إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

كتاب هنادي جرادات " عروس فلسطين وشمسها "

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتاب هنادي جرادات " عروس فلسطين وشمسها "


    هنادي تيسير جرادات
    شمس فلسطين






    إلى روح الشهيد
    المعلم فتحي الشقاقي فىالذكرى الثامنة لاستشهاده
    إلي أرواح شهداء فلسطين والأمة
    إلى جينين ...القسام ...وطوالبة ... وجرادات
    إلى المخيم



    تمهيد
    في لحظة من لحظات الموت. اقتحم الغزاة جنين.. وراحوا كالمجانين يقتحمون البيوت يلاحقون الجدران والبشر.. في لحظة.. كان باب المنزل يخلع.. ويدخل الغزاة.. في زاوية من زواياه كان فادي شقيق البطلة هنادي.. في يده كأس من الشاي.. هنادي كانت قرب الباب ترفع يدها وصوتها لتدفع الموت عن أخيها.. لكن الدم البارد صوّب الرشاش إلى صدر فادي وأطلق.. رصاصة عشرة.. أفرغ المخزن وسقط الكأس واختلط شاي الفقراء بدمائهم.. أي وحشية وإرهاب.. أي مخلوقات أنتم؟
    الصبر الصبر فكم قتلتم.. عدّوا الضحايا الأبرياء وموعدنا قريب قريب بإذن الله.. بكت.. صرخت وضغطت أسنانها على بعضها.. حضنت أخاها.. امتزج دمه بدموعها.. لكن يدها راحت تمسك الكأس التي كان يشرب منها مسكتها بيدها ضغطت عليها بقوة غير معهودة..
    أتدرون ماذا جرى للكأس، تحطمت نتفاً في كفها واخترقت الشظايا الأصابع.. عشرات الجروح الصغيرة والكبيرة تناثرت في اليد ومرة أخرى نزف الدم.. نزف حتى صرخ.. إن موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب .
    بين عرس وعرس، كما هو الحال بين عروس وعروس، كما هو الحال بين ثوب بشري وثوب ملائكي..
    ليلة عرسها الاستشهادي جلست مع شقيقتها فادية وبعض أفراد أسرتها.. تحدثن عن زفاف شقيقتهما الثالثة.. عشرة أيام فاصلة بين تلك الليلة ويوم زفاف شقيقتها. شعب فلسطين.. هذا هو شعب فلسطين من رحم الموت يولد كل لحظة.. وفي جحيم الاحتلال تزف الفتيات ويُزف الشبان ليقلبوا حقد الغزاة إلى مرارة وشوكة في حلوقهم.. يتوالدون يتكاثرون «فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة».
    مبروك عليك.. يرعاك الرحمن برعايته.. بالرفاه والبنين بالجيل الجهادي بعد جيل.. طال السهر.. في الصباح كان عرس آخر ينتظر هنادي.. قال والدها قومي يا بنتي اخلدي للنوم.. نعم، ولكن بعد أن أتم قراءة الجزء الأخير من القرآن.. بعد أن تشبع الروح من زادها لوحشة الدرب وبعد السفر.
    خرجت حوالي السابعة والنصف صباحاً من المنزل.. لم تودع أحداً.. لم يبد عليها أنها عازمة على فعلٍ ما.. ظن الجميع أنها ذاهبة إلى المكتب الذي تعمل فيه..
    الرابع من تشرين أول 2003 الثامن من شعبان.. خرجت صائمة مستبشرة بالفوز.. أتدرون لماذا كانت صائمة؟ ليس في جوفها من متاع الدنيا ما يؤخر عرسها الإلهي.. علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمنا أنه كان أكثر ما يصوم في النصف الأول من شعبان.
    علمتها مدرسة الإسلام أن أعظم غزوة قادها إمام المجاهدين وهي غزوة بدر كان فيها صائماً، وعلمتها أن معركة عين جالوت كانت في رمضان.. وكثير من معارك الإسلام خاضها المجاهدون وهم صائمون..
    أليس في ذلك سر رباني؟ نعم ما أجمل أن يكون المجاهد متخلصاً من أدران الدنيا حتى يستقبل ربه صافياً نقياً.. أليس الصوم لله وهو يجزي عليه؟ أليس دعاء الصائم بألف دعاء؟ انطلقت نحو الغزاة حملت على جسدها الموت للقتلة والفاسدين المفسدين الغاصبين..
    على باب مطعم الوحوش الذين جاؤوا لالتهام وجباتهم بعد التهام وطننا، حاول حارس أن يوقف مشروع الشهادة ولم يدر أن العاشقة الجهادية كانت على موعد مع ملائكة الرحمن.. احتاروا في فهم الحدث.. ذهلوا.. صعقوا.. تعددت رواياتهم.. قال قائل منهم: إن الفدائية حدقت في عين الحارس وعالجته!! أي علاج وأي قول سوى: خسئتَ أن توقف الزحف.. فخذها من يد لا شُلت ولا عدمت.. خذها رصاصة رحمة قبل أن يودي بك الزلزال إلى نتف من الجسد الذي تربى على دم الشعب المظلوم.. ودخلت.. كانت ملائكة الجنان ترفرف فوق المكان.. أجنحة نورانية تغطي الأفق وتراتيل سماوية لا يسمعها إلا هي.. رأتها.. سمعتها.. حملتها.. صارت هناك بعيداً في عالم سرمدي..
    وبين لحظة الانعتاق ولحظة وداع الجسد حدث الزلزال.. وزُفت هنادي إلى ملكوت ربها تحفها الملائكة في دائرة نورانية تخترق الأفق سريعاً حيث لا ألم ولا حزن حيث لا يزاحم أحدٌ أحداً.. حيث جنة عرضها السماوات والأرض.. مع الأنبياء والشهداء والصديقين إن شاء الله.
    تعجز الكلمات.. يسكت الكلام سرّه ومباحه.. تخجل العيون وأنى لها أن تختبئ.. بنتٌ بمئة رجل.. برتقالةٌ تعلو قامتها فوق السّرو والحور.. إنها ثمرة فلسطين.. من بين دفتي المصحف تدفقت نوراً فيبصر الرجال سبيل فلسطين.
    «أمجنونة» هي…؟ «أتنتحر» وتخسر مدرسة الكلام والقضاء…؟ أم يائسة تلبسها الهم والغم…؟ فتخلصت من عبء ثقيل يكاد يهدها؟..
    هنادي جرادات وأي اسم قدري منحها الله. ألستِ المهند المصقول الذي لا يخطئ هدفه…؟ في قمة الوعي والمعرفة… إقدام عجز عنه رجال الرجال… لا يأس ولا خَوَر لا هم سوى هم الأقصى وتراب الأرض المباركة… لا غم سوى غم رؤية جنود قتلة الأنبياء يجوبون طرقات فلسطين… كيف يصح هذا وهذه الأزقة والحارات والشوارع محرمة إلا على أصحابها؟..






    هنادي جرادات..

    شهادة برائحة المسك!!





    لا أريد أن أرى دموعاً!!
    ".. لا أريد أن يبكي أحد على هنادي..
    فهي رفعت اسم فلسطين عاليا..
    أرجوكم.. لا أريد أن أسمع بكاءً
    أو أن أرى دموعاً في بيتي"

    تيسير جرادات
    (والد هنادي جرادات عقب تلقيه نبأ استشهادها)
    القناعة كنز لا يفنى

  • #2
    المقدمة

    فلسطين.. تعيش الحضور
    وأمة تعيش في حالة من "الاستثناء"!!



    فلسطين لازالت الاستثناء .. بينما الأمة الإسلامية هي القاعدة التي غُيبت قسرا بفعل تخلفنا المتراكم، وبتأثير المؤامرة الغربية على ديار الإسلام..
    أما أن الأمة هي القاعدة الغائبة فهي مسألة لا جدال فيها ولا تحتاج إلى دليل، وأما أن فلسطين هي الاستثناء فذلك لأنها كالخارج في سبيل الله بليل مظلم لكنه لم يفقد البوصلة، ولم يٌلق بالراية، ولم يضع السلاح..
    وكأن فلسطين مكتوبا عليها أن تبقى بوصلة تؤشر، وراية ترفرف، وسلاحا مشهرا في وجه البغي والظلم.. ويشهد على هذه الديمومة حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، ولعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء.. قيل: وأين هم يا رسول الله؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس).. صدق الله العظيم وصدق رسوله الذي لا ينطق عن الهوى..
    لكن الوجه المستجد لـ (واقع القاعدة وحقيقة الاستثناء) أن فلسطين باتت بوصلة الأمة في التطبيق الحقيقي والعملي للقواعد الشرعية الإسلامية، أما وإن الشرع الإسلامي قد بات ،عمليا، معطلا إلا أن ذلك لا ينطبق على فلسطين.. فكم سمعنا عن الفرض العين في فريضة الجهاد، وعن الصبي الذي يخرج بدون إذن والده وعن المرأة التي تخرج بدون إذن زوجها؟؟؟ هذا الفقه الذي بات شبه معطل بتعطل الشرع ذاته، واختفاء الحكم بما أنزل الله إلا من بقاع ضيقة على وجه البسيطة..
    لكن المرأة الفلسطينية (أخت الرجال) كانت التطبيق الأمين لروح هذا الشرع العظيم.. فخرجت المرأة تقاتل، وتستشهد، وتقض مضاجع الطغاة.. لكنها هنا على أرض فلسطين لم تكن بحاجة لأن تخالف الرجل فتخرج بدون إذنه.. فالرجال هنا كانوا عونا للنساء؛ كما كانت المرأة الفلسطينية حاضنة لمشاريع الشهادة..
    ولأجل أن نتأكد من ذلك؛ فلنقرأ جيدا كلمات تيسير جرادات والد هنادي حال سماعه لخبر استشهاد ابنته؛ متوجها بكلامه إلى شعبه وأمته: (".. لا أريد أن يبكي أحد على هنادي.. فهي رفعت اسم فلسطين عاليا.. أرجوكم لا أريد أن اسمع بكاءً أو أن أرى دموعاً في بيتي"..
    ألم نقل بأن فلسطين كانت ومازالت وستبقى الاستثناء؛ الحاضر دائما حتى لو غابت الأمة بأكملها..
    إن فلسطين هنا هي آيات في القرآن وأحاديث لا ينطق صاحبها عن الهوى..
    فهل تتخلف الآيات، وهل تغيب البُشريات النبوية الصادقة؟!.. معاذ الله..
    إن استشهاد هنادي جرادات بالطريقة التي اختارتها إنما يرسخ حقيقة أن اسم الله سيظل يحمي أمتنا، ويحافظ على منطقتنا.. ولو كان ثمن ذلك أن يضحي هذا الشعب بنفسه وبماله وبولده؛ بنفسه ونفيسه..
    ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ﴾
    وإن استشهاد هذه الفئة المؤمنة من النساء والرجال على أرض فلسطين أرض الكرامة العربية والإسلامية إنما هو التذكار الدائم للأمة بضرورة أن تتساوى القاعدة (الأمة) والاستثناء (فلسطين) في الفعل، وذلك بارتفاع الأمة إلى قامة فلسطين..
    في الصفحات التالية تشرق علينا ذكريات ست من الشهيدات الأحرار، اللواتي رفضن العيش بذل، ولم يقبلن على أنفسهن وعلى أمتهنّ الهوان..
    ست نجمات أضأن ليل الأمة.. بعد أن اخترن طائعات أن يكن شهيدات، وقد كان بملْكهن أن يعشن حياتهن كما يحلو لهن، دون أن يوجه إليهن الاتهام..
    لكن لو عشن كما تعيش كل النساء فكيف تكون فلسطين استثناء؟

    وفاء إدريس:

    استشهدت وفاء ادريس بعد أن قامت بتفجير نفسها في سوق مزدحم بالصهاينة، وذلك بتاريخ 27 يناير 2002، وقد أدت العملية إلى مقتل وإصابة المئات بجروح، وقد كانت وفاء الفتاة الأولى التي قادت مسيرة الاستشهاديات، ووضعت أولى علامات الاستفهام على وجوه المندهشين؟!.
    وفاء إدريس (26 عاماً) إندفعت بنفسها مزهوة بشبابها في أول السنة الميلادية الجديدة، وذلك استجابة لأمر الله العلي القدير وطمعا في رحمته.. فخطّت بدمائها الطاهرة أول معاني التضحية.

    نورا شلهوب:

    كان سلاحها سكّينا استلتها من مطبخ والدتها واندفعت بها يحملها جسدها النحيل الخفيف الذي لم يتجاوز معها الخمس عشرة عاماً.. خرجت مهرولة من بيتها تبحث عن ذلك الغاصب وهي رافعة سلاحها (الضعيف) بيدها وفي غمرة الإصرار والتحدي وساقاها تسابقان الريح تجري إلى ذلك الغاصب؛ إذا به يعاجلها بطلقة من سلاحه (القوي) أردتها على الأرض مضرجة بدمائها إلى أن فاضت روحها، ما الذي حركها؟، هي تعلم أن لا مقارنة تذكر بين الطرفين، وما من محلٍّ للتحدي بين الجانبين، ولكنها العزيمة عندما تولد في الروح فإنها تتعالى على كل الجروح.

    دارين أبو عيشة:

    انطلقت إلى هدفها بتاريخ 27 فبراير 2002م، وهي في عمر الزهور (21 عاماً)، لم تتلق وردة حمراء، ولم تنشغل بلف شريطٍ أحمر حول فستانٍ أحمر، بل لفّت شريطاً ناسفاً حول جسدها، حيرت علماء النفس، ودعاة التحرير، ممن لم يعرفوا طعم القرب من الله، من الذين لم يعرفوا أن الحياة بلا هدف، لا تعني إلا حياة البهائم، وأن الحياة على الترف، ما هي إلا حياة الأقزام، وقدمت بضع حثالات من جنودٍ محتلين هدية في عيدها.

    آيات الأخرس:

    في 29 مارس 2002، رأت آيات الأخرس أن ثلاثة أشهر (إلى أن يحين موعد زفافها) حياةً طويلة؛ فأرادت أن تشتم رائحة الجنة، وأن تعجِّل بعرسها وزفافها إلى الفردوس، وهي في الصف الثالث الثانوي، لم تعتريها صبوة المراهقة، ولم تستسلم لعبث الصبايا، ولم تأسرها صورة هذا الفنان، وذلك اللاعب، بل أسرتْها وجوه أولئك الشهداء الذين سبقوها إلى رحمة الله، فخالطت صورهم مشاعرها، وتملك كامل إحساسها، فعاشت لقضية، وأدركت بصدق معنى هذه القضية، فخلفت عشرات القتلى والجرحى من جنود "إسرائيل"، ولم يجد خطيبها أمامه إلا بقايا من همس أمنيات كانت ترددها معه، فلم يكن خبر استشهادها يمثل له صدمة؛ بل أدرك حينها بأن الحياة لها معنىً آخر عند (آيات)، يقول عنها: "عرفتها قوية الشخصية، شديدة العزيمة، ذكية، محبة للحياة، تحلم بالأمان لأطفال فلسطين، لذلك كثيراً ما يقلقها بنو صهيون، كلما حلمت بالمستقبل قطع حلمها الاستشهاد، فتسرقني من أحلام الزوجية إلى التحليق معها في العمليات الاستشهادية، وصورة دمائنا التي سنٌزف بها معاً إلى الجنة"!!.


    عندليب طقاطقة:

    وزعت الحلوى على أهلها في بيت فجار قبل أن تذهب لعرسها، لم يكن أحد يعلم ما سر هذه الفرحة، ولم يكن خبر استشهادها في مطلع شهر إبريل 2002 بمثابة كذبة أبريل؛ ولكنها سطرت بدمها انتهاء زمان الكذب والحيل، وجاءت وصيتها مدوية وهي تقول: "اخترت أن أقول بجسدي ما عجز القادة العرب عن قوله" فهزت شارع يافا غربي القدس المحتلة مخلفة 6 "إسرائيليين" قتلى وأكثر من 80 جريحا، ففهمت أمها ماذا كانت تقصد عندما قالت لها: " سيأتي اليوم أناس لخطبتي، فأحسني استقبالهم"!..
    يوم 14 إبريل هو يوم مولد عندليب، لم ترغب أن تحتفل بعيد ميلادها العشرين بمفردها بل أرادت أن تشرك معها كل المسلمين، وبدلاً من أن يطفئوا لها عشرين شمعة أوقدت للعالم مليون شمعة من معاني التضحية والبذل والعطاء.


    هبة عازم دراغمة:

    دائماً كان يتمنى والدها أن يأتي اليوم الذي تقدم له فيه شهادة تخرجها من قسم اللغة الإنجليزية في جامعة القدس المفتوحة بنابلس، ولم تخيب ظنه، ولكنها قدمت له شهادة أعظم من شهادة قسم اللغة الإنجليزية، وهي الشهادة في سبيل الله، ليس ثمنها وظيفة حكومية أو خاصة، وإنما ثمنها الجنة بإذن الله، فهزت في 19 مايو 2003 مدينة "العفولة" شمال فلسطين مخلفة عشرات الجنود الصهاينة ما بين قتيل وجريح..


    هنادي تيسير جرادات:

    وجاءت هنادي.. ما أخافها الموت، ولا هابت المعاناة، ولم تقف وجلة وهي ترى أشلاء من سبقنها في هذا العالم الفسيح، ولم يردها عن هدفها شيء، فخلفت عشرات القتلى الإسرائيليين في هجومها الذي نفذته في مدينة حيفا، لم تشأ أن تمر ذكرى تدنيس المسجد الأقصى دون أن توجع من دنسوه، ولم تشأ أن تدخل الانتفاضة عامها الرابع دون أن تشفي شيئاً مما في قلبها، ليس شهيداً ولا شهيدين ولا بضع شهداء راحوا ضحية هذا الصلف الصهيوني المتمترس وإنما عشرات بل مئات الضحايا من أطفال ونساء وشيوخ، فلم تعد ترى مستقبلاً لدراستها في كلية الحقوق لأنها رأت كيف تُنهب الحقوق!، وكيف تضيع الحقوق أمام مرأى ومسمع من العالم، ولم تشأ أن تنهي تدريبها في المحاماة في مكتب وإنما أرادت تطبيق المحاماة على واقع الأرض، في المحكمة الفسيحة التي شهدت اغتيال الطفولة، وشهدت انتهاك العفة، وتمرغ فيها محمد الدرة مضرجاً في دمائه بين أحضان والده دون أن يرفع قاضي الأرض كفاً ليقول بأن هذا ظلم، فاتصلت بقاضي السماء متكلة عليه ومضت تخط بدمها أسطورة ملحمة... مازالت تسير..
    القناعة كنز لا يفنى

    تعليق


    • #3
      الباب الاول


      شمس فلسطين

      هنادى تيسير جرادات




      وصية الشهيدة هنادي
      قبل انطلاقها لتنفيذ عملية حيفا..



      بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد العالمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
      قال تعالى:
      ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ...﴾
      صدق الله العظيم.
      الأهل الأعزاء الذين سوف يثيبهم الله رب العالمين كما سبق ووعدنا جميعاً في كتابه العزيز ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ ولقد وعد الله الصابرين على كل ما آتاهم به الله الجنة وحسنت منزلة، فاحتسبوني عند الله سبحانه وتعالى، فلن أكن غالية فداءً لدين الله سبحانه وتعالى، لقد آمنت بما جاء بالقرآن الكريم واشتقت لأنهار الجنة واشتقت لرؤية نور وجه الله الكريم اشتقت لكل ذلك بعد أن منّ الله عليّ بالهداية...
      أحبائي مَن أتمنى أن أكون من الشافعين لهم يوم الموقف العظيم...
      لقد اخترت طريقي هذا بكامل إرادتي ولقد سعيت لهذا كثيراً حتى منّ الله عليّ بالشهادة إن شاء الله... فهي ليست لكل إنسان على الأرض بل هي للمكرمين من عند الله، أفتحزنون لأن الله كرّمني بها ؟هل تجزون الله بما لا يُحب ولا أنا أحب أيضاً ؟؟ احتسبوني لله تعالى وقولوا لا حول ولا قوّة إلا بالله... وإنّا لله وإنّا إليه راجعون... جميعنا ميتون فلا مُخلّد على هذه الأرض ولكن العاقل هو الذي يستجيب لنداء الله سبحانه وتعالى، فهذه بلاد جهاد فقط ونحن نعيش بها للجهاد علّنا نرفع الظلم الذي نحيا به على مدار الأعوام الماضية... أَعلم أنني لن أُعيد فلسطين أعلمها تمام العلم، ولكن أعلم أن هذا واجبي قد قدمته أمام الله... لبيت النداء بعد إيماني بعقيدتي وأنا الآن أُعلمكم بأنني إن شاء الله سأجد ما وعدني الله تعالى أنا وكل مَن يسيرون على هذا الطريق... جنان وعدنا الله بها مخلدون بها إن شاء الله. بعد إيماني بهذا كيف تعتقدون أنني سأقبل بكل المغريات الدنيوية الزائلة؟ كيف سأعيش على هذه الأرض وروحي أصبحت معلقة بملك مقتدر؟؟
      أصبح كل همّي هو رؤية نور الله الكريم... هذه بلاده وهذا دينه وهم يريدون ليطفئوا نوره وكلنا نعلم ذلك... فواجبي نحو دين الله وحقه عليّ أن أدافع عنه…فليس أمامي غير هذا الجسد الذي سأجعله شظايا تقتلع قلب كل مَن حاول قلعنا من بلادنا، فكل مَن يزرع الموت لنا سيناله ولو كان جزءاً بسيطاً... ونحن حتى الآن لا زلنا ضعفاء بحسب تقدير القويّ ولكن إيماننا موجود.. عقيدتنا تجعلنا نجدد عهدنا لربنا وبلادنا... حربنا معهم حرب عقيدة ووجود وليس حدود وأنتم تعلمون...
      أبي الحبيب الغالي:
      احترم رغبتي واحتسبني عند الله، فَمَن ساعدني للوصول للجنة لا يُجزى سوى بشفاعتي له فاجعلني مستريحة دائماً وفخورة بأب أنا ابنته أمام ربي وخلقه... فبعزة الله يا غالي أن تريحني في قبري ولا تفعل شيئاً سوى احتسابي عند الله فالله أعطى والله أخذ... وإنّا لله وإنّا إليه جميعاً راجعون...

      أمي الغالية:
      أتمنى من الله أن تصبري يا أمي فأنا أحبك لأنك دائماً كنت العطاء الذي لا ينتهي وستبقي إن شاء الله فاحتسبيني يا أمي فأنا سأكون مع فادي وصالح وعبد الرحيم وجميع مَن اختارهم الله لجواره فاحتسبينا جميعاً وقولي «اللهم فرّج لي مصيبتي وأجرني في مصيبتي واخلفني خيراً فيها».
      أرجو من الجميع أن يسامحوني على ما قد بدر مني وأنا قد سامحت الجميع منذ زمن... وأرجو منكم الآتي:
      ـ إيصال مبلغ (50) دينار إلى محل جلابيب بمدينة جرش يدعى... بجانب... عن طريق...
      ـ إعطاء دار... مبلغ (100) دينار في قباطية.
      ـ إخراج مبلغ (10) دنانير عن روحي لأنني قد أكون نسيت بعض القروش عليّ في الأردن ولا أذكرها...
      وادعوا لي دائماً بالرحمة والمغفرة والرضا...
      ارضوا عليّ دائماً يا والدي
      وإلى لقاء في جنات النعيم
      قال تعالى:
      ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾.
      القناعة كنز لا يفنى

      تعليق


      • #4
        حدث في الرابع من أكتوبر!!
        22 قتيلا صهيونيا وأكثر من 50 جريحاً
        في عملية استشهادية نفذتها فتاة من جنين
        وقائد سلاح البحرية "الإسرائيلي" "زئيف ألمونج" من بين القتلى



        في الرابع من تشرين أول أكتوبر قامت المحامية هنادي تيسير جرادات (وهي من مخيم جنين) بعملية استشهادية في مدينة حيفا، وقد أسفرت العملية الاستشهادية التي نفذتها ابنة “سرايا القدس” (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) يوم السبت الرابع من أكتوبر 2003 عن مقتل تسعة عشر صهيونيا بينهم قائد سلاح البحرية السابق وأصيب كذلك أكثر من خمسين شخصا آخر.
        وأشارت المصادر الطبية إلى أن 7 من المصابين في حال خطرة.
        ونقلت وسائل الإعلام الصهيونية أن مطعم "مكسيم" الذي وقع فيه الانفجار قد دمر تدميرا كاملا.
        وتأتي هذه العملية على الرغم من الاحتياطات الأمنية المشددة التي فرضتها قوات العدو الصهيوني استعدادا لاحتفالات ما يسمى بعيد الغفران.
        وفي معرض حديثها عن الخسائر التي تكبدها الكيان الصهيوني من جراء هذه العملية ذكرت القناة الثانية في التلفزيون الصهيوني مقتل زئيف المونج قائد سلاح البحرية السابق. وقد علق الناطق العسكري الصهيوني على مقتل "المونج" بأنه "خسارة فادحة لسلاح البحرية الإسرائيلي" إذ يعتبر ألمونج أحد ألمع الخبراء والمدرسين البارزين في كلية سلاح البحرية الصهيونية في مدينة حيفا. وأكدت على أن المونج اعتاد عدم الكشف عن شخصيته وتناول الطعام مع كبار المسئولين والطلاب في الكلية في هذا المطعم الذي يطل على البحر.


        بيان سرايا القدس بتبني عملية حيفا البطولية

        بسم الله الرحمن الرحيم
        ﴿فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾
        صدق الله العظيم
        بيان عسكري صادر عن “سرايا القدس”
        الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي
        "عروس حيفا" تلقن الصهاينة درساً لن ينسوه
        تعلن "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، مسئوليتها عن العملية الاستشهادية البطولية التي استهدفت تجمعاً للصهاينة في مطعم "مكسيم" على شاطئ مدينة حيفا عصر اليوم.
        كما تزف "سرايا القدس" إلى جماهير شعبنا وأمتنا منفذة العملية، عروس فلسطين، عروس حيفا: الاستشهادية البطلة هنادي تيسير عبد المالك جرادات 29 عاماً من جنين.
        والاستشهادية البطلة التي تعمل محامية في جنين، هي شقيقة الشهيد البطل "فادي" جرادات الذي اغتالته القوات الصهيونية سابقاً في جنين مع القائد صالح جرادات وكلاهما من "سرايا القدس".
        إن "سرايا القدس" إذ تعلن مسئوليتها عن هذه العملية، لتؤكد أنها جاءت رداً على سلسلة من جرائم العدو الصهيوني المتواصلة بحق أبناء شعبنا ومجاهدينا، وعلى رأسهم القادة محمد سدر ودياب الشويكي وعبد الرحيم التلاحمة ومنير أبو عرمانة ومازن بدوي وغيرهم من رموز وكوادر المقاومة.
        إننا في "سرايا القدس" نقول لقادة العدو المجرم إن الجدار الفاصل لن يجلب لكم الأمن.. ولو كنتم في بروج مشيدة سيلاحقكم الموت على يد الاستشهاديين والاستشهاديات من أبطال شعبنا، وليس أمامكم حل إلا أن ترحلوا عن أرضنا لينال شعبنا حريته كما كل شعوب الأرض.
        أما عن تهديدات قادة العدو الرعناء بالمساس بقيادات ورموز شعبنا الوطنية والإسلامية، فهي لن تخيفنا ولن تزيدنا إلا إصراراً على المضي قدماً على طريق الجهاد والاستشهاد، وستلقى دوماً الرد العنيف والقاسي من كافة قوى شعبنا المقاومة التي تقف صفاً واحداً في خندق الجهاد والاستشهاد في وجه العدوان الصهيوني الهمجي لا يضرها من خالفها.
        جهادنا مستمر، وعملياتنا متواصلة، ومزيد من الاستشهاديين قادمون بإذن الله
        "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
        “سرايا القدس”
        8 شعبان 1424 هـ
        القناعة كنز لا يفنى

        تعليق


        • #5
          من هي؟
          هنادي جرادات!!!


          ما إن تناهى لمسامع اللاجئ الفلسطيني تيسير جرادات (55 عاما من جنين) نبأ قيام ابنته المحامية هنادي بتنفيذ عملية استشهادية في حيفا؛ حتى نهض من فراش المرض الذي أرهقه وأتعبه كثيرا في الأيام الماضية، وكأنه قد شعر بقوة خارقة غير معتادة، تمنحه قوة مضاعفة ليتغلب على مرضه، ومضى بقدميه اللتان لم تقويا على حمله إلى أقرب جهاز راديو ليستمع إلى الخبر بنفسه..
          وما إن أنهى المذيع النبأ مؤكدا أن هنادي تيسير جرادات ابنة “ سرايا القدس” الجناح العسكري للجهاد الإسلامي تمكنت من اختراق الحواجز الإسرائيلية وتنفيذ عملية كبيرة في حيفا قتل وأصيب فيها العشرات من الصهاينة حتى توجه إلى الغرفة الرئيسية في المنزل، حيث كانت تجلس زوجته "رحمة" تحيط بها نساء الحي، بعضهن تشد أزرها وترفع معنوياتها، وأخريات تعبرن لها وللعائلة كلها عن اعتزازهن بهنادي وبالعملية البطولية التي قامت بها، لكن جلال المشهد ومهابته لم يمنع البعض منهن من سفح الدموع الحارة حزنا على هنادي التي يتذكرنها بكل خير!!
          * * *
          لقد عاشت هنادي جرادات الجزء الأكبر من سنوات حياتها في حي الدبوس الذي يقع على تلة مرتفعة تطل على وادي عز الدين القسام والذي ينسب للقائد العربي المجاهد الشيخ عز الدين القسام، وبمحاذاة حي المراح، أحد أحياء جنين المزدحمة بالسكان، والذي تقطنه عائلات مختلفة يميزها تفاوت وضعها الاجتماعي، لكنها ،وعلى وجه الإجمال، تتمتع بنفس سمات المجتمع الفلسطيني من الألفة والتقارب والمحبة والتعايش المشترك والصداقة.

          ولكن الوضع الاجتماعي والاقتصادي لعائلة هنادي لم يتغير كثيرا على مر السنوات، إذ بقي صعبا على وجه الإجمال، فوالدها وبسبب إمكانياته المحدودة وضيق ذات الحال استأجر في الحي بيتا متواضعا بسيطا لم يتمكن من إحداث أي تعديل عليه رغم سنوات العمر الطويلة التي قضاها فيه، وقد قضى عمره في الكد والعناء والعمل، فعاش مع بناته السبعة وولديه في غرفتين حيث يتكون البيت من غرفتين وطرقة صغيرة ومطبخ وحمام، لكن ذلك البيت كان لعائلة تيسير جرادات وكأنه جنة على الأرض بسبب الألفة والحب التي تجمع بين ساكنيه، حيث اعتادت هنادي أن تصفه بأنه "يملأه الإيمان والمحبة والدفء والحياة، فالحياة ليست بملذات الدنيا ومغرياتها، وإنما بالعمل الصالح".
          ويجمع سكان الحي على تميز هنادي في كافة المجالات..

          فالجارة أم أحمد تقول: عرفتها دوما صادقة، مخلصة، محبوبة، لم نسمع منها كلمة سوء في أي يوم، بل كانت ،وعلى العكس من البنات في مثل سنها، لا تهتم بالزينة ومغريات الدنيا، خاصة بعدما التزمت بالحجاب؛ مما دعانا لأن نطلق عليها لقب "الشيخة هنادي" ذلك أن حديثها يفيض إيمانا، ولم تكن تنطق إلا بالقرآن والحديث، ولا تقوم إلا بالعمل الصالح.
          أما جارتها أم صلاح فتروي أن هنادي كانت تعطف على أسرتها، وعلى الرغم من ضيق الحال بشكل عام فإن هنادي لم تتأخر يوما عن مساعدتها وتقول: كانت هنادي حريصة على زيارتي ومساعدتي، بل وتقديم النقود لي وكذلك الهدايا المختلفة.. وعن نفسي فلم اعرف من البنات من هي في مثل طيبتها وعطفها وعفتها، وكانت دائما توصيني بكتمان ما تفعله من عمل الخير عن الجميع، وعندما كان يمرض أحد أبنائي كانت تساعدني في الذهاب به للطبيب وشراء الدواء، لقد كانت مؤمنة مخلصة، لذا فلن أنساها..

          أما صديقتها ف .ج فتقول:
          كانت هنادي تتمنى أن توفق في عملها لتقوم بعلاج والدها ورعاية أسرتها، لكي تتمكن من مساعدة العائلات الفقيرة. وتضيف: كانت تبكي بشدة إذا سمعت عن أسرة متضررة ولا تستطيع مساعدتها، ولم تكن ترتاح حتى تجد طريقة للتحفيف عنها ومساعدتها.
          وتتذكر إحدى الطالبات كيف أن هنادي أنقذتها من ترك جامعتها وذلك عندما دفعت لها الأقساط الجامعية.
          وتقول: حضرت هنادي لزيارتنا، وكنت في حالة نفسية صعبة، حيث والدي عاطل عن العمل ولا يوجد لديه نقود، وأسرتنا كبيرة، وكنت دائمة البكاء لأنني لن أتمكن من مواصلة الدراسة، وعندما رأت هنادي وضعي المضطرب حاولت أن أخفي عنها الأسباب التي أودت بي إلى تلك الحالة، لكنها أمضت معي ساعات طويلة تحادثني وتستفسر مني إلى أن علمت بالموضوع، فابتسمت وقالت لي: لا تحزني، ولا تخافي على جامعتك فسنحاول أن نحل المشكلة. وبالفعل عادت إلي بعد وقت وقد أحضرت المبلغ، حيث دفعت الرسوم وعدت للجامعة..
          لن أنسى وصيتها لي بكتمان هذا الأمر، لكنها اليوم ليست بيننا، ويجب علي أن أنصفها بهذه الكلمة، يجب أن يعرف الجميع اليوم أنها كانت مخلصة ومعطاءة ووفية.
          ولم يقتصر دورها على ذلك فقد ساعدت الكثيرين على حل مشاكلهم وإضفاء البسمة على حياتهم..
          وقالت رفيقاتها في الجامعة أن هنادي تميزت بطيبة ليس لها حدود وإخلاص منقطع النظير وأخلاق عالية وشجاعة قل أن يكون لها نظير، كانت تقف مع رفيقاتها في أزماتهن وتساعدهن على التخلص منها رغم قلقها الدائم على أسرتها، فكانت تؤثر الآخرين على نفسها ولا ترد لهم طلبا، وكانت تحافظ على دراستها وتؤدي جميع واجباتها، وعندما كانت إحدى صديقاتها تمرض كانت هنادي تنقطع عن كل شئونها الخاصة وتقف إلى جانب صديقتها إلى أن تشفى، وعندما تواجه إحداهن مشكلة كانت هنادي تلازمها حتى تحل لها المشكلة وتعيد إليها استقرارها.

          تقول صديقتها ابتهال:
          عرفت في هناديي كل المعاني الكريمة للمرأة الفلسطينية المؤمنة الصابرة المحتسبة، التي لم تفكر يوما بذاتها، وكانت تصر على النجاح لتنتشل أسرتها من ضنك الدنيا، كانت قوية بكل معنى الكلمة، صادقة بشكل قل أن عهدته في أخريات، وفيّة لأقصى الحدود، وكان لديها استعداد دائم للتضحية. في نفس الوقت كانت وفية لشعبها وقضيته، ففي أثناء دراستها الجامعية كانت هنادي تحرص على المشاركة في النشاطات الطلابية لصالح القضية الفلسطينية في الجامعة، وشاركت في المسيرات والاعتصامات والتظاهرات المؤيدة لفلسطين، وساهمت في التعريف بالأوضاع السائدة في فلسطين وفضح الاحتلال والتأثير على الطلبة ليكونوا مع شعبنا الصامد.
          وفور تخرجها شرعت هنادي في ترتيب أمور حياتها لتحظى بعمل ووظيفة كريمة تحقق من خلالها ذاتها وتساعدها على تغيير حياة أسرتها، ويروي أحد من عملوا معها في مرحلة التدريب أنها كانت محامية بكل معنى الكلمة، فقد كانت واثقة الخطى، قادرة على تطبيق مفاهيم المهنة وتحقيق النجاح، لذلك حظيت باحترام وتقدير كل من عرفها، والسبب الرئيسي كان وفاؤها وصدق تعاملها وإخلاصها، وعملها بإيمان وقناعة في سبيل المصلحة العامة وليس الشخصية، حتى أنها ،وفي زمن قياسي، أحرزت مكانة متميزة لم يصل إليها الكثيرون ، واصبح اسمها يتردد دوما مقرونا بما حققته من تفوق ونجاح.

          ويؤكد كل من عرفها أن أحلامها لم تكن لنفسها فقط، بل كانت تتحدث نيابة عن المجموع، وتعتبر كل نجاح لأسرتها ومجتمعها ووطنها نجاحا شخصيا لها، وعلى الرغم من طبيعة عملها فإن ذلك لم يمنعها من المشاركة في فعاليات الانتفاضة، وعندما يشتد الحصار كانت تساعد في توزيع الغذاء والدواء وانقاد الجرحى، وكلما خرجت مسيرة كانت تشارك فيها، وكانت تؤيد الانتفاضة والمقاومة بشدة وتقول: يجب أن نقاوم المحتل حتى نطرده من أرضنا، أرض الإسراء والمعراج والأنبياء، ولا مكان للقتلة فيها.

          وتعقيبا على أحاديث الجيران والمعارف الذين عرفوا هنادي عن قرب يعقب والدها بالقول:
          وكانت هنادي تفرح كلما سمعت عن وقوع عملية ضد الاحتلال ويسمعها الأهالي وهي تعبر عن سعادتها خاصة بعدما وقعت عمليات كبيرة فكانت تقول: الحمد لله شعبنا انتقم للشهداء، فقد كانت تعتبر العمليات العسكرية كأحد الأشكال الرئيسية لمقاومة الاحتلال.

          كانت هنادي ،يقول والدها، عظيمة ومثالاً للفتاة الفلسطينية المخلصة.. كانت تصرفاتها أكبر من سنها، وكان سلوكها متميزاً عن بنات جيلها، كانت تصلي الصلاة في وقتها، وتقوم الليل، وتتقرب لله عز وجل بالطاعات، وكانت كثيرا ما تقرأ القرآن حتى أنها ختمته في الفترة التي سبقت استشهادها ست مرات، وقد أمضت هنادي الشهرين الأخيرين قبل استشهادها صائمة..
          ببساطة.. كانت ابنتي مؤمنة ملتزمة، واستشهدت صابرة محتسبة.. لقيت ربها وهي صائمة.

          كانت شديدة الإحساس بالمسئولية
          مع تردي وضعي الصحي ،يقول والد هنادي، تفاقمت حالة الحزن المخيم على بيتنا، فقررت هنادي (التي تخرجت للتو من كلية الحقوق وأصبحت تتدرب وتستعد لافتتاح مكتب خاص بها) قررت أن تتحمل كامل المسؤولية عن نفسها وعن البيت كله، وكان من تلك المسئوليات: رعايتي وعلاجي من جهة، وتأمين حياة شقيقاتها من الجهة الأخرى..

          لقد كان قلبها عامرا بالإيمان والحب (يواصل والدها) فغمرت أخواتها بمعين قلبها الذي لا ينضب، وأصبحت لهن بمثابة الأب والأم والأخ.. وبعد استشهاد أخيها “فادي”، وكأني بها تقول

          لهن: "أنا “فادي” بعد “فادي”.. وسأوفر لكَن كل ما كان يوفره لكُن"!..

          شهادة الأخت “فادية”..
          أما “فادية” تيسير عبد المالك جرادات مواليد 1978 الأخت التى تصغرهنادي فتتحدث عن هنادي بتأثر ظاهر وتقول: درسنا المرحلة الابتدائية سويا، وقد تميزت هنادي عنا بأنها كانت مثالا لتحمل المسئولية، كانت أكبر منا لذا فقد تصرفت وكأنها مسؤلة عنا.. فصارت ترعى عائلتها وأسرتها كونها أكبر الأشقاء..

          وتواصل "فادية":
          كانت شخصيتها قوية، وكانت تتمتع بذكاء وفطنة، كانت هنادي في حياتها تثير لدينا الشعور بالفخر والاعتزاز، حيث كانت هنادي مجتهدة ومتفوقة دائما، وقد بدأت مسيرتها التعليمية في مدرسة فاطمة خاتون إحدى أقدم مدارس المدينة وأشهرها.. وبسرعة برزت هنادي بفضل تفوقها.. ومنذ الصف الأول كانت ذكية؛ متفتحة الذهن؛ محبة للتعليم.. حتى أنها حظيت باحترام وتقدير جميع أعضاء الهيئة التدريسية.. إلى الدرجة التي أطلقت معها المعلمة على هنادي لقب "الشعلة" بسبب اجتهادها وتفوقها وذكائها، فكانت تتفوق على جميع الشُعَب، وبسبب حيويتها واجتهادها نالت مكانة بارزة لدى المعلمات والإدارة والطالبات على حدٍ سواء. وأذكر في إحدى المرات التي أرادت فيها إحدى المعلمات معاقبة شقيقتي "خلود" (والتي كانت في نفس المدرسة) بسبب تراجع علاماتها، فتوجهت هنادي للمعلمة واستعطفتها مسامحة "خلود" وتحمل العقاب عنها..
          .. وفي كثير من المرات كانت المعلمة تستدعي هنادي وتطلب منها مساعدة شقيقتها لتتفوق، وحصلت مرات عديدة على شهادات تكريم وتفوق.. إلى أن انتقلت إلى المرحلة الثانوية، وما إن نجحت في الثانوية العامة حتى سافرت للأردن والتحقت بكلية الحقوق وواصلت دراستها إلى أن حصلت على شهادة الحقوق.

          علاقة مميزة مع العائلة
          ارتبطت هنادي بعلاقة حميمة مع جميع أفراد أسرتها حتى حظيت بمكانة خاصة لدى والدها الذي كان كثيرا ما يستمع لرأيها ويقدره نظرا لما كانت تتمتع به من حكمة وبعد نظر..
          كان والد هنادي مُصرا على رعايتها وتعليمها ،رغم ظروفه الصعبة، حيث كان والدها شبه معدم فقير، فهوكان مجرد عامل بسيط بالكاد يستطيع أن يوفر للبيت مستلزماته، وقد تأثرت هنادي كثيرا بالوضع الاقتصادي الصعب لوالدها ولأسرتها، خاصة في مرحلة التعليم الثانوي التي كانت تحتاج الكثير من المتطلبات من كتب ومصروفات.. مما دعاها للتفكير في ترك المدرسة إلا أن والدها رفض ذلك..

          لكن المشاعر الطيبة من قبل الوالد تجاه ابنته لم تكن ،وحدها، كافية لحل تلك المشكلة، فعاشت هنادي في تلك الفترة أزمة حقيقية، حيث تخوفت من عدم قدرتها على تحقيق حلمها في إنهاء دراستها الجامعية، ففقدت الأمل في متابعة الدراسة وتأثرت سلبا، مما انعكس على معدلها فحصلت على معدل70% في الثانوية.

          والحقيقة أن الأسرة في ذلك الوقت كانت تعيش ظروفاً صعبة أدت إلى تلك النتيجة، وبعد الثانوية العامة لزمت هنادي البيت، لكن إصرار الوالد على معاودتها للتعليم جعلها تعود إلى طبيعتها المرحة، فأعدت نفسها للسفر للأردن لتحقيق حلمها..

          لم يكن تحقيق حلم هنادي وأسرتها في التعليم الجامعي أمرا سهلا، فقد عانى الوالد كثيرا في تلك الفترة، حتى أنه اضطر للاستدانة من الأقارب والجيران، ولم يبخل على هنادي بالتشجيع والدعم النفسي لتحقيق النجاح والتفوق. وبالفعل كانت هنادي على قدر المسؤولية، ولم تخيب ظن والدها فيها، فدرست ، ونجحت، وتفوقت.. وأخيرا تخرجت من كلية الحقوق بتفوق عوضها وعوض الأسرة عن كل سنوات الحرمان.. وكان لذلك التفوق وقعا خاصا على الوالد الذي ضحى كثيرا في سبيل توفير الحياة الكريمة لأسرته، وكانت هنادي أول من تخرج من الأسرة وحصل على شهادة جامعية.

          التزام بالدين

          كانت هنادي ،وكما كل الشهداء، كانت متميزة عن قريناتها، إلا أن سنواتها الأخيرة كانت الأكثر تميزا، حيث بدت هنادي أكثر التزاما بالدين، وأكثر وعيا وعمقا بمضامينه وبمعانيه العميقة.. وكان الجانب الديني الأكثر تأثيرا في شخصيتها هو قدرة الدين على تحريك النفوس لتدافع عن المظلومين، ولعل الدين الإسلامي والأحداث المؤلمة (من قتل وتدمير واجتياحات وخاصة ما حدث في مخيم جنين) و التي مرت بها القضية هي أكثر ما صاغ شخصيتها بوعيها المتقدم، وبتضحياتها العالية..

          وقد تميزت تلك المرحلة باهتمام هنادي بدراسة الإسلام دراسة واعية وقراءة القرآن وحفظه بانتظام، وهنا كانت المحطة الهامة التي غيرت حياتها، إذ أصبحت مواظبة على الصلاة والعبادات، وارتدت الحجاب، وتعمقت في الدين.. وكانت تقضي أوقاتها بين قراءة القران ومطالعة الكتب الدينية، واهتمت كثيرا ،إلى جانب حفظ القرآن الكريم، بالأحاديث النبوية الشريفة التي حفظتها عن ظهر قلب، وسرعان ما تغيرت حياتها.. حيث أصبح حديثها اليومي عن الإسلام والصلاة والدين والإيمان، وتمكنت من التأثير على بقية أفراد أسرتها، فارتدت أخواتها الحجاب، وواظبن مثلها على العبادات، وتحولت حياتهم جميعا نحو الوعي والرشاد، فكانت الجلسات والزيارات التي يقوم بها الأهل والجيران والأصدقاء تتحول للدعوة والدين والكلام الطيب، وفي مثل تلك الأجواء تحولت حياة هنادي إلى حياة داعية واعية ترشد الناس لدينهم وإسلامهم..

          وعن تلك الأيام تتحدث “فادية” أخت هنادي:

          أتذكر في أحد الأيام أن بيتنا امتلأ بالفتيات اللواتي اجتمعن لسماع الأحاديث الدينية الشيقة التي كانت تلقيها هنادي على مسامعهنّ.. حتى أننا نسينا أنفسنا فوجدنا أنفسنا وقد استمعنا إلى خمسة أشرطة دينية الواحد تلو الآخر!!!

          إيمان ووعي!!..

          لم تكن هنادي روحا وحسب.. بل كانت كذلك عقلا واعيا بجذور المشكلة التي أصبحت هما يؤرق حياة كل مسلم ومسلمة في مشارق الأرض ومغاربها.. القضية الفلسطينية وسقوط بيت المقدس من جديد بين براثن الصليبية الحاقدة والصهيونية المجرمة، وقد تأثرت هنادي ،بشكل خاص، بقضية اللجوء، وضياع الأرض، ومعاناة الناس، مما زادها تعلقا بأهداب قضية الأمة ، قضية فلسطين.. وجعلها دائمة الحديث بكراهية عن الاحتلال المجرم البغيض، حتى أنها كانت تكتب الأشعار التي تحث أبناء جيلها من خلالها على المقاومة ورفض الاحتلال، وأجادت كذلك التصوير والرسم الذي فاضت ريشتها من خلاله حبا لفلسطين وحقدا على الأعداء..
          ولم تتوان هنادي عن المشاركة في المسيرات الوطنية والأنشطة المختلفة ضد الاحتلال، متحدثة عن ضرورة الوقوف في وجه الظلم، كمقدمة لتحرير فلسطين.. فهي كانت تعتبر الاحتلال في جوهره كتلة سوداء من الظلم والحقد الأعمى.. من هنا جاء إعجابها الخاص برسومات الفنان ناجي العلي، والتي رأت فيها تعبيرا واضحا عن الوقوف في وجه الظلم..
          ..كانت هنادي تحلم كثيرا بفلسطين التي صارت بعيدة.. وبالقرى التي غيبها الاحتلال..
          ..كانت هنادي، ككل فرد من أسرتها، وككل فلسطيني، تحلم بالعودة لأرض فلسطين المغتصبة.. كانت تحلم بالعودة ،بشكل خاص، إلى "بيسان" أرض الآباء والأجداد.. وتتوق جدا لزيارة القدس والصلاة في مسجدها المبارك.. تلك المدينة الجميلة التي حرمها منها الاحتلال..
          وكانت كثيرة البكاء.. على الشهداء بشكل خاص، وقد بكت ،بشكل خاص، ابن عمها الشهيد عبد الرحيم ، والذي ارتقى إلى بارئه برصاص قوات الاحتلال، وقد جاء حزنها عليه مضاعفا كونها نشأت وتربت معه منذ الصغر، فكان لها بمثابة الأخ.. إلا أن أشد ما أثار حزنها أنها لم تستطع أن تودعه وأن تشارك في جنازته حيث كانت تدرس في عمان..

          شهادة بيسان!!..

          أما بيسان تيسير جرادات مواليد 1982، وترتيبها الخامسة في العائلة، طالبة الثانوية العامة، والفتاة التي كانت تستعد للزفاف حين فاجأتهم هنادي بما قامت به من عمل بطولي.. فتتحدث عن أختها هنادي فتقول:
          لا يمكن نسيان هنادي.. إنها تعيش في أعماقي.. كأنفاسي التي تتردد في صدري، بل هي أقرب.. إنها كالنبض في قلبي.. أتذكرها بجمال طلعتها، وبحسن معشرها، وطيب أخلاقها، وحرصها علينا نحن اخواتها، وإحساسها تجاهنا.. لقد كان لها فضل علينا أن ساعدت في تربيتنا وهدايتنا للدين القويم.. من هنا فإن لها فضلا كبيرا علينا جميعا..
          وتواصل "بيسان": كانت علاقتي بها طيبة، بل إن علاقتنا تجاوزت الشكل التقليدي لعلاقة الأخت بأختها، حتى أنها اقتربت لأن تكون أما لنا.. فقد كانت ذات صدر رحب اتسع لإرشادنا، واحتمل همومنا ومتاعبنا، ولم تبخل علينا بشيء، فكانت لا تنام إلا بعد أن تطمئن علينا، ولا تهدأ إلا إذا تأكدت أننا جميعا بخير، كانت ذات قلب كبير، وكانت تمتلك من الحنان ما يفيض علينا عطفا ورحمة، وحرصت على مساعدة والدي في تربيتنا وحمايتنا من مظاهر الفتن التي تنتشر في هذه الأيام..
          .. منذ الصغر أحببتها كثيرا، فقد كانت دائمة المساعدة لي في إعداد دروسي وحل مشاكلي، كانت طيبة القلب بلا حدود، ومحبتها غامرة بحيث اتسعت لتعوضنا عن مرض الأب واستشهاد الأخ، وهونَت علينا جور العدو وجرمه وأعانتنا على ظلم السنين..


          وعن طموحها ورغبتها في تحسين حياتها وحياة أسرتها تقول "بيسان":

          كانت هنادي شديدة الطموح، عزيزة النفس، قوية؛ صابرة؛ مؤمنة؛ مخلصة؛ وفية؛ معطاءة لأقصى الحدود، ولأنها الكبيرة في الأسرة فقد كانت تفتح قلبها للجميع، وتتحمل مشاكلنا حتى أن شقيقي “فادي” عندما كان يواجه مشكلة ما كان يلجأ إليها لتساعده في حلها.
          لقد تأثرت بها كثيرا، وعندما طلبت مني ارتداء الحجاب لم أتردد، فقد أقنعتني بمنطقها وأسلوبها في التمسك بالدين وكتاب الله، حتى أصبحنا نجتمع دوما على كتاب الله فتتحفنا بدروسها الدينية التي غيرت حياتنا.
          ومنذ الصغر وهبت هنادي حياتها لمساعدة أسرتها، حتى أنها عندما كانت في سن الثامنة عشرة وتقدم لخطبتها أحد الشبان.. طلبت من والدها عدم التفكير في موضوع الزواج إلى أن يتم تأمين متطلبات دراستها.. عندها لم يسع الوالد إلا أن يقول: "لو تطلب الأمر مني أن أبيع لحم كتافي سأرسلك للجامعة.."!!..
          وقد وفَى الوالد بوعده لابنته الأثيرة على قلبه..

          وعن إحساسها بالمسئولية تجاه أسرتها تتحدث أختها بيسان:

          كانت علاقتي بها قوية جدا وكنت دوما أذهب معها وأرافقها في روحاتها وجيئاتها، كانت لشدة حساسيتها تتأثر كثيرا تجاه ما يدور حولنا من أحداث قاسية، فكانت شجاعة في مواجهة تلك الأحداث، بل كانت تشعر بمسئولية كبيرة دفعت في عروقنا حب الصبر على الشدائد..
          ..كانت تواجه مشاكل الحياة ببسالة وتحدٍ؛ وكانت مجتهدة؛ ومخلصة؛ ومحبة للآخرين لذلك كانت حريصة على التواصل مع الناس وخاصة أسر الشهداء والفقراء، تساعدهم وترعى احتياجاتهم، ففي إحدى المرات جاءتها جارة تعاني من المرض ومن عدم قدرتها على شراء العلاج.. فقامت هنادي بمتابعة قضيتها؛ وتمكنت ،أخيرا، وبالتنسيق مع عدة مؤسسات من مساعدتها وحل مشكلتها..

          وفي مرة أخرى علمت هنادي بمعاناة شاب كان قد أصيب بعيار ناري أطلقه عليه جنود الاحتلال فأصابوه في ظهره ولم يحصل على العلاج المناسب، فقامت من فورها بالاتصال مع عدة مؤسسات على أمل مساعدته، وقد تكللت مساعيها بالنجاح فسافر الشاب وتمت معالجته بطريقة مكَنت من إنقاذ حياته.

          باختصار ،تتابع بيسان، كانت هنادي حريصة على عمل الخير، بل كانت تفضل غيرها على نفسها، كانت دائما تقدمنا نحن أخواتها على نفسها، وهي التي اشترت لي فستان زفافي، وقدمت لي الرعاية والمحبة والاهتمام في الفترة الأخيرة.. فهل يمكنني أن أنساها للحظة.. تتساءل بيسان؟!

          وتتابع: لا عجب.. أن اصطفاها الله بالشهادة، وأية شهادة!!.. إنها الشهادة الزكية، التي تفرح الصديق وتغيظ العدا..

          إنها أخلاق وشيم الشهداء الأحياء ممن اصطفاهم الله عز وجل مع أنبيائه وصديقيه وحسن أولئك رفيقا.. وقد كانت هنادي دائما في حياتها مثالا من أمثلة الشهداء الأحياء..
          كانت تحبهم وتحترمهم..

          وحول تفاعلها مع الأحداث التي تدور في العالم من حولهم تشير بيسان:

          كانت أختي الشهيدة حريصة على متابعة أمر أمتنا الحبيبة أمة الإسلام، فكانت دائمة المتابعة لنشرات الأخبار، كان يغضبها الصمت من حولنا تجاه المجازر التي ترتكب على أرض فلسطين، وتلك التي ارتكبت على أرض العراق..
          وحول أهم الشخصيات التي أثرت في هنادي وطبعت شخصيتها بفكرها وأخلاقها تشير بيسان وبشكل خاص إلى عدد من أولئك الذين عرفت الشهيدة بحبها واحترامها لهم…
          تقول بيسان: يعتبر سماحة الشيخ حسن نصر الله من أقرب الشخصيات إلى نفسها، بل إنها كانت تضرب به المثل في التضحية والصدق، فكانت تقول دائما: "الشيخ نصر الله فقد ابنه فداء لله وللوطن قبل أن يأمر الناس بتقديم أبنائهم"..
          كذلك فقد كان الدكتور رمضان عبد الله شلح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي من الشخصيات التي حازت على احترام كبير لدى هنادي، حتى أنها كانت تحفظ كلماته عن ظهر قلب، وعندما يتم إجراء لقاء معه كانت تتابعه بشغف.

          أيضا كانت تحترم بشدة الكاتب عبد الباري عطوان وتقدر مواقفه ولقاءاته..

          أما قدوتها من النساء الفلسطينيات فكانتا ،بلا منازع، الاستشهاديتان هبة دراغمة ووفاء إدريس، فعندما استشهدت هبة دراغمة (منفذة عملية العفولة) أمضت هنادي الليل بطوله تدعو لها أن يتقبلها الله عنده مع الصديقين والشهداء، وكثيرا ما كانت هنادي تتفاخر ببطولتها..
          أما الاستشهادية وفاء إدريس فاعتبرتها هنادي بطلة وعظيمة علمت العدو درسا لن ينساه، وأن وفاء قد أثبتت للجميع حقيقة أن كل هذا الشعب إنما هو مشروع شهادة...
          وقد حرصت هنادي على المشاركة في مسيرات جنين، وكانت تتأثر كثيرا كلما سقط شهيد، وكانت تعبر عن غضبها على الاحتلال وتتمنى أن ينتقم شعبنا لنفسه، وكانت شديدة الثقة بنصر الله في نهاية المطاف.. حتى أنها كانت تتحدث دائما عن النهاية الطبيعة للاحتلال، وبأن نهايته هي إلى زوال… مستشهدة في كل ذلك بما ورد في القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

          وتختتم بيسان ،الأخت الصغرى لهنادي، حديثها بالقول: كانت هنادي نموذجاً واضحا للفلسطينية المؤمنة والصامدة، التي وهبت حياتها لله وأعطت حياتها لأجل هذا الوطن..
          كانت هنادي دائمة الرعاية لأهلها، ولبلدها، لم تقطع فرضا فرضه الله عليها، كانت تقوم الليل وتصوم النهار وتقرأ القرآن الكريم، وتحرص على متابعة أمورنا والتزامنا بديننا وقيامنا به، كانت حياتها إسلاماً وإيماناً ونوراً وحباً لله ولرسوله الكريم، ولم تغب عنها،للحظة، أحاديث الشهادة والتضحية في سبيل الوطن. رحم الله هنادي وتقبلها شهيدة فيمن عنده..

          أما أمجاد الشقيقة السابعة لهنادي تبلغ 13 عاما، فتتمتع بنفس طويل رغم صغر سنها، ترتدي بشكل دائم جلباب أهدتها إياه هنادي، وعندما تتحدث عنها تبدو شديدة الحب لها وتعيش معها هنادي كل لحظات حياتها..
          وتقول أمجاد وهي في الصف الثامن ( كانت قريبة جدا مني وتحافظ عليّ؛ لأني ،كما كانت تسميني، "آخر العنقود" وتشتري لي دوما كل متطلباتي، لم تحرمني من شيء، وأي شيء كنت أطلبه ومهما كان ثمنه كانت تحضره لي بحب ودون تذمر.. لقد اشترت لي جلبابي هذا الذي ألبسه بالإضافة إلى الكثير من الأشياء الأخرى، بالإضافة إلى أنها كانت تساعدني في دراستي وخاصة في موضوع اللغة الإنجليزية..

          وتستطرد أمجاد:

          كانت هنادي مرحة و"حبوبة" وكانت تتمتع بشخصية قوية وجرأة نادرة، فهي لم تكن تنافق أو تداهن، وعندما أنظر لسريرها اليوم أراها وكأنها لا زالت هناك، إنها تسكن معنا بروحها، وتظللنا برقتها ولطافتها، وتمدنا بنفس الحب الكبير الذي طالما أمدتنا به، إنني أكاد أراها هناك في نفس المكان جالسة بلباس الصلاة، أراها بعيني وروحي وهي عاكفة على قراءة القرآن الكريم، مادة يدها اليمني أمامها تسبح الله كما كانت تسبح في حياتها!!
          وعندما أعود بذاكرتي قليلا أراها وهي تتحدث عن فلسطين بحب ووفاء وإخلاص، حيث كانت حريصة على متابعة البرامج السياسية، خاصة في قناتي "المنار" و"الجزيرة" وفي ليلتها الآخيرة قبل العملية رأيتها وهي تتابع بشغف برنامجاً كان يتحدث عن محنة اللاجئين الفلسطينيين في الشتات، كانت تتابعه بحرص، حتى أنه بدا عليها الغضب والسخط والتأثر والحزن. وبين الفينة والأخرى كنت أسمعها تقول: ما ذنب شعبنا ليبقى مشرداً ومشتتا؟ إنه الظلم بعينه.
          وعن دعم هنادي لها في تحقيق حلمها بدراسة الصحافة تقول أمجاد: لقد شجعتني هنادي دوما في مجال الدراسة، ولقد كانت دائمة التشجيع لي على تحقيق حلمي في أن أدرس في مجال الصحافة، لقد كانت تشعرني دائما وكأن شهادة الصحافة التي كنت أتوق إلى الحصول عليها كأنها ستحمل اسم هنادي وليس أمجاد.. وكنت أتعجب من هذه المشاركة الوجدانية التي تحملها لنا في قلبها.. إن تلك المواقف تجعلني اليوم أفكر في كل الأشياء من جديد.. فهناك أمانة يجب أن أردها لهنادي.. سأحاول تحقيق ذلك الحلم .. ولئن وفقني الله في الحصول على بكالوريوس الصحافة فسأسخر قلمي ،إن شاء الله، لخدمة القضية التي ضحت هنادي بدمها لأجلها..
          وتختتم أمجاد شهادتها بالقول: الكلام يعجز في كثير من الأحيان عن التعبير عن مكنون النفس.. لكن كلمة أريد أن أضيفها هنا: إنني فخورة بأختي هنادي.. نعم أنا فخورة بها!!..
          "فادي"؟؟!
          منذ جريمة الاغتيال المروعة التي كانت شاهدة عيان عليها والتي طالت شقيقها الشهيد “فادي” تيسير جرادات وابن عمها صالح جرادات لم تتوقف هنادي عن البكاء.. البكاء المر.. الممزوج بطعم العجز.. فصور الجريمة البشعة لازالت تمر أمام عينيها لتحيل حياتها إلى حزن متواصل.. ولياليها إلى كوابيس..
          .. فأخي ،كما أتذكر لحظاته الأخيرة، كان ينزف أمامي.. (تقول هنادي)
          ..أمسكت بيده.. وضممتها بين يدي.. كانت الدماء تغرق جسده الطاهر..
          لازلت أذكر تلك اللحظات وكأنها كابوس.. كان جسده ينزف بغزارة، وطلب مني أن أساعده؛ لكنهم هاجموني بعنف والقوا بي على الأرض..
          .. انتزعوا يده من بين يدي، واقتادوه هو وابن عمي صالح لعدة أمتار بعيدا عني…
          أطلقوا عليهما النار بدم بارد.. كانت أصعب لحظات حياتي.. تلك التي شهدت فيها مصرعهما أمام عيني..
          القناعة كنز لا يفنى

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيك اخي اسود الحرب
            جد مو قادرة اعلق بشي
            كلمات اسرتني واسكتت فاهي وجف قلمي فلم اجد للكلمات معنى امام هذا التحدي وهذه التضحية
            مالي قول سوى
            رحمة الله على ارواحهن الطاهرة واعان الله اهلهن وكان الله بعون والد الاستشهادية البطلة هنادي والله كلماته لتلهب المشاعر
            رحمات ربي وسلامه على ارواحهن
            الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه


            " عندما سلكنا هذا الطريق كنا نعرف ان تكاليفه صعبة جدا لكن هذا هو واجبنا وخيارنا المقدس"

            تعليق


            • #7
              لكن من هو "فادي"؟!!

              حكاية والد هنادي (تيسير جرادات) مع الاحتلال بدأت منذ سنوات بعيدة عندما شردت عائلته من بيسان مسقط رأسه وأجداده.

              وعن ذلك يقول: لا أتذكر شيئا عن مدينتي الحبيبة "بيسان" لكن ما أعرفه جيدا أنها لازالت في أعماقي ممتدة كما شراييني، تنبض دائما كما قلبي، أتخيلها صحوا وأحلم بها في منامي..
              ومنذ تفتحت عيناي على الحياة ،يواصل تيسير جرادات، وجدتها أمامي.. بيسان الجميلة إسما ومسمى، وكان والدي رحمه الله قد أحسن رسمها في ضميري وذاكرتي وفي أعماق وجداني، فهناك كان والدي قد ولد وعاش أجمل أيام حياته، قبل أن تشرده النكبة وإيانا من أرض الحب والخير والعطاء بيسان، وهناك كان والدي (يواصل تيسير) قد ترعرع وتزوج، وولدت أنا بعيد النكبة بفترة وجيزة، وأتذكر أنه كان يحدثني عن العصابات الصهيونية التي هاجمتهم وشردتهم، حتى أنها ،لشدة جرمها، قد ذبحت الصغير والكبير لتغتصب أرضنا، فلجأ والدي لمدينة جنين التي لا زلنا نقيم فيها إلى يومنا هذا..

              محطات في حياة اللجوء
              في “السيباط” أحد اقدم أحياء جنين نشأ وتربى تيسير جرادات وتفتحت عيناه على هموم الحياة وإرهاصات اللجوء وأحلام العودة.
              لأسرة فقيرة ولدت عام 1952، بعد 4 أعوام من تشريد أسرتنا من أرضنا في بيسان؛ لجأ والدي لمدينة جنين حيث ولدت، كان والدي عاملا في السكة الحديد، وله ولدان وابنتان، وقد درست حتى الصف التاسع، إلا أن ظروف الحياة القاسية أرغمتني على ترك مقاعد الدراسة والعمل، ولكن بعد النكسة وانطلاقة الثورة عام 1967 انخرطت في صفوف الجبهة الشعبية، ومن الفترة من عام 67 – 1977 اعتقلت خمس مرات تراوحت بين التوقيف والتحقيق والأحكام بتهمه الانتماء للجبهة ومقاومة الاحتلال . بين فترات الاعتقال تزوجت برفيقة دربي "رحمة" فرزقنا بهنادي بتاريخ 21/9/1975 وخلال اعتقالي رزقت بـ "خلود" بتاريخ 5/11/1977.
              بعد الاعتقال رزقت بباقي البنات والأولاد وهم هنادي وفادية 26 عاما وبيسان 21 عاما وفادي 20 عاما وتحرير 19 عاما وعهد 16 عاما وثائر 15 عاما وأمجاد 13 عاما.
              ما يؤثر فيّ كثيرا هو أنني بعدما خسرت مدينتي الحبيبة "بيسان" لم أستطع حتى تملك بيت صغير حيث بقيت طوال عمري أنتقل من بيت مأجور إلى آخر، وأمضيت حياتي هكذا إلى أن أقعدني المرض..
              وحول تعلقه بمدينته "الحبيبة" بيسان يقول: "دوما كانت قلوبنا وحياتنا متعلقة ببيسان، حتى أننا لم نتخل للحظة عن حلم العودة إليها؛ خاصة وأنها لم تكن تبعد عن جنين كثيرا؛ فكبرت وكبر معي حبي لها، وأصبحت متعلقا بها.. خاصة بعد معايشتي لتطورات القضية الفلسطينية" ومع انطلاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين انخرط تيسير في صفوفها، وبدأ يناضل مع أبناء شعبه.
              وعن الأحوال التي سادت الأرض المقدسة في ذلك الحين يقول: "كانت الظروف صعبة وكان الاحتلال يتعامل معنا بوحشية ودموية، ومع ذلك لم نتأخر عن تلبية النداء، فكنا نقاوم بإمكانياتنا البسيطة، وحرصنا بداية على توعية شعبنا بقضيته وحقوقه، فقد كنا نعتقد دائما أن الوعي بقضيتنا الوطنية يجب أن يسبق أي عمل نقوم به لتحرير الأرض، فلم يكن الوعي السياسي بالمستوى الحالي، وقد حرص الاحتلال على استخدام كافه السبل لمحاربة المقاومة والفدائيين والمنظمات الفلسطينية وكل من يساعدها، وكانت تواجهنا مصاعب كثيرة.
              خلف القضبان..

              وكغيره من الفلسطينيين لم يتوان تيسير جرادات عن تكريس حياته للنضال، ورغم زواجه من "رحمة" الفتاة اللاجئة والتي تنحدر من قرية "زرعين" قضاء حيفا المحتلة فقد واصل مسيرته الوطنية؛ إلى أن تم اعتقاله.

              يضيف: "خلال ست سنوات اعتقلت عدة مرات، وعانيت الكثير في أقبية التحقيق وزنازين الموت الإسرائيلية، وخلال فترات السجن ولد لي كل من: خلود وهنادي.. وبهم احتفظت بإحساسي بأنني لازلت موجودا في الحياة، إذ كانوا بالنسبة لي امتدادا طبيعيا لي ولحياتي"..
              لكن وعلى الرغم من فداحة تجربة الاعتقال إلا انها لم تنل من عزيمة تيسير جرادات. يقول: "عندما كبرت أسرتي وازداد عدد أفرادها بدأت بالعمل لساعات أطول لإعالتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم، لكن وضعنا لم يتغير إلى الأحسن بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تفاقمت بسبب مرضي الذي جعلني عاجزا عن العمل، خاصة بعدما اكتشف الأطباء أنني مريض بتشمع الكبد"..

              وحول ذكرياته مع أطفاله (وطفلته هنادي على وجه الخصوص) يتحدث والد الشهيدة:
              حرصت على تربية أبنائي بشكل مميز وخلقت لديهم روح المحبة والاخوة والتآلف أما هنادي فكانت منذ طفولتها مميزة وعجيبة وغريبة، كانت تميل إلى كثرة الحركة، وإلى عقد روابط الألفة مع الآخرين، وبرزت مجتهدة ومتفوقة في كل شيء خاصة بالمدرسة .

              في أحد الأيام اشترينا جهاز تلفاز، وقد عرض في تلك الفترة شريط يتحدث عن حياة أسرة فقيرة واجهت مشاكل كثيرة حتى تمكن أحد المحامين من إنقاذها ورفع الظلم، لعل ذلك الشريط كان له أكبر الأثر في تأثر هنادي رغم صغر سنها، والتي التفتت إلي في حينه قائلة لي ببراءة: أبي.. أريد أن أصبح محامية.

              ومن يومها أصبحت تلك الكلمة ملازمة لحياتها، وصار شعارها الذي تردده دوما "رفع الظلم عن الناس" فحرصت على تشجيعها وتنمية هذه الفكرة لديها، ورغم ظروفي الصعبة إلا أنني شجعتها حتى نجحت وأدخلتها الجامعة رغم ضيق ذات اليد وضعف الإمكانيات، وقد أنهت هنادي التوجيهية في الانتفاضة الأولى حيث أرسلتها للجامعة ووفرت لها جميع متطلباتها والظروف المناسبة للنجاح، وذلك لقناعتي بأهمية التعليم في حياة ومستقبل كل فرد وخاصة البنت، ففي حالتنا تحديداً ولكوننا أسرة فقيرة فإن الشهادة الجامعية ستغير حياتها، وستساهم في تحسين وضعها الاجتماعي، وتؤمن مستقبلا أفضل..

              ويواصل والد الشهيدة:

              لقد كانت هنادي حلقة الوصل بيني وبين أشقائها، لعلها كانت أقرب إليهم في روحهم وأقرب إلي في طريقة تفكيري وهذا ما مكن لها أن تكون حلقة وصل دائما، لأجل ذلك كانت هنادي دائما الأقرب إلى عقلي وروحي.. حتى أنني التزمت معها بقراءة القانون لأتمكن من مجاراتها في تفكيرها وتطلعاتها، وعندما كانت تعود في العطلة الصيفية من عمان لزيارتنا كنت شديد الحرص على مطالعة كتبها لأوجد بيني وبينها جسرا من التفاهم..

              لقد كانت هنادي دوما تتمنى أن تنهي الدراسة لتساهم مع فادي في تغيير ظروف حياتنا وتعويضنا عن سنوات البؤس والشقاء، كانت تقول دائما: سأجعل والدي ووالدتي يزوران الديار الحجازية، وسأساعد جميع شقيقاتي.

              أما عن علاقة هنادي وفادي فقد كانت قوية ومتماسكة وأحيانا تشعر أنها والدته، وقد درس فادي حتى التوجيهي ولم يكمل بسبب مرضي وقرر تحمل المسؤولية فعمل في حسبة جنين، وأتذكر أنه منذ صغره كان يعمل ويدرس، فقد شعر بالمسؤولية منذ الصغر وهو شاب ناضج وفصيح وفهمان، بسرعة أدرك الوضع وكرس حياته لرعاية الأسرة، وقد تميز بعلاقة جيدة مع كل من عرفه، والتزم بالدين وبالمسجد في مرحلة مبكرة من عمره ولم يقطع له فرضاً أو يتأخر عن صلاة. ويمكن القول أن هنادي وفادي كانا روحين في جسد، فكانت ترعاه وتهتم به وتحافظ عليه وتختار له أجمل الثياب، وقد أصرت على أن تخطب له على أن تساعده في تجهيز حياته وعندما حصلت على مساعدة قدمت له غالبية المبلغ الذي حصلت عليه؛ فجهزت له جميع مستلزمات زفافه.
              وفي إحدى المرات توجهت مع إحدى الأقارب لنا لزيارة ابنها المعتقل لدى إحضاره للمحكمة في معسكر سالم، حيث منع جنود الاحتلال هنادي من حضور المحكمة واحتجزوها في حالة صعبة ومعاملة قاسية حتى غضبت ووقفت تحدق في الجنود وتقول: أمنيتي أن أعرف الجندي الذي قتل أخي. فقالت لها قريبتها: إنسي الأمر، والله يرحم فادي. فردت عليها قائلة: لن أنسى تلك الجريمة ما حييت.

              ولم تنس هنادي صور فادي الذي استشهد أمامها كانت تستيقظ في الليل بعد مشاهدة كوابيس كثيرة فتنهض وهي تصرخ وتبحث عن فادي وتقول لا زلت أرى فادي ينزف كما شاهدته أول مرة ووجهه معفر بالتراب.

              هنادي رفضت الزواج وحضر لها عدة خطاب آخرهم كان يوم العملية، فعندما نفذت العملية كان الشاب الأخير الذي تقدم لخطبتها قد حضر لمنزلنا لمعرفة جوابها، ولم نعرف أنها اختارت الشهادة وليس الزواج، وقد كانت تردد دوما: موضوع الزواج مشطوب، وأنا بدي أربي إخوتي.
              بدأ مرضي عام 1990 حيث عانيت من آلام حادة عجز الأطباء في فلسطين عن تشخيصها فتوجهت للأردن بحالة صعبة، خاصة وأنني لا أملك نفقات الفحوصات الطبية إلى أن ساعدني فلسطيني يعمل لدى إحدى الأميرات فحصل لي على إعفاء من دفع التكاليف، وقد اكتشف الأطباء أنني أعاني من سرطان حميد (تشمع الكبد) والأخطر انه لا يتوفر له علاج إلا في الخارج في دول كألمانيا أو فرنسا، وبسبب وضعي المادي عدت لجنين حيث ازداد وضعي الصحي صعوبة.
              تأثرت هنادي بوضعي وبدأت تبحث عن علاج وحل حتى علمت انه يمكن العلاج في حيفا، ورغم ضيق ذات الحال لم تستسلم وبدأت تسعى للحصول على تصريح لي فتوجهت "للإدارة المدنية" 11 مرة، ومع ذلك رفضوا إصدار تصريح لأسباب أمنية وآخر مرة ذهبت فيها طردوها وقالوا لها: أنت جرادات ولن تحصلي على تصريح فقالت لهم لي الفخر أن أكون جرادات. فطردوها وهددوها بالاعتقال ، أصبحت حزينة ولكنها لم تستسلم فتوجهت للصليب ومنظمه أطباء بلا حدود ولكن الوضع لم يتغير وأبلغونا أن الاحتلال يقول أن الرفض بناء على أوامر من المخابرات فمنعوني من العلاج وازداد وضعي الصحي سوءاً بشكل أثر على هنادي التي لم تعرف كيف تواجه هذا الإجراء الذي يهدد حياة أغلى إنسان لديها.

              وحول علاقات هنادي مع أهل الحي يقول والدها:

              هنادي كانت محبوبة من الجميع، وتعامل نساء الحي ،وخاصة كبيرات السن، وكأنها ابنتهن، فهي ترعاهن وتساعدهن ولا ترد لهن طلبا.
              وكانت هنادي شديدة الإحساس بالمعاناة التي نعيشها، وكان يؤثر فيها جدا أنني كنت أشتري لها أجمل الملابس بينما أشتري لنفسي ملابس مستعملة من البالة.. فشعرت بذلك وأقسمت على تعويضي.. وكانت تقول لي دائما: قريبا سأعوضكم وسأخفف عنك يا أبي.
              وقد اختارت المحاماة ليس طمعا في المال، بل لنصرة الحق وأول قضية استلمتها دفعت رسومها منها!! فقد شعرت بالظلم الذي لحق بصاحبها، ودافعت عنه ودفعت جميع الرسوم من جيبها، فرحمها الله لم تتخلف يوما عن مساعدة محتاج أو فقير حتى لو كان على حسابها، وقد أصبحت هنادي معروفة لدى الكثيرين بأنها جاهزة لتبني قضية أي فقير لا يمتلك النقود وتدافع عنه..

              ويواصل تيسير حديثه عن ابنته الشهيدة:

              هنادي كانت عزيزة النفس؛ شامخة القامة؛ مؤمنة؛ صابرة؛ متدينة عن قناعة مطلقة، فتمضي وقتها في العبادات والطاعات.. ومنذ صغرها وبعد دراستها للدين والقرآن برزت عليها كراهية الظلم، فكرهت أفعال الاحتلال مغتصبي أرضها وحق شعبها، وكانت تعزز كلامها بنصوص من القرآن الكريم تتحدث عن علامات النصر التي وعد الله بها المسلمين وتقول: العودة أمر من صميم العدل، ودحر الاحتلال منصوص عليه في القران، وكلما اشتدت الظروف علينا كان إيماننا بالعودة أكبر..

              ولم تتغير قناعتها يوما بان الصراع مع اليهود صراع وجود وليس حدود، لذا فقد حرصت دائما على تزويدها بالكثير من المعلومات عن قضيه شعبنا، فوجدتها ترتبط بأرضنا بيسان، وتعبر عن تمسكها بحق العودة. ولدى سماعها للأخبار التي تتحدث عن تعويض اللاجئين أو تقرأ عن الحلول التي تشطب حق العودة كانت تغضب وتقول: "العودة حق مقدس لا تفريط به جيلا بعد جيل"…
              وعندما كنت أحدثها عن "بيسان" كانت ترسم لها صورة خاصة، وتتمنى زيارتها، وطلبت مني عدة مرات أن آخذها لزيارة بيسان، وتقول: إنني أشعر بارتباط وجودي ببيسان.. فضياعها يشعرني بالضياع، ولن يعود لي هدوئي إلا بعودتها..

              وكانت هنادي غاضبة جدا على الحكام العرب، حيث كان لها عبارة مشهورة ترددها دوما وهي أن جميع الأنظمة عميلة، ولولا خيانتها وارتباطها بالاستعمار لما أقيمت دولة الاحتلال.

              "فادي" يتحمل المسؤولية

              مع اشتداد الأزمة المعيشية على أسرة تيسير جرادات بسبب الوضع الصحي المتدهور للوالد، فإن انعكاسات الأزمة بدأت تظهر على كل أفراد الأسرة الذين بدأوا يتنازلون ،شيئا فشيئا، عن متطلباتهم في الحياة، بل بات واجبا عليهم ان يقدموا المزيد والمزيد من التضحيات..
              وقد انعكس الوضع الجديد على الأسرة التي باتت تعدّ سبعا من البنات واثنين من البنين، وكان أكبر الولدين ،"فادي"، قد استعدّ لأن يحمل نصيبه من الأزمة، فقرر التوقف عن الدراسة مكرساً حياته للعمل والمساعدة في إعالة الأسرة.

              يقول الوالد:

              "لقد كبر “فادي” ،رحمه الله، بسرعة وضحى بدراسته ومستقبله للمساعدة في إعالة العائلة، حيث لم يكن لدينا مورد رزق، وكنا نسكن في بيت إيجار، وجميع أشقاء "فادي" كانوا ملتحقين بالمدارس، مما دفعه للإصرار على التضحية بمستقبله الدراسي لأجل أن يتابعوا هم دراستهم، خاصة هنادي التي كانت مجتهدة ومتفوقة، والتي ما إن نجحت في التوجيهية حتى سافرت للأردن لدراسة الحقوق"..

              قتلوا حلمي!!!

              ازدادت الحالة الصحية للوالد سوءا فسافر مع زوجته للأردن لإجراء فحوصات والتحضير لزفاف “فادي”.

              يقول تيسير: "كنت أتمنى أن أرى أحفادي قبل وفاتي، لكن “فادي” رحل قبل أن يحقق حلمي.. فأثناء تواجدي في الأردن هاجمت الوحدات الإسرائيلية الخاصة “فادي” في مساء 12/6/2003 عندما كان يجلس أمام منزلنا مع ابن عمه صالح جرادات وزوجة صالح وبناتي، كان بإمكانهم اعتقالهما ولكنهم أطلقوا النار عليهما وقتلوهما بدم بارد.

              هنادي: أطلقوا عليه النار أمامي ومات بين يدي!

              في لقاء مع هنادي عقب استشهاد أخيها "فادي" باحت هنادي بالكثير من الأسرار التي فسرت توجهها فيما بعد لتنفيذ عملية استشهادية ضد مستوطنين يهودي، فقد كان الهم الشخصي ،بالإضافة إلى الهم العام، أكبر من أن يحتمل، ففي بيت العزاء الذي فتحته الأسرة لتلقي العزاء في ابنها "فادي" كانت هنادي الوحيدة من بين أفراد الأسرة القادرة على الحديث والتعبير عما اجتاح الأسرة بفقد ولدها..

              لكن هنادي لم تكن مجرد أخت لشهيد، بل كانت ،بالإضافة إلى ذلك، شاهدا على قسوة المحتلين وتخليهم عن أدنى القيم الإنسانية، وخلال الحديث معها بدت هنادي قوية؛ متماسكة؛ وتحدثت بلغة فيها الكثير من التحدي والإصرار على الصمود ومقاومة الاحتلال.

              وفيما يلي نص اللقاء كما أجري معها ونشر سابقا:

              للحظة واحدة لم تتوقف هنادي عن البكاء، فلا زالت دموعها تتساقط من عينيها على خديها بغزارة، فهي ،كما تقول، دموع الحزن والقهر؛ لأنها لم تتمكن من إنقاذ شقيقها وقريبها بعدما حاصرهما رصاص الوحدات السرية الخاصة؛ أمام منزلهم الواقع في حارة الدبوس في شرق مدينة جنين، وذلك يوم الخميس 13/6/2003.
              ومنذ جريمة الاغتيال الجديدة التي طالت شقيقها الشهيد “فادي” تيسير جرادات وابن عمها صالح جرادات لم تتوقف هنادي عن البكاء؛ وصور الجريمة البشعة لازالت تمر في خيالها وترافقها في أيامها منذ الاغتيال لتزيد من حزنها وحسرتها.

              .."..فأخي ،كما تقول، كان ينزف أمام عيني، أمسكت بيده والدماء تغطي جسده.. كان يطلب مني مساعدته وإنقاذه؛ لكنهم هاجموني وألقوا بي أرضا، وانتزعوا يدي من يده، واقتادوه مع صالح لعدة أمتار.. حيث أطلقوا عليهما النار بدم بارد، وقد أسلما الروح شهيدين أمام ناظري"..
              لكن هنادي لم تكن الشاهد الوحيد على ذلك الحدث المروع الذي أصاب الأسرة على حين غفلة، فإلى جانبها كانت تقف زوجة الشهيد صالح جرادات وطفله الوحيد الذي لم يتجاوز الثانية من عمره، حيث عاشوا جميعهم تلك اللحظات القاسية التي جعلت الزوجة غير قادرة على الكلام حتى بعد ثلاثة أيام من استشهاد زوجها.

              لم تكن رواية تفاصيل عملية اغتيال "فادي" وصالح بالأمر الهين بالنسبة لهنادي، والتي تربطها بشقيقها علاقة مميزة، خاصة وأنه كان بمثابة الأب بعد مرض الأب، والمعيل كذلك، حيث بات والدها يعاني من مرض خطير في الكبد، ولدى وقوع الجريمة كان الوالد متواجدا في الأردن مع الأم حيث يتلقى العلاج..

              في تلك اللحظات القاسية كان يتواجد إلى جانب هنادي في البيت شقيقها “فادي” وشقيقاتها وكذلك ابن عمهم صالح، حيث كان الجميع يشعر بمشاعر الحزن والترقب في انتظار أخبار طيبة فيما يخص مصير الوالد الذي تدهورت حالته الصحية.

              في مساء ذلك اليوم الخميس 13/6/2003 حضرت زوجة صالح جرادات من قريتها سيلة الحارثية إلى بيت تيسير جرادات وذلك للاطمئنان على زوجها صالح الذي كانت سلطات الاحتلال تطارده.. لقد مر عليهما وقت طويل منذ آخر مرة شاهدته فيها هي وطفلهما الوحيد، فالاحتلال.. تقول هنادي: كان يطارد زوجها ويلاحقه منذ فترة طويلة ويتهمه بأنه قائد “سرايا القدس” الجناح العسكري للجهاد الإسلامي.

              وتضيف: يوميا كان منزلنا يتعرض للدهم، وقد تلقت عائلتنا عشرات التهديدات بتصفية صالح والقضاء عليه، مما أجبره على الاختفاء الدائم، وحرمه من أبسط حقوقه في الحياة، كرؤية طفله الوحيد الذي لم يشاهده سوى مرات محدودة منذ ولادته.
              سيارة بيضاء.. ورصاص

              وشهداء مضرجين بالدماء!!

              في ذلك اليوم الأسود، تتابع هنادي، حضر صالح للاطمئنان على زوجته وطفله وليسأل عن صحة والدي؛ فجلسنا على باب المنزل، وما كاد صالح يبدأ بمداعبة طفله ويقبله حتى كانت سيارة بيضاء تحمل لوحة ترخيص عربية تتقدم نحونا، بدت الأمور طبيعية لذا لم نهتم كثيرا للأمر، حيث أعتقدنا أن في السيارة أحد أصدقاء صالح..

              وترجع هنادي بذاكرتها إلى يوم الحادث المشئوم:

              "كان الظلام دامسا، وفجأة توقفت السيارة البيضاء أمامنا.. اعتقدت عندها أن فيها أحد معارفنا ممن يبتغي الاطمئنان على صحة والدي.. لكننا فوجئنا بشخصين يخرجان منها، وبدءا بإطلاق النار على صالح.. وفي لمح البصر كانت سيارة أخرى تظهر أمامنا لتبدأ في إطلاق النار هي الأخرى..
              ..ارتميت أرضا، أما زوجة صالح فقد حملت الطفل وهربت به إلى البيت، أما أخي “فادي” فوقع أرضا نتيجة لإطلاق النار عليه، ورأيته ينزف بغزارة، عندها ،وبإحساسي الفطري، ارتميت عنده وأمسكت بيده، وبدأت أسحبه خلف الكنبة التي كنا نجلس عليها لنتقي زخات الرصاص التي كانت لا تزال تنهمر علينا.. صرخت: “فادي”.. "صالح".. عندها سمعت “فادي” يتكلم بصعوبة: “ساعديني يا هنادي.. أنقذيني"..

              وتضيف هنادي وقد خنقتها العبرات وأجبرت على التوقف عن رواية قصة استشهاد “فادي”:
              واصلت سحبه فإذا بأحد المسلحين يهاجمني. ألقاني أرضا بعنف، وانتزع “فادي” مني وقال لي أدخلي البيت وإلا قتلتك. ..لكني رفضت الانصياع لأوامرهم ،تضيف هنادي، وصرخت فيهم، أتركوني.. دعوني أنقذ أخي.. لكنهم هاجموني مجددا..

              كان صالح في تلك اللحظات ممدداً على الأرض دون حراك، حيث بدا وكأنهم قد أصابوه في الرأس مباشرة، أما “فادي” فكان لايزال يتحرك، وعندها بادر ثلاثة منهم (كانوا يتحدثون العربية بطلاقة) إلى مهاجمتي، وبدأوا باستجوابي عن المكان الذي يخبأ فيه السلاح. فأجبتهم بأنني لا أعرف، ولا يوجد لدينا سلاح..

              عندها انتشرت مزيد من القوات في كل مكان حول البيت، وقد أجبروني على الاستلقاء أرضا على وجهي، وقد وجه لي أحدهم كلامه: "يا كلبة.. يا إرهابية.. سنقتلك كما قتلناهم".. وقد صوبوا سلاحهم نحو رأسي. ثم وجه أحدهم حديثه لمجموعة أخرى من القوات الخاصة قائلا لهم: "اسحبوهم وكوموهم".. عندها ثارت ثائرتي ولم أتحمل المزيد فوجهت حديثي إليهم قائلة لهم: "انتم إرهابيون كلاب.. أتركوهم" فألقوني أرضا وسحبوهما عدة أمتار وأفرغوا في جسديهما المزيد من الرصاص..

              قتلوهما بدم بارد...
              استمرت هنادي بالصراخ دون وعي لهول ما رأته من مصرع أخيها وابن عمها، لكن صرخاتها ودموعها لم تشفع لها أمام أفراد الوحدات الخاصة الذين بدأوا في تلك اللحظات بمغادرة المكان بعد أن بدأوا ،وبدم بارد، بإفرغ المزيد من رصاصهم في جسدي الشهيدين للتأكد من مقتلهما..
              خلال ذلك ومع بداية الهجوم كانت هناك أكثر من عشرة آليات عسكرية تقتحم جنين وذلك من مختلف المحاور، منطلقة ،وبسرعة، نحو منطقة "الدبوس" وذلك لتوفير غطاء للوحدات الخاصة التي كانت قد دخلت إلى المنطقة، وقد قامت تلك القوات بمحاصرة الحي بأكمله؛ بعضها أغلق محاور الطرق؛ والبعض الآخر توجه لموقع العملية حيث جوبه من قبل السكان بمقاومة عنيفة، ففور انتشار نبأ الهجوم اندلعت المواجهات في جميع أرجاء المدينة، واشتبك رجال المقاومة مع جنود الاحتلال الذين قصفوا المنازل والأحياء بالرشاشات الثقيلة مما أدى لإصابة ثلاثة مواطنين ،بينهم طفلة، برصاص الاحتلال.

              تصفية متعمدة...

              وتؤكد هنادي أن العملية التي قامت بها القوات الخاصة كانت تستهدف تصفية المجاهد صلاح وابن عمه “فادي”، وتؤكد أنه كان بإمكانهم اعتقالهما بعد محاصرة المنزل، حيث لم يكن من الممكن لأي منهما أن يهرب نظرا لعنصر المفاجأة. ومما يؤكد استهدافهم القتل أن أفراد الوحدات الذين كانوا يرتدون الزي الفلسطيني ويتحدثون العربية شرعوا ،ومنذ اللحظة الأولى، بإطلاق النار، وقد واصلوا إطلاق النار حتى بعد إصابة “فادي” الذي كان من الممكن اعتقاله لكنهم واصلوا إطلاق النار عليه ليتأكدوا من تصفيته.

              وكأن جريمة القتل لم تكن كافية، فالقوات التي حضرت للموقع ،تقول هنادي: "احتجزتني وانتشرت حول المنزل وقامت بتفتيشه ثم احتفظت بجثماني الشهيدين، ولدى تسليمهما لنا تبين أنهما قد تعرضا لمزيد من إطلاق النار في سائر أنحاء جسديهما"..

              إرادة وتحدٍ...
              استشهد “فادي”، وكان وقع الأمر صاعقا على أفراد الأسرة وعلى كل من عرف “فادي” وأسرته من أهل الحي، لكن وقع الصدمة كان أشد قسوة على تيسير جرادات الذي أمضى حياته في تربية أسرته ليفاجأ بأحد أعمدة بيته ينهار أمام ناظريه، كان “فادي” الابن، والأمل في الوقت نفسه، ولطالما منّى تيسير نفسه باليوم الذي يجد فيه “فادي” أمامه رجلا يتحمل عنه بعض المسئولية، خصوصا وقد رزقه الله أسرة مباركة العدد، وما ضاعف من أثر الحدث المؤلم اشتداد المرض على تيسير جرادات بعد أن فت الحدث المؤلم في عضده، وكسر قلبه.. فلم يكن غريبا والأمر هكذا أن يفقد تيسير قدرته على النطق لعدة أيام، ثم استكان في حركته ففقد كثيرا من قدرته على الحركة، وكأن الحزن أفقده النطق كما أفقدَ يعقوبَ البصرَ فهو كظيم..
              لكن تيسير الرجل المؤمن لم يكن ليسمح للحزن ،أيا كان سببه، أن يذهب بإيمانه، فهو يذكر أنه وفور سماعه لخبر استشهاد ابنه (وقد بلغه الخبر أثناء رحلته العلاجية إلى الأردن) حتى أجهش في البكاء، ثم ما لبث أن عاد إلى صوابه ليحمد الله على هذه المصيبة، مستذكرا أن المال والنفس والولد كلها تهون في سبيل الله ولأجل فلسطين البلد الغالي .. فلسطين مسرى النبي الأمين ومعراجه إلى السماء.. فلسطين بلد المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة.. فلسطين درة بلاد الإسلام .. فما كان منه إلا ان حمد الله ورجع إليه.. وأصر على العودة من الأردن لفلسطين ليكحل عينيه بمرأى جثمان ابنه الطاهر..

              وفي الأيام التالية.. وما أن خلا تيسير إلى نفسه حتى أحس مرة أخرى بحرقة فقد “فادي”، وأحس بالفراغ الذي خلفه برحيله “فادي” الأخ الأكبر لسبع من البنات، فعظم عليه الفقد بعد أن تثاقلت أقدامه تحت ضغط الحزن والمرض.. لكن أشد ما عاناه تيسير في الأيام التالية كان معاناته وقلقه على مصير أسرته وقد فقدت الابن وها هي تكاد تفقد الأب والمعيل..
              إن المصيبة التي حطت على تلك العائلة فأصابتها في موضع الألم؛ كانت قد أصابت قلوبا عامرة بالحب، حب “فادي”.. لكنها وجدت أن حب الله أكبر، وحب فلسطين كبيرا إلى درجة كانت كفيلة بأن تنسيهم بعضا من حزنهم، وأن تقدم لهم أسباب العزاء والسلوان..


              * * *
              بعد استشهاد “فادي” صارت الحياة مختلفة، فاتساعها تحول إلى ضيق، وحلاوتها تحولت إلى مر.. وها هي أخته “فادية” تحاول أن تصف التغيرات التي لحقت بالأسرة بعد “فادي”..
              تقول فادية:

              "..في حياته حظي أخونا “فادي” ببعض المعاملة المميزة التي كانت مفهومة الأسباب كونه ولد بعد عدة بنات؛ وعاش بين سبع منهن!، وكأن حظوته لدى والدته انتقلت إلى هنادي، فاهتمت به؛ وحرصت على رعايته وكأنه ابنها وليس أخاها، فلم نشهد علاقة أخوية حميمة كتلك التي نشأت بينهما، فإذا ما فرح “فادي” كان البِشر ينبعث من وجهها، وحين يغضب تجدها غاضبة وكأن المشكلة مشكلتها، وعندما كبر قليلا وارتسمت على وجهه علامات الشباب كانت هنادي تطلب من والديها أن يخطبا لفادي وأن يزوجاه.. حتى أنها قد اختارت له إحدى الفتيات الكريمات لتكون له زوجة، وبعد تخرجها ،وأثناء فترة تدربها، صارت تدخر راتبها البسيط لتوفر لفادي بعض مستلزمات الزواج.. وحين كانت الوالدة تطلب منها أن تدخر مالها لنفسهاكانت هنادي تجيبها بمرح: “فادي” أولى بالزواج.. ألا ترين أنه صار رجلا.. فتضحك الوالدة وتضحك الأسرة..
              فكيف يمكن تخيل هنادي وقد فقدت “فادي” على حين غرَة؟؟..

              وكيف يمكنها أن تتنازل عن حلمها الكبير في أن تراه شابا يافعا يحمل بعضا من المسئولية عن أبيه، أو رجلا ناضجا مقبلا على الزواج؟!..

              وتواصل “فادية”:

              كانت هنادي أكثرنا تأثرا باستشهاد “فادي” حتى أنها رفضت كل عروض الزواج التي تقدم بها شبان رأوا فيها الفتاة المثالية لزوجة المستقبل، وكثيرا ما كانت تردد على مسامعنا أنها وهبت نفسها لأسرتها وللعناية بوالدها المريض، فوفت بوعدها، وحملت عن الأسرة كثيرا من متاعبها، فلم تتأفف، ولم تتذمر، وفي ساعات خلوتها إلى نفسها كانت هنادي لا تفتأ تذكر “فادي” فتبكيه بكاء مرا.. وكأن “فادي” كان أخاها وحدها، ومصابها وحدها… والغريب أنها كانت دائمة النصح لنا بالتصبر بعد “فادي”، وبأن نحتسبه عند الله، وأن ندعوا له بالرحمة، مستعينة في ذلك بكل ما تحفظ من آيات الذكر الحكيم وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم..

              * * *

              شيئا فشيئا بدأت هنادي تثوب إلى رشدها، وتعود إلى نفسها، فها هي (وهي الأقرب إلى قلب “فادي” وأقرب أخواته إليه) ما أن عادت إلى نفسها بعد أحداث تلك الليلة المشئومة حتى أطلقت زغرودة أودعتها كل رغبتها في التماسك، بعد أن أدركت أن العدو إنما يستهدف أرواحنا قبل أن يستهدف أجسادنا.. وهنا كانت هنادي قد حدثت نفسها: قتلوا “فادي” .. نعم .. وصالح كذلك.. صحيح، لكنهم لن يقتلوا أرواحنا.. سنكظم غيظنا، وسنطوي قلوبنا على حزننا لأن حزننا يفرحهم، وسنعلن فرحنا لأن فرحتنا تغيظهم..

              .. كانت هنادي في تلك اللحظة ،وعلى الرغم من تماسكها، تطوي قلبها على جمرة الحزن وأشياء أخرى، كانت تلك اللحظات في أعماقها تلتمع بفكرة ظلت مسيطرة عليها في الأيام التالية.. (إذا قدر لنا أن نبكي فلن نبكي وحدنا.. ومن يضحك أخيرا سيضحك كثيرا.. ولم لا نضحك؟!.. وقد جعل الله قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار..)..

              ما الذي نوته هنادي في تلك اللحظة؟..

              التغيرات التي طرأت على حياتها تشهد بما اعتزمت القيام به، فقد أصبحت إلى ربها أقرب، فأعدت نفسها لقيام الليل، وصيام النهار، وصفحات المصحف الشريف التي ابتلت بدموعها تشهد أنها أعدت نفسها لمقابلة الله عز وجل مقبلة غير مدبرة، بعد أن تروي ظمأ أمة الإسلام من نهر الكرامة.. وكانت حيفا شاهدة على غضب مقدس رعته عناية الله حتى أثمر!!..
              في الأيام التي تلت استشهاد "فادي" و"صالح" كان من الصعب على أعين زوجة صالح أن يزورها النوم، أو أن تقترب من شفتيها الكلمات، فهي لازالت تعيش أجواء الصدمة، التي كلما تذكرتها لم تستطع إلا أن تنحني على طفلها الصغير تقبله وتبلل وجهه بدموعها، وكأنها كانت تخشى عليه أن يذهب هو أيضا كما ذهب صالح..

              ليست مجرد رؤيا!!..

              في صبيحة الثاني من أكتوبر تشرين ثاني 2003 .. (أي قبل استشهاد هنادي بيومين) استيقظت هنادي من نومها ضاحكة مستبشرة.. وراحت تبحث عن والدتها حتى وجدتها.. ثم بدأت تُسر إليها بما رأته في منامها..
              قالت هنادي: رأيت الليلة رؤيا أدعو الله أن ينفعني بها وأن ينالني خيرها..
              قالت الأم: خيرا يا ابنتي!!..
              قالت هنادي: رأيت بركة ماء جميلة المنظر، وقد حضرت إلي فتاتان غاية في الحسن، فأخذتاني من يدي واقتادتاني إلى بركة الماء.. وهناك وجدت أخي “فادي” الذي نظر في وجهي وضحك!..
              وكان ذات صباح..
              في صباح الرابع من أكتوبر 2003 استيقظت هنادي مبكرا وكأنها على موعد عزيز.. صلت الصبح حاضرا، ونوت الصيام، وبدأت بقراءة القرآن..
              كان للقرآن في ذلك الصباح أثرا مختلفا على نفس هنادي، إذ كانت تتلوه وقد أعدت نفسها للقاء الله..
              وبعد أن مضى بعض الوقت غادرت البيت بشكل طبيعي، فلم تحدث أحدا بما استقر في نفسها، لم تودع أيا من أفراد أسرتها، وحين خرجت من باب البيت، وكعادة الشهداء، لم تلتفت إلى الوراء، خوفا من أن تقع عينها على ما هو عزيز عليها فتولد في قلبها لحظة تردد..
              تقول “فادية”: غادرتنا هنادي في ذلك الصباح كعادتها، لم نشعر بشيء مما في قلبها ووجدانها، ولم نسمع منها بعد ذلك.. كانت آخر كلماتها: السلام عليكم.. وكأنها تستودعنا الله.. أما بالنسبة لها فقد اطمأن قلبها في تلك اللحظة إلى أنها مقبلة على ربٍ كريم..
              ..كانت هنادي بطلة بكل ما في الكلمة من معنى، كانت بطلة في حياتها، وفي استشهادها.. لقد اختارت الخيار الأصعب.. لقد عاشت صابرة؛ واستشهدت مجاهدة، حملت القرآن روحا ومعنى، وأنار الإيمان وأزهر في قلبها.. عاشت زاهدة واستشهدت وهي صائمة، ورفعت اسم الله والوطن وفلسطين عاليا.. إننا نفتخر بها وبما فعلته لأجل فلسطين وحريتها وشعبها..

              وتختتم “فادية” كلامها:
              بالنسبة لبني إسرائيل فجزاء سيئة سيئة مثلها.. لقد زرعوا الشر وها هم يحصدونه، قتلوا شعبنا وهدموا بيوتنا، قتلوا “فادي” وصالح، لكنهم أخيرا حصدوا المر والعلقم.. فلعل في ذلك لهم عبرة.
              والد هنادي يرفض استقبال المعزين
              لقد جرت العادة أن تندب الأمهات ويبكي الآباء أبناءهم عند موتهم، لكن الوضع كان مغايرا في منزل تيسير جرادات، وهو الذي لم يمض سوى ثلاثة أشهر على استشهاد نجله “فادي”، إذ غابت جميع مظاهر الحداد، وحلّ مكانها مشاعر مختلطة من الحزن والفخر، حيث توجه تيسير لشريكة حياته ورفيقة دربه.. أم أبنائه وبناته.. توجه إليها مواسيا..
              بعد أن تأكد خبر قيام هنادي بالعملية الاستشهادية في حيفا غادر الأب غرفته حيث أعد نفسه لاستقبال من توافدوا على بيته من كل حدب وصوب رجالا ونساءا وأطفالا، وتقاطروا نحوه ليقدموا له واجب العزاء، أقبلوا عليه يقبلونه ويضمونه إلى أحضانهم، وكأنما أراد كل شاب منهم أن يقول له: فقدت فادي وأنا فادي.. فقدت هنادي .. وأنا هنادي..
              لكن تيسير جرادات كان يحتفظ للمعزين بمفاجأة حيث استقبلهم بابتسامة لم تفارق محياه، ووجه إليهم كلامه بحنو ورفق قائلا: أستقبل المهنئين.. ولا مكان للعزاء هنا.. فالأموات وحدهم من يستحقون أن يعزى فيهم.. أما ابنتي فهي عند ربها في الأكرمين.. إبنتي شهيدة ومجاهدة وبطلة سطرت بدمها الغالي صفحة مجيدة في تاريخ أمتنا وقضيتنا.. وهي قد اختارت أن تضحي بنفسها لنعيش نحن من بعدها في حرية وكرامة.. لا عزاء في ابنتي بل تهنئة، فلا عزاء فيمن لقيت الله ربها صائمة مطيعة.. لكل ذلك فأنا أتقبل منكم تهنئتكم في ابنتي الغالية هنادي..

              ويستدرك والد الشهيدة :
              الحزن من فطرة البشر حينما يفقدون أحبتهم.. لكنني لن أحزن، سأقاوم حزني، وخوفي، وعواطفي الأبوية.. وسأتذكر شيئا وحيدا.. أن هنادي كافأتني أنا والدها بأن قدمت لي ولفلسطين أكبر هدية سنظل جميعا فخورين بها للأبد..
              وفي جلساته الخاصة بين من أحبوه وأحبوا أسرته كان تيسير جرادات يسترسل في حديثه عن هنادي عادة المحبين مع من يحبونهم، فيقول:
              محبة هنادي في قلبي كبيرة واليوم أصبحت أكبر، ولا توجد كلمات يمكنها أن تصف أو تعبر عن معاني هذا الحب، لقد كانت حنونة ومقربة لقلبي، خاصة وأنها تولت رعايتي منذ مرضي، فكانت مثالا للابنة المخلصة الحنون، ومثالا للفتاة الصالحة المؤمنة الشجاعة الصبورة التي عاشت لأجلنا.. فقد رفضت كل عروض الزواج، ثم وسعت دائرة العطاء من أجل شعبها وأطفال فلسطين الذين لم يعرفوا طعم السعادة والطفولة بسبب هذا المحتل الغاصب.
              أما رحمة صادق جرادات 50 عاما والدة هنادي فتعلق على الأسباب التي دفعت هنادي للقيام بما قامت به:
              هذه القضية (أي استشهاد فادي) أثرت كثيرا على هنادي، والتي أصبحت أكثر حزنا وألما، حيث كانت تعيش في جحيم ومعاناة اللحظات الأخيرة في حياة شقيقها إذ تم اغتياله بدم بارد رغم أنه لم يكن مطلوبا لقوات الاحتلال، بينما كان يستعد للزواج، وقد تميزت علاقاتها مع أشقائها بالمثالية، وكذلك علاقاتها مع كل من عرفها، والشهيدة كانت طيبة المعشر، حلوة الحديث، وقد تمكنت ،في فترة وجيزة، من ختم القران الكريم ست مرات، وكانت تمضي أوقاتها في المنزل في تلاوة القرآن وحفظه، وتقضي نهارها صائمة، أما عن ليلها ففي الصلاة والدعاء تقضيه، وكانت تواظب على سماع الدروس والأحاديث الدينية.

              نفذت العملية وهي صائمة

              وحول معرفتها بنوايا ابنتها قبل القيام بالعملية تقول أم فادي:
              لم يتبادر إلى ذهني يوما أن ابنتي هنادي يمكن أن تقوم بما قامت به، خصوصا وأنها لم تحدث أحدا منا بمثل هذه النوايا.. ولم يبدُ عليها أية علامات غير عادية، حتى في يوم استشهادها، لكنها ،وفي أيامها الأخيرة، كانت تتحدث دوما عن “فادي” وعن "الشهادة" و"فضل الشهداء" وتعبر عن غضبها وحزنها لأن صور الجريمة التي ارتكبت في حق أخيها وابن عمها كانت لاتزال تعيش معها في كل لحظة من لحظات يومها..

              وفي صبيحة يوم السبت نهضت من نومها كالعادة، وارتدت ملابسها وغادرتنا صائمة دون كلمة وداع، فقد كانت حريصة وكتومة لئلا نعلم بما هي مقدمة عليه، وكان أن علمنا بأنها هي منفذة العملية من وسائل الإعلام (موضحة) أن هنادي أمضت أيامها في الشهرين الأخيرين صائمة…
              ابنتي شهيدة ولست نادما

              ويؤكد تيسير جرادات أن ما قامت به ابنته عمل مشرف، يتشرف به كل أب على الرغم من صعوبته وثقله في قلبه وقد فقد ابنته الحبيبة.. وفقد بعد ذلك بيته الذي هدمته قوات الاحتلال الصهيوني..

              ويواصل تيسير حديثه:
              ليست هناك أمة تحترم نفسها يمكن أن تسكت على الضيم، وأمتنا أمة كريمة لم تسكت في الماضي.. فكيف يعتقد أعداؤنا بأننا سنسكت اليوم؟!.. إن ما فعلته هنادي بسيط الفهم، وهو أمر بديهي.. لدينا دين يأبى علينا الإهانة، ولدينا عزة نفس تستعظم علينا أن نعيش في ظل هذا الانكسار والذل.. عليهم ألا يتوقعوا منا غير هذا.. وما دام هناك احتلال فسيظل هناك مقاومة وتضحية، وقد اختارت هنادي أن تضحي بنفسها لتقول لهم كلمة، ولترسل إليهم برسالة: أن شعبنا أقوى من عددتهم ومن قهرهم وقمعهم وجرائمهم، وما دام الاحتلال يطارد الفلسطيني ليقتله في بيته ومدرسته ومسجده وسريره مستهدفا الأرض والإنسان؛ فمن الأفضل أن يموت الفلسطيني في معركة أو عملية بطولية، أو في ساحة شرف..

              ويضيف تيسير جرادات:

              نعم خسرت الكثير.. لكنه لأجل الله.. ولست بنادم على أنني ربيت أبنائي على ما ربيتهم عليه.. مؤمنين أحرارا مقاومين.. ولن أخاف التهديدات الإسرائيلية، وأقول لكل العالم: إبنتي شهيدة، وأنا فخور بها وبما قامت به، وإذا كان العالم قد قرر الصمت على جرائم الاحتلال ضدنا فإن هنادي الفلسطينية الحرة الشريفة المجاهدة لم تقف مكتوفة الأيدي، وكل من كانت مثل هنادي لن تقف مكتوفة الأيدي أيضا..
              جنين تخرج من عاصفة الاجتياح

              عاشت مدينة جنين ومخيمها أياما صعبة قبل عملية حيفا، حيث كان الجيش الصهيوني دائم الاجتياح للمنطقة، لكن متاعبهم الخاصة لم تثنهم عن مشاركة تيسير جرادات في مصابه، ذلك أن الأيام التي عاشوها تحت الاحتلال علمتهم أن لا حرمات ولا خصوصيات للناس تحت الاحتلال الذي عودهم استباحة دمائهم وخصوصياتهم متى شاء..
              وفي مثل تلك الأجواء فإن المصائب تصبح مصائب المجموع، فبادر أهل المنطقة والمناطق المجاورة ،وفور انتشار النبأ، بالتدافع نحو منزل عائلة تيسير جرادات، حيث قاموا بإخلاء جميع محتويات المنزل تحسبا من رد إسرائيلي محتمل، والذي لم يتأخر هذه المرة أيضا..

              يقول تيسير جرادات:

              صبيحة اليوم التالي للعملية داهمت قوات الاحتلال منزلنا حيث كانوا غاضبين ومذعورين، وقد ازداد غضبهم عندما وجدوا البيت فارغا من محتوياته فلم يجدوا أمامهم إلا الجدران.. عندها هاجمني الجنود وسألوني عن هنادي، وأتبعوا ذلك بأن اعتدوا عليّ بالضرب، ولم يبخلوا على نشيطات حركة التضامن الدولية اللواتي تواجدن معنا في المكان لمحاولة حمايتنا منهم؛ فأوسعوهن ضربا وبشكل وحشي..

              وتروي الشقيقة فاديه: عندما دخل الجنود البيت كانوا مرعوبين وفي حالة من الغضب الشديد، وقد زاد هياجهم عندما رأوني أتحدث في الهاتف الخلوي ،وتضيف، عندها هاجموني واختطفوا الهاتف من يدي وحطموه وهم يوجهون لنا الشتائم. وقد قاموا من ثمّ بهدم المنزل..
              إن ما أتذكره اليوم جيدا هو الحالة الجنونية التي كان عليها جنود الاحتلال وهم يجدون أمامهم منزلا فارغا من محتوياته، لقد بلغ بهم الجنون مبلغا حتى أنهم أرادوا أن يضاعفوا خسائرنا، وقد استجوبونا مطولا حول ما دعانا لإخلاء المنزل وكيفيه إخلائه، فمن الواضح أنهم أرادوا هدمه على جميع محتوياته، بل وعلى رءوسنا لو استطاعوا. لكن نقول لهم: إن دباباتكم، وجنونكم.. وحشودكم ، وممارساتكم الهمجية لن ترهبنا ولن تخيفنا.. بإمكانكم أن تهدموا بيوتنا لكنكم أبدا لن تخيفونا.. ونحن فخورون بما قامت به البطلة هنادي وإيماننا بالله كبير.
              القناعة كنز لا يفنى

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك اخي اسود الحرب
                جد مو قادرة اعلق بشي
                كلمات اسرتني واسكتت فاهي وجف قلمي فلم اجد للكلمات معنى امام هذا التحدي وهذه التضحية
                مالي قول سوى
                رحمة الله على ارواحهن الطاهرة واعان الله اهلهن وكان الله بعون والد الاستشهادية البطلة هنادي والله كلماته لتلهب المشاعر
                رحمات ربي وسلامه على ارواحهن
                بارك الله فيكي وفي مرورك أختي في الله وأشكر لك مشاعرك الطيبة تجاه شهدائنا الأبطال

                حياكي الله
                القناعة كنز لا يفنى

                تعليق


                • #9
                  جنين وما حولها…
                  مداهمات.. اعتقالات.. وإجراءات تعسفية!!


                  عقب عملية حيفا تواصلت الحملة الإسرائيلية الواسعة التي استهدفت حركة الجهاد الإسلامي (بشكل خاص) في منطقه جنين، والتي بدأت عقب عملية “سرايا القدس” التي نفذتها الاستشهادية هنادي جرادات في حيفا..

                  وقد اعتادت قوات الاحتلال أن تشن يوميا حملات دهم وتفتيش واسعة النطاق في مدينة جنين ومخيمها الخاضعين لحظر تجول مشدد منذ وقوع العملية، وقالت سلطات الاحتلال أن تلت الإجراءات ستبقى مستمرة كإجراء عقابي بحق أهالي المدينة التي انطلقت منها جرادات.
                  وبحسب المصادر الفلسطينية فإن حصيلة الاعتقالات خلال الأيام الثلاثة التي تلك العملية بلغت 75 معتقلا، غالبيتهم من نشطاء حركة الجهاد الإسلامي التي أعلنت "إسرائيل" حرباً شاملة عليها.

                  أولى ردات الفعل جاءت بحق عائلة جرادات
                  (•) حيث قامت قوات الاحتلال بهدم منزل عائلة هنادي والمكون من طابق واحد ويقطنه تسعة أنفار. في نفس الوقت هدمت قوات الاحتلال بيت عائلة أمجد عبيدي، والذي تزعم قوات الاحتلال أنه قائد "سرايا القدس" وتزعم أنه العقل المدبر للهجوم الاستشهادي في حيفا. وبحسب ما أفادت المواطنة كاميليا عبيدي (زوجة أمجد عبيدي) فإن قوات الاحتلال هددتها بهدم كل بيت تلجأ إليه، وبمعاقبة كل من يقدم لها المساعدة!..

                  اعتقال زوجة أمجد عبيدي
                  وكأن عملية هدم منزل الأسرة لم تكن كافية، فقامت قوات الاحتلال في الأيام التالية بهدم منزل والد أمجد، والواقع في قرية "زبوبا". ويروي والده ما حدث بالقول:
                  "..حاصر جنود الاحتلال المنزل، وبعد تفتيشه اعتقلوا زوجة أمجد واقتادوها إلى مركز التحقيق في "سالم" في إطار الضغوط التي تمارس على العائلة للحصول على معلومات حول من تسميهم إسرائيل بالمطلوبين.

                  استهداف عائلة الشيخ بسام السعدي
                  ومثلما لم تسلم عائلة عبيدي من حملات القمع الصهيونية، فإن عائلة الشيخ بسام السعدي قائد الجهاد الإسلامي واجهت مصيرا أكثر قساوة (كما تروي زوجته نوال السعدي) فعلى مدار ثلاثة أيام متتالية دوهم منزل العائلة، والواقع في المخيم بشكل يومي، وتعرض أفرادها للإهانة والتحقيق. وتضيف: في اليوم الأول اعتقلوا ابني "عز" (15 عاما) وعندما حاولت منعهم قالوا لي: "إبنك اليوم مخرب صغير وغدا سيصبح مخربا كبيرا.. سنرسله للسجن مع والده".
                  وقد احتجز الجنود الصهاينة متطوعتين أجنبيتين أثناء تواجدهما في منزل عائلة الشيخ بسام، وقامت في كل مرة باعتداءاتها المعتادة من إهانات وتنكيل. وتروي زوجة الشيخ بسام: "صلبنا الجنود خارج المنزل عدة ساعات واحتجزوا متطوعتين أجنبيتين، قاموا باستجوابهن وتهديدهن بالاعتقال".

                  تقول المتطوعة الايرلندية "كريفا بترلي": "غضب جنود الاحتلال كثيرا لوجودنا مع عائلة الشيخ بسام، وهددوا باعتقالنا، وأخبرونا بأننا نقيم مع عائلات إرهابية" وبأنهم سيعتقولننا لأننا ندعم الإرهاب حسب ادعاءاتهم.
                  لكن كل تلك التهديدات لم تنل من عزيمة عائلة السعدي التي توالت عليها حملات الدهم.

                  تقول زوجة الشيخ السعدي:
                  "في الرابعة من فجر اليوم التالي حاصروا المنزل وأخرجونا ، صغارا وكبارا، إلى العراء، حيث البرد وفتشوا البيت تفتيشا دقيقا، كما اقتحموا منازل أشقاء زوجي: أحمد، وأبو ربيع.. حيث وجه الجنود إليهم الإهانات، وتعاملوا معهم بشكل وحشي..
                  ..وفي اليوم الثالث داهموا منزلنا واقتحموا منازل أقاربنا: أبو قاسم السعدي، ومصطفى السعدي، وأمين السعدي، وأبو العبد السعدي. وكان الجنود في كل مرة يقومون بعمليات تخريب وعبث متعمدة"..

                  عقاب جماعي
                  نفس الإجراءات العقابية تعرض لها سكان حي الدبوس الذي تعيش فيه عائلة تيسير جرادات والد هنادي..

                  يروي المواطن "ياسر البطل" أن: "مئات الجنود اقتحموا الحي الذي تسكنه عائلة الشهيدة هنادي، وقد قاموا بمداهمة كافة المنازل المجاورة وتفتيشها، بعد جمع السكان في خارجها، وقد جرى استجواب غالبية السكان، والتحقيق معهم، والتهديد باعتقالهم"..
                  وحول تجربة السكان في تلك اللحظات الصعبة يقول الطفل "محمد مهراب أبو عبيد":
                  "تنحى بي أحد ضباط المخابرات الإسرائيليين جانبا وحقق معي حول ما أعرفه عن الشهيدة هنادي، وحول المقاومين.. ولما لم أستجب له هددني بأنه سيعتقل والدي.".
                  أما عن الاعتقالات التي قام بها جنود الاحتلال في حي "الدبوس" فقد قاموا باعتقال كل من: علاء إبراهيم أبو جمهور و أسامه عبد القادر ووائل حسين ومحمد زعرور و ياسر البطل و سالم ياسر البطل وجمال فواز زكارنة .

                  أما عن أشد المنازل تضررا من حيث الخسائر المادية فتعود ملكيتها لكل من:
                  سمير أبو جمهور ومهراب أبو عبيد وإبراهيم أبو جمهور وماهر هصيص وسمير أبو عبيد وقاسم الجمال و ناصر هصيص وصالح القصاص.
                  وفي نفس الوقت داهمت قوات الاحتلال منزل المواطن أبو احمد البطل في حي "عين نيني" ونفذوا عمليات دهم وتفتيش في كافة منازلها..
                  أما عن مخيم جنين؛ فقد اقتحم العشرات من جنود الاحتلال منازل كل من تزعم "إسرائيل" علاقته مع حركة الجهاد الإسلامي. وقالت عائلات المعتقلين إن قوات الاحتلال نكلت بهم وأخضعتهم لتفتيش دقيق، ومن المعتقلين:

                  عبد الله ذيب أبو الهيجاء وياسر خالد السعدي ومنتصر علي السعدي ومحمود إبراهيم أبو الحسن وسامر علي الصوص ومحمد محمود عمور وخالد علي تركمان وربيع بريكي وأنس محمد أبو الهيجاء و هاني الغول وابنه فراس ورائد نايف .

                  وكما أفاد المواطن جميل حردان من المنطقة الصناعية في جنين؛ فقد استمرت حملات الدهم طوال ساعات النهار، حيث قامت قوات الاحتلال بتدمير بوابات العمارات والمحلات، واحتجزت 20 عائلة لأكثر من أربع ساعات، ثم قامت باعتقال نجله محمد وهو الابن الثالث الذي يجري اعتقاله خلال الفترة ذاتها.

                  وقد اقتحمت قوات الاحتلال حي المصاروة في وسط جنين، كما داهمت منازل الحي، واعتقلت كل من: المهندس/ هيثم عبد الفتاح أبو عبيد وخالد نبيل عبيد والشيخ/ محمود السعدي (من الحي الشرقي).
                  كذلك فقد امتدت حملات الدهم لبلدة "كفر راعي" وحسب مصدر في حركة الجهاد الإسلامي فإن قوات الاحتلال اعتقلت كل من:

                  مهند احمد راغب صبيح و عماد عزيز صالح الأشقر.

                  وتعرضت "كفر راعي" للمداهمة بشكل يومي وعلى مدار أسبوع كامل تم خلالها اعتقال عشرة من أفراد حركة الجهاد الإسلامي.



                  •) ) أسماء الشهداء من عائلة جرادات: صالح جرادات قائد “سرايا القدس”، مجدي جرادات (قائد كتائب شهداء الأقصى)، راغب جرادات “سرايا القدس”، عبد الرحيم جرادات (ابن عم الشهيدة هنادي، وهو من نشطاء جركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ، فادي تيسير جرادات، نبيل جرادات بالإضافة إلى الشهيدة هنادي.
                  القناعة كنز لا يفنى

                  تعليق


                  • #10
                    الباب الثاني

                    وثــائــق هــامــة




                    والدة الاستشهادية هنادي جرادات: أعتز بابنتي وبعملها البطولي
                    ووالدها يقول: هنئوني على استشهادها، والاحتلال يتحمل المسؤولية


                    عبّرت والدة الاستشهادية هنادي جرادات (عروس فلسطين) عن فخرها بابنتها الشهيدة منفذة عملية حيفا الاستشهادية. ورفضت عائلة الاستشهادية تقبّل التعازي...
                    والشهيدة جرادات من سكان جنين، وهي محامية متدربة كانت تستعد لافتتاح مكتب محاماة خاص بها في جنين كما ذكرت والدتها، والتي عبرت عن اعتزازها بالشهيدة.
                    و أضافت أنها "شاهدتها ،هنادي، صباح اليوم السابق، ولم تبدُ عليها أية علامات وغادرت المنزل لعملها وهي صائمة.
                    من جهته رفض والد الشهيدة هنادي استقبال المعزين باستشهاد ابنته معبرا عن اعتزازه الشديد بها. وقال: شعوري هو الاعتزاز بابنتي التي عبرت عن كل فلسطيني. فالاحتلال هو السبب، فهم لم يرحموا ابني شقيقها “فادي” الذي قتلوه بدم بارد، رغم أنه لم يكن مطلوبا لهم، وقد اغتالوه أمام عيني هنادي. مؤكدا أن هنادي وجميع العائلة تأثرت بذلك. لذلك يجب أن نقاومهم .
                    وحمل جرادات الدولة العبرية المسؤولية عن ذلك. مؤكدا: أنه في الوقت نفسه لا يخشى الانتقام الصهيوني. مضيفا: "لم يبق شيء نخاف عليه، ونحن لدينا قضية نعيش لأجلها ونموت لأجلها، والحرب بيننا وبينهم إلى يوم الدين وحربنا معهم مستمرة".
                    وأكد جرادات أنه يتقبل التهاني باستشهاد ابنته، ولدى سؤال مراسل الصحيفة: "كيف يمكن أن تتقبل التهنئة بوفاة ابنتك؟" غضب وقال: "ما قامت به هنادي هو هدية قدمتها ابنتي تجاهي وتجاه أحبائي وتجاه وطنها، لذلك لن أبكي، فأغلى ما عندي أخذوه، فكيف أبكي؟!"..
                    وقال جرادات: هذه العملية هي قربان لله، وهي مهداة للوطن وللشعب الفلسطيني وأطفاله الذين ينتظرهم المستقبل الواعد إن شاء الله"..
                    وكانت القوات الصهيونية قد اغتالت “فادي” شقيق الشهيدة قبل 3 شهور من قيامها بتنفيذ العملية الاستشهادية، وذلك حين قامت بقتله بدم بارد وهو أمام منزله في جنين مع ابن عمه صالح جرادات قائد “سرايا القدس” في عملية نفذتها الوحدات الصهيونية الخاصة.

                    ***
                    الاستشهادية هنادي جرادات ابنة "سرايا القدس"
                    أمضت ليلتها الأخيرة مع العائلة
                    وختمت القرآن للمرة السابعة
                    واستشهدت صائمة



                    بعد أن ختمت المحامية هنادي تيسير جرادات الجزء الأخير من القرآن للمرة السابعة قضت ليلتها تصلي وتبتهل إلى الله أن يوفقها في مهمتها، وفي اليوم التالي تمكنت من تنفيذ عملية استشهادية هزت مدينة حيفا وذلك في يوم السبت 4/10/2003، وقد أسفرت العملية عن مصرع 22 إسرائيليا وإصابة 50 آخرين؛ لتكون بذلك الاستشهادية السادسة خلال انتفاضة الأقصى، وأولى الاستشهاديات في العام الرابع للانتفاضة.
                    وقد ولدت هنادي جرادات بتاريخ 22/9/1975 بمدينة جنين شمال الضفة الغربية، ودرست المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدرسة "فاطمة خاتون"، ودرست الثانوية في مدرسة "الزهراء" قبل أن تتوجه إلى الأردن لتدرس في كلية الحقوق بجامعة جرش، وقد وتخرجت هنادي عام 1999. والتحقت قبل عامين بالتدريب في مجال المحاماة، إلا أنها لم تتم فترة التدريب.
                    تقول “فادية” شقيقة هنادي بأنها انتقمت من "إسرائيل" التي قتلت شقيقها “فادي” وابن عمها صلاح في عملية اغتيال جبانة بمدينة جنين في 12/6/2002، وأضافت قائلة: "الحمد لله.. هذا فخر لنا، لقد رفعت رأسنا وشفت غليلنا وغليل “فادي” الحمد لله “فادي” لم يذهب دمه هدرا".
                    وقالت “فادية”: "من يوم استشهاد أخي اختلفت طباعها تماما، أصبحت تجلس بمفردها كثيرا، تحب العزلة، تستمع للأشرطة الدينية وتقرأ القرآن". موضحة أنها توعدت بالثأر بعد أن رأت جثة شقيقها في المستشفى، وأشارت “فادية” إلى أن هنادي تأثرت أيضا بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، وليس فقط باستشهاد أخيها وابن عمها".
                    وأضافت أن: هنادي كانت تتميز بشجاعة ليست معهودة على من هن في مثل سنها من الفتيات، وأشارت إلى أنها كانت "لا تخشى شيئا، وشخصيتها قوية بشكل كبير". إلا أنها في الوقت نفسه كانت "اجتماعية جدا وتحب الناس، والكل يحبونها جدا جدا، وكان مشهورا عنها ميلها لحب الخير".
                    وحول رد فعل والد هنادي على واقعة استشهادها قالت الشقيقة “فادية” بأنه أخذ يردد عبارة "الحمد لله.. الحمد لله".
                    وتصف فادية" آخر ليلة قضتها هنادي في بيتها قائلة: "كنا جالسات نتحدث عن زفاف إحدى شقيقاتنا والمقرر إقامته بعد عشرة أيام"، مشيرة إلى أن هنادي كانت تداعب شقيقتها قائلة: "افرحي.. أنت عروس، واعزمي من تريدين، الله يهنيك، ويسعدك". وأشارت “فادية” إلى أن الشقيقات أمضين الليل بطوله يمزحن ويضحكن.
                    وأضافت قائلة بأن والدها طلب من هنادي أن تخلد إلى النوم بعد أن سهرت كثيرا على غير عادتها، فردت عليه قائلة: “سأنام فقط بعد أن أختم الجزء الأخير من القرآن الكريم للمرة السابعة في حياتي".
                    وأشارت إلى أن هنادي قضت ليلتها تصلي وتقرأ القرآن. وختمت “فادية” حديثها قائلة وقد غلبتها الدموع: "الحمد لله الذي جعل لنا أختا مثل هنادي رفعت رأسنا عاليا".
                    وكانت هنادي -29 عاما- قد غادرت منزلها في حوالي الساعة 7:30 من صباح السبت 4/10/2003 دون أن تودع أحدا أو أن يظهر عليها أي تغير يوحي بأنها عازمة على تنفيذ أمر ما.. ومرت ساعات قبل أن تعلن الإذاعة الإسرائيلية أن فلسطينية فجرت نفسها في مطعم إسرائيلي بحيفا، ثم تبين أن هنادي هي منفذة الهجوم الذي تبنته “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
                    وهنادي جرادات هي الاستشهادية السادسة خلال الانتفاضة، حيث سبقها خمس فتيات أخريات، هن كالتالي:
                    1. "وفاء إدريس": وقد نفذت أول عملية استشهادية تقوم بها فتاة، وذلك في القدس المحتلة يوم 28/1/2002؛ والتي أسفرت عن مقتل إسرائيلي وإصابة العشرات.
                    2. "دارين أبو عيشة": وقد نفذت عملية استشهادية في حاجز عسكري إسرائيلي شمال الضفة الغربية في 27/2/2002؛ وقد أدت العملية إلى إصابة 3 جنود إسرائيليين.
                    3. "آيات الأخرس": وهي من مدينة بيت لحم وقد فجرت نفسها بتاريخ 29/3/2002 وذلك في أحد أسواق القدس الغربية؛ وهو ما أدى إلى مقتل إسرائيليين وإصابة العشرات.
                    4. "عندليب طقاطقة": وهي من مدينة بيت لحم، وقد نفذت عمليتها في مدينة القدس المحتلة وذلك يوم الجمعة 12/4/2002، وقد أسفرت عن مقتل 6 إسرائيليين، وإصابة 85 بجراح.
                    5. "هبة عازم دراغمة" : ابنة "طوباس" قرب جنين، والطالبة بجامعة القدس المفتوحة، وقد فجرت نفسها في مدينة "العفولة" شمال فلسطين المحتلة وذلك يوم الاثنين 19/5/2003، وأسفرت العملية عن مقتل 3 جنود إسرائيليين وإصابة العشرات.
                    ***

                    منفذة عملية حيفا الاستشهادية محامية متدربة من جنين..
                    والدها رفض تلقي التعازي..
                    و"سرايا القدس" تؤكد أن الجدار الأمني لن يمنع مواصلة العمليات



                    أكدت والدة الشهيدة هنادي جرادات منفذة عملية حيفا الاستشهادية أن ابنتها غادرت المنزل صباح أمس الأول السبت إلى مكان عملها وهي صائمة ولم تلحظ عليها أية علامات غير طبيعية.
                    ونفذت الشهيدة جرادات عملية استشهادية قتل فيها 22 إسرائيليا وأصيب حوالي 60 آخرين في أحدث عملية استشهادية وقعت في أحد مطاعم مدينة حيفا.
                    وأعلنت “سرايا القدس” الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي مسئوليتها عن العملية، وقالت أن منفذتها محامية فلسطينية تبلغ من العمر 29 عاما.
                    والشهيدة هنادي محامية متدربة، وهي من سكان جنين شمال الضفة الغربية وكانت تستعد لافتتاح مكتب محاماة في المدينة ،كما ذكرت والدتها، والتي لم تتمالك نفسها من البكاء. وأضافت والدة الشهيدة أنها شاهدتها صباح السبت ولم تبد عليها أية علامات تغير، وغادرت المنزل إلى مكان عملها وهي صائمة.
                    من جهته رفض والد الشهيدة هنادي استقبال المعزين بابنته، معبرا عن اعتزازه بها وقال : الاحتلال هو السبب لأنهم لم يرحموا ابنتي وشقيقها “فادي” الذي قتلوه بدم بارد رغم أنه لم يكن مطلوبا واغتالوه أمامها، مؤكدا أن هنادي وجميع العائلة تأثرت بذلك.
                    وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أعلنت في آخر بيان لها أن عدد القتلى بلغ 22 شخصا بينهم منفذة العملية و4 من المواطنين العرب داخل فلسطين المحتلة، وان عدد الجرحى بلغ حوالي 60، جراح عدد منهم بالغة الخطورة.
                    وقد أثارت هذه العملية ردود فعل فلسطينية وإسرائيلية وعالمية تراوحت بين الاستنكار الشديد والإدانة، وتحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية، في حين أعلنت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، مسئوليتها عن تنفيذ العملية.
                    وقالت السرايا في بيان لها: تزف “سرايا القدس” إلى جماهير شعبنا وامتنا منفذة العملية عروس فلسطين، عروس حيفا البطلة هنادي تيسير جرادات (29 عاما) من جنين.
                    وذكر البيان أنها تعمل محامية في جنين وأنها شقيقة الشهيد “فادي” جرادات (20عاما) الذي اغتالته القوات الإسرائيلية سابقا في جنين في12 حزيران الماضي مع القائد صالح جرادات (25 عاما) وكلاهما من “سرايا القدس".
                    وأوضح البيان أن “سرايا القدس” إذ تعلن مسئوليتها عن هذه العملية، تؤكد أنها جاءت ردا علي سلسلة من الاعتداءات المتواصلة بحق أبناء شعبنا ومجاهدينا وعلي رأسهم القادة محمد سدر ودياب الشويكي وعبد الرحيم التلاحمة ومنير أبو عرمانة ومازن بدوي وغيرهم من رموز وكوادر المقاومة.
                    وأكد البيان: نقول لقادة العدو إن الجدار الفاصل لن يجلب لكم الأمن ولو كنتم في بروج مشيدة، وليس أمامكم حل إلا أن ترحلوا عن أرضنا لينال شعبنا حريته كما كل شعوب الأرض.
                    وكانت الشرطة الإسرائيلية قد أعلنت أن فلسطينية فجرت نفسها في مطعم "مكسيم" في حيفا الذي يملكه مسيحي عربي وأسرة يهودية ويرتاده العرب واليهود.
                    وقال شاهد عيان يدعي "نافون هاي": "فجأة سمعنا انفجارا هائلا، ورأينا الدخان يتسرب من المطعم والنوافذ تتحطم...لم يكن هناك ما يمكننا عمله، كانت هناك عائلات ملقاة ميتة حول الطاولات، وتدلت الأسلاك والألواح من السقف وتحطمت النوافذ في جميع أركان المطعم وكذلك نوافذ السيارات التي كانت تقف بالخارج"..
                    في حين قال رئيس الشرطة الإسرائيلية شلومو اهارونيشكي للصحافيين خارج مطعم مكسيم المدمر: "كان هناك حارس أمن في الخارج لكن المهاجم تمكن من الدخول وفجر نفسه.”
                    وكان الجيش الإسرائيلي في أعقاب تزايد الإنذارات بشأن تنفيذ عمليات داخل "إسرائيل" قد فرض منذ يوم الجمعة إغلاقا تاما علي الأراضي الفلسطينية. وقال قائد قوات الشرطة الإسرائيلية في اللواء الشمالي، اللواء يعقوف بوروفسكي: "إن أجهزة الأمن لم تتلق أية إنذارات محددة". مضيفـا: "إن احتمال وقوع عمليات ما زال قائما".
                    وحسب أقواله، فإن "الشرطة كانت في حالة استعداد" لكن مصادر في جهاز الأمن العام الإسرائيلي الشاباك، أفادت أنه وقبل وقوع العملية بدقائق، تلقت إنذارا بشأن نية عناصر فلسطينية تنفيذ عملية داخل فلسطين المحتلة.
                    ومن الجدير بالذكر أن قوات الاحتلال نسفت منزل هنادي بعد أن اقتحمت قوات كبيرة مدينة جنين ومخيمها المفروض عليهما حظر التجول.
                    ***

                    هنادي جرادات: الاستشهادية السادسة منذ بدء الانتفاضة..
                    تزايد عدد النساء المشاركات في أعمال المقاومة



                    لم تثر العملية الاستشهادية الأخيرة التي نفذتها الشهيدة هنادي جرادات من جنين في مدينة حيفا يوم السبت 4 تشرين أول، أي نوع من الجدل أو التساؤل في الشارع الفلسطيني، إذ أنها الاستشهادية السادسة منذ بدء انتفاضة الأقصى، والثانية التي ترسلها “سرايا القدس” الجهاز العسكري للجهاد الإسلامي، بينما سجلت كتائب شهداء الأقصى السبق في الانتفاضة حيث أرسلت أربع استشهاديات.
                    وكانت جرادات قد فجرت نفسها داخل مطعم مكسيم الواقع على شاطئ حيفا مما أسفر عن مصرع 22 إسرائيليا وجرح عشرات آخرين، في أقوى هجوم تنفذه الجهاد الإسلامي بعد توقف للعمليات دام حوالي ثلاثة شهور.
                    وبالنسبة للجهاد الإسلامي كما يقول قادتها "فإن الشرع لا يمنع إرسال نساء للمشاركة في أعمال المقاومة، وإن الأمر يتوقف على الظروف وبعض الأمور الأخرى، لكن من الناحية الدينية فانه لا يوجد أية مشكلة في هذا الجانب".
                    الشيخ نافذ عزام أحد قادة الحركة في قطاع غزة قال فى إحدى المقابلات التى اجريت معه: "إن مشاركة الفتيات والنسوة في مسيرة الجهاد والمقاومة ضد الاحتلال موجودة منذ دولة الإسلام الأولى في زمن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم". مؤكدا انه: "كان للمرأة دور بارز في الجهاد ضد الأعداء على مر التاريخ، حيث سجل التاريخ أسماء العديد من الصحابيات بمداد من نور على خلفية مشاركتهن الفاعلة في غزوات الرسول ضد الكفار".
                    وأكد الشيخ عزام أن: "الشعب الفلسطيني بأسره يمتلك روحا استشهادية عالية، وما تقوم به سلطات الاحتلال من قتل وإرهاب بحق الفلسطينيين يحفز كافة قطاعات وشرائح المجتمع الفلسطيني للمقاومة والدفاع عن الأرض والمقدسات في وجه الهجمة الصهيونية الهمجية".
                    ويوجد في سجون الاحتلال أكثر من سبعين أسيرة فلسطينية، تحتجزهم "إسرائيل" بسبب دورهم في عمليات للمقاومة الفلسطينية، من بين هؤلاء نشيطات في فتح والجهاد الإسلامي وحماس، وبعضهن كن ينوين تنفيذ عمليات استشهادية لم يحالفها الحظ.
                    وتعتبر الشهيدة هبة ضراغمة (19عاما) أول استشهادية ترسلها “سرايا القدس” الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وهي من بلدة طوباس القريبة من جنين أحد معاقل الحركة، والتي أرسل منها عشرات الاستشهاديين خلال الانتفاضة الحالية.
                    وكانت العملية التي نفذتها ضراغمة بتاريخ 18/2/2003 قد أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح عشرات آخرين خلال محاولة دخولها مجمع تجاري وسط مدينة العفولة التي شهدت أكثر من 11 هجوما فلسطينيا منذ بداية الانتفاضة الحالية.
                    ويشار إلى أن الشهيدة دراغمة كانت تدرس في جامعة القدس المفتوحة في جنين وأنها كانت من الطالبات المتفوقات وتعتبر إحدى ناشطات "الجماعة الإسلامية" في الجامعة، وهي الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي.
                    وكشف تقرير أعده الجيش الإسرائيلي تزايد عدد النساء الفلسطينيات المشاركات في أعمال المقاومة الفلسطينية منذ بدء الانتفاضة قبل أكثر من عامين، ويتحدث التقرير ،بالتحديد، عن دور هؤلاء في تنفيذ عمليات مباشرة أو قيامهن بإدخال استشهاديين إلى داخل "إسرائيل"، أو محاولتهن القيام بعمليات.
                    وحسب التقرير فإن معظم تلك المحاولات وقف وراءها تنظيم فتح وخاصة "كتائب شهداء الأقصى"، بينما وقفت الجبهة الشعبية وراء محاولة واحدة على الأقل، حين أقلت دعاء الجيوسي (21 عاما) من طولكرم، استشهادياُ من الجبهة الشعبية من منطقة نابلس إلى مدينة نتانيا في 19/5/2002 حيث فجر نفسه أمام سوق مما أدى إلى وقوع ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى.
                    أما الحالة التي استخدمت فيه فتاة من قبل حماس فكانت تلك المتعلقة بالعملية التي وقعت في مطعم سبارو في القدس الغربية بتاريخ 9/8/2001، حيث أقلت أحلام التميمي الصحفية أردنية الأصل، استشهاديا من نابلس، حيث فجر نفسه مما أدى إلى مقتل 15 إسرائيليا وجرح مائة آخرين".
                    ويشير تقرير الجيش إلى أن تعمد استخدام المنظمات الفلسطينية للنساء بسبب عدم إثارتهن لأية شكوك أو شبهات خلال تحركهن في المدن الإسرائيلية، بالإضافة إلى القيود المفروضة على عناصر الأمن إزاء توقيف وتفتيش النساء والفتيات، وإن استخدامهن في العمل المقاوم تم أيضا خلال الفترات السابقة للانتفاضة الأخيرة، مشيرا بهذا الصدد إلى محاولة عطاف عليان من بيت لحم وإحدى القياديات في الجهاد الإسلامي إلى تنفيذ عملية استشهادية بواسطة سيارة مفخخة ضد مباني الحكومة الإسرائيلية في الشيخ جراح بالقدس عام 1987، والى قيام ليلى خالد من الجبهة الشعبية باختطاف طائرات في نهاية الستينات وأوائل السبعينات.
                    ويتطرق التقرير إلى أربع عمليات مباشرة نفذتها فلسطينيات، هي عملية شارع يافا بتاريخ 27/1/2002 والتي نفذتها وفاء إدريس العاملة في الهلال الأحمر ومن مخيم الأمعري، حيث قتل في العملية إسرائيلي واحد وجرح 90 آخرون.
                    وكانت وفاء قد أصيبت مرتين بالرصاص المطاطي خلال عملها في مساعدة الجرحى والمصابين في رام الله، وقد اعتقل عدد من أشقائها بسبب نشاطهم في فتح، ويقف وراء العملية نشيط عسكري في فتح من منطقة رام الله يعمل في الاستخبارات.
                    كما نفذت دارين أبو عيشة (24 عاما) من قرية بيت وزن قضاء نابلس عملية أخرى على حاجز مكابيم بين القدس وتل أبيب بتاريخ 27/2/2002 حيث جرح خلال العملية جنديان، بينما أصيب الشابان اللذان أقلاها وهما حافظ مقبل وموسى حسونة من اللد بجروح خطيرة، وكان من المفترض أن تنفذ عمليتها داخل مخفر للشرطة في مدينة يافا.
                    ودارين طالبة في جامعة النجاح بنابلس ووقف وراء العملية تنظيم فتح العسكري في نابلس وصورها على شريط فيديو مصور صحفي يدعى احمد عاصي من رام الله.
                    ونفذت آيات الأخرس 18 عاما من مخيم الدهيشة هجوما استشهاديا في سوبر ماركت بحي كريات يوفيل في القدس الغربية بتاريخ 29/3/2002 مما أدى إلى مقتل "إسرائيليين" وجرح 22 آخرين، ووقفت كتائب شهداء الأقصى في بيت لحم وراء العملية، وقد أقل الاستشهادية إبراهيم سراحنة وشقيقه موسى.
                    ونفذت عندليب طقاطقة من بيت فجار 23 عاما وهي طالبة هجوما في سوق محنيه يهودا بالقدس الغربية بتاريخ 12/4/2002 مما أدى إلى مقتل ستة إسرائيليين وجرح 60 آخرين، وقد وقف وراء العملية معتز الهيموني من الخليل وهو نشيط في الجبهة الشعبية، وجهز العبوة الناسفة لها قائد كتائب شهداء الأقصى في الخليل مروان زلوم " أبو سجى" الذي اغتيل لاحقا.
                    ويتحدث التقرير أيضا عن حالات أخرى تم فيها إلقاء القبض على فلسطينيات كن ينوين القيام بعمليات مماثلة ومن هؤلاء:
                    - ليلى بخاري (26 عاما) من مدينة نابلس والتي اعتقلت بتاريخ 1/7/2002 بعد أن ورد اسمها خلال ملفات التحقيق الاسرائيلية ، وقد اعترفت لدى المحققين أنها هي التي ألبست الحزام الناسف للاستشهادية دارين أبو عيشة.
                    - شفاء القدسي (25 عاما) من طولكرم مطلقة وأم لطفلة، وقد اعتقلها الجنود بتاريخ 11/4/2002 بعد يوم واحد من انسحاب الجنود من مدينة طولكرم إثر عملية الجدار الواقي، وقد اعتقلت في منزل والديها عندما كانت تجهز نفسها للقيام بعملية، وقد اعترفت أنها كانت تنوي تنفيذ عملية مزدوجة مع نشيط آخر من فتح، حيث كانت الخطة تقضي بأن يفجر الشاب نفسه ثم بعد دقائق تفجر هي نفسها ثم يتم تفجير عبوة يتم وضعها مسبقا لزيادة عدد القتلى والجرحى. وقد وقف وراء هذا المخطط كتائب الأقصى، وقد اعتقل شقيقها في شهر 2/2002 بعد محاولته القيام بعملية.
                    - ثورية حمود (26 عاما) من جبع اعتقلت من منزل عمتها في طولكرم بعد أن كانت في طريقها لتنفيذ عملية استشهادية في القدس، وقد اعترفت أنها اتصلت بنشطاء عسكريين لفتح في نابلس وطولكرم بغرض قيامها بهجوم، وبعد أن جهز لها عبوة كان من المفترض أن تتوجه إلى قرية تل ومن هناك إلى قلنديا ثم القدس لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة.
                    - تهاني الطيطي (24 عاما) من مخيم العروب اعتقلت على يد جهاز المخابرات "الشاباك" بعد أن أعلنت رغبتها القيام بعملية استشهادية، وقالت أنها تعرفت في شهر 9/2001 على نشيط فتح العسكري ( و.ص ) من الخضر في بيت لحم، حيث أعربت عن نيتها تنفيذ عملية.
                    - عبير حمدان (27 عاما) من نابلس وقد قتلت في انفجار العبوة التي كانت تنقلها في سيارة عمومية بين طولكرم ونابلس بتاريخ 31/8/2001 على ما يبدو نتيجة خلل في العبوة، وقد كانت مخطوبة لنشيط عسكري من فتح في نابلس، ويعتقد أن العبوة كانت معدة لقيام حمدان بعملية في الخضيرة.
                    - إيمان أبو عيشة (28 عاما) من نابلس متزوجة وأم لطفلين، اعتقلت خلال وضعها عبوة ناسفة موجودة داخل حقيبة في المحطة المركزية للباصات في تل أبيب وذلك في 3/8/2001
                    - نورا غانم (16 عاما) من طولكرم خرجت الطالبة نورا من بيتها في مساء يوم 24/2/2002 باتجاه حاجز الطيبة بغرض طعن جندي هناك، وقد اكتشف الجنود تحركها وانتهى الحادث باستشهادها، وكانت قد تركت في بيتها وصية تعرب فيها أنها قامت بعملها تضامنا مع أبطال المقاومة.
                    - آمنة منى 26 عاما طالبة في جامعة بير زيت، من بلدة بير نبالا القريبة من رام الله، كانت تعمل في مكتب إعلامي برام الله، خططت مع أحد المناضلين لاختطاف وقتل إسرائيلي عن طريق شبكة الإنترنت، وبعد تمكنها من إيقاع أوفير رحوم وجلبه إلى رام الله قتله عناصر فتح بتاريخ 17/1/2001، وقد قتل القاضي لاحقا في حادث اغتيال مدبر.
                    - عرين أحمد (20 عاما) طالبة من بيت ساحور، كان من المفترض أن تنفذ عملية مزدوجة مع أحد نشطاء فتح وذلك في مدينة "ريشون ليتسيون"، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة ورجعت إلى منزلها حيث اعتقلت لاحقا. بتاريخ 22/5/2002.
                    - دعاء الجيوسي (21 عاما) طالبة من طولكرم، طلب منها نشيط في الجبهة الشعبية من منطقة نابلس إدخال استشهادي إلى إسرائيل، وسألها إن كان في نيتها القيام بعملية، وبعد أن أجابت بالرفض، وافقت على المساعدة وإدخال استشهاديين. في 19/5/2002 أقلت دعاء الاستشهادي بعد أن غيرت ملابسها ووضعت نظارة شمسية، وبعد وصولها هناك في سيارة نزلت لتفقد بعض الأمكنة ثم طلبت من الاستشهادي أن يفجر نفسه بعد خمس دقائق حتى يتسنى لها مع السائق الخروج من منطقة الانفجار، وقد أسفر ت العملية عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح 59 آخرين.
                    - سناء شحادة (27 عاما) من مخيم قلنديا كانت تعمل مساعدة لناصر الشاويش من نابلس، أدخلت استشهادي إلى شارع يافا بتاريخ 21/3/2002 مع قاهرة سعدي، وقد أسفر الهجوم عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وعشرات الجرحى.
                    - قاهرة سعدي (26 عاما) متزوجة وأم لأربعة أطفال من سكان الرام، كانت على علاقة مع عبد الكريم عويس قائد كتائب شهداء الأقصى، وافقت بعد إدخالها الاستشهادي مع سناء على إدخال استشهادي آخر.
                    - أحلام التميمي (20 عاما) أردنية الأصل، كانت تسكن في رام الله منذ العام 1998 تدرس الصحافة في جامعة بير زيت، نظمتها حركة حماس، وقد أقلت استشهاديا من نابلس إلى شارع يافا حيث فجر نفسه داخل مطعم سبارو بتاريخ 9/8/2001 مما أدى إلى مقتل 15 إسرائيليا وجرح 107 آخرين، كما كانت مسؤولة عن وضع عبوة ناسفة قرب سوبر ماركت غربي القدس المحتلة. يوم تنفيذ العملية كانت تتحدث مع الاستشهادي بالإنجليزية لتعطي انطباعا بأنها سائحة، كما كانت تتجول ومعها كاميرا.
                    - إيمان أبو خوصة (21 عاما) من جباليا خرجت بتاريخ 25/4/2002 لمنطقة رفح وهناك اختبأت في مبنى ثم زحفت باتجاه إحدى المستوطنات من أجل تفجير نفسها، وقد اعتقلها الجنود واعترفت أنها تدربت على استخدام السلاح، وقد أرسلها نشيطان من فتح للقيام بالعملية بعد أن كتبت وصيتها.
                    القناعة كنز لا يفنى

                    تعليق


                    • #11
                      الباب الثالث

                      مقالات ووجدانيات


                      طائر النورس يعود إلى حيفا
                      هيثم أبو الغزلان
                      مهداة إلى الاستشهادية هنادي جرادات



                      يزلزل الروح شجن، حزن، يمزق من شدته حدقات العيون، وينفجر مكسّراً جُدُر الصمت التي تحاصرنا، وتنتفض مكابدة الوصول لإِحْياَءِ موتى قضى المنون عليهم، وعاشوا أمواتاً / أحياء يسيرون مترنحين، وأوراقاً ذابلة في خريف تنتظر السقوط…
                      نتقاسم الجروح، ويعتصرنا الألم، وتقتلنا الغربة؛ حنيناً وشوقاً، ولكن لا تحطمنا، ولا يذبحنا سكين رغم وجوده على رقابنا، فطائر النورس عائد إلى حيفا، يحمل ملامح مرحلة جديدة، وبعينيه يرى حيفا، يافا، المجدل، دير ياسين وكل فلسطين، بلا أشواك، ولا نار، ولا حزن مقيم…
                      .. في عينيه تجد ألق الشهداء المذبوحين من الوريد إلى الوريد، ودمعهم يملأ محيطاً وودياناً ولكنه لا يجد من يرثيه، أو يشفق عليه.
                      يعود طائر النورس من جديد متألقاً، ومحطماً حدود البؤس، يقهر المستحيل، يرنو إلى الوطن، ويلثم روحه، لا يتوجس منه خوفاً، ويناجيه؛ بصمتٍ وإبانة، متوضئاً بعبير الشوق، مرتعشاً من رهبة اللقاء، ومُضِيِّ الأيام مشرعة أبوابها، فأوان القطاف قد حان، والأمل نبضه زاد، والعزاء كالفرح؛ ركام وظلال وشجن، وجرحٌ تويجاته الحمراء تُسقي زَرْعَنا نشيداً وعشق وطن..
                      عادت طيور النورس تلبي نداءاً قدسياً، تعانق المدى، تنثر ورد الأقاحي وتبث آهات الجرح نغم أماسٍ، ونسيم صباح، وسوسنة تتوارى خلفها رحلة صمت وعاصفة هوجاء، وكفناً يتفتّح أزهاراً جميلة ودماء.



                      هنادي تيسير
                      بقلم: سالم جعبوب


                      عندما تعلو راية الحق وتسمو في قلوب أصحابها مختلف الوسائل التي يمكنها من خلالها إطلاق العنان لها لتبدو خفاقة كيفما كان المناخ السياسي وكيفما فرضت عليها الظروف القاسية والمعادية أصناف الرياح العاتية لتكسر أجنحتها وتطفئ بريقها؛ عندها لن تتوانَ هذه الراية في ممارسة تلك الوسائل التي تجعل منها علما حرا لا تقيده القيود ولا تحده الحدود.
                      فالكيان الصهيوني وانطلاقا من هيمنته السياسية وعظمته العسكرية، واعتمادا على الدعم القوي أمام العالم والذي توليه إياه الولايات المتحدة الأميركية.. يمارس على الشعب الفلسطيني مختلف أساليب القتل والتعذيب والتهجير والدمار، ظنا منه بذلك أنه سيكتم أنفاس الحرية الفلسطينية والاستحواذ عليها طمعا في توسيع المملكة اليهودية على حساب المنطقة العربية ومن ثم تشييد أولى معالم الدولة العبرانية الساعية نحو امتلاك العرش الشرق الأوسطي المرسوم.
                      واستنادا إلى هذه القوى الخارقة تناسى الكيان الصهيوني القوى الإيمانية في الطرف الآخر والتي تتأجج في قلوب أبناء الانتفاضة من أجل نيل الشهادة والدفاع عن التراب المقدس.
                      فاليوم الذي أحكمت فيه الدولة اليهودية المزعومة حصارها التام على الضفة الغربية وقطاع غزة تحسبا ليوم الغفران واحتفالاته البهيجة خلال عطلة السبت والذي يحبس فيه ذلك الكيان نفسه عن العالم لمدة 24 ساعة تراق فيها الكؤوس وتدق فيها الطبول وتتراقص الرؤوس على أنغام المجون في ذلك اليوم تخترق فتاة جنين المحامية هنادي تيسير حاجز الصوت وتفجر نفسها في مطعم (مكسيم) على شاطئ مدينة حيفا شمال إسرائيل مخلفة وراءها 22 قتيلا وحوالي خمسين جريحا آخرين في عملية فدائية واستشهادية عظيمة تبرهن على مدى الإيمان العميق بالله سبحانه وتعالى وبضرورة الدفاع عن الأقصى الشريف وعن تراب الوطن الغالي وفي سبيل نيل الحرية والكرامة والاستقلال.فلتعلم أيها الكيان الصهيوني بأن الشعب الفلسطيني لن يبيع أرضه ولن تثنيه آلتك الحربية ولا خطوطك الدفاعية.. وخير دليل هنادي تيسير.


                      هنادي.. اللغة الوحيدة
                      بقلم: د. رفعت سيد أحمد



                      في واحدة من أعظم العمليات الاستشهادية الفلسطينية منذ ثلاث سنوات (وفقاً لتصريحات العدو ذاته) قامت الاستشهادية المحامية هنادي تيسير جرادات (29 عاماً من “سرايا القدس” - الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) بتفجير نفسها وهي تحمل حوالي 20 كلغ من المتفجرات في مطعم صهيوني (مطعم ماكسيم) بمدينة حيفا فأوقعت 20 قتيلاً وأصابت 60 صهيونياً، ثمانية منهم إصابتهم خطرة وذلك في الساعة الثانية ظهر يوم السبت الموافق 2003/10/4 وهو يوم عيد الكيبور (الغفران) لدى العدو!!
                      "هنادي" شقيقة الشهيد “فادي” جرادات أحد أبناء الجهاد الإسلامي الذين طالتهم يد العدو الصهيوني بالقتل أعادت (بعمليتها النوعية والتي فجرت بها قلب العدو) الصراع إلى مربعه الأول، وأكدت من جديد أن هذا صراع مفتوح، صراع بين الحق والباطل، وأن آلة البطش الصهيونية الأميركية لن توقف مقاومة شعب يريد الحرية والاستقلال وأن هذه الآلة لن ترهب إرادة أمة تنشد العزة والكرامة•
                      إن عملية "هنادي" التي أسماها ،عن حق، بيان “سرايا القدس” بـ (عروس فلسطين) تؤكد جملة من المعاني التي تستحق أن يتوقف قادة الفكر والسياسة في عالمنا العربي والإسلامي أمامها ملياً:
                      فأولاً: بعد فترة انقطاع طويلة، تعود المرأة الفلسطينية إلى حلبة الاستشهاد، تعود مع عملية نوعية فريدة، لتؤكد مجدداً أن فلسطين، قضية كل الفلسطينيين، من نساء ورجال، أطفال وشيوخ، وهي قضية جامعة؛ للمرأة فيها الدور الأبرز، • أماً كانت أو ابنة أو زوجة.
                      إن دلالة أن يقوم بهذه العملية النوعية (فتاة) تعني الكثير لمن يريد أن يتحدث عن حرية المرأة، فهذا هو أسمى أشكال الحرية، ولمن يريد أن يتحدث عن مساواتها بالرجل، فتلك هي أعظم صور المساواة، ولمن يريد أن يتحدث عن دورها الجهادي، فهذا هو أعلى مراتبه!!
                      على من يريد أن يتعلم أو يعلم أية قيم جادة تتصل بالمرأة• أن ينظر ويقرأ جيداً (هنادي) عروس فلسطين!!
                      ثانياً: تؤكد العملية مجدداً أن الشعب الفلسطيني العظيم، شعب لا ينكسر، شعب قادر دوماً على النهوض، وأنه قادر على الانتصار، وعلى إيلام العدو، فقط هو يحتاج إلى توجيه الجهود السياسية والنضالية خلف خيار المقاومة وليس خلف أوهام التسوية واستنزاف الوقت والجهد في تشكيل وزارات أو خلافات على مقاعد أو موائد المفاوضات البائسة في بلد محتل حتى قمة رأسه•
                      ثالثاً: تتطلب عملية حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من كل عربي ومسلم يمتلك ضميراً يقظاً أن يبادر بالمساندة الكاملة لخيار المقاومة الفلسطيني، والمساندة تبدأ بالكلمة وتنتهي بالسلاح، المساندة تبدأ بتحقيق الحرية في بلادنا ومقاومة الاستبداد، وطرد سفراء العدو الصهيوني وقطع العلاقات معه، ومقاطعة سلعه وشركاته ووكلائه من مرتزقة السياسية والصحافة، وصولاً إلى دعم شعب فلسطين بالمال والسلاح حتى يستمر في جهاده•.
                      إن هذا الشعب العظيم أثبت بجدارة وبعد هذه العملية النوعية للجهاد الإسلامي، أنه يستحق منا أن ننحني أمام بطولته وجهاده الفذ وثانياً ان نبادر إلى مساندته بكل ما نملك وبالقدر الذي نستطيع•
                      إن هذه الدلالات وغيرها، أثبتها الجسد الطاهر لـ (هنادي) حين انفجر نوراً وناراً في حيفا، (نورا) يصفع ظلام الليل العربي والإسلامي البهيم، ويثبت بجلاء أن ثمة نصفا للكوب ممتلئا، عزة وكرامة وبطولة، و(ناراً) تشعل قلب العدو. وتزيده يأساً وهلعاً، وتشفي بالمقابل قلوب قوم مؤمنين•
                      تحية إلى (هنادي) عروس فلسطين، وسلام عليها في العليين، وبوركت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بورك ذراعها المسلح، “سرايا القدس”، والمجد لفلسطين، والعار للصهاينة ومن والاهم وواساهم من عرب أو عجم..


                      عملية حيفا وجدار شارون الوهمي
                      بقلم: سامي حامد




                      العملية الفدائية التي نفذتها الفلسطينية هنادي في مدينة حيفا رغم مرارتها عند الإسرائيليين نظرا لعدد ضحاياها 22 قتيلاً واكثر من40 جريحاً إلا أنها ليست مجرد عملية فدائية تقاس بمستوى العمليات الفدائية السابقة.
                      والسبب أن إسرائيل وقت عملية هنادي كانت معزولة تماما عن العالم بمناسبة ما يعرف في الديانة اليهودية باسم (عيد الغفران) أو يوم كيبور ولهذه المناسبة أغلقت إسرائيل الأراضي الفلسطينية وعزلت نفسها تماما عن العالم امتثالا لهذه المناسبة المقدسة عند اليهود ورغم كل ذلك وقعت الواقعة واستطاعت المناضلة الفلسطينية هنادي تنفيذ عمليتها لتؤكد للعالم أن القضية الفلسطينية لن تنتهي لمجرد بناء جدار عازل أو أمني كما يطلق عليه الإسرائيليون.
                      فالقضية أكبر من جدار، لأنها ليست قضية إسمنتية تخشى من وقوع زلازل أو كوارث طبيعية.. إنها قضية شعب يدافع عن أرضه.. عن وطنه وبالتالي لن يهزه جدار أو حتى جبال واسألوا هنادي.
                      والغريب أن حكومة شارون ما زالت مصرة على خطابها السياسي والإعلامي، فبمجرد وقوع عملية فدائية توجه أصابع الاتهام على الفور إلى السلطة الفلسطينية وتحمل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات مسؤولية أي عملية فدائية تقع داخل الأراضي الإسرائيلية رغم أن أبا عمار إقامته (محددة) داخل مقر المقاطعة في رام الله. فماذا تريد حكومة شارون هل تريد أن يتولى الرئيس الفلسطيني أمن الإسرائيليين داخل "الأراضي الإسرائيلية" أم ماذا ؟
                      يجب على حكومة شارون أن تغير خطابها وأن تغير نهجها وتتعامل مع الواقع الفلسطيني فالمسألة ليست إرهابا ،كما يحلو لها أن تسميها وكما يحلو أن يسميها من يدعمونها، المسألة مسألة وطن محتل يواجه قوة احتلال غاشمة، بالتالي فالمقاومة ستستمر حتى يزول الاحتلال. أما جدار شارون الوهمي فلن يحميها وأخشى ،إن لم تغير إسرائيل سياستها، أن تحمل الجدار ذات يوم مسؤولية أية عملية فدائية قد تحدث بعد بنائه.


                      عين الصاحب" وغياب المشروع
                      بقلم: يوسف مكي


                      أقدم الكيان الصهيوني على ارتكاب جريمة أخرى جديدة بحق العرب، حيث قامت الطائرات الصهيونية بقصف منطقة عين الصاحب السورية، القريبة من الحدود اللبنانية، تحت ذريعة ضرب قواعد تخص حركة الجهاد الإسلامي، ردا على العملية الاستشهادية البطولية التي نفذتها الشابة الفلسطينية هنادي تيسير جرادات، والتي تبنتها حركة الجهاد.
                      وقد جاءت الهجمة الإسرائيلية على المواقع السورية بعد صمت طويل، استمر منذ عام 1982، حين غزت القوات الصهيونية لبنان واحتلت أول عاصمة عربية. وكان الموقف السوري، في عهد الرئيس الراحل، حافظ الأسد، ومنذ نهاية حرب أكتوبر، وتحرير مدينة القنيطرة عام 1973م، والموافقة على فصل القوات بين سوريا وقوات الاحتلال الإسرائيلي برعاية هنري كيسنجر مستشار الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون لشؤون الأمن القومي قد تمثل في عدم الانسياق وراء الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، ورفض أن تكون إسرائيل هي التي تحدد زمان ومكان وشكل المواجهة بينها وبين الجيش السوري.
                      من جهة أخرى، اعتمدت الإستراتيجية السورية، طيلة الحقبة الماضية، شعار تحقيق التوازن الإستراتيجي بين العرب والكيان الصهيوني كمقدمة لا بد منها للدخول في أية مواجهة عسكرية مع قوات الاحتلال. وقد تكرر التأكيد على هذه الإستراتيجية بلسان عدد من القادة السوريين، يأتي في مقدمتهم الرئيس الأسد نفسه ونائبه، السيد عبد الحليم خدام ووزير دفاعه العماد مصطفى طلاس ووزير خارجيته السيد فاروق الشرع، وعدد آخر من المسؤولين في القيادة السورية. وكان ذلك الشعار منطقيا قبل السقوط الدرامي للاتحاد السوفييتي وانتهاء الحرب الباردة، ولكنه أصبح شبه مستحيل، بعد السيادة الأحادية القطبية والتفرد الأمريكي على عرش الهيمنة العالمية.
                      والمؤكد أن الكيان الصهيوني لم يقم بهذه العملية ردا على العملية الاستشهادية كما يزعم، فمثلها قد حدثت مرارا وتكرارا، داخل الأراضي المحتلة في قطاع غزة والضفة الغربية، ولم تقم قوات الاحتلال الإسرائيلي باختيار سوريا كهدف للردع، بل كان الاتجاه دائما وباستمرار نحو المخيمات والمدن والقرى الفلسطينية، واغتيال وتصفية القادة من مختلف منظمات المقاومة ،وهو أمر مفهوم وإن لم يكن مقبولا، ذلك أن الوجود الحقيقي للمقاومة الفلسطينية الآن هو في الداخل، والقيادات التي تمارس التخطيط والتنفيذ موجودة في صفوف الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة وليس في خارج حدود فلسطين التاريخية، ولم يسبق لحكومة الكيان الصهيوني أن وجهت إصبع اتهام مباشر إلى القيادة السورية بدعم العمليات الاستشهادية، فلماذا يحدث ذلك الآن؟. ولماذا يستهدف الصهاينة منطقة، هم يعلمون بالدرجة الأولى، وبشكل قاطع، أنها تضم سكانا مدنيين من اللاجئين الفلسطينيين، وأن لا صحة لوجود أية معسكرات فيها تخص حركات المقاومة الفلسطينية؟.
                      هنا يتداعى إلى الذهن توقيت ومكان الحدث ليسعفنا بالجواب، وليوضح لنا أن الخيار الصهيوني في ضرب سوريا لم يكن اعتباطيا. فقد تزامنت العملية الاستشهادية مع عيد الغفران اليهودي، وهو يوم له دلالته في تاريخ الصراع العربي- الصهيوني، كونه اليوم الذي سجل فيه العرب انتصارا رئيسيا في حرب أكتوبر عام 1973، حين عبرت القوات المصرية، أكبر مانع مائي واجتازت قناة السويس وحطمت خط بارليف، وحين قامت القوات السورية باجتياح مرتفعات الجولان، واقتحمت حصون العدو وألحقت إصابات موجعة في معداته وأفراده. وكان ذلك أول نصر رئيسي في تاريخ العرب الحديث ضد الكيان الغاصب
                      جاء الرد الصهيوني، بعد أقل من يوم واحد على عيد الغفران، وأقل من يوم واحد على استقبال السادس من أكتوبر، اليوم الذي يحتفل فيه العرب جميعا بانتصارهم على الصهاينة، في الحرب الوحيدة التي تحقق فيها تضامن عربي قوي وشامل. حيث تداخل فيها ،بشكل عملي ومنسق، دور السياسة والسلاح والاقتصاد، واستطاع العرب، بموقفهم الواعي والرادع، أن يثبتوا للعالم أجمع أنهم أمة واحدة وقلب واحد في مواجهة المحتل. ولعل هذه المناسبة هي الأفضل بالنسبة للصهاينة كي يردوا الاعتبار، وإن كان ذلك بعد ثلاثين عاما، لكرامة جيش جرح في كبريائه، وانهارت تحت الضربات الضارية للأبطال الشجعان من الجنود المصريين والسوريين، أسطورته التي عممها على العالم بأسره، بأنه الجيش الذي لا يقهر، ومن المؤكد أن حالة التشرذم والتشظي التي يمر بها الوضع العربي، والفوضى التي تسود العالم، والتي نتجت عن تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة على مجلس الأمن وقراراته، واستعار ما يدعى بالحرب على الإرهاب، والاتهامات الأمريكية المتكررة للقيادة السورية بضلوعها، أو في الحد الأدنى تواطؤها مع ما تدعوه بالمنظمات الإرهابية الفلسطينية، كانت ضمن العوامل التي حرضت الكيان الصهيوني على اختيار هذا التوقيت لمهاجمة القطر العربي السوري.
                      فقد شهد الصهاينة، طيلة العشرين عاما المنصرمة تخاذل القيادات العربية، دون اتخاذ موقف الحد الأدنى من التضامن مع أشقائهم العرب. شهدوا بأم أعينهم مؤتمرات القمم العربية، تعقد الواحد تلو الآخر، وتخرج بيانات نارية صاخبة، سرعان ما يتوارى لهيبها عند أول امتحان جدي، وعند أول مواجهة. فقد تبخرت مقررات القمم التي عقدت في القاهرة وعمان وبيروت لدعم الانتفاضة الفلسطينية، وحدث غزو العراق واحتلاله من قبل الأمريكان بعد أشهر قليلة من إعلان القادة العرب بمؤتمرهم في بيروت عن موقف تضامني واضح مع العراق مشيرين إلى أن أي اعتداء على هذا القطر سيشكل تهديدا للأمن القومي العربي الجماعي، وأنهم سوف يقفون بحزم ضد هذا العدوان.
                      وتحشدت القوات الأمريكية في الأراضي العربية المجاورة، وانطلقت من هذه الأقطار لتقصف مدن العراق وأريافه، واحتل العراق، ودخلت القوات الأمريكية عاصمة العباسيين، وتكشف للعالم أجمع أن القرارات العربية ليست سوى حبر على ورق، وكان لسان القادة العرب في معظمهم يقول، إنه إذا كان النصر على العدو مستحيلا فينبغي احتقاره. وأصبح واضحا للكل، بما فيه الكفاية، أن القادة العرب لا يحترمون قراراتهم وتوصياتهم، وبذلك فقدوا احترام وتقدير الآخرين لهم ولقراراتهم.
                      هكذا توصل القادة الصهاينة إلى أن بإمكانهم أن يستبيحوا أي مكان من الأرض العربية، وكانت تجارب عدوانهم على تونس وبغداد وبيروت دليل عملهم. وقد تأكد لهم أن جل ما يمكن أن يواجههم لن يتعدى مجموعة من بيانات الاستنكار والصخب، وهي بيانات في النهاية لن تعيد الأرض ولن تصل حتى إلى حد مستوى طرد السفراء الصهاينة من الأراضي العربية، وهي في النهاية بيانات لا تسمن ولا تغني من جوع. وهو بالدقة ما تكشفت عنه اجتماعات جامعة الدول العربية، التي عقدت على مستوى المندوبين الدائمين، وهو اجتماع لم يتعد مستوى السفراء، في محنة كبيرة، أثبتت وقائع الماضي، أنها أكبر وأخطر بكثير من أن يتصدى لمعالجتها القادة، الذين ثبت عجزهم وعدم قدرتهم على الاضطلاع بحماية الأمن، والكرامة العربية
                      على الصعيد الدولي، من غير المتوقع أن يصدر مجلس الأمن الدولي، في ظل غياب التوازن بين الأطراف الدولية الكبرى، أي قرار جدي يلزم المعتدي بالكف عن قرصنته واعتداءاته. فالمندوب الأمريكي جاهز بسيفه المسلط، وبحصانة حق الفيتو "النقض" لإفشال أي مشروع يدين الكيان الصهيوني. وجل ما هو متوقع هو أن يدعو المجتمع الدولي كافة الأطراف المتصارعة إلى ضبط النفس، وأن يشير إلى أن الالتزام بخارطة الطريق هو وحده المنقذ والمخلص لشعوب المنطقة من آثام الحرب وويلاتها.
                      من الواضح حاليا أن هناك انسجاماً وتنسيقاً بين الاحتلالين الأمريكي للعراق، والصهيوني لفلسطين، وكلاهما يحمل مشروعا متشابها، يطرحه الاحتلال الأول تحت يافطة الحرب على الإرهاب، وتحديث المنطقة وتعميم مبادئ العولمة والتحديث والديموقراطية والشرق الأوسط الجديد، في حين يطرحه الآخر، تحت يافطة تحقيق الأمن وحق الدفاع عن النفس والقضاء على مرتكزات الإرهاب، وكلتاهما وجهان لعملة واحدة، هي الهيمنة على المقدرات العربية والمستقبل العربي، وتركيع الأمة وتهشيم ثوابتها الدينية والقومية والوطنية.
                      ليس أمام العرب ،إذا ما أرادوا أن يأخذوا مكانهم بجدارة في المعادلة الدولية الجديدة ومعالجة هذا الوضع المأزوم، إلا أن يعودوا بذاكرتهم إلى دروس السادس من أكتوبر، ويتعلموا منها، وأول هذه الدروس أن يدركوا أن عدم تصدي العرب مجتمعين للتحديات التي تحيق بهم، اختيارا منهم لدرب السلامة، سيؤدي إلى استفراد الأجنبي بهم الواحد تلو الآخر، وأن وجود المشروع العربي المستند على الوعي العميق ووضوح الهدف والإستراتيجية الصحيحة والموقف التضامني الثابت والإرادة التي لا تلين، هي مقدمات وشروط لازمة وأساسية، للخروج من مستنقع الهزيمة وعبور جسر الخوف والتردد، وأنها هي وحدها الطريق لكي نكون جزءا فاعلا ومؤثرا، وبشرا أحرارا في مسيرة هذا العصر. فعسى أن نتعلم من أكتوبر.. ومن انتصاراته.


                      ***
                      د. فاروق عبد السلام يكتب عن :
                      عروس فلسطين!!!



                      أعظم التضحيات وأعظم العمليات في عامنا هذا وفي عصرنا هذا في هذه المنطقة من العالم هي التي قامت بها وبمفردها أعظم المجاهدات بكل ما تعنيه أحرف الكلمات عروس فلسطين الخالدة المحامية الفلسطينية هنادي تيسير جرادات. ولأنها محامية ضربت بنفسها وروحها أروع الأمثلة في المرافعة والدفاع عن قضية بلدها ولأنها محجبة من المؤمنات القانتات الصابرات ضحت بأغلى ما تملك بنفسها لتكتب عند الله وفي ذمة التاريخ رمزاً من رموز الخير الباقي والممتد في أمة محمد عليه أفضل الصلاة والسلام إلي يوم القيامة وكما أخبر السابق المسبوق .
                      هنادي تيسير جرادات أعظم البطلات بارقة أمل وبصيص نور وبدر في الليلة الظلماء هي ومن سبقها إبتداء بالشهيدة وفاء إدريس ومن سوف يسير علي دربها من بعدها حتى يتم تحرير الأرض من الخنازير النجسة و أخوات القرود تحريراً كاملا من البحر إلي النهر بإذن الله . هي وأمثالها الرجاء الوحيد والحل والأمل الوحيد هي ومن سبقها ومن سوف يتبعها علي نفس الدرب علي الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك كما أخبر المصطفي عليه أفضل الصلاة والسلام وحددهم وحدد مكانهم وقال ببيت المقدس و أكناف بيت المقدس .
                      هي طوق النجاة الوحيد وسبيل الخلاص والنجاح والفلاح وعروس فلسطين في زمن اسنوقت فيه جمال العرب والمسلمين !!
                      وأذل فيه الحرص أعناق الرجال و أشباه الرجال ممن تحمي عروشهم أمريكا فذلوا لها ولا يعصون لها أمراً وأمريكا هي العدو ؟! بطلة المجاهدات وزهرة الشهيدات عروس فلسطين هنادي تيسير جرادات هي الدرس درس العمر لكل الجبناء من أبناء هذه الأمة البائسة تعلمهم بما قدمت كيف يكون الغضب وكيف يكون الثأر والإنتقام والقصاص العادل!
                      حرقوا قلبها علي أخيها وعلي خطيبها الذي هو في نفس الوقت أبن عمها فراحت بمفردها و في شجاعة يسجد لها التاريخ إجلال وتقديرا تقتل حارس الأمن أولا فحرقت قلب أمه وأخته وزوجته و أبنائه عليه وكذلك فعلت بعشرين داخل المطعم نسفت نفسها فيهم غير خمسين علي الأقل من المصابين المعوقين مدي الحياة بإذن الله !
                      فيالها من شجاعة منقطعة النظير و يالها من غضبة مضرية عربية إسلامية وقدرة علي الثأر والانتقام تشفي غليلنا وتنزل بردا وسلاما علي قلوب كل المظلومين عبر التاريخ البشري من أوله لآخره . هذا ولا يفسد فرحتنا في يوم عرس هنادي إلا كلام ساقط لبعض الموتورين في الخارج والداخل .. في الخارج : يقولون ( إرهابية ) وهم الذين يباركون في بعض كنائسهم اليوم زواج الرجال من الرجال وتطالب بعض منظماتهم مصر بالتوقف عن محاربة الشذوذ الجنسي يسمون الطاهرة العفيفة المحامية الشجاعة المحجبة هنادي تيسير بالإهابية ؟ تبا لكم يا أولاد الأفاعي ويا شواذ العصر !
                      وفي الداخل : يقول الموتورون من المهزومين ومن موقع المسئولية في فلسطين وغيرها من بلاد العرب والمسلمين تعقيبا علي ما قدمته الشهيدة والبطلة هنادي ( لا لقتل المدنين ) . ونقول لهم للمرة الألف تبا لكم و هل تقتل إسرائيل والسفلة من عسكر شارون إلا مدنيين ؟!
                      إن فلسطين كما هو معلوم للعالم كله ليس لها جيش !وكل من تقتله طائرات ودبابات وصواريخ العدو الصهيوني الحقير من المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ ! إنهم يقتلون حتى البيوت يهدمونها بنسفها وتجريفها وتسويتها بالأرض فهل البيوت معسكرات حربية حتى تهدم ؟ وهل فعل ذلك من قبلهم مستعمر أو عدو علي مدار التاريخ كله ؟ لقد راحوا من فرط غيظهم يهدمون بيت هنادي بعد إستشهادها فيا عنصريتهم المريضة وحقدهم وغبائهم الأعمى ، إن والد هنادي فقد أبنه شهيدا وفقد إبنته شهيدة فهل مثله بعدها يبكي عل بيت من الطين ؟ لقد رفض إستقبال المعزين بعد إستشهاد إبنته هنادي عروس فلسطين وقال : لا أقبل ولا أستقبل إلا المهنئين ؟ مشجعا بذلك ومبشرا بقدوم ألف هنادي عما قريب من بنات فلسطين الباسلات المؤمنات المحجبات وحتي يتطهر تراب فلسطين من أخوة القردة والخنازير ويتحرر كامل التراب الفلسطيني المقدس من البحر إلي النهر بإذن الله ولا نامت أعين الجبناء من الباحثين عن سلام الذل والإستسلام الساكتين علي إجرام شارون الراكعين الساجدين لكل ما يأمر به بوش .


                      حقيقة الديار
                      عروس فلسطين



                      سلام عليك يا هنادي، سلام عليك يا هنادي جرادات، سلام عليك يا عروس فلسطين، سلام عليك يا بطلة الاستشهاد، سلام على البطولة في سبيل فلسطين وتحية التقدير والاعتزاز إلى أمة تنجب هنادي جرادات التي تستشهد عن العرب وفي سبيل العرب وفي سبيل فلسطين وفي سبيل الكرامة وفي سبيل رفع راية العز العربية.
                      ماذا أقول لك يا عروس فلسطين، أأقول لك إنني افتخر بك، فقليل أن أختصر بطولتك العظيمة بكلمات، فأقول لك إنك جعلت العالم العربي كله يستيقظ من رقاده عندما تستشهد الصبية من أجل أمتها ووطنها وحرية أرضها وشعبها.
                      بالله عليك قولي لي من أية طينة أنت، بالله عليك قولي أي روح عظيمة كان يحملها جسدك، بالله عليك قولي لي من أين أتيت بالبسمة الرضية على وجهك وأنت تذهبين إلى الاستشهاد بابتسامة الحياة في لحظة الذهاب إلى موت الجسد لتحيا الروح وتحيا كرامة فلسطين والعروبة، بالله عليك لست أنت من صنف البشر، بل لا والله فإنك تفوقت على أصناف البشر، وبالله قولي لي ماذا تشعرين وأنت ذاهبة لتلاقي أرواح الشهداء؟
                      بالله يا هنادي، كم نرفع رأسنا بك عالياً، بالله يا هنادي أيتها الصبية من عمر الورود، بالله يا هنادي ماذا تقولين لعروش حكام عرب ولمقام رئاسات عربية، بالله يا هنادي ماذا تقولين لأولئك الذين وقّعوا صكوك الذل منذ كامب ديفيد وحتى الآن مع العدو الإسرائيلي، وما جلبوا إلا الذل لبلادنا العربية ولشعوبهم، فإذا بدمائك الطاهرة، فإذا بدمائك النقية الحمراء، تمسحين الذل عن صكوك الاستسلام منذ كامب ديفيد إلى وادي عربة مروراً بأوسلو.
                      يا هنادي يا رفيقة الشهداء، بغداد الجريحة تفرح بك، دمشق التحدي والعنفوان تفتخر بك، لبنان المقاومة الذي هزم العدو الإسرائيلي يعرف أنك صبية الاستشهاد والبطولة والتمرد على الإذلال الإسرائيلي.
                      بالله عليك يا هنادي، تعالي من حيث روحك في عليائها واشتهي على أبيك وأمك وهما يزغردان، يرفضان التعازي، يقيمان الأفراح.
                      تعالي يا هنادي يا بطلة العرب، وسط ذل الحكام والعروش، واشهدي على الحقد الإسرائيلي وهو لا يستطيع رؤية فرح أهلك باستشهادك، فإذا به يدمر المنزل حيث ترعرعت، لينتقم من ذكرياتك، ولكن أين له أن ينتقم، فمهما دمّر من الحجر فهو لا يستطيع تدمير أرواح البطولة عند البشر.
                      تعالي يا عظيمة العرب، تعالي يا هنادي عروس البطولة والاستشهاد وارمقي بعيون البطولة عندك أرتالاً من الدبابات الإسرائيلية تأتي لتنسف منزلك، ولكنها أرتال متقهقرة، فبالله عليك اعرفي أن كل منزل عربي هو منزلك، لا بل فإن منزلك هو في قلب كل عربي وطني حر.
                      شارون.. إنك تنكسر تحت أقدام هنادي، إن كل نقطة دماء من هنادي الشهيدة هي خنجر في صدرك، وأنت يا شارون المتجبر الذي تريد أن تفرض هيمنتك على العرب نقول لك: خسئت.
                      خسئت يا شارون، لأن الأمة التي تنجب هنادي الشهيدة ستهزمك، وأما طائراتك وأساطيلك فلن تستطيع كسر العنفوان العربي، فسلاح الاستشهاديين الذي تملكه العروبة لا تملكه أنت ولا كل إسرائيل ولا أوروبا ولا أمريكا.
                      خسئت يا شارون والهزيمة آتية، وطلائع الانتصار يكتبها الاستشهاديون، وأما محطة استشهاد عروس فلسطين الشهيدة هنادي جرادات فما هي إلا تأكيد على أن فلسطين ستعود حرة، وأن سوريا الأسد لن يرهبها قصف جوي، وأن لبنان المقاوم جاهز للبطولة مرة جديدة.
                      وأما محطة استشهاد عروسة فلسطين الشهيدة هنادي جرادات، فهي رسالة لبعض الحكام العرب كي يخجلوا، وعلى الأقل كي يقطعوا علاقاتهم مع "إسرائيل" التي أقاموها عبر صكوك الاستزلام والإذلال من كامب ديفيد إلى وادي عربة.
                      شارون.. ستنكسر والهزيمة آتية إلى صدرك، وأما روح هنادي الشهيدة عروسة فلسطين فما هي إلا الجسر الذي ستعبر منه الأجيال إلى استقلال فلسطين وإزالة الاحتلال الإسرائيلي.
                      ***


                      "القنبلة هنادي"
                      بقلم/ امين هويدي . * كاتب ووزير دفاع مصري سابق




                      هنادي تيسير جرادات محامية فلسطينية عمرها 29 عاماً تعمل في جنين، أخوها شهيد اغتالته القوات الصهيونية، وابن عمها شهيد، ربطت حول جسمها حزاماً ناسفاً يوم 3 تشرين الاول (اكتوبر) 2003 واتجهت على بركة الله الى مطعم "مكسيم" في حيفا واطلقت النار على الحارس الذي يقف بالباب فصرعته واقتحمت قاعة المطعم وفجرت نفسها فقتلت 22 "إسرائيلياً "وجرحت خمسين اغلبهم اصاباتهم بالغة.
                      بعض من الذين يهاجمون العمليات الفدائية عموماً والعمليات الفدائية ضد المدنيين خصوصاً يعيبون عليها انها فجرت نفسها وسط مدنيين!.. يعني كانوا يريدون منها وعلى جسمها الحزام الناسف، وهي تخطو خطواتها لتنفيذ المهمة ان تستأذن اولاً من الحارس حتى يسمح لها بالدخول لتتأكد أولاً بأن من في القاعة هم عسكريون وليسوا مدنيين فإن هي وجدتهم مدنيين تقفل راجعة من حيث أتت وإن وجدتهم عسكريين فجرت نفسها وهنا تكون العملية "صح"!..
                      هنادي لم تفكر هكذا وهي تستعد لأداء المهمة، أخوها وابن عمها أصبحوا شهداء رغم أنهم مدنيون، أراضي أجدادها محتلة بياراتها تخرب، وبيوتها تهدم، وأهلها يقتلون، وشوارع مدنها محاصرة، والأهل على الأرصفة من دون غطاء أو طعام، وكما نعلم فإن البيئة تشكل أفكار صاحبها... هنادي وجدت أن كل شيء مباح وكل جريمة مشروعة والشرعية الدولية صامتة بل تنضم الى المجرم وتؤيده أو على أقل تقدير لا توقفه أو تمنعه!.. فماذا تفعل هنادي وهي تتمنطق بالحزام الناسف متأكدة انها قاتلة ومقتولة؟! لم تصبح هنادي انسانة كسائر البشر ولم تعد تشعر انها تسير مثل البشر، وتفكر مثل البشر أو تحس مثل البشر.. تحولت هنادي الى قنبلة بشرية، والبشر يتحولون الى ذئاب أحياناً، والى مصاصي دماء أحياناً، وإلى قتلة أحيانا. ولكنها رفضت أن تكون

                      مثل شارون وموفاز واختارت أن تكون قنبلة لأنها هنادي ولأنها عربية وفوق ذلك فإنها فلسطينية.
                      كثير من الناس يخطئون حينما يحسبون تصرفات غيرهم بأرقامهم فهذا خطأ. الأثرياء من أصحاب الملايين والبلايين لهم حساباتهم الخاصة فحينما يحضرون عشاءهم ساخنا من "مكسيم" في باريس لا عتاب عليهم فهم لهم حساباتهم الخاصة تماما كحساباتي وأنا احضر "كباب وكفتة" من "أبو شقرة" أو "الدهان"، والاقوياء كذلك ينظرون الى القانون نظرة مختلفة تماما عن نظرة الضعفاء له. فبالقوة يظنون انهم قادرون على كل شيء. فبن غوريون حينما سألوه وهو يعلن قيام الدولة يوم 14 آيار (مايو) 1948 "وما حدود الدولة؟" كانت اجابته "سيحددها الجنود الاسرائيليون". وحينما قام جورج بوش الصغير بغزو العراق قال "سأفعلها وحدي"، لأنه كان قال قبل ذلك ولن اسمح لأي دولة ان تتعادل في وقتها مع الولايات المتحدة صديقة كانت او عدوة"، تصرف الانسان الغني أو القوي ليس كتصرف من هم على باب الله. وحينما انفجرت "القنبلة هنادي" في قاعة "مكسيم" في حيفا سالت دماؤها فاختلطت بدماء الآخرين، وحينما تناثرت اشلاؤها في المكان اختلطت مع اشلاء الاخرين وهذه هي قمة المأساة الكبرى التي تدور على ارض فلسطين، فالمحتل الغاشم ميت، والمطالب بحقه ميت، الكل اموات طالما بقت معادلة البقاء عديمة التوازن وستبقى محتلة طالما يتحكم فيها المتطرفون من امثال شارون وباراك وموفاز وغيرهم من باقي العصابة...
                      الأرض أرض هنادي أباً عن جد ولن يغير الواقع الجغرافي هذه الحقيقة التاريخية، ورغم ذلك وفي مؤتمر بيروت اعترف العرب بإسرائيل إذا انسحبت من اراضي 1967 بما فيها شرقي القدس ولم يعد الصراع حينئذ من جانبهم صراع وجود بل صراع حدود، أي أصبح الصراع على الارض التي يمكن أن تتسع للمسيحيين والمسلمين واليهود في دولة علمانية من دون جدران عنصرية وطرق التفافية ملتوية ودماء مهدرة وأرواح مستباحة وحينئذ سيعيش الجميع على الأرض نفسها التي ستضمهم جميعاً في باطنها بعد الممات، فالارض التي يتصارعون عليها هي مقبرتهم آخر الأمر! ولكن قادة إسرائيل لا يفهمون ذلك أو على الأصح لا يريدون، فأفكارهم في جيتو التعصب والتطرف وحينما يصبح العقل سجيناً في الجيتو يستحيل عليه التعامل مع الحقيقة ولا مع الأمن المتبادل ولا يرى إلا نفسه ولا يشعر مع الغير إلا بالبغض والكراهية والحقد، ولا يفكر إلا في الجريمة، ولا يقدم إلا على القتل والتدمير ويؤمن بالألاعيب الغريبة، هل يمكن لعاقل أن يفكر في إحاطة دولة بجدار؟ هل يمكن لأحد من غير سكان الجيتو أن يفكر في الطرق الملتوية التي تعزل البشر؟ طيب إذا قام بعزل غيره فإنه في الوقت نفسه يعزل نفسه، العقل السليم لا يفكر في اقامة الحوائط والسدود والجدران ولكنه يفكر في إزالتها وفي إقامة الجسور والانفتاح ولكن عقول سكان الجيتو لها حساباتها الخاصة التي تصل بها عادة الى الطرق المسدودة.
                      الجنرال ياتون كان يقود الجيش الثالث الأميركي بعد عملية إنزال الحلفاء التي قادها الجنرال دوايت ايزنهاور محطماً الحائط الذي أقامه هتلر على بحر المانش في الحرب العالمية الثانية.. كان ياتون يسرع بقواته في طريقه الى الراين في حماية تفوق جوي ساحق الا ان سوء الأحوال الجوية أدى إلى شل المجهود الجوي تماما وكانت هذه هي الفرصة التي انتظرتها القوات الالمانية فقامت بهجوم مضاد نجحت خلاله في التقدم ليصبحوا وراء القوات الأميركية، وهنا اضطر مساعدو الجنرال ياتون الى ايقاظه للتعامل مع الموقف الجديد. "الألمان أصبحوا وراءنا فماذا نفعل يا جنرال؟" فقال الجنرال العظيم وهو يعيد لف رأسه بغطائه ليعاود النوم "إذا كانوا وراءنا فنحن وراءهم أيضاً، واصلوا التقدم الى الراين".
                      ويا جنرال شارون إذا كنت تعزل العرب فأنت في الوقت نفسه تعزل نفسك فهل تجمعتم من انحاء الدنيا في مكان محاط لتقيموا بأسوار الحديد والكراهية؟! أين خط ماجينو؟ أين خط سيجفربد؟ أين سور برلين؟ أين خط بارليف؟ أنت تسجن نفسك يا جنرال فأنت السجان وأنت في الوقت نفسه السجين تماما كالقنبلة البشرية فهي القاتل والمقتول في الوقت نفسه. أنت تبني الجيتو الذي عاش فيه أباؤك وأجدادك، هنادي تخطت كل العراقيل والخطوط ونقاط التفتيش لتضرب في العمق لأنها تعلم أنه اذا كان لديك ميزان القوى فهي تملك ميزان الرعب، واذا كنت تحتكر الطائرة والدبابة فهي تحتكر القنبلة البشرية، فليس أحد غيرها يملك هذا السلاح وهو صناعة محلية يسير على أي نوع من الارض وفي الاجواء والاتجاهات كافة. قرأت هنادي ما كتبه يوري افتنيري من زمان عن الحملة الصليبية التي اعتمدت على القوة في بقائها مئتي عام ولكنها لما فشلت في ان تكون عضواً محبوباً ومقبولاً في المنطقة القي بها في البحر رغم قوتها. سمعت هنادي بورُ وهو يقول انه يرى امامه زوال الدولة لغياب الحل السياسي الذي يحقق السلام. سمعت هنادي لما يقوله رئيس اركان الجيش الجنرال موشي يعالون عن عجز حكومتك المتطرفة عن تحريك الجمود السياسي ويحذر من انفجار هائل في الاراضي الفلسطينية المحتلة من جراء الحصار الخانق ورفض عصابتك لأي تسهيلات للفلسطينيين في الضفة وغزة مما جعلهم يفقدون الأمل ويقوي التنظيمات الفدائية وكيف أن قراراتك التكتيكية الخاطئة التي تتخذ ضد الفلسطينيين تتعارض والمصلحة الاستراتيجية الإسرائيلية.
                      قرأت وسمعت هنادي تيسير جرادات من جنين كل ما كتب وما قيل وعاشت المأساة يوما بعد يوم وشربت كؤوس الظلم والإهانة ليلة بعد ليلة فغاب عنها الأمل فهبت لا تلوي على شيء رافضة كل ذلك وصنعت من نفسها قنبلة بشرية وتوجهت رافعة الرأس الى مطعم ماكسيم بحيفا وضغطت على الزناد!..


                      ***
                      لبيــك حيفـــا ....
                      شعر: د.عبد الجبار ديّة



                      بمناسبة عملية حيفــا الاســتشهادية و التي نفّذتها المحامية هنادي تيسير جرادات في 4/10/2003م..
                      نــادى من الجنّات هاتفـها
                      فســعت إليه فتاتنــا أمّـــا
                      جُزت الحواجز مثل ضابحة
                      تورى و تقـدح ثم لا تظمـــا
                      في صدرها نــارٌ مؤجّجـةٌ
                      وعقيــدة لا تقبــل الضّيمـا
                      ظلّت سـواد ليالــها تتــلو
                      آيات صُحفٍ تؤنس البَهمـا
                      وتُقطِّع الأنـاء في ضــرعٍ
                      و تبتُّلٍ للواهـــب الأســمى
                      والشـيخ في حنوٍ يناشــدها
                      مهلاً رُويدك راقبي النّجمـا
                      قومي ارقدي أهنادُ و ابتكري
                      قـد فــاز عبدٌ بكّـر النوما


                      خرجت صبيحتها على عجلٍ
                      تسعى ، تخبُّ لغاية عظمى
                      زأرت مُخــدّرةٌ على وحــش
                      حصد البنيـن أذاقهم يُتمـــا
                      جرف الحقـــول أحالها جُرداً
                      وأتى على بنياننــا هدمــا
                      رَجِسٌ يُدنّـــس طُهر مسجدنا
                      ويظنُّ مهد مسـيحنا صنما
                      صرعت من الأوغاد عشرينا
                      سـاقتهم لحتوفهـــم رُغما
                      ومـرزّؤن تناثــروا مِزقـاً
                      ذاقوا جزاء فعالهم شُـــؤما
                      فــادت هنادُ شــقيقها فـادي
                      وصلاح و القسامة البُهـــما
                      فصحا النِّفاق على مصارعهم
                      ونعيق غِربانٍ تُرى سُحما
                      إن كان ذاك الفعــل إرهابــاً
                      فلنعــم إرهابــاً نفى جُرما
                      لحقت هناد بخمســـةٍ ســبقت
                      نحو العلا تستنزل العُصما
                      لم تســتطع و الدّفــعُ حِرفتهـا
                      إحقــاقَ حــقٍ يرفع الظّلـما

                      فاختــارت الأجدى لغايتــــها
                      حتى تهــزَّ بفعلهــا الصُّمــا
                      لبيــك حيفـــا إننــا قــومٌ
                      لا نرتضى ظلماً و لا هضما
                      وطن يباهي الكون فى نُجبٍ
                      فاقوا الأُلى و تسنّموا النَّجما
                      ***


                      كل الشعب نادى .. يا هنادي
                      محمود طعمة



                      ***
                      "هنادي" في التلال وفي الوهاد *** "هنادي"وامتطت صهو الجياد
                      "هنادي"قد دعت ياقوم هيــا *** فما أجدى النداء ولا المنـادي
                      وما علم العدا شـرقا وغـربا **** بأنا لا نبيت على اضطـــهاد
                      وما علم العـــدا منذ التقينا **** على القرآن ينبوع الجـــهاد
                      بأنا لا نســـامح في عـدو **** وأفاك على طول البـــــلاد
                      ولا نرضى الدنية في ســلام *** يوفر للعدا طيب المـــــهاد

                      * * * *
                      فيا شارون ويحك لم تـراعي *** تريد من الهدايا بازديــــاد؟!
                      وتعلم أننا قــوم كـــرام *** ولا نرنو لرفض أو عنــــاد!
                      فمنذ رحيل "يحيانا" وأسـد **** تعد لكم منــايا باضطــــراد
                      فما بخل الألى حتى بفـــرد **** ولو كانت محامية "هنـــادي"
                      * * * *
                      سنجعل عيشكم غما وهمـا *** ونلبسكم بها ثوب الحــــداد
                      سنجعل قتلكم أغلى الأماني *** ونجعل عيدنا يوم الحصـــاد
                      فقتلانا لفي جنـــات عدن *** وقتلاكم إلى نار الوقـــــاد
                      وياشارون كل الشعب نادى **** "هنادي"يا هنادي ياهنـــادي
                      القناعة كنز لا يفنى

                      تعليق


                      • #12
                        الباب الرابع

                        ردود فعل



                        ردود فعل

                        في وقت يذبح فيه الشعب الفلسطيني ولا أحد يحرك ساكناً
                        عنان... بوش... بلير... شرودر... وغيرهم
                        يدينون عملية حيفا الاستشهادية



                        توالت ردود الفعل الدولية مستنكرة العملية الاستشهادية في حيفا، فيما أعربت جماهير الأمة عن فرحها بها.
                        فقد استنكر العملية كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة، وطالب السلطة بمكافحة ما أسماه "الإرهاب".
                        واستنكر جورج بوش الرئيس الأمريكي العملية ووصفها بـ "الوحشية".
                        وتحدث وزيرا خارجية الولايات المتحدة كولن باول، والإيطالي فرانكو بارتيني، هاتفياً، مع وزير الخارجية الصهيوني، سيلفان شالوم، معربين عن استنكارهما للعملية.
                        كما أعرب رئيس الوزراء البريطاني، توني بلير عن سخطه حيال العملية، وقدم تعازيه للمستوطنين القتلة.
                        كذلك استنكر، غيرهارد شرودر المستشار الألماني العملية أثناء مؤتمر مشترك مع الرئيس المصري حسني مبارك .

                        ***
                        نص البيان الصادر عن جمعية القانون
                        هدم منزل الاستشهادية هنادي جرادات وفرض الطوق الشامل على الأراضي الفلسطينية مخالف للأعراف و المبادئ الدولية والإنسانية
                        استنكرت جمعية القانون هدم منزل الاستشهادية هنادي جرادات منفذة العملية الاستشهادية في حيفا، كما استنكرت الطوق الأمني الذي فرضته قوات الاحتلال منذ عدة أيام على الأراضي الفلسطينية، واعتبرته بمثابة عقوبة جماعية وجريمة حرب.
                        وقالت "القانون" في بيانها الذي وزع أمس الأحد أن هذا الطوق وهدم المنازل مناف لكل الاتفاقيات والأعراف الدولية، ومناف لمبادئ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني.
                        وقالت جمعية القانون إن قوات الاحتلال هدمت منزلين وتضررت نتيجة عملية الهدم عدة منازل أخرى، والمنازل المهدمة هي:

                        منزل يعود لذوي الاستشهادية هنادي تيسير عبد الملك جرادات، وهو يقع في الحارة الشرقية ـ مدينة جنين، والذي هدمته بعد أن قامت بإخراج أفراد عائلتها المكونة من عشرة أشقاء بينهم خمسة أطفال، دون تمكين أفراد الأسرة من إخراج أي شيء من محتويات المنزل، ثم قامت بتفجير المنزل المكون من طابق واحد، البالغة مساحته 110م2.
                        وقد أفاد المواطن محمد جرادات ـ 42 عاماً، وهو ابن عم الاستشهادية، أنه بتاريخ 12/6/2003، قد اغتيل أمام أعينها كل من شقيقها “فادي” تيسير جرادات _ 23 عاماً_ جراء إصابته في العنق والصدر، وابن عمها صالح سليمان إبراهيم جرادات _ 33 عاماً_ جراء إصابته بخمسة أعيرة نارية بالجبين والعنق والصدر والبطن. والجدير ذكره أنه قد وجدت أثار زرقاء اللون على وجهي وعنقي الشهيدين وعلامات جروح وجر على الأرض، بذلك الوقت،حيث تم اقتيادهما من منزل “فادي” جرادات بينما كان صالح برفقته يحتسيان القهوة أمام المنزل، وقد تسلم الهلال الأحمر جثتيهما مساء ذلك اليوم.

                        وصباح الأحد اقتحمت قوات الاحتلال قرية زبوبا، الواقعة شمالي غرب مدينة جنين وهي منطقة مصنفة C، بعد محاصرة منزل المطلوب أمجد أحمد عيسى عبيدي ـ 35 عاماً، ويذكر أن عبيدو هو أحد مجاهدي “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وهو متزوج وأب لثلاثة أطفال، حيث أمهلت عائلته المكونة من الزوجة وأطفاله الثلاثة مدة خمس دقائق للخروج من المنزل، حيث تم نسف منزله جراء زرعه بمواد متفجرة، والمنزل مكون من طابق واحد وتبلغ مساحته 160م2.
                        وقد تضررت منازل عدد من المواطنين المجاورة وهي:
                        1. منزل المواطن مجدي أحمد عيسى.
                        2. منزل المواطن أحمد أسعد مطلق.
                        3. منزل المواطن عبد الفتاح زيود، قبل أن تنسحب في الثامنة صباحاً.
                        وطالبت "القانون" بتشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب "الإسرائيليين" والمسئولين عنهم.


                        جيش العدو قد يستدعي الاحتياط
                        وقيادة الجيش تتخذ إجراءات جديدة



                        مواصلة الإغلاق، وزيادة وتيرة بناء الجدار الفاصل، وتشديد الحصار على المدن..
                        أعلنت مصادر أمنية في جيش العدو الصهيوني، أن الجيش يدرس فكرة استدعاء قوات الاحتياط للمشاركة في العمليات التي يقوم بها الجيش في الضفة الغربية وقطاع غزة. وترد المصادر ذاتها هذا الأمر إلى ازدياد الإنذارات الواردة بشأن تنفيذ حركات المقاومة عمليات داخل الكيان الصهيوني.
                        وسمح وزير حرب العدو شاؤول موفاز، يوم الثلاثاء (7/10/2003)، خلال اجتماع في مقر وزارة الحرب، للجيش بتجنيد الاحتياط حسب الحاجة.
                        وذكرت مصادر العدو أن القرار صدر بموافقة رئيس الوزراء آرئيل شارون. وقالت مصادر العدو إن توجه العدو نحو تجنيد الاحتياط نابع من ازدياد التحذيرات بشأن قيام حركات المقاومة الفلسطينية بتنفيذ عمليات ضد الكيان الصهيوني، وتؤكد مصادر العدو أن عدد التحذيرات وصل إلى 37 تحذيراً.
                        يأتي ذلك في وقت يتم فيه الحديث عن احتمال قيام قوات العدو بعملية عسكرية إرهابية واسعة في قطاع غزة، وتقدر أوساط الجيش أن عملية كهذه بحاجة إلى تجنيد قوات كبيرة. وكذلك إذا قامت إسرائيل بتنفيذ قرار طرد ياسر عرفات رئيس السلطة الفلسطينية، سيتم تجنيد الاحتياط، لأن ذلك سيرافقه تصعيد في الموقف، كما تقدر قيادة الجيش الصهيوني.
                        واتخذت قيادة جيش العدو، أمس، سلسلة من القرارات أعلن عن بعضها:
                        • مواصلة فرض الإغلاق التام على الضفة والقطاع.
                        • تشديد الطوق المفروض على المدن الفلسطينية.
                        • تفتيش السيارات التي تحمل أرقاماً صفراء (صهيونية).
                        • زيادة وتيرة العمل في بناء الجدار الفاصل.
                        ***


                        الطيران الحربي الصهيوني يقصف مدينة غزة
                        ويدمر منزل أحد مجاهدي “سرايا القدس” في مخيم البريج...


                        قصفت طائرات حربية صهيونية من طراز أباتشي الليلة الماضية مناطق مختلفة من قطاع غزة، وقصفت منازل ومنشآت تجارية تعود لمواطنين في غزة، ومخيم البريج. ونقل عن شهود عيان أن طائرات حربية صهيونية أطلقت ثلاث قذائف على منزل يعود للمواطن منذر قنيطة بجوار برج الياسمين السكني بالقرب من موقع الـ(17) على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة. وقالت مصادر طبية إن القصف قد أسفر عن إصابة أحد المواطنين بجراح نقل على أثرها إلى المستشفى لتلقي العلاج.
                        وحسب الشهود فإن المنزل الذي قصف كان خاليا من السكان وقد دمر بشكل شبه كامل، بينما تضررت عشرات المنازل المجاورة، وتحطمت نوافذها وشرفاتها، من جراء شدة الانفجارات.
                        وأدى القصف الصهيوني إلى ترويع الأطفال والنساء والشيوخ الذين أصيبوا بحالة من الهلع والخوف جراء دوي الانفجارات الناجمة عن سقوط الصواريخ.
                        وفي مخيم البريج وسط قطاع غزة قصفت الطائرات الصهيونية في وقت لاحق منازل ومنشآت تجارية تعود لمواطنين في مخيم البريج وسط قطاع غزة.
                        وقال شهود عيان ومصادر فلسطينية أن طائرات حربية احتلالية أطلقت عدة قذائف صاروخية باتجاه منزل بالقرب من ميدان الشهداء وسط المخيم يعود للمواطن مرشد شاهين والد المجاهد في “سرايا القدس” فارس شاهين، مما أدى إلى إلحاق أضرار مادية جسيمة به.
                        ونقلا عن شهود عيان فإن الطائرات لاحقت مجموعة من لجان المقاومة الشعبية بالقرب من المنزل وأطلقت قذيفة باتجاههم غير أنها سقطت في منطقة زراعية.

                        كما أصابت إحدى القذائف ورشة للحدادة ومخزنا للأخشاب، شمال شرق المخيم، مما أدى إلى اشتعال النيران فيهما، وإصابة عدد من المواطنين بجراح.
                        وقال الشهود إن الطائرات الصهيونية عادت مرة أخرى وقصفت بشكل متعمد محولا كهربائيا في المخيم مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن أجزاء واسعة من المخيم.

                        ***
                        الإرهابيون الصهاينة ينسفون منزل أحد كوادر “سرايا القدس” في جنين

                        نسفت قوات العدو الصهيوني منزل المجاهد أمجد احمد عيسى عبيدي أحد كوادر “سرايا القدس” وسوته بالأرض.
                        وقد أمهلت قوات العدو الصهيوني زوجة المجاهد عشر دقائق لكي تخلي المنزل، فيما لم تسمح لأي من الجيران بمساعدتها في ذلك، وبعدها نسفت المنزل على محتوياته.
                        وقالت زوجة المجاهد أمجد أن الجيش الصهيوني أبلغها أنهم سينسفون كل بيت تسكن فيه مع طفليها.
                        ***

                        القوات الصهيونية الخاصة
                        تغتال المجاهد البطل سرحان سرحان ابرز مقاتلي “سرايا القدس”


                        استشهد بعد ظهر يوم السبت الموافق 4/10/2003م الشهيد المجاهد ابن “سرايا القدس” سرحان سرحان، إثر عملية اغتيال جبانة نفذتها القوات الصهيونية الخاصة، كما أدت هذه العملية إلى استشهاد طفل كان متواجداً في المكان.
                        هذا وقامت قوات الاحتلال بخطف جثمان الشهيد سرحان.
                        كما زفت حركة الجهاد الإسلامي و “سرايا القدس” عبر مكبرات الصوت الشهيد المجاهد متوعدة بالرد السريع والموجع لهذا العدو على كل جرائمه بحق أبناء شعبنا وامتنا.
                        هذا وكانت السلطات الإسرائيلية تطارد سرحان منذ أكثر من عام، حِيث تتهمه بتنفيذ عملية "ميتسر" والتي أدت إلى مقتل ستة صهاينة، وتمكن حينها من الانسحاب بسلام بعد تنفيذه العملية.
                        ***

                        رئيس أركان حرب العدو موشي يعالون
                        يهدد باغتيال قادة الحركات الجهادية في دمشق رداً على عملية حيفا الاستشهادية



                        هدد رئيس أركان الجيش الصهيوني موشيه يعلون باستهداف قادة التنظيمات الفلسطينية في دمشق في إطار الرد على عملية حيفا الاستشهادية التي نفذتها استشهادية من “سرايا القدس” الجناح العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي وأسفرت عن مقتل 22 شخصا وجرح العشرات.
                        وقال موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية على الإنترنت أن يعلون هدد خلال اجتماع عقد الليلة الماضية وشارك فيه قادة الأجهزة الأمنية بأن "إسرائيل قد تقبل على استهداف قادة التنظيمات الفلسطينية المتواجدين في دمشق" في إطار الرد على عملية حيفا.
                        ***

                        جيش العدو ينشر خريطة صهيونية
                        تزعم أنها تحدد منازل ومكاتب للجهاد وحماس والشعبية في دمشق



                        قام جيش العدو الصهيوني، أمس، بعرض خريطة، زعم أنها توضح منازل ومكاتب عدد من قادة حركات المقاومة في العاصمة السورية دمشق.
                        وعرض جيش العدو خريطة سماها "دائرة الإرهاب في دمشق ومحيطها" وتحدد فيها ما تزعم أنه منازل للدكتور رمضان عبد الله شلح أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وكذلك عضو مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق، وأحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة.
                        كما تظهر الخريطة عشرة مواقع تزعم أنها مكاتب سياسية وعسكرية وإعلامية لحركات الجهاد وحماس والقيادة العامة.
                        وقال مسؤول فلسطيني "هذه الخطوة تظهر أن إسرائيل تخطط للمضي قدما في سياسة الاغتيالات وإعطاء هذه الخطوة بعدا دوليا ». وأضاف « هل تعتقد إسرائيل أن هذا سيخيف مجموعة من الناس مستعدين للموت من أجل قضيتهم؟!!. إذا كان الأمر كذلك فإنهم مخطئون تماما. فأنا ميت منذ العام 1948 ولا يخيفني أي شيء لا أنا ولا أي رجل أو امرأة أو طفل فلسطيني".
                        يذكر أن رئيس وزراء العدو آرئيل شارون قد هدد باستهداف قادة المقاومة في أي بقعة يوجدون فيها؛ وذلك رداً على عملية حيفا الاستشهادية التي نفذتها الاستشهادية هنادي جرادات ابنة “سرايا القدس”...
                        ***

                        العدو يعتقل 31 فلسطينياً في جنين
                        بدعوى انتماء 22 منهم لحركة الجهاد الإسلامي
                        ويزعم أن اثنين منهم خططا لتنفيذ عملية استشهادية



                        واصلت قوات العدو الصهيوني إجرامها بحق شعبنا الفلسطيني، وأعلن متحدث باسم جيش العدو، أن قواته اعتقلت في جنين 31 فلسطينياً بدعوى انتماء معظمهم لحركة الجهاد الإسلامي.
                        وقال المتحدث الصهيوني: "إن الذين اعتقلوا في جنين وفي قرى مجاورة هم ممن يُشتبه بأنهم أعضاء في حركة الجهاد الإسلامي" التي نفذت عملية حيفا الاستشهادية.
                        وأعلنت مصادر أمنية فلسطينية أن 22 من المعتقلين هم من أنصار أو أعضاء حركة الجهاد الإسلامي.
                        جدير بالذكر أن “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي قد تبنت العملية الاستشهادية التي وقعت في حيفا وأدت إلى مقتل 22 صهيونياً بينهم قائد سلاح البحرية الصهيوني سابقاً، و50 جريحاً .
                        ومنذ وقوع العملية الاستشهادية تفرض قوات العدو حظر التجول والإغلاق الشامل على مخيم ومدينة جنين، وتقوم بتنفيذ عمليات تفتيش وملاحقة، وهدمت منزل الاستشهادية هنادي منفذة العملية الاستشهادية.
                        إلى ذلك قالت مصادر أمنية صهيونية أن اثنين من المعتقلين كانا يخططان لتنفيذ عملية استشهادية داخل الكيان الصهيوني وهما: عماد الشرق وأحمد بركات.
                        ***

                        جيش العدو يعتقل زوجة المجاهد امجدي العبيدي
                        الذي يتهمه بالوقوف وراء عملية حيفا الاستشهادية
                        ويعزل قرى غرب جنين عن بعضها تمهيداً لعملية واسعة!!



                        واصلت قوات الإجرام الصهيونية حملتها الإجرامية ضد شعبنا في مدينة جنين ومخيمها، وقامت باعتقال كاميليا السعدي زوجة المجاهد المطارد امجدي العبيدي أحد كوادر “سرايا القدس” والتي تزعم قوات العدو أنه المسؤول عن العملية الاستشهادية التي حصلت في حيفا يوم السبت. وأفاد شهود عيان أن قوات العدو اقتادت زوجة المجاهد وهي أم لطفلين إلى معسكر سالم القريب من جنين.
                        وواصلت قوات العدو إجراءاتها القمعية ضد جنين والقرى المحيطة بها، لليوم الخامس على التوالي؛ ففي قرية عربونة المجاورة اقتحم الجنود القرية وفرضوا نظام منع التجول، وأجبروا الأهالي على التجمع في مدرسة البلدة، وشنوا حملة تفتيش واعتقالات واسعة.
                        وفي خطوة تنذر بتوسيع رقعة العملية العسكرية الإجرامية ضد جنين، أفاد مواطنون من القاطع الغربي أن جرافات الاحتلال بدأت عزل قرى غرب جنين عن بعضها عبر حفر خنادق في الشوارع بين كل قرية ومحيطها.
                        وزعمت قوات العدو، أنها اعتقلت مواطناً فلسطينياً على شارع جنين-حيفا، زعمت أنه استشهادي في طريقه لتنفيذ عملية داخل الأراضي المحتلة منذ العام 1948.

                        71% من الصهاينة يعتقدون أن الغارة على سوريا لن توقف العمليات الاستشهادية إلا أنهم يؤيدونها
                        أفاد استطلاع صهيوني للرأي أن 71% من الصهاينة يعتقدون أن الغارة الصهيونية التي شنها الطيران على دمشق، الأحد (5/10/2003)، لن تكون مجدية ولن تؤثر في خفض أو إنهاء العمليات الاستشهادية. ورغم ذلك أيد 65% منهم هذه الضربة واعتبروها صحيحة وضرورية.
                        جاء ذلك في استطلاع للرأي أجرته صحيفة يديعوت آحرونوت، ونشرت نتائجه أمس، وحول سؤال "كيف ستؤثر الغارة على دمشق على وتيرة العمليات الاستشهادية"؟ قال 25% بأنها "ستخفضه". و40% قالوا إنها "لن تؤثر"، و31% قالوا إنها "قد تؤدي إلى زيادة" العمليات الاستشهادية.
                        وحول ما إذا كانت الغارة خطوة صحيحة، قال 44% إنها "خطوة صحيحة بشكل مؤكد" و21% قالوا إنها "خطوة صحيحة" و31% قالوا بأنها "لم تكن خطوة صحيحة".
                        أما جوابهم على سؤال يتعلق بمعرفة أن الغارة قد تؤدي إلى إشعال حرب، قال 52% إنهم يعرفون ذلك، و46% أجابوا بالنفي.
                        جدير بالذكر أن العدو الصهيوني شن غارة على دمشق عقب تنفيذ الاستشهادية هنادي جرادات عملية حيفا الاستشهادية والتي أدت لمقتل 22 صهيونياً بينهم قائد سلاح البحرية الصهيوني سابقاً وإصابة 51 آخرين بجروح..

                        العدو يبحث قرار طرد 25
                        شخصاً من عائلة الاستشهادية هنادي جرادات
                        ومن يتهمهم بالعلاقة بحركة الجهاد الإسلامي



                        أعلنت مصادر الكيان الصهيوني أن قادة الكيان قرروا تصعيد خطواتهم ضد الشعب الفلسطيني وضد عائلات المقاومين والاستشهاديين والعمل على طردهم من الضفة الغربية إلى قطاع غزة.
                        وتحتجز قوات العدو 25 فلسطينياً من عائلة الاستشهادية هنادي جرادات، أو ممن تدعي سلطات العدو أن لهم علاقة بحركة الجهاد الإسلامي التي تبنت العملية.
                        وذكرت مصادر العدو أن من المتوقع أن تقوم سلطات الكيان الصهيوني بإبعاد هؤلاء المعتقلين من الضفة الغربية إلى القطاع.
                        وتجري الأجهزة الأمنية الصهيونية، هذا الأسبوع، مشاورات تمهيدية استعداداً لتنفيذ قرار الإبعاد، ومن المتوقع أن يصدر قائد ما يسمى المنطقة الوسطى، موشي كابيلانسكي أمره بعملية الإبعاد.
                        يذكر أن ما يسمى بالمحكمة العليا قد أقرت في وقت سابق عمليات الإبعاد واعتبرتها خطوة في ردع من أسمتهم “الإرهابيين".
                        ***


                        موفاز يصادق على قرار نشر 4 وحدات عسكرية


                        أعلنت الإذاعة الصهيونية العامة يوم الخميس (9/10/2003) أن أربع وحدات من قوات الاحتياط الصهيونية ستنشر في الضفة الغربية وقطاع غزة اعتبارا من 22 تشرين الأول/أكتوبر في إطار تعزيز إجراءات الأمن والحيلولة دون وقوع عمليات استشهادية جديدة في الكيان الصهيوني.
                        وذكرت الإذاعة أن الوحدات الجديدة ستنشر بصورة خاصة في جنين وطولكرم وقلقيلية ورام الله في الشطر الشمالي من الضفة الغربية إضافة إلى قطاع غزة، موضحة أن وزير الحرب شاؤول موفاز هو الذي اتخذ هذا القرار.
                        وأضافت أن موفاز برر استدعاء الاحتياط بأن "سكان "إسرائيل" لن يتحملوا اعتداء جديدا كالذي وقع السبت 4/10/2003في حيفا" في شمال فلسطين المحتلة حيث سقط 22قتيلا.
                        وأشارت الإذاعة أيضا إلى أن قوات الجيش والشرطة ستبقي على حال التأهب المعلنة وعلى إحكام الطوق على المدن في الضفة الغربية.
                        كما منع الجيش السيارات الفلسطينية من السير على الطرقات في شمال الضفة الغربية "لمنع انتقال - من وصفتهم - بالإرهابيين ونقل الأسلحة والمتفجرات".
                        من جهتها ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الصهيوني يستعد للعودة إلى سياسة إبعاد عائلات المقاومين الفلسطينيين، وأن أولى العمليات في هذا المجال قد تطال مجموعة من 25 فلسطينياً من عائلة الاستشهادية هنادي جرادات ومنتمين لحركة الجهاد الإسلامي".
                        ويعود آخر قرار إبعاد فلسطيني من الضفة الغربية إلى قطاع غزة إلى آيار/مايو عندما طال شقيق أحد قادة “سرايا القدس” الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وفي أيلول/سبتمبر 2002 أبعد الكيان الصهيوني اثنين من الفلسطينيين هما: كفاح العجوري وشقيقته انتصار إلى غزة إثر عمليتين استشهاديتين في تل أبيب.
                        من جهة أخرى اعتقل الجيش الصهيوني 15 فلسطينيا مطلوبين في الضفة الغربية من بينهم سبعة عناصر في الجهاد الإسلامي كما أفاد ناطق عسكري.
                        وتم تمديد الإغلاق التام للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة الذي دخل حيز التطبيق الجمعة، حتى إشعار آخر، وأبقي على الحواجز التي تقسم قطاع غزة إلى أربع مناطق.


                        من صحافة العدو
                        إذا تواصلت سيطرة الاحتلال فستتعاظم العمليات



                        في تعقيبه على عملية حيفا طالب عوزي بنزيمان في هآرتس 5/10/2003 إسرائيل أن تخرج نفسها من هذه الدوامة من خلال التنازل عن المناطق الفلسطينية المحتلة محذرا أنها إن لم تفعل فستسير نحو التحول إلى جنوب إفريقيا ثانية.
                        وأشار إلى أن "عبرة السنوات الثلاث الأخيرة هي أن الجانبين يرفضان في الوقت الراهن التنازل عن ذرائع وأسباب المجابهة الأصلية: الفلسطينيون ليسوا على استعداد لإعطاء إسرائيل الاعتراف بحقها في الوجود من دون مطالب إضافية منها. أما إسرائيل فترفض من جانبها التنازل عن كل ما احتلته وتواصل توسيع المستوطنات في الوقت الذي تتفاوض فيه معهم حول التسوية.
                        في وقت لاحق يتبين أن الاستخدام الذي قامت به الدولة لنجاحها العسكري في عام 1967 قد تحول إلى عامل يهدد وجودها: المناطق التي احتلتها واستوطنتها تتسبب في ظهور تهديد ديموغرافي فوق رأسها وخطر أمني وعبء اقتصادي وعزلة دولية. . وإذا تواصلت سيطرة إسرائيل على المناطق ستتعاظم العمليات والعوامل التي تدفع الجانبين إلى إدارة ظهرهما لبعضهما البعض وحبس مواردهما وتجييرها لهذا الهدف".


                        حالة من الهوس والارتباك
                        تحيط بشارون بعد عملية حيفا الاستشهادية



                        في سياق حالة الارتباك الإسرائيلية بعد عملية حيفا الاستشهادية ذكرت صحيفة يديعوت 5/10/2003 أنه وردا على ما وصفته بـ "العملية القاسية في حيفا"، تقرر في جهاز الأمن الإسرائيلي مطاردة الجهاد الإسلامي في كل مكان تتواجد فيه في المنطقة.
                        وقد بدأ الجيش الإسرائيلي أمس بالعمل في جنين وقريبا ستتسع العملية إلى أماكن أخرى أيضا.
                        وأشارت مصادر الأمن الإسرائيلية إلى أن العملية لن تنحصر في نطاق السلطة الفلسطينية، بل ستنفذ في كل مكان توجد فيه قواعد ونشطاء مركزيون للجهاد الإسلامي.
                        ويشار إلى أن قيادة الجهاد الإسلامي توجد في سوريا.
                        وحول عرفات قالت تلك المصادر: في كل المشاورات التي أجريت في جهاز الأمن، لم يجر أي حديث حول مسألة التخلص من عرفات الآن.. ولكن ،وكما قيل في سياق آخر، المسدس الذي وضع على الطاولة في المعركة الأولى سيطلق النار في المعركة الثالثة - وهكذا في حالة عرفات.
                        ***


                        قرار المجلس الوزاري بالتخلص من الزعيم الفلسطيني
                        سيخرج في نهاية المطاف إلى حيز التنفيذ



                        قال مصدر مقرب جدا من شارون أمس وفق يديعوت- بعد أن أنهى سلسلة طويلة من المشاورات الهاتفية مع أعضاء المجلس الوزاري المصغر ومع قادة جهاز الأمن- إن عرفات سيطرد من المناطق في توقيت يضمن "تقليص عدد المصابين في سياق عملية التخلص منه".
                        وفي ساعات ما بعد الظهر تحادث شارون ووزير الحرب شاؤول موفاز عدة مرات.. "ملزمون بإلقائه من هنا" قال موفاز لشارون. ولكنه شدد على أن مسألة التوقيت يجب فحصها بترو وحذر.
                        وأمس نقل موفاز إلى شارون تقديرات الوضع الأمني والنقاش حول سبل الرد على عملية حيفا. وأبلغ موفاز شارون بقرار الرد بشدة كبيرة وبوسائل لم تجرب حتى الآن. وصادق شارون على الاقتراحات التي تبلورت في جهاز الأمن.
                        من جهته قال بن كسبيت في "معاريف" 5/10/2003 أن إسرائيل ستغير قريبا جدا قواعد اللعبة. ليس فقط عرفات في الصورة. عمليات جديدة، مفاجئة، ستظهر على الأرض وفي القاموس السياسي.
                        عملية حيفا أسقطت التضليل عن هزيمة "الإرهاب" وحسم المعركة
                        وفي يديعوت أحرونوت بتاريخ 5/10/2003 ربط اليكس فيشمان بين حرب 73 وعملية حيفا الاستشهادية..
                        "يوم السبت، الساعة الثانية ظهرا، بعد مرور 30 عاما، مفاجأة.. جزع.. صدمة. إلا أن ذلك حدث من دون إطلاق الصافرات. حينئذ قبل 30 عاما كانت هذه حربا حقيقية دفاعا عن البيت الذي أوشكنا على فقدانه بسبب النظرية الخاطئة.. واليوم أيضا كانت هذه حرب استنزاف دفاعا عن البيت، حيث تعتبر المذبحة في مطعم "مكسيم" معركة أخرى في خضم هذه الحرب.. اليوم أيضا نجد أنفسنا في إطار نظرية خاطئة، إذا لم نصح منها فقد نفقد البيت ونخسره.
                        وقال: "يحدثوننا عن قتال ضد قادة الإرهاب الفلسطيني الذين إذا "قضينا عليهم وقطعنا دابرهم" فسنصل إلى "النصر" و "الحسم". إلا أن هذه الحرب ليست ضد عرفات أو أشخاص بعينهم، وإنما هي ضد مجتمع بأكمله. المجتمع هو الذي ينتج الانتحاريين مثل المخربة التي فجرت نفسها في مطعم "مكسيم"، وسرعان ما ستظهر طبعة مكررة منها في العملية القادمة"
                        القناعة كنز لا يفنى

                        تعليق


                        • #13
                          الخاتمة

                          نعلم يا هنادي أن كل الكلمات لن توفيك حقك
                          نعلم أننا مهما قلنا فإننا لن نستطيع أن نتحدث عن هنادي
                          فهل يستطيع أن يتحدث الأموات عن الأحياء
                          هل يستطيع أن يتحدث من يرتع في دنيا الفناء عمن اختار دار البقاء
                          نعلم يا هنادي أن كل كلماتنا لا تستطيع أن تصف هنادي ... ولكننا فقط نحاول
                          نحاول ونلتمس العذر إن كان عجزنا لا يمنحنا الفرصة للوفاء ... ولايمنحنا الفرصة للوصف
                          هنادي ... جرادات ... جينين
                          ما أجمل هذه الأسماء
                          هنادي قدمت أشلاءها على مذبح فلسطين
                          جرادات قدمت أعز أبنائها على نفس المذبح
                          جينين عشرات الشهداء ولا زلت تقدمين
                          أليست هذه أجمل الأسماء
                          لقد قلت يا هنادي في وصيتك الخالدة أنك تعلمين أنك لن تعيدين فلسطين ...
                          ولكننا نقول لك ... بل ستعيدين فلسطين
                          حيث لا يمكن لدمائك الطاهرة إلا أن تنبت الشهداء والمجاهدين الذين سيواصلون
                          السير على خطاك ... وسيحررون فلسطين كل فلسطين كما وعدهم الله رب العالمين
                          نعم ستعيدين فلسطين ... فلا تقلقي ... وارتاحي عند ربك عز وجل
                          نامي هنيئة مستكينة قريرة العين
                          بجوار الأنبياء والصديقين والشهداء
                          القناعة كنز لا يفنى

                          تعليق


                          • #14
                            رحمك الله يا هنادي
                            وقد رحلت جسدا لكن لم ترحلي فكرا ونهجا
                            وستبقي مثالا لأولئك الشرفاء الذين فضلوا الموت في سبيل الله
                            على عيشة الذل والقهر
                            رحمك الله يا هنادي
                            وإنا على دربك سائرون

                            أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
                            وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
                            واذاق قلبي من كؤوس مرارة
                            في بحر حزن من بكاي رماني !

                            تعليق


                            • #15
                              بارك الله فيك اخي اسود الحرب

                              تعليق

                              يعمل...
                              X