هائم ٌعلى وجهى أسيرُ فى الطرقات بلا هدف ، أتلفت من حولى أتفحص وجوه المارة فأجد الجميع يمشون بلا هدف مثلى، لم يعد يعنى الوقت لى شيئا ، النهار أصبح كالليل ، الفرق بينهما هو لون السماء التى لم أنظر لها منذ وقت بعيد ، فعيناى لم تعد تجرأ على النظر لأعلى ، أخذت كلمات أمى تترد فى أذناى " يابنى الدنيا ليست بهذا السوء ، صدقنى إنها لا تزال بخير " أخذت الكلمات تكرر نفسها على مسمعى ، حتى كدت أن أقتنع ، لكن سيارة مسرعة مرت من جانبى فأغرقتنى ببحر من المياه كانت سببا كفيلا بعزوفى عن الاقتناع بكلامها ، فكرت كثيرا فى كل شيء حتى أصبح التفكير مهنتى ، بالطبع هو كذلك لأنى عاطل عن العمل ، عشرون عاما من الدراسة ذهبوا هباءا ، عشرون عاما من المذاكرة والامتحانات والسهر والحرمان من متع الحياة ضاعوا بلا ثمن . كانت أمى دائما تبشرنى بأنى سأصبح ذا شأن كبير فى يوم من الأيام ، مسكينة هى أمى ، دائما ترى الحياة وردية .
أخذت أسير بلا عقلى ، فقدمى تعرف طريقها دون أن أفكر فيه ، وصلت الى المكان المنشود ، انها الحديقة التى شهدت مراحل تطورى أو إذا تحرينا الدقة فلنقل مراحل تخلفى ، جلست على مقعدى المفضل ، وبدأت فى العمل ، أقصد بدأت فى التفكير ، أخذت أندب حظى العاثر تارة ، وأسترجع كلام أمى تارة ، قلت فى نفسى لعلها محقة ، هى دوما ًمُحقة فى كل شيء ، وأنا دوما ًمخطئ فى كل شئ ، فلم أرفض الاقتناع بكلامها فى تلك النقطة بالذات؟ ربما لأنى كنت الأول على دفعتى لكن التعيين ذهب لأبناء الأساتذة ، ربما لأنى طردت من عملى بلا سبب ، ربما لأنى حتى الآن لا أستطيع مجرد التفكير فى أن أكمل نصف دينى ، ومن هى المجنونة التى تقبل بى زوجا ، ربما ... ، ربما ... ، ربما ... ، أخذت الذكريات السيئة تتوارد تباعا إلى أن إستطاعت دمعة أن تفك الحصار الذى كنت أحاول فرضه عليهم ، فانهمر سيل الدموع يُلطف بعضا من نيران قلبى المتأججة ، فقدت حينها الاحساس بالزمان والمكان ، واستمرت نوبة البكاء مايزيد عن الدقائق العشر ،
وفجأة أحسست بيد تربت على كتفى ، استدرت فإذا رجل فى العقد الخامس من عمره يبتسم لى ابتسامة رقيقة و
- مابك يابنى ؟
- لا شيئ عمى
- كل هذه الدموع ولا شيء ، أنا أتابعك من بداية قدومك ، ومن خبرتى فى الحياة أؤكد لك أن هناك أشياء تثقل كاهلك ، فلا تتدعى انك بخير
لم أجد مفرا من أن أحكى له بعضا من همومى ، لعلى بذلك أستريح بعض الشيء ، أخذت أسرد له قصص فشلى فى الحياة ، ومواقف الظلم التى تعرضت لها ، حكيت له عن نظرتى السوداوية للحياة ، ونصيحة أمى التى لا أستطيع الإقتناع بها ، حكيت له كل شيء والرجل ينصت لكلامى وكأنه تحول الى تمثال شمع بلا حياة ، لكنه بين كل حين وحين يضع يده على كتفى ، لا أعلم ، ليواسينى أم ليعلمنى أنه مازال على قيد الحياة .
- كل ماقلته يابنى كفيل بأن يدمر أى أحد ، لكنى أرى أمك محقة فى كلامها ، فالظلم مهما تفشى فى الارض ،يظل الخير موجودا ولو قليل ، دع عنك هذا اليأس و حاول ان تثبت لنفسك أنها أخطأت بشدة فى حقك حينما أقنعتك أن الدنيا سوداء بلا أبيض ، ولتعلم أن وراء كل قصة نجاح مئات التجارب الفاشلة ، أتركك يابنى الان ، ولتعلم أنى واثق أنك ستشق طريق النجاح بنفسك .
- شكرا جزيلا عمى على اهتمامك ونصيحتك ، سأعمل بها بإذن الله .
انصرف كل منا إلى حاله ، وأنا فى طريقى الى البيت استرجعت شريط ما حدث ، فتنهدت تنهيدة المستسلم ، فأمى أيضا على حق هذه المرة ، فهذا الرجل دليل على أن الدنيا لا تزال بخير وليست كما أراها ، فاهتمامه وإنصاته ونصيحته تؤكد أن الخير مازال موجو...........توقفت عن التفكير فجأة ، وتسمرت يدى فى جيبى ، وجحظت عيناى من هول المفاجأة ، لقد سُرق الهاتف ، وبرد فعل طبيعى وضعت يدى على جيبى الخلفي ، تبا ُ ، المحفظة أيضا سرقت .
الآن فقط عرفت سر اهتمام الرجل ، والآن فقط ولأول مرة أنا على حق وأمى مخطئة .تمت بحمد الله تعالى
أخذت أسير بلا عقلى ، فقدمى تعرف طريقها دون أن أفكر فيه ، وصلت الى المكان المنشود ، انها الحديقة التى شهدت مراحل تطورى أو إذا تحرينا الدقة فلنقل مراحل تخلفى ، جلست على مقعدى المفضل ، وبدأت فى العمل ، أقصد بدأت فى التفكير ، أخذت أندب حظى العاثر تارة ، وأسترجع كلام أمى تارة ، قلت فى نفسى لعلها محقة ، هى دوما ًمُحقة فى كل شيء ، وأنا دوما ًمخطئ فى كل شئ ، فلم أرفض الاقتناع بكلامها فى تلك النقطة بالذات؟ ربما لأنى كنت الأول على دفعتى لكن التعيين ذهب لأبناء الأساتذة ، ربما لأنى طردت من عملى بلا سبب ، ربما لأنى حتى الآن لا أستطيع مجرد التفكير فى أن أكمل نصف دينى ، ومن هى المجنونة التى تقبل بى زوجا ، ربما ... ، ربما ... ، ربما ... ، أخذت الذكريات السيئة تتوارد تباعا إلى أن إستطاعت دمعة أن تفك الحصار الذى كنت أحاول فرضه عليهم ، فانهمر سيل الدموع يُلطف بعضا من نيران قلبى المتأججة ، فقدت حينها الاحساس بالزمان والمكان ، واستمرت نوبة البكاء مايزيد عن الدقائق العشر ،
وفجأة أحسست بيد تربت على كتفى ، استدرت فإذا رجل فى العقد الخامس من عمره يبتسم لى ابتسامة رقيقة و
- مابك يابنى ؟
- لا شيئ عمى
- كل هذه الدموع ولا شيء ، أنا أتابعك من بداية قدومك ، ومن خبرتى فى الحياة أؤكد لك أن هناك أشياء تثقل كاهلك ، فلا تتدعى انك بخير
لم أجد مفرا من أن أحكى له بعضا من همومى ، لعلى بذلك أستريح بعض الشيء ، أخذت أسرد له قصص فشلى فى الحياة ، ومواقف الظلم التى تعرضت لها ، حكيت له عن نظرتى السوداوية للحياة ، ونصيحة أمى التى لا أستطيع الإقتناع بها ، حكيت له كل شيء والرجل ينصت لكلامى وكأنه تحول الى تمثال شمع بلا حياة ، لكنه بين كل حين وحين يضع يده على كتفى ، لا أعلم ، ليواسينى أم ليعلمنى أنه مازال على قيد الحياة .
- كل ماقلته يابنى كفيل بأن يدمر أى أحد ، لكنى أرى أمك محقة فى كلامها ، فالظلم مهما تفشى فى الارض ،يظل الخير موجودا ولو قليل ، دع عنك هذا اليأس و حاول ان تثبت لنفسك أنها أخطأت بشدة فى حقك حينما أقنعتك أن الدنيا سوداء بلا أبيض ، ولتعلم أن وراء كل قصة نجاح مئات التجارب الفاشلة ، أتركك يابنى الان ، ولتعلم أنى واثق أنك ستشق طريق النجاح بنفسك .
- شكرا جزيلا عمى على اهتمامك ونصيحتك ، سأعمل بها بإذن الله .
انصرف كل منا إلى حاله ، وأنا فى طريقى الى البيت استرجعت شريط ما حدث ، فتنهدت تنهيدة المستسلم ، فأمى أيضا على حق هذه المرة ، فهذا الرجل دليل على أن الدنيا لا تزال بخير وليست كما أراها ، فاهتمامه وإنصاته ونصيحته تؤكد أن الخير مازال موجو...........توقفت عن التفكير فجأة ، وتسمرت يدى فى جيبى ، وجحظت عيناى من هول المفاجأة ، لقد سُرق الهاتف ، وبرد فعل طبيعى وضعت يدى على جيبى الخلفي ، تبا ُ ، المحفظة أيضا سرقت .
الآن فقط عرفت سر اهتمام الرجل ، والآن فقط ولأول مرة أنا على حق وأمى مخطئة .تمت بحمد الله تعالى
تعليق