رد: " ملف خاص " سيد شهداء حركة الجهاد الإسلامي الشهيد القائد فتحي الشقاقي (أبو إبراهي
كلمة في المؤتمر الإسلامي الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
« يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم. ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم. فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وانتم الاعلون والله معكم ولن يتركم اعمالكم».
صدق الله العظيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه
الاخوة المجاهدون
ما من شك ان ما حدث خلال الايام الماضية من اعتراف متبادل بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية وما تلاه من توقيع ما سمي بالاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني ما من شك ان هذا يعتبر من اهم واخطر ما حدث في تاريخنا على امتداد هذا القرن. فهو لا يمس فقط حياة ومستقبل نحو مليون فلسطيني في غزة واريحا ولا حياة ومستقبل 6 مليون فلسطيني على امتداد فلسطين المحتلة والشتات، انه ايضاً يمس حياة ومستقبل كل عربي وكل مسلم من المليار مسلم على امتداد العالم، وقبل ان اقول لاهلنا وشعبنا في غزة ما هي مخاطر هذا الاتفاق واثاره التدميرية عليهم مباشرة.. اقول حتى لو تحولت غزة الى الجنة الموعودة كما يتوهم المنومون مغناطيسياً والمطبوعون والمهزومون، حتى لو حدث ذلك فسيكون الثمن اكبر كارثة تحيق بالمليار عربي ومسلم في تاريخهم، وسنقول بحق الان انتهت الحروب الصليبية وليس يوم دخول اللنبي الى بيت المقدس وبلاد الشام قبل ثلاثة ارباع القرن، الان انتهت الحروب الصليبية لاننا على مدى ثلاثة ارباع القرن كنا نناضل ونجاهد ونقاوم ونرفض الاحتلال والاستعمار، والان وقعنا على صك الهزيمة والاستسلام بكافة شروط العدو، بل بشروط لم يحلم العدو ان بالامكان قبولها، او تحقيقها.
بهذا الاتفاق بات من الاوهام الحديث عن امة عربية واحدة، او امة اسلامية واحدة، وعلى الدول العربية والاسلامية سواء التابعة تماماً او التابعة جزئياً، بات عليها ان تسقط من جديد وبشروط جديدة لم تكن تخطر ببال احد، ولا تتصوروا انه سيكون هناك قومية او وطنية مصرية او يمنية او سعودية او اردنية او عراقية او افغانية او تركية او سورية...
فهذا ما هو حاصل بالفعل منذ سنوات ويتعمق ويتجذر اليوم تمهيداً لتفتيت كل بلد من هذه البلدان الى اطياف متعددة من الطوائف والمذاهب والقوميات والعصبيات، وسيبرز الكيان الصهيوني ومنذ الان، كياناً مركزياً مهيمناً في شرق اوسط جديد، يدخله من يطيع الشروط والاوامر الامريكية والصهيونية، ويخرج منه كل من سيرفض ويقاوم ويرفع صوته معترضاً. من طنجة الى جاكرتا سيركعون ويعترفون بالسيد الجديد.. سيد حياتهم ومصائرهم ومستقبلهم. وليس مفاجئاً ان يذهب قادة العدو فوراً وبعد توقيع الاتفاق الى المغرب اي الى طنجة، ويتحدثون عن اعتراف ماليزيا واندونيسيا اي جاكرتا بالعدو وفتح السفارات واقامة العلاقات الدبلوماسية، من طنجة الى جاكرتا سيسقطون دولة فدولة ببركة الاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني،. نعرف ان كثيراً من هذه الدول كانت سقطت منذ عقود، ولكننا اليوم امام السقوط الثاني بما يعنيه من تدمير جديد واختراق شامل وبشاعة يعلمها الراسخون في العلم.
هذا الوطن الاسلامي سيتحول الى سوق للغرب وللكيان الصهيوني وسيوزعون علينا مياهنا ونفطنا بالجالون. هذا ان اطعناهم، هذا الوطن الاسلامي سيتحول الى ماخور ببركة توقيع محمود عباس وعرفات، سيمنعوننا من النهضة.. من التسلح، من بناء مصنع او شراء جهاز متطور، سيمنعوننا من اختيار نمط لباسنا كما يشاؤون او نُنبذ في العالمين.
هذا الاتفاق ليس سوى تحالف بين الدولة العبرية والحركة الصهيونية من جهة وبين حفنة فلسطينية صغيرة وقليلة حقاً، تحالف ضد فلسطين وضد الامة العربية والاسلامية لترتيب المنطقة تحت نعال بني اسرائيل. وشعبنا سيكون الجسر والمعبر.. وغزة العظيمة الباسلة.. غزة الشاهدة والشهيدة ستكون ببركة توقيع هذا النكره محمود عباس ستكون الحزام الامني واول الماخور.
اليوم مطلوب ان نلغي من ذاكرتنا ان الصهيونية حركة عنصرية توسعية احتلت ارض فلسطين. ويجب ان نثبت في ذاكرتنا من جديد ما يقوله اليهود عن الصهيونية من انها حركة تحرر وطني قاومت الاستعمار البريطاني وحصلت على الاستقلال لشعبها اليهودي اليوم مطلوب ان نعتذر عن عشرات الآلاف من الشهداء فلسطينيين وعرباً ومسلمين.. ان نأسف لمليارات ومليارات من الاموال ضاعت تحت عنوان فلسطين دون ان ندري ان فلسطين لدى ثوار وقادة منظمة التحرير لم تكن سوى وهمٍ كبيرٍ جاء أوان التخلص منه ، نبيل شعث احد مهندسي اتفاق العار قال يوم التوقيع المشؤوم رداً على سؤال حول ما هو اكثر ما اثر به ذلك اليوم قال تأكدي اليوم ان 80% من فلسطين ضاعت الى الابد. في نفس الوقت لا استطيع ان اعد اطفالي ان بالامكان قيام دولة فلسطينية على الجزء المتبقي .
يا شعبنا العظيم يا أهل غزة البواسل..
يامن اجترحتم معجزة الانتفاضة في عصر الانكسارات فأضأتم ليل العرب الطويل.. هذا ليس سلاماً وليس استقلالاً، وليس مقدمة لسلام او استقلال، انهم يبيعون 98% من ارض فلسطين بما في ذلك القدس مقابل حكومة ذاتية او بلدية على 2% من ارض فلسطين، منذ عام والاسرائيليون مستعدون للهروب من قطاع غزة. وفي مطلع هذا العام يناير (كانون الثاني) 1993 اظهر استطلاع للرأي العام الاسرائيلي ان 44% من الصهاينة مستعدون وموافقون للخروج من غزة من طرف واحد، ويقول احد الاستراتيجيين الصهاينة وهو شلومو غازيت من رؤساء الاستخبارات السابقين لو جرى هذا الاستطلاع بعد ذلك بشهور قليلة لازدادت النسبة، وهكذا فالانسحاب الاسرائيلي من غزة وتحت ضغط مقاومة وجهاد شعبنا كان مسألة واردة. ولكن حفنة مهزومة ومتساقطة دفعت ثمناً غالياً غالياً مقابل انسحاب موهوم يسمح بعودة حفنة وتسلمها لمقاليد الامور في غزة بدلاً عن الشعب الذي كان سيستمر في جهاده ومقاومته، حفنة تعود لاجل قمع الانتفاضة وقمع الناس وقمع طموح الشعب بكامل ارضه ووطنه، ولابد انكم سمعتم تصريح وزير داخلية غزة القادم حكم بلعاوي الذي قال ان مهمتي هي قمع المعارضةî. العدو لن ينسحب وسيعيد انتشار جيشه باذكى واخبث من السابق، المستوطنات حتى تلك التي لاقيمة استراتيجية او دينية لها في قطاع غزة باقية، الحدود ستبقى بيد العدو، ما يعجز عنه جهاز الامن والقمع الفلسطيني يعالجه جهاز امن العدو. وما يعجز عنه جهاز أمن العدو يعالجه الجهاز الفلسطيني، مع الاخذ في الاعتبار تصريحات رابين وبيرس ان الجهاز الفلسطيني سيكون اقدر على القمع واكثر نجاعة.
هذا ليس استقلالاً وليس سلاماً وإلا لماذا غيبوكم عن المفاوضات السرية.. غيبوكم حتى لا تضعوا شروطكم وحتى تصبحوا فجأة مذهولين امام اتفاق مدعوم من كل الشياطين الكبار والصغار، ومن آلة الغرب الاعلامية التي تصنع الاوهام والاحلام كما تشاء ولا يجد الناس منها فكاكاً.
صدقونا لسنا ضد انسحاب العدو من اي شبر من ارض الوطن، ولكن هذا ليس انسحاباً، انه اعادة تحكم استراتيجي بقطاع غزة، بضربة واحدة استطاعت حفنة فلسطينية ان تجلب المشروع الاسرائيلي الذي رفضه حيدر عبد الشافي على مدى عشرين شهراً الى قلب الساحة ليتخلص اليهود من ثورة حقيقية وتمرد حقيقي وعلى هذه الحفنة ان تعالجه بطريقتها الخاصة.
وهكذا حولوا انتصار الشعب الذي كان يؤذن برحيل اليهود الى هزيمة نكراء.
صدقونا ان دمنا فداؤكم وأننا نألم اشد الالم لآلامكم ونحلم ونناضل لأجل اليوم الذي تتوقف فيه معاناتكم، ولكننا نرى في الاتفاق تكريساً للاحتلال والمعاناة معاً. فليس من منطق سليم يقول بزوال المعاناة والاحتلال قائم بشكل او بآخر. وليس من شعب كريم من يرى في هكذا اتفاق اي شكل من اشكال الاستقلال.
أما الضفة فستكون شروط دخولها اصعب واصعب حتى لو برهنت هذه الحفنة الفلسطينية انها قادرة على حماية امن الكيان الصهيوني والذود عنه، حتى لو نجحت في ذلك بامتياز، والكل يعرف السبب. فقطاع غزة بالنسبة لليهود يفقد اهميتة الاستراتيجية والدينية، وهو ساقط عسكرياً في كل حين، أما الضفة فلها اهميتها الاستراتيجية والدينية وبها اكثر من مئة وعشرين الف مستوطن قد يصلون في جو الاستقرار الى نصف مليون، لن يكون لغير الحكومة الصهيونية اي سلطة عليهم.
أما القدس فبالله عليكم من نصدق.. الاقوى الذي نفذ كل شروطه حتى الان ويرفض اي مساومة ام من يتنازل كل يوم ويكذب علينا كل يوم؟ .
العدو يعتبرها عاصمته الابدية ويخرجها من دائرة التفاوض والتكتيك ويسخر من تأويلنا لتأجيل موضوعها والسيد عرفات يطوف على بعض الحكام العرب داعياً اياهم للصلاة معه في القدس المستقلة، وهو يعرف انه لايستطيع دعوتهم للصلاة في غزة.
أما ما يسمى بنصر الاعتراف الاسرائيلي بمنظمة التحرير فانظروا جيداً ترونه جاء محمولاً كالنعش فوق الاكف. فأي نصر لميت انتحر بيده بعد ان الغى جوهره وثوابته وكل مبررات وجوده، وبعد ان طعن الانتفاضة ووقع على دفنها، وتعهد بقمع من يعود اليها.
اي معنى لنصر الاعتراف الموهوم المزعوم هذا ان كان على منظمة التحرير ان تتحول الى حكومة صغيرة او جهاز امن يسهل مسيرة الحركة الصهيونية في فلسطين وكل المنطقة.
إن الاعتراف يكون بين الدول، ولاقيمة للاعتراف بمنظمة ليست اكثر من هيئة او حزب خاص وقد فقدت أي مضمون يشير اليها.
يا شعبنا العظيم
بأي حق كنا نجاهد ونناضل، كنا نطلب دعم العرب والمسلمين، واليوم وتحت عنوان السلام تأتي حفنة صغيرة لتأخذ لنفسها الحق بالتنازل عن القدس التي لم تكن ملكاً لابى مازن او غيره بل ملكاً لجميع المسلمين، وكيف نذهب للعرب والمسلمين غداً طالبين مساندتهم ودعمهم لجهادنا، سيقولون أي جهاد هذا الذي تبقى وقد وقع الممثل الشرعي الوحيد على وقف الجهاد ومنعه بالقوة وعلى تسليم فلسطين لليهود.
على مدى نصف قرن الصق بنا كثيرون ظلماً تهمة التفريط بوطننا وبيع ارضنا، فماذا نقول لهم اليوم، والصفقة تمت أمام انظار العالم.. كل العالم، وعلى فلسطين.. كل فلسطين.. واخجلتاه.. أي عار سيلحق بنا بين الامم وامام التاريخ وبين يدي الله.
بأي حق يتم الغاء ميثاق وطني اجمع عليه الشعب منذ مؤتمر غزة بقيادة الحاج امين الحسيني عام 1948 م الى المؤتمر الوطني عام 1964 م بقيادة احمد الشقيري.. الى اجماع وطني شعبي مستمر. كيف يلغى هذا الميثاق ويشطب هذا الاجماع بدون استشارة الشعب وبدون استشارة حتى المجلس الوطني الذي اشرف عرفات نفسه على تعيينه. بل باصوات اقل من عشرة اشخاص خرج كل منهم من اجتماع اللجنة التنفيذية ليروي رواية مختلفة؟ .
هل اختزل شعبنا العظيم الجبار المبدع في ثمانية اشخاص مجهولين لا يعرف شعبنا اغلب اسمائهم.
اي مؤامرة تحاك واي مذبحة نساق اليها؟ .
أما وعود الرخاء والتنمية التي يخدعون الشعب بها، نقول لكم انظروا الى مصر ان تحققت فيها هذه الوعود بعد كامب ديفيد فتوقعوها في غزة ايضاً، لا تتجاوز هذه الوعود كونها مصيدة تجلب لشعبنا العار فهذا الجهاز الخرب الفاسد والمفسد الذي دمر م»ت»ف قادر على تدمير وتخريب اقتصاد الضفة والقطاع اكثر مما خربه الاحتلال.. لا تتوقعوا من هكذا جهاز سوى مزيد من التخريب، أما بناء سنغافورة في غزة كما يعدنا شمعون بيريس فأوهام نتركها له، يحلم بتحقيقها عى باقي فلسطين. فمهندس الاتفاق بيريس يعلم ان الاتفاق يرهن اقتصاد غزة كاملاً للاقتصاد الصهيوني ويجعله تابعاً له على حساب العرب وعلى حساب اي تكامل اقتصادي عربي.
وبعد ياأهلنا وياشعبنا
هذا السلام المذل سيترككم حفنة من غبار فانهضوا واستفيقوا، ولا تبتهجوا وأمكم أمامكم تُغتصب، الاغتصاب والاحتلال كان قائماً، ولكننا نرفضه ونقاومه ونكرهه ولا يأخذ اي شرعية أما اليوم فأي ابتهاج يعني الرضا بالاغتصاب والاحتلال واضفاء الشرعية... يا اهلنا انتفضوا من جديد.. وارفعوا اصواتكم بالرفض نعم انتهت مرحلة سقطت فيها منظمة التحرير التي يتزعمها عرفات وتلك الحفنة القليلة وعلينا ان نبدأ مرحلة جديدة من جهادنا ونضالنا بجبهة جديدة ومنظمة جديدة برنامجها السياسي تحرير كامل فلسطين.
فنحن لم نصل الى خيار غزة» اريحا الا يوم تنازلنا عن حقنا بكامل فلسطين، لا تفرطوا في نعمة الجهاد ونعمة الاستشهاد كي لا تتحول غزة الباسلة الى ملهى. واعلموا ان هذه ارض الرباط الى يوم القيامة... الجهاد فيها قائم مستمر بقدر الله ووعده لا يوقفه لا رابين ولا عرفات. وليعلم كل المهزومين والخونة أن فلسطين ليست الاندلس، والمسجد الاقصى لن يكون قصر الحمراء بغرناطة. فلسطين في قلب القرآن ولا تموت لان القرآن لايموت، فلسطين في قلب التاريخ الاسلامي، وستبقى في قلب الواقع والحركة عنواناً على ضعفنا او قوتنا، على تخلفنا او نهضتنا، على عبوديتنا او حريتنا، على تبعيتنا او استقلالنا، على تفوقنا او وحدتنا، بل عناوناً على كفرنا او ايماننا. من فرط فيها مرتد خائن.
يا شعبنا العظيم
هذا الاتفاق لا يسير بنا الى الاستقلال بل يسوقنا ومعنا الامة العربية والاسلامية الى مذبحة، وليس من خيار سوى الوحدة ورص الصفوف والمقاومة واستمرار الجهاد.. هذا هو برنامجنا، ونحن على قناعة راسخة ان الآفاق التي تبدو مظلمة ومغلقة الان ستتفتح أمامنا وامام برنامجنا، فقدر فلسطين مع عباد الله المؤمنين وليس بيد بني اسرائيل.
ياأيها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحونî.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر : القيت مسجلة في المؤتمر الإسلامي الثاني المنعقد في مسجد عز الدين القسام في شمال قطاع غزة بتاريخ 16/9/1993.
كلمة في المؤتمر الإسلامي الثاني
بسم الله الرحمن الرحيم
« يا أيها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول ولا تبطلوا اعمالكم. ان الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله ثم ماتوا وهم كفار فلن يغفر الله لهم. فلا تهنوا وتدعوا الى السلم وانتم الاعلون والله معكم ولن يتركم اعمالكم».
صدق الله العظيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه
الاخوة المجاهدون
ما من شك ان ما حدث خلال الايام الماضية من اعتراف متبادل بين الكيان الصهيوني ومنظمة التحرير الفلسطينية وما تلاه من توقيع ما سمي بالاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني ما من شك ان هذا يعتبر من اهم واخطر ما حدث في تاريخنا على امتداد هذا القرن. فهو لا يمس فقط حياة ومستقبل نحو مليون فلسطيني في غزة واريحا ولا حياة ومستقبل 6 مليون فلسطيني على امتداد فلسطين المحتلة والشتات، انه ايضاً يمس حياة ومستقبل كل عربي وكل مسلم من المليار مسلم على امتداد العالم، وقبل ان اقول لاهلنا وشعبنا في غزة ما هي مخاطر هذا الاتفاق واثاره التدميرية عليهم مباشرة.. اقول حتى لو تحولت غزة الى الجنة الموعودة كما يتوهم المنومون مغناطيسياً والمطبوعون والمهزومون، حتى لو حدث ذلك فسيكون الثمن اكبر كارثة تحيق بالمليار عربي ومسلم في تاريخهم، وسنقول بحق الان انتهت الحروب الصليبية وليس يوم دخول اللنبي الى بيت المقدس وبلاد الشام قبل ثلاثة ارباع القرن، الان انتهت الحروب الصليبية لاننا على مدى ثلاثة ارباع القرن كنا نناضل ونجاهد ونقاوم ونرفض الاحتلال والاستعمار، والان وقعنا على صك الهزيمة والاستسلام بكافة شروط العدو، بل بشروط لم يحلم العدو ان بالامكان قبولها، او تحقيقها.
بهذا الاتفاق بات من الاوهام الحديث عن امة عربية واحدة، او امة اسلامية واحدة، وعلى الدول العربية والاسلامية سواء التابعة تماماً او التابعة جزئياً، بات عليها ان تسقط من جديد وبشروط جديدة لم تكن تخطر ببال احد، ولا تتصوروا انه سيكون هناك قومية او وطنية مصرية او يمنية او سعودية او اردنية او عراقية او افغانية او تركية او سورية...
فهذا ما هو حاصل بالفعل منذ سنوات ويتعمق ويتجذر اليوم تمهيداً لتفتيت كل بلد من هذه البلدان الى اطياف متعددة من الطوائف والمذاهب والقوميات والعصبيات، وسيبرز الكيان الصهيوني ومنذ الان، كياناً مركزياً مهيمناً في شرق اوسط جديد، يدخله من يطيع الشروط والاوامر الامريكية والصهيونية، ويخرج منه كل من سيرفض ويقاوم ويرفع صوته معترضاً. من طنجة الى جاكرتا سيركعون ويعترفون بالسيد الجديد.. سيد حياتهم ومصائرهم ومستقبلهم. وليس مفاجئاً ان يذهب قادة العدو فوراً وبعد توقيع الاتفاق الى المغرب اي الى طنجة، ويتحدثون عن اعتراف ماليزيا واندونيسيا اي جاكرتا بالعدو وفتح السفارات واقامة العلاقات الدبلوماسية، من طنجة الى جاكرتا سيسقطون دولة فدولة ببركة الاتفاق الاسرائيلي الفلسطيني،. نعرف ان كثيراً من هذه الدول كانت سقطت منذ عقود، ولكننا اليوم امام السقوط الثاني بما يعنيه من تدمير جديد واختراق شامل وبشاعة يعلمها الراسخون في العلم.
هذا الوطن الاسلامي سيتحول الى سوق للغرب وللكيان الصهيوني وسيوزعون علينا مياهنا ونفطنا بالجالون. هذا ان اطعناهم، هذا الوطن الاسلامي سيتحول الى ماخور ببركة توقيع محمود عباس وعرفات، سيمنعوننا من النهضة.. من التسلح، من بناء مصنع او شراء جهاز متطور، سيمنعوننا من اختيار نمط لباسنا كما يشاؤون او نُنبذ في العالمين.
هذا الاتفاق ليس سوى تحالف بين الدولة العبرية والحركة الصهيونية من جهة وبين حفنة فلسطينية صغيرة وقليلة حقاً، تحالف ضد فلسطين وضد الامة العربية والاسلامية لترتيب المنطقة تحت نعال بني اسرائيل. وشعبنا سيكون الجسر والمعبر.. وغزة العظيمة الباسلة.. غزة الشاهدة والشهيدة ستكون ببركة توقيع هذا النكره محمود عباس ستكون الحزام الامني واول الماخور.
اليوم مطلوب ان نلغي من ذاكرتنا ان الصهيونية حركة عنصرية توسعية احتلت ارض فلسطين. ويجب ان نثبت في ذاكرتنا من جديد ما يقوله اليهود عن الصهيونية من انها حركة تحرر وطني قاومت الاستعمار البريطاني وحصلت على الاستقلال لشعبها اليهودي اليوم مطلوب ان نعتذر عن عشرات الآلاف من الشهداء فلسطينيين وعرباً ومسلمين.. ان نأسف لمليارات ومليارات من الاموال ضاعت تحت عنوان فلسطين دون ان ندري ان فلسطين لدى ثوار وقادة منظمة التحرير لم تكن سوى وهمٍ كبيرٍ جاء أوان التخلص منه ، نبيل شعث احد مهندسي اتفاق العار قال يوم التوقيع المشؤوم رداً على سؤال حول ما هو اكثر ما اثر به ذلك اليوم قال تأكدي اليوم ان 80% من فلسطين ضاعت الى الابد. في نفس الوقت لا استطيع ان اعد اطفالي ان بالامكان قيام دولة فلسطينية على الجزء المتبقي .
يا شعبنا العظيم يا أهل غزة البواسل..
يامن اجترحتم معجزة الانتفاضة في عصر الانكسارات فأضأتم ليل العرب الطويل.. هذا ليس سلاماً وليس استقلالاً، وليس مقدمة لسلام او استقلال، انهم يبيعون 98% من ارض فلسطين بما في ذلك القدس مقابل حكومة ذاتية او بلدية على 2% من ارض فلسطين، منذ عام والاسرائيليون مستعدون للهروب من قطاع غزة. وفي مطلع هذا العام يناير (كانون الثاني) 1993 اظهر استطلاع للرأي العام الاسرائيلي ان 44% من الصهاينة مستعدون وموافقون للخروج من غزة من طرف واحد، ويقول احد الاستراتيجيين الصهاينة وهو شلومو غازيت من رؤساء الاستخبارات السابقين لو جرى هذا الاستطلاع بعد ذلك بشهور قليلة لازدادت النسبة، وهكذا فالانسحاب الاسرائيلي من غزة وتحت ضغط مقاومة وجهاد شعبنا كان مسألة واردة. ولكن حفنة مهزومة ومتساقطة دفعت ثمناً غالياً غالياً مقابل انسحاب موهوم يسمح بعودة حفنة وتسلمها لمقاليد الامور في غزة بدلاً عن الشعب الذي كان سيستمر في جهاده ومقاومته، حفنة تعود لاجل قمع الانتفاضة وقمع الناس وقمع طموح الشعب بكامل ارضه ووطنه، ولابد انكم سمعتم تصريح وزير داخلية غزة القادم حكم بلعاوي الذي قال ان مهمتي هي قمع المعارضةî. العدو لن ينسحب وسيعيد انتشار جيشه باذكى واخبث من السابق، المستوطنات حتى تلك التي لاقيمة استراتيجية او دينية لها في قطاع غزة باقية، الحدود ستبقى بيد العدو، ما يعجز عنه جهاز الامن والقمع الفلسطيني يعالجه جهاز امن العدو. وما يعجز عنه جهاز أمن العدو يعالجه الجهاز الفلسطيني، مع الاخذ في الاعتبار تصريحات رابين وبيرس ان الجهاز الفلسطيني سيكون اقدر على القمع واكثر نجاعة.
هذا ليس استقلالاً وليس سلاماً وإلا لماذا غيبوكم عن المفاوضات السرية.. غيبوكم حتى لا تضعوا شروطكم وحتى تصبحوا فجأة مذهولين امام اتفاق مدعوم من كل الشياطين الكبار والصغار، ومن آلة الغرب الاعلامية التي تصنع الاوهام والاحلام كما تشاء ولا يجد الناس منها فكاكاً.
صدقونا لسنا ضد انسحاب العدو من اي شبر من ارض الوطن، ولكن هذا ليس انسحاباً، انه اعادة تحكم استراتيجي بقطاع غزة، بضربة واحدة استطاعت حفنة فلسطينية ان تجلب المشروع الاسرائيلي الذي رفضه حيدر عبد الشافي على مدى عشرين شهراً الى قلب الساحة ليتخلص اليهود من ثورة حقيقية وتمرد حقيقي وعلى هذه الحفنة ان تعالجه بطريقتها الخاصة.
وهكذا حولوا انتصار الشعب الذي كان يؤذن برحيل اليهود الى هزيمة نكراء.
صدقونا ان دمنا فداؤكم وأننا نألم اشد الالم لآلامكم ونحلم ونناضل لأجل اليوم الذي تتوقف فيه معاناتكم، ولكننا نرى في الاتفاق تكريساً للاحتلال والمعاناة معاً. فليس من منطق سليم يقول بزوال المعاناة والاحتلال قائم بشكل او بآخر. وليس من شعب كريم من يرى في هكذا اتفاق اي شكل من اشكال الاستقلال.
أما الضفة فستكون شروط دخولها اصعب واصعب حتى لو برهنت هذه الحفنة الفلسطينية انها قادرة على حماية امن الكيان الصهيوني والذود عنه، حتى لو نجحت في ذلك بامتياز، والكل يعرف السبب. فقطاع غزة بالنسبة لليهود يفقد اهميتة الاستراتيجية والدينية، وهو ساقط عسكرياً في كل حين، أما الضفة فلها اهميتها الاستراتيجية والدينية وبها اكثر من مئة وعشرين الف مستوطن قد يصلون في جو الاستقرار الى نصف مليون، لن يكون لغير الحكومة الصهيونية اي سلطة عليهم.
أما القدس فبالله عليكم من نصدق.. الاقوى الذي نفذ كل شروطه حتى الان ويرفض اي مساومة ام من يتنازل كل يوم ويكذب علينا كل يوم؟ .
العدو يعتبرها عاصمته الابدية ويخرجها من دائرة التفاوض والتكتيك ويسخر من تأويلنا لتأجيل موضوعها والسيد عرفات يطوف على بعض الحكام العرب داعياً اياهم للصلاة معه في القدس المستقلة، وهو يعرف انه لايستطيع دعوتهم للصلاة في غزة.
أما ما يسمى بنصر الاعتراف الاسرائيلي بمنظمة التحرير فانظروا جيداً ترونه جاء محمولاً كالنعش فوق الاكف. فأي نصر لميت انتحر بيده بعد ان الغى جوهره وثوابته وكل مبررات وجوده، وبعد ان طعن الانتفاضة ووقع على دفنها، وتعهد بقمع من يعود اليها.
اي معنى لنصر الاعتراف الموهوم المزعوم هذا ان كان على منظمة التحرير ان تتحول الى حكومة صغيرة او جهاز امن يسهل مسيرة الحركة الصهيونية في فلسطين وكل المنطقة.
إن الاعتراف يكون بين الدول، ولاقيمة للاعتراف بمنظمة ليست اكثر من هيئة او حزب خاص وقد فقدت أي مضمون يشير اليها.
يا شعبنا العظيم
بأي حق كنا نجاهد ونناضل، كنا نطلب دعم العرب والمسلمين، واليوم وتحت عنوان السلام تأتي حفنة صغيرة لتأخذ لنفسها الحق بالتنازل عن القدس التي لم تكن ملكاً لابى مازن او غيره بل ملكاً لجميع المسلمين، وكيف نذهب للعرب والمسلمين غداً طالبين مساندتهم ودعمهم لجهادنا، سيقولون أي جهاد هذا الذي تبقى وقد وقع الممثل الشرعي الوحيد على وقف الجهاد ومنعه بالقوة وعلى تسليم فلسطين لليهود.
على مدى نصف قرن الصق بنا كثيرون ظلماً تهمة التفريط بوطننا وبيع ارضنا، فماذا نقول لهم اليوم، والصفقة تمت أمام انظار العالم.. كل العالم، وعلى فلسطين.. كل فلسطين.. واخجلتاه.. أي عار سيلحق بنا بين الامم وامام التاريخ وبين يدي الله.
بأي حق يتم الغاء ميثاق وطني اجمع عليه الشعب منذ مؤتمر غزة بقيادة الحاج امين الحسيني عام 1948 م الى المؤتمر الوطني عام 1964 م بقيادة احمد الشقيري.. الى اجماع وطني شعبي مستمر. كيف يلغى هذا الميثاق ويشطب هذا الاجماع بدون استشارة الشعب وبدون استشارة حتى المجلس الوطني الذي اشرف عرفات نفسه على تعيينه. بل باصوات اقل من عشرة اشخاص خرج كل منهم من اجتماع اللجنة التنفيذية ليروي رواية مختلفة؟ .
هل اختزل شعبنا العظيم الجبار المبدع في ثمانية اشخاص مجهولين لا يعرف شعبنا اغلب اسمائهم.
اي مؤامرة تحاك واي مذبحة نساق اليها؟ .
أما وعود الرخاء والتنمية التي يخدعون الشعب بها، نقول لكم انظروا الى مصر ان تحققت فيها هذه الوعود بعد كامب ديفيد فتوقعوها في غزة ايضاً، لا تتجاوز هذه الوعود كونها مصيدة تجلب لشعبنا العار فهذا الجهاز الخرب الفاسد والمفسد الذي دمر م»ت»ف قادر على تدمير وتخريب اقتصاد الضفة والقطاع اكثر مما خربه الاحتلال.. لا تتوقعوا من هكذا جهاز سوى مزيد من التخريب، أما بناء سنغافورة في غزة كما يعدنا شمعون بيريس فأوهام نتركها له، يحلم بتحقيقها عى باقي فلسطين. فمهندس الاتفاق بيريس يعلم ان الاتفاق يرهن اقتصاد غزة كاملاً للاقتصاد الصهيوني ويجعله تابعاً له على حساب العرب وعلى حساب اي تكامل اقتصادي عربي.
وبعد ياأهلنا وياشعبنا
هذا السلام المذل سيترككم حفنة من غبار فانهضوا واستفيقوا، ولا تبتهجوا وأمكم أمامكم تُغتصب، الاغتصاب والاحتلال كان قائماً، ولكننا نرفضه ونقاومه ونكرهه ولا يأخذ اي شرعية أما اليوم فأي ابتهاج يعني الرضا بالاغتصاب والاحتلال واضفاء الشرعية... يا اهلنا انتفضوا من جديد.. وارفعوا اصواتكم بالرفض نعم انتهت مرحلة سقطت فيها منظمة التحرير التي يتزعمها عرفات وتلك الحفنة القليلة وعلينا ان نبدأ مرحلة جديدة من جهادنا ونضالنا بجبهة جديدة ومنظمة جديدة برنامجها السياسي تحرير كامل فلسطين.
فنحن لم نصل الى خيار غزة» اريحا الا يوم تنازلنا عن حقنا بكامل فلسطين، لا تفرطوا في نعمة الجهاد ونعمة الاستشهاد كي لا تتحول غزة الباسلة الى ملهى. واعلموا ان هذه ارض الرباط الى يوم القيامة... الجهاد فيها قائم مستمر بقدر الله ووعده لا يوقفه لا رابين ولا عرفات. وليعلم كل المهزومين والخونة أن فلسطين ليست الاندلس، والمسجد الاقصى لن يكون قصر الحمراء بغرناطة. فلسطين في قلب القرآن ولا تموت لان القرآن لايموت، فلسطين في قلب التاريخ الاسلامي، وستبقى في قلب الواقع والحركة عنواناً على ضعفنا او قوتنا، على تخلفنا او نهضتنا، على عبوديتنا او حريتنا، على تبعيتنا او استقلالنا، على تفوقنا او وحدتنا، بل عناوناً على كفرنا او ايماننا. من فرط فيها مرتد خائن.
يا شعبنا العظيم
هذا الاتفاق لا يسير بنا الى الاستقلال بل يسوقنا ومعنا الامة العربية والاسلامية الى مذبحة، وليس من خيار سوى الوحدة ورص الصفوف والمقاومة واستمرار الجهاد.. هذا هو برنامجنا، ونحن على قناعة راسخة ان الآفاق التي تبدو مظلمة ومغلقة الان ستتفتح أمامنا وامام برنامجنا، فقدر فلسطين مع عباد الله المؤمنين وليس بيد بني اسرائيل.
ياأيها الذين امنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحونî.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المصدر : القيت مسجلة في المؤتمر الإسلامي الثاني المنعقد في مسجد عز الدين القسام في شمال قطاع غزة بتاريخ 16/9/1993.
تعليق