمته.


    وعندما يترجل الفارس المقدام عماد عقل في قلب الساحة التي لا تحتضن إلا الأبطال فإن حقنا في أرض فلسطين يتضاعف قوةً ، وموعدنا مع النصر يزداد اقتراباً. فشعبنا لا يعرف اليأس أو الاستسلام ولم يعهد عليه ذلك، فإن سقط الأب في المعركة ينهض مكانه الابن والأخ والعم.. وهكذا دواليك حتى يحصل المجاهد في نهاية المطاف على النصر وتحرير الوطن الغالي أو الشهادة ومرافقة المصطفى ^ في الفردوس الأعلى. والذين ينالون هذا الشرف، شرف الشهادة، يعبدون الطريق بدمائهم وبطولاتهم ويضيئون مسيرة الجهاد أمام الأجيال القادمة بقوة إيمان لا يضيرها خيانة خائن أو غدر منافق أو خذلان جبان.

    لقد استشهد القائد عماد عقل كما استشهد محمد أبو نقيرة وغسان أبو ندى وطارق دخان وياسر النمروطي ومحمد قنديل وماهر أبو سرور وعدنان مرعي ومحمد عزيز رشدي وساهر التمام وغيرهم من أبطال كتائب الشهيد عز الدين القسام التي انطلقت رصاصات بنادقهم الهادرة لتكون وعد الله المحتوم في بني صهيون تحصد الجنود وتحرق مركباتهم وحافلاتهم وتستولي على أسلحتهم ووثائقهم في عمليات جريئة ومتميزة حتى أصبح اليهود يستعملون عبارة (اذهب إلى غزة) بدلاً من عبارة (اذهب إلى الجحيم). وغدا جيش الاحتلال وأجهزة مخابراته بكافة مسمياتها غير قادرة على تأمين سلامة العسكريين والمدنيين اليهود على حد سواء. ومع النهوض العسكري المتصاعد لأبطال الجناح العسكري في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي شمل مناطق فلسطين الثلاث كما يحلو للبعض تسميتها (الضفة الغربية وقطاع غزة والمناطق المحتلة منذ عام 1948) أخذت قوة الردع الإسرائيلية تضعف يومياً عن يوم رغم التعزيزات والاحتياطات والوسائل والأجهزة المختلفة التي جندت لوقف المد الجهادي لكتائب القسام. وفي هذا المجال كتب الخبير الإسرائيلي المتخصص في التاريخ العسكري أوري ميسلشتاين يقول: "إن حرب العصابات الفلسطينية ليست ظاهرة جديدة، فقد وقع الكثير من الهجمات في السبعينات، لكن هذه المرة فإن العمليات تنجح". وقل آخر لوكالة فرانس برس:"من قبل كان جنودنا يتعرضون لإطلاق النار مرة في الأسبوع، أما الآن فهم يتعرضون لذلك كل يوم".

    رحمك الله يا عماد، يا من كنت نوراً يضيء درب الجهاد والاستشهاد الموصل إلى الجنة، وناراً تحرق الاحتلال وعملاءه في الخليل والقدس ورام الله وغزة والشجاعية وجباليا وغيرها من مواقع الشرف والرجولة. وإذا كان الحزن كبيراً على عماد فإن هذا الحزن يزيدنا إصراراً وصلابة. وسنظل نصنع من استشهاد أبطالنا أعراساً للمجد والكرامة تفجر الطاقات والأفعال، فها هو شهيدنا البطل خالد الزير الذي أذاق سلطات الاحتلال وجيشها وأجهزة أمنها في الخليل وبيت لحم مرارة الهزيمة والفشل، يبلي بلاءً حسناً ويستبسل في المعركة ويترجل على ثرى بيت المقدس التي شهدت ساحاتها البيعة للإسلام والقرآن، بعد يومين فقط من استشهاد بطلنا عماد عقل.

    وأظهرت الأحداث مرة أخرى أن مدرسة القسام الجهادية أثبت نجاحها عسكرياً وشعبياً، فالعمليات العسكرية التي ينفذها أبطال الكتائب وفق تخطيط مدروس تتميز بالدقة والنوعية، أوقعت خسائر بشرية كبيرة في صفوف الجنود وحرس الحدود الصهاينة من جانب، وأكسبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ثقة واحترام ومحبة الشارع الفلسطيني بكافة توجهاته الفكرية والسياسية من جانب آخر.

    ولعل المواجهات والمظاهرات والاشتباكات الدامية التي خاضتها جماهير شعبنا في الضفة والقطاع في أعقاب استشهاد البطل عماد عقل مثل حي على الشعبية التي اكتسبها أبطال كتائب عز الدين القسام، لم تملك معها مقرات منظمة التحرير الفلسطينية التي افتتحت في غزة إثر اتفاق (واشنطن- أوسلو) إلا أن تغلق أبوابها وتنكس أعلامها رافعة أعلاماً سوداً مكانها.

    فقد التهبت الأرض المحتلة وأعلن الجيش الإسرائيلي حالة التأهب القصوى والاستنفار ووجه الجنرال يهوداً باراك تعليمات بتعزيز الدوريات العسكرية وحذر جنوده من عمليات عسكرية انتقامية سواء من جانب كتائب القسام أو بمبادرات فردية من الجماهير الغاضبة


    ما أصعب وما أشق على المرء أن يكتب عن أخ مجاهد سقط على طريق الحق والإيمان شهيداً، فكيف إذا كان الحديث عن فارس مثل عماد عقل رمزاً وقائداً ومجاهداً؟! لا شك أن الكتابة ستكون أصعب، ولن تعطيه حقه من التكريم وهو الفارس كإخوانه أبطال القسام يرفض الحديث ويتجنب الإعلام والدعاية واضعاً نصب عينيه (قتل الجنود الإسرائيليين عبادة نتقرب بها إلى الله). ولهذا، مهما أطلنا الحديث وتعمقنا في البلاغة والفصاحة فإن الكتابة تبقى قاصرة ولن تغطي إلا اليسير اليسير من إنجازات وبطولات هؤلاء الشهداء الذين سطروا بدمائهم الطاهرة، الطريق الذي تسير عليه الأجيال الصاعدة من أبناء شعبنا.

    وإذا كنا قد اخترنا عماد عقل للحديث عنه وعن بطولاته التي شارك إخوانه في إنجازها وتنفيذها ضد قوات الاحتلال، فإن ذلك لا ينقص من قدر إخوانه الذين سبقوه من شهداء كتائب عز الدين القسام، ولا من أجرهم. ولا ننسى كذلك إخوانه الذين شاركوه في تلك المواجهات، المعتقلين منهم – فك الله أسرهم- والذين مازالوا طلقاء يمارسون دورهم الجهادي في إطار الكتائب، إذ أن تقصيرنا في كتابة التاريخ البطولي لهؤلاء الشهداء والمعتقلين دفعنا بالإسراع في تسجيل المحطات الخالدة في جهاد القائد عماد عقل، لما له من وقع طيب على جماهير شعبنا في هذه الظروف الدقيقة من تاريخ فلسطين وقضيتها، وحتى تتعلم الأجيال القادمة من هم الرجال في وقت عزّ فيه الرجال.


    رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

  • #2

    تاريخ جهادي مشرف

    الميلاد والنشأة:



    يستطيع الجيل الذي عاش في السنوات الممتدة في صيف عام 1967 وحتى شتاء عام 1971 في قطاع غزة أن يستعيد بذاكرته عشرات القصص والحكايات المتفرقة التي تروي شفوياً معارك البطولة والعمليات الجريئة لمقاتلي قوات التحرير الشعبية إلى جانب الخلايا الفدائية التي كان يقودها الشهيد محمد محمود الأسود الذي اشتهر باسم جيفارا غزة. ولكن الوضع بدأ يميل لصالح جيش الاحتلال في الربع الأخير من عام 1971، إثر الإجراءات التي وضعها أرئيل شارون أساساً لإدارة معركته ضد هذه الخلايا، وأخذت كفة الميزان ترجح عندئذ لمصلحة الفرقة الخاصة من المظليين التي أنشأتها قيادة المنطقة الجنوبية لتحطيم شوكة هؤلاء الفدائيين في الصراع الدائر للسيطرة على "جحر الثعابين" كما كانوا يسمون القطاع في الصحافة الإسرائيلية.

    في هذا الجو الاحتفالي الذي لا يخلو من الطابع الدراماتيكي بالنسبة لأركان الجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع التي كان يتولاها الجنرال موشيه دايان، وفيما كانت المؤسسة العسكرية الصهيونية تستعد لإسدال الستار فيما بعد على هذا الفصل الدموي الأول في سلسلة الحروب المتعاقبة بين الشعب الفلسطيني وسلطات الاحتلال في قطاع غزة، كانت عائلة فلسطينية فقيرة هاجرت عام 1948 من قرية برير القريبة من المجدل، بعد أن سقطت في أيدي العصابات الصهيونية واستقرت في مخيم جباليا الذي أقامته الأمم المتحدة لإيواء اللاجئين الفلسطينيين شرقي مدينة غزة تحتفل بطريقتها الخاصة بميلاد البطل الذي سيحمل راية الجهاد خفاقة ضد اليهود ليس في جباليا فحسب وإنما في مختلف أرجاء فلسطين المحتلة. ففي التاسع عشر من يونيو (حزيران) من عام 1971 وهو من الأيام التي يتباهى بها شعبنا، يطل عماد حسن إبراهيم عقل إلى الدنيا، وكأن الوالد الذي يعمل مؤذناً لمسجد الشهداء في مخيم جباليا قد اختار لابنه الذي جاء ثالثاً بين الذكور هذا الاسم (عماد) تيمناً بالقائد المسلم عماد الدين زنكي الذي قارع الصليبيين الذين احتلوا أرض فلسطين وأجزاء أخرى من بلاد الشام وأبلى بلاءً حسناً إلى أن استشهد وحمل اللواء من بعده القائدان المسلمان: نور الدين زنكي وصلاح الدين الأيوبي.



    نشأ عماد وتربى على طاعة الله في هذا البيت المتدين الفخور بإسلامه وعقيدته، وبدا واضحاً منذ نعومة أظفاره تمتعه بالذكاء والعبقرية، ولهذا صمم والداه على مواصلة مسيرته التعليمية التي بدأت بالتحاقه في إحدى المدارس الابتدائية في المخيم فأنهى هذه المرحلة وحصل على ترتيب بين الخمسة الأوائل بين أقرانه ثم انتقل إلى المدرسة الإعدادية وبرز تفوقه هناك أيضاً بحصوله على مرتبة متقدمة بين الأوائل في هذه المرحلة. أما في المرحلة الثانوية، فقد شهدت مدرسة الفالوجة في بيت حانون للشهيد البطل تفوقه لدرجة أنه جعل من مادة التربية الإسلامية والدين همه الأول الذي يتخصص به إلى جانب علم الجغرافيا الذي أتقنه. فقد كان يعرف كل صغيرة وكبيرة عن عواصم دول العالم ورؤسائها والطبيعة الجغرافية الموجودة في تلك الدول حتى أن شقيقه عادل الذي أبعد ضمن المجموعة التي أبعدتها حكومة إسحاق رابين في السابع عشر من كانون أول (ديسمبر) من عام 1992 إلى مرج الزهور، يروي عن عماد في هذا المجال بأنه –أي عماد- كان يساعد مدرس الجغرافيا في شرح هذه المادة.



    وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على المستوى العلمي المتقدم الذي وصل إليه الشهيد في مادة الجغرافيا على وجه التحديد. وكما كان متوقعاً، أحرز الشهيد عماد الترتيب الأول على مستوى المدرسة وبيت حانون والمخيم في شهادة الثانوية العامة (التوجيهي)، ليزداد مع هذا التفوق إصراراً على مواصلة مسيرته التعليمية وتحقيق طموحه العلمي الذي كان يحلم به.



    فتقدم بأوراقه وشهاداته العلمية إلى معهد الأمل في مدينة غزة لدراسة الصيدلة، إلا إن أتم إجراءات التسجيل ودفع الرسوم المقررة حتى وجد جنود الاحتلال يقفون له بالمرصاد ليودع السجل في 23 من أيلول (سبتمبر) من عام 1988 ويقدم إلى المحاكمة بتهمة الانتماء لحركة (حماس) والمشاركة في فعاليات الانتفاضة المباركة. وخرج الشهيد القائد من مدرسة يوسف عليه السلام أصلب عوداً وأكثر إصراراً على مواجهة الاحتلال وتحدي جلاديه. فهو يحب الجهاد وقتال اليهود وزاده السجن حباً لذلك.



    وفي نفس الوقت واكب حب الشهيد للجهاد وقتال اليهود حب من نوع آخر وهو حب التفقه في الدين والعلوم الشرعية والتسلح بهذا العلم إلى جانب البندقية لما له من أثر بالغ في نفس المجاهد عند ملاقاة الأعداء. فأرسل شهاداته العلمية إلى شقيقه الأكبر الشيخ عبد الفتاح الذي يعمل إماماً لأحد المساجد في مدينة عمان طالباً منه المساعدة بتسجيله في برنامج الشريعة الإسلامية الذي تقدمه المعاهد وكليات المجتمع ابتداءً من الفصل الأول للعام الدراسي 1991-1992. ولكن سلطات الاحتلال التي تعرف عماد وما قدمه من أعمال بطولية خلال مشاركته في فعاليات الانتفاضة، منعت الشهيد كغيره من الأبطال من مغادرة قطاع غزة على الرغم من حصوله على قبول للالتحاق في برنامج السنة الأولى المقرر في تخصص الشريعة الإسلامية كما هو موضح في الصورة المرفقة.


    رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

    تعليق


    • #3

      في كنف دعوة الإخوان المسلمين:


      بدأ الشهيد عماد عقل حياته في طاعة الله حيث تربى في أحضان عائلته المتدينة والمساجد القريبة من مكان سكنه التي اعتاد ارتيادها منذ أن بلغ الثانية عشرة من العمر. فقد عمر الإيمان قلب الشهيد واشتد حبه للجهاد وكرهه للباطل بجميع أشكاله وألوانه. ووجد في مسجد النور القريب من الفالوجة ضالته، إذ عرفه أحد الإخوة الفضلاء على دعوة الإخوان المسلمين التي وجد فيها الشهيد أنها تلبي حاجته وحبه للجهاد والاستشهاد. فنما وترعرع في رحاب هذا المسجد ورضع لبن العزة والكرامة من خلال الدروس العلمية والتنظيمية والتعبوية حتى نضجت في مشاعره جذوة الجهاد والاستشهاد واستوت على سوقها مع بدء الانتفاضة المباركة. ويروي أحد الذين عرفوه وعايشوا التحاقه بالدعوة بأن الشهيد لم يقتصر على أداء ما هو مطلوب منه من فعاليات الانتفاضة وبرامجها الجهادية وكفى بل عمل على صعيد الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى في المسجد وفي الشارع وفي المدرسة وفي كل مكان عاش فيه. كما تميز الشهيد رحمه الله بعمله الدؤوب لما تطلبته تلك المرحلة من ضرورة الوجود الإسلامي المركز في مخيم جباليا، فشارك إخوانه في استنهاض همة الشباب وتجميع الصالحين منهم ديناً وخلقاً لدعوتهم وتجنيدهم في صفوف حركة المقاومة الإسلامية (حماس).




      رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

      تعليق


      • #4

        عماد في الانتفاضة:


        واكبت حركة عماد ونشاطه وقوة حبه للجهاد وقتال اليهود اشتعال الانتفاضة الفلسطينية المباركة وتصاعد وتيرتها وامتدادها على طول رقعة الوطن المحتل. وما إن أطلقت حركة "الإخوان المسلمون" في قطاع غزة لشبابها وأنصارها العنان لقيادة المظاهرات وتوجيه الجماهير منذ الثامن من كانون الأول (ديسمبر) من عام 1987، حتى تقدم الشهيد الصفوف مشكلاً المجموعات من الشباب المسلم في المخيم لملاحقة جنود الاحتلال وقطعان المستوطنين الذين كانوا يعيثون فساداً وتخريباً. كما شارك الشهيد رحمه الله في كتابة الشعارات الجدارية ضد العدو الصهيوني، وعرف عنه اهتمامه الشديد بالمظاهرات والمسيرات الاحتجاجية، فشارك في الكثير من فعاليات الانتفاضة ضمن مجموعات "السواعد الرامية" التي تكونت في المخيم بعد انبثاق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جناحاً ضارباً لجماعة الإخوان المسلمين في الضفة الغربية وقطاع غزة.



        وأقلقت المظاهرات والمواجهات الجهادية التي قادتها "حماس" مضاجع اليهود وأرعبت جندهم ومستوطنيهم على حد سواء، فراحوا يبحثون عن قادتها وكوادرها ويودعونهم السجون والمعتقلات في محاولة لوقف المد الإسلامي المتنامي في أوساط شعبنا المرابط على أرض الإسراء، ولكن أنّى لهم ذلك، فالله سبحانه وتعالى متم نوره ولو كره الكافرون. وباعتقال مجموعة كبيرة من كوادر وشباب حماس فيما سمي في وقت لاحق ضربة آب (أغسطس) 1988، تعرض عماد وشقيقه عادل للاعتقال في الثالث والعشرين من أيلول (سبتمبر) من ذلك العام حيث أودع السجن ثمانية عشر شهراً إثر صدور الحكم عليه من محكمة عسكرية صهيونية بتهمة الانتماء لحركة "حماس" والمشاركة في فعاليتها وتكوين مجموعات مجاهدة وإلقاء زجاجات حارقة. وما إن خرج الشهيد رحمه الله من المعتقل في آذار (مارس) 1990م، حتى عاد إليه مرة أخرى إذ وجهت إليه سلطات الاحتلال تهمة تجنيد أحد الشباب المجاهدين في تنظيم حماس. فقضى الشهيد في المعتقل هذه المرة شهراً آخر بعد أن تيقنت أجهزة المخابرات الإسرائيلية أنه حوكم في المرة السابقة بالتهمة التي وجهت إليه.



        لم يؤثر السجن والاعتقال على شهيدنا البطل، فقد استمر فر حركته ونشاطه الذي عهد عنه وهو في مخيم جباليا، وإن كان قد حددت حريته ومجالات حركته، إلا أن حبه الشديد للإسلام وقتال اليهود أكسبه طاقة إضافية وشحنات مقوية، فقام بالتحقيق مع العملاء والساقطين داخل المعتقل إلى جانب نشاطه المتميز في تجنيد بعض الشباب المعتقلين في صفوف حركة المقاومة الإسلامية.



        وخرج من السجن بعزم وتصميم لا يلين على مواصلة طريق الجهاد ونيل الشهادة في سبيل الله حيث كان دائم الحديث عن جهاد الرسول ^ والشهادة والشهداء وبطولات خالد بن الوليد وصلاح الدين وعمر المختار وغيرهم من قادة الفتح الإسلامي والحركات الجهادية في العصر الحديث. ولذلك لم يرق لشهيدنا البطل أن يظل مقتصراً في جهاده على الحجر والمقلاع، بل راح يبحث عن درجة أعلى من ذلك ما من شأنه إلحاق الخسائر الفادحة في صفوف جنود الاحتلال والقضاء على المستوطنين والعملاء وتجار المخدرات. فبدأ اتصالاته وتحركاته فور خروجه من المعتقل للالتحاق بالجهاز العسكري لحركة (حماس) المسمى "كتائب الشهيد عز الدين القسام"، الذي يلبي رغباته وطموحاته العسكرية. فكان له ما أراد، إذ أفرز في مجموعة "الشهداء"، وهي من المجموعات الأساسية الأولى التي بدأت العمل في المنطقة الشمالية من القطاع بملاحقة العملاء الخطرين وتصفية بعضهم، ثم اندمج تلقائياً في كتائب القسام وبدأ بممارسة مهامه الجهادية على أفضل ما يكون.




        رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

        تعليق


        • #5

          ضابط مجموعة الشهداء:





          استجابة لأمر الله تبارك وتعالى وتلبية لندائه الخالد "انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله" كان الالتقاء والتجمع ثم الفرز والنفير والجهاد فالتحمت القلوب المؤمنة وتشابكت الأكف وهتفت الحناجر تحت راية واحدة ولشعار واحد "الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا" لينطلق المارد الفلسطيني المسلم عبر سنوات الهجر والطمس والتغييب القسري معلناً قراره التاريخي في يوم من الأيام الخالدة بنسماتها وإشراقاتها من شهر أيار (مايو) من عام 1990 بإشعال أحد أهم قناديل الجهاد على أرض الرباط.. كتائب الشهيد عز الدين القسام. ويستمر العطاء ويتصاعد لا تحاصره اعتقالات ولا دماء ولا قيود، فتنتقل شعلة الجهاد والكفاح المسلح من مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع العز والكرامة إلى مدينة غزة ومخيماتها في أقصى الشمال لتنطلق من بعدها مجموعة "الشهداء" بعد أن طورد مجاهدوها إلى الضفة الغربية تدرب شبابها وتشاركهم الجهاد على أرضنا الطاهرة الطيبة.



          شكلت قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام مجموعتها الأولى في المنطقة الشمالية من قطاع غزة في بداية عام 1991، وعرفت هذه المجموعة باسم "مجموعة الشهداء" تعمل بشكل أساسي في قتل رموز العمالة الخطرين إلى حين الحصول على قطع سلاح لتسليح أفراد المجموعة استعداداً لتنفيذ عمليات عسكرية ضد دوريات وجنود الاحتلال. وعلى الرغم من وجود من هو أكبر منه سناً وأقدم منه في المرتبة التنظيمية، إلا أن ما يتمتع به الشهيد عماد عقل من ذكاء وفطنة وخفة حركة إلى جانب حذره واستعداده الدائم جعلت قيادة الكتائب ومجاهدي المجموعة يختارونه ضابطاً لهم ينقل التعليمات والأوامر والخطط وكل ما يتعلق بشأن المجموعة من وإلى القيادة.



          تكونت المجموعة من تسعة مجاهدين هم: عماد عقل ضابطاً، ومحمد أبو العطايا، ومحمد أبو عايش، ومجدي حماد، وغسان أبو ندى، ومحمد حرز ، ونهرو مسعود، وطلال صالح، وبشير حماد. وراح هؤلاء المجاهدون يصوبون سكاكينهم وخناجرهم إلى صدور المجرمين الساقطين في شباك العمالة والخيانة بتخطيط متقن وعمليات نوعية جريئة أثارت جنون اليهود. فقد كانت المجموعة تخطف العميل وتحقق معه مستفيدة مما لديه من معلومات ومسجلة اعترافاته على أشرطة تسجيل كوثائق للإدانة وأدلة لا يمكن إنكارها ثم تنفذ فيه حكم الله إذا رفض التوبة . وكان لهذه العمليات الناجحة وقع بالغ عند الجماهير لما لها من أثر واضح في تطهير المجتمع من العناصر الفاسدة التي سممتها المخابرات الإسرائيلية. وظل الناس يتابعون في شغف عمليات الكتائب التطهيرية في غزة وجباليا والشيخ رضوان ومخيم الشاطئ.



          مجموعة الشهداء في كتائب عز الدين القسام



          أعضاء المجموعة ،، تاريخ الميلاد ،، السكن ،، الوضع الحالي



          عماد حسن إبراهيم عقل ،، 1971 ،، م. جباليا ،، استشهد بتاريخ 24/11/1993

          غسان مصباح عبد الحميد أبو ندى ،، 1969 ،، م. جباليا ،، استشهد بتاريخ 2/5/1991

          محمد عبد الكريم سالم أبو العطايا ،، 1968 ،، حي الرمال ،، معتقل منذ 29/7/92- حكم بالسجن المؤبد 17 مرة

          محمد جميعان أبو عايش ،، 1967 ،، حي الرمال ،، معتقل منذ 29/7/92- حكم بالسجن المؤبد 5 مرات

          محمد علي محمد حرز ،، 1968 ،، حي الدرج ،، معتقل منذ 29/7/92- حكم بالسجن المؤبد 8 مرات

          مجدي أحمد حماد ،، 1965 ،، م. جباليا ،، معتقل منذ 26/12/91- حكم بالسجن المؤبد 6 مرات

          طلال طلب محمد صالح ،، 1969 ،، حي الزيتون ،، مطارد - تمكن من الخروج من قطاع غزة

          بشير عودة عثمان حماد ،، 1967 ،، م. جباليا ،، مطارد - تمكن من الخروج من قطاع غزة

          نهرو محمود مصطفى مسعود ،، 1971 ،، م. جباليا ،، مطارد - تمكن من الخروج من قطاع غزة



          استمرت المجموعة تعمل في مجال التحقيق وتصفية العملاء الخطرين في المنطقة الشمالية من القطاع بانتظار تزويدها بالسلاح لمواجهة اليهود، حيث كان العميل يحيى الأحول أول عميل يتم تصفيته من قبل المجموعة ثم تبعه محاولة القضاء على المجرم مصطفى المشلوح، وهذا له قصة خاصة مع المجموعة. حيث قررت المجموعة الحصول على السلاح عن طريق تصفية أحد العملاء المسلحين على الرغم من خطورة هذه العملية كون المجموعة التي ستهاجمه لا تملك إلا الخناجر والمسدسات البلاستيكية (للتخويف)، وقد يدفعون الثمن جراء ذلك، وقد دفعوا بالفعل ثمن ذلك روح شهيدهم البطل غسان أبو ندى.



          ففي اليوم الثاني من أيار (مايو) من عام 1991، خرجت المجموعة في سيارتين لتصفية العميل مصطفى المشلوح وهو من العملاء الخطرين جداً، فبيته محصن وعليه حراسة من جانب العملاء أنفسهم بالإضافة إلى كونه مُدرّباً على السلاح، حيث كان يخرج في الصباح الباكر إلى إحدى المستوطنات اليهودية القريبة ليتولى الإشراف على تدريب أتباعه من العملاء على مختلف أنواع الأسلحة الرشاشة، إلا أن مجموعة الشهداء أصرت على مطاردته على أمل الحصول على ترسانة الأسلحة التي يحتفظ بها في سيارته والتي تشمل عدة مسدسات ورشاشات من نوع (ام-16) وعوزي. وما إن خرج المجرم مصطفى المشلوح من منزله متجهاً إلى المستوطنة حتى اعترضته المجموعة محاولة إيقافه والسيطرة عليه قبل أن يسحب السلاح عليهم، غير أن القدر يأبى إلا أن يسير كما حدده الله، إذ نجح المجرم في سحب مسدسه وإطلاق النار قبل أن يتمكن المجاهدان غسان أبو ندى ومحمد أبو العطايا من السيطرة على السيارة رغم تمكن غسان من الإمساك بعجلة القيادة وحرف السيارة عن الشارع. فاستشهد المجاهد البطل غسان أبو ندى إثر إصابته برصاصة في الرأس وهرب العميل بعد أن سحب الرشاش العوزي الذي كان إلى جانبه، فحمل المجاهدون غسان وكان ما يزال على قيد الحياة وانطلقوا به إلى المستشفى المعمداني القريب من المكان بعد أن حطموا سيارة العميل. وقد استشهد غسان أبو ندى قبل وصوله إلى المستشفى الذي كان يعمل به رحمه الله، وكانت آخر الكلمات التي تلفظ بها الشهادة الخالدة (لا إله إلا الله محمد رسول الله).



          كان لهذه العملية الأثر الكبير على أفراد المجموعة وبخاصة الشهيد القائد عماد عقل الذي كان يتحرق شوقاً للحصول على السلاح وقتال اليهود. وبعد توقف لمدة قصيرة، استأنفت المجموعة عملياتها التطهيرية في المنطقة التي كانت تعمل فيها وتمكنت من قتل خمسة عملاء وإصابة سادس بجراح.




          رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

          تعليق


          • #6

            المطارد عماد عقل:





            الرابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، يوم عزيز وغالٍ عند أبناء شعبنا سواء داخل الوطن المحتل وحتى خارجه. ففي ذلك اليوم من عام 1987م أذاعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانها التاريخي الأول، فكان عنوان مرحلة جديدة يأخذ فيها البعد العقائدي مكانه الطبيعي والصحيح في مواجهة العدو الصهيوني المحتل لأرضنا ومقدساتنا. ولهذا لا يمكن أن تمر هذه المناسبة دون احتفال يليق بها وخاصة من قبل كتائب الشهيد عز الدين القسام. وضمن هذا الإطار، نظمت مجموعة الشهداء استعراضاً عسكرياً في مخيم جباليا في الرابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) 1991 شارك فيه مجدي حماد الذي سار في الاستعراض متلثماً يحمل بندقية كارل غوستاف استعيرت من مجموعة كتائب الشهيد عز الدين القسام التي كانت تعمل في مخيم الشاطئ بقيادة أحمد أنصيو. ولكن جسم مجدي الممتلئ والمميز لم يخفَ على أهل المخيم، فانكشف أمره وعرفت شخصيته رغم اللثام، فأخذ العامة يتحدثون عن مسيرة حماس والملثم الذي كان يطلق الرصاص. وكان لهذه الأحاديث المتواترة وانتشار عملاء المخابرات الإسرائيلية الدافع الأكبر لمراجعة وضع مجموعة الشهداء من قبل قيادة كتائب القسام التي رأت أن احتمالات انكشاف شخصيات مجاهدي المجموعة قد ازدادت، ولهذا لابد من قطع الطريق على ضباط جهاز الشاباك وعملائهم والحفاظ على مجموعة الشهداء بخروج مجدي حماد من فلسطين المحتلة. وتزامن هذا القرار مع قرار آخر مشابه يتعلق بالمجاهد محسن العايدي الذي كان مطارداً على خلفية مسؤوليته لجهاز الأحداث التابع لحركة (حماس) في المعسكرات الوسطى.



            وفي ليلة معتمة كان المجاهدان مجدي حماد ومحسن العايدي على موعد مع القدر، فقد وقع المجاهدان في الأسر أثناء محاولتهما عبور خط الحدود الدولية بين فلسطين المحتلة ومصر بالقرب من مدينة رفح في السادس والعشرين من كانون الأول (ديسمبر) 1991م، ليرسلا فوراً إلى قلعة الأبطال (سرايا غزة) حيث يمارس التعذيب البشع والحرب النفسية والإرهابية ضد المجاهدين البطلين حتى تبدأ الصفحة المختفية في الظهور وتبرز الكلمات والخطوط والأسماء أمام عيون الجلادين الصهاينة. وتعرض مجدي حماد لتعذيب أشد كونه أحد أعضاء الجهاز العسكري لحركة "حماس" وشقيق المعتقل فتحي حماد أحد قادة الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية الذي كان يعرف باسم "المجاهدون الفلسطينيون" والمحكوم بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً، كما سبق لمجدي أن اعتقل إدارياً أربع مرات مدداً مختلفة في سجن النقب الصحراوي وخرج من المعتقل لآخر مرة في منتصف شهر تشرين الأول (أكتوبر) 1991م.



            منذ ذلك التاريخ، أصبح القائد عماد عقل مطلوباً لقوات الاحتلال وأجهزة مخابراتها ووحداتها الخاصة والمستعربة التي تتخفى بالملابس المدنية التي تشابه ما يلبسه المواطنون الفلسطينيون، وفي بعض الأحيان تستخدم ملابس النساء العربيات للتخفي بهدف اختراق المجتمع العربي والاقتراب إلى أقرب نقطة ممكنة من المطلوبين ليتم اعتقالهم أو إعدامهم ميدانياً بدون محاكمة.



            لكن شهيدنا الذي هزم الخوف منذ أن بايع على الشهادة، راح يواجه واقعه الجديد بشجاعة وإقدام، وإذا كانت المخابرات الإسرائيلية قد توصلت إلى أن عماد عقل هو ضابط المجموعة، إلا أن الشهيد القائد لم يرتعب ولم يضعف، بل زاده هذا الأمر شجاعة وفرض عليه في نفس الوقت أن يظل على أهبة الاستعداد يحمل روحه على كفه وبندقيته على كتفه.. فقد عزم على الجهاد حتى الشهادة، ورفض أن ينسحب من الميدان، إذ نقل عنه –رحمه الله- عند بداية مطاردته قوله: "من الآن فصاعداً فأنا مطارد للاحتلال وعليه سوف أذيقهم العلقم بإذن الله".



            عاش شهيدنا البطل مع إخوانه الخمسة المطاردين: ( أبو العطايا، أبو عايش، حرز، بشير، وطلال) حياة الأخوة بمعناها الحقيقي، ومما يسجل للشهيد ما يرويه أحد الإخوة المجاهدين الذين عرفوه، إذ يقول هذا الأخ: "في أحد مكامنه كنت وأحد الإخوة معه فقمنا نصلي ففضل البقاء في حراستنا ثم صلى بعد ذلك حتى لا نؤخذ على حين غرة، كان خلال ذلك يحرس الغرفة جيئة وذهاباً وكأنه يفكر في أمر يشغله، وضع بعدها لنا الطعام فلم يتناول سوى لقيمات قائلاً لا أريد الإكثار حتى لا أتثاقل إلى الأرض فيشغلني ذلك عن مقارعة أعداء الله". وعلى الرغم من الأعباء الجهادية المضنية التي ألقيت على كاهل المجموعة بعد مطاردتها كونها كانت تقوم بملاحقة أخطر العملاء وتجار المخدرات حيث تمكنت المجموعة من النيل من أخطر العملاء أمثال جمال البنا من مباحث الأمن سابقاً ويوسف كسكين إلى جانب الإطاحة برؤوس ثلاثة عشر عميلاً آخرين، إلا أن ذلك لم يمنع عماد عقل ولم ينسه زيارة والديه والاطمئنان عليهما ومتابعة أخبار إخوته وأخواته.



            ضاقت مدينة غزة بمطاردي مجموعة الشهداء، فقد انضم عشرة إخوة مجاهدين من كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى قائمة المطاردين الجدد، والخوف من أعمال التمشيط العسكري للبيارات والملاجئ والمنازل أصبح هاجساً يتملك المطاردين في هذه البقعة الصغيرة، إلى جانب قلة السلاح الناري لدى هؤلاء المطاردين، فمطاردو مجموعة الشهداء على سبيل المثال والذين لم يكونوا يملكون قطعة سلاح واحدة قبل المطاردة، أرسلوا في طلب بندقية كارل غوستاف التي كان قد حملها مجدي حماد في استعراض ذكرى الانطلاقة، من المجموعة غير المطاردة فهم أولى الآن بها، واستلمت المجموعة بندقية أخرى من النوع نفسه من قيادة الحركة بالإضافة إلى شراء بندقية ثالثة ومسدس.



            وأمام هذا الوضع الجديد، وحفاظاً على الإخوة المطاردين وتوفيراً للجهد المضني في توفير الملجأ، ولسهولة الحركة لهذه الأعداد، تم التخطيط لخروج مطاردي مجموعة الشهداء من قطاع غزة والانتقال إلى الضفة الغربية للإلتحاق بالجهاز العسكري لحركة "حماس" هناك.



            وفيما يتوفر السلاح الناري الحديث في الضفة الغربية بكمية أكبر بالمقارنة مع الوضع في قطاع غزة بالنسبة لشباب حركة المقاومة الإسلامية، إلا أن المجموعات المقاتلة كانت في بدايات تكونها وهي بحاجة إلى من يدربها ويجمع شملها وينظم صفوفها. ولذلك جاء اختيار مجموعة الشهداء بالانتقال إلى الضفة الغربية اختياراً موفقاً، فقد خفف الانتقال العبء عن قطاع غزة من جانب وأعطى دفعة قوية للضفة الغربية بتكوين الخلايا المسلحة التابعة لكتائب القسام من جهة أخرى.



            وقبل الانتقال مع مجموعة الشهداء إلى الضفة الغربية، لابد من الوقوف مع حدثين بارزين في سجل هذه المجموعة المجاهدة، ألا وهما أول عمليتين عسكريتين لها ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه الذين يعيثون فساداً في قطاع غزة. ففي الرابع من أيار (مايو) 1992، أطلق عماد عقل رصاصة القاسمي مستخدماً بندقية كارل غوستاف ضد قائد الشرطة في قطاع غزة الكولونيل يوسيف آفني بعد أن أوقعته المجموعة في كمين نصبته له عند مفترق الشيخ عجلين، غير أن العملية لم تسفر إلا عن إصابة ركاب سيارة المخابرات المرافقة له بإصابات مباشرة وتحطيم زجاج سيارة المجرم اليهودي. وفي المرة الثانية، تعقب المجاهد محمد أبو العطايا الذي كان يتنقل في سيارة بيجو برفقة أحد الشباب سيارة إسرائيلية تقل تاجر المواشي ديفيد كوهين وأطلق عليه النار بعد أن أوقفه على طريق بيت لاهيا في السابع عشر من أيار (مايو) ليخر صريعاً مضرجاً في دمائه. وفي العمليتين غادرت المجموعة الفدائية موقع العملية إلى قاعدتها بسلام دون أن يتمكن جنود الاحتلال من تعقب المجاهدين.

            رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

            تعليق


            • #7

              الانتقال إلى القدس :


              تم ترتيب عملية خروج مجاهدي مجموعة الشهداء على دفعات متلاحقة بترتيب وتخطيط بين قيادة الكتائب في قطاع غزة ومثيلتها في الضفة الغربية حيث قام مجموعة من الشباب بسرقة عدد من الهويات الإسرائيلية الخاصة بمن يسمون "عرب إسرائيل" أي المواطنين الفلسطينيين الذين بقوا في قراهم وأراضيهم المحتلة منذ عام 1948. وبعد أن تم تزوير الهويات التي تتطابق أوصاف وأعمار أصحابها مع مجاهدي المجموعة، انتقل الشهيد عماد عقل عن طريق حاجز إيرز وهو المعبر الوحيد الذي يربط قطاع غزة بفلسطين منذ عام 1948 إلى الضفة الغربية في الثاني والعشرين من أيار (مايو) 1992،واستقر في مدينة القدس حيث قام باستئجار شقة في منطقة أبو ديس القريبة من المدينة المقدسة وذهب في اليوم التالي إلى أحد المعاهد الخاصة وسجل اسمه ضمن الطلاب في شعبة الصحافة والإعلام، وانتظم في الدوام في ذلك المعهد بانتظار وصول بقية أفراد المجموعة.



              وما هي إلا أيام قليلة حتى تبع الشهيد إلى القدس وبنفس الطريقة كل من المجاهدين محمد أبو عايش ومحمد حرز، اللذين استقرا مع عمادفي شقة القدس في حين انتقل طلال صالح إلى مدينة رام الله واستأجر مع خمسة من الطلاب القادمين من قطاع غزة شقة هناك، وقام هو الآخر بالانتظام في دراسة الصحافة والإعلام في أحد المعاهد الخاصة. وحتى تلك اللحظة اقتصر تسليح المجاهدين الأربعة على مسدس وعدة سكاكين ودون أن يكون لهم أي اتصال مع مسؤولي كتائب الشهيد عز الدين القسام في الضفة الغربية. وقد استمر هذا الوضع إلى أن قدم بشير حماد ومحمد أبو العطايا الذي اشترك في عمليتين جريئتين ضد شرطة الاحتلال ومستوطنيه، الأولى في الثاني والعشرين من يونيو (حزيران) واستهدفت شرطيين كانا يقفان أمام فندق شاطئ البحر في مدينة غزة اتخذته سلطات الاحتلال مقراً للشرطة، وقد اعترف العدو بإصابة الشرطيين على الرغم من إطلاق مخزن كامل من بندقية كارل غوستاف عن بعد مترين فقط باتجاههما. والعملية الثانية كانت في الخامس والعشرين من يونيو (حزيران) واستهدفت اثنين من المستوطنين كانا يعملان في مصنع لتعليب الحمضيات في منطقة ناحل عوز واشترك فيها اثنان من الأشبال وأبو العطايا الذي أنهى عملية الطعن، ومجاهد رابع تولى حماية المجاهدين الثلاثة ببندقية كارل غوستاف.



              بعد اكتمال عقد المجموعة، اتفق المجاهدون على أن يستمر طلال في المبيت في الشقة التي استأجرها في حين ينتقل محمد أبو عايش ومحمد حرز مع بندقية كارل غوستاف إلى الشقة الجديدة التي تم استئجارها في رام الله على أساس أنهم طلاب أيضاً، ويبقى في شقة القدس الشهيد عماد عقل ومحمد أبو العطايا وبشير حماد وبحوزتهم المسدس.



              وبدأت المجموعة بعد أن استقرت على هذا الشكل بترتيب الاتصال مع الشيخ صالح العاروري الذي كان يتولى في ذلك الوقت مسؤولية الجهاز العسكري في الضفة الغربية. وبادرت مجموعة الشهداء منذ بداية اللقاء إلى الطلب بتزويدها بالسلاح حيث وعدهم الشيخ بالعمل في هذا الاتجاه عند أقرب فرصة ممكنة، وحدد لهم يوم الخميس 30 يوليو (تموز). وفي هذه الأثناء وحتى يتم ترتيب الأمور خططت المجموعة لتنفيذ عملية طعن بالسكاكين في مدينة القدس تكون بمثابة الثأر للمجزرة الوحشية التي ارتكبتها قوات حرس الحدود الصهيوني في ساحة المسجد الأقصى قبل أكثر من عام ونصف.



              وبعد أن تم التخطيط لهذه العملية بحيث يشترك فيها اثنان من مجاهدي المجموعة إلى جانب السائق الذي سيتولى توصيلهم إلى المكان المحدد في حوالي الساعة الثالثة فجراً حيث يسير اليهود فرادى، وينقض البطلان عليهم ثم يتم مواراتهم خلف أسوار المنازل إلى أن يتم تصفية عدد لا يقل عن عدد الشهداء الذين سقطوا في المجزرة الصهيونية، تنافس عماد وأبو العطايا وطلال فيمن يخرج لهذه العملية، الأمر الذي جعل المجموعة تعدل في المخطط ويتم الاتفاق على خروج الثلاثة في هذه العملية كحل وسط. كما تم الاتفاق بين المجاهدين الثلاثة على أن يحمل أحدهم المسدس أثناء تنفيذ العملية للطوارئ ويكون إطلاق النار عند اكتشاف أمرهم دون أن يستخدمه أثناء العملية.



              وفي ساعات الفجر الأولى من يوم الأربعاء الموافق 29 يوليو (تموز) وبالتحديد بين الساعة الثالثة والنصف والساعة الرابعة، خرج الشباب الثلاثة في سيارة وضعت تحت تصرفهم في عملية استطلاع ورصد للمكان الذي سيكون مسرحاً لتنفيذ عمليتهم في فجر اليوم التالي، ثم عادت السيارة إلى رام الله واكتمل عقد المجموعة في الشقة التي كان يستأجرها محمد أبو عايش ومحمد حرز إلى جانب الشباب الذين كانوا يتولون مساعدتهم في أمور حياتهم ومعيشتهم وتنقلهم في الضفة الغربية. وهنا نتوقف عند الهزة العنيفة التي أصابت مجموعة الشهداء بعد انتقالها إلى الضفة الغربية ألا وهي اعتقال المجاهدين محمد أبو العطايا ومحمد أبو عايش ومحمد حرز في حوالي الساعة العاشرة والنصف من مساء ذلك اليوم المشؤوم الذي يوافق يوم الأربعاء 29 يوليو (تموز) 1992م، فإذا ما عدنا بالزمن والمكان إلى الوراء قليلاً، نجد أن مجموعة الشهداء اختفت وبشكل مفاجئ من قطاع غزة ولم يستطع العملاء وضباط الشاباك والوحدات الخاصة تعقب آثار هذه المجموعة على الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت في هذا الاتجاه. وعلى الرغم من هذا الفشل فقد استمرت سلطات الاحتلال في بث العملاء والعيون وإرسال الجيش وحرس الحدود في عمليات تمشيط وبحث في الأماكن والمخابئ التي توقع أن يختبئ بها المطاردون أو كانوا قد استخدموها من قبل إلى أن توصلت سلطات الاحتلال إلى أمر انتقال المجموعة إلى الضفة الغربية خلال عمليات التحقيق والتعذيب القاسي الذي مورس ضد المعتقلين إثر حملات الاعتقال والتفتيش التي أعقبت استشهاد قائد كتائب عز الدين القسام ياسر النمروطي. عندئذ، نقلت المخابرات الإسرائيلية عمليات بحثها وتفتيشها عن المجاهدين الستة إلى الضفة الغربية مستعينة بصورة حديثة للمجاهد طلال صالح كان قد بعث بها إلى أهله بعد مطاردته إلى جانب كون المجاهد محمد أبو عايش أسود البشرة جعل عمليات الشاباك أكثر تركيزاً. ومما يَّسَر على فرق المخابرات التي كانت تبحث عن الشباب في الضفة الغربية وجعلها تضيق الخناق عليهم، وضع الشقة التي كانوا يجتمعون فيها في معظم الأحيان للتداول في وضعهم ومشاكلهم ألا وهي الشقة التي استأجرها أبو عايش وحرز في مدينة رام الله، فقد أشار لهم الشيخ صالح العاروري عند التقائه بهم لأول مرة أن المنطقة التي يسكنون فهيا غير آمنة فهي تعج بالعملاء الخطرين الذين يراقبون تحركات نشطاء الانتفاضة ولهذا اتفق الشيخ مع المجاهدين على أن يتم نقلهم من هذا المكان الخطر في نهاية الشهر، ولكن لا مرد لقضاء الله وقدره، ففي مساء ذلك اليوم اجتمع المجاهدون الستة مع ثلاثة من مساعديهم وتداولوا في أمور تخصهم وأمر خروجهم في صبيحة اليوم التالي، بعد تنفيذ عمليتهم في رحلة ترويحية مع شباب أحد مساجد المنطقة ضمن النشاط الاجتماعي لذلك المسجد. وبعد الانتهاء من وضع الترتيبات النهائية لبرنامجهم في اليوم التالي، طلب طلال الاستئذان بالخروج من الشقة والمبيت في الشقة التي كان يشارك خمسة من طلاب القطاع في استئجارها في منطقة قريبة من رام الله. ولكون الطلاب الخمسة الذين يشاركون طلالاً الشقة يقضون إجازتهم في قطاع غزة، أبدى طلال استعداده لاستضافة من يريد من الشباب للمبيت عنده. فقام عماد وبشير والمساعدون الثلاثة يتبعون طلال مغادرين الشقة في الساعة العاشرة والنصف من مساء ذلك اليوم وينطلقوا في سيارة البيجو باتجاه الشقة الثانية فيما كانت قوات ضخمة من جيش الاحتلال وأعداد كبيرة من حرس الحدود وضباط الشاباك يطبقون على الحي الذي تقع فيه الشقة الأولى بعد أن أكد لهم الذين باعوا دينهم ووطنهم بأن المجاهدين الستة ومساعديهم موجودون معاً داخل الشقة. ومن المؤكد أن قوات الاحتلال التي كانت تزحف على الشقة كانت تسير وفق خطة عسكرية مدروسة بحيث لم يشعر حتى الشباب الستة الذين استقلوا سيارة البيجو بأي تحركات عسكرية أو ظواهر تدل على أن أمراً ما سيحدث لزملائهم محمد أبو العطايا ومحمد حرز ومحمد أبو عايش. فباستثناء سيارة جيب عسكرية كانت تسير بشكل بطئ بمفردها، لم يشاهد ركاب البيجو أي وجود عسكري آخر لقوات العدو، ورغم ذلك يبدو أن شهيدنا عماد عقل صاحب الحس العسكري المرهف توجس مما رآه واعتبر طريقة سير هذه السيارة العسكرية اليتيمة بأنها أمر غير طبيعي، إذ قال لزملائه: "إن وقفة هذا الجيب ليست لله". وبالفعل، فما هي إلا دقائق قليلة حتى كانت قوات الجيش تطبق على الشقة وتقتحمها في حوالي الساعة الحادية عشرة تقريباً، ليؤخذ المجاهدين الثلاثة على حين غرة وليتم اعتقالهم وتفتيش الشقة والاستيلاء على بندقية كارل غوستاف التي كانت مخبأة بعد أن فشل المجاهد محمد أبو العطايا في الوصول إليها في الوقت المناسب عندما حاول المقاومة والإفلات من قبضة المجرمين. وفي البيان العسكري الذي تلاه ناطق بلسان جيش الاحتلال بعد تسعة أيام من اعتقال أبو العطايا وأبو عايش وحرز، أوضحت سلطات الاحتلال أنه تم اعتقال ثلاثة نشطاء في خلية "عز الدين القسام" مسؤولين عن قائمة طويلة من الهجمات الخطيرة للغاية، إذ ينسب إلى المعتقلين الثلاثة وهم من قطاع غزة حاولا نقل نشاطاتهم إلى الضفة الغربية القيام بما يلي:



              إطلاق النار على معسكر تابع لحرس الحدود في غزة بتاريخ 15/4/1992 ..

              قتل تاجر مواشي إسرائيلي في مخيم جباليا بتاريخ 17/5/1992>

              قتل موظف في مكتب وزارة الداخلية كان يعمل في الإدارة المدنية لقطاع غزة بتاريخ 11/6/1992..

              إطلاق النار باتجاه مركز الشرطة على شاطئ مدينة غزة بتاريخ 22/6/1992 ..

              قتل اثنين من تجار الخضار الإسرائيليين في شمال قطاع غزة بتاريخ 25/6/1992 ..

              20 عملية قتل لعرب متعاونين مع السلطات الإسرائيلية..



              وأضاف المتحدث العسكري الإسرائيلي الذي نقلت صحيفة القدس المقدسية في عددها رقم 8239 الصادر بتاريخ 9/8/1992 مقتطفات موجزة لحديثة بأنه تم ضبط رشاش كارل غوستاف وذخيرة وسكاكين وبطاقات هوية إسرائيلية مزيفة في الشقة التي كان فيها هؤلاء الشباب إلى جانب زورق مطاطي ومواد إعلامية لحركة حماس وأشرطة فيديو سجل عليها بعض العمليات التي قام بها المعتقلون.



              رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

              تعليق


              • #8

                قائد العمليات في منطقة الخليل :


                الضربة القاسية التي تلقتها كتائب الشهيد عز الدين القسام باعتقاله ثلاثة من خيرة مجاهديها شكلت مرحلة جديدة لعمل مجموعة الشهداء أو من تبقى من المجموعة. ففي صبيحة اليوم التالي لليلة اعتقال محمد أبو العطايا ومحمد حرز ومحمد أبو عايش، عادت سيارة البيجو التي تقل من تبقى من مجموعة الشهداء إلى الشقة التي تعرضت للاقتحام لنقل الشباب الثلاثة حسب ما اتفق عليه وما إن وجد طلال وعماد وبشير باب الشقة مفتوحاً وقد قلبت محتوياتها رأساً على عقب حتى تيقنوا أن جيش الاحتلال قد تمكن من اعتقال الشباب حيث أشار لهم بعض سكان المبنى بأن الجيش حضر بعد مغادرتهم بفترة وجيزة. عندئذ لم يكن أمام من تبقى من المجموعة سوى المغادرة على الفور إلى شقة شهيدنا عماد في مدينة القدس حيث تم الاحتفاظ بما تبقى لدى المجموعة من سلاح. وبعد التداول فيما بينهم، قرر المجاهدون الثلاثةحزم أغراضهم ومغادرة الشقة على الفور نظراً لمعرفة الإخوة المعتقلين لها، فانطلق المجاهدون الثلاثة مع مساعديهم إلى منطقة العيزرية القريبة من القدس، حيث تم الافتراق بين الثلاثة الذين تبقوا من مجموعة الشهداء ومساعديهم. وكانت سلطات الاحتلال قد كشفت شخصية أحد هؤلاء المساعدين إثر عثورها على هويته عند تفتيش الشقة التي تم اقتحامها في رام الله.



                توجه المجاهدون الثلاثة بعد افتراقهم عن مساعديهم إلى منطقة أبو شخيدم القريبة من بيرزيت، وقبل أن يتمكنوا من مراسلة قيادة كتائب عز الدين القسام في قطاع غزة وتبليغهم بضرورة حضور من يستطيع إعادة ربطهم بالشيخ صالح العاروري الذي لم يكونوا يعرفون اسمه أو مكان اقامته حتى يتولى نقلهم من منطقة رام الله وضواحيها، فوجئ الشباب بثماني سيارات جيب عسكرية لجيش الاحتلال تقتحم المنطقة في الليلة الأولى من انتقالهم إليها دون أن يكون في مقدورهم تمييز أهداف هذه السيارات، وهل جاءت لاعتقالهم أم في مهمة اعتقال روتينية لشباب المنطقة ونشطاء الانتفاضة. ولذلك شرع المجاهدون الثلاثة بمغادرة المنطقة في تمام الساعة العاشرة من مساء ذلك اليوم، واستمروا في المسيرة بجانب الطريق المرصوف حتى الساعة الرابعة فجراً دون أن يحددوا مقصدهم، وكاد الشباب يتعرضون للاعتقال أو الاشتباك مع جنود الاحتلال رغم عدم التكافؤ بين الطرفين، إذ اضطر الثلاثة إلى الانبطاح بجانب الطريق أثناء سيرهم في منطقة قريبة من بيرزيت في تمام الساعة الرابعة فجراً عند قدوم السيارات العسكرية الثمانية التي كانت على ما يبدو في مهمة اعتقال لبعض نشطاء الانتفاضة في أبوشخيدم، فقد استعد طلال الذي كان يحمل المسدس لإطلاق النار حين وجهت سيارات الجيب كشافاتها إلى جانب الطريق فكشفت ظهر بشير، غلا أن الله قدر ولطف أن أعمى أعين المجرمين عنه وكف شرهم عن الشباب الذين عادوا فيما بعد إلى أبوشخيدم. وبعد أن تمت مراسلة القيادة في قطاع غزة وقدوم من أعاد ربطهم بالشيخ صالح العاروري الذي قام بدوره بنقلهم في سيارة أجرة خاصة إلى مدينة خليل الرحمن حيث تم تزويدهم بالأسلحة الرشاشة والمسدسات استعداداً لبدء مرحلة جديدة من جهاد المجموعة.





                شهدت مدينة خليل الرحمن نهاية عهد مجموعة الشهداء كوحدة عمل واحدة، إذ أشار الشيخ صالح على طلال وبشير بالانتقال إلى مدينة نابلس لترتيب أوضاع المطاردين هناك وتشكيل المجموعات المجاهدة في حين طلب من الشهيد عماد البقاء في مدينة الخليل وتولي مسؤولية القائد العسكري للعمليات في منطقة الخليل.



                وبعد أن استقر الرأي على بقاء الشهيد في مدينة الخليل، تم ترتيب الوضع الأمني له من خلال استئجار الشيخ صالح العاروري لبيت اعتبر آمناً وبعيداً عن أعين المخابرات الصهيونية وعملائها، اتخذه عماد مقراً لسكنه ومكاناً يلتقي به مع نشطاء حركة المقاومة الإسلامية، كما عهد لمجموعة من المساعدين من شباب "حماس" بمسؤولية المحافظة على الشهيد القائد والالتزام بتوفير كافة السبل والوسائل الكفيلة بتسهيل تنقلاته وتحركاته بأمان ويسر.



                وقد تنقل الشهيد خلال فترة إقامته التي امتدت قرابة الأربعة شهور بين مختلف مناطق ومساجد خليل الرحمن مستخدماً اسمين حركيين، فمرة يقدم نفسه باسم (حسين) وتارة أخرى باسم (أيوب).




                رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                تعليق


                • #9

                  مجموعة شهداء الأقصى:


                  شكل تزايد أعداد المعتقلين من أبناء شعبنا ومن كتائب الشهيد عز الدين القسام إلى جانب الأعداد الكبيرة من معتقلي حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وأجهزتها الأمنية والعسكرية وعلى رأسهم شيخ الانتفاضة المجاهد أحمد ياسين، وما يعانونه من تعذيب وظروف صحية واجتماعية ونفسية صعبة داخل المعتقلات والسجون الإسرائيلية، هاجساً سيطر على تفكير الشهيد منذ أن تولى مسؤولية العمليات في منطقة الخليل. ولهذا الغرض شرع القائد عماد عقل بالتخطيط لأسر جندي من جيش الاحتلال الصهيوني أو أكثر واستخدام هؤلاء الأسرى كرهائن من أجل مبادلتهم بالأبطال المعتقلين سواء من حماس وكتائب عز الدين القسام ومن مختلف الفصائل والتنظيمات الفدائية. فبعث عن طريق المجاهد عباس شبانة (22 عاماً) الذي عينه الشيخ صالح العاروري ليكون المسؤول عن تنسيق العمليات بين مدينة الخليل وقطاع غزة، وراء المجاهد القسامي محمد عبد الفتاح دخان (مخيم النصيرات) ليساعده في التخطيط للعمليات وتوصيل الأسلحة ونقل المعدات. كما طلب من مساعديه في وقت لاحق إيجاد مغارة كبيرة مناسبة في التلال المجاورة لمدينة الخليل تصلح لأن تكون مكاناً آمناً يمكن إخفاء الجنود الأسرى فيها. وفي هذه المغارة أيضاً تم تدريب الشباب الذين تم فرزهم من بين صفوف نشطاء الحركة على السلاح وتنظيمهم في إطار كتائب الشهيد عز الدين القسام باسم (مجموعة شهداء الأقصى) حيث ضمت التشكيلة الأولى لهذه المجموعة سفيان جمجوم (22 عاماً)، المعلم في مدرسة الشريعة التابعة للجمعية الخيرية الإسلامية في الخليل الذي قام بتجنيد أربعة مجاهدين من منطقة الخليل هم : موسى عمرو (22 عاماً) ، هارون ناصر الدين (23 عاماً)، حامد سلهب (20 عاماً) وأمجد شبانة (19 عاماً) إلى جانب الشهيد القائد حاتم المحتسب وغسان مدبوح وإياد أبو حمدية وجهاد عوالمة وجميل عبد النبي النتشة (30 عاماً) الذي تولى قيادة السيارة ذات اللوحة الصفراء وهي لوحة خاصة بالإسرائيليين والمناطق المحتلة منذ عام 1948 تم شراؤها بهدف استعمالها في عمليات المجموعة. وبهذه المجموعة المجاهدة، مضى الشهيد القائد في ثبات وتفاعل رغم كثرة التبعات وجسامة التحديات ليكتب قصة المجد والجهاد عبر خطوات القسام في مدينة الخليل. وإذا كان عماد عقل قد تولى مسؤولية قيادة كتائب القسام في مدينة الخليل وما يتبع هذه المسؤولية من الإشراف على تجنيد المجاهدين وتدريبهم على استخدام الوسائل القتالية وإعدادهم للقيام بعمليات ضد قوات الاحتلال، إلا أن ذلك لم يحل دون مشاركته في العمليات العسكرية الجريئة التي نفذتها مجموعة شهداء الأقصى تخطيطاً وتنفيذاً. ففي الحادي والعشرين من تشرين أول (أكتوبر) خطط الشهيد القائد لعملية هجوم بالأسلحة الأوتوماتيكية ضد سيارة (رينو –5) عسكرية كانت تسير على طريق الظاهرية باتجاه مدينة الخليل حيث قامت السيارة التي أقلت عماد وإخوانه بتتبع السيارة العسكرية ومن ثم إطلاق النار من البنادق الرشاشة على السيارة عند الاقتراب منها مما أدى إلى إصابة جميع ركابها بإصابات مختلفة. وبعد أربعة أيام من هذه العملية البطولية نفذ الشهيد القائد رحمه الله بالاشتراك مع اثنين من إخوانه عمليته العسكرية الثانية في منطقة الخليل وصفها أحد ضباط القيادة في جيش الاحتلال بأنها من أجرأ العمليات التي استهدفت المواقع العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، إذ اقترب عماد عقل وهارون ناصر الدين من معسكر جيش الاحتلال القريب من الحرم الإبراهيمي الشريف ووصلا إلى مسافة أقل من ثلاثين متراً من الجنديين اللذين كانا يتولان حراسة المعسكر وبادر البطلان بإطلاق الرصاص من أسلحتهم الرشاشة دون أن يتمكن جنود الاحتلال من الرد عليهما أو تعقبهما عند انسحابهما في السيارة التي كانت تنتظرهما، وقد اعترف الناطق العسكري الإسرائيلي في وقت لاحق بمقتل ضابط صف لم تنقذه واقية الرصاص التي كان يرتديها في حين أصيب الجندي الثاني بجروح خطيرة.



                  لم يقتصر نشاط الشهيد عماد عقل ومجموعته المجاهدة على هاتين العمليتين البطوليتين، ففي المؤتمر الصحفي الذي عقده الناطق العسكري لجيش الاحتلال الجنرال أوديد بن عامي وخصصه للإعلان عن كشف واعتقال الشيخ صالح العاروري وعدد من أعضاء مجموعة شهداء الأقصى، اعترف القائد العسكري لمنطقة الخليل الكولونيل يوسي بأن هذه المجموعة شاركت في خمس عمليات إطلاق نار وإلقاء قنابل يدوية على سيارات وحافلات عسكرية كانت تقوم بأعمال الدورية في منطقة الخليل.



                  في ضوء هذا النشاط الملحوظ الذي طرأ على الضفة الغربية ومنطقة الخليل بالذات في أعقاب سلسلة العمليات العسكرية الناجحة لكتائب الشهيد عز الدين القسام، نشطت فرق جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك) وعملائه في تحركاتهم السرية في محاولة لكشف سر المجموعة التي نفذت هذه العمليات التي وجهت بشكل خاص ضد جنود ودوريات الجيش وجعلت قيادة الاحتلال تعيد النظر في تقليص حجم القوات الإسرائيلية المنتشرة هناك. ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل، وذهبت جهود ضباط الشاباك الذين نشروا عملاءهم بين صفوف الجماهير لعلها تأتي بخيط يقود إلى مجموعة شهداء الأقصى سدى. واستمر الشهيد القائد رحمه الله ماضياً في جهاده المبارك، ينظم ويدرب ويخطط في همة وحيوية وتفاعل ممتشقاً سلاحه باستمرار ومتابعاً لتحركات العدو ودورياته أولاً بأول، وفيما هو كذلك، جاء قضاء الله وقدره بأن يبدأ العد التنازلي لإقامة الشهيد القائد في مدينة خليل الرحمن التي أحبه أهلها وشبابها ممن عرفوه والتقوا به أو سمعوا حديثه عن الجهاد مع بداية حملة الاعتقالات الكبيرة التي استهدفت بشكل أساسي القبض على النواة الصلبة لحركة حماس في المدينة بشكل عام. فقد شملت الاعتقالات العشوائية تلك الشيخ صالح العاروري (26 عاماً) الذي لم يعتقل في البداية لدوره القيادي في كتائب القسام وإنما لنشاطه الجماهيري الفعال في المدينة ومشاركته في فعاليات الانتفاضة عبر توليه عدة مسؤوليات تنظيمية حيث أودع الاعتقال الإداري في معتقل النقب الصحراوي مما ضيَّقَ الخناق على الشهيد القائد ومجموعته التي كانت تستعين بالشيخ في موضوع الحصول على الأسلحة وتوفير الشقق والسيارات والوثائق. واشتد الخناق على مجموعة شهداء الأقصى إثر اعتقال أحد كبار نشطاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في المدينة حيث أدت التحقيقات والتحريات التي أجراها ضباط الشاباك والاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال إلى كشف واعتقال عدد من مجاهدي القسام في حين تمكن عدد آخر من الاختباء عن أعين ضباط الشاباك والالتحاق بركب المطاردين الأبطال.




                  رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                  تعليق


                  • #10


                    عماد يرفض الانسحاب من الميدان :


                    لم تكن الضربة التي تعرضت لها كتائب الشهيد عز الدين القسام في الضفة الغربية بالأمر البسيط إذ اعتقل الشيخ صالح العاروري ومسؤول التنسيق مع قطاع غزة واثنا عشر مجاهداً، واصبح عدد آخر مطارداً ومنهم المجاهدان حاتم المحتسب ومحمد دخان وصودر جزء من السلاح الذي كانت تملكه مجموعة شهداء الأقصى وشمل استناداً إلى ما أعلنه الناطق العسكري الإسرائيلي: عوزي مع مخازن رصاص، 4 مسدسات، 8 قنابل يدوية، نصف كيلو جرام بارود، قطعة سلاح جاليلي، وكلاشنكوف تم استعماله في الهجوم على الموقع العسكري القريب من الحرم الإبراهيمي. كما أسفرت التحقيقات التي أجرتها الشاباك بالتعاون مع جيش الاحتلال عن الكشف عن علاقة القائد عماد عقل بمجموعات الخليل ودوره ضمن البناء الهيكلي والتنظيمي للجهاز العسكري في حركة "حماس" بالضفة الغربية مما جعل إقامته صعبة للغاية نظراً لتكثيف قوات الجيش والوحدات الخاصة والمستعربة من عملياتها وتمشيطها مختلف الأماكن والمخابئ التي قد يكون موجوداً فيها، ناهيك عن صعوبة حصوله على المساعدة في التنقل وإيجاد المأوى في ظل هذه الظروف وبعد اعتماد سلطات الاحتلال سياسة قصف المنازل بالصواريخ والمدافع قبل الشروع في اقتحام المنازل التي يتوقع جيش الاحتلال أنها تقدم الملجأ للمجاهد.



                    في ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة، وحفاظاً على جهد الحركة وإمكانياتها في تلك المنطقة خاصة بعد الضربة الصعبة التي تلقتها، غادر شهيدنا البطل مدينة خليل الرحمن في الثالث والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) متجهاً إلى قطاع العز والكرامة حيث استطاع اجتياز كافة الحواجز العسكرية ونقاط التفتيش التي أقامها جيش الاحتلال والدخول عبر بوابة حاجز إيرز الذي يربط القطاع بالمناطق المحتلة عام 1948 متخفياً في زي وشكل مستوطن يهودي يقطن إحدى المستوطنات المقامة في القطاع. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على جرأة وشجاعة منقطعة النظير ناهيك عن مقدرة فائقة على التأقلم وسرعة البديهة. وترك عماد في الخليل حاتم المحتسب الذي تولى مسؤولية العمليات خلفاً لشهيدنا وإلى جانبه محمد دخان اللذين أذاقا جنود الاحتلال المر والعلقم بعملياتهما الجريئة والتي كان أبرزها الكمين الشهير الذي نصب لسيارة الجيب في منطقة الحاووز في الثالث عشر من كانون الأول (ديسمبر) مما أدى إلى مقتل جنديين وإصابة ثالث بجروح.



                    لم يكن الوضع في قطاع غزة بأخف وطأة على الشهيد القائد وإخوانه المطاردين، فقد اشتدت الإجراءات الصهيونية وازدادت قساوة في مختلف مدن وقرى ومخيمات القطاع مع التصعيد الجهادي المتميز لكتائب الشهيد عز الدين القسام، والذي تمثل بمجموعة من العمليات النوعية والجريئة أفقدت العدو صوابه. ومنها على سبيل المثال لا الحصر عملية اختطاف وقتل الجندي ألون كرفاتي وتجريده من ملابسه وسلاحه دون أن يتمكن جيش الاحتلال من الظفر بأي من منفذي هذه العمليات. وفي ضوء ازدياد أعداد المجاهدين المطلوبين لسلطات الاحتلال اضطر الجهاز العسكري للحركة تخصيص جزء كبير من مجهوداته إلى هؤلاء المطاردين. ولكن ازدياد الضغط الذي يشكله وجود عشرات المطاردين وصعوبة توفير الملجأ الآمن في أعقاب سياسة تدمير المنازل التي أشرنا إليها، قررت قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام الطلب إلى عدد كبير من هؤلاء المطاردين الاستعداد لمغادرة القطاع وعبور الحدود باتجاه مصر حيث بدأ المجاهدون المطاردون بالخروج على شكل مجموعات صغيرة ابتداء من القائد عماد عقل، وكان زملاؤه الثلاثة الذين تبقوا من مجموعة الشهداء قد سبقوه بالخروج اعتذر بطلنا عن الخروج بإصرار، فقد كان رحمه الله عازماً على الجهاد حتى الشهادة. وبقي وفياً لقسمه، قسم المؤمنين بالجهاد حلاً وحيداً لتحرير كل فلسطين حتى أكرمه الله بالالتحاق بركب قافلة شهداء كتائب عز الدين القسام ، ومما قاله لمسؤوليه الذين عرضوا عليه الخروج تلك العبارة الخالدة "سأبقى في فلسطين حتى أنال الشهادة وأدخل الجنة". فهنيئاً لعماد تلك الشهادة التي نالها بعد عام واحد بالتحديد من مغادرته مدينة خليل الرحمن متوجهاً إلى قطاع غزة.



                    رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                    تعليق


                    • #11

                      قائد غزة العسكري :


                      "هذا جهاد نصر أو استشهاد" هكذا ردد الشهيد الشيخ المجاهد عز الدين القسام الذي عبر عن البعد الإسلامي لقضية فلسطين بعد قدومه إلى فلسطين من سورية في بدايات العشرينيات من هذا القرن. وبهذا الشعار عمل مجاهدنا البطل الذي كان يفتخر بعضويته في كتائب الشهيد عز الدين القسام. فمضى برغم عمق الجراح وشدة الآلام بتفكك مجموعة الشهداء التي كان ضابطها في مدينة غزة واعتقال معظم مجاهدي مجموعة شهداء الأقصى التي دربها وقادها في مدينة الخليل يسطر بدمه ودماء إخوانه الطاهرة وتضحياتهم الجسيمة أبهى وأنصع الصفحات حتى أفقد العدو صوابه. وتحولت دماء الشهداء الزكية الطاهرة في الصبرة والزيتون والبريج والتفاح والخليل والقدس إلى قناديل ترسم معالم الطريق لعشاق الشهادة حين ارتدت رصاصات الغدر الصهيونية إلى نحور وأكباد الصهاينة خلال عشرات الكمائن وإطلاق النار على جنود الاحتلال ودوريات جيشه وحرس حدوده التي نفذها وقادها شهيدنا البطل في المنطقة الشمالية من قطاع غزة والتي تشمل مدينة غزة وأحيائها وبيت لاهيا ومخيمي جباليا والشاطئ. كان من أبرزها عملية الشيخ رضوان التي استهدفت جنود الحراسة في معسكر لجيش الاحتلال بعد يومين من قدومه من الخليل وعملية مفترق الشجاعية في السابع من كانون الأول (ديسمبر) 1992، وعملية مقبرة جباليا في الحادي والعشرين من آذار (مارس) 1993، إلى جانب الكمين الجريء في حي الزيتون في الثاني عشر من أيلول (سبتمبر) 1993 والذي قتل فيه ثلاثة من جنود حرس الحدود وتم الاستيلاء على قطعتي (ام-16) وعتاد ووثائق من السيارة العسكرية فيما بعد.



                      وإذا كانت المعلومات عن حياة الشهيد القائد عماد عقل في قطاع غزة بعد قدومه من مدينة خليل الرحمن محدودة، إلا أن دراسة العمليات العسكرية الجريئة والنوعية التي نفذها الشهيد خلال تلك الفترة تعطي فكرة عن هذا البطل الذي لفت أنظار الأعداء قبل الأصدقاء بنوعية عملياته وشجاعته التي قلما نجد مثيلاً لها. فمن الملاحظ خلال النظر في قائمة العمليات والكمائن التي نفذها، أن الشهيد كان يتميز بالحذر والاستعداد الدائم حيث كان كثير التنقل ولا يستقر في مكان واحد لأكثر من ثلاثة أيام، وفي أثناء ذلك يكون مستعداً للتحرك. يخطط لعملياته جيداً ثم يتوكل على الله بعد أن يرصد العدو وتحركاته على مدار الساعة مما كان يسهل عليه اقتناص أهدافه بسهولة. كما عرف عن الشهيد الذي تولى بجدارة مسؤولية المنطقة الشمالية من القطاع في إطار كتائب عز الدين القسام، سرعة الحركة والقدرة على التأقلم، فأحبه الناس ودعوا له مما كان له الأثر البالغ في إنقاذه من كمائن كثيرة نصبتها له الوحدات الخاصة والمستعمرية لإلقاء القبض عليه.




                      رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                      تعليق


                      • #12

                        المطارد ذو الأرواح السبعة :


                        كان اليهود يسألون عنه في كل مكان، وكان رحمه الله حديث الناس في مجالسهم يتحدثون عن جرأته وإقدامه ويتداولون أخبار عملياته ويدعون الله أن يحفظه ويحميه، وقلما تجد أحداً في القطاع لم يسمع بعماد عقل الذي حظي بدعم وغطاء السكان الذين تعاطفوا معه وأحبوه. ومع ذلك كان شكله مجهولاً لليهود وهم دائماً كانوا يسألون عن أوصافه حيث كان يمر من بينهم وعن حواجزهم دون أن يظفروا به. فلم يكن يسمح رحمه الله على الإطلاق بأن تلتقط له صور، وعلى عكس مطلوبين عديدين، حرص عماد على عدم الظهور علناً ولم يخرج عن خطه هذا طول العامين الماضيين.



                        عرف الشهيد القائد برشاقته وخفة حركته وسرعة بديهته وخبرته العسكرية التي أذهلت القادة العسكريين الإسرائيليين وجعلتهم يعتبرونه أخطر مطاردي الضفة الغربية وقطاع غزة ويطلقون عليه (المطارد ذو الأرواح السبعة) وذلك لتمكنه من الإفلات من قبضة جيش الاحتلال ووحدات المستعمرين أكثر من سبع مرات على الرغم من وجود عشرات الحواجز العسكرية في الطرقات ووجود صورة الشهيد لدى الجنود والضباط الإسرائيليين. كما درج الشهيد القائد على خداع القوات الإسرائيلية وضباط الاستخبارات الذين يلاحقونه ويتابعون تحركاته بالتنقل داخل قطاع غزة وبين القطاع وجبال الخليل متنكراً في صور مختلفة حتى إنه كان أحياناً يلبس لباساً أشبه ما يكون باليهودي أو المستوطن المتدين بطاقيته المميزة بسروجها ويستخدم سيارات تحمل لوحات تسجيل إسرائيلية صفراء للمرور بين الحواجز العسكرية دونما تفتيش ولا مساءلة.



                        وبفشل سلطات الاحتلال وأجهزة مخابراتها في محاولاتها اعتقال الشهيد أو تصفيته، لجأت إلى أسلوب الضغط النفسي وإشاعة جو الإرهاب ضد عائلة الشهيد فاعتقلت شقيقه عادل تسع مرات بسبب العمليات التي كان ينفذها البطل عماد عقل. وفي المرة التاسعة تم إبعاده إلى جنوب لبنان ضمن نشطاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) 1992. ولكن الشهيد القائد لم يرضخ ولم يلن، بل ازداد إصراراً وثباتاً معلناً بصوت عال "لن أعود إلى السجن أبداً…. لن أختار السجن أبداً". وهنا نتوقف عن ما ذهب إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي (إسحق رابين) في محاولة للتخلص ولو بشكل مؤقت من الشهيد البطل الذي تجاوز بجهاده كل القادة وزعماء الثورات الذين خُلدت أسماؤهم. فقد طلب رابين أثناء زيارته لقطاع غزة وتجوله في مخيم جباليا من شقيق الشهيد نقل اقتراح لعماد بالاتفاق على وقف ملاحقة القوات الإسرائيلية له إذا وافق على الخروج من الأراضي المحتلة مؤقتاً لمدة ثلاث سنوات على أن يتولى الصليب الأحمر الإشراف على تنفيذ هذا الإتفاق، ولكن هيهات لمن تربى على مائدة القرآن وفي مدرسة محمد ^ أن يخضع لابتزاز المحتلين ولهذا رفض الشهيد القائد الذي يحب الجهاد إلى درجة العشق ويتمنى الموت شهيداً فوق ثرى الوطن الغالي هذا الاقتراح بشكل قاطع. وإذا كان جنودا لاحتلال وضباط مخابراته قد تفاجؤوا بالشجاعة التي تحلى بها الشهيد الذي كان يبادر إلى الاقتراب من دوريات الجيش وحرس الحدود ويطلق النار على الجنود داخلها من مسافة قصيرة، فإنهم قد تفاجؤوا أيضاً بمقدرته الفائقة على التأقلم وسرعة الحركة والإفلات من الطوق العسكري الذي تضربه قوات الجيش والوحدات الخاصة حول الأماكن التي كان يختبئ بها. ففي إحدى المحاولات العسكرية الفاشلة التي نظمها جيش الاحتلال لاعتقال القائد المطارد عماد عقل، حاصرت قوات ضخمة من جيش الاحتلال ضمت المئات من الجنود وعدداً كبيراً من المظليين المزودين بسلالم ومعدات متطورة إلى جانب الستر الواقية والأسلحة الرشاشة الحديثة حي الرمال في مدينة غزة يوم الخميس الموافق 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 1993، وباشرت هذه القوات حملة تمشيط واسعة ثم أطلقت عدة صواريخ مضادة للدبابات باتجاه منزل مواطن فلسطيني كان يعتقد أن القائد البطل يحتمي داخله. وعلى الرغم من مشاركة طائرتين مروحيتين في هذه الحملة، إلا أن البطل تمكن بعناية الله وحفظه من خداع القوات الإسرائيلية والنجاة من الطوق العسكري المحكم منسحباً من المنطقة ليترك سلطات الاحتلال وجيشها تجر أذيال الخيبة والإخفاق. وقد حاولت قوات العدو التغطية على فشلها في هذه الحملة باتهام سكان الحي بالتواطؤ مع عماد وتقديم تسهيلات له للخروج من الطوق العسكري. وكان قائد وحدة "الناحل" التي تعمل في إطار جيش الاحتلال الصهيوني قد نقل أحد جنوده إلى الجبهة الخلفية وأمر بعرضه على الطبيب النفسي إثر معاناته من كوابيس ليلية لازمته بعد إخفاقه في إصابة الشهيد القائد في السابع والعشرين من آذار (مارس) 1993 حين اصطدمت وحدته العسكرية التي كانت تقوم بأعمال الدورية الروتينية فجأة بعماد ومجموعة كتائب الشهيد عز الدين القسام في قلب مخيم الشاطئ. وتقول صحيفة معاريف العبرية التي نقلت الخبر بأن هذا الجندي "بادر إلى فتح النار على المطلوب عماد عقل بعد أن تيقن أنه كان مسلحاً إلا أنه أخطأ المطلوب، الأمر الذي أسفر عن فراره هو ورفاقه دون إصابة أحد منهم". إنها عناية الله التي لازمت الشهيد وحرسته عن أعين مخابرات الاحتلال وعملائها وليست "لأسباب غير واضحة" كما ادعت الصحيفة العبرية في معرض تقريرها عن نقل الجندي الإسرائيلي إلى الطب النفسي في أعقاب إخفاقه في إصابة الشهيد القائد.



                        المعلق الإسرائيلي المعروف "عمانويل روزن" كتب تقريراً في صحيفة معاريف حول المطارد ذي الأرواح السبعة جاء فيه "تبني هذا الشخص وهو مطلوب رقم واحد في المناطق أساليب عمل ذكية جعلت مهمة اقتفاء آثاره من قبل قوات الأمن الإسرائيلية مهمة شاقة. ويرى فيه الفلسطينيون بطلاً وطنياً، وأطلقوا عليه لقب (الشبح) وذلك تعبيراً عن قدرته الفائقة في الفرار والانتقال من كان لآخر بسرعة كبيرة…. وقد عرف عقل بصلابته وقسوته الكبيرة وقدرته التنظيمية العالية… لقد تنقل ما بين قطاع غزة ومنطقة الخليل وحظي بدعم وغطاء السكان الذين تعاطفوا مع نهجه". وأضاف روزن "أن مطاردة عماد عقل كانت من العمليات الصعبة والمعقدة والمحبطة في تاريخ عمليات المطاردة التي قامت بها أجهزة الأمن الإسرائيلية".


                        رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                        تعليق


                        • #13

                          عماد قائداً وإنساناً :


                          كان شاباً في مقتبل العمر وربيع الحياة، من أولئك الأبطال الميامين الذين أكرمهم الله ووهبهم قلوباً تنبض بحب الخالق تبارك وتعالى ورسوله الكريم ^ وفلسطين. فسلخ نفسه من بين أقرانه ونفر إلى ميادين القتال مع إخوانه في كتائب الشهيد عز الدين القسام الذين أحبوه وأحبهم، يجابهون العدو ويحاربون بقلوب عامرة بالشجاعة والبطولة والإيمان. وبعد أن انهمرت عليه الصواريخ والرصاص من الغادرين ترجل عن فرسه شهيداً بعد حياة حافلة بالعمليات البطولية، لابد من استكمال التاريخ الجهادي للشهيد القائد بتقديم بعض مناقبه وصفاته التي تحلى بها حتى تتمكن الأجيال القادمة من الإحاطة بكافة جوانب حياة (أسطورة غزة) :



                          أبيض البشرة، حليق اللحية، قصير القامة، بنيته رياضية رغم جسمه البسيط، يتوقد حيوية ونشاطاً، غيور على العمل الجهادي ومحب له إلى درجة العشق.



                          أعزب رفض الزواج رغم إلحاح والديه.

                          كان لا يصافح النساء ولا يشاهد التلفاز مطلقاً.

                          كان يحب ترديد نشيد (قسماً بالله الجبار لتعودي يا دار) و (لا ترمي سلاحك لا ترميه يا شعب بدهم نركعي) وهو نشيده المفضل إلى جانب امتلاكه لشريط (القدس في العيون).



                          حوت مكتبته المنزلية على كتاب برتوكولات حكماء صهيون درسه بعناية وأدرك الأطماع الصهيونية التي تمتد إلى خارج حدود فلسطين أيضاً.



                          امتاز بأخلاقه العالية وتفوقه الدراسي ونشاطه، فأحبه الناس سواء في قطاع غزة أو في الضفة الغربية ودعوا الله أن يحفظه، كما أنه لم يعرف معنى الكره لأحد أبداً. ولذلك كان الكل يريده أن يسكن وينام عندهم.



                          امتاز بسرعة الحركة وسرعة البديهة والقدرة على التأقلم في كثير من المناطق ولذلك لم يكن ليستقر في مكان واحد لأكثر من ثلاثة أيام.



                          كان يخطط لعملياته جيداً ثم يتوكل على الله، وتشعر من خلال حديثه بأن التوكل على الله كان له الأثر البالغ في إنقاذه من مواقف كثيرة، وفي نجاح الكثير من عملياته ضد اليهود.



                          يتحدث عن الجهاد بحرارة ويود لو يمتلك كافة الوسائل القتالية التي تمكنه من إشعال الأرض ناراً تحت أقدام اليهود.

                          شعاره الخالد: "قتل الجنود الإسرائيليين عبادة نتقرب بها إلى الله تعالى".



                          رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                          تعليق


                          • #14

                            مدرسة القسام العسكرية
                            عمليات الشهيد البطل عماد عقل






                            1- عملية قائد الشرطة:

                            شكلت هذه العملية بداية مرحلة جديدة من عمليات مجموعة الشهداء في كتائب عز الدين القسام التي كان الشهيد القائد عماد عقل ضابط اتصالها. فقد كانت أول عملية يتم التخطيط لها بشكل جيد، وتكون موجهة ضد الآلة العسكرية الصهيونية، إذ اقتصر عمل المجموعة بعد المطاردة على العمليات التطهيرية للعملاء ومروجي الفساد والمخدرات، كما أنها شكلت أول حلقة من حلقات التعاون بين مجموعة الشهداء ورديفتها في مخيم الشاطئ والتي لم تكن مطاردة في ذلك الوقت. فقد أفادت المجموعة المجاهدة في مخيم الشاطئ والتي تولت عملية رصد الهدف بأن سيارة فورد بيضاء مثبتاً عليها إشارة ضباط الشرطة اعتادت على المرور بشكل يومي ثابت في تمام الساعة السابعة وخمس دقائق صباحاً على طريق الشيخ عجلين باتجاه مقر الإدارة المدنية حيث قيادة شرطة القطاع تتبعها سيارة حراسة تقل عدداً من ضباط وأفراد جهاز مخابرات الأمن العام (الشاباك). وبتوالي التقارير التي أرسلتها المجموعة التي كلفت فيما بعد بمتابعة عملية رصد هذا الهدف الثمين والتي استمرت حوالي الشهر، قررت قيادة كتائب الشهيد عز الدين القسام وضع خطة محكمة لنصب كمين لهاتين السيارتين تشترك فيه مجموعة الشهداء ومجموعة الشاطئ على الرغم من الظروف الصعبة التي كانت تمر بها المجموعتان، ولكن الإصرار على مواصلة طريق الجهاد ولهفة مقاتلة أعداء الله كانا أقوى من الصعاب والمثبطات عن الجهاد وقتال اليهود، فاستعدت المجموعتان لتنفيذ هذا الهجوم وتدافع أفرادها كل يريد أن يحظى بشرف هذه المهمة.



                            وضعت خطة الكمين على أساس مشاركة أربعة مجاهدين إلى جانب السائق، فتم اختيار اثنين من مجموعة الشهداء هما عماد عقل ومحمد أبو العطايا وثلاثة من مجموعة الشاطئ هم: أحمد انصيو الذي أشرف على عملية الرصد وخالد المغير إلى جانب السائق الماهر عبد الفتاح جابر، واكتفوا باستخدام بندقيتي كارل غوستاف وقنبلة يدوية يتم إلقاؤها لتغطية انسحاب المجاهدين بعد تنفيذ العملية. وعلى الرغم من هذا التسليح المتواضع لتنفيذ مهمة كبيرة من هذا النوع، إلا أن الإبداع القسامي الجريء في تحقيق عنصر المباغتة وإفقاد قوات الاحتلال القدرة على الرد تجلي عندما خطط المجاهدون لمهاجمة الهدف عن قرب وهم واقفون على الأرض -أي ثابتون – بينما كان الهدف متحركاً. وبعد أن تم الأخذ بالأسباب من جميع الجوانب ودراسة تفاصيل الخطة الموضوعة دراسة جيدة، انطلقت المجموعة المجاهدة نحو الهدف المرصود حيث تم إيقاف السيارة في شارع فرعي يطل على طريق الشيخ عجلين المؤدي إلى شارع صلاح الدين الذي يشكل خط سير سيارة قائد شرطة قطاع غزة وسيارة الحراسة التابعة للشاباك، واستعد الشباب بانتظار مرور الهدف، حيث تهيأ خالد المغير وعماد عقل لإطلاق النار من بنادق كارل غوستاف فيما تولى أحمد انصيو ومحمد أبو العطايا مهمة المراقبة وتغطية الانسحاب.



                            وفي تمام الساعة السابعة وخمس دقائق من صباح يوم الرابع من أيار (مايو) 1992، وكما أكد الرصد العسكري الذي سبق التنفيذ، مرت سيارة قائد الشرطة الجنرال يوسيف افني تتبعها سيارة الشاباك. وهنا حدث ما لم يكن ضمن الخطة حيث لم يبادر البطلان بإطلاق النار فور استقبالهما للسيارتين وإنما بعد أن مرت السيارة الأولى، ولهذا نجا الجنرال يوسيف افني من الموت المحقق بينما تمكن المجاهدان من تحطيم زجاج السيارة الثانية بصليات من أسلحتهما الرشاشة موقعين إصابات محققة في ركابها بعد أن أصيبت بأربع وعشرين رصاصة، ودون أن يتمكن العدو من الرد على مصدر النيران حيث استمرت السيارتان في طريقهما فيما غادرت المجموعة المكان باتجاه شارع صلاح الدين في حي الزيتون.



                            لم تعترف سلطات الاحتلال بالعملية ولا بنتائجها رغم إغلاق قوات الجيش وحرس الحدود للمنطقة فيما بعد ومداهمة حي الزيتون الذي اختفى فيه أبطال المجموعة حيث تم اعتقال عشرات الشبان للتحقيق معهم. والغريب أن الصحف الإسرائيلية التي كشفت النقاب عن تعرض قائد الشرطة لإطلاق النار، لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلى سيارة الشاباك التي كانت ترافقه وما حل بركابها. فقد اكتفت صحيفة معاريف في عددها الصادر يوم 11 أيار (مايو) بنقل تصريح للجنرال افني الذي قالت إنه لم يصب بأذى. فقال افني "سافرت إلى غزة وعندما وصلنا إلى مفترق الشيخ عجلين سمعت صلية طويلة من الرصاص وصرخ السائق: إنهم يطلقون النار علينا فنظرت من النافذة ورأيت شاباً مكشوف الوجه يطلق النار وركب بعد ذلك سيارة وفر من المكان ولم نتمكن من إطلاق النار عليه أو مطاردته"، وأشارت الصحيفة نقلاً عن قائد الشرطة بأنه تم العثور على (24) رصاصة فارغة خلال عملية التمشيط التي قامت بها قوات الجيش والشرطة في وقت لاحق. ومهما يكن من أمر الإصابات التي لحقت بسيارة المخابرات الإسرائيلية المرافقة والنتائج التي أسفرت عنها العملية من جهة خسائر العدو البشرية، فإن مجرد التخطيط وتنفيذ هذا الكمين وبهذا المستوى من الجرأة والشجاعة بعد الرصد الدقيق، على الرغم من تواضع الإمكانيات في ذلك الوقت، يدل دلالة واضحة على أننا أمام نوع فريد من الرجال الذين لا يقبلون الهزيمة والأمر الواقع ويتخذون مما يواجهونه من صعوبات ومعاناة دافعاً ومحركاً قوياً نحو مواصلة الجهاد بتخطيط وتسليح وتنفيذ أكثر تطوراً وتقدماً.



                            2- عملية الرينو العسكرية:


                            لم تكن الإصابات التي اعترف بها الناطق العسكري الإسرائيلي هي ما أثار قلق أجهزة الأمن والمخابرات الصهيونية إذ بات سقوط هذا العدد من الجنود مألوفاً لدى هذه الأجهزة ولدى جنود الاحتلال منذ أن فجر شعبنا المجاهد انتفاضته المباركة، إلا أن عنصرين هامين تضمنتهما هذه العملية أثارا القلق لدى سلطات الحكم العسكري. العنصر الأول: مستوى الجرأة في التنفيذ التي بات المطاردون يتمتعون بها مما منح الانتفاضة روحاً جديدة، أسهمت في تأجيج حماس الشبان الذين يلقون الحجارة ويشاركون في النشاطات والفعاليات. فقد كانت هذه العملية هي الأولى من نوعها التي يتم خلالها مهاجمة سيارة عسكرية متحركة من سيارة أخرى متحركة أيضاً، وهذا ما فاجأ الجنود داخل سيارة الرينو العسكرية إذ أنهم لم يكونوا مهيئين لمثل هذه الحالات. وأما العنصر الثاني في هذه العملية فهو: الجهة التي أعلنت مسؤوليتها عنها، إذ اتصل رجل مجهول ذكر أنه يمثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تليفونياً بمكتب وكالة أنباء دولية في القدس وأعلن مسؤولية حماس عن الهجوم. ومغزى هذه الأهمية تنبع من أن كتائب الشهيد عز الدين القسام –جناح حماس العسكري اقتصر نشاطها حتى أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي على قطاع غزة الذي يعتبر المعقل الرئيس للحركة. فجاءت هذه العملية لتعزز الاعتقاد لدى سلطات الاحتلال بأن كتائب عز الدين القسام نجحت رغم الضربة القاسية التي تلقتها مبكراً باعتقال الأبطال الغزيين الثلاثة من مجموعة الشهداء (محمد أبو العطايا ومحمد حرز ومحمد أبو عايش) في إقامة خلايا مسلحة في مدن الضفة الغربية. كانت هذه أول عملية يخطط لها الشهيد القائد عماد عقل وينفذها بمعاونة إخوانه في مجموعة الشهداء أو من تبقى منها بعد استشهاد غسان أبو ندى واعتقال مجدي وأبو العطايا وحرز وأبو عايش. فقد خططت مجموعة شهداء الأقصى بعد أن تلقى أفرادها التدريب على الأسلحة الأوتوماتيكية التي تزودوا بها لتنفيذ عمليات عسكرية ضد سيارات ودوريات الاحتلال منذ بداية تشرين الأول 1992. وبعد أن قام فريق الرصد في المجموعة باختيار موقع الهجوم الأول والذي كان قريباً من المعهد الإسلامي حيث تمر السيارات العسكرية الإسرائيلية في طريقها نحو الشارع الرئيسي في مدينة الخليل، تحرك المجاهدون عماد عقل وموسى عمرو وسفيان جمجموم بسائقهم الماهر إلى الموقع المحدد في سيارة بيجو (504) وأخذوا مواقعهم استعداداً لإطلاق النار عند مرور الهدف كما كان مخططاً، ولكن العملية ألغيت في آخر لحظة وغادر المجاهدون مواقعهم عائدين في سيارتهم بعد أن اكتشف المجاهد الذي كان يتولى قيادة السيارة التي أعدت لنقلهم وانسحابهم بعد تنفيذ العملية أن عدداً من المواطنين العرب شاهده ورأى السيارة، فكان هذا كفيلاً بإلغاء العملية للضرورة الأمنية. إذ إن قوات الاحتلال التي تصل عادة إلى مكان العملية تقوم أولاً بمحاولة حصر التهمة في أقل عدد ممكن مع إمكانية تحديد الأشخاص المنفذين هل هم من المطلوبين أم شخصيات محلية جديدة، فيتم تجميع الخراطيش الفارغة وذلك لتحديد نوع السلاح المستخدم، وهل استخدم من قبل في عمليات أخرى أم لا. كما يقوم هؤلاء الجنود بجمع تقارير وافية من المواطنين والعمال العرب الذين يتصادف وجودهم بالقرب من المكان بحيث يتجمع لدى المخابرات الإسرائيلية صورة شبه حقيقية وكاملة عن العملية مما يسهل على ضباط الشاباك تحديد بعض الجوانب المهمة التي قد تقوي الأمل لديهم في الوصول إلى شخصيات المنفذين. ولذلك جاء قرار الشهيد القائد عماد عقل بإلغاء العملية والعودة إلى القاعدة السرية صائباً، إذ أن مجموعة شهداء الأقصى لم تكن مكتشفة عند أجهزة الأمن الصهيونية وأفرادها سرّيُون إلى جانب أن العدو الصهيوني لا يملك أي معلومات حول وجود مطلوبين من قطاع غزة وبالأخص عماد عقل في مدينة الخليل.



                            عادت فرق الرصد العسكري وعيون القسام الساحرة لتنقل للمجموعة المجاهدة تفاصيل عثورها على هدف عسكري جديد تم رصده يسير منفرداً على طريق الظاهرية بالاتجاه المعاكس نحو منطقة الحاووز في الضاحية الجنوبية لمدينة خليل الرحمن. وتمثل هذا الصيد، بسيارة من نوع (رينو-5) عسكرية تقل مجموعة من الضباط والجنود تمر بشكل ثابت يومياً على هذا الطريق بنفس الوقت وعلى نفس الاتجاه. وبعد أن أعدت مجموعة شهداء الأقصى خطتها وجهزت بندقيتين من نوع كلاشنكوف لاستخدامهما في إطلاق النار على السيارة، انطلق المجاهدون بسيارتهم القسامية نحو هدفهم في حوالي الساعة السابعة والنصف من مساء يوم الأربعاء الموافق 21 تشرين الأول (أكتوبر) 1992 حيث لحقوا به وبدأوا بالاقتراب منه ثم أطلقوا النار على السيارة بكثافة دون أن يعطوا ركابها (ضابطة وثلاثة جنود) أي فرصة لمحاولة تدارك الوضع والرد على مصدر النيران، فانقلبت السيارة العسكرية وتحطمت على جانب الطريق فيما انسحبت المجموعة بسلام إلى قاعدتها رغم محاولات قوات العدو التي استخدمت مئات الجنود تساندهم الطائرات المروحية في حملات التمشيط وتفتيش المنازل إيجاد أي أثر يقود إلى المجاهدين الذين نفذوا العملية الجريئة. وقد شهدت المدينة التي فرض عليها حظر التجول الذي شمل أيضاً بلدة دوراً المجاورة، وجوداً عسكرياً مكثفاً حيث أقيمت الحواجز العسكرية على جميع مداخل المدينة وأخضع المارة لعمليات التفتيش الدقيقة، إلا أن هذا أيضاً لم يسفر إلا عن فشل جديد لقوات الجيش وأجهزة المخابرات الإسرائيلية في مواجهة عبقرية أبطال القسام وجرأة مجموعة شهداء الأقصى وعلى رأسها الشهيد القائد عماد عقل. وحول الإصابات التي سجلها الأبطال في هذه العملية، فقد زعمت سلطات الاحتلال بأن العملية لم تسفر إلا عن إصابة الضابطة والجنود الثلاثة بجروح، نقلوا على أثرها إلى مستشفى الأميرة عالية في الخليل حيث أجرى لهم الإسعاف ثم نقلوا بعدها بطائرة مروحية إلى مستشفى هداسا – عين كارم في القدس لتلقي العلاج حيث وصفت إصابة أحد الجنود بأنها خطيرة للغاية حيث اخترق الرصاص رئتيه وفقد كمية كبيرة من الدم.
                            التعديل الأخير تم بواسطة زلزال السرايا; الساعة 25-11-2008, 01:41 AM.
                            رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                            تعليق


                            • #15
                              3-عملية الحرم الإبراهيمي:


                              قرر المجاهد القسامي البطل عماد عقل أن يزرع في ذهن سلطات الاحتلال وآلتها العسكرية والأمنية أنها أمام ذهنية أمنية جهادية فريدة تداهمها من حيث لا تحتسب، وهذا ما ركز عليه المراسل العسكري اليهودي (عمانويل روزين) في مقال نشرته صحيفة معاريف العبرية تعقيباً على هذه العملية حيث قال: "إن العملية تدل على مستوى تنفيذ عال وجرأة وتطور لدى رجال المنظمات". واختتم مقاله بما يشبه التبرير "في حرب العصابات يظل التفوق للمقاتل الانتحاري تقريباً الذي يحتفظ بحق أولوية الضغط على الزناد"، معترفاً بأن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من كبح جماح "المتشددين" الذين يقودون التصعيد. وأما الرائد يائير نهواري نائب القائد العسكري السابق للقوات الإسرائيلية في منطقة مغارة الأنبياء القريبة من الحرم الإبراهيمي الشريف فقد اعترف في مقال نشرته صحيفة يديعوت احرنوت في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) بأن "الأمر يتطلب أكثر من الوقاحة والجرأة والشجاعة حتى يمكن مهاجمة معسكر للجيش على مرأى الجميع، وفي وضح النهار، وفي نفس الوقت التخطيط لإيجاد منفذ للهرب، وعلى الأقل، وحسب الاعتقاد النظري فإن من يخطط لمهاجمة قاعدة للجيش الإسرائيلي في مثل هذه الظروف أمام حراس مسلحين فإنه سيكون انتحارياً وفق الاحتمالات المرجحة، وتشهد النتائج أن رجال المنظمات خططوا سلفاً للبقاء أحياء، وإذا كان الأمر كذلك، فإن الضباط يوضحون أن ذلك يتطلب أمراً آخر وهو الاستخفاف".



                              تتضمن المنطقة العسكرية لمغارة الأنبياء (المكفلاة) القريبة من الحرم الإبراهيمي عدداً من الأبنية المقامة على الشارع الرئيسي القريب من البوابة الرئيسية للمغارة. وتتبع الوحدة العسكرية النظامية التي ترابط في هذه المنطقة الكولونيل يوسي قائد القوات الإسرائيلية في مدينة الخليل، وهي مزودة عادة بتجهيزات كاملة وسيارات نقل وجيب عسكرية كافية لصد أي هجوم تتعرض له الوحدة، وكما أشار الضباط الإسرائيليون في تلك المنطقة فإن جنود الاحتلال هناك لم يتعرضوا لأي حادث أو عمل مسلح منذ أن اتخذت السلطات الإسرائيلية من المغارة معسكراً لإحدى وحداتها المقاتلة. وهذا يعني أن الوحدة العسكرية المرابطة في المغارة تكون عادة في حالة استرخاء، وباستثناء نوبات الحراسة التي تتولى أمر النقاط العسكرية ومداخل المغارة فإن جنود الاحتلال يكتفون بالتجمع داخل الأبنية العائدة للمعسكر. إذن ليس غريباً أن يختار الشهيد القائد رحمه الله ومجموعته هذا المعسكر بالتحديد مكاناً لتنفيذ عمليتهم الثانية، خاصة بعد أن أفاد الراصد العسكري لمجموعة شهداء الأقصى بأن أنسب نقطة حراسة يمكن مهاجمتها والانسحاب بسلام هي الموقع الأعلى في منطقة مغارة الأنبياء المعروف باسم موقع (الجنراتور) نظراً لقربها من مولد الكهرباء الذي يغذي المعسكر. إذ يتم تبديل الحراسة في هذه المنطقة في تمام الساعة الواحدة ظهراً، وهذا وقت مناسب للهجوم نظراً لكون الجنود الذين يحين دورهم في الحراسة لم يأخذوا بعد استعدادهم اللازم والوضع القتالي المناسب.



                              وحسب السيناريو والخطة المعدة، اتخذ القرار بأن يكون الهجوم من نقطة ثابتة بعد أن ينقل المجاهد جميل النتشة أخويه عماد عقل وهارون ناصر الدين بسيارة من نوع (بيجو 504) إلى الموقع وتستمر السيارة بضع عشرات من الأمتار في الشارع الذي يتفرع عند الموقع وتستمر السيارة بضع عشرات من الأمتار في الشارع الذي يتفرع عند المرتفع حيث نقطة الحراسة المبتغاة. وهناك أوقف جميل السيارة وترجل المجاهدان عماد وهارون حتى وصلا إلى نقطة تبعد ثلاثين متراً عن الجنديين اللذين وصلا إلى نقطة الحراسة في تمام الساعة الواحدة من بعد ظهر يوم الأحد الموافق الخامس والعشرين من تشرين الأول (أكتوبر) 1992. وأطلق المجاهدان عدة صليات من بندقيتهما بعد ثلاث دقائق من وصول الرقيب الأول شموئيل غيرش (32 عاماً) والرقيب رونين كوهن (25 عاماً) إلى نقطة الحراسة فأصيب غيرش بثلاث رصاصات في الصدر ومات على الفور في حين أصيب كوهن بعدة رصاصات في الكتف والفخذ والذراع نقل على أثرها بالطائرة المروحية إلى مستشفى هداسا في القدس حيث وصفت حالته بأنها خطيرة. وقد عادت المجموعة إلى قاعدتها السرية بسلام حسب الخطة الموضوعة لخط الانسحاب على الرغم من تدافع عشرات الجنود من داخل المعسكر باتجاه سيارة المجاهدين في محاولة فاشلة لمطاردتها. ولم تنفع إجراءات جيش الاحتلال من فرض حظر التجول على المدينة وشن حملة تمشيط وبحث واسعة في الشوارع وداخل المنازل في الوصول إلى أي دليل يؤدي لأي من أبطال المجموعة المنفذة التي تركت في مكان العملية قطعة من الكرتون كتب عليها "نفذت العملية كتائب الشهيد عز الدين القسام"، وهكذا نجح عماد عقل ومجموعته في هذا الهجوم الصاعق الذي عدته سلطات الاحتلال من أعنف وأشجع الهجمات التي تعرضت لها معسكرات الجيش الصهيوني داخل الوطن المحتل، وظهر الإبداع القسامي مرة أخرى بتحقيق عنصر المفاجأة أو الصدمة من جهة والهجوم من مكان ثابت ضد هدف ثابت وهو ما لم يعهده العدو عن كتائب الشهيد عز الدين القسام من قبل، بالإضافة إلى نجاح المجموعة بالخروج من المكان دون أن تجد أي مقاومة أو تترك خلفها ما يوصل العدو للمجموعة. وكان من آثار هذه العملية الجريئة أن أصدر القادة العسكريون الإسرائيليون أوامر مشددة للمستوطنين اليهود الذين يسكنون في المستوطنات القريبة من مدينة الخليل وداخلها بوجوب التزام الحذر وعدم الخروج من منازلهم إلا للضرورة القصوى وحمل السلاح أثناء تجوالهم. وفسر القادة الصهاينة مطالبهم هذه بأنها ترجع إلى وجود "خلية انتحارية من رجال المنظمات تتجول في المنطقة وهناك خوف من أن تقع عمليات مسلحة أخرى ضد المستوطنين". وإذا كانت العملية قد نجحت تخطيطاً وتنفيذاً ولم تترك ما يدل على شخصية المنفذين إلا أن سلطات الاحتلال بدأت تسرب بعد فشلها في تعقب من تبقى من مجموعة الشهداء التي قدمت من قطاع غزة بأن هذه العملية الجريئة تحمل بصمات كتائب عز الدين القسام في قطاع غزة حيث أدلى مصدر عسكري في تعقيبه على الهجوم بتصريح جاء فيه: (يبدو أن المهاجمين كانوا من الخبراء. وربما عملوا في أماكن أخرى من المناطق). وعلى الرغم من عدم استناد هذا المصدر العسكري إلى دليل مادي يدعم أقواله، إلا أن حملة الاعتقالات التي أعقبت العملية قادتا إلى أحد أفراد المجموعة على ما يبدو، وفشل هذا المجاهد بالتالي في مغادرة الخليل حفاظاً على المجموعة من المطاردة ضيق الخناق على حركة الشهيد القائد رحمه الله، فغادر عماد عقل مدينة خليل الرحمن عائداً إلى قطاع غزة في الثالث والعشريين من تشرين الثاني (نوفمبر) من نفس العام لتبدأ صفحة جديد من ملاحم العز القسامي.
                              رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                              تعليق

                              يعمل...
                              X