إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

حسام وسمر ... قصة مميزه جدا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    كيف حال مجموعتك و كيف تسير أمورهم ؟

    حسام .. كلهم بخير ويتعلمون بسرعة وبدأ بعضهم يفكر في الابتكار والتطوير ولا يمر يوم إلا وأحدهم يأتي بفكرة جديدة عن سلاح جديد أو فكرة مادة جديدة

    عمر .. كم نوع من المواد أصبح لديهم خبرة فيه ؟

    حسام .. تقريباً لديهم خبرة في أغلبها ولكنهم لم ينفذوا عملي سوى تركيب أربعة مواد متفجرة فقط .. فكما تعلم أنه لا يوجد أحماض وكذلك المواد التي نستخرج منها الأحماض ممنوعة منذ فترة طويلة .. ولكن بإذن الله لدينا فكرة جديدة نقوم بدراستها والعمل عليها كي نستخرج أحد الأحماض التي أصبح عليها حظر ونحن جميعاً نُشارك في الإنفاق على هذه الفكرة بجهودنا الذاتية

    عمر وهو يضحك .. ما يحدث معك يحدث مع مجموعتي كذلك .. أحدهم قال لي بالأمس أنه يُفكر في صنع مادة من حمض المعدة

    حسام .. من يدري .. لعله يصل لشيء جديد وساعتها نحصل على مادة ليس بمقدورهم أن يمنعوها ويقيموا عليها حظر كأغلب المواد الكيميائية الأخرى .. ثم صمت حسام قليلاً وتابع قائلاً .. لا أظن أنك طلبت لقائي لتسألني عن أخبار المجموعة .. أظن أن وراءك أمر أهم من هذا

    عمر .. نعم هناك أمر هام وهو أيضاً مُتعلق بمجموعتك .. ولكن قل لي أولاً هل هناك فيهم من هو مستعد لتنفيذ عملية استشهادية

    حسام .. كلهم بدون أدنى شك مستعدين لهذا الأمر .. هل وجدتم منفذ في أحد الثغرات وتحتاجون لاستشهادي

    عمر .. نعم .. ولكن يجب أن يكون نوع معين من أبناء الكتائب .. أي يجب أن يكون لديه خلفية عن التصنيع وكذلك عن العمل الميداني و مهم جداً أن يكون ذكي للغاية ويتعلم بسرعة

    حسام .. اعتبره موجود وهو مستعد كل الاستعداد لتنفيذ العملية الآن قبل الغد

    عمر .. من فيهم ؟

    حسام .. أنا طبعاً .. الوحيد الذي تنطبق عليه الشروط وسط المجموعة هو أنا .. فكما تعلم مجموعتي أغلب خبرتها في التصنيع ولم تمارس العمل الميداني إلا أثناء التصدي للاجتياح فقط ..وأنا كما تعلم مارست العمل الميداني ولدي خبرات في التصنيع وتركيب كل أنواع المواد المتفجرة

    عمر .. أنت لا تنفع لسببين .. السبب الأول أنك في حكم المتزوج .. والسبب الثاني وهو الأهم أننا في حاجة لك لتعليم الأخوة ما تعلمته وتعرفت عليه

    حسام .. أما عن الزواج فأنا في حكم الخاطب وليس المتزوج .. وأما عن حاجتكم لي فأنا لدي من أرشحه نيابة عني ليستلم مكاني في المجموعة وهو قد تعلم بسرعة كل ما أعرفه حتى صناعة الصواريخ وقذائف الهاون .. وصدقني أنه يقوم الآن بصناعة مخرطة كاملة بنفسه وبجهوده الذاتية .. وهذا شيء لم أفكر فيه أنا نفسي .. وهو إن دل على شيء فهو يدل على أنه سيكون أفضل مني لو أصبح مسئول عن المجموعة

    كان حديث حسام مع عمر يشبه المعركة كلٌ منهم يحاول أن يقنع الأخر بوجهة نظره واستقر الأمر أخيراً على أن ينقل عمر وجهة نظر حسام إلى قيادة الكتائب وينتظر منه رسالة على جواله تحمل نجمة واحدة إذا كان الرد بالموافقة ونجمتين إذا كان الرد بالرفض

    حين عاد حسام لمنزله قضى ليلته قائماً يُصلي ويدعوا الله أن تتم الموافقة على رغبته .. فهو كان يحلم بتنفيذ عملية استشهادية منذ سنين ولكن قلة المنافذ والثغرات في مواقع العدو داخل قطاع غزة جعلت الأمر يبدو وكأنه حلم بالنسبة لكل من يتمنى تنفيذ عملية استشهادية

    في الصباح تذكر حسام أنه نسي الاعتذار لسمر بسبب تخلفه عن الزيارة المعتادة كل يوم خميس .. فهو يعلم أن الأسرة كلها تُعد نفسها وتتهيأ لزيارته في هذا اليوم الذي أصبح عادة منذ أن عقد قرانه على سمر

    تفهمت سمر بسرعة وقبلت اعتذار حسام دون الدخول في تفاصيل كثيرة وما إن أنهى حسام مكالمته مع سمر حتى جاءته رسالة على هاتفه النقال من عمر محتواها نجمة واحدة *



    منافذ قسامية

    لم يصدق حسام عينه حين رأى النجمة .. ومع أنها نجمة واحدة فقط إلا أنه بدأ ينظر لها وكأنه يخشى أن تأفل أو تكون نجمتين .. كانت حقاً نجمة واحدة فقط … نجمة أضاءت له كل سنوات عمره التي مضت وفرشت له الأرض نوراً امتد صوب السماء حيث الأحبة ولقاء أضناه شوق والحنين لكل من سلك هذا الدرب منذ بدر حتى يومه .. نجمة واحدة في طرف السماء يدعوه وميضها لنور الله وجنةٌ عرضها السماوات والأرض

    كل شيء تغير بعد رؤية حسام لهذه النجمة وبدأ ينظر للدنيا وما فيها بنظرة تختلف عن ذي قبل كأنه يودع فيها وطن جريح يجتر أحزانه صباح مساء بسبب ما يرتكبه الصهاينة من جرائم طالت كل ذرة من ترابه

    توجه حسام إلى المكان المتفق عليه حسب ما جاء في الرسالة وهناك التقى عمر الذي قال له :
    تمت الموافقة على ترشيحك للعملية من قبل القيادة بعد إقناعهم بأن كل الشروط المطلوبة تنطبق عليك وأنك تصلح لها فعلاً

    حسام .. الحمد لله والشكر لله ثم لك .. سأبلغ سلامك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولصحابته الكرام .. واطمئن أن ما اتفقنا عليه بخصوص الشفاعة هو عهد أقطعه على نفسي

    عمر وهو يبتسم .. الحمد لله أنك تذكر .. ومن يدري لعلك ترحل فتجدني هناك استقبلك

    حسام .. حديثك هذا مريب .. كأنك تُخفي شيئاً

    عمر .. لا أبداً .. ولكن كما تعلم أن الواحد منا لا يضمن في عمره لحظة واحدة .. فربما تكون بعد دقائق في بيتك وأنا استقبل أحد الصواريخ فيكون جواز رحيلي وأسبقك به إلى هناك

    حسام مازحاً .. لا أرجوك .. دعني أسبقك هناك كي أكون أول من يستقبلك حين تأتي

    عمر .. أسأل الله أن يتقبل أعمالنا ويكتبنا مع الشهداء والصديقين

    حسام .. هل تعرف من الذي أتمنى أن أراه الآن دون غيره من كل الناس

    عمر .. من ؟

    حسام .. طارق .. فأنا أحببت هذا الشاب اكثر مما تتصور .. فحين كنت أنظر إليه أشعر أني أرى رجلٌ من رجال الجنة .. صمت حسام قليلاً ثم قال .. لولا ذلك الحاجز اللعين كنت ذهبت إليه الآن فأنا لم أره منذ أن خرجت من المستشفى

    عمر .. طارق شهيد يمشي على الأرض .. ولو يعلم أنك ستقوم بعملية استشهادية لانتزعها منك عنوة

    حسام .. بلغه سلامي وقل له أنني كنت أتمنى رؤيته قبل رحيلي .. و إن شاء الله يكون لقائنا القادم على حوض المصطفى الكريم صلوات الله عليه وسلامه

    عمر .. بلغني أنه في آخر اجتياح للنصيرات أبلى بلاءً حسنا .. فقد قدره الله على تدمير دبابة ميركباه من النوع المطور
    موضوع عن قصص الجواسيس العرب واحدات مهمة ارجو المتابعة
    22:2

    تعليق


    • #47
      حسام .. منذ أول لحظة تحدثت فيها معه عرفت أنه ذكي جداً .. فملاحظاته على تطوير البتار وضرورة الالتزام بزاوية ميل العبوة وجعل الميل من معدن النحاس بالذات تنم على خبرة مميزة في التصنيع والتطوير .. حتى إنني فاتحته بوجهة نظري في تحويل محرك الصاروخ لقطعتين منفصلتين عن بعضهما بمادة الأكلون تنفصل مع الحرارة بعد قطع مسافة معينة فيتخلص الصاروخ من نصف محركه بعد أن يفرغ منه الوقود في الجو فيندفع بالنصف الأخر أسرع وبحمل أخف

      عمر .. وماذا كان رأيه في هذا ؟

      حسام .. تحمس للفكرة كثيراً وقال انه يمكن أيضاً أن نملأ النصف الأول من خليط النترات والسكر وننصف الجزء الثاني بين النترات والنيتروسليلوز أو الكوردايت العسكري لأن سرعة الاحتراق أعلى وستعطيه مدى أبعد كما أن وزنه الخفيف لن يشكل عبئاً على الرأس المتفجر حين يتابع سيره

      عمر .. فكرة تنبت فكرة أو تدل على فكرة .. وفي النهاية سيصلهم اسم القسام مكتوب على صاروخ في كل مكان يتواجدوا فيه

      حسام .. أخمن أن عمليتي تشبه عملية محمد فرحات .. أليس كذلك ؟

      عمر .. هل تريدها كذلك حقاً ؟

      حسام .. لو كان هناك منفذ لمدنهم يكون أفضل حتى يشعروا بجريرة ما يرتكبوه من جرائم .. فكما تعلم أن المستوطنات تكون خالية واغلب من فيها عمال أجانب أو جنود دروز أو مرتزقة من الروس وغيرهم .. وهؤلاء قتلهم لا يؤثر كثيراً على كيانهم لأنه من السهل إخفاء عدد القتلى في صفوفهم .. ولكن هذا لا يمنع إن وجد منفذ للوصول لهم سيكون جيد

      عمر .. على كل حال بعد غد ستعرف أين ستكون العملية و التفاصيل التي تحتاجها .. فهناك أمور يتم إعدادها وقد شارفت على الانتهاء

      حدد عمر لحسام الزمان ومكان الاتصال الذي سيلتقي فيه بمن سيعرفه بكل تفاصيل مهمته وافترقا على وعد بلقاء أخر

      كل الأفكار التي يمكن أن تخطر على بال قسامي يبحث عن منفذ أو ثغرة ينال فيها من العدو خطرت في باله كي يُهيئ نفسه جيداً لما هو مُقدم عليه .. ولكنه لم يستطع أن يخمن ما هو الهدف الذي وجدوا فيه هذا المنفذ لعلمه بإحكام التحصينات وإجراءات الأمن البالغة التعقيد في جميع الأهداف الممكنة داخل قطاع غزة .. وفي غمرة تفكيره قفز وجه سمر في مخيلته كأنه يعاتبه على انقطاعه عنها وسرعان ما اختلطت المشاعر في قلب حسام الذي تعود أن يأنس بحديثه مع الأسرة كل أسبوع وخاصةً سمر التي تمنى أن تكون كل فتيات فلسطين تحمل قلوباً مثل قلبها الطاهر البريء .. وبدون أي تفكير وجد حسام نفسه يتصل برقم سمر كي يسمع صوتها و حديثها الذي كانت تنهيه دائماً بالدعاء له .. فهو لم يعد يحتاج من هذه الدنيا إلا الدعاء ممن تطهرت قلوبهم وحل مكانها الإيمان والحب في الله وبالله




      توجه حسام بعد صلاة الفجر نحو المكان الذي أرشده عنه عمر وقبل أن يطرق الباب أخرج من جيبه مقنع وارتداه على وجهه ثم قام بطرق الباب ففتح له شاب يرتدي هو أيضاً القناع

      بعد أن تبادل حسام مع الشاب كلمة السر المتفق عليها اصطحبه الشاب إلى الداخل

      لم يكن المكان إلا عبارة عن قطعة أرض محاطة بسور وفي نهايتها مبنى عبارة عن غرفة واحدة فقط

      اتجه حسام بصحبة الشاب نحو الغرفة فوجد بداخلها عشرة شباب كلهم يرتدون الأقنعة وبعد أن سلم على الحضور انضم إليهم هو والشاب الذي فتح له الباب

      لم يدم الصمت الذي خيم على المكان فترة طويلة حتى تحدث أحد الموجودين قائلاً:
      بعد أن اكتمل العدد أحب أن أعرفكم بنفسي أولاً .. أنا أخوكم في الله علي وسأشارككم العملية التي ننوي تنفيذها بإذن الله

      تابع علي حديثه قائلاً :
      العملية هي عملية اقتحام لموقع محفوظة أو ما يُعرف باسم حاجز المطاحن
      الهدف من العملية هو إلحاق أكبر ضرر بالموقع وكذلك بمبنى محفوظة ثم اختطاف مجموعة من الجنود لمساومة الصهاينة على إطلاق سراح الأسرى
      وقبل أن أبدأ سأعطيكم نبذة عن الموقع لمن لا يعرفه جيداً

      فرد علي خريطة على الأرض أحاط بها كل من في الغرفة ثم قال:
      يقع الموقع في هذه الناحية على الطريق الواصل بين مدينتي غزة وخان يونس .. وعلى الرغم من تسمية هذا الموقع بحاجز إلا أنه موقع عسكري بكل ما تحمل الكلمة من معنى .. وهو يعتبر أيضاً أكبر المواقع العسكرية على الإطلاق داخل القطاع وأكثرها تحصيناً .. ولو تلاحظون أن الموقع يحده من الشمال مستوطنة كفار دروم .. ومن الغرب التجمع الاستيطاني غوش قطيف بينما من الشرق فهو موصول بحدود قطاع غزة مع فلسطين الـ48 .. وهذا يعني أن اقتحام الموقع من هذه الجهات الثلاثة يُعد ضرباً من المستحيل إلا من خلال سيارة مفخخة أو أن يندس المجاهدين في السيارات المسافرة وهذا سيسبب سقوط عدد كبير من المسافرين لأن الجنود هناك يتعمدون حجز عدد كبير من المسافرين كي يكونوا لهم دروع بشرية من ضربات وعمليات المقاومة

      لم يعد أمامنا إلا أن نقتحم الموقع من جهة مدينة خان يونس .. ويرجع هذا لسببين .. الأول .. قرب مركز الموقع وبناية محفوظة من جهة خان يونس .. وهما هدفنا بإذن الله .. فكما تعلمون أن الموقع يكاد يصل بين مدينتي خان يونس ودير البلح ومركزه أقرب لخان يونس من دير البلح .. أما السبب الثاني فهو بسبب الامتداد الجغرافي الكبير في مدينة خان يونس .. حيث أنه لو تم تنفيذ العملية من جهة دير البلح فهذا يعني أن نشاط البحث عن ما سيتم خطفه من جنود بإذن الله سيكون محصوراً في المنطقة الوسطى ..وهي مساحة ضيقة ومسحها أسهل بكثير من المنطقة الجنوبية .. كما أننا نتوقع إغلاق المنطقة الشمالية كما تجري العادة عقب كل عملية من جهة مستوطنة نتساريم ..وهذا يعني أن دائرة البحث ستقتصر على منطقة ضيقة بعكس المنطقة الجنوبية التي ستكون الحركة فيها أسهل بالنسبة لنا وسط نصف مليون نسمة هم سكان خان يونس و رفح

      حسام .. ولكن الموقع من جهة خان يونس أيضاً محصن تحصين بالغ التعقيد .. ويستخدمون المسافرين من جهة خان يونس دروع بشرية بنفس الطريقة من جهة دير البلح

      علي .. لهذا ستكون عمليتنا بإذن الله نوعية وسنأتيهم من حيث لا يحتسبون .. ومعنا الآن أخوة لهم باع طويل في تنفيذ مثل هذه العمليات وجميعهم من وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للكتائب .. و بالإضافة إلى كونهم خبراء جيولوجيين بالفطرة ..فهم أيضاً مدربين على كل أنواع التصنيع من أسلحة ومتفجرات وكذلك العمل الميداني من تنفيذ عمليات وتصدي للاجتياح .. باختصار المنفذ الذي اخترناه للوصول للموقع سيكون من تحت الأرض وسيكون هذا عبر حفر نفق يصل إلى الموقع
      حسام .. كيف سيتم الحفر ومن أي منطقة ؟

      علي .. قبل أن أبدأ بشرح الخطة أظن أن الجميع فهم طبيعة العملية .. وعليه سأطرح عليكم جميعاً سؤال أخير وهو .. من كان لديه عقدة من الأماكن الضيقة أو حساسية تجاه الظلام أو لديه مرض رئوي أو حساسية في صدره فليقل لنعفيه من العملية لأن ما سنقوم به لن يُناسب وضعه الصحي وسيسبب لنا إرباك .. لذلك أرجو ومن باب الأمانة أن لا يخفي عني أحدكم أي شيء بخصوص ما ذكرت

      التزم الجميع الصمت ولم يتحدث أي شخص من الحاضرين فتابع علي وكرر نفس السؤال موضحاً لهم أن إخفاء أي شيء عن استفساره يُعد إخلالاً بالقواعد العسكرية المعمول بها في كتائب القسام كما أنه لا يجوز شرعاً

      تابع علي قائلاً .. إذاً قبل أن أبدأ شرح الخطة فلينزع الجميع المقنعات لأننا سنصبح ابتداءً من الآن فريق واحد وليعرف كل واحد فيكم عن نفسه باسمه الأول أو لقب يحب أن نناديه به

      نزع كل الشباب الموجودين في الغرفة ما على وجوههم من أقنعة وبدءوا بالتعريف عن أنفسهم ومن بينهم علي

      كانت دهشة حسام كبيرة حين رأى أن أحد الشباب الذين تواجدوا في الغرفة هو صديقه عمر ولكن عمر أشار له بيده مبتسماً بأن لا يتحدث .. فامتنع حسام عن التعليق بالرغم من فضوله الكبير لمعرفة ما الذي يحدث

      أزاح حسام نظره عن عمر حين تحدث علي قائلاً :

      بسم الله الرحمن الرحيم .. نبدأ على بركة الله
      هذه خريطة تُظهر الموقع العسكري ككل .. وفي هذه الناحية وهو المكان الذي نجلس فيه الآن والذي سننطلق منه نحو الهدف بحفر نفق من هذه الغرفة .. والمسافة من هنا إلى مركز الموقع تُقدر بـ450 متراً

      وضع علي دائرة على الخريطة ثم رسم خط مستقيم ووضع في طرفه مربع وتابع قائلاً :
      الدائرة هي المكان الذي نجلس فيه الآن .. بينما الشكل المربع هو مركز الهدف .. ومركز الهدف هو عبارة عن مبنى مسقوف بألواح الزنك يضم فيه مكان لاستراحة الجنود ومكان للنوم وكذلك نادي للترفيه .. وفيه أيضاً مكاتب تحقيق تابعة لجهاز الشين بيت ومركز مطور لمراقبة الاتصالات بكافة أشكالها يرتبط ارتباط مباشر بالأقمار الصناعية وطائرات الاستطلاع

      حسام .. لحظت أن الهدف له سقف ثاني من قضبان الحديد فقد كنت قريباً منه يوما ما وأحفظ المبنى من الخارج في ذاكرتي جيداً

      علي .. لن نعتمد على الذاكرة فلدي مجموعة صور للموقع من أغلب الاتجاهات .. كما أن وحدات الرصد القسامية ستوافينا بصور جديدة لكل ما يستجد من تطوير وتحديث لهذا الموقع

      عمر لحسام .. أجِل الملاحظات حتى ينتهي أخونا علي من شرح الخطة

      حسام .. اعتذر على المقاطعة

      علي متابعاً .. الموقع مليء بمئات مكعبات الأسمنت التي تزن حوالي اثنين طن لكل مكعب .. وهم يستخدمونها بكثرة كدروع ويصنعون منها غرف عالية التحصين تستطيع تحمل عشرات قذائف الهاون لو سقطت عليها .. كما أن بجانب الموقع موقف لآلياتهم من دبابات وناقلات جند ومكان آمن لهبوط الهليوكوبتر

      رسم علي ثلاثة خطوط في الطرف عند الدائرة ثم رسم خطاً آخر في منتصف الخط الواصل بين المربع والدائرة وتابع قائلاً :

      الخطة الأولية هي أننا سنحفر نفق من هنا إلى هناك في خط مستقيم ثم نحفر ثلاثة أنفاق أخرى بحيث تكون أطرافها جميعاً تشمل معظم أجزاء الهدف .. بعد الانتهاء سنقوم بحفر نفق آخر في منتصف النفق المركزي يكون خارج الموقع
      سنقوم في البداية بتلغيم الفروع الثلاثة ونفجرها عن بعد .. وفي غمرة انشغال الجنود بقتلاهم وجرحاهم سنستغل عنصر المفاجئة ونقوم بفتح النفق الذي حفرناه في الوسط ونقتحم الموقع متخفين في زي يشبه زي جنودهم ثم نقوم بخطف ما نستطيع العثور عليه من جنود ونسلمهم لأخوة لنا سيكونون في انتظارنا بما نجلبه لهم .. وبعدها نقوم بالتغطية عليهم حتى نضمن أنهم ابتعدوا بما لديهم من صيد مسافة كافية .. وهذا يعني أن المقتحمين سيكونون استشهاديين

      تابع علي شرح خطة العملية بالتفصيل بينا التزم الجميع الصمت ينصتون باهتمام لكل كلمة يقولها

      كان واضح أن أغلب الحضور يعلم بهذه التفاصيل باستثناء حسام الذي أدهشه قول علي : بأن الوقت المقدر لتنفيذ العملية قد يستغرق عام كامل بينما كان كل ظنه أنه مقدماً على تنفيذ عملية استشهادية خلال أسبوع على أبعد تقدير

      كاد يشعر حسام بخيبة أمل حين علم أن العملية ستستغرق كل هذا الوقت ولكن فكرة العملية وحجمها الكبير استفز عنده روح التحدي كما أن لديه ثأر قديم مع هذا الموقع وحساب آن الأوان لتصفيته

      شعر حسام كمحترف أن لديه الكثير من الأسئلة التي تحتاج للإجابة عنها حتى يقتنع أن الخطة خالية من الثغرات وحين سأل علي عن الغطاء الذي سيُستخدم طوال فترة الحفر أجابه علي قائلاً :
      هذه المنطقة معروفة بنشاط المزارعين فيها .. وسنعتمد هذا النشاط للتمويه و سيكون مخصص لنا شاحنة تأتي هنا محمل عليها صناديق الخضار ويتم تفريغ أشياء وتحميلها بأشياء يومياً كي يبدو الأمر وكأن هذا المكان مخزن لتوزيع الخضار .. وفي نفس الوقت سنستخدم الشاحنة في نقل كميات الرمال التي ستخرج أثناء الحفر ونتخلص منها في مكان بعيد

      حسام .. واضح أن العملية مكلفة للغاية

      علي .. لو حسبت ما نقدناه لصاحب الأرض وما بنيناه عليها والمعدات التي سنحتاجها لإتمام الحفر .. سيكون نقطة في بحر تكاليف كمية المتفجرات المطلوبة لتنفيذ الجزء الأول من العملية .. ويكفي أن تعرف أن الكمية تساوي طنين من المتفجرات سيقوم عشرات من أبناء الكتائب العاملين في مجال التصنيع بالعمل المتواصل حتى يتم إعدادها في أسرع وقت ممكن

      عمر .. وهذا يعني أننا سنحتاج لأطنان من المواد التي سنتخلص منها المادة المطلوبة ومكان لتخزين ما يتم إعداده من متفجرات وبحث دؤوب في كل شبر من القطاع لتوفير هذه المواد

      حسام .. فعلاً الأمر صعب وسيحتاج لكثير من المشاركين .. فالحصول على هذه المواد ليس بالأمر الهين وهي أيضاً تحتاج لغطاء مقنع حتى لا ينتبه العملاء

      علي .. المتفجر المثالي لهذه العملية هو نترات الأمونيا وهو كما تعرفون سماد زراعي لكنه محظور شأنه شأن الكثير المواد الأخرى .. وبما أننا نتنكر في هيئة مزارعين وسنخوض العمل في مجال الزراعة فعلياً ..سيوفر علينا هذا الأمر غطاء آخر للبحث عنه أو عن شيء مقارب منه

      حسام .. متى سنبدأ الحفر ؟

      علي .. مع أول ضوء إن شاء الله سنبدأ بحفر البئر أولاً وسيكون عمقه ثمانية أمتار من هنا.. وينتهي في طرفه لثلاثة أمتار ثم يتفرع لثلاثة فروع كل فرع ينتهي بـ 80 سم تحت الأرض

      حسام .. وأول ضوء بدء منذ قليل .. فلنبدأ الآن على بركة الله

      علي .. قبل أن نبدأ يجب أن تعرفوا أن حجم ما نحن مقدمين عليه كبير وأن أي خطأ بسيط سيكلفنا جميعاً حياتنا وفشل العملية .. لذلك على الجميع أن يتوخى الدقة والحرص الشديد أثناء العمل ولتتذكروا الله دائماً ولا تنسوا أنه لا يستقيم قضاء الحوائج إلا بثلاثة أمور .. باستصغارها لتعظم .. وباستكتامها لتظهر .. و بتعجيلها لتهنأ

      بدأت المجموعة في حفر البئر فعلاً ثم بدءوا بشق طريقهم تحت الأرض نحو الهدف




      والدك يشتكي منك يا حسام فهو غير راض عن مشروعك الجديد الذي أخذ كل وقتك وأثر على عملك .. مالك أنت والزراعة التي ليس لديك فيها أي خبرة و لديك عملك مع والدك في التجارة ؟

      حسام وهو يرد على والدته .. لقد أخبرته منذ شهرين أنني سأشارك مجموعة من الأصدقاء في استئجار قطعة أرض لزراعتها رغبةً مني في تحقيق ذاتي في مجال أحبه .. وهو لم يمانع وقد وافق على هذا الأمر فما الذي تغير ؟

      الوالدة .. وهل الزراعة تحتاج منك قضاء أغلب وقتك ليلاً ونهاراً لدرجة أنك أهملت عملك ودراستك .. حتى سمر أصبحت مقلاً في زيارتها ولم تعد تزورها كما في السابق بانتظام

      حسام .. تعلمين أن أغلب شركائي ليسوا من المدينة وهم يبيتون في مكان العمل ولهذا أذهب إليهم لأقضي لهم بعض ما يحتاجونه وفي نفس الوقت أتابع سير العمل

      الوالدة ساخرة .. أفهم أن سير العمل يتابعه أصحابه نهاراً .. ولكن في الليل !! هذا ما لا أفهمه

      حسام ضاحكاً .. انظروا من يتحدث !.. من يسمعك لا يقول انك تقضين اغلب وقتك في حكورة المنزل الخلفية والحجة دائماً أن الحاجة تسقي النباتات وترعاها

      الوالدة .. أنا أجلس بين الخضرة والأشجار للراحة والاستجمام ولا أدعي العمل كما تفعل أنت

      حسام .. ها أنت قلتيها بنفسك .. للراحة .. أنا أيضاً أحب الجلوس هناك ومتابعة المزروعات وهي تكبر وتنمو وحين تُثمر استمتع بقطافها

      الوالدة وقد أضحكتها حركة حسام بيده وهو يقول جملته الأخيرة .. بهذه الطريقة لن تقطفها بل ستفعصها .. ثم أي ثمار التي تتحدث عنها ألم تقل أنكم تزرعون زهر القرنفل ؟

      حسام .. نعم .. نعم .. ولكن بلغتنا نحن المزارعين نُسمي الزهر وكل ما نزرعه ثمر .. وفي الأخير كل ثمرة مصيرها القطاف

      الوالدة .. وماذا عن سمر ؟

      حسام ..سمر لديها دراستها ولا أريد أن أشغلها عنها بزياراتي الكثيرة .. إلا إذا شكتني عندك

      الوالدة .. والله إن البنت طيبة جداً ولم تشكو لي يوماً .. ولكن العروس تحب دائماً أن ترى خطيبها وتتحدث معه

      حسام مازحاً .. أفهم من هذا أن أم هشام كانت تنتظر أبو هشام على أحر من الجمر أيام الخطبة

      الوالدة .. استحي يا ولد .. على أيامنا لم يكن كل هذا الوقت بين عقد القران وإعلان الزواج .. ثم أن أبوك …

      انتبهت أم إبراهيم أن حسام نجح في تغيير دفة الحديث وحوله لمزاح وهي التي أخذت على عاتقها أمام والده أن تحدثه كي يعقل وينتبه لعمله الأصلي أكثر .. ولكن حسام كان يستغل حب أمه له وبدلاً من أن تقنعه هي .. كان يقنعها هو بالوقوف في صفه و تُقنع والده أيضاً أن كل شيء سيسير على ما يرام كما يحب ويشتهي

      توجه حسام إلى بيت سمر حاملاً معه هدية اشترتها له أخته أم إبراهيم وحاملاً في نفسه خليط من المشاعر المتناقضة .. فهو من جهة لديه رغبة قوية برؤيتها ومن جهة أخرى لا يريدها أن تتعلق به خاصةً وهو مقدم على عمل نسبة خروجه من حي لا تتعدى الواحد على الألف

      استقبلت سمر حسام دون أن تستطيع إخفاء لهفتها كعادتها قائلةً:
      أظن أن هذا الأسبوع ستبقى فترة أطول تعويضاً عن الأسابيع السابقة .. فكل مرة تأتي فيها لا تقضي معنا سوى ربع ساعة وتتحجج بأن لديك معاد

      حسام .. صدقيني أن اليوم لدي معاد أيضاً ولكني أحضرت لك هدية اعتذار مني على تقصيري في زيارتك

      سمر .. اعتذارك هو أن تؤجل المعاد وتسهر معنا الليلة وبدون هذا لن أقبل أي اعتذار

      حسام .. وهل لو كان هناك إمكانية تأجيله كنت ترددت لحظة .. ولكنه حقاً معاد مهم

      سمر .. لن أسألك ما هو المعاد المهم .. ولن أقول لك غير ميقات معادك .. ولكن لم لا تُغير موعد زيارتك لي في يوم لا يكون لك فيه ارتباطات أخرى ؟

      بدخول والد سمر غرفة الضيوف خرج حسام من ورطته في إجابة سمر على اقتراحها

      سلم والد سمر على حسام ثم قال له :
      كيف حال عملك الجديد .. قال لي والدك أنه يأخذ أغلب وقتك

      حسام .. هو عمل أحتاج فيه لخبرة لأنه جديد بالنسبة لي .. ولذلك أسعى للحصول على هذه الخبرة من خلال متابعة شركائي في كل كبيرة وصغيرة

      والد سمر .. ولكن أسمع هذه الأيام أن زراعة الورود أصبحت نوع من المقامرة بسبب الحصار وإغلاق المعابر .. فما أعرفه أن الزهور يجب أن يتم تصديرها بعد قطفها بساعات حتى لا تفسد .. وكما تعلم أن حال المعابر يسير من سيئ إلى أسوأ

      حسام .. يقول لي من لديه خبرة في تسويق الزهور أنهم يضعونها في ثلاجات إذا تعرضوا لموقف كهذا .. وبمجرد ما أن يتم فتح المعبر يتم شحنها من الثلاجات إلى المطار ثم إلى أوربا مباشرة

      والد سمر .. لا أظن أن اليهود سيسمحون لكم بمنافستهم في السوق الأوربية .. فهم يعتبرون أن السوق الأوربية ملكاً لهم ..خاصةً في هذا المجال

      حسام .. هم لا يدخرون وسعاً في تدمير كل مناحي الاقتصاد في فلسطين .. ولكن ليس أمامنا إلا الصمود

      تدخلت سمر في الحديث قائلة : .. ولم اخترتم زراعة الزهور دون غيرها بالذات .. لديكم زراعات أخرى يمكن أن تزرعوها وتبيعونها هنا دون الحاجة للتصدير والاحتكاك بالمعابر والمطارات

      حسام .. زراعة الزهور مربحة جداً .. خاصةً أن أسهمها في البورصة دائماً عالية .. كما أن المزروعات الأخرى تعتمد على السوق المحلية وهذا السوق لديه اكتفاء ذاتي وفي أغلب الأحيان يفيض عن الحاجة مما يتسبب في انخفاض الأسعار أغلب الأحيان .. بحيث لا يستطيع المزارع أن يجني من ورائها ثمن ما أنفقه عليها .. أما زراعة الزهور فهي تأتي بالعملة الصعبة لأنها تُزرع للتصدير فقط وفي هذا فائدة كبيرة للبلد ككل

      لم يدم وقت زيارة حسام كثيراً وحين هم بالاستئذان قرأ في عيني سمر العتاب مما جعله يشعر بالذنب والحيرة أكثر

      اتجه حسام إلى حيث يعمل الشباب فور خروجه من منزل سمر .. واستقبله عمر قائلاً له :
      أرى أنك أنهيت زيارتك الأسبوعية بسرعة كالعادة .. ألم أقل لك أنه يمكنك أن ترتاح الليلة

      حسام .. كيف أرتاح وبعض الشباب معنا لا يرون ذويهم لمدة تزيد عن الشهر

      عمر .. هؤلاء لديهم غطاء مناسب بالنسبة لذويهم لأنهم ليسوا من المدينة .. ومن الصعب عليهم أن يذهبوا إلى بيوتهم ويعودون في نفس الليلة .. أما أنت فتسكن بجوار مكان العمل ولا تنس أنك مكلف بإعداد كمية من المادة المحرضة التي سنستخدمها في الصواعق

      حسام .. ذكرتني بأحد الأخوة الذين يحضرون هذه المادة حين قلت له أننا بحاجة لكمية كبيرة في أسرع وقت .. فما كان منه إلا أن قام بتحضير ثلاثة أوعية وملئها بالثلج والعمل عليها في وقت واحد

      عمر .. ولكن هذا خطير جداً .. فلو حدث خلل في أحد الأوعية وأراد أن يعالجه فمعناه أنه سينشغل عن الأوعية الأخرى مدة طويلة ولن ينتظره تفاعل الحمض دون تحريك طويلاً مما سيترتب عليه كارثة

      حسام .. أنا منعته أن يعود للعمل بهذه الطريقة بالرغم من الطريقة التي ابتكرها لمتابعة ثلاثة تفاعلات في وقت واحد .. صمت حسام قليلاً ثم قال : لي فترة وأنا هنا ولم تأتي دفعة من الرمال .. هل يوجد مشاكل هذه المرة أيضاً

      عمر .. كلما زاد طول النفق كلما تأخرت الدفعة التالية عن سابقتها

      حسام .. سأنزل لاستطلع الأمر وأرى

      نزل حسام إلى البئر ثم سار في النفق مسافة تزيد عن المائة متر فوجد الشباب يتباحثون في أمر بدا له أن مشكلة جديدة تواجههم

      علي مازحاً .. هل قطعت زيارة خطيبتك اليوم أيضاً

      حسام .. وكيف عرفت أن اليوم هو وقت الزيارة

      علي وقد ضحك أكثر.. كل المجموعة تعلم بأمر زيارتك لخطيبتك حتى الأخوة الذين لم يحضروا اليوم

      حسام مازحاً .. ذكرني أخنق عمر حين نخرج فهو لا يؤتمن على سر أبداً .. لكن دعك من هذا الآن وقل لي : لم توقفتم عن الحفر و الماكينة تعمل اليوم جيداً ؟

      علي .. المفروض أن نجد علامة تدلنا على أننا نسلك الطريق الصحيح في هذه المنطقة ولكننا ابتعدنا مسافة خمسة أمتار ولم نعثر عليها وهذا يعني أنه يجب علينا نقوم بإعادة القياس مرة أخرى
      موضوع عن قصص الجواسيس العرب واحدات مهمة ارجو المتابعة
      22:2

      تعليق


      • #48
        تدخل أحد الشباب الموجودين في النفق قائلاً .. كما أن المسافة التي قطعناها لا يمكننا أن نزيد عليها لأن الأوكسجين لم يعد يصل بما فيه الكفاية لهذه المنطقة ولهذا سنحتاج غداً لأنابيب أوكسجين كي نواصل العمل

        حسام .. وهذه تكلفة جديدة تُضاف على الحساب

        علي .. لقد عملنا حسابها من قبل وهناك بالفعل أنابيب أوكسجين قمنا بإعدادها لعلمنا بهذا الأمر .. ثم لا تنس أن لدينا خبراء في هذا المجال ويعرفون ما يجب توفيره

        حسام .. ما رأيك لو قمنا بضخ الهواء عبر مراوح ضخ من الأعلى وشفط من الأسفل وهذا سيوفر علينا الكثير من أنابيب الأوكسجين

        علي .. فكرة جيدة .. نجربها غداً

        تدخل الشاب مرة أخرى قائلاً .. المراوح ستتسبب في إثارة الغبار وتحريك الرمال على جدران النفق وسقفه .. وقد يتسبب هذا في خلخلة أجزاء غير متماسكة ..وهذه عملية خطيرة

        علي .. حسناً توقفوا عن العمل اليوم وتعالوا لنخرج لندرس هذا الأمر سوياً فلعلنا نصل لفكرة نوفر بها الكثير من التكاليف

        توجه الجميع نحو فتحة الخروج من النفق وأثناء السير قال : حسام ألا تحث فيك هذه الرائحة شيئاً ما ؟

        علي .. تقصد رائحة الثرى ؟

        حسام .. نعم .. فكأني بأعماق الأرض تحتفل بعبق دماء الشهداء ليختلط ريحها بمسك دمائهم فتصدر هذه الرائحة

        تحدث الشاب الذي يسير خلف علي وحسام بصوت خافت سمعه كلاهما قائلاً : أو هي ريح الجنة التي تنتظرنا في نهاية هذا النفق

        تسلق الجميع البئر المؤدي لفتحة النفق فاستقبلهم عمر قائلاً : ما الذي حدث ؟

        علي .. حسام لديه فكرة يريد أن يستبدل بها أنابيب الأوكسجين بمراوح تضخ الهواء بينما أيمن يقول أن الهواء المنبعث من المراوح قد يتسبب في خلخلة التربة وتحريك ذرات الرمال مما يعيق الذين يقومون بالحفر

        عمر..فكرت في هذا الأمر كثيراً خاصةً حين واجهتنا مشكلة التربة الطينية أثناء حفر البئر .. وقلت يومها لو تم رش جدران البئر بطلاء معين أعرفه .. سيثبت ذرات الرمال الجافة التي يعاني منها الجميع حين تصيبهم في أعينهم أثناء الصعود والهبوط في البئر

        علي .. فكرة لا بأس بها ويمكننا طلاء جدران النفق وسقفه أيضاً وبهذا تعمل المراوح دون أن تتسبب في خلخلة التربة أو إثارة الغبار

        حسام .. أول أمس لحظت أثناء الحفر ليلاً أن حركة الدبابات من فوقنا تتسبب في اهتزاز التربة وتساقط بعض الرمال في النفق نتيجة هذه الحركة .. وطبعاً تعرفون أنه كلما اقتربنا من مكان الهدف كلما اقتربنا أكثر من حركة الدبابات وناقلات الجند الثقيلة سواءً كان من السطح أو المسافة .. ويجب أن نضع هذا الأمر في حسباننا في المراحل المقبلة حتى نتجنب حدوث كارثة


        قضى الجميع سهرتهم في الحديث عن الملاحظات التي يجدونها أثناء العمل .. ونجحت فعلاً فكرتهم في توفير أنابيب الأوكسجين واستبدالها بمراوح تضخ الهواء ولكن بعد قطع مسافة تزيد عن الثلاثمائة متر اضطروا أن يستخدموا أنابيب تضخ الأوكسجين داخل النفق الذي كلما زاد طوله كان العمل فيه أصعب وأكثر مشقة

        لم يكن إنجاز هذه المسافة بالأمر الهين على شركة مقاولات لديها معدات وآليات ضخمة وعشرات العمال تعمل فوق سطح الأرض وفي ظروف طبيعية .. فكيف به حين يكون العمل بجوار موقع عسكري يشك في حركة الذبابة إن اقتربت من محيطه .. والعاملين عليه لا يملكون إلا معدات بسيطة وسواعد تحركها إرادة قوية تستمد عزمها من الإيمان بالله وتعزز فيها روح التحدي جرائم العدو التي لا تتوقف ليلاً أو نهار .. كل هذا وقضية إخفاء العمل عن أعين العملاء بالرغم من ضخامته والوقت الطويل استغرقه كانت تشغل بال الجميع

        أحضر حسام بعض المصابيح الكهربائية التي لا تصدر الكثير من الحرارة .. لاستبدال المصابيح القديمة التي رفعت حرارتها درجة حرارة النفق وأثناء قيامه باستبدال أحد المصابيح حدثت هزة أرضية قوية شعر بها جميع من في النفق .. فقرر الجميع الخروج من النفق لاستطلاع الأمر خوفاً من أن تكون الهزة ناجمة عن انفجار أحدثه اليهود حين اكتشفوا النفق

        كان عمر يجلس على الماكينة التي تسحب الرمال في الأعلى فسأله الجميع عن الذي حدث فقال : أنه لا يدري ولكنه سمع صوت انفجار قوي وعنيف للغاية ونصح الجميع بالخروج من النفق حتى يأتيه تفسير لما حدث من جهاز الرصد القسامي



        قال لي في آخر اتصال مازحاً .. أنه سيأتي قريباً لخان يونس يبحث عن عروس .. وحين قلت له لا تخبرني بميعاد وصولك إلا حين تدخل خان يونس فعلاً .. قال أنه لن يتصل حتى لو وصل للمدينة .. ولكنه سينادي علي بأعلى صوته حين يصل وستسمع خانيونس كلها صوته

        كان حسام يحدث عمر عن آخر اتصال أجراه مع طارق .. فقال له عمر :
        قال لي أحد الأخوة الذين كانوا يراقبون سيارته قبل أن تنفجر بالجنود أنه بعد أن أفلتت منه الحافلة التي كان يستهدفها لم يتراجع وقرر أن يفجر سيارته ببرج مراقبة ولكنه عدل عن رأيه في اللحظة الأخيرة بسبب أكوام من الرمال منعت وصول السيارة من البرج المحصن فتوجه كالسهم على الطريق التي يسلكها المستوطنين باحثاً عن هدف .. وكان يعيق رؤية سيره دمائه التي تناثرت على زجاج السيارة حين اخترقت الرصاصات ظهره وخرج من صدره .. ويقول الأخ أنه رآه يستلم مقود السيارة بيد ويمسح بيده الأخرى الدماء من على الزجاج حتى لمح سيارة عسكرية يقف بجوارها عدد من الجنود فتوجه إليها وفجر نفسه فيها

        حسام وقد خانته عبراته .. حين شعرت باهتزاز الأرض وأنا داخل النفق خطر طارق على بالي بقوة .. ولكني لم أتوقع أن يكون هو الذي وراء الانفجار وأنه صاحب العملية الاستشهادية

        عمر .. هون عليك فقد سبقنا إلى الجنان واسأل الله أن يغفر له ويجمعنا به مع محمد صلى الله عليه وسلم ومن آمن به من الشهداء والصديقين

        بالرغم من مرور فترة طويلة على استشهاد طارق إلا أن حسام ظل متأثراً بما حدث .. فهو كان يتمنى أن يراه ولو لمرة واحدة لأنه لم يره منذ أن كان في المستشفى والسبب كان دائماً هذا الحاجز اللعين .. كان حسام يمارس طقوس الغضب وهو يحفر مع إخوانه وكانت دماء الاستشهادي طارق التي تناثرت فوق الموقع حافزاً قوياً للعمل الدؤوب يصلون فيه الليل بالنهار حتى استطاعوا أن يقطعوا مسافة طويلة في زمن قياسي بالرغم من أن العمل أصبح قريباً من سطح الأرض وهو يعني أنهم سيحفرون في أرض طينية جافة تحتاج إلى مجهود مضاعف عن الحفر في أرض فيها نسبة من الرطوبة

        كان علي يعلم أن حسام مازال متأثراً لفراق صديقه طارق فأراد أن يلطف الجو معه قائلاً له :
        كيف حال النملة المثابرة ؟

        جذبت جملة علي انتباه حسام الذي كان يتصبب عرقاً بسبب الحفر ..فقال له :
        هل لحظت كيف يحفر النمل جحوره ؟

        علي .. نعم .. يقوم بتجميع ذرات الرمال وترطيبها فيحمل أكبر كمية على شكل كرات ثم يلقيها على فتحة الجحر

        حسام .. وماذا لو كان يرطب الرمال أولاً فيسهل على نفسه عملية الحفر وجمع الرمال في نفس الوقت

        علي .. أفهم من هذا أنك تريد أن نقوم بتمديد شبكة مياه كما فعلنا ومددنا شبكة كهرباء داخل النفق ؟

        حسام .. لن يكلفنا هذا كثيراً فهو لن يحتاج سوى بعض أنابيب المياه البلاستيكية فقط

        علي .. نطرح الأمر على إخواننا الذين لديهم خبرة في هذا المجال ونرى إن كانت الفكرة جديرة بالتنفيذ أو لا


        نجحت فكرة حسام وسهلت عملية الحفر فعلاً .. وذات يوم حين كان يحفر الشباب شعر الجميع بأن رائحة وقود السولار تملأ النفق .. وحين حفروا أكثر سمع الجميع صوت مولدات الكهرباء الخاصة بالموقع وكان هذا الأمر يعني أنهم أصبحوا تحت الموقع مباشرة

        كانت فرحة الجميع لا توصف حين تبين لهم بأنهم لم ينحرفوا عن الاتجاه المطلوب وأنهم أصبحوا قريبين جداً من تحقيق الهدف .. مما جعل عمر يقترح عليهم أن يقيموا احتفال بهذه المناسبة فقال علي :
        منذ وقت طويل وأنا أربي لكم شيئاً لهذه اللحظة .. وقد حان الوقت الذي أدعوكم فيه على حفلة شواء سنقيمها ليلاً

        عمر .. حسناً وأنا سأقوم بتوفير الفحم ومن اللحظة سأكون الأمير على هذا الأمر

        اجتمع الجميع بعد صلاة العشاء وتم تجهيز كل مستلزمات الشواء الذي أراد علي أن يجعله مفاجئةً لهم .. وحين حضر علي لم يكن معه شيء يدل على أنه الشواء المنتظر

        عمر وقد سأل ما كان الجميع يود سؤاله .. أين الشواء ؟

        علي .. الشواء هنا حولكم .. ربيته في هذا المكان

        نظر الجميع حولهم ولم يفهموا ما يقصده علي حتى انفجر حسام من الضحك بطريقة أثارت دهشة الجميع باستثناء علي الذي توجه نحو أعواد نبات الذرة وقطف منها قائلاً : .. هذا هو الشواء الذي أقصده زرعته منذ مدة وهاهو الآن قد نضج ويستحق الشواء

        حسام وهو لا يكاد يتمالك نفسه من الضحك .. أمير الشواء ضبط معدته الليلة على لحم فكيف يقنعها الآن وقد استقر الأمر على ذرة

        انفجر الجميع ضحكاً على عمر الذي قال متحسراً : يا ليتني لم أدفع ثمن الفحم



        زاد الخلاف بين حسام ووالده الذي أصر على إتمام زواجه بسرعة بينما كان حسام يطالب بتأجيله دون أن يكون له سبباً مقنع .. كان والد حسام يشعر أن ابنه مقدماً على أمر ما .. وبدأ ينمو هذا الشعور داخله منذ أن نفذ طارق صديق حسام عملية استشهادية .. وكلما حاول حسام المراوغة في تأجيل موعد الزواج كان والده يتمسك برأيه أكثر في الإسراع بإتمام الزواج



        هل أنت نادم على الارتباط بي ؟
        حسام يجيب سمر .. أبداً على العكس تماماً .. لماذا تقولي هذا ؟

        سمر .. إصرارك على تأجيل الزواج .. ولا أرى أن لديك سبب مقنع سوى هذا الأمر

        حسام .. ها أنت قلتيها بنفسك .. أنا أطلب تأجيل الزواج وليس إلغائه .. ثم انه لا فرق بين أسبوعين وشهرين .. فكل ما أطلبه هو التأجيل لشهرين فقط

        سمر .. كيف تقول أنه لا فرق وقد تسبب تمسك في هذا التأجيل بكل هذا الخلاف مع والدك .. كما أن والدي أيضاً سألني أكثر من مرة عن السبب ولم أجد شيئاً أقوله لأقنعه به

        حسام .. قلت لك سابقاً أن فراق صديقي طارق ما زال يؤثر على نفسي .. كل ما اطلبه مزيداً من الوقت كي أكون مهيأ نفسياً .. فلا أريد أن تبدأ حياتنا وأنا مكتئب

        سمر .. لا أعرف ماذا أقول لك .. ولكني أشعر أنك تخفي شيئاً عني .. فالمدة التي عرفتك فيها تجعلني اشعر بك حين تحاول إخفاء شيئاً

        حسام .. لا يوجد شيء يمكن أن أخفيه عليك .. ولكن ...

        صمت حسام قليلاً ثم قال :.. اسمعي يا سمر .. هناك أشياء من الصعب الحديث عنها لأنها لا تمسني وحدي .. ولكن كل ما أطلبه منك أن تقفي معي حتى تنقضي هذه المدة ثم يكون بعدها لكل حادثةِ حديث

        سمر .. بدون أن تطلب مني هذا .. فلقد أخبرتهم أني مقتنعة بتأجيل الزواج وأنني أشاركك الفكرة ولكنهم لم يقتنعوا ..وطلبت مني والدتك أن أفاتحك في الأمر لأن علاقتك مع والدك بدأت تسوء كثيراً .. والآن جاء دورك كي تسمع مني أنا

        صمتت سمر للحظة ثم تابعت حديثها قائلة: اسمع يا حسام لقد قلت لأختك أم إبراهيم أنني مستعدة بأن أتزوجك حتى لو نفذت عملية استشهادية في يوم الزفاف نفسه .. ولي الفخر أن أكون زوجة شهيد .. فإن كنت تنوي أن تفعل شيء مثل هذا كما تظن والدك ووالدك فأنا أقولها لك : سأكون لك سنداً حتى لو تزوجنا .. فلستم وحدكم معشر الرجال الذين تعرفون معنى التضحية والفداء .. ولديكم الاستشهادية ريم الرياشي أكبر مثال على هذا .. ولو قدر الله لك وتوفرت الظروف لأشاركك عملية من هذا النوع فلن أتردد لحظة واحدة ولن أسامحك أبداً لو عرفت أنك فعلتها وحدك وكان بإمكانك أن تصحبني معك

        حسام مازحاً .. هل قلت لك من قبل أنك أجمل وأنت تتحدثين بجدية واهتمام

        سمر ساخرة .. لا .. كنت تقول دائماً عندي معاد مهم

        لم يستطيع حسام الصمود كثيراً أمام الضغط الذي واجهه من الجميع وخاصةً والده الذي حكم رأيه بأن يكون الزفاف بعد أسبوعين

        حاول حسام أن يأخذ رأي صديقه عمر في الأمر ولكن عمر كان رأيه بأن يتمم الزواج حتى لا يثير الشبهة حول نفسه أكثر .. وحين سأل علي كان رأيه مثل رأي عمر وأضاف أن العملية بالرغم من نسبة خروجهم منها أحياء لا تتعدى الخمسة في المائة إلا أنهم وضعوا في حسبانهم خط رجعة وسيتم التغطية من الخارج على انسحاب المجموعة بعد أن تنفذ المهمة المنوطة بها

        ظل حسام مهموماً ولم يقنعه حديث الشباب .. فلاحظ ذلك أحد الشباب الذي كان يشاركه الحفر داخل النفق فقال له :
        يا أخي .. أنت تحمل الأمور أكثر مما تحتمل وكأنك عرفت متى أجلك وأين .. فنصيحتي لك هي أن تعمل دائماً لأخرتك كأنك تموت غداً وتعمل لدنياك كأنك تعيش الدهر كله
        موضوع عن قصص الجواسيس العرب واحدات مهمة ارجو المتابعة
        22:2

        تعليق


        • #49
          يا أخي .. أنت تحمل الأمور أكثر مما تحتمل وكأنك عرفت متى أجلك وأين .. فنصيحتي لك هي أن تعمل دائماً لأخرتك كأنك تموت غداً وتعمل لدنياك كأنك تعيش الدهر كله

          حسام .. قد ينطبق كلامك على ذواتنا ولكن ماذا عن الآخرين ؟

          الشاب .. ظنك بأنك تعلم ميقات أجلك هو الذي يجعلك تفكر بطريقة خاطئة .. لا أحد منا يعلم متى سينقضي أجله حتى لو كان سيلقي بنفسه من فوق جبل بعد لحظات .. ولهذا أنت تعكس الأمر وتفكر بطريقة اعمل لدنياك كأنك ستموت بعد شهرين .. ولو قلت لك أن نسبة انهيار النفق الآن علينا تكاد تقترب من الـ90 % لعرفت أن كل ضربة فأس تضربها الآن تزيد من هذه النسبة .. ولك أن تتخيل أننا الآن نحفر تحت المكان الذي تتحرك فيه الدبابات بكثرة وكما تعلم أننا قريبين جداً من سطح الأرض .. أي أننا واقعياً بيننا وبين الموت لحظات قليلة وليس شهرين .. ولكن من يعلم أين يكون أجله

          لم يتبق على موعد زفاف حسام وسمر سوى أسبوع واحد فقط .. وكان على حسام أن يعد نفسه جيداً لهذا الأمر ولكن العمل في النفق الذي انتهت فيه مراحله الأولى وبدأت المرحلة الثانية بحفر نفق آخر في منتصفه كان يشغل كل تفكيره


          كانت صدمة الجميع كبيرة حين أخبرهم علي أن أمر النفق قد انكشف لإحدى الفصائل وتريد أن تشاركهم العملية بحجة أن الأرض مستأجرة من عقيد يعمل في السلطة ينتمي لهذا الفصيل

          اجتمع علي بكل أفراد المجموعة الذين شعروا أن كل ما بذلوه من جهد وعرق يكاد أن يذهب أدراج الرياح وقال لهم :
          قررت قيادة الكتائب تعجيل العملية بالاكتفاء بتنفيذ المرحلة الأولى منها على أن يتم هذا في أسرع وقت ممكن

          حسام .. ولكن الجزء الثاني في العملية هو الأهم .. وبدونه تفقد العلمية هدفها الذي أُعدت من أجله

          علي .. لا يمكننا أن نستمر على خطتنا بعد أن انكشف أمرنا لتلك المجموعة الساقطة .. مجرد معرفتهم بأمر العملية يضعنا جميعاً الآن في موقف غاية في الخطورة فبين لحظة وأخرى نتوقع أن يصل الخبر للعملاء ولا تنسوا أننا نعمل بجوار أبواب مكاتب المخابرات والمراقبة

          عمر .. هل عرفتم كيف تسرب خبر العملية لهذه المجموعة ؟

          علي .. المسئول عن هذه الأرض خان عهده معنا و أخبر أحد المقربين منه : أنه أجر الأرض لصالحنا .. وحين أرسلوا عيونهم للمكان عرفوا أننا نشرع في حفر نفق ولكنهم لم يعرفوا أين وصلنا في الحفر فجاءوا يساومونا على مشاركتهم لنا في العملية .. وكي نسيطر على الأمر سنحاول كسب الوقت في مفاوضتهم كي لا نحدث ضجة حول الأمر .. وفي المقابل نسرع نحن في تجهيز الفروع الثلاثة لتقترب أكثر من سطح الأرض ونضع بها العبوات التي تم تجهيزها

          عمر .. إذاً فلنبدأ من الآن

          علي .. قبل أن نبدأ يجب أن تعرفوا أننا سنعمل في ظروف صعبة ومعقدة للغاية .. وعليه يجب أن ننحي العصبية جانباً وفي نفس الوقت نعمل بأقصى طاقاتنا دون أي إخلال في مبدأ الإتقان .. كما أن على الجميع أن يحمل سلاحه معه أثناء العمل .. فلا أحد يدري ما الذي يمكن أن يفاجئنا

          وصلت مئات الكيلوجرامات إلى مكان الحفر وسارع الجميع في إعدادها وتوزيعها على الفروع الثلاثة للنفق أسفل الموقع مباشرة .. وتم تسجيل هذه الأحداث من خلال تصويرها بالفيديو وكذلك أذاع الشباب بيان العملية من داخل النفق أسفل الهدف مباشرة وانتظر الجميع قرار قيادة الكتائب في اختيار لحظة التفجير

          كانت كل المجموعة تشعر بالتعب والإرهاق حتى فقدوا حاسة الشعور بالزمن .. لدرجة أن الواحد منهم لم يكن يعرف الفرق بين الليل والنهار إلا أثناء الصلاة التي كانوا يقيمونها داخل النفق .. وكانت دهشة حسام كبيرة حين أخبره عمر أن اليوم هو يوم زفافه وعليه أن يذهب إلى البيت قبل أن يفكروا أنه هرب من الزواج

          حسام .. سأذهب الآن ولكن عليك أن تخبرني عن أي أمر يستجد وتطلعني على تطور الأحداث لحظة بلحظة واستخدم معي شفرتنا القديمة أثناء الاتصال أو من خلال الرسائل

          عمر .. اطمئن وأنا والأخوة سنبقى هنا لحراسة المكان كما أن هناك مجموعة من الأخوة ستلتحق بنا لتشديد الحراسة على محيط المنطقة

          لم يسلم حسام حين عاد للمنزل من توبيخ والده وعتاب والدته لعدم اهتمامه بيوم زفافه وغيابه فترات طويلة عن المنزل .. وبينما انشغل أخوة حسام في تهيئة حديقة المنزل لحفل الزفاف كان حسام يستقبل المهنئين شارد الذهن يكاد يعرف الواحد منهم مع أن الجميع أقاربه

          كانت رسائل عمر ومكالماته تصل حسام بانتظام عن طريق هاتفه النقال تطلعه على كل ما يستجد من أمور .. حتى حل المساء وبدا الإرهاق على وجه حسام الذي لم ينم منذ فترة طويلة ولم يشعر بأخته أم إبراهيم وهي تأخذه من بين الرجال ليجد نفسه فجأة بجوار عروسه سمر في المكان المخصص للنساء

          تفاجئ حسام أنه يجلس فعلاً بجوار عروسه وبجانبه وقفت أخته أم إبراهيم تطلب منه أن يبتسم وتذكره أنه في عرس وليس في مأتم .. ولكنه كان سرعان ما يعود لشروده ويركز بصره على هاتفه النقال الذي لم يفارق يده طوال الوقت

          شعرت سمر أن أمرا ما يشغل بال حسام فهو لم يكن كما أخبرتها أخته أم إبراهيم طائراً من الفرحة .. بل كان شارد الذهن وبالكاد يشعر بها وهي تحدثه .. مما جعل الظنون تلعب برأسها حتى انتبهت للهفته التي ظهرت عليه حين انبعثت نغمة من هاتفه النقال ..فاتضح أنها رسالة قرأها حسام باهتمام زائد مما جعلها تنظر في المكتوب بطرف عينها لتجد أن الرسالة تقول : سنأتي اليوم قبل الثانية عشرة لنأخذ كراسي العرس

          بدت الرسالة التي جذبت اهتمام حسام غاية في السخف بالنسبة لسمر .. ولكنها كانت تعني لحسام أن العملية تقرر تنفيذها اليوم قبل الساعة العاشرة مساء .. مما جعل حسام يهمس في أذن أخته أم إبراهيم قائلاً :
          هل يمكنني أن أخذ عروسي الآن وأصعد إلى شقتي ؟

          أم إبراهيم .. انتظر على الأقل ساعة أخرى فأنت لم يمر على جلوسك بجوار العروس أكثر من نصف ساعة

          حسام .. تعلمين أنني لا أحب الجلوس وسط هذا الكم من النساء فهو يُصيبني بالإحراج ولولا أنني لم أشأ أن أحرجك لما أتيت معك إلى هنا

          أم إبراهيم .. حسناً .. يمكنك أن تجلس نصف ساعة إضافية وتصعد أنت وعروسك إلى شقتك .. ثم همست في أذنه مازحة : سآتي أمام جميع النساء وأطلب منك أن تحمل عروسك وتصعد بها إلى الطابق الخامس

          حسام .. أعرفك تفعليها .. ولو تعرفي ما أشعر به من إرهاق لطلبتي منها ذلك

          لأول مرة تشعر سمر بأن حسام يضحك من قلبه وليس مجاملة منذ أن جلس بجوارها .. وعلى الرغم من أنها لا تعرف ما الذي يضحكه إلا أن شعور بالاطمئنان بدأ يتسرب إلى نفسها فأعاد لها هي أيضاً بسمتها

          لم تشعر سمر أن شيئاً ينقصها بالرغم من أنها يتيمة الأم .. فوجود أم إبراهيم بجانبها لحظةً بلحظة جعلها تشعر كما أن والدتها تشاركها عرسها فعلاً .. ولكن كان يشغلها حقاً تصرفات حسام الغامضة التي لم تعرف سبباً لها .. وأثار في نفسها شيئاً لا تعرف معناه خاصةً بعد قراءة رسالة تبدو سخيفة أولى لها حسام اهتمام كبير وهو يعيد قراءتها مرة بعد مرة

          طلبت أم إبراهيم من حسام وعروسه أن يقفا استعداداً للصعود إلى عش الزوجية .. وبالفعل صعد حسام وسمر إلى شقتهما في الطابق الخامس ولم يتبادلا سوى كلمات قليلة ثم اتجه حسام إلى نافذة في صالة الشقة تطل على موقع محفوظة الذي بدا واضحاً عن بعد وقد أضاءته مصابيح الصوديوم المنتشرة في كل مكان

          كانت سمر في قمة الخجل بسبب الموقف وكان حسام ينظر باهتمام بالغ ناحية الموقع وكأنه يستعيد ذكرى ما حدث له فيه

          مر أكثر من نصف ساعة وحسام ينظر إلى النافذة دون أن تعرف سمر ما الذي يجذب اهتمامه أو فيما يفكر كل هذا الوقت .. فاقتربت منه بعد أن حل القلق مكان خجلها لتسأله عن السبب الذي يجعله ينظر من النافذة والظلام يخفي كل شيء .. ولكنها تراجعت عن السؤال حين لمحت قبضته وهي تطبق على ستارة النافذة بعصبية كأنه يفكر في شيء مهم

          لحظات و راودت سمر فكرة ما حين رأت أن موقع محفوظة يبدو واضحاً من هذا الاتجاه .. فظنت أن ما حدث لحسام في الموقع على يد الجنود قد ترك لديه أثر نفسي جعله ينظر إلى هذا الموقع وهو يطبق على ستارة النافذة بهذه القوة

          وبعد أن استجمعت سمر شجاعتها همت بأن تحدثه عن ذكرى ما حدث لهما في الموقع لولا أوقفها الوميض القوي الذي أضاء فجأة المنطقة بأسرها وحولها لجزء من الثانية إلى نهار كامل ثم أعقبه صوت انفجار قوي اهتزت له المنطقة والمنزل بنوافذه التي كادت أن تتحطم

          تراجعت سمر في خوف وعينها معلقة بحسام الذي لم يتأثر بما حدث وظلت عينه معلقة بالنافذة وهو يتمتم بكلمات لم تستطع سماعها

          بدا ما يحدث أمام سمر غاية في الغرابة وقبل أن تسأله عن الذي حدث ظهر وميض ثاني وانفجار ثم أعقبه وميض أقوى وانفجار ثالث جعل سمر تظن أن البيت سينهار فوق رأسيهما .. ولكنها سمعت صوت حسام وهو يقول .. الله أكبر الله أكبر بصوت أعلى ثم سجد لله شاكراً

          كل شيء بدا واضحاً لسمر بعد رؤيتها ما حدث وتكبيرات حسام .. فلم تجد نفسها إلا وهي ساجدة بجواره شاكرة لله .. بينما استيقظت فلسطين تلك الليلة تحتفل بهذه العملية حتى الصباح.






          النهاية ...




          تحياتي للاخت بنت الجنوب التي انزلت الموضوع من الاول

          وتقبلو تحياتي لكل الاخوة الاعضاء
          [mark=FFFF33]
          لبؤة الجهاد[/mark]
          موضوع عن قصص الجواسيس العرب واحدات مهمة ارجو المتابعة
          22:2

          تعليق


          • #50
            بارك الله فيكي واللهم اغفر لكي ولوالديكي ولوالدي ولسائر المسلمين الاحياء منهم والاموات واسكنهم الله الفردوس الاعلي ولكي الشكر علي المجهود الكبير الدي ابزلتيه اعطاكي الله الصحه والعافيه (ليست بالمغربيه)وجزاكي الله الفردوس الاعلي
            سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم

            تعليق


            • #51
              بارك الله فيكي على القصة
              أبو مالك

              تعليق


              • #52
                المشاركة الأصلية بواسطة ahmadmen مشاهدة المشاركة
                بارك الله فيكي واللهم اغفر لكي ولوالديكي ولوالدي ولسائر المسلمين الاحياء منهم والاموات واسكنهم الله الفردوس الاعلي ولكي الشكر علي المجهود الكبير الدي ابزلتيه اعطاكي الله الصحه والعافيه (ليست بالمغربيه)وجزاكي الله الفردوس الاعلي
                جزاك الله خيرا علي المرور


                وبما انك جبت سيرت المغاربة فابرق لهم منها كل التحية والاحترام


                وابرق للشيخ الفيزازي المحكوم عليه ظلما وعدونا 30 سنة

                وتحية الي كل المجاهدين اللذي رفعوا لواء الجهاد في العراق فابلو البلاء الحسن

                وفي افغانستان ابلو البلاء المنقطع النظير

                وكل التحية لكل من يرفع لواء الجهاد في سبيل نصرة الدين
                موضوع عن قصص الجواسيس العرب واحدات مهمة ارجو المتابعة
                22:2

                تعليق


                • #53
                  واخيرا انتهت القصة
                  فتحية كل التحية لفرسان القسام الذين اشفوا صدور قوم مؤمنين باكبر انجاز على مستوى الانفاق فى قطاع غزة
                  كل التحية لروح الشهيد القسامى طارق حميد
                  وكل التحية للفرسان الى سهرت وخططت واعدت وتحية للفرسان التى فجرت
                  شكرا لك اختى على اكمال القصة الرائعة جدا
                  اللهم اوعدنا يا رب

                  تعليق


                  • #54
                    المشاركة الأصلية بواسطة بنت الجنوب1 مشاهدة المشاركة
                    كنت بدي أنزل القصة كلها انبارح بعد صلاة التراويح

                    ولكن كانت الظروف أقوى مني

                    وكنت بعرف انه رح تطلبوا متل هيك طلب

                    لعدم الاحراج طلعت من الشبكه

                    وقلت خلص بكره بنزلها كلها

                    صحيح انه الواحد بيتشوق كتير للقصه بس ما بيعمل يلي انتو عملتوا

                    شكرا كتير dddd

                    والشكر موصول لأبو حمزه

                    يالله فيكوا تكفوا القصه

                    أنا لهون وخلص ما بدي أنزل منها شي

                    المجال مفتوح لتكتبوا شو ما بدكوا

                    ما عادت تفرق

                    شكرا كتيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييير



                    اتمني انكم تراجعو الردود قبل ما تحللو الموضوع بطريقة خاطئة
                    موضوع عن قصص الجواسيس العرب واحدات مهمة ارجو المتابعة
                    22:2

                    تعليق

                    يعمل...
                    X