إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تعلم كيف ترد على كل من لا يؤمن بوجود الله

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    لفصل الثالث عشر



    شكوك



    قال صاحبي:
    - تقول إن القران لا يتناقض مع نفسه فما بالك بهذه الآية: "فمن شاء فليؤمن ومن شاءفليكفر" 39- الكهف
    والآية الأخرى التي تنقضها: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله"30- الإنسان
    ثم نجد القرآن يقول عن حساب المذنبين إنهم سوف يسألون: "ستكتب شهادتهم ويسألون"19- الزخرف
    "وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون"44- الزخرف
    ومرة أخرى يقول: "ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون"78- القصص
    وأنهم سوف يعرفون بسيماهم:
    "فيؤخذ بالنواصى والأقدام" 41- الرحمن
    ومرة يقول إنه لا احد سوف يشد وثاق المجرم.
    "ولا يوثق وثاقه أحد"26- الفجر
    بمعنى أن كل واحد سوف يتكفل بتعذيب نفسه.
    "كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" 14- الإسراء
    ومرة يقول:
    "ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه"32- الحاقة
    قلت له:
    هذه ليست تناقضات.. ولنفكر فيها معا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. آية صريحة تشير إلى حرية العبد واختياره.. ولكن هذه الحرية لم نأخذها من الله غصبا وغلابا.. وإنما أعطاها إيانا بمشيئته.. فتأتي الآية الثانية لتشرح دلك فتقول:
    "وما تشاءون إلا أن يشاء الله "30- الإنسان.
    أي أن حرية العبد ضمن مشيئة الرب وليست ضدها.. أي أن حرية العبد يمكن أن تناقض الرضا الإلهي فتختار المعصية ولكنها لا يمكن أن تناقض المشيئة.. فهي تظل دائما ضمن المشيئة، ولو خالفت الرضا.. وهي نقطة دقيقة.. وقلنا إن التسيير الإلهي هو عين التخيبر، لأن الله يختار للعبد من جنس نيته وقلبه.. ومعنى ذلك أنه يريد للعبد نفس ما أراد العبد لنفسه بنيته واختيار قلبه... أي أن العبد مسير إلى ما اختار.. ومعنى ذلك أنه لا إكراه و أنه لا ثنائية ولا تناقض.. وأن التسيير هو عين التخيير. وهي مسألة من أدق المسائل في فهم لغز المخير والمسير.. وما تسميه أنت تناقضا هو في الحقيقة جلاء ذلك السر.
    أما الآيات الواردة عن الحساب فإن كل آية تعنى طائفة مختلفة، فهناك من سوف يسأل وتطلب شهادته، وهناك من ستكون ذنوبه من الكثرة بحيث تطفح على وجهه، وهؤلاء هم الذين سوف يعرفون بسيماهم فيؤخذون بالنواصى والأقدام، وهناك المعاند المنكر الذي سوف تشهد عليه يداه ورجلاه:
    " اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون "65- يس
    وهناك من سيكون حسيبا على نفسه يعذبها بالندم ويشد وثاقها بالحسرة.. وهو الذي لا يوثق وثاقه أحد.
    وهناك أكابر المجرمين الجبارين الذين سوف يكذبون على الله، وهم يواجهونه ويحلفون الكذب وهم في الموقف العظيم:
    "يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يجلفون لكم ويجسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون" 18- المجادلة
    وهؤلاء هم الذين سوف يسحبون على وجوههم ويوثقون في السلاسل. . وأبو حامد الغزالي يفسر هذه السلاسل بأنها سلاسل الأسباب.
    - وما رأيك في كلام القرآن عن العلم الإلهي:
    " إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأي أرض تموت " 34- لقمان
    يقول القرآن إن الله اختص نفسه بهذا العلم لا يعلمه غير.:
    " وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو" 51- الأنعام
    فما بالك الآن بالطبيب الذي يستطيع أن يعلم ما بالأرحام، ويستطيع أن يتنبأ إن كان ذكرا أم أنثى.. وما بالك بالعلماء الذين أنزلوا المطر الصناعي بالأساليب الكيماوية.
    لم يتكلم القرآن عن إنزال المطر وإنما عن إنزال الغيث، وهو المطر الغزير الكثيف الذي ينزل بكميات تكفى لتغيير مصير أمة وإغاثتها ونقلها من حال الجدب إلى حال الخصب والرخاء.. والمطر بهذه الكميات لا يمكن إنزاله بتجربة.
    أما علم الله لما في الأرحام فهو علم كلى محيط وليس فقط علما بجنس المولود هل هو ذكر أو أنثى، وإنما علم بمن يكون ذلك المولود وما شأنه وماذا سيفعل في الدنيا، وما تاريخه من يوم يولد إلى يوم يموت: وهو أمر لا يستطيع أن يعلمه طبيب.
    - وما حكاية كرسى الله الذي تقولون إنه وسع السموات والأرض.. وعرش الله الذي يحمله ثمانية.
    - إن عقلك يسع السموات والأرض وأنت البشر الذي لا تذكر.. فكيف لا يسعها كرسى الله..
    والأرض والشمس والكواكب والنجوم والمجرات محمولة بقوة الله في الفضاء.. فكيف تعجب لحمل عرش..
    - وما هو الكرسي وما العرش؟
    - قل لي ما الإلكترون أقل لك ما الكرسي؟ قل لي ما الكهرباء؟ قل لي ما الجاذبية؟ قل لي ما الزمان؟ إنك لا تعرف ماهية أي شيء لتسألني ما الكرسي وما العرش؟ إن العالم مملوء بالأسرار وهذه بعض أسراره.
    - والنملة التي تكلمت في القرآن وحذرت بقية النمل من قدوم سليمان وجيشه:
    " قالت نملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده" 18- النمل
    - لو قرأت القليل عن علم الحشرات الآن لما سألت هذا السؤال.. إن علم الحشرات حافل بدراسات مستفيضة عن لغة النمل ولغة النحل. ولغة النمل الآن حقيقة مؤكدة.. فا كان من الممكن أن تتوزع الوظائف في خلية من مئات الألوف ويتم التنظيم وتنقل الأوامر والتعليمات بين هذا الحشد الحاشد لولا أن هناك لغة للتفاهم، ولا محل للعجب في أن نملة عرفت سليمان.. ألم يعرف الإنسان الله؟
    - وكيف يمحو الله ما يكتب في لوح قضائه:
    "يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب" 38- الرعد
    أيخطى ربكم كما نخطى في الحساب فنمحو ونثبت.. أم يراجع نفسه كما نراجع أنفسنا.
    - الله يمحو السيئة بأن يلهمك بالحسنة ويقول في كتابه:
    "إن الحسنات يذهبن السيئات" 114- هود
    ويقول عن عباده الصالحين:
    "وأوحينا إليهم فعل الخيرات و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة" 73- الأنبياء.
    وبذلك يمحو الله دون أن يمحو وهذا سر الآية 39 من سورة الرعد التي ذكرتها.
    - وما رأيك في الآية؟
    " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" 56- الذاريات
    هل كان الله في حاجة لعبادتنا؟!
    - بل نحن المحتاجون لعبادته.
    أتعبد المرأة الجميلة حبا بأمر تكليف، أم أنك تلتذ بهذا الحب وتنتشى وتسعد لتذوقك لجمالها؟ كذلك الله وهو الأجمل من كل جميل إذا عرفت جلاله وجماله وقدره عبدته، ووجدت في عبادتك له غاية السعادة والنشوة. إن العبادة عندنا لا تكون إلا عن معرفة.. والله لا يعبد إلا بالعلم.. ومعرفة الله هي ذروة المعارف كلها، ونهاية رحلة طويلة من المعارف تبدأ منذ الميلاد وأول ما يعرف الطفل عند ميلاده هو ثدي أمه، وتلك أول لذة، ثم يتعرف على أمه وأبيه وعائلته ومجتمعه وبيئته، ثم يبدأ في
    استغلال هذه البيئة لمنفعته، فإذا هي ثدي آخر كبير يدر عليه الثراء والمغانم والملذات، فهو يخرج من الأرض الذهب والماس، ومن البحر اللآلئ، ومن الزرع الفواكه والثمار، وتلك هي اللذة الثانية في رحلة المعرفة. ثم ينتقل من معرفته لبيئته الارضية ليخرج إلى السموات ويضع رجله على القمر، وبطلق سفائنه إلى المريخ في ملاحة نحو المجهول ليستمتع بلذة أخرى أكبر هي لذة استطلاع الكون، ثم يرجع ذلك الملاح ليسأل نفسه.. ومن أنا الذي عرفت هذا كله.. ليبدأ رحلة معرفة جديدة إلى نفسه.. بهدف معرفة نفسه والتحكم في طاقاتها وإدارتها لصالحه وصالح الآخرين، وتلك لذة أخرى. ثم تكون ذروة المعارف بعد معرفة النفس هي معرفة الرب الذي خلق تلك النفس. وبهذه المعرفة الأخيرة يبلغ الإنسان ذروة السعادات، لأنه يلتقى بالكامل المتعال الأجمل من كل جميل.. تلك هي رحلة العابد على طريق العبادة.. وكلها ورود ومسرات. وإذا كانت في الحياة مشقة، فلأن قاطف الورود لابد أن تدمى يديه الأشواك.. والطامع في ذرى اللانهاية لابد أن يكدح إليها.. ولكن وصول العابد إلى معرفة ربه وانكشاف الغطاء عن عينيه.. ما أروعه. يقول الصوفي لابس الخرقة: "نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف " تلك هي لذة العبادة الحقة.. وهي من نصيب العابد.. ولكن الله في غنى عنها وعن العالمين.. ونحن لا نعبده بأمر تكليف ولكنا نعبده لأننا عرفنا جماله وجلاله.. ونحن لا نجد في عبادته ذلا بل تحررا وكرامة.. تحررا من كل عبوديات الدنيا.. تحررا من الشهوات رالغرائز والأطماع والمال.. ونحن نخاف الله فلا نعود نخاف أحدا بعده ولا نعود نعبأ باحد.. خوف الله شجاعة.. وعبادته حرية.. والذل له كرامة.. ومعرفته يقين وتلك هي العبادة..
    حن الذين نجنى أرباحها ومسراتها.. أما الله فهو الغنى عن كل شيء.. إنما خلقنا الله ليعطينا لا ليأخذ منا.. خلقنا ليخلع علينا من كمالاته فهو السميع البصير، وقد أعطانا سمعا وبصرا وهو العليم الخبير، وقد أعطانا العقل لنتزود من علمه، والحواس لنتزود من خبرته وهو يقول لعبده المقرب في الحديث القدسى: "عبد أطعنى أجعلك ربانيا تقول للشيء كن فيكون "..
    ألم يفعل هذا لعيسى عليه السلام.. فكان عيسى يحي الموتى بإذنه ويخلق من الطين طيرا بإذنه ويشفى الأعمى والأبرص بإذنه.
    العبودية لله إذن هي عكس العبودية في مفهومنا.. فالعبودية في مفهومنا هي أن يأخذ السيد خير العبد، أما العبودية لله فهي على العكس، أن يعطى السيد عبده ما لا خدود له من النعم، ويخلع عليه ما لا نهاية من الكمالات.. فحينما يقول الله:
    "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"56- الذاريات
    فمعناها الباطن ما خلقت الجن والإنس إلا لأعطيهم وأمنحهم حبا وخيرا، وكرامة وعزة، وأخلع عليهم ثوب التشريف والخلافة.
    فالسيد الرب غنى مستغن عن عبادتنا.. ونحن المحتاجون إلى هذه العبادة والشرف، والمواهب والخيرات التي لا حد لها.
    فالله الكريم سمح لنا أن ندخل عليه في أي وقت بلا ميعاد، ونبقى في حضرته ما شئنا وندعوه ما وسعنا.. بمجرد أن نبسط سجادة الصلاة ونقول "الله أكبر" نصبح في حضرته نطلب منه ما نشاء.
    أين هو الملك الذي نستطيع أن ندخل عليه بلا ميعاد و نلبث في حضرته ما نشاء؟!
    وفي ذلك يقول مولانا العبد الصالح الشيخ محمد متولي الشعراوي في شعر جميل:
    حسب نفسي عزا إنني عبد يحتفي بي بلا مواعيد رب هو في قدسه الأعز ولكن أنا ألقى متى وحين أحب ويقول: أرونى صنعة تعرض على صانعها خمس مرات في اليوم "يقصد الصلوات الخمس " وتتعرض للتلف وهذه بعض المعاني الباطنة في الآية التي أثارت شكوكك:
    "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"ولو تأملتها لما أثارت فيك إلا الذهول والإعجاب.

    تعليق


    • #17
      لي عودة لإستكمال القراءه بارك الله فيك أخي على مواضيعك المميزه دائما...

      تعليق


      • #18
        الفصل الرابع عشر



        موقف الدين من التطور



        قال صاحبي :
        - موقفك اليوم سيكون صعباً، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا ..

        أمسك الخالق قطعة طين ثم عجنها في يده ونفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور


        التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة، وإنه ليس مقطوع الصلة
        بأفراد عائلته من الحيوانات، وإنه والقرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد ..
        وإن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .

        قلت وأنا أستعد لمعركة علمية دسمة :
        - دعني أصحح معلوماتك أولا فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا ..
        ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم .. فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل وأطوار وزمن إلهي مديد، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ } 12/ سورة المؤمنون
        وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :
        { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان
        وأن خلقه جاء على أطوار ..
        {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } 13/14 سورة نوح
        { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ } 11/ سورة الأعراف
        { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } 71/72 سورة ص
        معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير .. ثم التسوية ثم النفخ ..
        " وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : { إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } 47/ سورة الحج
        انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة .. يقول الله سبحانه إنه : { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .
        ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7/ 9 سورة السجدة.
        في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً، ثم التسوية والتصوير، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع وبصر وفؤاد .. وأصبح آدم ..
        فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار وليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا ..

        { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا } 17/ سورة نوح
        هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار ومراحل وزمن ..
        ولكن اللغز الحقيقي هو .. ماذا كانت تلك المراحل بالضبط، وماذا كانت تلك الأطوار ؟
        هل كل شجرة الحياة من أب واحد ..
        هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي .. وكلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي .. هذه حقيقة ..ولكننا نقصد من كلمة أب شيئاً أكثر من الأصل الطيني ..

        والسؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت وأنجبت كل تلك الأنواع والفصائل النباتية
        والحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
        أم أنه كانت هناك بدايات متعددة.. بداية تطورت إلى نباتات، وبداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان، كالإسفنج مثلاً، وبداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك، وبداية خرجت منها الزواحف، وبداية خرجت منها الطيور، وبداية خرجت منها الثدييات، وبداية خرج منها الإنسان،
        وبذلك يكون للإنسان جد منفصل، ويكون لكل نوع جد خاص به؟

        إن التشابه التشريحي للفروع والأنواع والفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة، وإنما يدل هذا
        التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق، وأن صانعها جميعاً واحد، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة وبأسلوب واحد وبخطة واحدة.. هذه هي النتيجة الحتمية.
        ولكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي.. فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة والقطار والترام والديزل كلها تقوم على أسس هندسية وتركيبة متشابهة، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري .. ولكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل ومن فكرة هندسية مستقلة..
        كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار، ثم إلى ديزل.

        فالواقع غير ذلك .. وهو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع، وقفزة إبداع في عقل المهندس، لم يخرج نوع من آخر.. مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع..
        ولكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع، وبدأ مستقلاً.
        وهذه هي أخطاء داروين والمطبات والثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته.

        ودعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه "أصل الأنواع" :
        كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة "بيجل" هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية .. فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر، هو نفس الجناح في الخفاش، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة، لتلائم الوظيفة، فالعظام في الطيور رقيقة وخفيفة ومجوفة وهي مغطاة بالريش ..
        ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات، ورقبة الإنسان سبع فقرات، ورقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات، وهناك خمس أصابع في يد الإنسان، ونجد نفس التخميس في أصابع القرد، والأرنب، والضفدعة، والسحلية، وفترة الحمل في الحوت والقرد والإنسان تسعة أشهر، وفترة الإرضاع في الجميع سنتان، وفقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعصعص، ونجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض، ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان والحمار والأرنب والحمامة والإنسان، ونفس الخطة في تفرع الشرايين والأوردة، ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة .. ثم "الاثنى عشر" .. ثم الأمعاء الدقيقة .. ثم الأمعاء الغليظة .. ثم الشرج

        والجهاز التناسلي : نفس الخصية، والمبيض، وقنوات الخصية، وقنوات المبيض .. وكذلك الجهاز البولي :
        نفس الكلية، والحالب، وحويصلة البول .. والجهاز التنفسي : القصبة الهوائية والرئتين، ونجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة.

        كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها ..
        الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم .. والدببة لبست الفراء ..
        وإنسان الغابة في الشمس الاستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس ..
        وسحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي
        البراري مبصرة.. والحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف.. والتي غزت الجو طورت أطرافها
        إلى أجنحة.. وزواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل.

        ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟ ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم وتظهر فيه الرئتان ، وفي مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل ويختفي ، وفي مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .

        ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور واختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية، إلى عديدة الخلايا، إلى الرخويات، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات ..
        وأخيراً إلى الإنسان..
        ولقد أصاب داروين وأبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات وأصاب حينما قال بالتطور.
        ولكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الارتقاء، وأخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الارتقاء وتفاصيله.
        كان تفسير داروين لعملية الارتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب والمخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف ويكون البقاء دائماً للأصلح..
        تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح والقوي وتشجعه .. وتبقي على نسله .. وتفسح أمامه سبل الحياة..
        وإذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض، وليس أكفأ منه في الطيران ..
        وإذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش، في التزاوج، فسوف نسأل ولماذا؟ .. ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
        وإذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها ..
        وتبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان .. ولماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف وجميل كالغزال.. مع أنه أقل قوة وأقل احتمالاً .. كيف نفسر جناح الهدهد وريشة الطاووس وموديلات الفراش بألوانها البديعة ونقوشها المذهلة .. ونحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن ويبدع .. ولسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء وحرب المخلب والناب ..

        والخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة ..
        والطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة
        في عملية تزاوج الخلية الأنثوية والخلية الذكرية ولقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية ..
        وأحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ والتشوهات، وأحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة .. فتكون صفة جديدة مفيدة..
        لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة، فتشجع الطبيعة هذه الصفة وتنقلها إلى الأجيال الجديدة، وتقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها، وبذلك يحدث الارتقاء وتتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية ..
        وخطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات والأخطاء العشوائية .. وأسقطت عملية التدبير والإبداع تماماً ..
        ولا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة وإبداع وإحكام في كل شيء ..
        إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع .. وكل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو ..
        من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
        وأشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً وتنتثر في مساحات واسعة بلا حدود ..
        من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
        وهذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ والشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات وتهضمها وتأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
        نحن هنا أمام عقل كلي يفكر ويبتكر لمخلوقاته ويبدع لها أسباب الحيل.. لا يمكن تصور حدوث الارتقاء بدون هذا العقل المبدع : { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } 50/ سورة طه .

        والعقبة الثالثة أمام نظرية داروين .. هي ما اكتشفناه الآن باسم الخريطة الكروموسومية .. أو خريطة
        الجينات .. ونحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، ويستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .

        نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت.. وإذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها، وإذا كان التطور أيضاً حقيقة، فإن مراحل هذا التطور وكيفياته ما زالت لغزاً ..
        هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
        والتطور وارد باللفظ الصريح في القرآن .. كما أن مراحل الخلق والتصوير والتسوية ونفخ الروح واردة ..
        ولكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد .. وإذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله
        أنه: { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7 / 9 سورة السجدة
        فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد، وهي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين، لم يكن لها سمع ولا أبصار ولا أفئدة ..
        وإنما جاءت هذه الأبصار والأسماع والأفئدة بعد نفخ الروح وهي آخر مراحل خلق آدم ..
        هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان .
        هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها .. ولكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم وكيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها ولا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر ..آيات الخلق إذن متشابهات والقرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير .. والحقيقة بعد هذا ما زالت
        لغزاً .. ولا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة .. والسؤال ما زال مفتوحاً للبحث، وكل ما جاء به العلم فروض ..
        وربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن { خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ } 7/8 سورة الانفطار.
        كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية وأن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين ولكنه تطوير يحدث بتدخل وفعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( وهي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح وحلول النفس فيها لتكون آدم ..
        ثم النفس وحكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً ..
        هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة وتاريخ وتطور هي الأخرى ؟
        أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل ..
        الله أعلم .. والموضوع كله عماء ..
        وربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل وبذات مبدعة خلاّقة ولم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين وصحبه ولم تكن مراحل متروكة للصدفة .. وإنما كانت تخليقاً مراداً ومخططاً خالق قادر حكيم.. وإنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء..
        وما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث ..
        والقطع في هذه القضية مستحيل ..
        وما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل ..

        تعليق


        • #19

          لفصل الخامس عشر



          كلمة لا إله إلا الله

          قال صاحبي :
          - ألست معي في أنكم تبالغون كثيرًا في استخدام كلمة لا إله إلا الله وكأنها مفتاح لكل باب .. تشيعون بها الميت وتستقبلون الوليد وتطبعونها على الأختام وتنقشونها على القلائد وتصكون بها العملات وتعلقونها على الجدران .. من ينطق بها منكم تقولون أن جسمه أعتق من النار .. فإذا نطق بها مائة ألف مرة دخل الجنة وكأنها طلسم سحري أو تعويذة لطرد الجن أو قمقم لحبس المردة .. ثم هذه الحروف التي لا تعرفون لها معنى .. ا . ل . م .. كهيعص .. طسم .. حم .. الر .

          هل أنجو من العذاب إذا قلت لا إله إلا الله .. إذن فإنى أقولها وأشهدك وأشهد الحضور على ذلك .. لا إله إلا الله .. هل انتهي الأمر.
          - بل أنت لم تقل شيئًا .
          إن لا إله إلا الله لمن يعمل بها وليست لمن يشقشق بها لسانه ..لا إله إلا الله منهج عمل وخطة حياة وليست مجرد حروف .. ودعنا نفكر قليلاً في معناها .. إننا حينما نقول لا إله إلا الله نعنى أنه لا معبود إلا الله وبين لا وإلا بين النفي والإثبات في العبارة بين هاتين الدفتين تقع العقيدة كلها لا النافية تنفي الألوهية عن كل شيء .. عن كل ما نعبد من مشتهيات في الدنيا .. عن المال والجاه والسلطان واللذات وترف العيش والنساء الباهرات والعز الفاره .. لكل هذا نقول لا .. لا نعبدك .. لست إلهًا .. ثم نقول لا لنفوسنا التي تشتهي تلك الأشياء لأن الإنسان يعبد نفسه في العادة ويعبد رأيه ويعبد هواه واختياره ومزاجه ويعبد ذكاءه ومواهبه وشهرته ويتصور أن بيده مقاليد الأمور وأقدار الناس والمجتمع .. ويجعل من نفسه إلهًا دون أن يدرى .. لهذه النفس نحن نقول لا .. لا نعبدك .. لست إلهًا.

          نقول ((لا)) – للمدير والرئيس والحاكم .. لا لست إلهًا .
          ومعنى كلمة ((إله)) أي ((فاعل)) .. والفاعل بحق عندنا هو الله، أما كل هذه الأشياء فوسائط وأسباب، المدير والوزير والرئيس والمال والجاه والسلطان والنفس بذكائها ومواهبها .. لكل هذا نقول لا .. لست إلهًا .

          ((إلا)) – واحد نستثنيه ونثبت له تلك الفاعلية والقدرة هو الله .
          وبين لا وإلا بين هذا النفي وهذا الإثبات تقع العقيدة كلها فمن كان مشغولاً بجمع المال وتكديس الثروات وتملق السلطان والتزلف للرؤساء وتحرى اللذات واتباع هوى نفسه وتعشق رأيه والتعصب لوجهة نظره .. فهو لم يقل لا لكل هذه المعبودات وهو ساجد في محرابها دون أن يدرى وحينما يقول لا إله إلا الله فهو يقولها كاذبًا .. يقول بلسانه ما لا يفعل بيديه ورجليه .
          ومعنى (( لا إله إلا الله )) أنه لا حسيب ولا رقيب إلا الله .. هو وحده الجدير بالخشية والخوف والمراقبة .. فمن كان يخاف المرض ومن كان يخاف الميكروب ومن كان يخاف عصا الشرطي وجند الحاكم فإنه لم يقل ((لا)) .. لكل تلك الآلهة الوهمية .. وإنما هو مازال ساجدًا لها وقد أشرك مع خالقه كل تلك الآلهة المزيفة .. فهو كاذب في كلمة (( لا إله إلا الله )) .

          ومعنى ذلك أن (( لا إله إلا الله )) عهد ودستور ومنهج حياة.

          والمقصود بها .. العمل بها .

          فمن عمل بها كانت له طلسمًا بالفعل يفتح له كل الأبواب العصية .. وكانت نجاة في الدنيا والآخرة ومدخلاً إلا الجنة .
          أما نطق اللسان بدون تصديق القلب وعمل الجوارح .. فإنه لا يغنى .
          و (( لا إله إلا الله )) تعنى أكثر من هذا موقفًا فلسفيًا .
          يقول الدكتور زكى نجيب محمود أن (( شهادة لا إله إلا الله )) تتضمن الإقرار بثلاث حقائق .. أن الشاهد موجود والمشهود موجود .. والحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة موجودون أيضًا أي أنها إقرار صريح بأن الذات والله والآخرين لهم جميعًا وجود حقيقي .
          وبهذا يرفض الإسلام الفلسفة المثالية كما يرفض الفلسفة المادية في ذات الوقت .. يرفض اليمين واليسار معًا ويختار موقفًا وسطا .
          يرفض المثالية الفلسفية .. لأن المثالية الفلسفية لا تعترف بوجود الآخرين ولا بوجود العالم الموضوعي كحقيقة خارجية مستقلة عن العقل .. وإنما كل شيء في نظر الفلسفة المثالية يجرى كأنه حلم في دماغ .. أو أفكار في عقل .. أنت والراديو والشارع والمجتمع والصحيفة والحرب كلها حوادث ومرائى وأحلام تجرى في عقليّ .. لا وجود حقيقي للعالم الخارجى .

          وهذا الموقف المثالى المتطرف يرفضه الإسلام وترفضه الشهادة لأنها كما قلنا إقرار صريح بان الشاهد والمشهود والحضور الذين تلقى أمامهم الشهادة أي الذات والله والآخرين حقائق مقررة .
          كما يرفض الإسلام أيضًا الفلسفة المادية لأن الفلسفة المادية تعترف بالعالم الموضوعي ولكنها تنكر ما وراءه .. تنكر الغيب والله .
          والإسلام بهذا يقدم فلسفة واقعية وفكرًا واقعيًا فيعترف بالعالم الموضوعي ثم يضيف إلى هذا العالم كل الثراء الذي يتضمنه الوجود الإلهي الغيبي .. ويقدم تركيبًا جدليًا جامعًا بين فكر اليمين وفكر اليسار في فلسفة جامعة ما زالت تتحدى كل اجتهاد المفكرين فتسبق ما سطروا من نظريات ظنية لا تقوم على يقين .
          شهادة (( لاإله إلا الله )) تعنى إذن منهج حياة وموقفًا فلسفيًا .
          ولهذا فأنت تكذب وأنت الرجل الماديّ الذي اخترت موقفًا فلسفيًا ماديًا وأنت تنطق بالشهادة كذبتين :
          الكذبة الأولى – أنك تشهد بما ينافي فلسفتك .
          والكذبة الثانية – أنك لا تعمل بهذه الشهادة في حياتك قدر خردلة .

          أما حكاية .. ا . ل . م .. وكهيعص . حم . الر . فدعنى أسألك .. وما حكاية س ص ولوغاريتم ومعادلة الطاقة ط = ك × س2 وهي ألغاز وطلاسم بالنسبة لمن لا يعرف شيئًا في الحساب والجبر والرياضيات .. وعند العالمين لها معانى خطيرة .

          كذلك هذه الحروف حينما يكشف لنا عن معناها .

          قال صاحبي في سخرية :
          - وهل كشف لك عن معناها ؟

          قلن وأن ألقى بالقنبلة :
          - هذه موضوع مثير يحتاج إلى كلام آخر طويل سوف يدهشك .

          تعليق


          • #20
            بارك الله فيك اخي غضب الضفه

            اتمنى لك دوام التالق والابداع
            الشهيد القائد رمزي عوض قائد وحده المدفعيه في المنطقه الوسطى سرايا القدس

            تعليق


            • #21
              بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
              لغة الجموع تجاوزت خطراتي ... وتقاصرت عن وصفها كلماتي
              وتجبرت فوق العروش وكبـرت ... الله أكبر قد هزمت طغــــــاتي

              تعليق


              • #22

                الفصل السادس عشر


                كهيعص


                قلت لصديقي الملحد :
                - لا شك أن هذه الحروف المقطعة في أوائل السور قد صدمتك حينما طالعتها لأول مرة .. هذه ال حم ، طسم ، الم ، كهيعص ، ق ، ص .. ترى ماذا قلت لنفسك وأنت تقرأها ؟
                اكتفى بأن يمط شفتيه في لا مبالاة ويقول في غمغمة مبتورة :
                - يعنى .
                - يعنى ماذا .
                - يعنى .. أي كلام يضحك به النبي عليكم .
                - حسنًا دعنا نختبر هذا الكلام الذي تدعى أنه كلام فارغ والذي تصورت أن النبي يضحك به علينا .
                ودعنا نأخذ سورة صغيرة بسيطة من هذه السور .. سورة ق مثلاً .. ونجرى تجربة .. فنعد ما فيها من قافات وسنجد أن فيها 57 قافًا .. ثم نأخذ السورة التالية وهي سورة الشورى وهي ضعفها في الطول وفي فواتحها حرف ق أيضًا .. وسنجد أن فيها عى الأخرى 57 قافًا .
                هل هي صدفة .. لنجمع 57 + 57 = 114 عدد سور القرآن .. هل تذكر كيف تبدأ سورة ق .. وكيف تختتم .. في بدايتها (( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ )) وفي ختامها .. ((فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ )) .. وكأنما هي إشارات بأن ق ترمز للقرآن .. ( ومجموع القافات 114 وهي مجموع سور القرآن) .
                قال صاحبي في لا مبالاة :
                - هذه أمور من قبيل الصدف
                قلت في هدوء :
                - سنمضى في التجربة ونضع سور القرآن في العقل الإلكترونيّ ونسأله أن يقدم لنا احصائية بمعدلات توارد حرف القاف في جميع السور .


                قال وقد توترت أعصابه وتيقظ تمامًا :

                - وهل فعلوها ؟
                قلت في هدوء :
                - نعم فعلوها .
                - وماذا كانت النتيجة ؟
                - قال لنا العقل الإلكترونيّ أن أعلى المتوسطات والمعدلات موجودة في سورة ق وأن هذه السورة قد تفوقت حسابيًا على كل المصحف في هذا الحرف .. هل هي صدفة أخرى ؟
                - غريب .
                - وسورة الرعد تبدأ بالحرف ا ل م ر قدم لنا العقل الإلكترونيّ احصائية بتوارد هذه الحروف في داخل السور كالآتى :
                ا ترد 625 مرة .
                ل ترد 479 مرة .
                م ترد 260 مرة .
                ر ترد 137 مرة .
                هكذا وفي ترتيب تنازلى ا ثم ل ثم م ثم ر .. بنفس الترتيب الذي كتبت به ا ل م ر تنازليًا ثم قام العقل الإلكترونيّ بإحصاء معدلات توارد هذه الحروف في المصحف كله .. وألقى إلينا بالقنبلة الثانية .. أن أعلى المعدلات والمتوسطات لهذه الحروف هي في سورة الرعد .. وأن هذه السورة تفوقت حسابيًا في هذه الحروف على جميع المصحف .

                نفس الحكاية في ا ل م البقرة .
                ا وردت 4592 مرة .
                ل وردت 3204 مرات .
                م وردت 2195 مرة .
                بنفس الترتيب التنازلى ا ل م .
                ثم يقول لنا العقل الإلكترونيّ أن هذه الحروف الثلاثة لها تفوق حسابي على باقي الحروف في داخل سورة البقرة .
                نفس الحكاية في ا ل م سورة آل عمران .
                ا وردت 2578 مرة .
                ل وردت 1885 مرة .
                م وردت 1251 مرة .
                بنفس الترتيب التنازلى ا ل م وهي تتوارد في السورة بمعدلات أعلى من باقي الحروف .

                نفس الحكاية ا ل م سورة العنكبوت .
                ا وردت 784 مرة .
                ل وردت 554 مرة .
                م وردت 344 مرة .
                بنفس الترتيب التنازلى ا ل م وهي تتوارد في السورة بمعدلات أعلى من باقي الحروف .
                نفس الحكاية في ا ل م سورة الروم .
                ا وردت 547 مرة .
                ل وردت 396 مرة .
                م وردت 318 مرة .
                بنفس الترتيب ا ل م ثم هي تتوارد في السورة بمعدلات أعلى من باقي الحروف .
                وفي جميع السور التي ابتدأت بالحروف ا ل م نجد أن السور المكية تتفوق حسابيًا في معدلاتها على باقي السور المكية، والمدنية تتفوق حسابيًا في معدلاتها من هذه الحروف على باقي السور المدنية .

                وبالمثل في ا ل م ص سورة الأعراف .
                يقول لنا العقل الإلكترونيّ أن معدلات هذه الحروف هي أعلى ما تكون في سورة الأعراف، وأنها تتفوق حسابيًا على كل السور المكية في المصحف .

                وفي سورة طه نجد أن الحرف ط والحرف ه يتواردان فيها بمعدلات تتفوق على كل السور المكية .. وكذلك في كهيعص مريم ترتفع معدلات هذه الحروف على كل السور المكية في المصحف .

                كما نجد أن جميع السور التي افتتحت بالحروف حم .. إذا ضمت إلى بعضها فإن معدلات توارد الحرف ح والحرف م تتفوق على كل السور المكية في المصحف .

                وبالمثل السورتان اللتان افتتحتا بحرف ص وهما سورة ص والأعراف "ا ل م ص" ويلاحظ أنهما نزلتا متتابعتين في الوحي .. إذا ضمتا معًا تفوقتا حسابيًا في هذه الحروف على باقي المصحف .

                وكذلك السور التي افتتحت بالحروف ا ل ر وهي إبراهيم ويونس وهود ويوسف والحجر وأربع منها جاءت متتابعة في تواريخ الوحي .. إذا ضمت لبعضها .. أعطانا العقل الإلكترونيّ أعلى معدلات في نسبة توارد حروفها ا ل ر على كل السور المكية في المصحف .

                أما في سورة يس فإننا نلاحظ أن الدلالة موجودة ولكنها انعكست .. لأن ترتيب الحروف انعكس؛ فالياء في الأول يس "بعكس الترتيب الأبجدي" .
                ولهذا نرى أن توارد الحرف ي والحرف س هو أقل من توارده في جميع المصحف مدنيًا ومكيًا .
                فالدلالة الإحصائية هنا موجودة ولكنها انعكست .

                كان صاحبي قد سكت تمامًا .
                قلت وأنا أطمئنه :
                - أنا لا أقول هذا الكلام من عند نفسي وإنما هي دراسة قام بها عالم مصريّ في أمريكا هو الدكتور رشاد خليفة ..
                وهذا الكتاب الذي بين يديك يقدم لك هذه الدراسة مفصلة :Miracle of Quran
                slamic Productions international in St. Louis mo

                وقدمت إليه كتابًا إنجليزيًا مطبوعًا في أمريكا للمؤلف .
                أخذ صاحبي يقلب الكتاب في صمت .
                قلت :
                - لم تعد المسألة صدفة .. وإنما نحن أمام قوانين محكمة وحروف محسوبة كل حرف وضع بميزان ورحت أتلو عليه من سورة الشورى :

                {اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ } الشورى – 17.

                وأي ميزان .. نحن هنا أمام ميزان يدق حتى يزن الشعرة والحرف .. أظن أن فكرة النبي الذي يؤلف القرآن ويقول لنفسه سلفًا سوف أؤلف سورة الرعد من حروف ا ل م ر وأورد بها أعلى معدلات من هذه الحروف على باقي الكتاب وهو لم يؤلف بعد الكتاب مثل هذا الظن لم يعد جائزًا .. وأين هذا الذي يحصى له هذه المعدلات وهي مهمة لا يستطيع أن يقوم بها إلا عقل إلكتروني ولو تكفل هو بها فإنه سيقضى بضع سنين ليحصى الحروف في سورة واحدة يجمع ويطرح بعلوم عصره وهولا يعرف حتى علوم عصره وهو سيؤلف أو يشتغل عدادًا للحروف .

                نحن هنا أمام استحالة .

                فإذا عرفنا أن القرآن نزل مفرقًا ومقطعًا على23 سنة ..
                فإنا سوف نعرف أن وضع معدلات إحصائية مسبقة بحروفه هي استحالة أخرى .. وأمر لا يمكن أن يعرفه إلا العليم الذي يعلم كل شيء قبل حدوثه والذي يحصى بأسرع وأدق من كل العقول الإلكترونية .. الله الذي أحاط بكل شيء علمًا .. وما هذه الحروف المقطعة في فواتح السور إلا رموز علمه بثها في تضاعيف كتابه لنكشفها نحن على مدى الزمان .
                {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ } فصلت- 53

                ولا أقول أن هذه كل أسرار الحروف .. بل هي مجرد بداية لا أحد يدرى إلى أي آفاق سوف توصلنا .

                وهذه الحروف بهذه الدلالة الجديدة تنفي نفيًا باتًا شبهة التأليف .

                ثم هي تضعنا أمام موازين دقيقة ودلالات عميقة لكل حرف فلا يجرؤ أحدنا أن يقول أنه أمام .. أي كلام .. ألا ترى يا صاحبي أنك أمام كلام لا يمكن أن يكون أي كلام .

                ولم يجب صاحبي، وإنما ظل يقلب الكتاب الإنجليزى ويتصفحه ثم يعود يقلبه دون أن ينطق بحرف .

                تعليق


                • #23
                  اشكرك اخي موضوع شيق ومفيد جدا

                  سأعود بأذن الله كي اشاهد الجديد


                  الشهيد الاسطوره مروح كميل الذي خط بدمائه الله اكبر على الجدار قبل ان يستشهد بأشتباكه الاخير

                  تعليق


                  • #24

                    الفصل السابع عشر


                    المعجزة


                    قال صاحبي :
                    لا أفهم كيف يجوز للرب الرحيم الذي تصفونه بأنه رءوف ودود كريم عفو غفور.. كيف يأمر هذا الرب نبيه الخليل المقرب إبراهيم بأن يذبح ولده .. ألا ترى معي أن هذه مسألة صعبة التصديق ؟
                    - القصة تدل من سياقها وأحداثها على أن مراد الله من إبراهيم لم يكن ذبح ابنه، بدليل أن الذبح لم يحدث وإنما كان المراد أن يذبح إبراهيم شغفه الزائد بابنه ..ومحبته الزائدة لابنه.. وتعلقه الزائد بابنه إذ لا يجوز أن يكون في قلب النبي تعلق بغير الله.. لا دنيا ولا ولد ولا جاه ولا سلطان.. كل هذه الأمور لا يصح أن يتعلق بها قلب النبي..
                    وكما هو معلوم كان إسماعيل قد جاء لأبيه إبراهيم على كبر وعلى شيخوخة.. فشغف به الشيخ وتعلق به ..
                    فجاء امتحان الله لنبيه ضروريا ً .. وما حدث في القصة يدل على سلامة هذا التفسير ..
                    فما إن صدع النبي لأمر ربه وأشرع سكينه ليذبح ولده حتى جاء أمر السماء بالفداء .
                    - وما رأيك في معجزات إبراهيم العجيبة ودخوله النار دون أن يحترق .. وما فعله موسى من بعده
                    حينما أخرج من عصاه ثعباناً ثم حينما شق بهذه العصا البحر، ثم حينما أخرج يده من تحت إبطه فإذا هي بيضاء.. ألا تبدو هذه الأمور وكأنها عرض بهلواني في سيرك.. وكيف يدلل الله على قدرته وعظمته بهذه البهلوانيات التي هي في حد ذاتها صنوف من اللا معقول.. وأمثلة من خرق النظام.. ألا يبدو أن البرهان الأقوى على عظمة الله هو النظام والعقل والانضباط والقوانين في سريانها الجميل في الكون دون أن تخرق..
                    - لقد فهمت المعجزة خطأ وتصورتها خطأ.

                    المعجزة في تصورك عمل بهلواني وخرق للقانون، ولا معقول، ولكن الحقيقة غير ذلك.
                    ودعني أقرِّب الموضوع إلى ذهنك بمثَل.. لو أنه قُدِّر لك أن تعود ثلاثة آلاف سنة إلى الوراء، ثم تدخل على فرعون مصر في ذلك الزمن البائد ومعك ترانزستور في حجم علبة الثقاب يتكلم ويغني من تلقاء نفسه.. ترى ماذا سيكون حال فرعون وحاشيته؟.. سيهتفون في ذهول بلا شك معجزة..
                    سحر.. لا معقول.. خرق لجميع القوانين..
                    ولكننا نعلم الآن أنه لا إعجاز في الموضوع ولا سحر، ولا خرق لأي قانون.. بل إن ما يحدث في داخل الترانزستور هو أمر يجري حسب قوانين في علم الإلكترونيات.. وإنه معقول تماماً وسيكون الأمر أعجب لو أنك دخلت على ملك بابل وفي يدك تليفزيون ينقل الصور من بلاد الروم.. وسوف يصفق ملك آشور عجباً لو أنك أدرت له أسطوانة بلاستيك فتكلمت.
                    بل إن التاريخ ليحفظ لنا قصة مماثلة حينما نزل المستعمرون أفريقيا.. وحطت أول طائرة لهم في الغابة وسط البدائيين.. ماذا حدث؟ سجد الزنوج العراة على وجوههم ودقوا الطبول وذبحوا القرابين وظنوا أن الله نزل من سماواته وتصوروا فيما يحدث خرقاً لجميع القوانين.. مع أننا نعلم الآن أن الطائرة تطير بقانون وتنزل بقانون.. وأنها مصممة حسب القوانين الهندسية المحكمة، وأن طيرانها أمر معقول تماماً، وأنها لا تخرق قانون الجاذبية، وإنما تتجاوز هذا القانون بقانون آخر هو قانون الفعل ورد الفعل..
                    نحن إذن أمام تفاضل قوانين وليس أمام خرق قوانين.. والماء يصعد في ساق النخلة ضد الجاذبية ليس بخرق هذه الجاذبية وإنما بمجموعة قوانين فسيولوجية تتفاضل معها.. هي قانون تماسك العمود المائي وقانون الخاصة الشعرية، وقانون الضغط الأزموزي، وهي جميعها قوانين تؤدي إلى شد الماء إلى أعلى.
                    نحن دائماً لا نخرج عن العقل ولا عن المعقول، وما حدث لم يكن بهلوانيات.. وإنما كانت دهشة الزنوج البدائيين مردها جهلهم بهذه القوانين.. وكذلك دهشتك أمام شق موسى للبحر وإخراجه للثعبان من العصا، وإحياء عيسى للموتى، ودخول إبراهيم للنار بدون أن يحترق.. تصورت أنها لا معقول وخرق للقوانين، وبهلوانيات.. في حين أنها تجري جميعها على وفاق المشيئة الإلهية التي تتفاضل مع جميع القوانين التي نعرفها.. وهي إذن صنوف من النظام.. ومن المعقول.. ولكن أعلى من مداركنا والله لا يهدم النظام بهذه المعجزات، وإنما يشهدنا على نظام أعلى، وقوانين أعلى، وعقل أكبر من استيعابنا، ومشيئة أعلى من ذلك كله.

                    وقد وقع البهائيون في نفس غلطتك حينما رفضوا المعجزات، وتصوروا أن قبولها فيه امتهان للعقل، وازدراء بالعقل، فتحايلوا على القرآن وحرّفوا معانيه عن ظاهرها، فموسى لم يشق البحر بعصاه، وإنما كانت عصاه هي الشريعة التي فرقت الحق من الباطل، وبالمثل كانت يده البيضاء هي رمز ليد الخير.. وبالمثل أحيا عيسى النفوس ولم يحي الأجساد.. وفتح العقول ولم يفتح العيون العمى.. وبهذا أخرجوا القرآن عن معانيه الحرفية إلى تأويلات وتفسيرات مجازية ورمزية كلما اصطدموا بشيء لم يعقلوه..
                    وكان هذا لأنهم أخطأوا فهم المعجزة وتصوروا أنها لا معقول، وخرق للقانون، وهدم للنظام، وهو نفس ما وقعت فيه.
                    والحق أننا نعيش في عصر لم تعد تستغرب فيه المعجزات.
                    وقد رأينا العلم يأخذ بيدنا إلى سطح القمر، وإذا كان العلم البشري أعطانا كل هذا السلطان، فالعلم الإلهي اللدني لا شك يمكن أن يمدنا بسلطان أكبر.. استمع إلى هذه الآية الجميلة :
                    { يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ } 33/ سورة الرحمن
                    وهذا هو السلطان.. العلم البشري.. وأعظم منه العلم الإلهي.[

                    تعليق


                    • #25

                      الفصل الثامن عشر


                      معنى الدين



                      قال صاحبي :
                      - اسمع .. إذا كانت عندكم جنة كما تقولون.. فأنا أول واحد سوف يدخلها فأنا أكثر دينا ً من كثير من دعاتكم من أصحاب اللحى والمسابح إياهم..

                      - أكثر ديناً .. ماذا تعني بهذا ؟

                      - أعني أني لا أؤذي أحداً ولا أسرق، ولا أقتل، ولا أرتشي، ولا أحسد، ولا أحقد، ولا أضمر سوءاً لمخلوق، ولا أنوي إلاّ الخير، ولا أهدف إلاّ إلى النفع العام.. أصحو وأنام بضمير مستريح وشعار حياتي هو الإصلاح ما استطعت.. أليس هذا هو الدين؟ ألا تقولون عندكم إن الدين المعاملة؟ ..
                      - هذا شيء له اسم آخر.. اسمه حسن السير والسلوك.. وهو من مقتضيات الدين ولكنه ليس الدين، إنك تخلط بين الدين وبين مقتضايته.. والدين ليس له إلا معنى واحد هو معرفة الإله.. أن تعرف إلهك حق المعرفة، ويكون بينك وبين هذا الإله سلوك ومعاملة.. أن تعرف إلهك عظيماً جليلاً قريباً مجيباً يسمع ويرى فتدعوه راكعاً ساجداً خاشعاً خشوع العبد للرب.. هذه المعاملة الخاصة بينك وبين الرب هي الدين.. أما حسن معاملتك لإخوانك فهي من مقتضيات هذا التدين وهي في حقيقة الأمر معاملة للرب أيضاً ..
                      يقول نبينا عليه الصلاة والسلام:" إن الصدقة تقع في يد الله قبل أن تقع في يد السائل "..
                      فمن أحب الله أحب مخلوقاته وأحسن إليها.. أما إذا اقتصرت معاملاتك على الناس لا تعترف إلا بهم ولا ترى غيرهم.. ولا ترى غير الدنيا فأنت كافر تماماً وإن أحسنت السير والسلوك مع هؤلاء الناس.. إنما يدل حسن سيرك وسلوكك على الفطانة والسياسة والكياسة والطبع اللبيب وليس على الدين فأنت تريد أن تكسب الناس لتنجح في حياتك، وحسن سيرك وسلوكك ذريعة إلى كسب الدنيا فحسب.. وهذه طباع أكثر الكفار أمثالك.
                      - صدقني أنا أشعر أحياناً بأن هناك قوة..
                      - قوة !
                      - نعم .. ثمة قوة مجهولة وراء الكون.. أنا أؤمن تماماً بأن هناك قوة..
                      - وما تصورك لهذه القوة.. أتتصورها كائناً يسمع ويرى ويعقل ويتعهد مخلوقاته بالرعاية والهداية، وينزل لهم الكتب ويبعث لهم الرسل ويستجيب لصرخاتهم وتوسلاتهم ؟
                      - بصراحة أنا لا أصدق هذا الكلام ولا أتصوره، وأكثر من هذا أراه ساذجاً لا يليق بهذه القوة العظيمة..
                      - إذن فهي قوة كهرمغنطيسية عمياء تسوق الكون في عبثية لا خلاق لها.. وهذه هي الصفة التي تليق بقوتك العظيمة..
                      - ربما ..
                      - بئس ما تصورت إلهك.. خلق لك البصر فتصورته أعمى.. وخلق لك الرشد فتصورته عابثاً أخرق.. والله إنك الكافر بعينه، ولو أحسنت السير والسلوك مدى الدهر.. وإنّ أعمالك الصالحة مصيرها الإحباط يوم الحساب وأن تتبدد هباء ً منثوراً ..
                      - ألا يكون هذا ظلماً..؟
                      - بل هو عين العدل.. فقد تصورت هذه الأعمال من ذاتك ليس وراءها الهادي الذي هداك والرشيد الذي أرشدك فظلمت إلهك.. أنكرت فضله.. وهذا هو الفرق بين طيبات المؤمن وطيبات الكافر، إذا استوى الاثنان في حسن السير والسلوك الظاهر.. فكلاهما قد يبني مستشفى لعلاج المرضى.. فيقول الكافر : أنا بنيت هذا المستشفى العظيم للناس..
                      ويقول المؤمن : وفقني ربي إلى بناء هذا المستشفى للناس وما كنت إلا واسطة خير..
                      وما أكبر الفرق.. واحد أسند الفضل لصاحب الفضل ولم يبق لنفسه فضلاً إلا مجرد الوساطة وحتى هذه يشكر عليها الله ويقول : أحمدك يا ربي أن جعلتني سبباً.. والآخر أسند الفضل لنفسه وراح يقول : أنا.. أنا.. أنا كل شيء.. فارق كبير بين الكبرياء والتواضع.. وبين العلو وخفض الجناح..
                      بين الجبروت والوداعة.. ولهذا فأنتم في ديانتكم الوثنية وإيمانكم بهذه القوة الكهرمغنطيسية العمياء لا تصلون ولا تسجدون..
                      - ولماذا نصلي ولمن نصلي..؟ إني لا أرى لصلاتكم هذه أي حكمة.. ولماذا كل تلك الحركات أما كان يكفي الخشوع..؟
                      - حكمة الصلاة أن يتحطم هذا الكبرياء المزيف الذي تعيش فيه لحظة سجودك وملامسة جبهتك التراب وقولك بلسانك وقلبك : " سبحان ربي الأعلى ".. وقد عرفت مكانك أخيراً وأنك أنت الأدنى وهو الأعلى.. وأنك تراب على التراب.. وهو ذات منزهة من فوق سبع سماوات..
                      أما لماذا الحركات في الصلاة، ولماذا لا نكتفي بالخشوع القلبي فإني أسألك بدوري :
                      ولماذا خلق لك الجسد أصلاً.. ولماذا لا تكتفي بالحب الشفوي فتريد أن تعانق وتقبل..
                      لماذا لا تكتفي بالكرم الشفوي فتجود باليد والمال.. بل خلق الله لك الجسد إذا كان خشوعك صادقاً فاض على جسدك فركعت وسجدت.. وإن كان خشوعك زائفاً لم يتعد لسانك..
                      - هل تعتقد أنك ستدخل الجنة..؟
                      - كلنا سنرِدُ النار.. ثم ينجي الله الذين اتقوا.. ولا أعرف هل اتقيت أم لا ؟.. يعلم هذا علام القلوب.. وكل عملي – للأسف – حبر على ورق..
                      وقد يسلم العمل ولا تسلم النية.. وقد تسلم النية ولا يسلم الإخلاص.. فنظن الواحد منا أنه يعمل الخير لوجه الله وهو يعمله للشهرة والدنيا والجاه بين الناس.. وما أكثر ما يخدع الواحد منا في نفسه ويدخل عليه التلبيس وحسن الظن والاطمئنان الكاذب من حيث لا يدري.. نسأل الله السلامة..
                      - وهل يستطيع الإنسان أن يكون مخلصاً ؟
                      - لا يملك ذلك من تلقاء نفسه.. وإنما الله هو الذي يخلص القلوب.. ولهذا يتكلم القرآن في أكثر الآيات عن المخلَصين – بفتح اللام – وليس المخلِصين بكسر اللام.. ولكن الله وعد بأن " يهدي إليه من ينيب " أي كل من يؤوب ويرجع إليه.. فعليك بالرجوع إليه.. وعليه الباقي..

                      تعليق


                      • #26
                        الفصل الاخير


                        لفصل التاسع عشر


                        فزنا بسعادة الدنيا وفزتم بالأوهام



                        قال صاحبي .. وكانت في نبرته فرحة رجل منتصر :
                        - مهما اختلفنا ومهما طال بنا الجدل فلا شك أننا خرجنا من معركتنا معكم منتصرين فقد فزنا بسعادة الدنيا وخرجتم أنتم ببضعة أوهام في رؤوسكم .. وماذا يجدي الكلام وقد خرجنا من الدنيا بنصيب الأسد .. فلنا السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذات التي لا يعكرها خوف الحرام .. ولكم الصيام والصلاة والتسابيح وخوف الحساب .. من الذي ربح ؟

                        - هذا لو كان ما ربحتموه هو السعادة .. ولكن لو فكرنا معًا في هدوء لما وجدنا هذه الصورة التي وصفتها عن السهرة والسكرة والنساء الباهرات والنعيم الباذخ واللذات التي لا يعكرها خوف الحرام .. لما وجدنا هذه الصورة إلا الشقاء بعينه .

                        - الشقاء .. وكيف ؟

                        - لأنها في حقيقتها عبودية لغرائز لا تشبع حتى تجوع، وإذا أتخمتها أصابها الضجر والملال وأصابك أنت البلادة والخمول .. هل تصلح أحضان امرأة لتكون مستقر سعادة، والقلوب تتقلب والهوى لا يستقر على حال والغواني يغرهن الثناء .. وما قرأنا في قصص العشاق إلا التعاسة فإذا تزوجوا كانت التعاسة أكبر وخيبة الأمل أكبر لأن كلا من الطرفين سوف يفتقد في الآخر الكمال المعبود الذي كان يتخيله .. وبعد قضاء الوطر وفتور الشهوة يرى كل واحد عيوب الآخر بعدسة مكبرة .. وهل الثراء الفاحش إلا عبودية إذ يضع الغنى نفسه في خدمة أمواله وفي خدمة تكثيرها وتجميعها وحراستها فيصبح عبدها بعد أن كانت خادمته .. وهل السلطة والجاه إلا مزلق إلى الغرور والكبر والطغيان .. وهل راكب السلطان إلا كراكب الأسد يوما هو راكبه ويوما هو مأكوله .. وهل الخمر والسكر والمخدرات والقمار والعربدة والجنس بعيدًا عن العيون وبعيدًا عن خوف الحرام سعادة .. وهل هي إلا أنواع من الهروب من العقل والضمير وعطش الروح ومسئولية الإنسان بالإغراق في ضرام الشهوة وسعار الرغبات .. وهل هو ارتقاء أم هبوط إلى حياة القرود وتسافد البهائم وتناكح السوائم ..
                        صدق القرآن إذ يقول عن الكفار .. أنهم :

                        (( يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ )) محمد – 12.

                        فهو لم ينكر أنهم يتمتعون ولكن كما تتمتع الأنعام وكما ترعى السوائم .. وهل هذه سعادة وهل حياة الشهوة تلك إلا سلسلة من الشبق والتوترات والجوع الأكال والتخمة الخانقة لا تمت إلى السعادة الحقة بسبب .. وهل تكون السعادة الحقة إلا حالة من السلام والسكينة النفسية والتحرر الروحي من كافة العبوديات .. وهل هي في تعريفها النهائى إلا حالة صلح بين الإنسان ونفسه وبين الإنسان والآخرين وبين الإنسان والله .. وهذه المصالحة والسلام والأمن النفسي لا تتحقق إلا بالعمل .. بأن يضع الإنسان قوته وماله وصحته في خدمة الآخرين وبأن يحيا حياة الخير والبر نية وعملاً وأن تتصل العلاقة بينه وبين الله صلاةً وخشوعًا فيزيده الله سكينة ومددًا ونورا .. وهل هذه السعادة إلا الدين بعينه .. ألم يقل الصوفي لابس الخرقة .. نحن في لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها بالسيوف .. والذين عرفوا تلك اللذة .. لذة الصلة بالله والصلح مع النفس .. يعلمون أن كلام الصوفي على حق .

                        - ألم تكن مثلنا من سنوات تسكر كما نسكر وتلهو كما نلهو وتسعد هذه السعادة الحيوانية التي نسعدها وتكتب الكفر بعينه في كتابك الله والإنسان فتسبق به إلحاد الملاحدة فماذا غيرك من النقيض إلى النقيض ؟

                        - سبحانه يغير ولا يتغير .

                        - أعلم أنك تقول أن كل شيء بفضل الله .. ولكن ماذا كان دورك .. وماذا كان سعيك ؟

                        - نظرت حولى فرأيت أن الموت ثم التراب نكتة وعبثًا وهزلا ورأيت العالم حولى كله محكمًا دقيقًا منضبطًا لا مكان فيه للهزل ولا للعبث .. ولو كانت حياتي عبثا كما تصور العابثون ونهايتها لا شيء .. فلماذا أبكى ولماذا أندم ولما أتحرق وألتهب شوقًا على الحق والعدل وأفتدى هذه القيم بالدم والحياة .

                        رأيت النجوم تجرى في أفلاكها بقانون .. ورأيت الحشرات الاجتماعية تتكلم والنباتات ترى وتسمع وتحس .. ورأيت الحيوانات لها أخلاق .. ورأيت المخ البشرى عجيبة العجائب يتألف من عشرة آلاف مليون خط عصبي تعمل كلها في وقت واحد في كمال معجز .. ولو حدث بها عطل هنا أوهناك لجاء في أثره الشلل والعمى والخرس والتخليط والهذيان وهي أمور لا تحدث إلا استثناء .. فما الذي يحفظ لهذه الآلة الهائلة سلامتها ومن الذي زودها بكل تلك الكمالات .

                        ورأيت الجمال في ورقة الشجر وفي ريشة الطاووس وجناح الفراش وسمعت الموسيقى في صدح البلابل وسقسقة العصافير وحيثما وجهت عينى رأيت رسم رسام وتصميم مصمم وإبداع يد مبدعة .
                        ورأيت الطبيعة بناءً محكمًا متكاملا تستحيل فيها الصدفة والعشوائية .. بل كل شيء يكاد يصرخ .. دبرنى مدبر .. وخلقنى مبدع قدير .

                        وقرأت القرآن فكان له في سمعي رنين وإيقاع ليس في مألوف اللغة وكان له في عقليّ انبهار .. فهو يأتى بالكلمة الأخيرة في كل ما يتعرض له من أمور السياسة والأخلاق والتشريع والكون والحياة والنفس والمجتمع رغم تقادم العهد على نزوله أكثر من ألف وثلاثمائة سنة .. وهو يوافق كل ما يستجد من علوم رغم أنه أتى على يد رجل بدوى أميَّ لا يقرأ ولا يكتب في أمة متخلفة بعيدة عن نور الحضارات .. وقرأت سيرة هذا الرجل وما صنع .. فقلت .. بل هو نبي .. ولا يمكن أن يكون إلا نبي .. ولا يمكن لهذا الكون البديع إلا أن يكون صنع الله القدير الذي وصفه القرآن .. ووصف أفعاله .

                        قال صاحبي بعد أن أصغى باهتمام إلى كل ما قلت .. وراح يتلمس الثغرة الأخيرة :
                        - فماذا يكون الحال لو أخطأت حساباتك وانتهيت بعد عمر طويل إلى موت وتراب ليس بعده شيء ؟

                        - لن أكون قد خسرت شيئًا فقد عشت حياتي كأعرض وأسعد وأحفل ما تكون الحياة .. ولكنكم أنتم سوف تخسرون كثيرًا لو أصابت حساباتى وصدقت توقعاتى .. وإنها لصادقة سوف تكون مفاجئة هائلة يا صاحبي .

                        ونظرت في عمق عينيه وأنا أتكلم فرأيت لأول مرة بحيرة من الرعب تنداح في كل عين ورأيت أجفانه تطرف وتختلج .
                        كانت لحظة عابرة من الرعب .. ما لبث أن استعاد بعدها توازنه .. ولكنها كانت لحظة كافية لأدرك أنه بكل غروره وعناده ومكابرته واقف على جرف من الشك والخواء والفراغ وممسك بلا شيء .

                        قال لي بنبرة حاول أن يشحنها باليقين :

                        - سوف ترى أن التراب هو كل ما ينتظرك وينتظرنا .

                        - هل أنت متأكد .

                        وللمرة الثانية انداحت في عينيه تلك البحيرة من الرعب .
                        قال وهو يضغط على الحروف وكأنما يخشى أن تخونه نبراته :

                        - نعم . . .

                        قلت :

                        - كذبت .. فهذا أمر لا يمكن أن نتأكد منه أبدًا .

                        وحينما كنت أعود وحدى تلك الليلة بعد حوارنا الطويل كنت أعلم أنى قد نكأت في نفسه جرحًا .. وحفرت تحت فلسفته المتهاوية حفرة سوف تتسع على الأيام ولن يستطيع منطقه المتهافت أن يردمها .

                        قلت في نفسي وأنا أدعو له .. لعل هذا الرعب ينجيه .. فمن سد على نفسه كل منافذ الحق بعناده لا يبقى له إلا الرعب منفذًا .

                        وكنت أعلم أنى لا أملك هدايته .. ألم يقل الله لنبيه ..
                        ((إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء )) القصص- 56.

                        ولكنى كنت أتمنى له الهداية وأدعو له بها فليس أسوأ من الكفر ذنبًا ولا مصيرا

                        تعليق


                        • #27
                          بارك الله فيك وجزاك الله خيرا
                          كلما اطلعنا بثوره رددنا أحرار أحرار والبادي أظلم أصبحنا ثوار يا حسين تسلم

                          تعليق


                          • #28
                            موضوع جديد في سلسلة تعلم كيف ترد على من لا يؤمن بوجود الله عز وجل




                            في جامعة أكسفورد، كان ذلك عنوان محاضرة بروفيسور علم الفلسفة ( الملحد)
                            حيث وقف أمام فصله وطلب من أحد طلبته المستجدين أن يقف
                            البروفيسور :أنت مسلم،
                            أليس كذلك يابني؟
                            الطالب المسلم: نعم، يا سيدي
                            البروفيسور: لذلك فأنت تؤمن بالله؟
                            الطالب : تماماً
                            البروفيسور : هل الله خيّر؟ ( من الخير وهو عكس الشر )
                            الطالب : بالتأكيد! الله خيّر
                            البروفيسور : هل الله واسع القدرة؟
                            أعني هل يمكن لله أن يعمل أي شيء؟
                            الطالب : نعم
                            البروفيسور : هل أنت خيّر أم شرير؟
                            الطالب :القرآن يقول بأنني شرير
                            يبتسم البروفيسور إبتسامة ذات مغزى
                            البروفيسور : آه!! الـقــرآن
                            يفكر البروفيسور للحظات
                            البروفيسور: هذا سؤال لك، دعنا نقول أنّ هناك شخص مريض هنا
                            ويمكنك أن تعالجه وأنت في استطاعتك أن تفعل ذلك،
                            هل تساعده؟ هل تحاول ذلك؟
                            الطالب : نعم سيدي، سوف أفعل
                            البروفيسور: إذًا أنت خيّر !!
                            الطالب : لا يمكنني قول ذلك
                            البروفيسور: لماذا لا يمكنك أن تقول ذلك؟ أنت سوف تساعد شخص مريض ومعاق
                            عندما يستطيع ( في الحقيقة معظمنا سيفعل ذلك إن إستطاع )
                            لكن الله لا يفعل ذلك

                            الطالب : لا إجابة
                            البروفيسور : كيف يمكن لهذا الإله أن يكون خيّر؟
                            هممم..؟ هل يمكن أن تجيب
                            على ذلك ؟
                            الطالب : لا إجابة أيضًا
                            الرجل العجوز بدأ يتعاطف مع الطالب المسلم
                            البروفيسور:لا تستطيع، أليس كذلك؟
                            يأخذ البروفيسور رشفه ماء من كوب على مكتبه لإعطاء
                            الطالب وقتاً للإسترخاء،
                            ففي علم الفلسفة، يجب عليك أن تتأنى مع المستجدين
                            البروفيسور : دعنا نبدأ من جديد أيها الشاب
                            البروفيسور:هل الله خيّر؟
                            الطالب المسلم: نعم متمتمًا
                            البروفيسور: هل الشيّطان خيّر؟
                            الطالب المسلم : لا
                            البروفيسور: من أين أتى الشيّطان؟
                            الطالب المسلم: من... الله.. متلعثمًا
                            البروفيسور : هذا صحيح، الله خلق الشيّطان، أليس كذلك؟
                            يمرر الرجل العجوز أصابعه النحيلة خلال شعره الخفيف
                            ويستدير لجمهور الطلبة
                            متكلفي الابتسامة
                            البروفيسور: أعتقد أننا سنحصل على الكثير من المتعة في
                            هذا الفصل الدراسي
                            سيداتي و سادتي

                            ثم يلتفت للطالب المسلم
                            البروفيسور:أخبرني يا بني،
                            هل هناك شّر في هذا العالم؟
                            الطالب : نعم، سيدي
                            البروفيسور: الشّر في كل مكان، أليس كذلك؟
                            هل خلق الله كل شيء؟
                            الطالب : نعم
                            البروفيسور: من خلق الشّر؟
                            الطالب : لا إجابة
                            البروفيسور : هل هناك أمراض في هذا العالم؟
                            فسق و فجور؟بغضاء؟ قبح؟
                            كل الأشياء الفظيعة، هل تتواجد في هذا العالم؟
                            الطالب : نعم وهو يتلوى على أقدامه
                            البروفيسور : من خلق هذه الأشياء الفظيعة؟
                            الطالب : لا إجابة
                            يصيح الأستاذ فجأةً في الطالب المسلم
                            البروفيسور : من الذي خلقها؟ أخبرني
                            بدأ يتغير وجه الطالب المسلم
                            البروفيسور بصوت منخفض: الله خلق كل الشرور،
                            أليس كذلك يا بني؟
                            الطالب : لا إجابة
                            الطالب يحاول أن يتمسك بالنظرة الثابتة والخبيرة ولكنه
                            يفشل في ذلك
                            فجأة المحاضر يبتعد متهاديًا إلى واجهة الفصل كالفهد
                            المسن، والفصل كله مبهور
                            البروفيسور: أخبرني، كيف يمكن أن يكون هذا الإله
                            خيّرًا إذا كان هو الذي
                            خلق كل الشرور في جميع الأزمان؟
                            البروفيسور يشيح بأذرعه حوله للدلالة على شمولية شرور
                            العالم
                            البروفيسور : كل الكره، الوحشية، الآلام، التعذيب،
                            الموت، القبح، المعاناة،
                            التي خلقها هذا الإله موجودة في جميع أنحاء العالم، أليس
                            كذلك أيها الشاب؟
                            الطالب : لا إجابة
                            البروفيسور : ألا تراها في كلّ مكان؟ هه؟
                            البروفيسور يتوقّف لبرهة
                            البروفيسور: هل تراها؟
                            البروفيسور يحني رأسه في إتجاه وجه الطالب ثانيةً ويهمس
                            البروفيسور: هل الله خيّر؟
                            الطالب : لا إجابة
                            البروفيسور : هل تؤمن بالله يا بني؟
                            صوت الطالب يخونه و يتحشرج في حلقه
                            الطالب : نعم يا بروفيسور، أنا أؤمن
                            يهز الرجل العجوز رأسه بحزن نافياً
                            البروفيسور : يقول العلم أن لديك خمس حواس تستعملها
                            لتتعرف و تلاحظ العالم
                            من حولك، أليس كذلك؟
                            البروفيسور: هل رأيت الله
                            الطالب : لا يا سيدي لم أره أبداً
                            البروفيسور: إذًا أخبرنا إذا ما كنت قد سمعت إلهك؟
                            الطالب : لا يا سيدي، لم يحدث
                            البروفيسور : هل سبق وشعرت بإلاهك؟ تذوقت إلهك؟ أو شممت
                            إلهك فعلياً؟
                            هل لديك أيّ إدراك حسّي لإلهك من أي نوع؟
                            الطالب : لا إجابة
                            البروفيسور: أجبني من فضلك
                            الطالب : لا يا سيدي، يؤسفني أنه لا يوجد لدي
                            البروفيسور : يؤسفك أنه لا يوجد لديك؟
                            الطالب : لا يا سيدي
                            البروفيسور : ولا زلت تؤمن به؟
                            الطالب : نعم
                            البروفيسور : هذا يحتاج لإخلاص !
                            البروفيسور يبتسم بحكمة للطالب المسلم
                            البروفيسور : طبقاً لقانون التجريب والإختبار وبروتوكول
                            علم ما يمكن إثباته
                            يمكننا أن نقول بأن إلهك غير موجود،
                            ماذا تقول في ذلك يابني؟
                            البروفيسور : أين إلاهك الآن؟
                            الطالب : لا إجابة
                            البروفيسور: إجلس من فضلك
                            يجلس الطالب المسلم مهزومًا
                            مسلم أخر يرفع يده: بروفيسور، هل يمكنني أن أتحدث للفصل؟
                            البروفيسور يستدير و يبتسم
                            البروفيسور: أه مسلم أخر في الطليعة! هيا هيا أيها
                            الشاب، تحدث ببعض الحكمة
                            المناسبة في هذا الاجتماع
                            يلقي المسلم نظرة حول الغرفة
                            الطالب المسلم: لقد أثرت بعض النقاط الممتعة يا سيدي،
                            والآن لدي سؤال لك
                            الطالب المسلم : هل هناك شيء إسمه الحرارة؟
                            البروفيسور : هناك حرارة
                            الطالب : هل هناك شيء إسمه البرودة؟
                            البروفيسور : نعم يا بني يوجد برودة أيضاً
                            الطالب : لا يا سيدي لا يوجد
                            إبتسامة البروفيسور تجمدت،

                            وفجأة الغرفة أصبحت باردة جدا
                            الطالب : يمكنك الحصول على الكثير من الحرارة،
                            حرارة عظيمة،
                            حرارة ضخمة، حرارة لدرجة إنصهار المعادن، حرارة بسيطة،
                            أو لا حرارة على الإطلاق،
                            ولكن ليس لدينا شيء يدعى البرودة
                            فيمكن أن نصل حتى 458 درجة تحت الصفر،
                            وهي ليست ساخنة، لكننا لن نستطيع تخطي ذلك، لا يوجد شيء إسمه
                            البرودة، وإلا لتمكنا
                            من أن نصل لأبرد من 458 تحت الصفر،
                            يا سيدي البرودة هي
                            فقط كلمة نستعملها لوصف حالة غياب الحرارة، فنحن لا نستطيع قياس البرودة،
                            أماالحرارة يمكننا قياسها بالوحدات الحرارية لأن الحرارة هي الطاقة،
                            البرودة ليست عكس الحرارة يا سيدي،
                            إن البرودة هي فقط حالة غياب الحرارة
                            سكوت في الفصل، دبوس يسقط في مكان ما
                            الطالب : هل يوجد شيء إسمه الظلام يا بروفيسور؟
                            البروفيسور: نعم
                            الطالب :أنت مخطئ مرة أخرى يا سيدي، الظلام ليس
                            شيئا محسوساً،
                            إنها حالة غياب شيء آخر، يمكنك الحصول على ضوء منخفض،
                            ضوءعادي، ضوء مضيء، بريق الضوء،
                            ولكن إذا كان لا يوجد لديك ضوء مستمر فإنه لا
                            يوجد لديك شيء، وهذا يدعى
                            الظلام، أليس كذلك؟ هذا هو المعنى الذي نستعمله لتعريف
                            الكلمة، في الواقع،
                            الظلام غير ذلك، و لو أنه صحيح لكان بإمكانك أن تجعل
                            الظلام مظلما أكثر وأن تعطيني برطمان منه، هل تستطيع أن تعطيني برطمان من ظلام مظلم يابروفيسور؟؟
                            مستحقراً نفسه، البروفيسور يبتسم لوقاحة الشاب أمامه
                            البروفيسور:هذا بالفعل سيكون فصلاً دراسياً جيداً
                            البروفيسور: هل تمانع إخبارنا ما هي نقطتك يا فتى؟
                            الطالب : نعم يا بروفيسور، نقطتي هي،
                            إن افتراضك الفلسفي فاسد كبدايةً
                            ولذلك يجب أن يكون استنتاجك خاطئ
                            تسمّم البروفيسور
                            البروفيسور : فاسد؟ كيف تتجرأ؟!
                            الطالب : سيدي، هل لي أن أشرح ماذا أقصد؟
                            الفصل كله أذان صاغية
                            البروفيسور : تشرح... آه أشرح
                            البروفيسور يبذل مجهودا جبارًا لكي يستمر تحكمه
                            ( طبعا لو أن البروفيسور كان
                            عربيًا لطرده من القاعة، وربما من الجامعة)
                            فجأة يلوّح البروفيسور بيده لإسكات الفصل كي يستمر
                            الطالب
                            الطالب : أنت تعمل على إفتراض المنطقية الثنائية
                            الطالب المسلم : ذلك على سبيل المثال
                            أن هناك حياة و من ثم هناك ممات،
                            إله خيّر وإله سيئ، أنت ترى أن مفهوم الله شيء ما محدود و
                            محسوس، شيء يمكننا قياسه،
                            سيدي إن العلم نفسه لا يمكنه حتى شرح فكرة إنه
                            يستعمل الكهرباء والمغناطيسية فهي لم تُـر أبداً، رغم ذلك فهم يفهمونها
                            تمامًا، إن رؤية الموت كحالة معاكسة للحياة
                            هو جهل بحقيقة أن الموت لا يمكن أن
                            يتواجد كشيء محسوس،
                            الموت ليس العكس من الحياة، بل هو غيابها فحسب
                            الطالب المسلم يرفع عاليًا صحيفة أخذها من طاولة جاره
                            الذي كان يقرأها
                            الطالب : هذه أحد أكثر صحف الفضائح إباحية التي
                            تستضيفها هذه البلاد،
                            يا بروفيسور هل هناك شيء إسمه الفسق والفجور؟
                            البروفيسور:بالطبع يوجد، أنظر
                            قاطعه الطالب المسلم
                            الطالب : خطأ مرة أخرى يا سيدي، الفسق و الفجور
                            هو غياب للمبادئ الأخلاقية فحسب،
                            هل هناك شيء إسمه الظُـلّم؟ لا،
                            الظلّم هو غياب العدل،
                            هل هناك شيء إسمه الشرّ؟
                            الطالب المسلم يتوقف لبرهة
                            الطالب : أليس الشر هو غياب الخير؟
                            إكـتسى وجه البروفيسور باللون الأحمر وهو غاضب جدًا وغير
                            قادر على التحدث
                            الطالب : إذًا يوجد شرور في العالم يا بروفيسور،
                            وجميعنا متفقون على أنه يوجد شرور،
                            ثم أن الله إذا كان موجوداً فهوأنجز عملاً من خلال توكيله للشرور،
                            ما هو العمل الذي أنجزه الله؟ القرآن يخبرنا أنه ليرى إذا ما كان كل فرد منا وبكامل حريته الشخصية سوف يختار الخير أم الشرّ
                            اُلجم البروفيسور
                            البروفيسور : كعالم فلسفي لا أتصور هذه المسألة لها دخل
                            في اختياري،
                            كواقعي أنا بالتأكيد لا أتعرف على مفهوم الله أو أي عامل لاهوتي
                            آخر ككونه جزء من هذه المعادلة العالمية
                            لأن الله غير مرئي و لا يمكن مشاهدته
                            الطالب : كان يمكن أن أفكر أن غياب قانون الله
                            الأخلاقي في هذا العالم هو ربما أحد أكثر الظواهر ملاحظة
                            الطالب : الجرائد تجمع بلايين الدولارات من إصدارها أسبوعيًا،
                            أخبرني يا بروفيسور هل تدرسّ تلاميذك أنهم تطوروا من قرد؟
                            البروفيسور: إذا كنت تقصد العملية الإرتقائية الطبيعية
                            يا فتى، فنعم أنا أدرس ذلك
                            الطالب : هل سبق وأن رأيت هذا التطوّر بعينك الخاصة يا سيدي؟
                            يعمل البروفيسور صوت رشف بأسنانه و يحدق بتلميذه تحديقاصامتا متحجراً
                            الطالب : برفيسور، بما أنه لم يسبق لأحد أن رأى
                            عملية التطوّر هذه فعلياً من قبل
                            ولا يمكن حتى إثبات أن هذه العملية تتم بشكل مستمر،
                            فهي غير موجودة إذًا، ألست تدرسّ آرائك يا سيدي؟
                            إذا فأنت لست بعالم و إنما قسيس؟
                            الطالب : إذًا أنت لا تقبل قانون الله الأخلاقي
                            لعمل ما هو صحيح وفي محله؟
                            البروفيسور : أنا أؤمن بالموجود، وهذا هو العلم !
                            الطالب : آه العلم !
                            وجه الطالب ينقسم بابتسامة
                            الطالب : سيدي، ذكرت بشكل صحيح أن العلم هو
                            دراسة الظواهر المرئية، والعلم أيضاً هو فرضيات فاسدة
                            البروفيسور : العلم فاسد؟ !!
                            البروفيسور متضجراً
                            الفصل بدأ يصدر ضجيجاً،
                            توقف التلميذ المسلم إلى أن هدأ الضجيج
                            الطالب : لتكملة النقطة التي كنت أشرحها لباقي
                            التلاميذ، هل يمكن لي أن أعطي مثالاً لما أعنيه؟
                            البروفيسور بقي صامتا بحكمة، المسلم يلقي نظرة حول الفصل
                            الطالب : هل يوجد أحد من الموجدين بالفصل
                            سبق له وأن رأى عقل البروفيسور؟
                            إندلعت الضحكات بالفصل
                            التلميذ المسلم أشار إلى أستاذه العجوز المتهاوي
                            الطالب : هل يوجد أحد هنا سبق له و أن سمع عقل البروفيسور،
                            لمس بعقل البروفيسور, تذوق أو شمّ أو رأى عقل البروفيسور؟
                            يبدو أنه لا يوجد أحد قد فعل ذلك، حسناً، طبقاً لقانون
                            التجريب، والاختبار وبروتوكول علم ما يمكن إثباته،
                            فإنني أعلن أن هذا البروفيسور لا عقل له
                            الفصل تعمّه الفوضى
                            التلميذ المسلم يجلس، البروفيسور لم يتفوه بكلمة

                            تعليق


                            • #29



                              (أبو حنيفه يرد على الملحدين)



                              حدث أيام تلمذه أبى حنيفة إذ كان يأخذ عن شيخه الأستاذ( حماد) وبينما كان أبو حنيفة نائماً إذ راى فى منامه رؤيا مبهمة : رأى خنزيراً يريد أن ينحت من ساق شجره فمال غصن صغير ضرب الخنزير ضربه موجعه فابتعد صارخاً , ثم انقلب في الرؤيا إنساناً جلس في ظل هذه الشجرة يعبد الله فذهب أبو حنيفة رضي الله عنه إلى شيخه ليفسرها له فوجده مغتماً فسأله عن سبب غمه.

                              فقال : جاء أشخاص ملحدون ( يعتقدون ان الكون مخلوق بالطبيعة وليس له رب) إلى ملك هذه البلاد وقالوا له: أرسل أحد علماء الإسلام ليوضح لنا أن للكون إلهاً.

                              فاحضرنى الملك إليهم واتفقنا على مكان وزمن نجتمع فيه لذلك. ونحن يا بنى سنجادل فى إثبات ذات لا تراها العيون ولا تلمسها الايدى لهذا أخشى الفتنه على الناس .

                              فقال أبو حنيفة رضي الله عنه الآن عرفت تفسير رؤياى فالخنزير راس الملحدين يريد ان ينحت ساق شجره العلم وهو أنت فمال غصن صغير( تلميذك ) وضرب الخنزير بحجته فأسلم وتتلمذ عليك فدعنى أنا أجادلهم فإن غلبتهم فما بالك بالأستاذ؟

                              وان غلبوني فأنا التلميذ الصغير ولو جادلهم الشيخ الكبير لغلبهم.

                              فقال : على بركه الله فذهب التلميذ أبو حنيفة رضي الله عنه وقال للناس إن الشيخ أكبر من أن يأتى لمثل هذه المسائل الواضحة ولهذا اختار أصغر تلامذته وهو أنا لمجادلتكم وستجدون بعون الله إجابة أسئلتكم واضحة .





                              فوجهوا إليه العديد من الاسئله أذكر منها الاتى:



                              ******* السؤال الأول :



                              س: في أي سنه ولد ربك ؟



                              ج : الله لم يولد ولا كان له أبوان وكتاب الله يقول :( لم يلد ولم يولد ).



                              س: في أي سنه وجد ربك ؟



                              ج: الله موجود قبل الأزمنة والدهور ( لا أول لوجوده).



                              س: نريد ضرب أمثله من الواقع المحض لتوضح لنا الإجابة:



                              ج: ماذا قبل الأربعة في الأرقام الحسابية؟



                              قالوا: ثلاثة.

                              قال : وماذا قبل الثلاثة ؟

                              قالوا : اثنان .

                              قال : وماذا قبل الاثنين؟

                              قالوا : واحد

                              قال : وماذا قبل الواحد؟

                              قالوا : لا شئ قبله.

                              فقال لهم : إذا كان الواحد الحسابي موجود لا شئ قبله فما بالكم بالواحد الحقيقي وهو الله تعالى ( إنه قديم لا أول لوجوده).





                              *******السؤال الثانى :



                              س: في اى وجهه يتجه وجه ربك ؟



                              ج: لو أحضرنا مصباحاً في مكان مظلم في اى جهة يتجه نوره؟

                              قالوا : في جميع الجهات.

                              قال : إذا كان هذا حال النور الصناعي فما بالكم بنور السموات والأرض.





                              *******السؤال الثالث:



                              س: عرفنا شيئاً عن ذات ربك أهي صلبه كالحديد؟ أم سائله كالماء؟ أم غازيه كالدخان والبخار ؟



                              ج: هلا جلستم بجوار مريض مشرف على النزع الأخير ( الموت)؟

                              قالوا : جلسنا.

                              قال : كان يكلمكم فصار بعد الموت ساكتاً . وكان يتحرك فصار ساكناً فما الذي غير حاله؟

                              قالوا : خروج روحه.

                              قال : أخرجت وأنتم موجودون معه؟

                              قالوا : نعم .

                              قال: صفوا لي هذه الروح أهي صلبه كالحديد؟ أم سائله كالماء ؟ أم غازيه كالدخان والبخور.

                              قالوا : لا نعرف شيئاً عنها.

                              قال : الروح _ وهى مخلوقة – لا يمكنكم الوصل إلى كنهها أفتريدون منى أن أصف لكم الذات الإلهية إن ذاك لعجيب.





                              *******السؤال الرابع:



                              س: في أي مكان ربك موجود ؟



                              ج: لو أحضرنا كوباً مملوءاً بلبن محلوب الآن فهل في هذا اللبن سمن ؟

                              قالوا : نعم .

                              قال: وأين يوجد السمن في اللبن؟

                              قالوا : ليس له مكان خاص بل هو شائع في كل جزيئات اللبن.

                              قال : إذا كان الشئ المخلوق وهو السمن ليس له مكان خاص أفتطلبون أن يكون للذات الإلهية مكان دون مكان . إن ذاك لعجيب.





                              *******السؤال الخامس:



                              س: إذا كانت كل الأمور مقدره من قبل أن يخلق الكون فما صناعه ربك؟



                              ج: أمور يبديها- يظهرها- ولا يبتديها: يرفع أقواماً ويخفض آخرين.





                              *******السؤال السادس:



                              س: إذا كان لدخول الجنة أول فكيف لا يكون لها آخر ونهاية؟( بل ان اهلها خالدون فيها)



                              ج: الأرقام الحسابية لها أول وليس لها نهاية.





                              *******السؤال السابع:



                              س: كيف نأكل في الجنة ولا نتبول فيها ولا نتغوط؟



                              ج: أنا وأنت وكل مخلوق مكث في بطن أمه تسعه اشهر يتغذى من دماء أمه ولا يتبول ولا يتغوط فمن حيوان منوي لا يرى إلا بالمجهر إلى شخص يملأ يد القابلة( الدايه) أو الطبيبة.





                              *******السؤال الثامن :



                              س: كيف يتأتى أن تزاد خيرات الجنة بالإنفاق منها ولا يمكن أن تنفذ؟



                              ج: خلق الله شيئاً في الدنيا يزداد بالنفقة منه وهو العلم فكلما أنفقت منه زاد ولم ينقص.





                              ******* الأسئلة التاسع والعاشر والحادي عشر:



                              س: أرنى ربك مادام موجوداً.. الشيطان مخلوق من النار وسيعذب بالنار فكيف تعذب النار بالنار؟ .. والشر والخير مقدران على الإنسان فلم الثواب ولم العقاب؟



                              ج: إن الإجابة على أسئلتكم الثلاثة تحتاج وسائل إيضاح .

                              فقالوا : هات ما شئت : فمال وأحضر طوبه من الأرض وهوى بها على رأس زعيمهم بضربه مؤلمه فحضر الوزير مسرعاً مستنكراً ما حدث

                              فقال: إن ضربه وسيله لتوضيح الإجابة على أسئلته.

                              فقالوا : و كيف؟

                              فقال : هل أحدثت هذه الضربة ألماً؟

                              فقال الملحد : نعم .

                              فقال : وأين يوجد الألم ؟

                              قال : في الجرح .

                              فقال أبو حنيفة: أظهر لي الألم الموجود في الجرح فأظهر لك الرب الموجود في الكون .

                              والطوبة من طين وأنت مخلوق من طين فكيف عذب الطين الطين .

                              وضربك مقدر فلم استغثت؟ ليلحقوا بي العقاب .

                              ...........



                              عند ذلك أسلم رئيس الملحدين وأحجم زملاؤه .



                              فقال التلميذ أبو حنيفة رضي الله عنه شعراً:

                              فيالك من آيات حق لو اهتدى .......... بهن مريد الحق كن هواديا.

                              ولكن على تلك القلوب أكنه............ فليست – وان أصغت تجيب المناديا...

                              ************ ****



                              اللهم اغفر لنا وارحمنا وعلى طاعتك اعنا..واصلح اعمالنا .. واحسن خاتمتنا.. واجعلنا من الناظرين الى وجهك الكريم



                              اللهم صلى وسلم على نبينا وحبيبنا سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم



                              لا اله الا الله محمد رسول الله

                              تعليق


                              • #30
                                مشكورررررررر
                                اللهم نسألك صدق النية وأن لا يكون جهادنا إلا لإعلاء كلمتك

                                تعليق

                                يعمل...
                                X