إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سير القادة المجاهدين في تنظيم القاعدة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سير القادة المجاهدين في تنظيم القاعدة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    أمير المؤمنين الملا عمر حفظه الله ورعاه

    النشأة:

    ولد الملا عمر في قرية (نوده) من قرى قندهار، وينحدر من قبيلة "هوتك" أحد أفخاذ قبيلة "غلزايي" البشتونية المعروفة، واشتهرت قبيلة "هوتك" في التاريخ المعاصر لأفغانستان عندما أسس كبيرها القائد الأفغاني المعروف "مرويس بابا الهوتكي" إمبراطورية أفغانية على أنقاض دولة شيعية بعد فتحه مدينة أصفهان الشهيرة.
    ينحدر الملا عمر من أسرة فقيرة جدا ليس لها حتى الآن قطعة أرض ولا بيت سكني، كان أجداده من المولوية الذين كانوا يشتغلون بالإمامة في المساجد، ويعيشون على مساعدات ضئيلة تقدم لهم من أهل القرية حياة متواضعة غاية في التواضع. توفي أبوه عندما كان عمره ثلاث سنوات، ولم ينجب أبوه غيره، وتزوج عمه الأكبر المولوي محمد أنور من أمه، وأنجب منها ثلاثة أولاد وأربع بنات كلهم مازالوا على قيد الحياة، وتربى هو أيضا في حضن عمه (زوج أمه) محمد أنور الذي درس له الكتب الابتدائية، وانتقلت الأسرة إلى مديرية "بيروت" ولاية أرزجان؛ حيث كان يشتغل زوج الأم إماما للمسجد وخطيبا له.


    ترجمة الشخصية:


    عندما دخلت القوات السوفيتية إلى أفغانستان كان عمر الملا حوالي 19 عامًا، وكان يدرس في منطقة "سنج سار" بمديرية "ميوند" من ولاية "قندهار"، ترك الدراسة والتحق بالمقاومة الشعبية الجهادية التي اندلعت فور دخول القوات السوفيتية إلى أفغانستان. وشارك في معارك كثيرة ضد قوات الاتحاد السوفيتي السابق في ولايتي قندهار وأرزجان اللتين شهدتا معارك ضارية، وكان يتنقل من منظمة جهادية إلى أخرى، وبقي فترة طويلة قائدا لمجموعة صغيرة في جبهة القائد الملا نيك محمد التابعة للحزب الإسلامي بزعامة المولوي محمد يونس خالص، واستقر به المقام آخر الأمر في حزب "حركة الانقلاب الإسلامي" التابع للمولوي محمد نبي محمدي، والحزبان كان عمادهما علماء الدين.
    الكثير من القيادات العسكرية والإدارية لحركة طالبان هم من زملائه في فترة الجهاد مثل: "ملا محمد" (توفي في الأيام الأولى من نشأة الحركة، وكان من أقرب الناس إليه)، والملا بورجان (توفي في الطريق إلى كابل في الهجوم الذي فتحوها فيه)، والملا برادر آخوند، والملا يار محمد (الذي توفي في الهجوم على باميان)، والملا عبيد الله ( شغل موقع وزير الدفاع ).
    يعتبر الملا محمد عمر من المقاتلين الأشداء، اشتهر بأنه كان يحمل على كتفه دائما مدفع -rpg 7 المضاد للدبابات، وكان يخوض معارك ضد القوات السوفيتية في ولايتي قندهار وأرزجان، وقد جرح مرتين في ولاية أرزجان، أصابه العرج في إحدى هاتين المرتين، وجرح للمرة الثالثة كما أصيب في إحدى عينيه إصابة مستديمة.
    عاد إلى مدرسته في منطقة "سنج سار" بولاية قندهار بعد سقوط حكومة نجيب عام 1992م ليكمل دراسته التي توقف عن الاستمرار عنها قبل 13 عامًا، وليشتغل هناك إماما لمسجد القرية، وهذه المدرسة مازالت قائمة بغرفها وجدرانها الطينية المتواضعة


    الملا عمر وأنشاء حركة طالبان:

    يرجع الملا عمر نشأت طالبان كما يروي في أحد أحاديثه النادرة إلى أنه وجد أن "الفساد قد سيطر، واستشرى القتل والنهب حتى إن الأمر أصبح بيد الفسقة والفجرة.. حتى إنه لم يكن أحد يتصور أن ينصلح الحال أبدا، لكنني توكلت على الله التوكل المحض".
    صاح الملا في زملائه" لا يمكن أن يستمر الوضع هكذا ونسكت ونكمل دراستنا ولا أعدكم بأن نوفر لكم الطعام سنطلب الطعام والمساندة من الشعب"، وكانت النتيجة أن أحدا لم يستجب له، وقالوا"إنه يمكن أن يقوموا بالجهاد يوم الجمعة لأنه يوم الأجازة" !! ولكنه لم ييئس، وبدأ في التجميع مرة أخرى، فوافق 53 شخصا على الاشتراك، "وأخبرتهم بموعد في الصباح، لكنهم جاءوا الواحدة ليلا، ولما صلينا الفجر أخبرنا أحد المأمومين أنه رأى أن الملائكة تدخل سنج سار- المنطقة التي هم فيها- بأياد ناعمة.. فاستبشرنا، وكان ما كان من استعارة الأسلحة من الأهالي وكذلك السيارات"، وهاجموا مراكز بعض القادة الميدانيين السابقين الذين كانوا قد غرقوا في الفساد إلى يوافيخ رؤوسهم، واستولى على كمية كبيرة من السلاح والعتاد. إثر ذلك تم اختياره أميرا لطالبان ( وهي حركة طلاب المدارس الدينية بأفغانستان) في أغسطس عام 1994م…وفي مارس 1996 عقد اجتماع عام للعلماء شارك فيها أكثر من ألف وخمسمائة عالم من أنحاء أفغانستان، أعلنوا في بيانهم الختامي الجهاد ضد حكومة رباني، وبايعه العلماء ولقبوه بـ"أمير المؤمنين"، ومنذ ذلك اليوم يعتبره "طالبان" أميرا شرعيا لهم، له في نظرهم جميع حقوق الخليفة، فلا يجوز مخالفة أمره عندهم، وهذا أضفى عليه صبغة الخلافة الشرعية.
    في 26 سبتمبر عام 1996م استولى "طالبان" بقيادة الملا محمد عمر على عاصمة البلاد كابل، وأعدموا في تلك الليلة آخر حاكم شيوعي لأفغانستان الرئيس "نجيب".

    إدارته لأفغانستان:

    ينطلق الملا عمر في حكمه من قاعدة وجوب السمع والطاعة للأمير ما لم يأمر بمعصية الله، وأن الشورى معلمة لا ملزمة.
    يعتمد الملا محمد عمر اعتمادا كليا على السكرتارية في معالجة المشاكل وأداء وظائفه في قيادة حركة طالبان ومهامه في الدولة كأعلى سلطة فيها، ومن هنا كان سكرتيره الأول الملا وكيل أحمد متوكل يعتبر الشخصية المحورية في الحركة، وكان قد تدرج إلى السكرتارية ثم إلى وزارة الخارجية، وكان أثناء عمله كسكرتير للملا محمد عمر يعتبر الناطق الرسمي باسم حركة طالبان، والوسيط بين الدبلوماسيين والصحفيين الأجانب وحركة طالبان، بل كان المعبر الوحيد إلى الملا محمد عمر، وكان يعتبر بمثابة السمع والبصر لملا محمد عمر، فلم يكن يصل إليه شيء ولا يخرج من عنده شيء إلا عن طريقه. ومن أهم أعمال سكرتارية الملا محمد عمر تسجيل الأوامر التي تصدر من عنده ومراقبة تنفيذها.
    من أهم الأعمال التي يقوم بها الملا بنفسه الاتصالات بالقادة الميدانين في جبهات القتال والمسؤولين الإداريين في أطراف أفغانستان عن طريق اللاسلكي عندما كنت تدخل غرفته تسمع ضجيجا من الأصوات المختلفة التي تخرج من أجهزة اللاسلكي المختلفة المعلقة على جدران الغرفة، حيث يعتمد أمير المؤمنين على الاتصالات اللاسلكية لإدارة إمارته.



    الملا عمر وبن لادن:

    علاقة بن لادن بالملا عمر بدأت في الثمانينيات إبان قتال الأفغان للسوفييت، حيث كان بن لادن يقدم مساعدات ضخمة مالية وتسليحه للقادة الميدانيين، وكان الملا محمد عمر واحدًا منهم ، أما ما يتردد عن زواج الملا من إحدى بنات بن لادن فهو أمر ينفيه الطرفان. وهذا لايمنع من كون العلاقة يبن الملا عمر وبن لادن قوية ومتينة بدليل رفض تسليم بن لادن لأمريكا ، ولا يمكن أن يفهم سر تمسك طالبان بأسامة إلا إذا توصلنا إلى العلاقة الوثيقة بين الرجلين الواضحة في كلام كليهما، فالملا يقول: ".. الشيخ أسامة بن لادن مسلم مهاجر إلى أفغانستان، وهو ضيف على الأفغان، وإخراجه أو تسليمه مخالف للإسلام، ولعادات الشعب الأفغاني، وفوق ذلك فإن الإمارة الإسلامية والشعب الأفغاني لو غيروا موقفهم من الشيخ أسامة فستترتب على ذلك مشاكل كثيرة، وسيخسرون الكثير، والشيخ أسامة بن لادن لا يعمل ضد أحد من أرض الإمارة الإسلامية، وقد طلبنا منه ذلك، واطمأننا إلى أنه يلتزم به حتى لا يضر بعلاقات الإمارة الإسلامية مع الدول الأخرى"…
    وبنفس الحميمية والأخوة يقابله أسامة الذي يقول في أحد مؤتمرات العلماء بأفغانستان: "الملا محمد عمر هو الحاكم والأمير الشرعي الذي يحكم بشريعة الله في هذا العصر، وأثنى على قراراته العظيمة، التي كان من آخرها قرار تحطيم الأصنام، ومنع زراعة المخدرات، والوقوف بكل عزة وإباء في وجه الحملة الكفرية العالمية، وما هذه المواقف إلا بعض مواقفه الإسلامية التاريخية التي تؤكد صدقه وثباته على الطريق".


    الحياة الاٍجتماعية للملا عمر:


    تزوج الملا محمد عمر بثلاث، تزوج بالأولى عام 1990م عندما كان عمره حوالي 31 سنة، وهي وزوجته الثانية من ولاية أرزجان، وتزوج بالأخيرة عام 1995م وهي من منطقة "سنج سار" بولاية قندهار، والزوجتان الأخريان من ولاية أرزجان، وقد رزق بخمسة أولاد لا نعرف إلا أسماء اثنين منهما، وهما يعقوب وإدريس.
    والملا عمر طويل القامة، معتدل الجسم، حسن الشكل، يجلب النظر بلحيته السوداء الكثة مع عمامته السوداء الكبيرة، يغلبه الحياء والخجل، قليل الكلام عند غير أصحابه

    الرجاء التثبيت
    مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
    كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

  • #2
    سيرة الشيخ الدكتور ايمن الظواهري

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله وحده

    سيرة الدكتور ايمن الظواهري


    أيمن الظواهري الرجل الثاني في تنظيم القاعدة

    النشأة:

    ينتمي أيمن الظواهري المولود في 19 يونيو/ حزيران 1951 إلى أسرة مصرية عريقة ميسورة، فجده الشيخ الظواهري أحد شيوخ الجامع الأزهر السابقين، وجده لأمه الدكتور عبد الوهاب عزام شغل مناصب عدة مرموقة، فهو أستاذ الآداب الشرقية وعميد كلية الآداب ورئيس جامعة القاهرة ثم عمل سفيرا لمصر في باكستان والسعودية واليمن، وفي الوقت نفسه كان يعتبر أحد كبار المتصوفين في مصر حتى لقب بـ"الدبلوماسي المتصوف"، أما والده فهو الدكتور محمد ربيع الظواهري الأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس وأحد أشهر أطباء مصر قبل وفاته عام 1995.

    المؤهلات العلمية:

    تلقى الظواهري تعليمه الأولي في مدارس مصر الجديدة والمعادي -وهما من الأحياء الراقية في القاهرة- قبل أن يلتحق بكلية طب القصر العيني جامعة القاهرة ويتخرج فيها عام 1974 بتقدير جيد جدا ثم حصل على درجة الماجستير في الجراحة العامة عام 1978 وفي العام التالي تزوج من إحدى خريجات قسم الفلسفة بكلية الآداب في جامعة القاهرة وأنجب منها أربع بنات وولداً واحداً.

    ترجمة الشخصية:
    عايش الدكتور أيمن الظواهري فترة الانفراج السياسي الذي استهل به السادات عهده، ونشط التيار الإسلامي في الجامعات بصورة ملحوظة حتى أصبح قادة طلاب الجامعات المصرية في تلك الفترة رموز العمل الإسلامي في الوقت الراهن.

    ينتمي الدكتور أيمن الظواهري إلى ذلك الفصيل من التيار الإسلامي المسمى "بتنظيم الجهاد" ، وتأتي اهمية الظواهرى من تشكيله مع الشيخ اسامة بن لادن الجبهه العلمية ضد الكفار والصلبيين ، التي صعد بعدها دوره العالمي.

    النشاط الحركي:

    كان أول ظهور للدكتور أيمن الظواهري على المستوى الإعلامي عقب أحداث اغتيال الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات في السادس من أكتوبر/ تشرين الأول 1981 والتي اتهم فيها تنظيم الجهاد، وقد حكم عليه في تلك القضية بثلاث سنوات لحيازته سلاحا غير مرخص. وبعد الإفراج عنه سافر إلى عدة دول مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وباكستان والسودان قبل أن يستقر به المقام أخيرا في أفغانستان.

    شارك الدكتور أيمن الظواهري عام 1985 كطبيب جراح في مستشفى الهلال الأحمر الكويتي لعلاج المصابين من جراء الحرب الأفغانية السوفياتية عبر مستشفى أقيم لهذا الغرض في بيشاور على الحدود الأفغانية الباكستانية. ثم في مراحل لاحقة من الحرب بدأ يدخل إلى الخطوط الأمامية للقتال ليمارس عمله في تطبيب الجرحى في مستشفيات ميدانية من داخل أفغانستان، وهناك تعرف على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن الذي أصبح حليفا له فيما بعد.

    وقد اتهمت جماعة الجهاد التي يعتبر الظواهري أحد أبرز قادتها بعمليات عسكرية عنيفة داخل مصر منها محاولة اغتيال رئيس الوزراء السابق عاطف صدقي ووزير الإعلام صفوت الشريف، وفي المقابل فإن أجهزة الأمن المصرية كانت تتعامل مع أفراد هذه الجماعة بعنف عبر عنه وزير الداخلية الأسبق زكي بدر بمقولته الشهيرة "الضرب في سويداء القلب"، أي إطلاق الشرطة النار واغتيال بعض قيادات التنظيم في وضح النهار وفي عرض الشارع إذا تمكنت من تلك القيادات.

    الإعدام غيابياً:

    رفض أيمن الظواهري العودة إلى مصر خوفا من صدور أحكام ضده من قبل المحكمة العسكرية التي شكلتها الحكومة المصرية للنظر في قضية من أسمتهم "العائدون من أفغانستان" والتي حكم فيها على بعض من ينتمون إلى جماعة الجهاد بالإعدام، وذكرت تقارير منظمات حقوق الإنسان أنهم تعرضوا لعمليات تعذيب شديدة. ثم جاء حكم المحكمة العسكرية التي نظرت قضية أخرى أطلقت عليها "العائدون من ألبانيا" قبل نحو عامين والتي حكمت عليه غيابيا بالإعدام لتجعل من مسألة عودته إلى مصر أمرا مستبعداً.

    العداء لأميركا:

    وضعته الولايات المتحدة الأميركية في قائمة المطلوب القبض عليهم بعد تفجير سفارتيها في نيروبي ودار السلام في أغسطس/ آب 1998 ثم وجهت إليه اتهاما مباشرا بالضلوع مع أسامة بن لادن في تفجيرات نيويورك وواشنطن في الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول الماضي واعتبرته الساعد الأيمن لتنظيم القاعدة وبن لادن خاصة بعد أن وقع على الفتوى الداعية إلى إهدار دم الأميركيين الذين اتهمهم بالعمل على إنشاء تحالف صليبي يهودي لمحاربة الإسلام،كما وجه دعوة عبر شريط فيديو ظهر فيه مع أسامة بن لادن وسليمان أبو غيث المتحدث الرسمي باسم القاعدة بثته قناة الجزيرة عقب بدء الضربات العسكرية الأميركية على أفغانستان إلى الجهاد ضد أميركا لإخراجها من المنطقة العربية ولكي توقف دعهما لإسرائيل حتى لا تتحول فلسطين إلى أندلس جديدة .

    الرجاء التثبيت
    مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
    كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

    تعليق


    • #3
      سيرة الشيخ المجاهد أسامة بن لادن


      بسم الله الرحمن الرحيم

      الحمد لله

      سيرة الشيخ المجاهد أسامة بن لادن

      ولد أسامة بن لادن سنة 1377 هجرية 1957 ميلادية لأم سورية دمشقية من وكان ترتيبه بين إخوته وأخواته الثالث والأربعين وترتيبه بين الذكور الحادي والعشرين من أبناء المقاول المشهور محمد عوض بن لادن.

      والده
      كان والد أسامة محمد عوض بن لادن قد وصل إلى جدة من حضرموت في حدود سنة 1930 ميلادية، ويذكر عنه من عرفه أنه كان قمة في المثابرة و العصامية و الاعتماد على النفس و لذلك لم تمض سنين قليلة حتى تحول محمد بن لادن من مجرد حمال في مرفأ جدة البسيط إلى اكبر مقاول إنشاءات في المملكة. إضافة إلى مثابرته فقد كان جريئا ومستعدا للمجازفة حيث تمكن من خلال هذه الجرأة من إقناع الملك سعود أنه الأقدر على المشاريع الصعبة وذات طابع التحدي و تمكن خلال فترة الملك من بناء علاقة جيدة مع كبار العائلة الحاكمة بما فيهم فيصل الذي كان أميرا آنذاك. وعندما حصل الخلاف المشهور بين فيصل و سعود كان من ضمن من أقنع الملك سعود بالتنحي لصالح فيصل.
      لم يقف فضل محمد بن لادن على فيصل عند دوره في تنحي سعود بل إن بن لادن أمن رواتب كل موظفي الدولة تقريبا لمدة تقترب من ستة أشهر بعد مغادرة سعود حين كانت الخزينة فارغة تماما. ولرد الجميل أصدر الملك فيصل مرسوما بتحويل كل عقود الإنشاءات على محمد بن لادن وكلفه عمليا بوزارة الإنشاءات.
      وفي سنة 1969 ميلادية تكفل محمد بن لادن بإعادة بناء المسجد الأقصى بعد الحريق الذي تعرض له و كان قد ساهم في التوسعة السعودية الأولى للحرمين و لذلك يقول آل بن لادن أنهم تشرفوا ببناء المساجد الثلاثة.
      كان محمد بن لادن رجلا متدينا كريما متواضعا رغم ما آل إليه حاله من يسر وغنى، وكان قد احتفظ بالكيس "القفة" التي كان يستخدمها عندما كان حمالا وعلقها في مجلس منزله للافتخار بمثابرته و لتذكير نفسه وأبناءه أنه كان أمرءا بسيطا قبل أن يصبح أكبر مقاول في المنطقة. وتوفي محمد بن لادن سنة 1970 ميلادية في حادث سقوط طائرة يقال أنه كان يتفقد فيها مشروع طريق الهدا المشهور.
      كانت شخصية محمد بن لادن شخصية قوية وكان يبقي جميع أبنائه في سكن واحد وكان شديدا في الحرص على انضباطهم والتزامهم من الناحية الشرعية و الأخلاقية.
      توفي محمد بن لادن عندما كان عمر أسامة تسع سنين ونصف، وكان أقوى شخص في العائلة بعد الأب هو الابن الأكبر سالم من لادن والذي كان ذو شخصية قوية كذلك و هيبة و يقال أن الملك فهد لم يتمكن من إجبار العائلة على إدخاله شريكا إلا بعد وفاة سالم في حادث سقوط طائرة كذلك حيث لم يتمكن بكر بن لادن من ملئ الفراغ الذي تركه سالم.
      دراسته و زواجه
      نشا أسامة نشأة صالحة و كان متدينا منذ صغره و تزوج عندما كان سنه سبعة عشر عاما زواجه الأول من أخواله من الشام. كانت دراسته الابتدائية و الثانوية و الجامعية في جدة. وكانت دراسته في الجامعة في علم الإدارة العامة. وخلال دراسته اطلع على أنشطة التيارات الإسلامية المشهورة وتعرف على كثير من الشخصيات الإسلامية ولم يكن هناك أمر متميز خلال دراسته.
      وخلافا لما تزعم بعض الصحف العربية و الغربية فلم يسافر أسامة لأي بلد غير دول الجزيرة العربية و باكستان و أفغانستان و سوريا والسودان. وكل ما يقال عن رحلات لسويسرة و لندن و الفليبين ليس لها أساس من الصحة. و لا تصح كذلك المزاعم بأن أسامة لم يتدين إلا بعد مرحلة من الانحراف فهذه المزاعم ليس لها اصل.
      كيف تشكلت عقلية بن لادن؟
      بالإضافة إلى الجو المحافظ الذي نشأ فيه أسامة كان محمد بن لادن والد أسامة يستضيف أعدادا كبيرة من الحجاج كل عام بعضهم من الشخصيات الإسلامية المعروفة، و قد استمرت هذه العادة على يد إخوان أسامة بعد وفاة والده مما ساعد في استمرار توفر الفرصة له للاستفادة من بعض الشخصيات المتميزة بين أؤلئك الضيوف.
      لكن في الجامعة كان هناك شخصيتين كان لهما أثر متميز في حياته هما الأستاذ محمد قطب و الشيخ عبد الله عزام، حيث كانت مادة الثقافة الإسلامية إجبارية لطلاب الجامعة.
      بن لادن يبدأ الجهاد
      بدأت علاقة أسامة مع أفغانستان منذ الأسابيع الأولى للغزو الروسي لذلك البلد، فلقد صدمه خبر احتلال بلد مسلم وتشريد أهله بهذه الطريقة من قبل الملحدين الشيوعيين. أحب أسامة في وقت مبكر أن يطلع على الوضع بنفسه فرتب مع الجماعة الإسلامية رحلة إلى باكستان حيث أصطحب من كراتشي إلى بيشاور من قبل الجماعة و هناك قابل مجموعة من قيادات المجاهدين أمثال سياف و رباني ممن لم تكن أسماؤهم غريبة عليه حيث أن بعضهم كان ممن يحضر إلى مضافة والده في الحج و المواسم . حرص أسامة أن يبقي أمر تلك الرحلة في البداية طي الكتمان لأنه لم يكن يعلم توجه الدولة كما حرص أن يعطيها طابعا استكشافيا قبل أن يتخذ قرارا بخصوص ذلك الموضوع. استغرقت الرحلة شهرا وأقتنع من خلالها أن القضية تستحق أن تعطى جل اهتمامه.
      بعد عودته إلى المملكة واطمئنانه إلى إمكانية البوح بخبر الرحلة بدأ يتحدث مع إخوانه و أقاربه و زملائه في الدراسة حول مشاهداته و تمكن من تنفيذ حملة علاقات عامة لصالح المجاهدين. كانت نتيجة تلك الحملة كمية هائلة من التبرعات المالية و العينية للمجاهدين. حمل أسامة تلك التبرعات وذهب في رحلة أخرى إلى باكستان مصطحبا معه عددا كبيرا من الباكستانيين و الأفغان الذين يعملون في مؤسسة بن لادن. بقي أسامة هناك لمدة شهر مرة أخرى. كرر أسامة هذه الرحلات حاملا معه التبرعات و مصطحبا عددا من الناس من جنسيات مختلفة مكتفيا بمناطق المعسكرات والمخيمات دون الدخول على أفغانستان. إلى عام 1982 ميلادية.
      في عام 1982 قرر أسامة اجتياز الحدود و الدخول إلى أفغانستان و المشاركة في الجهاد. رأى أسامة الطبيعة الجبلية الصعبة لأفغانستان فقرر الاستفادة من تجربته في المقاولات و جلب عددا هائلا من المعدات و الجرارات والحفارات لمساعدة المجاهدين على تمهيد الجبال و شق الطرق وإنشاء المعسكرات. وتكررت زيارة أسامة إلى أفغانستان و إشرافه على نقل الأموال والسلاح والمعدات ومساهمته بعض الأحيان في بعض المعارك لكن بشكل غير منتظم. و كان بعض أهل الجزيرة قد تأثروا بزيارات أسامة و بدأوا يتقاطرون على أفغانستان لكن بأعداد قليلة حيث لم تتحول القضية بعد إلى حملة شعبية وتنتظم في مؤسسات و مكاتب و معسكرات.
      في عام 1984 ظهر أول نموذج لعمل مؤسسي لجهاد العرب في أفغانستان و هو بيت الأنصار في بيشاور. أسس بيت الأنصار كمحطة نزل أولي أو استقبال مؤقت للقادمين للجهاد قبل توجههم للتدريب و من ثم للمساهمة في الجهاد. ورغم تأسيس بيت الأنصار فلم يكن عند أسامة جهازه الخاص أو بنية تحتية من معسكرات ومخازن وإمداد واتصال، ولم تكن له جبهة خاصة به، بل كان يرسل الشباب القادمين إلى أحد الأحزاب المقاتلة مثل حكمتيار وسياف أورباني.
      تزامن تأسيس بيت الأنصار مع تأسيس مكتب الخدمات في بيشاور من قبل الشيخ عبد الله عزام رحمه الله. وقد أدى تأسيس المكتب إلى نوع من التكامل مع بيت الأنصار حيث يؤدي المكتب المهمة الإعلامية وجمع التبرعات وحث المسلمين وخاصة العرب على الجهاد بالنفس والمال ويؤدي البيت المهمة العملية في استقبال وتوجيه الراغبين في الجهاد أو الاطلاع على أوضاع الأفغان. وخلال تلك الفترة توثقت علاقة الشيخ عبد الله بأسامة لكن رأى الاثنان أنه ليس من المصلحة دمج عملهما ومن الأفضل تعدد الواجهات مع التنسيق الجيد.
      في سنة 1986 قرر أسامة أن يتوسع في تنظيم العملية الجهادية و يكون له معسكراته و خطوط إمداده. وفعلا تمكن أسامة من تشييد ستة معسكرات وتمكن من خلال خبرته في الإنشاءات من تحريكها و نقلها أكثر من مرة تبعا لظروف الحرب. وبعد تجربة المعسكرات و بعد تمكن أسامة من تبني المجاهدين العرب منذ وصولهم إلى تدريبهم إلى إشراكهم في المعارك أصبحت فكرة المشاركة في الجهاد ذات جاذبية شديدة لأن الشباب أصبحوا يتناقلون أخبار بساطة الفكرة وتقليل هيبة المشاركة في الجهاد كون الذي يستقبل ويدرب ويقود كلهم من العرب.
      وفي تلك الفترة تقاطر على بيت الأنصار و المعسكرات عدد هائل من المجاهدين العرب كان من بينهم طالب الثانوية والطالب الجامعي أو ربما الأمي أو التائب من بعض الكبائر وكان من بينهم المهندس والطبيب بل والضابط القدير المتمرس في القتال.
      شارك المجاهدون العرب في مناوشات عديدة و قتال محدود في البداية ثم دخلوا في معارك طاحنة كان أشهرها معركة جاجي في نهاية ذلك العام والتي هزم على يد المجاهدين العرب فيها وحدات من أفضل الروس تدريبا وأفضلهم تسليحا وقتل فيها عدد من ذروة رجال الكوماندس الروس.
      ومنذ عام 1986 إلى عام 1989 دخل المجاهدون العرب في خمسة معارك كبرى مع الروس ومئات من المواجهات والمناوشات الصغيرة. وكانت تلك الفترة من أجمل الفترات للمجاهدين بسبب توفر الفرصة للقيام بالجهاد دون مضايقات من حكام المملكة أو الحكومة الباكستانية. وخلال تلك الفترة لم يكن أسامة يعود للملكة إلا قليلا ويقضي معظم أيام السنة في أفغانستان جهادا وتدريبا وإشرافاً على المجاهدين، ومع ذلك فقد بارك الله في الشركة رغم بعده وانشغاله عنها.
      الـقـــــــــاعدة
      في نهاية الثمانينات وبالتحديد في سنة 1988 لاحظ أسامة إن حركة المجاهدين العرب قدوما وذهابا والتحاقا بالجبهات بل وحتى كثرة الإصابات والاستشهاد قد ازدادت دون أن يكون لديه سجل عن هذه الحركة رغم أهميتها وكونها من ألف باء الترتيب العسكري. وكان نقص هذه المعلومات سببا لإحراج أسامة في أحايين كثيرة مع بعض العوائل التي تسأل عن أبنائها بالهاتف أو حتى من خلال إرسال مندوب عنها للتعرف على مصير عضو العائلة الذي التحق بأسامة، حيث أحس أسامة أن نقص هذه المعلومات أمر مخجل فضلا عن إنه خطأ إداري مبدئي. من هنا قرر أسامة ترتيب سجلات للأخوة المجاهدين العرب.
      ووسعت فكرة السجلات لتشمل تفاصيل كاملة عن كل من وصل أفغانستان بترتيب من مجموعة الشيخ. ورتبت السجلات بحيث تتضمن تاريخ وصول الشخص والتحاقه ببيت الأنصار ثم تفاصيل التحاقه بمعسكرات التدريب ومن ثم التحاقه بالجبهة. وأصبحت السجلات مثل الإدارة المستقلة وكان لا بد من إطلاق اسم عليها لتعريفها داخليا، وهنا اتفق أسامة مع معاونيه أن يسمونها سجل القاعدة، على أساس أن القاعدة تتضمن كل التركيبة المؤلفة من بيت الأنصار ومعسكرات التدريب و الجبهات.
      هذه هي القاعدة إذن، فالقاعدة ليست ذلك البعبع الذي صوره الأمريكان بطريقة أقرب إلى أفلام هوليود. بالطبع استمر استعمال كلمة القاعدة من قبل المجموعة التي استمر ارتباطها بأسامة وهنا خرج الأمريكان -وغيرهم من الجهلة بطريقة عمل الجماعات الجهادية- بانطباع أنها اسم للتنظيم الإرهابي.
      عــــــودة إلــــــــى المملــــكة
      في عام 1989 ميلادية وبالتحديد بعد انسحاب الاتحاد السوفيتي من أفغانستان عاد أسامة إلى المملكة معتبرا هذه العودة واحدة من السفرات التي يتوجه فيها للملكة ويعود فور إنهاء بعض الأمور هناك. لكن هذه المرة لم تكن مثل السابقات، فقد علم أسامة بعد فترة من وصوله أنه ممنوع من السفر. ظن أسامة أن السبب هو الانسحاب الروسي وتفاهم القوى العظمى والمملكة تبعا لها، وهذا لا شك كان عاملا لاشك لكن أسامة فوجئ حين تعرف إلى السبب الرئيسي الذي لم يخطر بباله.
      لقد بدأ أسامة يخطط لجبهة ضد اليمن الجنوبي وبحركة جهادية تنطلق من المملكة واليمن الشمالي. لم يكن حكام المملكة مهتمين فقط بالإحراج الدبلوماسي لأمر من هذا القبيل لكن الذي همهم هو أن هذا التوجه من قبل أسامة كان دليلا على أن الرجل استأنس مسألة الجهاد لذات الجهاد وليس لمجرد استغلال فرصة تقاطع مصالح مع الحكومات والقوى العظمى. هذا هو السبب الرئيسي في منعه من السفر تلك المرة والله أعلم.
      ينذر بخطر النظام العراقي
      كانت تصرفات أسامة في تلك الفترة تدل على إن الرجل بدأ يتصرف تصرف المسؤول الذي يحمل هم قضية، وتضايق الحكام بشكل كبير حين تكلم علنا عن خطورة النظام العراقي وتنبأ بأنه سيغزو الخليج في محاضرات معلنة ومسجلة في وقت كان النظام العراقي من أقوى أصدقاء المملكة والملك فهد لم يعد من زيارة للعراق إلا قبل فترة بسيطة.
      نصيحة سرية للدولة
      عندها لم تكتف وزارة الداخلية بمنعه من السفر بل وجه إليه تحذير بعدم ممارسة أي نشاط علني وإنه ربما يعتقل أو يوضع تحت الإقامة الجبرية إن لم ينصاع للتوجيهات. ورغم التوجه العدائي من قبل الدولة تجاهه فقد بادر أسامة بكتابة نصيحة للدولة سلمت عن طريق أحد إخوانه للأمير أحمد بن عبد العزيز. تضمنت الرسالة نصائح عامة وخاصة. العامة عن المطالبة بإصلاح شامل والخاصة كانت تكرارا لتوقعاته بأطماع صدام حسين في المنطقة وضرورة الاستعداد لها. وكان الأمير نايف قد حرص على مقابلة أسامة حين بلغه تقرير عن محاضرته حول أطماع صدام.
      بعد غزو الكويت
      ما أن سمع أسامة بغزو الكويت في الأخبار حتى تصرف بطريقة تدل على أنه يشعر بجزء كبير من المسؤولية حيث بادر بكتابة رسالة أخرى إلى الدولة يعرض فيها وجهة نظره حول الطريقة المثلى لحماية البلد من الخطر العراقي بمجموعة اقتراحات حول السبيل الأمثل لتعبئة الأمة ضد هذا الخطر ومن ثم السبيل الامثل عمليا لمواجهته. وأضاف لهذه الاقتراحات عرضا بجلب كل المجاهدين العرب الذين يستمعون له للمساهمة في عملية الدفاع هذه. سلمت الرسالة بنفس الطريقة التي سلمت فيها الرسالة الأولى وكان رد فعل الدولة هو وعد بالنظر بالأمر.
      ورغم توجسه من موقف النظام من القضايا الدينية والوطنية فقد كان يتوقع نوعا من الطلب بشيء من المساهمة بعملية الدفاع عن البلد ظنا منه أن النظام رغم مخالفاته الشرعية يبقى عنده غيرة على البلد ورغبة في حمايته. لكن بدلا من أن تستعين الدولة بالعرض الذي قدمه أسامة بادرت بقرار كان السبب في أكبر تحول في حياة أسامة وهو إعلان استدعاء القوات الأمريكية. ويتحدث أسامة واصفا لحظة سماعه خبر قرار استدعاء القوات الأمريكية بأنها أكبر صدمة في حياته، لأنها بتقديره المرة الأولى منذ البعثة النبوية التي يهيمن فيها الكفار على جزيرة العرب بقواتهم العسكرية. وصدم كذلك لأن القوات الأمريكية لم تدخل باحتلال أو رغم أنف الحكام بل دخلت بطلب منهم بعد أن هرعوا مستنجدين بالأمريكان. كان شعوره بعد ذلك شعور الإحباط والقلق على مستقبل الجزيرة بعد هذا التطور الخطير. بعدها أيقن أسامة أن مخاطبة المسؤولين بالخطابات والمذكرات أسلوب عديم الجدوى ولا بد أن يفكر بأسلوب بديل.
      تحرك أسامة باتجاهين، الأول تجاه استخراج فتوى بوجوب الاستعداد للقتال على كل مسلم وخاصة أهل الجزيرة وأفتى الشيخ بن عثيمين فعلا بتلك الفتوى فاستخدمها أسامة في تشجيع الشباب من جديد في الذهاب لأفغانستان والتدرب هناك، واستجاب لدعواه تلك عدد من كبير من الشباب توجهو فعلا لأفغانستان. الاتجاه الثاني كان محاولة جمع أكبر عدد من العلماء في مؤسسة شرعية مستقلة غير مؤسسة هيئة كبار العلماء حتى تكون مرجعا للناس بعد أن تحولت الهيئة في نظره لمجرد أداة بيد الدولة بعد فتيا استدعاء القوات.
      ورغم أن حركة أسامة كانت مقيدة في وضع يشبه الإقامة الجبرية ألا أنه استطاع إنجاز شيء مما أراد إنجازه وخاصة الاتجاه الأول. لكن محاولاته في جمع العلماء بتجمع مستقل لم يحالفها النجاح أولا لصعوبة حركته بسبب القيود التي عليه وثانيا لأن العلماء بما فيهم علماء الشباب لم يستوعبوا بعد فكرة المؤسسات المستقلة.
      أسامة يتعرض للارهاب من قبل السلطة
      ولم يكن أسامة ملتزما بالتقييد المفروض عليه حيث ألقى عددا من المحاضرات وعقد عددا كبيرا من الاجتماعات مع العلماء والدعاة والناشطين في مجال الدعوة. لم يكن ذلك مقبولا لدى السلطات ولذلك استدعي أكثر من مرة ووجهت له تحذيرات شديدة بوجوب الالتزام بتجميد نشاطه. ومن اجل تخويفه أرسلت السلطة مفرزة من الحرس الوطني في جدة لاقتحام مزرعته الواقعة في ضواحي جدة وتفتيشها بشكل فجائي حيث لم يكن نفسه موجودا فيها لحظة الاقتحام. وقامت المفرزة باعتقال بعض العمال في المزرعة (أطلقوا بعد ذلك) وكتابة محضر عما وجدته فيها وتصوير كامل المزرعة ومخازنها ومرافقها بالفيديو. عندما أخبر أسامة بالحادث غضب غضبا شديدا وكتب رسالة احتجاج شديدة للأمير عبد الله. واستغرب أسامة حين ورده رد من الأمير عبد الله ينفي فيه علمه بالحادث ويعد بمعاقبة المسؤول عنه.
      خارج البلد مرة أخرى
      كان تراكم هذه الأحداث سواء على مستوى البلد أو عليه هو شخصيا سبب لأسامة في التفكير جديا بمغادرة البلد لكن أنى له ذلك وهو ممنوع من السفر وكل تحركاته تحت المجهر. لكن بن لادن استطاع أن يخرج من البلد بسهولة وبطريقة معلنة.
      كيف خرج من المملكة ؟
      مضت الأيام على أسامة في ذلك الوضع الذي لا يحتمله، فلقد تعود على النشاط والجهاد والحركة وإذا به يجد نفسه في وضع الإقامة الجبرية. أمر آخر لم يكن يتحمله هو هذه القوات المقيمة في جزيرة العرب وظن أنه يتناقض مع نفسه إن زعم أنه جاهد الكفار في أفغانستان لاحتلالهم بلدا مسلما بينما هاهم في جزيرة العرب التي لها حرمة إضافية على باقي الأرض.
      تحمل أسامة بمرارة فترة الحرب "عاصفة الصحراء" ثم وصل إلى قناعة أنه لا يمكن أن يكون صادقا مع نفسه إذا استمر في المملكة. لم يكن هروبه أمرا سهلا فهو شخصية معروفة وبيته تحت الحراسة الدائمة. ولذلك فكر أسامة بطريقة أقرب للأسلوب الطبيعي وهو ما حصل بنجاح.
      كان أحد أخوته مقربا من الأمير أحمد بن عبد لعزيز نائب وزير الداخلية. تحدث أسامة مع أخيه شارحا له أن لديه التزامات مالية كثيرة في باكستان ومناطق أخرى وحقوقا ينبغي أن تدفع لأصحابها وحقوقا له ينبغي استخلاصها وأنه لا يمكن أن يحل هذه الاشكالات وكيل لأن بعضها قائم على الثقة والعلاقة الشخصية جدا.
      اقتنع أخوه بالفكرة ووعد بشرح ذلك للأمير أحمد. كان الأمير نايف على وشك أخذ إجازة فانتظر أخوه إجازة نايف وتحدث مع الأمير أحمد فعلا واستطاع إقناعه بإعادة الجواز والسماح بالسفر. وافق الأمير أحمد وسمح له بسفرة واحدة وكلف الجهات الأمنية بمتابعته. وهكذا استغنى أسامة عن أسلوب الهرب والتخفي وتمكن من مغادرة البلد بشكل طبيعي.
      حينما وصل إلى الباكستان كان أول عمل قام به هو كتابة رسالة اعتذار رقيقة لأخيه يخبره أنه لا يخطط للعودة وأنه سيسبب حرجا له أمام الأمير نايف واعتذر له أن الثمن غال يستحق اللجوء لمثل هذا الأسلوب.
      إلى أفغانستان مرة أخرى
      بعد ذلك علم أن وجوده في باكستان لن يكون آمنا بسبب التعاون الأمني السعودي الباكستاني فعجل بالدخول إلى أفغانستان مرة أخرى. صادف وجوده هناك انهيار النظام الشيوعي وسقوط كابل وبداية التناحر بين الفصائل الأفغانية.
      أول إجراء اتخذه للتعامل مع القضية هو إصدار توجيه للشباب العرب بعدم التورط في الصراع الدائر وكف أيديهم عن الدماء ورفض الميل لأي جهة من الجهات. واستمر مصرا على هذا الموقف إلى أن دخل الطالبان كابل حيث قرر حينها الوقوف مع الطالبان.
      الإجراء الثاني الذي اتخذه هو الدخول بقوة في محاولة إصلاح بين الفصائل لكن جهوده مع الأسف لم تحرز نتيجة تذكر.
      وخلال بقائه في أفغانستان كانت مخابرات بلده بقيادة الأمير المعروف تتعاون مع المخابرات الباكستانية لقتله أو اختطافه لكن كل المحاولات فشلت لأن المتعاطفين معه من جهاز الأمن الباكستاني والدولة الأخرى كانوا يعجلون بتسريب المعلومة له فيأخذ حذره.
      بقي في أفغانستان عدة أشهر مستمرا في محاولاته حل الخلاف ووصل بعد فشل متكرر إلى أنه وصل إلى طريق مسدود. شعر أسامة أن وجوده في أفغانستان عديم الفائدة خاصة وأن المتربصين به كثير وسيستمرون بمحاولات خطفه أو اغتياله. وبعد تدارس الوضع مع عدد من المقربين له قرر البحث عن مكان آخر يقدم فيه نفعا للإسلام بدلا من أفغانستان.
      إلى السودان
      كان التوجه إلى السودان أحد الخيارات المطروحة لأسامة ليس لأنها ستكون قاعدة جديدة لمشروع جديد ولكن لأنه سمع الكثير عن هذه الدولة الجديدة التي بدأ الإسلاميون يتحدثون عن حماسها للإسلام و المسلمين وحرصها على تطبيق مشروع إسلامي. وظن أسامة أنه يستطيع أن يقدم شيئا لهذه الدولة من خلال قدراته التجارية والإنشائية وعلاقاته في المملكة والخليج فضلا عن إنه يؤمن ملاذا له بديلا عن أفغانستان.
      توجه أسامه فعلا إلى السودان بطيارة خاصة وبرحلة سرية وذلك في نهاية سنة 1991 ميلادية. وفي تلك الرحلة اصطحب معه عددا من رفاقه إلى السودان والتحق به آخرون بطرق أخرى.
      في السودان أحسنت الحكومة السودانية وفادته و لكنه في تلك المرحلة لم يكن بحاجة لأي دعم مادي لأن أمواله لا تزال تحت سيطرته وتمكن بشكل طبيعي من نقل جزء من أرصدته ومعداته من المملكة إلى السودان.
      لم يساهم أسامة في السودان بأي عمل عسكري لكنه ساهم بقوة في مشاريع طرق وإنشاءات ومزارع وغيرها وكان أشهرها طريق التحدي من الخرطوم إلى بور سودان.
      رغم نه خرج من المملكة بالطريقة المذكورة ورغم أنه تعرض للاختطاف والقتل في أفغانستان من قبله ألا أنه لا يعلن موقفا معاديا للحكم ويحتفظ بالموقف لنفسه رغبة في أن لا ينقطع عن الشخصيات الدعوية والتجارية وبعض أهل النفوذ في المملكة. وكانت تلك السياسة نافعة فعلا حيث نجح أسامة في إقناع عدد كبير منهم بالتحرك لدعم السودان والاستثمار فيه. وخلال تلك الفكرة عرض عليه أكثر من مرة العودة للبلد وأعطي ضمانات ولكنه لم يرحب بالفكرة أبدا.
      بدأ الاهتمام يزداد به بشكل ملحوظ نهاية سنة 1992 حين صدر أمر بتجميد أمواله. بعدها تحولت قضية أسامة إلى قضية ساخنة على جدول أعمال المخابرات الأمريكية وأصبحت تثار بشكل منتظم بين الأمريكان والسلطات السعودية. إزدادت الضغوط على أسامة بالعودة وحاولت السلطة إحراجه من خلال الضغط على أهله وابتزازه بهم دون نتيجة.
      وحين أيست الحكومة السعودية من إعادته أصدر الملك فهد قرار بسحب جنسيته بداية عام 1994 ميلادية. و يقال أن أسامة ألقى دفتر النفوس في حضن أحد الذين أرسلتهم السلطات لإقناعه بالعودة قبل أن تسحب جنسيته قائلاً : "لا تتعاملوا معي تعامل التابع وخذوها إن كان بقاؤها يلزمني بشيء" . تزامنت هذه التطورات التي جاءت قصية سحب الجنسية في نهايتها مع تطورات داخل المملكة كان يتابعها أسامة بعناية وهي تتابع عدد من المذكرات مطالب الإصلاح من قبل التيار الإسلامي والتي كان آخرها وكان متزامنا مع سحب الجنسية تداعيات قضية لجنة الدفاع عن الحقوق الشرعية وحملة الاعتقالات على مؤسسيها والمتعاطفين معها وذلك قبل أن تبدأ اللجنة العمل من لندن. هذه التطورات دفعت أسامة لأن يأخذ أول مبادرة معلنة ضد الحكومة السعودية وذلك في أوائل سنة 1994 حين أصدر بيانا شخصيا يرد فيه على قرار سحب الجنسية .
      بعد هذا البيان قرر أسامة أن يتحرك علنا بالتعاون مع آخرين فأدى ذلك إلى ظهور هيئة النصيحة و الإصلاح.
      هيئة النصيحة والإصلاح:
      حين رأى أسامة وعدد من المتعاونين معه الحملة التي شنتها الدولة ضد لجنة الدفاع واعتقال عدد من مؤسسيها وآخرين من دائرتهم أشار عليه بعضهم بتكوين هيئة بديلة سماها "هيئة النصيحة والدفاع عن الحقوق الشرعية" كتعويض عن اللجنة بعد أن قمعت. ولم يكن أسامة يعلم أن اللجنة على وشك أن تظهر في لندن مرة أخرى لاستئناف أعمالها.
      وظهرت اللجنة في لندن فعلا فأشار عليه المتعاونون معه أن يتراجع عن ذلك الاسم و يختار اسما آخر لأن اللجنة أولى باسمها ولا بد من تغيير الاسم بالكامل فتغير الاسم إلى "هيئة النصيحة و الإصلاح". وبدأت تلك المجموعة بإصدار بيانات مختلفة باسم المجموعة وليس باسم أسامة شخصيا وافتتحت هذه المجموعة مكتبا في لندن عين له الأستاذ خالد الفواز مسؤولا. ومن العدل نقول أن بيانات تلك المجموعة كانت لها لغة مختلفة عن بيانات بن لادن الأخيرة.
      نعود إلى إقامته في السودان حيث كان أسامة مدة إقامته في السودان مقصدا لكثير من رواد الحركة الإسلامية من جميع أنحاء العالم والصحفيين وكذلك لرجال المخابرات وعملاء أمريكا وبعض الدول العربية. وكان أسامة في تلك الفترة على صلة بالعلماء والدعاة والتجار داخل المملكة كما كان على صلة بكثير من زملائه القدامى في الجهاد سواء من بقي منهم في باكستان وأفغانستان أو من عاد إلى الدول العربية.
      وخلال إقامته في السودان حصل تطوران هامان ربطا بأسامة . الأول : أحداث الصومال واليمن . والثاني : انفجار الرياض .
      أما أحداث الصومال فمشهورة ومعروفة وكان هناك فصيل صغير يقوده مجموعة ممن سبق أن تدربوا في أفغانستان وكان لهم دور في العمليات النوعية ضد الأمريكان. أما في اليمن فقد تكتمت اليمن وأمريكا على الأحداث التي قتل فيها عدة أمريكان في أحد الفنادق في عدن. أسامة يفتخر بهذه العمليات لكنه لا ينسبها مباشرة لنفسه وإنما يعتبرها من دائرته العامة.
      أما انفجار الرياض فالدلائل تشير بقوة إلى أن المجموعة التي تقف خلفه على علاقة بأسامة ولم ينكر أسامة العلاقة ولم ينكر تأييده للعمل لكنه كان دقيقا في أنه لم ينسبه لنفسه في أي حديث أو مناسبة بشكل مباشر.
      بعد أحداث الصومال وانفجار الرياض بدأت تصبح إقامته في السودان بعد 1994 تسبب حرجا شديدا للحكومة السودانية وتعرضت الحكومة السودانية لضغط شديد من أمريكا ودول عربية لإخراجه أو لتسليمه. وتحمل السودانيون الضغوط لأمد لكن كان يبدو جليا أن السودانيين ليس عندهم استعداد للصبر طويلا حيث بدأ السودانيون يضغطون على الأفغان العرب للخروج من السودان. وكان أسامة على علم بالضغط الذي تعرضت له السودان لأن السودانيين كانوا يحيطونه علما بذلك بل ربما صارحوه في مرة من المرات أنه يجب أن يفكر بالخروج.
      عندما أحس أسامه أن السودانيين لم يعودوا يحتملوا بقاءه ويخجلون من مصارحته بذلك بادر من تلقاء نفسه بترتيب عملية الخروج من السودان. وللإعداد لعملية الخروج اتصل أسامة بأصحابه القدامى من المجاهدين الأفغان واختار منهم الشيخ يونس خالص والشيخ جلال الدين حقاني الذين كان لهما نفوذ قوي في منطقة جلال آباد وكان ذلك قبل أن يمتد نفوذ طالبان خارج قندهار حين كانت مناطق أفغانستان موزعة بين الفصائل الأفغانية.
      وبعد أن أمن أسامة موقعا له في جلال آباد أعد العدة لمغادرة السودان في عملية غاية في السرية . ومن أجل ذلك أعد طائرة خاصة حملته مع عدد من أنصاره إلى أفغانستان حيث استقبل هناك من قبل الشيخين يونس خالص وحقاني . وبعد وصوله هناك أرسل رسالة إلى الفصائل الأفغانية يخبرهم أنه لا يزال على التزامه بعدم الدخول في خلافاتهم وصراعاتهم . وكان ذلك قبل أن يستولي الطالبان على جلال آباد ومن ثم على كابل.
      ومنذ أن وصل هناك بدأت الأحداث تتتابع مرة أخرى بشكل دراماتيكي من انفجار الخبر إلى استيلاء الطالبان على جلال آباد إلى محاولة خطف لأسامة إلى بيان الجهاد ضد الامريكان الذي أصدره في نوفمبر 1996.
      في يونيو من عام 1996 هز مدينة الخبر انفجار كبير أودى بحياة عشرين من العسكريين الأمريكان وجرح مئات آخرين.
      لم يعلن أسامة أي مسؤولية له عن انفجار الخبر لكنه استخدم أسلوبا شبيها بتعليقه على انفجار الرياض فهو يؤيد الانفجار دون أن يتبناه. في المقابل حرصت السلطات السعودية على تركيب المسؤولية على عناصر شيعية مدعومة من إيران وذلك في محاولة لمنع إضفاء مصداقية لابن لادن. وبقيت السلطات السعودية تتفادى نسبة المسؤولية لابن لادن إلى أن فلت من أحد المسؤولين تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية بعد أحداث كينيا وتنزانيا قائلا إن سبب قطع العلاقة مع الطالبان هو إيواءها للمطلوبين في انفجار الخبر من المجموعة المصاحبة لابن لادن ولم يتكرر ذلك التصريح أوتصريح شبيه به بل بالعكس حاول السعوديون تضخيم قضية هاني الصايغ لتحقيق نفس الغرض.
      بعد انفجار الخبر بفترة بسيطة أصدر أسامة بيانه الأول بعنوان "إعلان الجهاد لإخراج الكفار من جزيرة العرب". ولم يصدر البيان هذه المرة من هيئة النصيحة والإصلاح بل صدر منه بشكل شخصي وباسمه . جاء البيان في اثني عشر صفحة معتبرا وضع الجزيرة بوجود القوات الكافرة فيه أنه وضع لم يمر على الجزيرة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وزع البيان بالفاكس وعلى شكل كتيب كما حظي باهتمام من قبل بعض الصحف ووكالات الانباء.
      في تلك المرحلة حاول السفير السعودي في إسلام آباد الضغط على يونس خالص وحقاني لتسليم أسامة وحاول اغرائهما بعروض معينة لكن رد يونس خالص كان حاسما. قال يونس خالص لو لجأ إلينا عنز أو حيوان لحميناه فكيف برجل باع نفسه وماله في سبيل الله والجهاد في أفغانستان.
      بعد ذلك اجتاحت طالبان المنطقة التي كان أسامة مقيما فيها وكان أسامة قد عرف شيئا عنهم لأن يونس خالص وحقاني كانا قد انضما إلى طالبان واعتبرا أنفسهما من جيش طالبان لكن لم يكن أسامة على علم بما سيصبح وضعه بعد أن أصبح في المنطقة التي تحت سيطرتهم. لم يدم انتظار أسامة طويلا حتى أرسل ملا عمر زعيم طالبان وفدا لمقابلة أسامة وطمأنته واعتباره ضيف موروث من الذين قبله وتعهد له بالحماية ، لكنه طلب منه على شكل رجاء التوقف عن أي نشاط إعلامي لان أسامة كان قد قابل محطة سي إن إن ومحطة القناة الرابعة البريطانية في تلك الفترة.
      التطور الآخر الذي حصل بعد ذلك والذي اضطر أسامة للانتقال إلى قندهار هو محاولة الإختطاف التي تسرب خبرها لأسامة وأجهضت قبل أن تنفذ، حيث تم تمويل مرتزقة من القبائل على الحدود الباكستانية الأفغانية لتنفيذ هجوم سريع على المنطقة التي يقيم فيها أسامة وخطفه أوقتله وساهمت باكستان ودول أخرى معروفة بترتيب العملية. تسرب خبر العملية بسرعة لأسامة فرتب أمره على وجه السرعة للانتقال إلى قندهار حيث أكثر أمنا حيث معقل الطالبان.
      وجها لوجه مع ملا عمر
      بينما كان أسامة في جلال آباد حصل تطور هام في مسيرة الطالبان وهي دخولهم كابل بلا معارك تقريبا. وقد حول دخول كابل في سلطة طالبان الأوضاع لصالح طالبان ، حيث أصبحت طالبان هي القوة الأكبر في أفغانستان رغم الاعتراف المحدود بها. بينما كان ذلك يحصل كان أسامة يخطط للانتقال إلى قندهار ليكون في مأمن من محاولة الاختطاف التي ذكرناها سابقاً. جاء هذا التطور ليسهل مهمة انتقال أسامة إلى قندهار لأنه انتقل خلال كابل حيث ذهب إلى كابل بالسيارة ومن كابل إلى قندهار بالطائرة. بعد أن توجه أسامة إلى قندهار حرص على أن يقابل أمير الطالبان ملا عمر شخصيا لأنه إلى حد تلك اللحظة لم يقابل ملا عمر رغم المراسلات الكثيرة بينهما . تمت المقابلة فعلا وكان جوها وديا جدا حيث إنها حصلت قبل أن يختلف أسامة مع ملا عمر الخلافات الأخيرة. رحب ملا عمر بأسامة وعبر له عن سروره باستضافته وتشرفه تشرف طالبان بالدفاع عنه أولا كضيف عربي كريم وثانيا كمجاهد قاتل معهم في حرب أفغانستان. في نفس اللقاء تحدث ملا عمر عن التحديات الخطيرة التي تواجه الطالبان بعد دخول كابل وخاصة مواجهة قوات دوستم وقال لأسامة إنه قد يكون من الأولى تخفيف الحملة الإعلامية وأن ذلك مجرد طلب وليس أمرا ولا إلزاما. رد عليه أسامة بأنه قرر التخفيف أو التجميد الكامل للنشاط الإعلامي لفترة حتى قبل أن يطلب منه فارتاح ملا عمر لذلك.
      اعتراف سعودي
      في تلك الأثناء كانت الحكومة السعودية قد اعترفت بطالبان فيما يعتقد أنه محاولة إحراج لطالبان للتعاون معها في قضية أسامة. ذهبت الحكومة السعودية شوطا أبعد حين أرسلت تدعو كل أعضاء حكومة طالبان والملا عمر شخصيا للحج و العمرة وتستضيفهم كضيوف رسميين. بل إن أحد الشخصيات الرئيسية في حكومة طالبان وهو محمد رباني رئيس الوزراء زار المملكة فعلا لآداء الحج لكن يبدوا أن "حسن الضيافة" لم تغير من مواقفه ولا مواقف حكومته. لم يتغير موقف طالبان من أسامة وردت بأدب عدة وفود أرسلتها الحكومة السعودية تفاوتت بين دبلوماسين ورجال أعمال وأقارب أسامة وشخصيات استخباراتية.
      أسامة طرف في الحرب الأفغانية
      تطور آخر حصل في تلك الأيام أدى إلى رفع أسهم أسامة عند الطالبان وهو تغييره موقف الحياد الذي التزم به في خلافات الفصائل الأفغانية واتخاذه قرارا بالدخول بقوة مع الطالبان ضد دوستم ووجه أوامر لرجاله بالقتال مع طالبان. وبعد أن أصر شاه مسعود أن يدخل طرفا في الحرب استصدر أسامة فتوى من طلبة العلم المرافقين له فتوى بأن قتال مسعود جهاد شرعي. كان لهذا القرار دور مهم في مساعدة الطالبان حيث إن طالبان لم يكونوا رتبوا أنفسهم بعد ، وكل انتصاراتهم الأولى حصلت تقريبا دون قتال بسبب حرص الناس عليهم وتنازل القواد الميدانيين لهم ، أما دوستم ومسعود فقواتهم أكثر تماسكا لأنهم أقنعوا أتباعهم أن الحرب عرقية وليست دينية وساعد على تماسكهم اعتماد دوستم على الاوزبك ومسعود على الطاجيك وسعى مسعود ودوستم إلى إقناع أتباعهما أن طالبان ليسوا إلا بشتون يريدون السيطرة عليهم. أضف إلى ذلك أن العالم الغربي لم يشعر بخطورة طالبان إلا بعد سقوط كابل وحمايتهم لأسامة ودعا ذلك إلى أن يحظى مسعود ودوستم بدعم سخي من روسيا وأمريكا وتركيا وإيران وجهات أخرى. كاد الطالبان أن ينهارون بعد أن واجهوا هذه القوات المنظمة المدعومة والمتماسكة وفي مرتين على الأقل كانت الكتائب التابعة لأسامة هي التي ردت تلك القوات عن كابل فحفظها له الطالبان وارتفع سهمه عندهم.
      قضية أخرى رفعت أسهمه عندهم هو تفريغه عدد من الشباب المتخصصين لمساعدة الطالبان في قضايا التخطيط والإدارة والتنمية للدولة الجديدة ، حيث إنه رغم تواضع المجموعة التي مع أسامة ألا أنها بالنسبة لطالبان كانت فريقا من أساتذة الجامعات.
      محاولة اختطاف أخرى
      لم ييأس الامريكان وحلفائهم من محاولة الإمساك بأسامة. وبعد أن تبين أن إقناع الطالبان مستحيل فكر الأمريكان مع الباكستانيين والدولة الثالثة بإعداد خطة لخطف أسامة عن طريق عملية كوماندز منطلقة من الأراضي الباكستانية.
      بدأ التدريب على العملية في نهاية ربيع عام 1997 على أن يتم التنفيذ في بداية الصيف وتم التكتم على العملية بشكل شديد لكن بسبب دخول باكستان طرفا فقد كان حفظ السر مستحيلا لأن المخابرات العسكرية الباكستانية فيها تعاطف كبير مع أسامة. تسرب الخبر لأسامة وجهات عربية أخرى فبادرت بتسريبه للصحافة فانفضحت الخطة الأمريكية وألغيت. الأمريكان لم يعترفوا بالقصة ابتداء ولكن اعترفوا بها بعد ذلك وأوعزوا إلغاء الفكرة إلى الخوف من وفيات في صفوف الأمريكان.
      علماء طالبان مع بن لادن
      في نهاية عام 1997 وبداية 1998 قرر أسامة أن يستعيد نشاطه فبدأ أولا مع علماء طالبان وباكستان. نجح أسامة في استصدار فتوى من حوالي أربعين عالما من علماء أفغانستان وباكستان تؤيد بيانه لإخراج القوات الكافرة من جزيرة العرب. وزعت الفتوى على نطاق واسع في باكستان وأفغانستان وسربت للصحافة حيث نشرت مقاطع منها جريدة القدس العربي.
      كان أسامة يهدف لشيئين من هذا البيان ، الأول : مشروع إسلامي شامل لتجييش لعلماء المسلمين ضد الوجود الأمريكي في جزيرة العرب على أساس أن هذه التوقيعات ستجمع من جهات وبلاد أخرى ، والثاني : الحصول على غطاء أدبي وشرعي له داخل أفغانستان لأنه قرر إعادة التحرك إعلاميا ولا يريد أن يصبح في موقف الضعيف مع ملا عمر.
      الجبهة الإسلامية العالمية
      صادف هذا التطور -أو ربما كان من أسبابه أو من نتائجه و الله أعلم- تجمع عدد من قيادات الجماعات الإسلامية وخاصة جماعة الجهاد المصرية في أفغانستان وتقاطر عدد كبير من الوفود من باكستان وكشمير على أسامة. أحد هذه القيادات تمكن من إقناع أسامة بتوسيع مفهوم الحرب مع أمريكا إلى قتال لها في كل مكان. وتوسعت القناعة لتشمل بدلا من مقاتلة أمريكا قتل كل أمريكي في سن القتال في كل زمان ومكان ومعهم اليهود. الذين أقنعوا أسامة بالفكرة وضعوا لها مبررين شرعي وسياسي.
      مبررهم أو المخرج الشرعي هو أن الأمريكان يحتلون بلاد الحرمين ولذلك فإن كل أمريكي يعتبر داعم لاحتلال الجزيرة العربية، وبما أن الأمريكان واليهود يقاتلون المسلمين في كل مكان وزمان ويستبيحون دم المدنيين من المسلمين فإن قتل الأمريكان واليهود مشروع أيا كان الزمان والمكان.
      المبرر السياسي هو أن أمريكا أصبحت العدو الأول للإسلام وصارت تتربص بالمسلمين والجماعات الإسلامية الدوائر ولم يعد هناك قوة تنافسها ولذا فإن من الضروري أن يشعر المسلمون أنهم أعداء لأمريكا وأن تتحول هذه القضية لقضية إسلامية أولى في كافة أنحاء العالم الإسلامي.
      تحولت القناعة إلى عمل وذلك من خلال إصدار بيان الجبهة الإسلامية العالمية في فبراير عام 1998 الذي يدعو إلى قتل الأمريكان واليهود في كل مكان وزمان. وقع البيان مع بن لادن عن جماعة الجهاد المصرية الدكتور أيمن الظواهري ورفاعي طه أحد مسئولي الجماعة الإسلامية المصرية كما وقعه رئيس أحد الفصائل الكشميرية وأحد القيادات الباكستانية المشهورة. وزع البيان و نشرته الصحافة وكان علامة تحول كبيرة بالنسبة لأسامة من عدة نواحي.
      أولاً : مثل هذا البيان القفز إلى مشروع عالمي بدلا من التركيز على قضية القوات الأمريكية في جزيرة العرب.
      ثانياً : مثل هذا البيان ما اعتبره البعض تخليا عن الحذر الذي كان يحرص عليه أسامة في الموقف الشرعي والإصرار على توسيع دائرة إباحة الدم.
      ثالثاً : دخول أسامة لأول مرة كطرف في ما يشبه تحالف إسلامي من الجماعات الجهادية بعد أن كان يعمل مع مجموعته ويرفض التحالفات المعلنة مع إقراره لفكرة التعاون والتنسيق دون حلف معلن.
      خلاف مع ملا عمر
      لم يكن ملا عمر راضيا عن هذه النشاطات واعتبرها خرقا للالتزام الأدبي الذي كان بينه وبين أسامة في لقائهما المذكور. أرسل الملا عمر لأسامة يستفسر عن الذي حصل فكان رد أسامة أن الظروف التي كانت سببا للهدوء الإعلامي قد انتهت ولا داعي للاستمرار في الصمت واستخدم أسامة ورقة العلماء لتقوية موقفه وذلك لأن العلماء لدى طالبان لا يرد كلامهم رغم احترامهم جميعا للملا عمر. غضب الملا عمر لكن كظم غيظه وحاول الاستمرار في إقناع أسامة بالصمت. بدلا من الصمت اتخذ أسامة موقفا تصعيديا ودعا إلى مؤتمر صحفي في حدود شهر مايو 1998 رتب له سراً في منطقة قرب الحدود مع باكستان في ضواحي خوست ودعي له عدد محدود من الصحفيين. إضافة لذلك فقد كان أسامة أعطى مقابلة مطولة لمحطة ِABC الأمريكية قبيل المؤتمر بأيام. في المؤتمر وفي المقابلة أشار أسامة إشارة إلى احتمال حصول حوادث ضد الأمريكان خلال فترة قصيرة ولم يحدد أين.
      أرسل الملا عمر إلى أسامة مرة أخرى يعترض على ما حصل و يطلب منه تفسيرا. لم يكن لدى أسامة أي أسلوب يقنع به الملا عمر إلا العلماء وفعلا رد عليه إنه يقبل بتحكيم العلماء. رفض الملا عمر الفكرة ليس عدم اعتبار للعلماء لكن منعا لفتح هذا الباب بحيث كل ما بدا لشخص أن يتمرد يقول نحتكم للعلماء. توترت العلاقات بين الرجلين لكن الملا عمر الذي كان يستطيع منع أسامة من النشاط الإعلامي فضل التحمل والاعتماد على الإقناع إلى أجل مسمى.
      السفارات الأمريكية تتفجر
      بعد تصريحات بن لادن بأنه سيضرب خلال أسابيع بقي الأمريكان في حالة ترقب وقد استعدوا في حالة تأهب قصوى ضد أي هجمات ولكن كل استعداداتهم كانت في المنطقة العربية والخليج و إلى حد ما القرن الأفريقي. وبينما الأمريكان في كامل التأهب أتتهم الضربة في الموقع الذي لم يتحسبوا له، سفاراتهم في كينيا وتنزانيا وذلك حين نسفت السفارتين شاحنتين ممتلئتين بالمتفجرات يوم السابع من أغسطس 1998 .
      ولربما يكون من الأهم التعليق على التناول الغربي للقضية سواء من خلال جهات مسؤولة أو من خلال الإعلام ومراكز البحوث، بدلا من محاولة الغوص في حقيقة الانفجار، لأن آثار هذا الحدث سياسيا وأمنيا واستراتيجيا أهم من نفس الحدث، ويبدو أن انعكاسات مثل هذه الأحداث أهم من ذات الأحداث نفسها لما لها من تأثير خاص وطبيعة خاصة. رغم الحذر الذي ورد على لسان الناطقين الرسميين الأمريكان في وقتها عن اتهام جهات محدودة فإن الجهات الإعلامية والخبراء السياسيين والمصادر الرسمية التي ترفض ذكر اسمها تبرعت بكمية كبيرة من التعليقات والمعلومات والتحليلات التي تساعد في دراسة انعكاسات هذا الحدث. وعند تأمل ما صدر عن تلك الجهات تأملا عميقا يلاحظ الآتي:
      أولا: كانت الحركات الإسلامية أو ما يسمى في الغرب بالأصولية الإسلامية في مقدمة المتهمين، بل إن كل الجهات الأخرى مثل إيران والعراق وليبيا استبعدت بسهولة وتحدثت جهات كثيرة عن الشيخ بن لادن وجماعة الجهاد المصرية، وأشير بشكل كثيف إلى تهديدات بن لادن في مقابلة مع محطة ABC الأمريكية بضربة خلال أسابيع، كما أشير إلى بيان جماعة الجهاد الذي نشر في جريدة الحياة قبل يومين من الانفجار، وربط بين بن لادن والجهاد المصرية من خلال بيان الجبهة الإسلامية العالمية لقتال اليهود والصليبيين الذي كانت تلك الجهتين من بين الموقعين عليه.
      ثانيا: أعادت تلك التفجيرات فتح ملف انفجار الخبر ولم يعلن عن المسؤولين عنه لحد ذلك التأريخ. ولوحظ للمرة الأولى في الصحافة الأمريكية بالنسبة لمسؤولين أمريكان أن أمريكا تعتبر بن لادن مسؤولا عن انفجار الخبر بل وحتى عن انفجار الرياض. وكانت المصادر الأمريكية في السابق تكتفي بالتشكيك بالرواية السعودية عن تورط شيعة وإيران، وتشير إلى احتمالية وجود معارضة داخلية مسؤولة عن انفجار الخبر.
      ثالثا: لوحظ في التعليقات الصحفية والدراسية أن الحادثين ربطا بالوجود الأمريكي في المنطقة عموما وفي المملكة خصوصا وربطا بسياستها مع إسرائيل والعراق ودعمها للحكومات في المنطقة وتعاونها في القبض على مطلوبين من الإسلاميين وتشجيع اعتقال آخرين. من جهة ثانية بدا لهذه القضية أهمية من خلال إحراج الأنظمة العربية المتعاونة مع أمريكا في سياستها ضد الإسلام، حيث ساد شعور لدى تلك الأنظمة أن هؤلاء الجهاديون تجاوزوهم إلى أسيادهم الأمريكان، بمعنى أن لديهم من القدرات اللوجستية أكبر من مجرد مواجهة تلك الأنظمة، وهذا فيه درجة عالية من الإحراج.
      ومع كثرة القرائن على مسؤولية جهات إسلامية معينة عن الحادث إلا أن الجهات المعروفة لم تعلن مسؤوليتها عن الحادث، ولم يخرج رسميا إلى العلن إلا بيان ما يسمى "بالجيش الإسلامي لتحرير المقدسات"، وهو اسم غير معروف من قبل، لكن محتوى البيان يربط مباشرة بالجماعات التي اجتمعت حولها القرائن. فالبيان هاجم السياسة الأمريكية وطالب بمغادرة القوات الأمريكية لجزيرة العرب وطالب بإطلاق سراح الشيخ عمر عبد الرحمن وذهب البيان أبعد من ذلك في تحديد هوية من أصدره بالمطالبة بإطلاق سراح المشايخ المعتقلين في سجون المملكة من أمثال الشيخين آنذاك سلمان وسفر. ولربما تكون الجماعات التي تنفذ مثل هذه الأعمال فهمت آنذاك أن الرسالة يمكن إيصالها دون تبني العمل علنا، فالأمريكان والأنظمة العربية عرفوا من خلا ل القراءة المخابراتية للبيان من يقف خلف القضية، وأما الجمهور فيكفيه أن يقرأ المطالب في البيان دون معرفة الجهة، وإذا كان هناك ما لا تريد هذه الجماعات أن يربط بها من آثار سلبية للحادث فإنها تكون قد تخلصت منه من خلال عدم تبني الحادث بشكل صريح ومعلن.
      الاستنتاج الأخير الذي لابد من الإشارة إليه أن الجهات الإسلامية التي يعتقد أنها خلف الحادثين قد أثبتت من خلال الحادثين أن لديها القدرة اللوجستية والفنية والبشرية على تنفيذ الحادث، وأنها استطاعت استغلال عنصر المفاجأة إلى أقصاه، وأنها استطاعت كذلك التنسيق بين الحادثين وبكمية تدمير هائلة.
      الأمريكان يردون
      لم يتحدث بن لادن علنا بل نقل عنه –نقلا- نفي مسؤوليته عن الانفجار. لكن يبدو أن الأمريكان كان لديهم استنتاج آخر توصلوا إليه منذ الأسبوع الأول بعد الانفجار وهو أن بن لادن مسؤول مائة بالمائة عن الانفجارين سواء اعترف أم لم يعترف. وبناء على تلك المعلومات المزعومة قام الأمريكان بعمليتهم المشهورة في ضرب السودان وأفغانستان. حيث انهالت على السودان وأفغانستان عشرات صواريخ كروز موجهة لضرب هدفين محددين في السودان وأفغانستان. لكن هل كان الرد الأمريكي ذكيا؟
      نظرة ثاقبة في القضية تظهر أن أمريكا أصبحت تنفذ دون أن تشعر أجزاء من فقرات برامج الجماعات الجهادية، ولعل من تقدير الله أن تضاعفت فضائح كلينتون في تلك الفترة حتى يتدخل هذا العامل في توقيت الضربة الأمريكية، ومن ثم تتحول الضربة الأمريكية إلى عامل من عوامل تنامي الغضب والعداء ضد أمريكا في العالم الإسلامي، وهو عين ما تريده الجماعات الجهادية.
      مثل ما استدرجت أمريكا صدام لاحتلال الكويت، وأعطت إشارات سياسية وعسكرية تشجع صدام على دخول الكويت من أجل أن تبرر إنزال وبقاء قواتها وهيمنتها في المنطقة فقد نجحت الجماعات الجهادية في استدراج أمريكا لهذه الضربة لتحقيق ما كانت تتطلع إليه هذه الجماعات من تجييش للرأي العام الإسلامي ضد أمريكا وإثبات ندية هذه الجماعات لتلك القوة العظمى، ومن ثم تبرير صراع طويل المدى مع أمريكا بعد هذا التجييش، بغض النظر عن صحة أو خطأ تلك السياسة.
      لقد كانت الضربة الأمريكية بكل تفاصيلها من حيث التوقيت ونوعية الهدف والطريقة والكمية دليلا على ارتباك وسوء تقدير من قبل الأمريكان، ولا يمكن استراتيجيا أو سياسيا أو عسكريا تفسير هذه التفاصيل. وإذا لم تكن فضيحة كلينتون مع مونيكا وراء هذا التصرف فلا تفسير آخر إلا غلبة العنجهية والغرور على التخطيط والدراسة والحكمة.
      بالنسبة للتوقيت لم تعلن أمريكا قبل الضربة اتهاما صريحا لابن لادن ولم تكن لتستطيع ذلك إلا بعد شهور من التحقيقات، وحتى بعد الضربة استمر المحققون من الكينيين والأمريكان يرفضون توجيه أصابع الاتهام لأحد، ولقد دأبت أمريكا دائما قبل حالة كينيا وتنزانيا على أن لا توجه ضربة إلا بعد أن تحصل على أدلة دامغة ولا تكتفي بالقرائن، ولا يمكن توفير هذه الأدلة الدامغة خلال أسبوعين فقط من حادثي كينيا وتنزانيا. ثم أن مسألة الوقت هامة كذلك لتهيئة الرأي العام العالمي للقبول بفكرة الضربة ـ على الأقل جزئيا ـ وهذا كله لم يحصل. ولذلك فقد كانت الضربة محرجة جدا لحلفاء أمريكا في المنطقة العربية والإسلامية. قارن مثلا بين هذا الاستعجال في توجيه الضربة وبين رفض أمريكا توجيه ضربة لإيران لحد الآن بحجة عدم وجود أدلة مع إن مزاعم السعودية عن الدور الإيراني في الخبر أقوى من أدلة أمريكا عن دور بن لادن في كينيا وتنزانيا.
      أما بالنسبة للأهداف التي اختارتها أمريكا فقد كانت أهدافا مضحكة بل مخجلة، ولقد تبين بعد الضربة مباشرة أن اختيار هذه الأهداف عاد بالكارثة على أمريكا. فمثلا زعمت أمريكا أن مصنع الأدوية في السودان يستخدمه بن لادن لإنتاج السلاح الكيميائي أو على الأقل مقدمات للسلاح الكيميائي، وزعمت كذلك أن اختيار الهدف جاء بناء على معلومات استخباراتية مؤكدة. ومن المعلوم أن اتخاذ قرار بمثل هذه الضربة يعني أن الأمريكان يثقون بتقارير الاستخبارات تلك إلى درجة أنهم يتجاوزون كل المحاذير الخطيرة في هذه العملية. وهذا يعني أنه إذا استطاع السودان أن يثبت أن المصنع لا يتجاوز دوره كمصنع أدوية حقيقي-و هو ما حصل- فسوف تضرب مصداقية المخابرات الأمريكية وتضرب كذلك كل التبريرات الأمريكية لأي ضربة قادمة حيث تتابعت التحليلات عن هذا المصنع إلى أن تبين أن لا دخل له بابن لادن.
      لكن بغض النظر عن دعوى المخابرات فقد كانت الضربة الأمريكية خطأ مركباً. فمن جهة كانت خرقا لدولة ذات سيادة وهذا مناقض لما يسمى بالقانون الدولي والأعراف الدولية وأساليب الأمم المتحضرة كما هي لغة أمريكا نفسها ، وهي قيم تزعم أمريكا أنها حريصة جدا على احترامها. من جهة أخرى كانت الضربة الأمريكية مفاجئة للسودان، حيث لم تصدر أي إشارات سابقة من أمريكا بوجود مثل هذا النشاط في المصنع بل أن أمريكا خففت لهجتها كثيرا ضد السودان خلال الفترة السابقة للضربة مما أعطى انطباعا بأن أمريكا آيست من ربط السودان بما تزعمه أمريكا من الإرهاب. وعلى كل حال يعلم كل المتابعين للحركات الجهادية عموما وبن لادن خصوصا أن علاقاتهم مع السودان قطعت تماما وأن هذه الجماعات غير راضية عن الحكومة السودانية وأنها تعتبرها قد تخلت عن واجب ديني لأجل دفع تهمة الإرهاب، بل أن بعض التيارات الجهادية تذهب إلى أبعد من ذلك فتصنف السودان مثل مصر والسعودية.
      أما الهدف الذي ضرب في أفغانستان فهو كذلك من الأدلة على غباء أمريكي فادح في معرفة الفرق بين الدول والجماعات الإسلامية الجهادية وكذلك الفرق بين أفغانستان والعراق وليبيا. فمن المعلوم أن الجماعات المسلحة لا تعمل مثل الجيوش بمراكز خاصة للقيادة والاتصالات أو مراكز الدعم اللوجستي والذخيرة وهي أهداف تساعد في شل الجيوش إن ضربت بدقة. أما الجماعات الجهادية في أفغانستان فتجدهم أما في خندق أو نفق أو كهف أو خيمة بين الشجر، والعارفون بالوضع في أفغانستان استغرقوا في الضحك على تسمية المسؤولين الأمريكان للهدف المضروب بــ"البنية التحتية لابن لادن". وعلى كل حال فقد كان معظم أتباع بن لادن في أفغانستان موجودون حينها في شمال أفغانستان يحتفلون مع طالبان بانتصاراتهم على دوستم. هذا مع أن عددا كبيرا من اتباع بن لادن ومؤيديه خارج أفغانستان حيث يعلن بعضهم عن وجوده في اليمن والصومال وباكستان والآخر لا يعلن عن وجوده. ولذلك فما يسمى بالبنية التحتية تهويش ومحاولة لإقناع الرأي العام الأمريكي الجاهل فقط.
      من جهة أخرى فإن ضرب أفغانستان من قبل أمريكا أخطر من ضرب السودان لأنه بمثابة إثارة وإغضاب للطالبان وإدخالهم في المعركة ضد أمريكا. ويبدو أن الأمريكان قارنوا أفغانستان بالعراق وليبيا ورأوا أثر الصواريخ هناك فتوقعوا نتيجة مشابهة مع أفغانستان وحصل العكس، حيث أن الأفغان عموما وطالبان خصوصا ينحون إلى التحدي والمواجهة بدلا من الانصياع والخوف، وهذا ما جعل ملا عمر زعيم الطالبان يقسم وقتها بأن يدافع عن بن لادن ولو اجتمعت على حرب طالبان دول العالم. ويبدو أن الأمريكان تضرروا ضررا إضافيا وغير متوقع في استهداف أفغانستان حين تبين أن معظم الضحايا من المجاهدين الباكستانيين في كشمير، وهذا ما دفع زعيمهم لأن يعلن على الملأ في مؤتمر صحفي أنه يعلن الحرب على أمريكا إضافة إلى الهند.
      الطريقة التي عرض بها الأمريكان الضربة إعلاميا ورسميا كانت هي الطريقة التي تستميت من أجلها الجماعات الجهادية، وهي إظهار تلك الجماعات عموما وبن لادن خصوصا كخصم وند حقيقي لأمريكا وكقوة استطاعت أن تجبر أمريكا على التصرف بارتباك وتخبط. بن لادن لم يعد ذلك الشخص الذي تظهره بعض القنوات الأمريكية والغربية وتجادل من أجل الإقناع بأنه قوة يحسب حسابها، بل أصبح الآن البعبع الأول لأمريكا حسب تصريحات الرئيس الأمريكي والمسؤولين الأمريكان أنفسهم، ولقد شاهد الملايين في العالم الرئيس الأمريكي ووزير الدفاع ورئيس الأركان يحرصون على ذكر أسامة بن لادن في خطبهم وأجوبتهم للصحافة من أجل تبرير الضربة. هذا التصوير وتلك الطريقة أعطت زخما قويا للمحسوبين على التيار الجهادي وخاصة أتباع بن لادن و رفعت معنوياتهم و أشعرتهم كما لو كانوا قوة عظمى في مواجهة أمريكا، بل بدت تلك الضربات المستعجلة الخاطئة بمثابة دليل لهم على أنهم أفقدوا أمريكا صوابها فأصبحت تتخبط ولا تدري أين تضرب.
      أما بالنسبة للرأي العام العربي والإسلامي فالقصة ليست بعيدة، حيث يعيش الناس أزمة بطولة وأزمة تضحيات وهم في انتظار من يشبع الشعور بالانتقام والتحجيم لأمريكا وإرهابها كما أرهبت المسلمين وضايقتهم في فلسطين والعراق والجزيرة وأفريقيا وتركيا وأماكن أخرى، ولذلك فقد كان منظر المسؤولين الأمريكان وهم يعترفون من خلال تلك الضربات بارتباكهم وخوفهم من بن لادن، كان ذلك بمثابة إشباع لهذا الشعور ورفع شعبية بن لادن، خاصة أن بن لادن ليس ممن يمكن أن يتهم بالعمالة مثل خصوم أمريكا المزعومين من حكام الدول العربية، فهذا الرمز الجديد تاريخه مختلف تماما عن تاريخ أولئك الزعماء أمثال القذافي وصدام، وإذا أعلن مواجهة أمريكا فلا يشك أحد في صدقية هذا الإعلان. وقد لوحظت هذه الآثار عمليا بعد الضربة حيث لم يعد من الحرج الأمني في كثير من البلاد العربية التصريح بالإعجاب بابن لادن وتأييده، أما في باكستان والمشرق الإسلامي فقد تجاوز الناس مجرد الإعجاب إلى اعتباره قائدا ومخلّصا للأمة الإسلامية من هيمنة الأمريكان، وخرجت المظاهرات بصوره المرفوعة هناك.
      مما ينبغي معرفته كذلك أن الذين عاشوا مع بن لادن والمجاهدين العرب ومن تمكنوا من مقابلة بن لادن حتى من غير المسلمين يثبتون حقيقة هامة وهي أن هذا الرجل والمنضوين للجماعات الجهادية يعتبرون الموت في حربهم مع أمريكا من أعظم الأماني، ولذلك فلا يمكن اعتبار هذه الضربات ذات أثر في تخويف أو إرهاب تلك الجماعات، فلقد عاشوا سنين طويلة تحت القصف الروسي والشيوعي وخاضوا معارك كثيرة وشرسة مع الروس وغيرهم إلى درجة أنهم أدمنوا على هذه الأصوات ويجدون صعوبة في النوم بدونها كما يصفهم أحد الذين رافقوهم.
      خاسر آخر في هذه المعمعة هو الحكومات العربية التي تعيش تحت كنف أمريكا، فلقد بدت هذه الحكومات حقيرة صغيرة بين قوتين عظميين أمريكا وبن لادن. وكأننا بتلك الحكومات عاشت حرجا شديداً أمام هذه الضربات الأمريكية فلا هم الذين أمكنهم تأييدها فيثبتوا العمالة المطلقة، ولا هم الذين أمكنهم استنكارها فيظهروا اعترافا غير مباشر بابن لادن. ولقد تبينت هذه المشاعر في الإعلام السعودي من خلال التجاهل الكامل من قبل التلفزيون والإذاعة و الصحافة الدخلية في المملكة حيث أورد خبر الضربات مقتضبا دون أي إشارة لابن لادن. أما الصحافة السعودية في الخارج التي لا يمكن أن تتجاهل بن لادن، فقد سمح لها بذكر بن لادن بشرط أن لا يوصف بأنه سعودي.
      طالبان من جهتهم شعروا بعد الانفجار الأول وقبل الضربة الأمريكية بحرج شديد ولكن الأمريكان أنقذوهم من الحرج من خلال الضربة الغبية خاصة وأن الضربتين تزامنت مع دخول الأفغان العرب الذين يتبع معظمهم بن لادن مع طالبان في معركتهم ضد دوستم في شمال أفغانستان وكان لهم دور كبير في القضاء الكامل على دوستم بعد أن كان الهجوم الأول من قبل طالبان لوحدهم غير موفق. وخلال تلك الفترة حاول الأمريكان مرة أخرى التفاوض مع طالبان حول بن لادن ورفض الملا عمر التفاوض معهم، وعندها اكتفوا بإرسال رسالة للملا عمر يشرحون فيها مطلبهم وهو حرص الولايات المتحدة على أمنها وأمن مواطنيها وأن ذلك هو سبب حديثهم مع طالبان، واكتفى ملا عمر بالرد عليهم بأنهم إن كانوا جادين في طلب الأمن لأنفسهم فليخرجوا من العالم الإسلامي وخاصة جزيرة العرب.
      هل كان لدى الأمريكان خيار آخر؟
      نعم كان لديهم خيار أحكم بكثير، لكن الله سبحانه لم يحرفهم عنه فحسب بل أراد لهم أن يضخموا قضية بن لادن تغطية لفضائح كلينتون. هذا الخيار الآخر الذي كان من الممكن أن يحاصر به بن لادن و الجماعات الجهادية و لم يهتد إليه الأمريكان هو الصبر و التحمل وتضخيم صورة الأبرياء الذين قتلوا في انفجاري كينيا وتنزانيا وخاصة المسلمون منهم وإظهار بن لادن والجهاديين على شكل متعطشين للدماء نشاز بين المسلمين أنفسهم لا يهمهم حتى قتل أبناء جلدتهم من أبرياء المسلمين. ولربما كان هناك لدى الأمريكان فرصة للاستفادة القصوى من المؤسسات الدينية في مصر والمملكة لتشويه صورة هذه الجماعات من خلال ربطها بقتل العشرات من المسلمين الأبرياء فقط لأجل قتل بضعة أمريكان و إظهار تلك الجماعات كآخر من يلتزم الشرع. و لو صبر الأمريكان وتحملوا وقع الضربة ومضوا في ذلك الاتجاه لأصبح بن لادن والجماعات الجهادية في وضع حرج مع الشعوب ومع الطالبان لأن ذلك العمل الذي يستطيع الأمريكان التشكيك في شرعيته إسلاميا من خلال المؤسسات المذكورة يقضي على جزء كبير من شعبية تلك الجماعات ويظهر أمريكا على أنها مظلومة ومتحامل عليها بغير وجه حق. لكن الذي حصل أن هذا الخيار قد حرم منه الأمريكان إلى درجة لا يمكنهم التراجع واستعادته لأنهم مضوا بعيدا في تضخيم رد الفعل وتضخيم حجم بن لادن وإثبات أنه أوجعهم وآذاهم.
      أمريكا تشن حملة على "أعوان بن لادن"
      في الاسابيع التي تلت حادثتي التفجير والرد الأمريكي شرعت أمريكا في حملة اعتقالات لبعض العرب والمسلمين بحجة علاقتهم بابن لادن . وكانت طريقة الإعلان التي صارت تستخدمها امريكا تشبه طريقة بعض الدول العربية التي ما إن تعتقل أو تقتل "أمير جماعة" حتى يظهر "أمير جماعة" آخر وتعتقله أو تقتله ويتبين أن الأمراء في تلك الجماعات أكثر من الأفراد !!.
      هذا هو الأسلوب الذي استخدمته أمريكا في تحسين صورتها في تتبع شبكة بن لادن المزعومة، فكل يوم يظهر علينا سكرتير خاص، ومدير أعمال، و"شخصية مركزية" في عمليات بن لادن. وقد استثمرت الحكومة الأمريكية جهل الشعب الأمريكي، وضخمت القضية من أجل التعويض عن عجزها في حرب "الإرهاب" ومتابعة بن لادن.أما بن لادن نفسه فقد بقي تلك الفترة تحت حماية الطالبان خوفا من عملية اغتيال أو خطف مفاجئة، وقد نفى الناطق الرسمي باسم الحركة وقتها إشاعة أن يكون بن لادن تحت الإقامة الجبرية وأكد أنه يتمتع بحرية التنقل في كافة أنحاء أفغانستان.
      السعودية لم تيأس
      لم تتوقف محاولات الحكومة السعودية في الضغط على طالبان بتسليم بن لادن ومن أجل ذلك لجأت الحكومة السعودية إلى آخر سهم في كنانتها وهو إرسال أكثر الأمراء السعوديين خبرة بأفغانستان تركي الفيصل. توجه تركي الفيصل بصحبة عبدالله التركي وزير الشؤون الإسلامية وسلمان العمري القائم بالأعمال السعودي في كابل.
      في قندهار قابل الوفد الملا عمر وطلب تسليم بن لادن لأمريكا ودارت بين الوفد السعودي وبين طالبان ملاسنة حادة قال فيها الملا عمر أنهم إذا كانوا يتحدثون باسم أمريكا فلا يلومونه إذا قال إنه يتحدث باسم بن لادن. وكانت عبارة ملا عمر هذه من باب الاحراج للوفد الذي طلب تسليم بن لادن لأمريكا وإلا فإنه لم يكن موافقا مع بن لادن في توجهانه الأخيرة. وفي اللقاء ادعى تركي الفيصل أنه قَدِمَ بناء على طلب من الملا عمر من أجل استلام بن لادن، فأنكر ملا عمر وجود هذا الوعد، بل انتقد شرعية مثل هذا الطلب أصلا، فاشتد النقاش بين الطرفين إلى درجة أن الملا عمر وجه كلاما خشنا للوفد السعودي تردد المترجم في ترجمته فنهره الملا عمر وأصر على ترجمته حرفيا. وقبل أن ينصرف تركي الفيصل طلب منه الملا عمر أن يصطحب معه القائم بالأعمال السعودي لأنه كذا وكذا ! وبعد عودة تركي الفيصل إلى الرياض أرسل بطلب اعتذار من الملا عمر فرفض الملا عمر ورفض إعادة القائم بالأعمال السعودي فقرر السعوديون إبعاد القائم بالأعمال الأفغاني في الرياض.
      السعودية تطرد ممثل طالبان
      في نهاية سبتمبر من نفس العام قررت الحكومة السعودية طرد ممثل طالبان دون تبرير رسمي ولكن هذه الأسباب تبينت فيما بعد من خلال الطالبان أنفسهم و هو باختصار ما ذكر أعلاه من رفض الحركة كل المطالب السعودية بتسليم أسامة بن لادن أو تحجيم نشاطه أو تسليم غيره من"الأفغان العرب" الموجودين عند طالبان.من الناحية الرسمية لم يصدر شيء إلا تصريح يتيم خجول من مصدر مسؤول رفض ذكر اسمه حسب رواية وكالة الأنباء الفرنسية في حينها.
      فلتة لسان سعودية : انفجار الخبر من عمل بن لادن
      كان تصريح المسؤول سعودي المذكور لوكالة فرانس برس قد كان بمثابة زلة لسان بلعها المسؤول السعودي وعلم بعد ذلك أن ذلك المسؤول تعرض لتأديب على التسريب. كان التصريح يقول أن سبب طرد ممثل طالبان هو عدم تعاونهم مع الحكومة السعودية في تسليم مطلوبين من بعض أتباع بن لادن من المقيمين عند طالبان رغم وجود أدلة على تورطهم في حادث انفجار الخبر. وكانت هذه الزلة أول مرة تشير فيها جهة سعودية إلى أن المسؤولين عن انفجار الخبر من أتباع بن لادن بينما كانت واستمرت تدعي أن المسؤولين عن الحادث شيعة.
      طرد سفير طالبان هو الوضع الطبيعي
      ولم يكن قرار الحكومة السعودية طرد ممثل طالبان غريبا بقدر ما كان اعترافهم السريع بطالبان مثيرا. ولربما كان الاعتراف الأول بالطالبان قائما على تقديرات خاطئة مفادها أن هذا الكيان الجديد يجب أن يُحتضن في النظام العالمي الجديد ويدخل كنف أمريكا، وليس هناك أفضل من المملكة لإدخاله بسبب ثقلها الروحي في العالم الإسلامي، وبسبب خبرتها ونفوذها في الجهاد الأفغاني في السابق. ولقد قررت الحكومة السعودية التعامل مع الطالبان بطريقة هي نسخة عن التعامل مع زعماء الأحزاب السابقين اعتقادا منهم أن الطالبان أفغان مثل الأحزاب السابقة والأسلوب الذي نجح مع الأحزاب سينجح معهم. ولذلك حاول حكام المملكة تجاهل قضية بن لادن في البداية وتبرعوا بلا مقابل بالاعتراف كتفضل على الأفغان الذين سيحرصون على رد هذا الفضل "الكبير".
      ولقد تجاوزت الحكومة السعودية تلك الخطوة إلى دعوة زعماء الطالبان للحج والعمرة كضيوف رسميين على الدولة السعودية، وعرض على عدد من قيادييهم بعض المغريات التي تستهوي البشر، كما حاولت الحكومة السعودية استخدام النفوذ الديني بإرسال بعض العلماء أو رسائل من المشايخ للتأثير على مواقف طالبان. وكان كل أمل الحكومة السعودية أن يقبل الطالبان التعامل مع بقية العالم على أساس "باكستاني ـ سعودي"، أو على الأقل يقبلون بالمطالب الدنيا للحكومة السعودية بتسليم أو تحجيم بن لادن. أيا من ذلك لم يتحقق رغم تكرار المحاولات السعودية، لم ينقطع الأمل عند الحكومة السعودية وحاولوا التأثير من خلال بعض الشخصيات التي اعتبروها أجنحة مرنة في الطالبان لكن كانت النتيحة سلبية. ولذلك فقد تورط السعوديون فلا هم الذين احتووا طالبان ولا هم الذين سلموا من تهمة التعاون أو التعامل معهم بعد مواجهتهم لأمريكا، وكان لا بد من التخلص من هذه التهمة بعد أن أصبحت العلاقة مع الطالبان عديمة الجدوى فكان قرار الطرد، وعلى الأرجح فإن التوقيت كان له علاقة بزيارة الامير عبدالله لواشنطن حيث صدر القرار قبل وصول الامير عبدالله لواشنطن بيوم واحد، وكان القرار بمثابة تبرئة لساحة الحكومة السعودية من العلاقة مع طالبان الذين يؤوون العدو الأول لأمريكا: بن لادن، ولم يكن من اللائق أن يحل الامير عبدالله ضيفا على الأمريكان بينما تبقى بلاده راضية عن طالبان مصدر "الارهاب".
      بن لادن ينقذ كابل مرة أخرى
      على مستوى بن لادن و"الافغان العرب" حصل تطور ظريف تزامن مع تلك الأحداث أدى إلى تقوية موقفهم عند الطالبان حيث تمكنوا من حماية إحدى جبهات كابل أمام أحمد شاه مسعود عند انشغال الطالبان بجبهات باميان حيث الشيعة والشمال حيث دوستم. وكان أحمد شاه مسعود الذي يعتبر قائدا ميدانيا محنكا قد لعب لعبة عسكرية ناجحة في استثمار خلو الجبهة من جنود طالبان. المجاهدون العرب كانوا خفيفي الحركة وكان لهم تجمع قريب من شمال كابل حيث الجبهة المواجهة لأحمد شاه مسعود. ولقد كان بلاء العرب في تلك المعركة لا يكاد يصدق حيث صمد في وجه مسعود ومنعه من دخول كابل حوالي خمسين من العرب فقط ، ولعل المتابعين للشأن الافغاني لاحظوا ان مسعود منذ ذلك الحين بدأ يطلق التصريحات ضد بن لادن بينما كان يتجاهله في الماضي. وحصل تطور آخر على مستوى المجاهدين العرب هو انضمام جنسيات أخرى غير عربية من الباكستانيين وبنجلاديش وطاجيكستان وأوزبكستان ودول أخرى ومعظمهم أو كلهم تقريبا يشعر بتبعية لابن لادن.
      الصحافة السعودية تقلب مع الحكومة
      ما إن صدر القرار السعودي بقطع العلاقة الدبلوماسية مع طالبان حتى انقلبت الصحافة السعودية على طالبان وفتحت قاموسها على طريقة الإعلام العربي الثوري في الستينات. وبقدرة قادر تحول من كانوا يوصفون من قبل نفس الصحافة في فترة الرضا بأنهم طلبة علم يطبقون الشريعة ، تحولوا إلى مرتزقة وقطاع طرق وتجار مخدرات ومراكز للإرهاب الدولي والتخلف الحضاري. صحف أخرى لم تهتم بهذا الجانب بقدر ما اهتمت بقضية بن لادن وأبرزت طالبان كجماعة نفعية تحمي بن لادن اليوم لمصالح مؤقتة وتبيعه غدا، وزعمت جريدة " الشرق الأوسط "حينها أن ملا عمر قد حنث بيمينه وسوف يسلم بن لادن والقضية قضية وقت.
      طالبان يعدمون جاسوسا من قبل السعودية
      توقعات جريدة " الشرق الاوسط " كانت خائبة إلى درجة أن طالبان فاجأوا العالم بإعدام شخص محسوب على السعودية جاء مكلفا من أحد الأمراء كما تقول مصادر طالبان لقتل بن لادن. قبضت طالبان بالتعاون مع مجموعة بن لادن على عدد من المرتزقة بينهم أشخاص من بلد بن لادن يخططون لعمليات تخريب في أفغانستان ويخططون كذلك لاغتيال بن لادن حسب رواية طالبان. ومن بين المعتقلين أفغان وباكستانيين وعرب إضافة إلى أشخاص من بلد بن لادن. وتبين من خلال التحقيق معهم أنهم أرسلوا من قبل الامير الذي يحمل ملف أفغانستان وباكستان.
      والدة بن لادن تُحشر في اللعبة
      رغم فشل زيارة تركي الفيصل لم ييأس السعوديون و قرروا استخدام وسيلة أخرى ليس لها علاقة بالطالبان وهي الضغط مباشرة على بن لادن. كانت والدة بن لادن ممنوعة من السفر وحرمت من زيارته عندما كان في السودان وكانت الحكومة السعودية تعلم انه في أشد الشوق إليها فعمدت إلى ترتيب زيارة خاصة لوالدته بطيارة خاصة تقلها إلى قندهار من أجل الضغط عليه وابتزازه بها. وفعلا نقلت والدة أسامة مع زوجها الذي كان من عائلة العطاس وهي عائلة حضرمية معروفة. وصلت الأم وقابل أسامة والدته فعلا بعد أن لم يرها سنين ولا غرابة أن كان اللقاء عاطفيا رقيقا لكن بن لادن كان واضحا تماما أن قضاياه ليست مطروحة للنقاش رغم الابتزاز. وعادت الوالدة المكلومة بعد أن كحلت عينها برؤية ابنها أسامة لكن لم تحقق لمن أرسلها مع وجها أي مطلب..

      الرجاء التثبيت
      مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
      كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

      تعليق


      • #4
        سيرة حياة الشيخ المجاهد ابي مصعب الزرقاوي رحمه الله

        بسم الله الرحمن الرحيم

        الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
        سيرة حياة الشيخ المجاهد...زعيم تنظيم الجهاد في بلاد الرافدين, امير الذباحين ابي مصعب الزرقاوي حفظه الله.
        نشأته:
        ولد الشيخ ابومصعب الزرقاوي واسمه الحقيقي احمد فضيل نزال الخلايلة في 20-10-1966 في مدينة الزرقاء ذي الاغلبية الفلسطينية والتي تعد ثاني اكبر المدن الاردنية....
        و كلمة الزرقاوي تعود الى اسم هذه المدينة الفقيرة -الزرقاء-
        يعود اصل الشيخ الى عشيرة بني حسن الاردنية وهي تعد من اكبر العشائر الاردنية والتي تنتشر في محافظة الزرقاء و المفرق ؛وللاسف فان هذه العشيرة -ممثلة بشيوخها- تدين بالولاء للنظام الملكي المرتد ومنهم وزراء و قادة عسكريين كبار ولقد تبرأ شيوخ العشيرة من الشيخ المجاهد ابي مصعب الزرقاوي طلبا لرضى الطاغوت الحاكم..
        اما ان سألتم عن الحي الذي ولد فيه الشيخ فهو حي معصوم؛من افقر احياء مدينة الزرقاء ...البيوت فيه ملتصقة ... مزدحمة يتخللها الزقاق ..غير مدهونة الجدران
        وفي ذلك معجزة ارادها الله: ان يكون زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن من اثرى العائلات ويكون اميره في العراق من افقرها وفي هذا دليل على ان الجهاد ليس له علاقة بالمستوى المادي بل هو ثمرة عقيدة اسلامية
        كانت طفولة الشيخ لاتختلف كثيرا عن اقرانه بل ان الالتزام الديني لم يبدأ الا بعد ان اصبح يافعا
        بدأ بالالتزام في الصلاة في مسجد الفلاح المجاور لمنزله ؛ولقد كانت عودته لدين الله صادقة وكان يكثر من زيارة مقبرة حي معصوم القريبة لمنزله مستخلصا منها حقيقة الحياة
        ابومصعب الزرقاوي متزرج وله اربع اطفال : امينة وعمرها 12 سنة و روضة و عمرها 9 سنوات و محمد وعمره 7 سنوات و ابنه الاصغر الذي كان يحبه الشيخ ايما حب ولعل اسمه (ابو مصعب) يعود له: مصعب وعمره 5 سنوات .
        اكمل الزرقاوي تعليمه حتى التوجيهي - الثانوية العامة- وعمل لمدة شهر في بلدية الزرقاء ومازال ملفه موجود في تلك البلدية ...ومن ثم بدات رحلة جهاد الشيخ..

        لم يكن يدور في خلد احد ان ابن الزرقاء الفقير احمد سيصبح يوما ما اميرا لاكبر تنظيم جهادي في العالم الاسلامي وان مجلة التايمز الامريكية ستعده من اهم مئة شخصية في العالم على الاطلاق... بل ان مجرد صور جديدة تخرج لاحمد الفقير ستصبح عنوانا للصحف العالمية في مختلف ارجاء المعمورة
        جهاده:
        بعد ان نضج الوعي الاسلامي في قلب ابي مصعب الزرقاوي سافر الى مدينة بيشاور الباكستانية ومنها عبر الى افغانستان ليشارك في آخر مراحل الجهاد الافغاني ضد فلول الروس
        شارك ابومصعب الزرقاوي في تلك المعارك الى جانب قلب الدين حكمتيار و جلال الدين حقاني ...وعندما قطعت ساق احد المجاهدين الذي كان يعمل كمخابر للجهاد لم يتأخر ابومصعب الزرقاوي في عرض اخته للزواج منه ...وقبل الاخ المجاهد العرض و اقيم حفل زواج التقط فيه الفيديو الوحيد للشيخ المجاهد ابي مصعب الزرقاوي وذلك في مدينة بيشاور ...بوابة العرب الى الجهاد الافغاني ..ولقد حضر حفل الزفاف الدكتور حمدي مراد -اردني- والذي اصبح الان من علماء السلاطين في الاردن .
        يعيش زوج اخت الشيخ الزرقاوي الان في الاردن وهو تحت مراقبة شديدة من قبل المخابرات الاردنية وقد تعرض للاعتقالات مرات عديدة غير آبهين باعاقته .

        ولقد اصيب الشيخ ابومصعب بخيبة امل كبيرة بالفتنة التي حدثت بين المجاهدين الافغان ,فقرر الابتعاد عنها وعاد الى الاردن , لكن نفسه الابية لم تطق ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من اضطهاد غرب النهر , فحاول ارسال السلاح مع بعض الاخوة الى الضفة الغربية ولكن محاولته لم تتكلل بالنجاح وقبض عليه مع بعض اخوانه ومن اهمهم الشيخ ابو محمد المقدسي رفيقه في السجن
        رفض الزرقاوي و ابومحمد المقدسي ان يوكلوا محامين عنهم في ما سمي (بيعة الامام) معتبرين ان النظام الحاكم مرتد ولايجوز الاحتكام الى قوانينه الوضعية بل لقد صرخوا في وجه القاضي الذي كان يحاكمهم قائلين:
        أأنتم تحاكموننا ؟والله انا لنحاكمكم لترككم الاحتكام الى ما انزل الله
        يا ايها القاضي :تب الى الله توبة نصوحة ولا تنسى يوم تقف امامه عزوجل وقفتنا امامك والملك يومئذ لله
        وحكم على الشيخين و رفاقهما بخمس عشرة سنة قضوا منها اربعة سنين قبل ان يخرجوا بعفو عام اصدره الملك عبدالله اثر وفاة ابيه الطاغوت الملك حسين -عليه من الله ما يستحق -
        لم تمر هذه السنين الاربع على شيخنا مرور الكرام ,بل استفاد منها خير افادة فحفظ القرآن الكريم كاملا و تفقه في دينه مستفيدا من صحبة الشيخ السلفي الجهادي ابي محمد المقدسي .
        يتحدث الشيخ المقدسي عن سنين السجن قائلا: لقد كانت سنين سجننا خلوة و سياحة فلقد كنا نستغل وقتنا في الدعوة الى الله وجمع السلفيين الجهاديين حولنا ولقد قاموا بنقلنا الى سجون عديدة املا في قطع الصلة بينا حتى اوصلونا الى سجن الجفر الحدودي وكلما نقلنا الى سجن بدأنا دعوتنا من جديد لينضم الى دعوتنا نزلاء جدد...
        اما ليث شبيلات المعارض الاردني البارز والذي رافق شيخنا في الزنزانة فيقول عنه:لقد كان رجلا لا يرضى الدنية وكثيرا ما تشابك بالايدي مع سجانيه .
        كان الشيخ ابومحمد المقدسي يرغب في بقاء الزرقاوي في الاردن بعد خروجه من السجن للعمل في داخل الاردن ولكن ابومصعب الزرقاوي فضل الهجرة الى افغانستان لاكمال مسيرة الجهاد
        سافر الشيخ ابومصعب الى مدينة هيرات الافغانية وانضم لمعسكر المجاهدين فيها لكنه لم يبايع طالبان كما فعل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن بل فضل العمل لوحده..وربما كانت عقيدة حركة طالبان الاشعرية تتعارض مع عقيدة الشيخ ابي مصعب الزرقاوي السلفية وان كان الشيخ اسامة بن لادن قد تجاوز هذا الفرق على اعتبارهم انهم-اي حركة طالبان - من اهل السنة و الجماعة.
        قربت احداث الحادي عشر من ايلول بين الرجلين المجاهدين ابي مصعب الزرقاوي و اسامة بن لادن حفظهما الله ,وقاتلا قواة التحالف الصليبي ومن معهم من المرتدين جنبا الى جنب...ولقد توجه الشيخ الزرقاوي من مدينة هيرات الى قندهار جنوب افغانستان ومعه حوالي اربع مئة سيارة من نوع بك اب مملوءة بالمجاهدين من اتباعه ولقد كانت طائرات F16 تحلق فوقهم ولكن الله حفظهم بحفظه .
        اللحظة التي كاد ان يستشهد فيها شيخنا الزرقاوي:
        في قندهار ,شارك ابو مصعب الزرقاوي في اجتماع امني مع قادة من طالبان و تنظيم القاعدة ابرزهم المجاهد خالد الشيخ -فك الله اسره- وبعد الخروج من الاجتماع استخدم المجاهد الكويتي خالد الشيخ جهازه النقال لاجراء مكالمة هاتفية استمرت سبع دقائق وبعدها بخمس عشر دقيقة جاءت الطائرات لتضرب المنزل الذي عقد فيه الاجتماع وعندها بقي الشيخ تحت الانقاض الى خاصرته ولقد غامر المجاهدون في اسعافه بالرغم من علمهم ان المنزل هدف و انه سيقصف مرة اخرى لرغبة الامريكان في التحقق من ضرب الهدف
        لم يفقد الزرقاوي قدمه كما ادعى الامريكان و انما اصيب اصابات سطحية في خاصرته لم تمنعه من مواصلة مسيرته الجهادية.
        الطريق الى العراق:
        توجه الزرقاوي و عددا من رفاقه يقدرون ب1500 مجاهد الى العراق مرورا بايران ولقد اعتقل عدد من اصحابه على يد القوات الايرانية
        لقد كانت رحلته الى العراق متعبة الا ان اصدقاءه من المجاهدين في كردستان العراق ساعدوه في الوصول الى ما اراد وابرزهم القائد دغلس الذي نعاه الزرقاوي في احد خطاباته اثر استشهاده في قصف امريكي لمخيم انصار الاسلام في اول ايام الحرب على العراق .
        جهاده في العراق :
        وصل الزرقاوي الى بغداد ابان الحكم البعثي ولقد كان يتخفى من الشرطة العراقية لمعرفته بعدم ترحيب البعث الكافر به او باي سلفي جهادي ..وفي هذا تفنيد للكذب الامريكي من ان صدام اتصل بالقاعدة عن طريق الشيخ الزرقاوي وذلك بايوائه في بغداد وعلاجه في احد مستشفياتها كما ادعوا و افتروا
        لم يقاتل الزرقاوي الامريكان حتى سقوط بغداد في 9-4-2003 وذلك لنفوره من البعث الكافر ورايته العمية و علمه ان الحرب التقليدية لا تجدي مع الامريكان
        اختزل الزرقاوي جهده و ذكاءه الى ما بعد سقوط بغداد
        بدا الزرقاوي حربه على الامريكان مع من معه من المجاهدين , كانوا يعملون في تنظيم بدون اسم , والتحق بهذا التنظيم العديد من المقاتلين القادمين من الاردن و سوريا ولقد كان لابي الغيداء السوري -طبيب اسنان- دور في التنسيق و التخطيط لذلك
        ولعل ابرز من التحق بهم هو الشيخ المجاهد العالم الحافظ ابو انس الشامي -اردني من اصل فلسطيني ومن سكان عمان - و لقد اصبح رئيس الهيئة الشرعية في التنظيم فيما بعد, اقترح ابو انس الشامي رحمه الله على شيخنا ابومصعب الزرقاوي ان يسمي تنظيمه باسم لكي لا يتسنى للبعثيين سرقة جهود المجاهدين و نسبها لهم ,فوافق الشيخ ابومصعب و سمى التنظيم باسم (جماعة التوحيد و الجهاد) وهو اسم موقع الانترنت الذي يرجع للشيخ ابومحمد المقدسي واسمه منبر التوحيد و الجهاد .
        فرح الشيخ ابومحمد المقدسي بانضمام ابي انس الشامي لابي مصعب ولقد كان يعرف ابا انس الشامي ايضا من نفس الجمعية التي يعمل بها في عمان - جمعية النور الاسلامية- ولقد كان الشيخ ابوانس شديد الحب لاسامة بن لادن و طالبان وهو ما لعب دورا في مبايعة ابو مصعب الزرقاوي للشيخ المجاهد اسامة بن لادن فيما بعد.
        حكم بالاعدام مرتين في الاردن:

        بعد اغتيال الدبلوماسي الامريكي (فولي ) في عمان اتهم الزرقاوي بقتله و حكم عليه بالعدام غيابيا في عام 2002 ...
        ولقد تأذى الزرقاوي من مطاردة اجهزة المخابرات الاردنية للمجاهدين في العراق وغيرها من الثغور فأرسل مجموعة بقيادة عزمي الجيوسي ليدكوا وكر الشر في الاردن ولكن العملية احبطت واعتقلت المجموعة و استشهد بعض افرادها ممن كان مسلحا لحظة الاعتقال وظهر عزمي الجيوسي على شاشة التلفاز الاردني ولقد ظهرت عليه آثار التعذيب ليعترف اكراها على انه كان يعد لهجوم كيماوي يتسبب بمقتل 80,000 اردني !
        ولكن المجموعة تماسكت فيما بعد و كبرت اثناء محاكماتها و هللت و هددت حتى ان احد المجاهدين المتهمين قال للمدعي العام : ساحضر لك الزرقاوي ليقطع راسك -فك الله اسر اخوتنا-
        وحكم على الزرقاوي مجددا بالاعدام و كان القضاء الاردني سيتمكن مما عجزت عنه امريكا بكل جبروتها الا وهو القبض على البطل المجاهد ابي مصعب الزرقاوي .
        كان للشيخ ابي محمد المقدسي موقفا من عمليات الزرقاوي التي كان ينويها في الاردن ...فقال له في نصيحة للمجاهدين في العراق نشرت على الانترنت من زنزانته في الاردن:
        انصح الزرقاوي بعدم التسرع بنقل المعركة خارج العراق قبل التمكن هناك فتكثير الاعداء في الوقت الراهن ليس من مصلحة الجهاد في بلاد الرافدين والاموال التي اهدرت في عملية المخابرات الاردنية كان المجاهدون في العراق احوج لها وكذلك انصح اخوتي المجاهدين بعدم استهداف الحسينيات و المدنيين الشيعة ابتداء لان تأجيج هذه الحرب في الوقت الراهن ليس من المصلحة الشرعية - نقل بالمعنى-
        ولست يا اخوان بصدد نقاش ما قاله المقدسي هنا -فك الله اسره-
        بطولات تنظيم التوحيد و الجهاد -تنظيم القاعدة - في العراق:
        ان المجموعة التي يتزعمها الشيخ الزرقاوي هي الاقوى على الساحة العراقية , فبدءا بالعمليات الاستشهادية اليومية على الامريكان و الحرس الوثني الى ضرب القوات الايطالية في الناصرية و اغتيال باقر الحكيم ورئيس المجلس الوطني المؤقت عزالدين سليم ورئيس منظمة الامم المتحدة في العراق سيرجيو ديمليو ...
        الا ان الصدى الاقوى كان لما احياه الشيخ ابومصعب الزرقاوي من سنة الذبح ..فلقد صعق الراي العام الغربي عندما رؤوا زعيم جماعة التوحيد و الجهاد يقف امام الكميرات بنفسه ليذبح العلج الامريكي نيكولاس بيرغ ردا على جرائم ابي غريب و طلبا لتحرير النساء المعتقلات في سجون الصليب.



        ولقد كررها الشيخ الذباح مع اولين ارمسترونغ ونحره بيده الكريمة ..ليترك بقية العلوج ليذبحوا بيد زملائه.
        هدف ابي مصعب الزرقاوي :
        ليس هدفه تحرير العراق من رجس الصليبيين و حسب بل يذهب شيخنا الى ابعد من ذلك..فهو يحلم بخلافة اسلامية راشدة على منهاج النبوة تحيي الحكم بما انزل الله
        ولعل هذا الحلم المشترك و النضوج الكبير الذي وصل له حبيبنا الذباح ودور ابي انس الشامي في التقريب بين المجاهدين ..فعل ابومصعب الزرقاوي مالم يفعله في افغانستان فبالرغم من حبه لاسامة بن لادن كمجاهد الاانه لم يبايعه في افغانستان ليبايعه في العراق اميرا له و لتنظيمه ليصبح الاسم تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين وليعلنها الشيخ عالية: انا مع اسامة حيث كان .وفرح المجاهدون بلم الشمل و توحيد الراية فرحا كبيرا...
        محطات حزن في حياة الشيخ ابي مصعب الزرقاوي:
        لعل اكثر ما يحزن امير الذباحين ابامصعب الزرقاوي هو استشهاد الاحبة من حوله , فهذا الذباح يملك قلبا رقيقا على اصحابه شديدا على اعدائه يصدق فيه قول الله تعالى ((اشداء على الكفار رحماء بينهم ))
        ولقد اصيب الزرقاوي بمقتل القائد دغلس و ابي انس الشامي و اخيرا اسد الفلوجة عمر حديد العراقي وغيرهم كثير وهذه بعض الكلمات التي قالها في نعي اخيه ابي انس الشامي والتي تستشعر منها مدى رقة الرجل ووفائه لاخوته :

        وصل خبر مقتله
        ولم اصدق ذا بادئ ذي بدئ
        وبقيت بين الرجاء و الخوف
        حتى جاء الخبر اليقين
        ذكريات تلقي بظلالها
        كلما تراءى امامي شيئ من اثر الجهاد والمجاهدين
        في ارض الخلفاء ...ارض الرافدين
        شعرت و كان جسمي انشق شقين
        وما كانت تستطيع العين
        الا ان تنفس بدمعات بين الحين و الاخرى
        قد كان رفيق دربي
        في الاتراح و الافراح
        وفي الحل و الترحال
        كالظل لا يفارقني
        صديق صدوق
        نصوح شفوق
        رحمك الله يا ابا انس
        فنعم حامل رسالة كنت
        فلقد تركت فراغا لا يملؤه احد
        واورثت القلوب لوعة لايسكن لهيبها
        الا بلقياك هناك في الجنان باذن الله
        فوالله لان سؤلنا لنصدقن
        ولئن استشهدنا لنشهدن
        انك كنت فارسا للاسلام حقا
        وعالما عابدا مجاهدا
        فسلام على روحك في الخالدين
        ثم اضاف ابيات الشعر التالية:
        عيني جودي بدمعك الرقراقي *** واسكبيه على اعز الرفاقي
        اي خطب قد اثار شجوني *** واشاع الاخزان في اعماقي
        يا اخي يا اخ المودة و الحب *** فخذها من قلبي الخفاقي
        ان حبي الشامي خل و في *** صاحب الفضل و السجايا الرقاقي
        لاتلمني على البكاء فاني *** قد وجدت البكاء حلو المذاقي
        ان فيه راحة و عزاء *** انما الصبر اعظم الترياقي
        فيه ياشام قد فقدت عزيزا *** فكسيت الاحزان كالاطواقي

        ماذا يفكر الاردنيون عن ابن شعبهم ابي مصعب الزرقاوي:
        الاغلبية الصامتة في الاردن تحب شيخ الجهاد وتدعو له بالرغم من بعض الفئات الضالة والموالية للنظام و التي تعتبره ارهابيا
        البعض مازال يعتبر الشيخ وهما امريكيا لتحجيم المقاومة في العراق - بالرغم ان امريكا نفسها تدرك حقيقة الزرقاوي و قوته- وهؤلاء اناس فقدي البصر و البصيرة
        وابناء عشيرة الزرقاوي -بني حسن- يحبون الزرقاوي على مختلف توجهاتهم بل ان احدهم يقول: ان شيوخ العشيرة قد تبرؤوا منه تزلفا للنظام الا اننا ترفع راسنا عاليا بقاهر الامريكان ...
        وما سؤل احد من عائلته(الخلايلة) عن الشيخ الزرقاوي الا وجدته محبا له و مفتخرا به

        نقول هذا و الزرقاوي رحمه الله غني عن شعبه و عشيرته و الناس اجمعين ...فالله حسبه و ناصره ولانزكي على الله احدا....
        ولقد مر اكثر من سنتين على الاحتلال و امريكا تعرض 25 مليون دولار هدية لمن يدل عليه ...وشيخنا في امان الله بين اخوته يحرسونه مما يحرسون منه عيونهم وقد جعلوا نحورهم دون نحره وانفسهم فداء لنفسه
        وعندما تساقط ازلام النظام البعثي المجرم
        كاوراق الشجر
        وصورهم على ورق الشدة
        تساقطوا
        ورقة ورقة
        عدي و قصي
        وحسن المجيد و طه يس رمضان
        واخيرا صدام حسين
        بقي امير الذباحين ابيا قويا يسيم الامريكان سوء العذاب و لعذاب الاخرة اكبر
        ووالله لن يسلمه احبته هناك وهم من بايعوه و بايعوا محمدا صلى الله عليه و سلم قبله
        على العهد ما بقوا ابدا
        والله غالب على امره و لكن اكثر الناس لايعلمون

        الرجاء التثبيت
        مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
        كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

        تعليق


        • #5
          نسأل الله تعالى أن يحفظ مجاهدينا ويثبتهم ويسدد رميهم


          ورحم الله شيخنا أيمن الظواهري


          وبارك الله فيك أخي

          أبتاهُ فَقْدُكَ مُوْجِعٌ ، أعياني
          وأقضَّ جَفْني ، والأسَى يَغْشَاني
          واذاق قلبي من كؤوس مرارة
          في بحر حزن من بكاي رماني !

          تعليق


          • #6
            بارك الله فيكي أختي في الله بنت الشقاقي على هذا المرور والرد الطيب.....
            مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
            كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

            تعليق


            • #7
              أرجو من الأخوة في إدارة منتدى بوابة الأقصى تثبيت هذا الموضوع للأهمية....
              مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
              كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك اخي الكريم

                ووفق الله المجاهدين لكل خير
                [size=3]فتحي الشقاقي**الكلمة الصادقة ** والنظرة الثاقبة ** والرؤية الواضحة...

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك أخي

                  تعليق


                  • #10
                    بارك الله فيكم أخوتي في الله على هذا المرور والرد الطيب....
                    مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
                    كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

                    تعليق


                    • #11
                      بارك الله فيك أخوي أبو مصعب

                      وربنا يحفظ المجاهدين في كل مكان
                      القناعة كنز لا يفنى

                      تعليق


                      • #12
                        نسأل الله ان يحفظ مجاهدينا في كل مكان
                        [foq][all1=FF0000][a7la1=FFFF00]أسد السرايا وأسد فلسطين[/a7la1][/all1][/foq]

                        تعليق


                        • #13
                          بارك الله فيك أخي في الله عاشق سرايا القدس على هذا المرور والرد الطيب.....
                          مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
                          كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

                          تعليق


                          • #14
                            بارك الله فيك اخى على الموضوع الجميل
                            الذى من خلالة تعرفنا على امراء العالم الاسلامى
                            وانشاء الله ربنا يحفظ العايشين ويرحم الاموات
                            تحياتى للك ابو جابر
                            [URL=http://www.c5c6.com][/URL

                            ان ينصركم الله فلا غالب لكم

                            تعليق


                            • #15
                              بارك الله فيك أخي في الله ابو جابر على هذا المرور والرد الطيب.....
                              مما قال أسد الاسلام الشيخ أسامة بن لادن
                              كما و أني أطمئن أهلي في فلسطين خاصة بأننا سنوسع جهادنا بإذن الله , ولن نعترف بحدود سايكس بيكو , ولا بالحكام الذين وضعهم الاستعمار , فنحن والله ما نسيناكم بعد أحداث الحادي عشر , وهل ينسى المرء أهله ؟

                              تعليق

                              يعمل...
                              X