عملية (بيت ليد):
* المجد: عمليتكم العسكرية البطولية أوقعت العدو الصهيوني، وأصحاب اتفاق أوسلو، في مأزق حقيقي عبرت عنه التصريحات الرعناء لقادة الحكومة الصهيونية، والادانات المرتبكة للعملية التي صدرت عن سلطة عرفات للحكم الذاتي.
· نعلم أن هذه العملية لم تكن الأولى التي ينفذها مجاهدون من حركتي الجهاد الاسلامي وحماس ضد العدو بعد تطبيق "أوسلو" في غزة وأريحا، والسؤال هو هل الهدف الاستراتيجي لعملية "بيت ليد" وعمليات أخرى شبيهة اسقاط اتفاق أوسلو؟!
- اتفاق أوسلو مات بالفعل، ومتغيرات جديدة حصلت منذ توقيعه حتى الآن، ونريد بعملياتنا أن نعطيه شهادة الوفاة الرسمية، وأن نرسم لهذا الاتفاق الجائر والظالم نهايته المنطقية، وأن نقول لأمتنا أن باب الصراع مفتوح، وأن باب الجهاد مفتوح، ويجب ايقاف هذه الانهيارات التي تحدث على الجبهة الفلسطينية وعلى غيرها من الجبهات العربية الأخرى.
ويهمنا أن نؤكد مجددا بمناسبة عملية "بيت ليد" البطولية أن المبرر الاساسي لتشكيل واستمرار حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين هو مواجهة العدو مواجهة شاملة، والكفاح المسلح هو ذروة هذه المواجهة الشاملة. وهذه العملية تأتي في سياق جهادنا المستمر منذ سنوات رغم امكانياتنا الضعيفة والمحدودة بسبب صعوبات كثيرة. لكنني أضيف أننا الآن في سباق كبير مع ما يسمونه عملية السلام التي نعتبرها محاولة لتكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين كل فلسطين، ومحاولة لاختراق كل منطقة الحوض العربي الاسلامي وفرض الهيمنة الأميركية ـ الصهيونية على كل هذه المنطقة وصناعة شرق أوسط جديد يكون العدو الصهيوني فيه القوة الاساسية والمركزية، وتلغي فيه دور الدول التاريخية من سوريا إلى مصر إلى العراق إلى ايران إلى الرياض ليبقى الدور فقط لهذا العدو الصهيوني، الذي يريد أن تكون العلاقات بين الدول علاقات اقتصادية بعيدة عما يريد أن يوهمنا أنه أوهام الايديولوجيا وأوهام الصراع القومي وأوهام صراع الحضارات.
إذن، نحن في سباق مع هذه المؤامرة الخطيرة، مؤامرة تكريس الاحتلال والهيمنة والتطبيع والاختراق. ونقول بكل صراحة اننا نبذل كل جهدنا لايقاف هذه المسيرة، وأصبح عندنا قناعة انه بتصعيد العمل المسلح سيكون باستطاعتنا ايقافها، عل أمتنا تصحو وتنهض وتواجه المؤامرة من جذورها..
نعم.. هذه العمليات في هذه المرحلة بالذات هي ضمن خطة لافشال هذا "السلام" المدنس الذي يعطي كل شيء للاسرائيليين ولا يعطي شعبنا الا الهباء.
· ارتفعت اصوات اسرائيلية مسؤولة بعد العملية تطالب بوقف مسيرة التسوية مع عرفات، هل تعتقدون أن مزيدا من هذه العمليات يمكن أن يدفع الاسرائيليين لالغاء اتفاقهم مع عرفات؟!
- ما يقال عن مواقف اليمين الاسرائيلي حول اتفاق أوسلو لا يتجاوز المزايدة والمنافسة على السلطة بين الليكود والعمل، من قال أن هناك من بين الاسرائيليين من هو ضد اتفاق أوسلو؟!
الاسرائيليون صنعوا هذا الاتفاق، وكان نصه صهيونيا، وهو اتفاق مسقوف بالارادة الصهيونية، ويُعطي كل يوم تفسيرا صهيونيا اضافيا، وبنيامين نتنياهو زعيم الليكود الصهيوني صرح أكثر من مرة انه إن جاء إلى السلطة فلن يلغي اتفاق أوسلو.
يجب أن نرى هذه المسألة من زاوية مختلفة عن تلك المتداولة في وسائل الاعلام.
عندما تم توقيع هذا الاتفاق، رفضه أكثر من نصف شعبنا. أما الجزء الآخر من شعبنا فقد خدع إلى حين، ظانا أن الاتفاق خطوة على طريق الاستقلال فصمت وانتظر.. فماذا كانت النتيجة، أصبح الغالبية العظمى من أبناء شعبنا بعد تطبيق الاتفاق بأشهر قليلة على وعي بأن هذا الاتفاق كان تطورا مفصليا لتصفية القضية الفلسطينية ولانهاء معنى الحرية والاستقلال من لغتنا وحياتنا. أوهام الأمن والرخاء تبددت تماما، وحدثت مزيد من الضغوط الأمنية على أهلنا في مناطق الحكم الذاتي، أما عن الوضع الاقتصادي ومعاناة شعبنا المتواصلة فحدث ولا حرج، كل الحجج والمبررات التي سيقت لتمرير اتفاق أوسلو سقطت تماما، وأصبحت الغالبية العظمى من شعبنا ضد اتفاق "أوسلو". هذا ما يؤكده الخروج الحاشد من وقت لآخر بعشرات الآلوف في مظاهرات ضد هذا الاتفاق، كما حصل في جنازة الشهيد هاني عابد وفي مناسبات أخرى مثل مهرجان حماس. في حين لا تستطيع سلطة الحكم الذاتي بكل ما لديها من أدوات أن تخرج للشارع أكثر من ألفين أو ثلاثة آلاف من المنتفعين بها. هذا دليل على أن تغيرات هامة حصلت على مستوى الشعب الفلسطيني في الداخل منذ توقيع الاتفاق حتى الآن.
من جهة ثانية تصاعد العمل المسلح منذ توقيع اتفاق أوسلو حتى الآن تصاعدا أكبر بكثير مما كان عليه قبل الاتفاق، مع انه من المفروض أن قطاعا ما أوقف هذا الجهاد وهذا الكفاح، أذن من أين جاء هذا التصعيد..؟!
هذا يعني أن قوى شعبية رديفة وحية انضمت للعمل المسلح وأعطت زخما جديدا للمعركة ضد المحتل. وهذا يعني أيضا، أن شعبنا لا يعبر فقط عن رفضه للاحتلال وللاتفاق بشكل سياسي، بل انه يعبر عن ذلك بأقصى أشكال الرفض وهو العمل المسلح المبدع.. وهذا كله جعل الصهاينة يفقدون بهجتهم وفرحتهم باتفاق أوسلو الذين ظنوا انه سيخلصهم من جحيم غزة، ومن هذا الثقب في الرأس كما كانوا يسمون غزة. ظنوا حينذاك انهم وجدوا حلا بتسليم غزة إلى ياسر عرفات ليقوم بدور الوكيل عنهم، كانوا يظنون أن ذلك سيمنحهم عهدا من الأمان والاستقرار ولكنهم اكتشفوا الآن أن ذلك لم يحدث، وانهم الآن في مأزق.
الكيان الصهيوني كله في مأزق الآن وهو يواجه سؤال: اذا كان اتفاق أوسلو يمنحنا كل شيء فلماذا عدم الأمان يزداد، وأين هي المشكلة أذن؟!
بسبب هذا المأزق تخرج بعض الأصوات الاسرائيلية في لحظات الغضب لتقول يجب ايقاف المفاوضات، لكنهم يعرفون انه لا حل بالنسبة لهم، ولا خيار آخر لديهم إلا استمرار هذه المفاوضات، لأن ايقافها سيجلب عليهم مزيدا من التصعيد والمواجهة وليس العكس، ولأن هذه المفاوضات تمهد لهم الطريق لاختراق المنطقة والهيمنة عليها.
نحن فقط من مصلحتنا، ومن مصلحة أمتنا أن توقف هذه المفاوضات، لأنها مهزلة، وتتم بالكامل على حساب حقوقنا وعلى حساب مصالح أمتنا.
· سمعتم تهديدات رابين في خطابه المتلفز مساء يوم الاثنين الماضي، بالانتقام من مخططي عملية "بيت ليد"، ومن مناضلي الشعب الفلسطيني الرافضين لاتفاقات أوسلو والمصرين على مواصلة الكفاح المسلح، كيف تتوقعون أن يكون رد اسرائيل على العملية خاصة انكم تعلمون أن حكومة رابين في مأزق داخلي صعب فاقمته العملية البطولية الأخيرة؟!
- يبدو أن الاسرائيليين لم يدركوا بعد اننا نحب الموت كما يحبون الحياة، وكأنهم لم يلحظوا أن كل محاولاتهم للقتل والاغتيال لم تكن الا لتزيد الثورة اشتعالا.. هذه قضية عادلة لشعب كله مظلوم ولأمة تريد أن تحيا خارج سيطرة القوى الكبرى، وخارج هذه الهيمنة المستمرة منذ عشرات السنين.
وكأن رابين، الذي يهدد ويوعد، لم يلاحظ مثلا أن اغتيال هاني عابد احد نشطاء ومسؤولي حركة الجهاد الاسلامي جعل مزيدا من الشباب أكثر استعدادا للاستشهاد، وجعل العديدين ينضمون للمجموعات الاستشهادية التابعة للجهاد الاسلامي.
أؤكد لك أن حارس العمر الأجل، وأننا مستمرين في جهادنا ولن تثنينا هذه التهديدات عن مواصلته. وعزاؤنا دائما أن الجهاد والثورة ستبقى مستمرة في جميع الأحوال، وليست هناك قضية عادلة يمكن أن تخسر، خاصة عندما تكون بقداسة وعظمة القضية الفلسطينية، وأهلها بحيوية الشعب الفلسطيني.
على كل حال نحن نسمع باستمرار مثل تهديدات رابين هذه، ونقول انه اذا نفذ أيا منها، فانه يكون فقط قد ارتكب حماقة جديدة لا أكثر.
رابين ارتكب حماقة ابعاد 400 مجاهد قبل أكثر من عامين، وارتكب حماقة اغتيال هاني عابد قبل 3 أشهر تقريبا، وليس مستبعدا أن يرتكب حماقات أخرى لن تكون إلا سببا في زيادة المأزق الذي يعيشه حاليا. وهذا المأزق هو مأزق طبيعي لأي محتل يخوض حربا خاسرة على المستوى الاستراتيجي لأنه يجدف ضد قضية عادلة ومقدسة.
· لكن لدى رابين ورقة سلطة عرفات، وهو يحاول الآن توظيفها لخدمة هدفه في قمع المناضلين الفلسطينيين، هل تتوقعون أن تنجح ضغوط رابين هذه في دفع عرفات لارتكاب حماقات ومجازر جديدة ضد شعبنا. وهل سيؤدي ذلك، كما يرغب رابين، إلى اشعال حرب أهلية في غزة؟!
- نعي تماما، من خلال قراءة نص "أوسلو"، قبل أن نرى تطبيقه على الأرض أن سلطة الحكم الذاتي سلطة وكيلة عن الاحتلال، ومطلوب منها تنفيذ أوامره وحماية أمن الاحتلال والمستوطنات. وهذه مهمات بدأت هذه السلطة بتنفيذها منذ أن وطأت أقدامها أرض قطاع غزة. نحن أصبحنا في أحيان كثيرة لا نجرؤ على اطلاق النار على الجنود الاسرائيليين في غزة لأنهم متمترسين وراء الشرطة الفلسطينية، ونحن لا نريد أن نضرب الشرطة الفلسطينية. وهذا هو أهم سبب لعدم قتل جنود اسرائيليين كل يوم في قطاع غزة. أذن سلطة عرفات تقوم بدورها في حماية الجيش الصهيوني والمستوطنات وفي تسهيل زرع العملاء في كافة أجهزة السلطة الأمنية وغير الأمنية، وأيضا في مطاردة المجاهدين والقبض عليهم كما حدث في حالات كثيرة، والأسوأ كان ارتكاب مجزرة مثل مجزرة جامع فلسطين يوم 18 تشرين ثاني الماضي. وفي هذه المجزرة كان الوكيل قد وصل إلى ذروة المهمة.
أتمنى أن يكون عرفات صاحب الأخطاء والخطايا المتعددة بحق القضية الفلسطينية وتاريخها أكثر ذكاء من أن يبتلع هذا الطعم الاسرائيلي ـ الاميركي فيرتكب غلطته الأخيرة. وأي اجراء قمعي سيتخذه عرفات في هذه المرحلة لن يكون في مصلحته، وسيكون هو الخاسر، ليس لأن الجهاد الاسلامي ستشن حربا عسكرية ضده، ولكن لأنه منذ المجزرة على الأقل أصبحت المواجهة في قطاع غزة واضحة: جماهير الشعب الفلسطيني في مواجهة سلطة فارغة من مضمونها فاسدة ومرتبطة تماما بالاحتلال. وسلطة عرفات أنقذت بعد المجزرة باعجوبة لأنه لم يكن هناك قرار سياسي لدى قوى المعارضة الفاعلة بالتحرك لاسقاط هذه السلطة، مع أن الشعب كان يتحرك بهذا الاتجاه يوم المجزرة وفي الأيام الثلاثة التالية له، حيث غابت سلطة عرفات تماما عن قطاع غزة، عرفات يدرك انه ليس بمقدوره مواجهة هذه الجماهير، أما اذا أعماه الضغط والتوجيه الأميركي والصهيوني فقد تكون هذه غلطته الأخيرة.
لكنني استبعد اشتعال الحرب الاهلية الفلسطينية بالمعنى التقليدي لهذه الحرب في فلسطين عموما، وفي قطاع غزة بشكل خاص هناك انسجام عرقي وديني ومذهبي، والعائلات تتداخل وفي نفس العائلة تجد كل أطياف اللون السياسي، وبالتالي الحرب الاهلية على الطريقة اللبنانية أو الافغانية غير واردة بتقديري. أما أخطاء وخطايا ومجازر على طريقة مجزرة جامع فلسطين، وربما اشتباكات محدودة في أسوأ الأحوال، فهذا وارد، ليس بسبب موقفنا وقرارنا، ولكن بسبب طبيعة السلطة والمأزق الذي تعيشه واستعدادها المفزع لارتكاب الاخطاء.
· احتجت واشنطن لدى دمشق على وجودكم في سوريا، والرد السوري على هذا الاحتجاج جاء واضحا في اشارة من الوزير فاروق الشرع إلى أن الاسرائيليين هم من يتحمل المسؤولية بسبب عدم انسحابهم من الضفة وقطاع غزة؟ هل تتوقعون ضغوطا اميركية اضافية على دمشق بسبب وجودك، ووجود قوى وطنية فلسطينية رافضة لأوسلو في سوريا؟!
- اعتقد أنهم في سوريا يعرفون انني شخصيا مطرود من وطني بأمر من اسحق رابين شخصيا عندما كان وزيرا للحرب. ويعرفون أيضا أننا لا نرسل من دمشق لا أسلحة ولا مقاتلين، ويعلنون دائما أن من حق هذا الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين أن يمارس نضاله ومقاومته ضد الاحتلال كما تقر ذلك كل الشرائع والقوانين الدولية. ونحن موجودون أساسا داخل فلسطين، والتخطيط للعمل العسكري يتم داخل فلسطين، ولكن الدول العربية مفتوحة لكل عربي يمر بها، ودورنا في سوريا، أو في غيرها لا يتجاوز أن يكون دورا سياسيا واعلاميا، فاخواننا في الداخل يأخذون سلاحهم من أيدي الجنود الصهاينة، وكل شعبنا في الداخل يتوق للقتال ضد القهر والظلم الواقع عليه، لذلك كله لا أجد أي مبرر للضغط الأميركي على سوريا، سوى محاولة لارضاء اسرائيل ولاستجلاب رضا الصوت اليهودي في الانتخابات الأميركية؟!
من ناحية أخرى، اعتقد أن مثل هذه العمليات الجهادية البطولية تشد من أزر جميع المخلصين الأقوياء والضعفاء، المتقدمين والمترددين، فقط الذين أصبح العدو خيارهم الأول والأخير هم ضد هذا العمل. لكن شعبنا من ناحية، ومنظمات وأحزاب فلسطينية وعربية واسلامية وايضا العديد من الدول، ترى في مثل هذا العمل رافعة جديدة لقوى المواجهة الشعبية والرسمية.
الذي يلحظ الغطرسة الأميركية والاسرائيلية في الشهور الماضية لابد أن يدرك هذه الحقيقة، بالأمس فقط كان بيليترو يحاول ارغام حسني مبارك الصديق لاميركا على توقيع معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية بغض النظر عن الموقف الاسرائيلي الذي يكدس الاسلحة النووية. هذا نوع من الغطرسة والهيمنة تمارسها أميركا على أصدقائها قبل اعدائها.
على هؤلاء جميعا أن يروا فيما حدث من عمل عسكري اضافة إلى جهدهم في المعركة التي بدأ يتضح للجميع أنها ستكون بين كل الأمة وبين التحالف الغربي ـ الصهيوني.
* المجد: عمليتكم العسكرية البطولية أوقعت العدو الصهيوني، وأصحاب اتفاق أوسلو، في مأزق حقيقي عبرت عنه التصريحات الرعناء لقادة الحكومة الصهيونية، والادانات المرتبكة للعملية التي صدرت عن سلطة عرفات للحكم الذاتي.
· نعلم أن هذه العملية لم تكن الأولى التي ينفذها مجاهدون من حركتي الجهاد الاسلامي وحماس ضد العدو بعد تطبيق "أوسلو" في غزة وأريحا، والسؤال هو هل الهدف الاستراتيجي لعملية "بيت ليد" وعمليات أخرى شبيهة اسقاط اتفاق أوسلو؟!
- اتفاق أوسلو مات بالفعل، ومتغيرات جديدة حصلت منذ توقيعه حتى الآن، ونريد بعملياتنا أن نعطيه شهادة الوفاة الرسمية، وأن نرسم لهذا الاتفاق الجائر والظالم نهايته المنطقية، وأن نقول لأمتنا أن باب الصراع مفتوح، وأن باب الجهاد مفتوح، ويجب ايقاف هذه الانهيارات التي تحدث على الجبهة الفلسطينية وعلى غيرها من الجبهات العربية الأخرى.
ويهمنا أن نؤكد مجددا بمناسبة عملية "بيت ليد" البطولية أن المبرر الاساسي لتشكيل واستمرار حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين هو مواجهة العدو مواجهة شاملة، والكفاح المسلح هو ذروة هذه المواجهة الشاملة. وهذه العملية تأتي في سياق جهادنا المستمر منذ سنوات رغم امكانياتنا الضعيفة والمحدودة بسبب صعوبات كثيرة. لكنني أضيف أننا الآن في سباق كبير مع ما يسمونه عملية السلام التي نعتبرها محاولة لتكريس الاحتلال الصهيوني لفلسطين كل فلسطين، ومحاولة لاختراق كل منطقة الحوض العربي الاسلامي وفرض الهيمنة الأميركية ـ الصهيونية على كل هذه المنطقة وصناعة شرق أوسط جديد يكون العدو الصهيوني فيه القوة الاساسية والمركزية، وتلغي فيه دور الدول التاريخية من سوريا إلى مصر إلى العراق إلى ايران إلى الرياض ليبقى الدور فقط لهذا العدو الصهيوني، الذي يريد أن تكون العلاقات بين الدول علاقات اقتصادية بعيدة عما يريد أن يوهمنا أنه أوهام الايديولوجيا وأوهام الصراع القومي وأوهام صراع الحضارات.
إذن، نحن في سباق مع هذه المؤامرة الخطيرة، مؤامرة تكريس الاحتلال والهيمنة والتطبيع والاختراق. ونقول بكل صراحة اننا نبذل كل جهدنا لايقاف هذه المسيرة، وأصبح عندنا قناعة انه بتصعيد العمل المسلح سيكون باستطاعتنا ايقافها، عل أمتنا تصحو وتنهض وتواجه المؤامرة من جذورها..
نعم.. هذه العمليات في هذه المرحلة بالذات هي ضمن خطة لافشال هذا "السلام" المدنس الذي يعطي كل شيء للاسرائيليين ولا يعطي شعبنا الا الهباء.
· ارتفعت اصوات اسرائيلية مسؤولة بعد العملية تطالب بوقف مسيرة التسوية مع عرفات، هل تعتقدون أن مزيدا من هذه العمليات يمكن أن يدفع الاسرائيليين لالغاء اتفاقهم مع عرفات؟!
- ما يقال عن مواقف اليمين الاسرائيلي حول اتفاق أوسلو لا يتجاوز المزايدة والمنافسة على السلطة بين الليكود والعمل، من قال أن هناك من بين الاسرائيليين من هو ضد اتفاق أوسلو؟!
الاسرائيليون صنعوا هذا الاتفاق، وكان نصه صهيونيا، وهو اتفاق مسقوف بالارادة الصهيونية، ويُعطي كل يوم تفسيرا صهيونيا اضافيا، وبنيامين نتنياهو زعيم الليكود الصهيوني صرح أكثر من مرة انه إن جاء إلى السلطة فلن يلغي اتفاق أوسلو.
يجب أن نرى هذه المسألة من زاوية مختلفة عن تلك المتداولة في وسائل الاعلام.
عندما تم توقيع هذا الاتفاق، رفضه أكثر من نصف شعبنا. أما الجزء الآخر من شعبنا فقد خدع إلى حين، ظانا أن الاتفاق خطوة على طريق الاستقلال فصمت وانتظر.. فماذا كانت النتيجة، أصبح الغالبية العظمى من أبناء شعبنا بعد تطبيق الاتفاق بأشهر قليلة على وعي بأن هذا الاتفاق كان تطورا مفصليا لتصفية القضية الفلسطينية ولانهاء معنى الحرية والاستقلال من لغتنا وحياتنا. أوهام الأمن والرخاء تبددت تماما، وحدثت مزيد من الضغوط الأمنية على أهلنا في مناطق الحكم الذاتي، أما عن الوضع الاقتصادي ومعاناة شعبنا المتواصلة فحدث ولا حرج، كل الحجج والمبررات التي سيقت لتمرير اتفاق أوسلو سقطت تماما، وأصبحت الغالبية العظمى من شعبنا ضد اتفاق "أوسلو". هذا ما يؤكده الخروج الحاشد من وقت لآخر بعشرات الآلوف في مظاهرات ضد هذا الاتفاق، كما حصل في جنازة الشهيد هاني عابد وفي مناسبات أخرى مثل مهرجان حماس. في حين لا تستطيع سلطة الحكم الذاتي بكل ما لديها من أدوات أن تخرج للشارع أكثر من ألفين أو ثلاثة آلاف من المنتفعين بها. هذا دليل على أن تغيرات هامة حصلت على مستوى الشعب الفلسطيني في الداخل منذ توقيع الاتفاق حتى الآن.
من جهة ثانية تصاعد العمل المسلح منذ توقيع اتفاق أوسلو حتى الآن تصاعدا أكبر بكثير مما كان عليه قبل الاتفاق، مع انه من المفروض أن قطاعا ما أوقف هذا الجهاد وهذا الكفاح، أذن من أين جاء هذا التصعيد..؟!
هذا يعني أن قوى شعبية رديفة وحية انضمت للعمل المسلح وأعطت زخما جديدا للمعركة ضد المحتل. وهذا يعني أيضا، أن شعبنا لا يعبر فقط عن رفضه للاحتلال وللاتفاق بشكل سياسي، بل انه يعبر عن ذلك بأقصى أشكال الرفض وهو العمل المسلح المبدع.. وهذا كله جعل الصهاينة يفقدون بهجتهم وفرحتهم باتفاق أوسلو الذين ظنوا انه سيخلصهم من جحيم غزة، ومن هذا الثقب في الرأس كما كانوا يسمون غزة. ظنوا حينذاك انهم وجدوا حلا بتسليم غزة إلى ياسر عرفات ليقوم بدور الوكيل عنهم، كانوا يظنون أن ذلك سيمنحهم عهدا من الأمان والاستقرار ولكنهم اكتشفوا الآن أن ذلك لم يحدث، وانهم الآن في مأزق.
الكيان الصهيوني كله في مأزق الآن وهو يواجه سؤال: اذا كان اتفاق أوسلو يمنحنا كل شيء فلماذا عدم الأمان يزداد، وأين هي المشكلة أذن؟!
بسبب هذا المأزق تخرج بعض الأصوات الاسرائيلية في لحظات الغضب لتقول يجب ايقاف المفاوضات، لكنهم يعرفون انه لا حل بالنسبة لهم، ولا خيار آخر لديهم إلا استمرار هذه المفاوضات، لأن ايقافها سيجلب عليهم مزيدا من التصعيد والمواجهة وليس العكس، ولأن هذه المفاوضات تمهد لهم الطريق لاختراق المنطقة والهيمنة عليها.
نحن فقط من مصلحتنا، ومن مصلحة أمتنا أن توقف هذه المفاوضات، لأنها مهزلة، وتتم بالكامل على حساب حقوقنا وعلى حساب مصالح أمتنا.
· سمعتم تهديدات رابين في خطابه المتلفز مساء يوم الاثنين الماضي، بالانتقام من مخططي عملية "بيت ليد"، ومن مناضلي الشعب الفلسطيني الرافضين لاتفاقات أوسلو والمصرين على مواصلة الكفاح المسلح، كيف تتوقعون أن يكون رد اسرائيل على العملية خاصة انكم تعلمون أن حكومة رابين في مأزق داخلي صعب فاقمته العملية البطولية الأخيرة؟!
- يبدو أن الاسرائيليين لم يدركوا بعد اننا نحب الموت كما يحبون الحياة، وكأنهم لم يلحظوا أن كل محاولاتهم للقتل والاغتيال لم تكن الا لتزيد الثورة اشتعالا.. هذه قضية عادلة لشعب كله مظلوم ولأمة تريد أن تحيا خارج سيطرة القوى الكبرى، وخارج هذه الهيمنة المستمرة منذ عشرات السنين.
وكأن رابين، الذي يهدد ويوعد، لم يلاحظ مثلا أن اغتيال هاني عابد احد نشطاء ومسؤولي حركة الجهاد الاسلامي جعل مزيدا من الشباب أكثر استعدادا للاستشهاد، وجعل العديدين ينضمون للمجموعات الاستشهادية التابعة للجهاد الاسلامي.
أؤكد لك أن حارس العمر الأجل، وأننا مستمرين في جهادنا ولن تثنينا هذه التهديدات عن مواصلته. وعزاؤنا دائما أن الجهاد والثورة ستبقى مستمرة في جميع الأحوال، وليست هناك قضية عادلة يمكن أن تخسر، خاصة عندما تكون بقداسة وعظمة القضية الفلسطينية، وأهلها بحيوية الشعب الفلسطيني.
على كل حال نحن نسمع باستمرار مثل تهديدات رابين هذه، ونقول انه اذا نفذ أيا منها، فانه يكون فقط قد ارتكب حماقة جديدة لا أكثر.
رابين ارتكب حماقة ابعاد 400 مجاهد قبل أكثر من عامين، وارتكب حماقة اغتيال هاني عابد قبل 3 أشهر تقريبا، وليس مستبعدا أن يرتكب حماقات أخرى لن تكون إلا سببا في زيادة المأزق الذي يعيشه حاليا. وهذا المأزق هو مأزق طبيعي لأي محتل يخوض حربا خاسرة على المستوى الاستراتيجي لأنه يجدف ضد قضية عادلة ومقدسة.
· لكن لدى رابين ورقة سلطة عرفات، وهو يحاول الآن توظيفها لخدمة هدفه في قمع المناضلين الفلسطينيين، هل تتوقعون أن تنجح ضغوط رابين هذه في دفع عرفات لارتكاب حماقات ومجازر جديدة ضد شعبنا. وهل سيؤدي ذلك، كما يرغب رابين، إلى اشعال حرب أهلية في غزة؟!
- نعي تماما، من خلال قراءة نص "أوسلو"، قبل أن نرى تطبيقه على الأرض أن سلطة الحكم الذاتي سلطة وكيلة عن الاحتلال، ومطلوب منها تنفيذ أوامره وحماية أمن الاحتلال والمستوطنات. وهذه مهمات بدأت هذه السلطة بتنفيذها منذ أن وطأت أقدامها أرض قطاع غزة. نحن أصبحنا في أحيان كثيرة لا نجرؤ على اطلاق النار على الجنود الاسرائيليين في غزة لأنهم متمترسين وراء الشرطة الفلسطينية، ونحن لا نريد أن نضرب الشرطة الفلسطينية. وهذا هو أهم سبب لعدم قتل جنود اسرائيليين كل يوم في قطاع غزة. أذن سلطة عرفات تقوم بدورها في حماية الجيش الصهيوني والمستوطنات وفي تسهيل زرع العملاء في كافة أجهزة السلطة الأمنية وغير الأمنية، وأيضا في مطاردة المجاهدين والقبض عليهم كما حدث في حالات كثيرة، والأسوأ كان ارتكاب مجزرة مثل مجزرة جامع فلسطين يوم 18 تشرين ثاني الماضي. وفي هذه المجزرة كان الوكيل قد وصل إلى ذروة المهمة.
أتمنى أن يكون عرفات صاحب الأخطاء والخطايا المتعددة بحق القضية الفلسطينية وتاريخها أكثر ذكاء من أن يبتلع هذا الطعم الاسرائيلي ـ الاميركي فيرتكب غلطته الأخيرة. وأي اجراء قمعي سيتخذه عرفات في هذه المرحلة لن يكون في مصلحته، وسيكون هو الخاسر، ليس لأن الجهاد الاسلامي ستشن حربا عسكرية ضده، ولكن لأنه منذ المجزرة على الأقل أصبحت المواجهة في قطاع غزة واضحة: جماهير الشعب الفلسطيني في مواجهة سلطة فارغة من مضمونها فاسدة ومرتبطة تماما بالاحتلال. وسلطة عرفات أنقذت بعد المجزرة باعجوبة لأنه لم يكن هناك قرار سياسي لدى قوى المعارضة الفاعلة بالتحرك لاسقاط هذه السلطة، مع أن الشعب كان يتحرك بهذا الاتجاه يوم المجزرة وفي الأيام الثلاثة التالية له، حيث غابت سلطة عرفات تماما عن قطاع غزة، عرفات يدرك انه ليس بمقدوره مواجهة هذه الجماهير، أما اذا أعماه الضغط والتوجيه الأميركي والصهيوني فقد تكون هذه غلطته الأخيرة.
لكنني استبعد اشتعال الحرب الاهلية الفلسطينية بالمعنى التقليدي لهذه الحرب في فلسطين عموما، وفي قطاع غزة بشكل خاص هناك انسجام عرقي وديني ومذهبي، والعائلات تتداخل وفي نفس العائلة تجد كل أطياف اللون السياسي، وبالتالي الحرب الاهلية على الطريقة اللبنانية أو الافغانية غير واردة بتقديري. أما أخطاء وخطايا ومجازر على طريقة مجزرة جامع فلسطين، وربما اشتباكات محدودة في أسوأ الأحوال، فهذا وارد، ليس بسبب موقفنا وقرارنا، ولكن بسبب طبيعة السلطة والمأزق الذي تعيشه واستعدادها المفزع لارتكاب الاخطاء.
· احتجت واشنطن لدى دمشق على وجودكم في سوريا، والرد السوري على هذا الاحتجاج جاء واضحا في اشارة من الوزير فاروق الشرع إلى أن الاسرائيليين هم من يتحمل المسؤولية بسبب عدم انسحابهم من الضفة وقطاع غزة؟ هل تتوقعون ضغوطا اميركية اضافية على دمشق بسبب وجودك، ووجود قوى وطنية فلسطينية رافضة لأوسلو في سوريا؟!
- اعتقد أنهم في سوريا يعرفون انني شخصيا مطرود من وطني بأمر من اسحق رابين شخصيا عندما كان وزيرا للحرب. ويعرفون أيضا أننا لا نرسل من دمشق لا أسلحة ولا مقاتلين، ويعلنون دائما أن من حق هذا الشعب الفلسطيني في داخل فلسطين أن يمارس نضاله ومقاومته ضد الاحتلال كما تقر ذلك كل الشرائع والقوانين الدولية. ونحن موجودون أساسا داخل فلسطين، والتخطيط للعمل العسكري يتم داخل فلسطين، ولكن الدول العربية مفتوحة لكل عربي يمر بها، ودورنا في سوريا، أو في غيرها لا يتجاوز أن يكون دورا سياسيا واعلاميا، فاخواننا في الداخل يأخذون سلاحهم من أيدي الجنود الصهاينة، وكل شعبنا في الداخل يتوق للقتال ضد القهر والظلم الواقع عليه، لذلك كله لا أجد أي مبرر للضغط الأميركي على سوريا، سوى محاولة لارضاء اسرائيل ولاستجلاب رضا الصوت اليهودي في الانتخابات الأميركية؟!
من ناحية أخرى، اعتقد أن مثل هذه العمليات الجهادية البطولية تشد من أزر جميع المخلصين الأقوياء والضعفاء، المتقدمين والمترددين، فقط الذين أصبح العدو خيارهم الأول والأخير هم ضد هذا العمل. لكن شعبنا من ناحية، ومنظمات وأحزاب فلسطينية وعربية واسلامية وايضا العديد من الدول، ترى في مثل هذا العمل رافعة جديدة لقوى المواجهة الشعبية والرسمية.
الذي يلحظ الغطرسة الأميركية والاسرائيلية في الشهور الماضية لابد أن يدرك هذه الحقيقة، بالأمس فقط كان بيليترو يحاول ارغام حسني مبارك الصديق لاميركا على توقيع معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية بغض النظر عن الموقف الاسرائيلي الذي يكدس الاسلحة النووية. هذا نوع من الغطرسة والهيمنة تمارسها أميركا على أصدقائها قبل اعدائها.
على هؤلاء جميعا أن يروا فيما حدث من عمل عسكري اضافة إلى جهدهم في المعركة التي بدأ يتضح للجميع أنها ستكون بين كل الأمة وبين التحالف الغربي ـ الصهيوني.
تعليق