إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

#####خـــرج ولم يــعـــد!!! #####

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #####خـــرج ولم يــعـــد!!! #####

    السلام عليكم ورحمه الله تعالى وبركاته
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

    دخل الخطيب المسجد يمشي ببطء ، كأنما يجر خطواته جرا . أصوات قراءة القرآن ، التي يضج بها المسجد .. بدأت بالخفوت . ما إن اعتلى المنبر حتى كانت الأصوات قد تلاشت .
    فترة الآذان كانت فرصة لأن يتأمل في وجوه الحاضرين . أخذ ينقل طرفه في زوايا المسجد .. يرى الوجوم على الوجوه ، و يرى علامات التبرم .. بل يرى حتى النائمين !! و حفظ كذلك ، وجوه أولئك الذين يلازمون حضور خطبته ، و يتخذون مواقع ثابتة في المسجد! يعرفهم تماما و يعرف (الغرض) الذي جاءوا من أجله ..!!


    لكن ماذا يفعل لهؤلاء الذين يُبدُون الضيق من رتابة الخطبة ، خصوصا الشباب منهم . إنه لا يملك أن يفعل أكثر من هذا . يريدونه أن يثور ساخطا على (النظام) ، و يلقي بحمم كلماته على رموزه (!!) .. و لكن هل ينتهي الأمر بهذا ؟!

    إن (الحمم) التي يريده هؤلاء أن يلقيها لتزعزع أركان النظام ، كما يقولون ، يود أن يلقيها ، و لكن ليس للغرض الذي يقصدونه ، بل ليفجر العفن ، و الوهن ، و الانهزام داخل النفوس ، التي قبلت بهذا الوضع المهين !! إن الثورة على الخور و العبودية لغير الواحد الأحد ، داخل النفوس ، يجب أن تسبق الثورة على النظام ، و هو ما يريده هؤلاء المُستَعْبَدين داخليا .

    كل هذه الأفكار طافت برأسه ، و هو يتأمل الحاضرين ، و يحاول أن يقرأ في ملامح كل شخص وقعت عيناه عليه، خبايا ما يدور في فكره . لم يقطع حبل تفكيره إلا قيام المؤذن بتقريب مكبر الصوت إليه ليبدأ الخطبة . كان قد قرر شيئا في دخيلة نفسه ، رحمةً بالشباب الغض ، الذي يراه يتقاطر على المسجد ، و كله رغبة في أن يسمع كلمة رفض للانحراف و الفساد ، الذي يدفع إليه المجتمع دفعا.. باسم التحديث و التقدم .. أو إدانة .. لانتهاك حقوقه وسرقة أمواله و خيراته ، أو حتى يسمع عبارة احتجاج على الواقع المزري الذي ارتكست فيه الأمة .. لعلها تمنحه بعض العزاء لكبريائه الجريحة .

    استهل الخطبة بالحديث عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و مكانته في المجتمع المسلم ، و استرسل في الخطبة مستشهدا بالحديث النبوي : " من رأى منكم منكرا فليغيره ..." . كان صوته يعلو حينا و يخفت آن آخر .. و استغرق في حالة من التفاعل مع الحديث الشريف ، لم يشعر خلالها بأي شيء آخر ، سوى حركات التحفز التي بدأت تظهر على المصلين ، و الشباب منهم خاصة ..!

    في نهاية الخطبة لم يدر ماذا قال بالضبط .. لكنه واثق من أنه قد تجاوز الخطوط العريضة للخطبة ، التي دونها على ورقة صغيرة يحملها بيده .

    كان هناك تقريران قد كتبا عن الخطبة .. الأول يقول:

    "الخطيب يحرض على العصيان المسلح" !!

    أما التقرير الثاني فيؤكد صاحبه على أن :

    " الخطيب يدعو إلى الإطاحة بالنظام عن طريق (انقلاب) " !!

    إضافة إلى ملاحظات سجلها (أحدهم) .. أشار فيها إلى أن " الخطيب يصف أعمال الحكومة بالمنكر".. !

    كان على وشك أن يهجع إلى النوم .. بعد أن صلى الوتر ، حينما بدأ طرق عنيف ينهال على باب البيت .

    ارتدى ثوبه ثم توجه نحو الباب .. و نادى :

    - من هناك ؟!

    - افتح .. افتـــــح ..!

    - من أنت ؟!

    - افتح .. و إلا اضطررنا لدخول البيت بالقوة .. !

    - ! ! ! ! !

    فتح الباب فاندفع الطارق إلى داخل البيت و معه ثلاثة رجال .. قال مخاطبا إياه :

    - النقيب عوض من المباحث .. سنفتش البيت ..

    - الآن ..؟‍! إن أهلي و أطفالي نائمون ..!

    - لا بأس نفتش البيت ثم يعودون للنوم ثانية ..!

    أشار للرجال الذين معه بأن يبدأوا التفتيش ..

    - لحظة لو سمحت لأخبر أهلي ..

    بعد أن انتهى التفتيش .. دون نتيجة ، قال له :

    - تعال معنا ..

    - إلى أين .. و لمــاذا ؟

    أجاب و هو يدفعه أمامه :

    - ستعرف فيما بعد .. !

    وضع القيد في يديه و أركب شاحنة نقل بضائع صغيرة ، لا نوافذ لها ، سوى فتحات صغيرة ينفذ منها الهواء . بعد مسيرة نصف ساعة توقفت السيارة ، فصعد أحدهم إليه وعصب عينيه ، ثم اقتاده إلى داخل أحد المباني . أحس أنه صعد درجاً ، وسار في أكثر من ممر ، مرّة ذات اليمين و أخرى ذات الشمال ، و أخيرا أدخل إحدى الغرف ، و رفعت العصابة عن عينيه .. لم ير شيئا لأن الغرفة كانت مظلمة . قبل أن يخرج الجندي ، و يغلق الباب وراءه ، أدار مفتاح الضوء الذي كان باهتا ، لدرجة أنه لا يكاد يصل إلى أطراف الغرفة رغم صغرها .

    تبين في الغرفة فراشا قديما ممدودا .. و طاولة و كرسي من البلاستيك . تمنى لو أن الجندي لم يشعل هذا النور، لأنه كان من الضعف بحيث يرسم تظليلا للأشياء الموجودة في الغرفة ، بشكل يبعث على الوحشة .. فهاهو يرى ظله و كأنه عمود مشنقة ، تمثل لحيته الكثة حبلها ، و بدا له ظل الطاولة ، و هو يقف خلفــهـــــــا ، و كأنها منصة المشنقة ..!

    تساءل .. و قد أحس بكآبة تنوء بكلكلها على صدره : هل هذا جزء من برنامج الليلة ؟!

    استمر على هذا الحال ثلاث ليال .. لا يكلمه أحد ، و لا يرى أحداً ، سوى جندي يفتح الباب ، و يضع له طعاما دون أن يتكلم .

    ظلت الأفكار .. و الخيالات السيئة تعاوده ، و في الليلة الرابعة .. أفاق من تخيلاته على صوت الباب يفتح ، فالتفت فإذا بنور الغرفة الباهت يتسرب إلى الممر عبر فتحة الباب.

    قال يحدث نفسه ، و يكتم آهة تكاد تفجر صدره : " يا رب حتى هذا النور الباهت لم يطق وحشة الغرفة ففر إلى الممر .. وما عسى أن يجد في الممر ، أو في ما بعــــــد الممـــــــر ؟! " ..

    دخل الشخص و لم يستطع أن يتبين وجهه ، و لكن عرف أنه ضابط ، حينما وقعت حزمة من الضوء على كتفه فلمعت النجمة النحاسية التي تعلوه .. سحب الكرسي فكان له صرير خيل إليه و هو ينبعث من وسط الظلام ممزقا السكون ، و كأنه نحيب امرأة ثكلى . جلس الضابط على الكرسي مستظهرا النور و واضعا يديه على الطاولة . بعد فترة من الصمت المخيف ، لم يسمع فيها إلا أنفاسه المتلاحقة ، سأله الضابط :

    - أين تتدرب على السلاح ، ومن هم شركاؤك في الانقلاب ؟

    - أي سلاح ، وأي انقلاب ؟

    - لا تماطل نحن نعرف عنك كل شيء .. و كنا نرصد تحركاتك جميعها !!

    - ماذا لدي حتى تعرفونه .. و ما هي تحركاتي ؟!

    - الإنكار لا يفيدك .. بل يؤخر تنفيذ (الحكم) ضدك ..!

    -أنا لا أعرف شيئا مما تقول .. !

    - نحن نعرف يا .. فضيلة الشيخ .. تحرض الشباب على العصيان المسلح ، و تدعوهم للمشاركة في (الانقلاب) الذي تخطط له ..!

    -من قال هذا الكلام ..؟!

    - أنت قلته .. هل نسيت بهذه السرعة ؟! أم أن ذاكرتك ضعيفة إلى حد أنك لا تتذكر خطبتك قبل يومين ..؟!

    - . . . . . . . . . .


    - من رأى (منكرا) فليغيره بيده .. أو (فبقلبه) !!هــاه ..؟

    - هذا ليس كلامي .. إنه حديث .. !

    - هذا ما نريده منك .. الشخص الذي تحدث بهذا ، أن تدلنا على صاحب هذا الكلام .. نعرف أنه مغرر بك .. نريد الرأس المدبر ..

    - يا رجل هذا (حديث) من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم ماذا عساك تفهم من الحديث أكثر مما دل عليه؟!

    - هكذا إذن ، تُجَهِلنا بالدين .. أنت المسلم فقط .. أما الحكومة التي جعلت الإسلام مصدر رئيسي من مصادر التشريع ، هي برأيك ليست إسلامية .. !

    - أنا لم أقل هــذا .. !

    - و تنكر أيضا .. لدينا تسجيلا لخطبتك ، التي تصف فيها سياسة الحكومة بالمنكر ، و تحرض الشباب على الإعتراض عليها بالعصيان المسلح ..!

    - هذا لم يحصل قط .. و أنا حينما استشهدت بالحديث الشريف لم أعن شيئا مما تقول ..

    - حينما بدأت تصرخ بجمهور المصلين ، و تقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده .. وترفع يديك أمامهم ، كما لو كنت تحمل بندقية .. ! هل هذا حديث أم دعوة للعصيان المسلح .. تحرض فيها الشباب المخدوع بشعاراتكم الدينية ..؟!

    - ولكـــن ..!

    - هل تظن عناصرنا من الغباء بحيث لا يعرفون (شفرتك) السرية هذه ..؟

    - أقسم أن هذا لم يحصل .. قد تكون عناصركم فهمت حركاتي خطأ ، و من هنا حصل سوء الفهم ..!

    - لو سلمنا معك جدلا .. بأنك لا تقصد بالمنكر السياسة الحكيمة للدولة ، و أن التغيير باليد لا تقصد به التحريض على العصيان المسلح ، فماذا تقول عن دعوتك الصريحة (للانقلاب) على الدولة و تغييرنظام الحكم ؟‍!

    - أنــا ...؟‍!

    - لا تعد للمماطلة .. كنت تصرخ : فليغيره بيده ، فإن لم يستطع (فبقلبه) ، و ظللت تكررها ثلاث مرات : فبقلبه .. فبقلبه .. فبقلبه .. لقد مضى عهد الانقلابات يا معتوه ..!

    قال الضابط عبارته هذه .. و نهض و أغلق الباب خلفه بعنف .. مزق السكون الذي يخيم على المكان . أخذ الصوت الذي أحدثه إغلاق الباب يتردد .. فخيل إليه كأنما يكرر جملة الضابط الأخيرة : " مضى عهد الانقلابات .. مضى عهد الانقلابات ..." ..! رغم المرارة التي يشعر بها ، إلا أنه لم يتمالك نفسه أن انفجر ضاحكا على (الذكاء) الخارق الذي يتمتع به الضابط .. و جواسيسه الذين كتبوا له التقارير‍!!

    في الصباح كان خبر مداهمة بيت الخطيب و اعتقاله قد انتشر في الحي .. و وصل إلى كل بيت في المنطقة .. قالوا :

    - يستأهل ..! لماذا يحشرنفسه في أمور لا شأن له بها..!!!

    في الجمعة التالية ذهب الناس إلى المسجد ليروا الخطيب الجديد ، الذي أخذ يكرر لهم ما كان الخطيب الأول يردده قديما .. نفس الكلام ، و نفس المواضيع الرتيبة . بدأ الملل يسري إلى نفوس الحاضرين ، و أخذوا بالتبرم ، و لكن الخطيب ظل يكرر ما يقوله في كل جمعة ، رغم تناقص المصلين ، و نوم معظم الباقين ، لأن الخطيب الأول .. (خرج و لم يعد )..
    ::.إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ.::



  • #2
    سبحان الله ...............

    قوة الكلمات الإيمانية .........هي النور والسلاح


    هي قوة اخافت قلوب الضعفاء كي تهزمهم هزيمة نكراء يعلمون عن ضعف نفوسهم


    لانهم يعلمون ان لاقوة امام قوة الخالق الجبااااااااااار



    سلمت يداكي جهادية السرايا

    جزيتي خيرا اختي

    تعليق


    • #3
      جزاك الله كل خير اختى
      وجعل ما قدمتى فى ميزان حسناتكك
      اثابك الرحمن الجنان

      تعليق


      • #4
        أللهم عليك بالطواغيت ومن والاهم من زبانيه العصر ...
        أللهم مكن لأخواننا المجاهدين رقاب عباد الصليب


        فإننا عزمنا أن نعيش شرفاء أو نموت شهداء , فخذوا حذر كم أيها الجبناء

        تعليق


        • #5
          جزاك الله كل خير اخى
          وجعل ما قدمت فى ميزان حسناتك

          تعليق


          • #6
            جزاك الله كل خير

            [fot1]
            سرايا القدس امتداد لسرايا الرسول صلى الله عليه وسلم[/fot1]

            تعليق


            • #7
              السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
              بارك الله فيكي اخيتي وجزاكي الله كل خير


              اللهم اجعل قبورنا روضه من رياض الجنه

              تعليق

              يعمل...
              X