إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في ذكراه :: عـمـاد عـقـل أســطـــورة الـجـهـاد والـمـقـاومـة ::

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    4-عملية الشيخ رضوان:


    لم يكد يمضي يومان على انتقال الشهيد القائد رحمه الله من مدينة خليل الرحمن إلى قطاع غزة حتى ظهرت آثار هذا الانتقال بعملية نوعية جديدة أظهر فيها عماد عقل شجاعته المعهودة بشكل أذهل جيش الاحتلال الذي كان ما يزال يبحث عن القائد في الضفة الغربية في أعقاب عمليتيه الجريئتين في قلب مدينة الخليل واللتين نفذتا بفارق أربعة أيام بينهما.



    وجاءت العملية الجديدة لشهيدنا البطل كصورة طبق الأصل لعملية الحرم الإبراهيمي، حيث رصدت المجموعة جنديين يحرسان المدخل الشرقي لأحد معسكرات الجيش الصهيوني الضخمة التي تقع بجانب محطة بنزين غربي منطقة الشيخ رضوان، واتخذت كافة الاحتياطات الأمنية الضرورية من اختيار الأسلوب الأمثل للهجوم والتوقيت المناسب وطريقة الانسحاب دون أن تتمكن قوات الاحتلال من اعتراض المجموعة أو تعقبها.



    انطلقت سيارة البيجو (504) القسامية تقل البطلين عماد عقل وسالم أبو معروف يحملان بندقيتي (ام-16) وكلاشنكوف نحو الموقع الذي تم رصده. ودخلت السيارة من مدخل محطة البنزين الذي منعت الشرطة العسكرية الصهيونية السيارات العربية من الاقتراب منه نظراً لقربه من الأسلاك الشائكة التي تحيط بمعسكر الجيش وموقع الحراسة التابع له. وبعد أن قام البطلان بتفريق المواطنين العرب الذين تصادف وجودهم في المحطة وبالقرب منها وإرشادهم بالابتعاد عن المكان، أظهر عماد وسالم شجاعة منقطة النظير وجرأة فائقة حين تقدما نحو موقع الحراسة حتى أضحيا على بعد عشرين متراً فقط من الجندي الذي تصادف أنه كان يقف منفرداً في الموقع في الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم الأربعاء الموافق 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 1992. وبتوقيت واحد تقريباً انطلقت نحو ثلاثين رصاصة قسامية من سلاحي البطلين باتجاه الجندي الصهيوني الذي خر صريعاً دون حراك. وعاد الشهيد القائد رحمه الله ورفيقه إلى مركبتهما التي أقلتهما نحو قاعدتهما بسلام وهما يهتفان مخرجين يديهما من النافذة (القسام .. القسام.. القسام) دون أن تستطيع قوات الاحتلال التي اندفعت من داخل المعسكر من تقصي آثارهما.



    5-عملية مفترق الشجاعية:

    بدأت كتائب الشهيد عز الدين القسام استعداداتها اللازمة للتحضير لسلسلة من العمليات البطولية التي تتناسب مع جملة من الذكريات العظيمة التي تمر في شهر كانون الأول (ديسمبر) من كل عام. ففي الثامن من هذا الشهر لعام 1992 تحتفل جماهير شعبنا بعيد الانتفاضة الخامس، وهذه مناسبة شهرية وسنوية يعم فيها الإضراب الشامل جميع أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة . وفي الرابع عشر من هذا الشهر أيضاً تحل الذكرى الحبيبة لكل نفس مسلمة والتي عانقت الانتفاضة المباركة منذ قدومها، ألا وهي ذكرى انطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي اعتادت أن تجعل من يوم انطلاقتها السنوية انطلاقة جديدة لمرحلة جديدة من مراحل الجهاد ضد هذا العدو المتغطرس.



    من هنا كان تفكير كتائب القسام وعلى رأسها الشهيدان القائدان: جميل الوداي وعماد عقل منصباً على القيام بحملة من العمليات النوعية تجدد العهد بمواصلة مسيرة الجهاد والوفاء لدماء الشهداء الذين رووا بدمائهم الزكية أرض الوطن. فبدأ المجاهدون الإعداد لهذه الذكرى العزيزة بمرحلة جديدة من مراحل التصعيد الجهادي المتنامي سميت (مرحلة الكر والفر) تناسب الاستراتيجية التي اعتمدتها حركة المقاومة الإسلامية بتأثيراتها السياسية والعسكرية والنفسية والاقتصادية المتقدمة عن المرحلة السابقة التي عرفت باسم (حرب السكاكين). ولهذا أخذت مجموعات الاستطلاع والرصد العسكري يستطيع المجاهدون ضربه وإجبار سلطات الاحتلال على الاعتراف بخسائر جيشها البشرية والمادية بعد أن أحاطت هذه السلطات خبر الهجوم الذي شنته مجموعة الشهيدين عماد عقل وجميل الوادي في تمام الساعة السابعة من صباح يوم الخميس الثالث من كانون الأول (ديسمبر) 1992 بكل السرية ولم تعلم عنها أو حتى تذكرها على هامش الأنباء مع أن المجاهدين عادوا بفضل الله ورعايته واثقين من نجاح العملية حيث أطلق البطلان ثلاثين رصاصة باتجاه سيارة الجيب العسكرية التي كانت تسير على طريق الشيخ عجلين متجهة جنوباً نحو البحر من بعد عشرة أمتار. ودفع هذا التكتم الإعلامي الذي أحيطت به العملية السابقة، مجاهدينا على تكرار الضربة ولكن هذه المرة يجب أن تكون أشد إيلاماً وبحيث لا تمر ذكرى الانتفاضة بأقل مما قدم عام 1990. وبعد جهد كبير من البحث والرصد والاستطلاع المستمر، جاءت العيون الساهرة في سبيل الله ووضعت كل المعلومات والحقائق على المائدة مشيرة إلى أن هذه العملية إذا نجحت بإذن الله ستكون مؤلمة وتنزل على سلطات الاحتلال نزول الصاعقة. فالعدو الذي يحرص كل الحرص على عدم الوقوع في نفس الأخطاء السابقة التي يقع فهيا، يقوم بتعزيز كل نقاط الضعف التي تتبدى له فور كل عملية تقوم بها كتائب عز الدين القسام. ومن هنا جاء اعتماد أسود القسام لنظريتهم التي أقرت في تنفيذ هذه العملية والتي حددت الأهداف التي يمكن ضربها بنجاح هي الأهداف غير المتوقعة للطرف الآخر وبطريقة غير منتظرة آخذين في الحساب الدور الأمني المتوقع للعدو فور التنفيذ مع التركيز على أن المجاهدين الأبطال يتميزون بحرصهم على الشهادة باعتبارها لوناً من العبادة وليس ضرباً من الفناء والإبادة، وهذا الحرص لا يقل عن حرصهم على إيقاع أكبر الخسائر البشرية في صفوف العدو. وقد أثبتت هذه النظرية صحتها ليس في عملية الشجاعية فحسب وإنما في مختلف العمليات التي تبعتها ونفذتها كتائب الشهيد عز الدين القسام، فلم يعد المجاهدون إلى هدف قد ضرب سابقاً، فجاءت العمليات على سلطات الاحتلال كالصواعق لم يفق عدونا من واحدة منها إلا وكانت تلحقها أختها في سرعة جعلت جهاز الشاباك يقف عاجزاً لا يقوى على عمل شيء يذكر. وبناء على هذا المنطق، كان التفكير في هذه العملية النوعية الجديدة والتي خطط لها بأن تكون نوعية في أهدافها وطريقة تنفيذها كما أنها نوعية برجالها فكانت فاتحة نهج جديد اختطه الشهيدان القائدان عماد عقل وجميل الوادي مهندس العمليات العسكرية في المنطقة الوسطى بقطاع غزة، سارت عليه عمليات القسام فيما بعد في الخليل وجباليا وجاني طال والزيتون ونابلس وغيرها من مواقع الشرف والبطولة. وكان من غايات هذا النهج الجديد تحقيق الأهداف التالية:



    تجميع نقاط القوة وتوجيهها ضد نقاط ضعف العدو في عمليات إنهاك متواصلة تقاتل فيها على المستوى الاستراتيجي (المستوى البعيد) بواحد ضد مائة، هذا إذا قارنا أعدادنا وإمكاناتنا بأعداد العدو وإمكاناته. وكذلك نقاتل على المستوى التكتيكي (القريب) واحد ضد واحد وبذلك نحافظ على وجودنا بصورة مستمرة مع تحقيق خسائر متتالية في الطرف الآخر. وباستقراء عمليتنا هذه (عملية مفترق الشجاعية) فقد اختير إلى جانب السائق الماهر اثنان من أشجع وأجرأ المجاهدين وهما البطلان عماد عقل وجميل الوادي لتنفيذ هذه المهمة الجديدة الصعبة فكانت النتيجة حسبما سنرى عند الحديث عن التفاصيل.



    إظهار إبداع الأمن العسكري القسامي وتفوقه على أجهزة الأمن الإسرائيلية في حرب الأدمغة في عملية فريدة من نوعها. فقد اعتاد العدو أن تكون الهجمات التي تقع ضده واحدة من اثنين: إما الهجوم من مكان متحرك ضد هدف ثابت مثل العملية التي قام بها أبطال القسام ضد معسكر لجيش الاحتلال من خلال سيارة منطلقة بسرعة أو الهجوم من مكان ثابت ضد هدف متحرك التي نفذها المجاهد عماد عقل مع إخوانه في مجموعة الشهداء عندما كمنوا لسيارة قائد الشرطة على طريق الشيخ عجلين ثم هاجموها عن قرب وهم واقفون على الأرض – أي ثابتون – وكان الهدف متحركاً. أما في هذه العملية فقد تم التخطيط لها على أساس أن يكون الهجوم من نقطة متحركة ضد هدف متحرك وهذا شيء جديد لم يعهده جيش الاحتلال في غزة وان كان الشهيد عماد عقل قد نفذ هذا الأسلوب في الخليل ضد سيارة الرينو العسكرية إلا أن الفارق الذي يجعل علمية مفترق الشجاعية الأولى من نوعها في عمليات القسام هي أنها موجهة ضد آلة عسكرية وليست سيارة صالون تقل جنود ضربت من نقطة متحركة.



    تحقيق عنصر المباغتة أو ما يعرف بالصدمة مما يفقد العدو القدرة على المقاومة أو حتى ملاحقة المنفذ الذي يختفي في جنح الظلام بينما لم يفق العدو من هول الصدمة بعد.



    الخروج من دائرة الاحتياط الأمني للعدو وذلك بضرب الهدف والانسحاب من المكان دون أي مقاومة تذكر ودون ترك ما من شأنه أن يوصل العدو وأجهزته الأمنية إلى المجاهد المنفذ.



    بعد دراسة المعطيات المقدمة من جهاز الرصد العسكري الذي أفاد بأن هناك سيارة جيب عسكرية تقوم بدورية ثابتة على الطريق الشرقي لمدينة غزة الموصل بين الشمال حيث حاجز بيت لاهيا وبين البوليس الحربي ومنطقة المغراقة في الجنوب ماراً بالقبة ونحال عوز وعلى متنه ضابط وجنديان، ويتحرك الجيب ذهاباً وإياباً على هذا الطريق سائراً بين سيارات العمال المتجهة إلى نقطة العبور عبر حاجز ايرز شمالاً أو تجاه نحال عوز جنوباً، ملتقياً مع دورية أخرى تتحرك في الاتجاه المعاكس. وذكر الراصدون الأبطال عيون القسام الساهرة عدة حقائق أمنية ساعدت في اعتماد هذا الهدف ورسم الخطة المناسبة لتنفيذ عملية الهجوم شاهدوها وتابعوها ثم نقلوها إلى إخوانهم لتكون مادة بحث واستنباط ومن هذه الحقائق:



    الدورية (الهدف) تتواجد في هذا المكان منذ فترة طويلة دون أن تتعرض لأي خطر مطلقاً، وبذلك فهي هدف غير متوقع بالنسبة للعدو. وهذا ما أكده الصحافي (يعيل جافريتس) لصحيفة يديعوت احرونوت حين نقل عن أفراد سرية الناحل التي وجهت الضربة لأفرادها قوله "إن أحد أفراد السرية قال لي قبل أسبوع من تنفيذ العملية: إن حديثاً دار قبل أسبوع مفاده أنه قيل لأفراد الدورية بأنهم محظوظون، ذلك لأنهم يحصلون على قاطع يعتبر هادئاً نسبياً".



    إطلاق النار على الدورية من هدف متحرك أمر غير متوقع ولم يهيَّأ الجنود لمثله على الإطلاق، وبذلك يحقق المجاهدون عنصر المباغتة الذي قد يكون كافياً لشل كل مجالات التفكير والتصرف حتى وإن لم تحقق العملية هدفها بقتل الجنود الثلاثة.



    يحدد يوم 7/12/1992 موعداً لهذه العملية بصورةقسرية وذلك لاعتبارات عديدة أهمها أن هذا اليوم يأتي بين أيام إضرابات وفي هذا اليوم تتوجه السيارات العربية التي تنقل العمال العرب بكثافة كبيرة جداً إلى حواجز الدخول لفلسطين المحتلة منذ عام 1948 متجاوزة السيارات العسكرية بسرعة فائقة دون أن تثير أي انتباه وهذا يعطي أبطالنا ساتراً كبيراً لتجاوز سيارة الجيب دون أن تلفت انتباه جندي الحماية الخلفية ومن ثم الخروج من المنطقة بسهولة بالغة كواحدة من سيارات العمال التي تتجاوز القافلة.



    يتم التخطيط بتنفيذ العملية في الظلام حيث توجه الأنوار العالية لسيارة المجاهدين صوب جندي الحماية الخلفية مما يفقده القدرة على الرؤية تماماً فيسهل على المجاهدين اقتناصه بسرعة فائقة دون أن يفعل شيئاً، هذا إلى جانب أن الظلام يساعد على صعوبة تشخيص أفراد المجموعة المنفذة.



    لابد من اختيار سائق ماهر يكون على دراية واعية وجيدة بخطة الانسحاب قبل تنفيذ العملية سواء تحرك الهدف نحو بيت لاهيا أو نحو الجنوب.



    وأمام هذه الحقائق الشاملة والوافية من قبل جهاز الرصد القسامي، بدأت الكتائب المغوارة بالمعاينة الميدانية لمكان التنفيذ ونوعية الهدف تمهيداً لوضع الخطة لتنفيذ العملية إذ إن كل دورية متحركة من دوريات جيش الاحتلال يكون لها اتصال دائم ومستمر مع مركز الجيش الذي انطلقت منه، وعند تعرضها لهجوم أو انقطاع الاتصال لسبب ما تتحرك على الفور فرق البحث والنجدة بسرعة شديدة جداً من مركز الجيش الذي تتبعه إلى مكان عمل هذه الدورية لمعرفة سبب انقطاع الاتصال. وفي ساعات الفجر الأولى من يوم الجمعة الرابع من كانون الأول (ديسمبر) انطلق اثنان من مجاهدي القسام لمعاينة المكان ودراسة أفضل الطرق للتنفيذ ووضع جميع الاحتمالات المتوقعة من الجيش فور إطلاق النار في المكان من حيث النجدة وسرعتها، كذلك دراسة جغرافية المكان: أماكن تجمع الجيش ونقاط التفتيش والمدة المطلوبة لوصول النجدة الصهيونية إلى مكان العملية بعد إصابة الهدف، وأفضل الطرق للانسحاب والوقت اللازم للانسحاب بأقصى سرعة. وهنا نتوقف عند أهم ما يميز العمل الجهادي لكتائب القسام بعد إلتزام المنهج الرباني والذي تجلى في أنصع صوره فيما إلتزم به المجاهدان اللذان قاما بالمعاينة من الطاعة وحسن الثقة في فكر واجتهاد القيادة لأمرائهم. فقد رصد المجاهدان أثناء المعاينة وعند مفترق القبة هدفاً جيداً يتمثل في ثلاثة جنود بينهم ضابط كانوا مصطفين على حائط تاركين سيارتهم من شدة البرد والمطر، ولكن المجاهدين تحاملا على نفسيهما وشوقهما لتصفية هذا الصيد الثمين رغم توفر السلاح اللازم لكونهما خرجا لمعاينة المكان وليس لتنفيذ العملية إلى جانب عدم تحديد طريق الانسحاب بعد، ولعدم وجود السائق الماهر معهم كي يستطيعوا الانسحاب بأقصى سرعة.



    تم ترتيب أفكار العملية وصياغتها على أرض الواقع بمنتهى الدقة حيث تقرر أن يتحرك قناصا القسام جميل الوادي وعماد عقل مع السائق الماهر في سيارة بيجو (404) في اتجاه الطريق الشرقي حيث مكان تحرك سيارة الجيب العسكرية متمنطقين بزي عمال كنوع من التمويه والتغطية الأمنية ثم السير في قافلة السيارات ثم تجاوز هذه القافلة كما يفعل معظم سائقي السيارات المتجهة نحو حاجز ايرز . وقبل محاذاة الجيب يتم إطلاق النار على الجندي الذي يجلس في الخلف لتحقيق نقطة أمان عند تجاوز الجيب وبعد ذلك تتقدم البيجو موازية لسيارة الجيب وتحاذيها ثم يتواصل إطلاق النار على الضابط والسائق، ومن ثم الانسحاب بمنتهى السرعة بعد إلقاء بيان يعلن مسؤولية كتائب الشهيد عز الدين القسام عن العملية في ذكرى الانتفاضة السادسة وانطلاقة حماس وثأراً لشهداء حماس في منطقة الشيخ رضوان. ووُجّه الشهيدان عماد وجميل بأن يحرصا على عدم إطلاق كل ما لديهما من ذخيرة أثناء التنفيذ تحسباً لأي أمر طارئ غير متوقع ومواجهة أي صدمة مفاجأة أو ملاحقة وهذا أمر تطلب من الأخوين المجاهدين دقة فائقة في إطلاق النار والسيطرة على الأعصاب إلى جانب استخدام السلاح الجيد. ولهذا تم اختيار قطعتي سلاح جيدتين، الأولى رشاش (كلاشينكوف) حمله أمير العملية الشهيد جميل الوادي الذي جلس بجانب السائق، والثانية بندقية (ام-16) مطورة حملها الشهيد عماد عقل الذي جلس في المقعد الخلفي للسيارة. أمضى المجاهدان عماد عقل وجميل الوادي ليلتهما في القاعدة التي سينطلقان منها بين صلاة وابتهال ودعاء ورجاء لله أن يثبت أقدامهما ويسدد رميهما ويربط على قلوبهما ويحسن بلاءهما يذكر الواحد منهما الآخر بالآخرة وبما أعده الله للشهداء في جنات النعيم متعاهدين على الثبات والإقدام على الشهادة وبداخل كل واحد منهما دعاء لحوح أن "اللهم اجمع بيننا في جنات النعيم في رحاب رحمتك مع النبيين والصديقين والشهداء" فاستجاب الله لهما دعاءهما ولكن بعد أن أذاقا اليهود المتغطرسين ويلات الهزيمة في عمليات جريئة ونوعية. وما إن أخذت الساعة تقترب من الساعة الرابعة وخمس عشرة دقيقة من صباح يوم الأحد الموافق 7 كانون الأول (ديسمبر) 1992، وبدأت مآذن المساجد تستعد لتجلجل بنداء الحق (الله أكبر)، حتى كان البطلان قد أعدا نفسيهما لعمل عظيم حريصين على الموتة الشريفة فيقول أحدهما للآخر "نحن نعتقد أننا إذا قتلناهم فسننتصر، وإذا استشهدنا فسننتصر". وبهذه الروح، وبتلك المعاني الإيمانية انطلق بطلان من قاعدتهما باتجاه الطريق الشرقي الذي وصلاه في حوالي الرابعة وثلاث وأربعين دقيقة، فبدأت العيون تخترق حجم الظلام باحثة عن الهدف الذي لاح في مرمى النظر فجأة، ولكن الصيد كان يسير في عكس اتجاه خط سير انسحاب الآلية القسامية، عندئذ سار المجاهدون خلفه بانتظار أن يصبح في الاتجاه الصحيح وخلال هذه الدقائق، بدأ أمير العملية يعطي إرشاداته الأخيرة مذكراً بالآخرة، وبخطوط الانسحاب في حالة النجاة بمنتهى الدقة. ونترك الشهيدين اللذين نفذا هذه العملية النوعية ليرويا بعد ذلك ما جرى، إذ جاء في الكتيب المعنون (بطولات قسامية) الذي خطه الشهيد جميل الوادي ووزعته حركة المقاومة الإسلامية في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1993 في قطاع غزة ما يلي: "إنه لمشهد رهيب… شارع الشجاعية – بيت لاهيا يعج بالعمال من أبناء القطاع المتوجهين إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر سواء في ذلك أولئك المتوجهون نحو الجنوب وبئر السبع والنقب أو القاصدون الشمال عسقلان – أسدود – يافا…. إلخ، السيارات بأنوارها تبدو وكأنها سلسلة ذهبية مضيئة، وها هي دوريات الجيش الصهيوني تجوب الشارع…. دورية متجهة شمالاً، وأخرى جنوباً. وما إن التقت الدوريتان عند ملتقى الطريق القادم من مركز الشرطة المدنية إلى نهاية الشجاعية شرقاً (شارع بغداد) حتى شمال ناحال عوز من الشارع الواصل بين البوليس الحربي ماراً بالقبة (المنظار) مفرق بيت لاهيا حتى بدأت ملاحقة الصيد المتجهة شمالاً وقد كان عربة جيب المعروف بالصرصور وفيه ضابط وجنديان. هنا بدأت سيارة الأبطال في تجاوز قافلة السيارات العربية محاولة الاقتراب من الهدف وتمتمت الألسنة (بسم الله الرحمن الرحيم)، ونطقت القلوب قبل الشفاه بالشهادتين".



    استمرت سيارة أبطال القسام بالاقتراب من الصيد الثمين فيما الضوء العالي المنبعث منها يحجب الرؤية عن الرقيب أودي زمير الذي كان يجلس في المقعد الخلفي للجيب، وما إن أضحت السيارة على بعد أربعة أمتار من الدورية صورة عملية مفترق الشجاعية الإسرائيلية وكانت الساعة تشير إلى الخامسة وسبع وعشرين دقيقة فجراً حتى بدأ المجاهد عماد عقل بإطلاق النار على الرقيب زمير في اللحظة التي أخذ فيها بوضع يده على فمه متثاوباً وعلى الفور تبعه المجاهد جميل الوادي ثم أخذ المجاهدان بصب وابل من النيران على الملازم أول حجاي عميت الذي كان يجلس في المقعد الأمامي وعلى الرقيب شلوم تسبري الذي كان يتولى قيادة الجيب عندما أصبحت المسافة بين السيارتين لا تتجاوز المتر فقط حيث أطلق البطل عماد تسع عشرة رصاصة في حين كان جملة ما خرج من كلاشنكوف جميل أربعاً وعشرين رصاصة من نوع (دمدم أحمر اللون). وهنا انطلقت سيارة القسام بسرعة للانسحاب من المكان بعد عشر ثوان من إطلاق النار وبعد أن تم إلقاء ما يقارب العشرين ورقة سطر فيها كلمات من نور تعلن مسؤولية (كتائب الشهيد عز الدين القسام – الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" عن هذا الهجوم البطولي بمناسبة انطلاقة الانتفاضة وحماس وانتقاماً لشهداء حماس في حي الشيخ رضوان). وواصلت السيارة انطلاقها بأقصى سرعة وكأنها سيارة إسعاف حيث أنارت الأضواء العالية وأطلقت أصوات التنبيه فيما أخذت السيارة التي كانت أمامها تخفف من سرعتها وتلتزم أقصى اليمين وبدت الطريق في ثوان قليلة كأنها خلت من السيارات. وهنا هاجت القلوب فرحة بنصر الله وتحركت فطرة المجاهدين عماد وجميل تلبي النداء بالشكر إلى الناصر الستار ودون تردد أخرج المجاهدان رأسيهما من نوافذ السيارة وبدأوا يهللون ويكبرون "الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. نحن أبناء القسام.. نحن جند الإسلام لا ريب.. نحن حماس.. نحن حماس.. حماس.. حماس". ويعود الركب الإسلامي العظيم إلى قاعدة إنطلاقه تاركاً دورية الاحتلال تسير بجنودها القتلى والدماء تسيل منها على الشارع إلى أن اصطدمت بسيارة واقفة. ولم يصل جنود الاحتلال وفرق النجدة إلا بعد مرور أكثر من خمس عشرة دقيقة على إتمام العملية حيث وصل نائب قائد كتيبة الدورية والذي كان على مفترق طرق الشجاعية، وهذا إن دل فإنما يدل على دقة تنفيذ خطة الانسحاب بعد الهجوم وبهذا فقد العدو الأمل في إلقاء القبض على منفذي العملية في منطقة الحادث. وعلى الرغم من تكثيف قوات الاحتلال من وجودها ودورياتها في مختلف مناطق القطاع وفرض الطوق الأمني عليه إلا أن هذه القوات فشلت في تعقب منفذي العملية أو أي من مجاهدي القسام الذين رسموا خطتهم جيداً لمواجهة إجراءات العدو الأمنية والعسكرية المتوقعة في أعقاب عملية جريئة من هذا النوع والتي كان منها:



    التأكد من عدم وجود أيِّ من المطاردين في منطقة العملية أو حتى القريبة منها سواء كانوا من حماس أو الاتجاهات الأخرى والتزام المجاهدين المطاردين بالاختفاء في قواعدهم السرية.



    تم الإيعاز إلى كل وحدات كتائب عز الدين القسام بعدم القيام بأي عملية أخرى في منطقة قطاع غزة بعد هذه العملية مباشرة إلا بعد دراسة كل الإجراءات التي اتخذتها قوات الأمن الصهيونية مع التأكيد على استغلال نقطة تركيز قوات العدو نظرها على القطاع لتوجيه ضربات في الضفة وفي العمق اليهودي، فكانت عملية الحاووز بالخليل وخطف الرقيب الأول نيسيم طوليدانو من مدينة اللد تجسيداً لهذا المنهج. وفيما أشارت الصحف العبرية بأن هذه العملية تعتبر نصراً جديداً لحركة حماس وجهازها العسكري ضد قوات الجيش، يمكن تلخيص رد فعل العدو على جميع المستويات بأنه (الذهول) وهذا ما أكده يهوداً باراك بعد أن استعاد وعيه من وقع الصدمة التي ألمت به حيث قال:



    " أيها السادة: إننا في حالة حرب.. لقد أصبح الفدائيون على قدر من الجرأة لم نشهده أبداً". أما موشيه فوجيل الناطق الرسمي بلسان سلطات الاحتلال فقد صرح: "أن هذا الهجوم هو الآدمي يستهدف جنوداً يعملون في المناطق منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية عام 1987". وهذا ما يؤكده نواح روزنفيلد وهو من أفراد السرية التي تم الهجوم على أفرادها في الشجاعية حيث صرح قائلاً: "الضربة الصاعقة التي تلقيناها تكمن في أنهم لم يعدونا لحرب من هذا النوع من الاحتراف في إطلاق النار والقتل، إن هذا شعور كامل بالعجز".



    6-عملية حي الأمل:


    تدمير منازل الأبرياء وتشريد (35) أسرة فلسطينية من مساكنها في حي الأمل بخان يونس لا يمكن أن يمر دون عقاب أو رد مناسب. هذا ما قالته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في بيانها الخاص عن هذه الجريمة، وجاء تأكيده في وقت لاحق من قبل الشهيد القائد رحمه الله ومجموعته الفدائية حين رد الصاع بصاعين وجعل الجنرال يومتوف سامية قائد القوات الإسرائيلية التي غطت جريمة تدمير حي الأمل قائلاً بغرور: "سنواصل ليل نهار كفاحنا ضد أصوليي حماس وكل فروعها في المناطق وسنكرر الضربة التي وجهت إلى حماس في خان يونس". ففي أقل من عشر ساعات على إنتهاء عملية التدمير الهمجية، كان عماد عقل وإثنان من إخوانه بما فيهما السائق ينطلقون بسياراتهم القسامية على الطريق الشرقي لحي الشجاعية لاصطياد سيارة مدنية إسرائيلية تقل جنوداً وضباطاً يخدمون في قطاع غزة تم رصد خط سيرها اليومي على هذا الطريق منذ مدة. وباعتماد الأسلوب الذي طبق في عملية مفترق الشجاعية التي استعرضنا تفاصيلها في الفقرات السابقة، وهو الهجوم على هدف متحرك من نقطة متحركة، أطلقت البنادق الأوتوماتيكية في حوالي الساعة الثانية من فجر يوم الجمعة الموافق 12 شباط (فبراير) 1993 رصاصها القسامي على السيارة التي كانت في تلك اللحظة تقترب من محطة بنزين

    حمودة مما أدى إلى إصابة ركابها بإصابات مباشرة. وظهر الإبداع القسامي لعماد عقل ومجموعته المجاهدة مرة أخرى في طريقة الانسحاب والإفلات من محاصرة الدوريات الصهيونية التي تمر بكثافة على هذا الطريق حين تابع المجاهدون سيرهم شمالاً وكأنهم يتجهون إلى المناطق المحتلة منذ عام 1948، باتجاه معاكس للخط الذي توقع ضباط الاحتلال أن تسلكه المجموعة.



    وتجلت الشجاعة التي تحلى بها الشهيد القائد وإخوانه في هذه العملية البطولية عند تقابلهم مع سيارة جيب عسكرية تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي كانت منطلقة في الاتجاه المعاكس للطريق التي سلكتها سيارة المجاهدين في انسحابها. فقد أطلقت السواعد المجاهدة نيران أسلحتها باتجاه الجنود داخل الجيب الذي كان يهرع لنجدة السيارة التي ضربتها المجموعة بالقرب من محطة البنزين. وإذا كان الأبطال قد انسحبوا في أعقاب ذلك إلى قاعدتهم بسلام تاركين جنود الاحتلال يتخبطون في دمائهم، فإن الخوف والرعب الذي أصاب الجنود الذين نجوا من الإصابة أفقدهم القدرة على الرد على مصدر النيران وتعقب السيارة القسامية. فقد اكتفت السيارة العسكرية الإسرائيلية بالاستمرار في سيرها على الطريق الشرقي لحي الشجاعية دون أن تبلغ عما حدث لها أو عن الاتجاه الذي سلكه المجاهدون إلا بعد وصولها إلى مركز القيادة الإسرائيلية.



    ومهما يكن من أمر الخسائر البشرية التي أصابت قوات العدو جراء هذه العملية، إذ أن حالة الخوف والرعب التي عاشها المستوطنون في المنطقة على الرغم من عدم استهدافهم في أي من العمليات التي قادها ونفذها الشهيد رحمه الله كان واضحاً للعيان بحيث لم تستطع الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية المرئية تجاهلها. وكانت قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي قد اعترفت بالعملية البطولية غير أنها تكتمت على حقيقة الإصابات التي لحقت بالسيارتين، حيث اكتفى الناطق العسكري الذي أعلن عن الهجوم بالإشارة إلى إصابة جندي احتياط في السيارة الأولى بجروح خطيرة نقل على إثرها بطائرة مروحية إلى مستشفى سوروكا في بئر السبع بالإضافة إلى إصابة جندي آخر في سيارة الجيب بجروح وصفت بأنها طفيفة. وزعم الناطق بأن الجنود الإسرائيليين ردوا على النار بالمثل في الهجوم الثاني ولكن المهاجمين نجحوا في الفرار دون إصابات بعد أن تركوا مشطاً فارغاً لبندقية آلية من نوع (إم-16) رسم عليه شعار حركة حماس إلى جانب اسم (كتائب الشهيد عز الدين القسام).



    حفظ الله الشهيد القائد وأخويه في هذه العملية وأعمى عنهم التعزيزات العسكرية ودوريات الجيش التي قامت بانتظام ومن دون توقف بتفتيش النقاط الساخنة في القطاع إذ أصيبت السيارة التي أقلتهم بعطل ميكانيكي مفاجئ أثناء الانسحاب فخرجت عن الطريق مصطدمة في شجرة بعد أن هوت في واد صغير. فنزل المجاهدون منها وقاموا بدفعها باتجاه الطريق العام وعين الله ترعاهم، لينطلقوا بها من جديد دون أن تجذب هذه السيارة انتباه فرق التفتيش العسكرية التي كانت تبحث عنهم.
    رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

    تعليق


    • #17
      آثار الشهيد عماد عقل:


      "المواطن الإسرائيلي الذي يقرر في الوضع الحالي أن يسافر وحده داخل غزة، يجدر به أن يؤمن على حياته".

      يوآف كسبي عل همشمار 11/2/1993


      "لقد غضبوا في إسرائيل على حماس لأنها نجحت بضرب الجنود الذين يحملون السلاح بدلاً من ضرب أهداف تناسب الصورة السيئة لحماس في نظر الإسرائيليين، فهم ينتظرون أن تقوم حماس بتفجير سوبر ماركت أو أن تقتل أولاداً.. لقد أثبت مقاتلو حماس أن الفلسطينيين الشجعان ذوي الخبرة بإمكانهم أن يواجهوا الجيش الإسرائيلي".

      عوديد ليفشيتس عل همشمار 12/2/1993


      "الخدمة في قطاع غزة اليوم ليست مسّرة، فرجال الاحتياط يكرهون ذلك المكان، ويعرف الجيش الإسرائيلي ذلك، ولهذا فإنه يقلص قدر الإمكان استدعاء وحدات الاحتياط للخدمة هناك"

      زئيف شيف هآرتس 12/3/1993



      "لا يمكن لأي بوابات كهربائية في حاجز أيرز أو أي تجنيد لمزيد من الشرطة، أن تجعل الحياة بجوار هذه القنبلة الموقوتة

      أكثر أمناً أو لطفاً".

      شموئيل شنيتسر معاريف 19/3/1993


      "إنها ليست حرباً إرهابية تقليدية. إنها المرة الأولى في تاريخ إسرائيل

      نواجه حرب عصابات. يجب نشر المزيد من الشرطة والجنود في الشارع لأننا في حالة طوارئ غير عادية".


      رؤوبين حزاك يديعوت إحرونوت 30/3/1993




      "بات من الصعب علينا أكثر فأكثر التعاطي مع تحديات الإرهاب الفلسطيني الذي باتت عملياته تتزايد وتتسع، فليس هناك مكان آمن. ولا غرو بالتالي أن يتصاعد الإحباط. لا يوجد علاج للضربة، بل لا يوجد من يعد بالحل".

      شلومو غازيت يديعوت أحرونوت 15/3/1993




      "إن الجرأة المتزايدة لأعمال العنف التي تقوم بها حركة حماس واستبدال أساليب العمل يشيران إلى تخطيط واستعداد لمواجهة مباشرة مع قوات الأمن".


      زئيف شيف هآرتس 14/21/1992




      "عندما أودي الخدمة في غزة، فإن كل ما أرغب فيه هو البقاء على قيد الحياة.. إنني أشعر بالخوف، ولا أعتقد أن هناك أي جندي هنا لا يشعر بالخوف.. إنني أشعر بأن الخدمة هنا أسوأ حتى من الخدمة في لبنان".

      جندي احتياطي إسرائيلي (في أعقاب عملية مفترق الشجاعية)


      .
      التعديل الأخير تم بواسطة زلزال السرايا; الساعة 25-11-2008, 01:49 AM.
      رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

      تعليق


      • #18

        وترجل أسطورة غزة
        عرس الشهيد عماد عقل:


        تختلف قصة استشهاد (أسطورة غزة) وحقيقتها عما أذاعته وسائل إعلام العدو التي نقلت عن المتحدث العسكري بلسان جيش العدوان الصهيوني بأن سيارة من نوع فولكسفاجن تحمل لوحة تسجيل خاصة بقطاع غزة تقل وحدة خاصة تابعة لمجموعات المستعربين الإسرائيلية السرية المسماة (شمشون) طاردت سيارة كانت تقل مجموعة من المطاردين في المنطقة الشرقية لحي الشجاعية وانتهت عملية المطاردة في شارع العرايس حيث توقفت سيارة المطاردين وترجل منها عماد عقل.



        وزعمت الرواية الإسرائيلية الرسمية، بأن الشهيد القائد رحمه الله ترجل من السيارة وأمر سائقها ومطارداً آخر كان معه بمغادرة المنطقة. وفي هذا الوقت –تتابع الرواية- وصلت تعزيزات من الجيش وبدأت بمحاصرة مداخل الجزء الشرقي من الحي حيث تمكنت من اعتقال سائق السيارة والمطارد الآخر والذي تبين أنه القائد القسامي عبد الفتاح السطري (مهندس العمليات العسكرية). وفيما اعتلى الجنود أسطح البنايات، دخل عماد عقل الذي بادر بإطلاق النار على السيارة الإسرائيلية من إحدى البنايات المجاورة ليتسلق سطح جدار منزل تابع للمواطن فتحي فرحات وبدأ يتنقل من مكان إلى آخر. وإلى هنا، نتوقف عن إكمال سرد الرواية الإسرائيلية التي حاولت الإيحاء بأن العملية تمت بتعاون وتنسيق ناجح بين جهاز المخابرات الإسرائيلية والوحدات الخاصة المستعربة في جيش الاحتلال مع أن الحقيقة غير ذلك. ففيما يتعلق بالقائد عبد الفتاح السطري، قال بيان موقع باسم (كتائب عز الدين القسام) أنه تمكن من العودة إلى قاعدته سالماً، ووصف البيان الأنباء الإسرائيلية عن اعتقاله بأنها "محض كذب وافتراء". كما عادت سلطات الاحتلال أيضاً لتنفي اعتقالها مهندس العمليات العسكرية في كتائب الشهيد عز الدين القسام في تعديل على روايتها السابقة حول ظروف استشهاد البطل عماد عقل. ومهما زعم العدو وروجت إليه وسائل إعلامه، فإن عماد عقل الذي كان رمزاً للأجيال القادمة في المقاومة والعيش بكرامة، كان رمزاً لهذه الأجيال في الموت أيضاً بكرامة مقبلاً غير مدبر. ولعل رواية شهيد العيان الذين نقلوا تفاصيل قصة استشهاد (أسطورة غزة) الحقيقية، تؤكد أننا أمام بطل وقائد من نوع قلما نجد مثيلاً له في هذه الأيام.



        لبى شهيدنا البطل الذي كان صائماً في ذلك اليوم، طلب بعض الشباب بأن يتناول طعام الإفطار معهم في بيت لآل فرحات بجانب سوق الجمعة ومسجد الإصلاح بحي الشجاعية. وبعد تناوله الإفطار بمدة نصف ساعة، أي في الساعة الخامسة والربع من مساء الأربعاء الموافق 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 1993، شعر البطل بأن المكان محاصر من قبل قوات كبيرة من الجيش وحرس الحدود لم يشهد لها سكان الشجاعية مثيلاً من قبل، حيث قدرت بأكثر من (60) سيارة عسكرية من مختلف الأنواع والأحجام، إضافة لسيارة إسعاف عسكرية وسيارة لخبراء المتفجرات ومطاردة طائرة مروحية حلقت فوق المكان إلى جانب عدد كبير من سيارات الوحدات الخاصة. وشمل الحصار العسكري الذي شارك فيه المئات من الجنود الصهاينة وعدد من ضباط الاستخبارات بقيادة قائد المنطقة الجنوبية كافة أنحاء المنطقة الشرقية من حي الشجاعية ومنطقة سوق الجمعة واعتلى العشرات من هؤلاء الجنود أسطح المنازل المحيطة بالمنزل الذي تحصن فيه الشهيد القائد.



        وفيما بدت المنطقة أشبه بثكنة عسكرية حيث تواصل قدوم التعزيزات العسكرية، أخذ أسطورة غزة بالانتقال من مكان إلى آخر مطلقاً النار خلالها باتجاه جنود الاحتلال من مسدس عيار 14 ملم كان بحوزته. وبعد أن تمكن بطلنا من تغطية انسحاب إخوانه الذين كانوا يرافقونه، يروي أصحاب المنزل بأن الشهيد القائد قال: "حضر الآن موعد استشهادي"، ثم صعد بعدها إلى سطح المنزل وقام بأداء ركعتين لله تعالى. وفي هذه الأثناء، كانت قوات الاحتلال التي فرضت منع التجول على تلك المنطقة تقوم بعملية تمشيط واسعة بحثاً عن المجاهدين الذين نجحوا في الانسحاب والعودة إلى قاعدتهم، شملت البيارات المجاورة والعديد من المنازل، كما قصف جنود العدو منزل آل فريحات بالصواريخ المضادة بالدبابات وأطلقوا النار بغزارة من أسلحتهم الرشاشة باتجاه المطارد الذي لم تحدد سلطات الاحتلال شخصيته حتى تلك اللحظة. فأصيب بطلنا وهو يصلي برصاصة في ساقه، إلا أن تلك الإصابة لم تمنعه من القفز من أعلى المنزل باتجاه الأرض صارخاً الله أكبر وتبادل إطلاق النار مع جنود الاحتلال الذين يحاصرون المنزل حتى فاز بالشهادة. فقد أصابت إحدى القذائف المضادة للدروع الشهيد ومزقت جسده أشلاء حيث كانت الإصابة مباشرة في منطقة الرأس التي تناثرت إلى عدة قطع لدرجة أن أجزاء من رأسه قد أزيلت وملامح وجهه الطاهر لم تعد تظهر على الإطلاق طبقاً لما رواه الشاب نضال فرحات (24 عاماً) الذي قام بنقل جسد الشهيد خارج المنزل. وإذا كان الموت قد نال من عماد عقل وفاز بالجنة التي عمل وسعى لها، فإن الشهيد القائد قد أحاط بجنود العدو قبل أن يتمكنوا منه وأوقع فيهم عدة إصابات قبل أن يتمكن المجرمون منه.



        وعلى الرغم من أن سلطات الاحتلال تزعم أن الرصاص القسامي الذي أطلقه الساعد المبارك لم يصب سوى خوذة أحد الجنود الصهاينة (!)، إلا أن هذه المزاعم تدل على دقة تصويب الشهيد القائد ناهيك عن أن استدعاء القوات الإسرائيلية التي حاصرت المنزل لسيارة إسعاف ثانية ثم ثالثة بعد ساعة من وقوع الاشتباك يؤكد وقوع إصابات بشرية في صفوف جنود الاحتلال.

        .
        رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

        تعليق


        • #19


          جنود الاحتلال يخافونه ميتاً:


          مثلما كان الشهيد رحمه الله عظيماً بقدرته على زعزعة المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من جيش وشرطة وحرس حدود وأجهزة مخابرات ببطشها وجبروتها، كانت جثته الطاهرة عظيمة أيضاً بما أوقعت من خوف ورعب في نفوس المئات من جنود الاحتلال وعلى رأسهم الجنرال اميتان فيلنائي قائد المنطقة الجنوبية الذين وقفوا عاجزين عن كتمان ما اعتراهم حتى بعد أن تيقنوا أن المطارد الذي يحاصرونه قد قتل. فما إن أبلغ الجنود الذين اعتلوا سطح بناية مجاورة لمنزل آل فرحات بأن إحدى القذائف أصابت المطلوب بشكل مباشر حتى بدا الارتباك على وجوه المجرمين الذين أخذوا ينظرون إلى بعضهم البعض ماذا يفعلون ومن الذي سيدخل أولاً. ولكن جبن حفدة القردة والخنازير منع أياً منهم من دخول المنزل، وعندئذ لجأوا إلى منزل المواطن زهير اسليم القريب من مكان الحادث واقتادوه تحت الضرب وتهديد السلاح إلى منزل آل فرحات بعد أن أخبرهم عن اسم أصحاب هذا المنزل. وبعد ذلك قالوا له نريدك أن تحضر لنا أصحاب المنزل من الداخل وتبلغهم أن يخرجوا، فرفض المواطن الفلسطيني في البداية خشية أن يتعرض لإطلاق النار. ولكنه اضطر للدخول ونادى على أصحاب المنزل من الداخل بعد أن اعتدى المجرمون عليه بالضرب وألبسوه الخوذة العسكرية وهددوه بإطلاق النار عليه إن استنكف عن الدخول.



          خرج الشاب نضال فرحات أولاً، فبدأ ضباط الشاباك باستجوابه والتحقيق معه حول ما إذا كان يوجد مسلحون أم لا وسألوه عن الشخص الذي قتل في الداخل ولماذا جاء إلى المنزل ثم طلبوا منه أن يُخرج جميع أهل البيت حيث تم اقتيادهم إلى مكان قريب من المنزل. وعندئذ، قال ضباط العدو للشاب نضال بأنهم لن يدخلوا المنزل حتى يدخل هو ويحضر لهم الجثة الموجودة في الداخل. وبالفعل، حمل نضال الجثة ووضعها خارج المنزل أمام جنود العدو الذين لم يخفوا حقدهم الأعلى على الشهيد القائد الذي دوخهم حياً وميتاً، فأخذوا يطلقون النار بغزارة على الجثة الطاهرة التي أصيبت مجدداً بحوالي (70) رصاصة في حين قام بعض المجرمين بطعنها عدة طعنات بالسكاكين. وبعد إجبار نضال وشقيقيه وسام ومؤمن على خلع النصف العلوي من ملابسهم وتقييدهم بالحبال، اقتحمت قوات الجيش الصهيوني المنزل وقامت بتفتيشه بصورة دقيقة والعبث بمحتوياته وحفر عدة أجزاء من أرضيته مما أحدث بالمنزل أضراراً بالغة. ولم تنته عمليات التمشيط والتحقيق مع أصحاب المنزل إلا في الساعة العاشرة ليلاً حيث غادر عندها جنود الاحتلال المنطقة وهم يطلقون العيارات النارية من أسلحتهم الأوتوماتيكية في الهواء تعبيراً عن فرحتهم بهذا الحدث العظيم، كما قام عدد منهم بالرقص فرحاً وطرباً لمقتل البطل القائد وأخذوا ينشدون (عماد… عماد!!) .



          .
          رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

          تعليق


          • #20


            الشجاعية تجمع أشلاء الشهيد:


            وسط مشاعر الغضب التي سادت الشارع الفلسطيني، أظهرت جماهير شعبنا في حي الشجاعية مقدار الاحترام الذي تكنه لكتائب الشهيد عز الدين القسام وقائدها البطل عماد عقل وجسدت الشجاعية موقفها بالفعل الجهادي اليومي وفي التصعيد الذي شهدته فعاليات الانتفاضة المباركة في أعقاب الإعلان عن استشهاد القائد القسامي إلى جانب إطلاق اسم الشهيد على مجموعة المدارس في الحي.



            ولعل التحدي الذي أظهره أهل الشجاعية للوجود العسكري الإسرائيلي المكثف بتجميعهم الأجزاء التي تركها المجرمون على حائط وأرض المنزل من رأس الشهيد ودماغه وفمه ووضعها داخل علم فلسطيني كتب في وسطه عبارة (لا إله إلا الله) ودفن هذه الأشلاء في إحدى مقابر الحي، كان تعبيراً صادقاً عما تكنه الشجاعية لشهيدنا حيث شارك نحو خمسة آلاف شخص يرفعون المصاحف إلى جانب نحو (800) امرأة فلسطينية توافدن إلى المكان في تشييع هذه الأشلاء ودفنها في موكب مهيب يليق بحفيد القسام. وهذا لم يكن غريباً على الشجاعية، فقد "عاش عماد بيننا معظم أيامه التي طورد فيها وهنا نفذ الكثير من عملياته والسكان هنا تعاطفوا معه دائماً ووفروا له الملجأ" كما جاء على لسان الشاب الذي قام بلف الأشلاء داخل العلم.







            .
            رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

            تعليق


            • #21


              المقبرة الشرقية تحتضن الجسد الطاهر:


              رغم مشاعر الألم واللوعة التي تعتري الوالدين عند فراق الابن الغالي، وبخاصة لعائلة مثل عائلة عماد عقل التي قدمت لفلسطين خيرة أبنائها وعانت قبل ذلك من ممارسات سلطات الاحتلال ومداهماتها الانتقامية للمنزل كلما انطلق الرصاص القسامي باتجاه جنودها وضباطها، إلا أن معنويات والد الشهيد ووالدته كانت مرتفعة. ولعل الإيمان بالله سبحانه وتعالى وما أعده للشهداء الذين اصطفاهم وأكرمهم من بين خلقه وأنزلهم هذه المنزلة العظيمة هيأ الوالدين لسماع نبأ استشهاد ولدهم. كما أن كثرة أعداد المطاردين الذين استشهدوا في الآونة الأخيرة وشعور الوالد الجازم كما يقول بأن الله سبحانه وتعالى سيحقق لابنه ما يريد ويموت شهيداً جعل الوضع طبيعياً بالنسبة له. ولكن الحقد الصهيوني الدفين على الشهيد القائد لم يكتف بإيذاء الوالدين الصابرين من خلال المداهمات والتفتيش كلما أرادت سلطات الاحتلال الانتقام منه، بل تعداه إلى الاستمرار في هذا الإيذاء حتى بعد استشهاد البطل. فقد أصدر إسحق رابين رئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يشغل في نفس الوقت منصب وزير الدفاع فيها قراراً يقضي بمنع أي شخص من الاقتراب من منزل عائلة الشهيد عماد عقل حيث بدأ مئات الجنود الذين احتشدوا في مخيم جباليا بتطبيق هذا القرار منذ صباح يوم الخميس الموافق 25 تشرين الثاني (نوفمبر). ولم يسمح الجنود بدخول المنزل إلا لوالد وشقيق الشهيد وشقيقته ووالدته في حين منعت الجماهير الغفيرة التي أحبت عماداً ورأت فيه القدوة والمثل الحي بالمقاومة والجهاد من التوافد إلى البيت أو حتى الاقتراب منه لتقديم التهاني على غياب عماد واستشهاده. وطال المنع كذلك جيران العائلة وأقرباء الشهيد بكافة درجاتهم، كما رفض المجرمون طلباً لأحد كبار السن من الأقرباء بإدخال بعض الخضار لوالدي الشهيد القائد اللذين عاشا يومهما أشبه ما يكون داخل معتقل أو في إقامة جبرية!. وفي مساء ذلك اليوم، اصطحب جنود الاحتلال الشيخ أبو العبد والد الشهيد إلى مركز الشرطة ومن ثم إلى مقر الإدارة المدنية الإسرائيلية لقطاع غزة ثم نقل بعدها إلى معهد أبو كبير الطبي في مدينة يافا للتعرف على جثمان الشهيد الذي تشوهت ملامحه.



              وتجسد الحقد الصهيوني مرة أخرى حين حرمت سلطات الاحتلال العسكرية جماهير شعبنا من شرف حمل الشهيد على أكتافها والمشاركة في عرسه الخاص، إذ طلبت من والد الشهيد الذي رافق الجثمان أن يتم التشييع والدفن بحضور عشرة من أقاربه فقط. كما رفضت هذه السلطات دفن الشهيد في مقبرة الشهداء القريبة من مقر الإدارة المدنية في المخيم، وهي المقبرة التي اعتاد أهل المخيم دفن موتاهم بها، وطلبت دفنه في المقبرة الإسلامية الشرقية بجباليا وذلك خوفاً من اندفاع الجموع الغاضبة باتجاه المقر العسكري الإسرائيلي لتحطيمه ومهاجمة الجنود الذين يحرسونه.



              وفي ساعة متأخرة من ذلك المساء الحزين، وصل الأب الصابر مع سيارة الإسعاف التي تحمل الشهيد إلى المقبرة ليتم الدفن في ظل حراب بنادق الاحتلال التي شرعت وكأنها تريد الانتقام من عماد الذي هزمها خلال صولاته وجولاته الشجاعة في الضفة والقطاع ولكن هيهات لهم. فقد انتصر الشهيد القائد عليهم حتى بعد استشهاده من خلال مداد دمه الطاهر التي أشعلت فعاليات الانتفاضة وزادتها توهجاً. وقبل أن ننتقل من المقبرة الشرقية إلى منطقة الفالوجة حيث نظمت الجماهير الفلسطينية من جميع أنحاء الوطن الحبيب بلا استثناء عرساً حقيقياً للشهيد تعبيراً عن حبها لعماد وغضبها على سلطات الاحتلال التي حرمتها من المشاركة في شرف دفنه، نتوقف عند الأم المجاهدة الصابرة التي كانت بأمس الحاجة إلى من يمسح الدموع التي تحجرت في مآقيها وشجاعتها بإصرارها على خرق تعليمات المجرمين والكشف عن جثمان الشهيد.



              ورغم الحزن والألم وعمق الروابط والذكريات، تتقدم والدة الشهيد القائد دون صراخ أو عويل نحو الجسد الطاهر وتقبله من قدمه، إذ أنها لم تستطع التعرف على معالم وجه ابنها نظراً لتمزق الرأس إلى عدة أجزاء بعد أن نالت منه القذيفة الصاروخية الجبانة.



              .
              رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

              تعليق


              • #22


                حفل تأبين حاشد في جباليا:


                شهدت ساحة مدرسة الفالوجة الثانوية بمخيم جباليا عرساً جماهيرياً عظيماً للشهيد القائد عماد عقل تحول بهتافاته الموحدة والمشاركة الفعّالة لمختلف الفصائل والتنظيمات الفلسطينية من فتح وحماس والشعبية والديمقراطية والجهاد الإسلامي وحزب الشعب. فقد زحف أكثر من خمسة عشر ألف شخص من جميع أنحاء الوطن الحبيب بعد مرور عشرة أيام على استشهاد (أسطورة غزة) نحو مكان العزاء الذي دعت إليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) محطمين أوامر منع التجول والحصار العسكري المضروب حول المخيم وفاءً لرمز الجهاد والمقاومة والكفاح المسلح. وكان مشهد المكان يعطي انطباعاً بأننا أمام مظاهرة ضخمة أعادت إلى الأذهان المشاهد التي نجحت الانتفاضة المباركة في تسجيلها ضد الدولة الصهيونية في وسائل الإعلام العالمية. فقد ازدحمت الشوارع بالحافلات والسيارات من مختلف الأنواع والأجناس واكتظت الطرقات بالشباب والجماهير الغفيرة وامتلأ المكان بالملصقات وصور الشهيد التي غطت معظم الشوارع، وانطلقت السواعد الرامية والملثمون من مختلف القرى والمدن والمخيمات لتخط الأيدي المتوضئة على كل جدران المخيم كلمات التعزية وعبارات الثأر للشهيد ومعاهدته على مواصلة الجهاد والتصدي للعدو الغاشم من خلال طريق العز والكرامة تحت راية كتائب الشهيد عز الدين القسام.



                إحدى اليافطات التي علقت في مهرجان التأبين بدأ حفل التأبين في جو من الحماس والأخوة الصادقة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم جاءت كلمة الافتتاح من أحد ملثمي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تكلم فيها عن بطولات الشهيد القائد وعدد العمليات التي نفذها. وتخلل هذا الحديث عرض رمزي لجنازة الشهيد وعرض شبه عسكري لثلة من ملثمي حماس تبعهم فرقة الأناشيد الإسلامية (مرج الزهور) التي قامت بإلقاء نشيدة "زفّوا الشهيد". وقدم عريف الحفل بعد ذلك الشيخ محسن أبو عيطة الذي ألقى كلمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فعلق على ما أبداه الكيان الصهيوني وقياداته السياسية والعسكرية والأمنية من ابتهاج وفرح لمقتل عماد عقل بالقول: "إن جميع أبناء الحركة الإسلامية عماد عقل وسيظل شبح عماد عقل يطارد اليهود". وأضاف الشيخ أبو عيطة: "إن هذا التجمع الهائل في مخيم جباليا لهو أكبر دليل على سقوط قرار غزة-أريحا ولو جاز لنا الشرع لصلينا صلاة الجنازة على صفقتهم المسمومة… لقد صلينا من أجل موت اتفاق غزة-أريحا، أما الآن فنحن ندفنه. إن إصرار جميع الفئات والفصائل الفلسطينية على المشاركة بهذا العرس الإسلامي إن دل على شيء فإنما يدل على أن الحركة الإسلامية وحركة حماس على وجه الخصوص غدت رأس الحربة في مواجهة الاحتلال. وإن حركة حماس ترحب بالجميع من حركة فتح والجبهة الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب وكافة الفصائل الفلسطينية وتدعوهم ليكونوا معاً في رأس الحربة ضد الاحتلال، إن الشعب الفلسطيني يجب أن يكون الآن موحداً وصقور فتح يجب أن ينضموا إلى أبطال عز الدين القسام لمقاومة الاتفاق". ثم شكر ممثل حماس صقور فتح والنسر الأحمر والجهاد الإسلامي على مشاركتهم الفعالة في هذا العرس الجماهيري، واختتم حديثه بالقول: "يجب أن نفرق بين الصقور الذين أبوا إلا أن يكونوا صقوراً تحلق في سماء الوطن وبين الصقور الذين يذبحون كحمائم بسكين السلام".



                ثم تحدث عريف الحفل مقدماً فرقة الشهداء التي أنشدت نشيدة "الكوماندو"، وعندها ظهر ثلاثة مطاردين من مجموعات النسر الأحمر التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حيث أطلقوا النار في الهواء من مسدس وبندقية كارل عوستاف تحية للشهيد القائد عماد عقل متعهدين بالثأر له ومواصلة الكفاح المسلح. وبعد أن غادر مطاردو النسر الأحمر المكان، تليت برقيات التعزية في الشهيد التي وردت من مجلس طلبة جامعة بيرزيت والمعتقلين الأبطال في سجني نفحة وغزة المركزي. ثم وصل أحد مطاردي كتائب الشهيد عز الدين القسام وقام بإطلاق عدة عيارات نارية في الهواء تحية للشهيد القائد، تبعه أربعة من مطاردي صقور فتح بينهم إسماعيل أبو القمصان الذي أطلق جيش الاحتلال سراحه قبل يومين يحملون مسدسين وبندقيتين من نوع كارل غوستاف وكلاشنكوف جديدة كانت بحوزة أبو القمصان الذي أطلق جيش الاحتلال سراحه قبل يومين يحملون مسدسين وبندقيتين من نوع كارل غوستاف وكلاشنكوف جديدة كانت بحوزة أبو القمصان الذي تحدث أمام الجماهير قائلاً: "سوف ننتقم لدماء عماد عقل، سنحمل السلاح وسنعلن الكفاح المسلح من أجل روح الشهيد والثأر له.. طلقنا الخوف ثلاثاً وعقدنا العزم من أجل أن نعيد مجد أمتنا". وأطلق النار في الهواء بكثافة، فهتفت الجماهير ومعها الصقور بهتاف واحد هادر "صقور يا حماس… صقور يا حماس.. صقور فتح وحماس: معركة واحدة". ثم قدم صقور فتح التحية لكتائب الشهيد عز الدين القسام ونعوا (الشهيد الصقر القسام عماد عقل).



                وألقى محمود هنية كلمة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فأكد على رفض الشعب الفلسطيني لاتفاق "أوسلو" وتحدث عن أعمال الشهيد عماد عقل قائلاً: "ما عرفنا عماد إلا قائداً ضرب لنا أروع الأمثلة في البطولة ومواجهة الأعداء". وقبل أن تقدم فرقة الشهداء للأناشيد الإسلامية أنشودة جديدة، تحدث ممثل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مشدداً على أن طريق عماد هو الطريق الصحيح والوحيد لتحرير فلسطين. ثم كانت الكلمة الختامية لأهل الشهيد القائد، وكانت كلمة جامعة ومؤثرة ألقاها الشيخ حسن عقل والد عماد من الشعب وإلى الشعب، فإذا مات الشعب مات عماد. لذلك فإن عماد حي لا يموت فهو شهيد والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون" واختتم الحفل بنشيد "على النار بنهجم على النار".





                صحافة

                حفل تأبين حاشد في "جباليا" للشهيد عماد عقل بمشاركة جميع الفصائل

                غزة- مكتب النهار للتوثيق والإعلان

                حفل تأبين –تتمة

                غزة - مكتب النهار للتوثيق والإعلان

                تظاهرة في القطاع لنشيطي حماس

                مظاهرة ضخمة تنظمها "حماس" في مخيم جباليا

                غزة - أ.ف.ب

                حفل تأبيني للشهيد عماد عقل في مخيم جباليا

                غزة - لمراسل "القدس" الخاص



                كتلة الشهيد عماد عقل الإسلامية تفوز بجميع مقاعد مجلس طلبة الجامعة في غزة

                نجاح كتلة "الشهيد عماد عقل" في انتخابات مجلس طالبات جامعة غزة

                غزة- (قطاع غزة) – قدس برس

                بسم الله الرحمن الرحيم

                (وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم)

                تهنئة حارة من الأعماق

                الحركة الإسلامية في قطاع غزة



                .
                رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                تعليق


                • #23

                  رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                  تعليق


                  • #24
                    رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                    تعليق


                    • #25
                      رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                      تعليق


                      • #26
                        رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                        تعليق


                        • #27
                          رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                          تعليق


                          • #28






                            التعديل الأخير تم بواسطة زلزال السرايا; الساعة 25-11-2008, 02:02 AM.
                            رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                            تعليق


                            • #29
                              سبعون رصاصة لا تكفي لموت عماد… لا يكفي قصف ولا جيش لموت عماد…

                              عماد هو الشعب الذي طردتموه من بلاده، وأقمتم له على قارعة كل طريق مجزرة، ووقفتم تشربون على آهات غربته الأنخاب.. ولكنه من عمق الموت عاد، يفجر الثورة ويهتف للقسام..
                              فهل قتلتم عماد؟
                              عماد هو الصوت الذي حشدتم لإسكاته كل جواسيسكم، وإجرامكم وإرهابكم وسجونكم، وتمنيتم في ذروة الفشل الذريع غرقه في البحر…
                              هو الطفل الذي كسرتم عظامه، وسرقتم ماء شربه، وسممتم طعامه، وأغلقتم مدرسته، ونسفتم بيته.. سجنتم أباه، نفيتم أخاه، سلبتم أرضه، اقتلعتم زيتونه، حرقتم برتقاله.. لكنه استمر في قتالكم.. يسعى لاقتلاعكم..
                              فهل قتلتم عماد؟
                              يا حبيب القلب يا أمير الفدائيين...
                              ليتني كنت قطعة من لحمك الذي بعثرته الشظايا
                              ليت كلي كان إصبعك الذي داس الزناد
                              هو صوتك الداوي سرى في كل واد
                              عندما عاد الصدى لكنه… رغم الشروق يلي الغروب
                              يلي الضحى ما عاد.
                              الفدائيون الآن يا عماد يصطفون على جانبي الحياة، وأنت تستعرض وحداتهم المختارة، تبادلهم تحية الانضباط.. ودفعة واحدة أيها القائد المسجى تستحيل صرحاً شامخاً، عيناك لا تغمضان، لا تعرفان الموت، فالفدائي لا يموت ولكن، يضحي بروحه وحسب.
                              رمضان كريم ,, كل عام وأنتم الى الله اقرب

                              تعليق


                              • #30
                                رحمة الله واسكنة فسيح جناتة عاش بطلا مشرفا وانتقل الي العلا بشرف وعزة
                                (الشعوب اداة التغيير)
                                د.فتحي الشقاقي

                                تعليق

                                يعمل...
                                X