إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس التاسع (9) ۞█ ░◄

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس التاسع (9) ۞█ ░◄

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم أما بعد:


    الحديث التاسع

    عَنْ عَائِشَةَ رضي اللّه عَنْهَا قَالَتْ: " كَاَن رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم يُعْجبُهُ التَيمُّن في تَنَعّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأنِهِ كُلهِ ".
    وجاء عند مسلم لفظ :
    إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر ، وفي ترجله إذا ترجّـل ، وفي انتعاله إذا انتعل.
    وفي لفظ آخر عند مسلم أيضا:
    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في شأنه كله . في نعليه ، وترجله ، وطُـهوره .




    1- "يعجبه التيمن" : يفضل تقديم الأيمن على الأيسر. قال الصنعانى: كل فعل يحبه الله أو رسوله، فهو يدل على مشروعيته للشركة بين الإيجاب والندب.
    2- "في تنعله" : لبس نعله.
    3- "وترجله" : تسريح شعر رأسه ولحيته بالمشط.

    4- "وطهوره" : بضم الطاء، التطهر. ويشمل الوضوء والغسل وإزالة النجاسة.
    5- "وفى شأنه كله" : من الأشياء المستطابة كهذه الأمثلة المذكورة. قال الشيخ تقي الدين: "(وفي شأنه كله): عام مخصوص بمثل دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما مما يبدأ فيه باليسار".



    في هذا الحديث بيان للأمة عن شمولية الإسلام واهتمامه بشؤون الإنسان وتصرفاته حتى في لبسه ومشربه وملبسه وكل شؤون حياته.





    العلة من إيراد المصنف هذا الحديث في كتاب الطهارة:

    فيه دلالة هلى إستحباب البدء باليمين في الوضوء , فيبدأ المرء يده اليمنى قبل اليسرى , ورجله اليمنى قبل اليسرى. وكذلك في الغسل يبدأ الإنسان بشقه الإيمن قبل الأيسر , وسيأتي معنا لاحقا –ان شاءالله- تفصيل الغسل في بابه.



    مشروعية البدء باليمين:

    كما جاء في الحديث بيان أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في طهوره وتنعله وترجله وذلك بالبدء باليمين . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في الأمور الطيبة,والتيمن مشتق من اليُمن، واليُمن: هو البركة وكثرة الخير، فاليمين مقدمة على اليسار، ولذلك فضل الله أصحاب اليمين وجعلهم أهل السعادة، بينما جعل أصحاب الشمال أهل الشقاوة.



    وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم اليسار لما فيه قذارة واستقباح ومافيه نوع من عدم التكريم.

    قال النووي: "قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين، في كل ما كان من باب التكريم والتزين وما كان بضدها استحب فيه التياسر".



    كيفية التنعل:

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد أن ينتعل –أي يلبس نعاله- يبدأ بالرجل اليمنى وإذا أراد أن يخلع نعاله بدأ باليسرى.

    قال عليه الصلاة والسلام : (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين ، وإذا نزع فليبدأ بالشمال ، لتكن اليمنى أولهما تُنعل ، وآخرهما تنزع ) متفق عليه .



    "ترجله"

    كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبدأ بتسريح الشق الأيمن, وذلك بوضع المشط في وسط رأسه ثم يتجه إلى اليمين حتى إذا فرغ اتجه لليسار.



    وكذلك حلق الرأس كما في النسك يبدأ باليمين ثم اليسار ,جاء من في حديث أنس رضي الله عنه : ثم قال للحلاق خذ ، وأشار إلى جانبه الأيمن ، ثم الأيسر . رواه مسلم .



    "وطهوره"

    ويقصد به الطهارة, فيبدأ المرء بميامنه قبل المياسر في الوضوء وفي الغسل.



    حكم البدأ باليسار قبل اليمين في الطهارة.

    فيه مخالفة للسنة التي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومخالفة السنة قد توصل إلى ما لا يحمد عقباه حتى وإن كان الفعل صحيحا ,كما في الوضوء. فيعتبر وضوءه صحيحا. فقد نقلابن المنذر الإجماع على عدم الإعادة لمن بدأ بيساره في الوضوء .

    وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( ولو بدأ في الطهارة بمياسر قبل ميامنه كان تاركا للاختيار وكان وضوؤه صححيا من غير نزاع اعلمه بين الأئمة)



    "في شأنه كله"

    وهذا الأمر مقيد فيما فيه تكريم ,وأما ما فيه استقباح واستقذار فيبدأ بيساره.

    كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه).


    ومن أمثلة ذلك:

    1-البدأ باليمين في الأخذ والإعطاء والأكل والشرب.

    قال صلى الله عليه وسلم : (لا يأكلن أحد منكم بشماله ، ولا يشربن بها ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بها ، ولا يأخذ بها ، ولا يعطي بها) . رواه مسلم .
    ولما أكل رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له عليه الصلاة والسلام : (كل بيمينك . قال : لا أستطيع ! قال : لا استطعت . ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه) . رواه مسلم . أي ما رفعها إلى فمه . رواه مسلم .

    وقال عليه الصلاة والسلام :( ليأكل أحدكم بيمينه ، وليشرب بيمينه ، وليأخذ بيمينه ، وليعطِ بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ، ويعطي بشماله ، ويأخذ بشماله) . رواه ابن ماجه ، وقال في مصباح الزجاجة : ذا إسناد صحيح رجاله ثقات .



    2- تقديم اليمين في التكريم وغيره.

    وذلك البدأ باليمين في العطاء وغيره , فقد أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِلَبَنٍ قد شيب بماء ، وعن يمينه أعرابي ، وعن يساره أبو بكر ، فشرب ، ثم أعطى الأعرابي ، وقال : الأيمن فالأيمن . متفق عليه .

    وأُتِيَ صلى الله عليه وسلم بشراب ، فشرب منه ، وعن يمينه غلام ، وعن يساره الأشياخ ، فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال : الغلام والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً . قال : فَـتَـلَّـه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده . متفق عليه .
    ومعنى : فَـتَـلَّـه . أي وضعه في يده .
    وجاء في بعض الروايات أن الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما .



    وكذلك البدأ باليمين في الاكتحال .

    ومن السنة أيضا النوم على الشق الأيمن.



    3- تقديم اليمنى في الدخول إلى المسجد وإلى البيت وغيره.

    ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دخوله الى المسجد بالرجل اليمنى وكذلك بيته ,وأما ما فيه استقذار كالخلاء فيبدأ باليسرى.



    سؤال الدرس:

    اذكر مثال أو أكثر من ذلك, استخدم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم اليد اليسرى, على ضوء دراستك لما سبق من دروس.



    وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

    والله اعلم.


    لتحميل الدرس اتبع الروابط الاتية

    صيغة Word

    http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson9.doc



    صيغة Pdf

    http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson9.pdf





  • #2
    بسم الله الرحمن الرحيم
    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم أما بعد:


    الحديثان السابع والثامن


    عن حُمْرانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَانَ، أنه رَأى عُثْمَانَ دَعَا بِوَضوء فَأفرَغ عَلَى يَدَيْهِ مِنْ إنَائِهِ فَغَسَلهُمَا ثَلاثَ مَرات، ثُمَّ أدْخَلَ يَميِنَهُ في الوَضُوءِ، ثم تمضْمَضَ وَاستَنْشَق واسثتَنْثَرَ، ثُم غَسَلَ وَجهَهُ ثَلاثَاً، وَيَدَيْهِ إلَىِ الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاثاً، ثُّمَ مَسَحَ برأسه ثُم غَسَل كِلْتَا رجْلَيْهِ ثَلاثاً، ثُمَ قَالَ: رَأيتُ النبي صَلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توَضًأ نحْوَ وضوئي هذَا وَقَالَ: "من تَوَضًأ نَحْوَ وُضُوئي هذَا ثُمَّ صَلَى رَكْعَتَين لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غَفَرَ الله لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".




    1- "وَضوء" : بفتح الواو. الماء الذي يتوضأ به. قال النووي: يقال: "الوضوء والطهور -بضم أولهما- إذا أريد الفعل الذي هو المصدر وبفتح أولهما، إذا أريد الماء الذي يتطهر به". وأصل الوضوء من الوضاءة، وهى الحسن والنظافة فسمي وضوء الصلاة وضوءاً لأنه ينظف صاحبه.
    2- "فأفرغ" : قلب من ماء الإناء كل يديه.
    3- "لا يحدِّث فيهما نفسه" : حديث النفس، هو الوساوس والخطرات. والمراد به هنا ما كان في شؤون الدنيا.
    يعنى، فلا يسترسل في ذلك ، وإلا فالأفكار يتعذر السلامة منها.
    4- "إلى المرفقين" : (إلى) بمعنى (مع) يعنى مع المرفقين.
    5- "ثم" : لم يقصد بها هنا التراخي كما هو الأصل في معناها، وإنما قصد بها مجرد الترتيب. وقد أشار ابن هشام في المغنى والرضي في شرح الكافية إلى أنها قد تأتي لمجرد الترتيب.
    6- "نحو وضوئي" : جاء في بعض ألفاظ هذا الحديث "مثل وضوئي هذا" ومعنى "نحو" و"مثل" متفاوت: فإن لفظة "مثل" تقتضي ظاهر المساواة من كل وجه، أما "نحو" فما تعطى معنى المثلية إلا مجازا. والمجاز هنا متعين، لارتباط الثواب بالمماثلة.
    - "بتور من ماء" : بالمثناة الطست، وهو الإناء الصغير. قال الزمخشرى: وهو مذكر عند أهل اللغة.
    2- "فأكفأ على يديه" : أمال وصب على يديه وفى بعض الروايات " على يده " قال ابن حجر: تحمل رواية الإفراد على إرادة الجنس .
    3- "من صُفر" : بضم الصاد وسكون الفاء، نوع من النحاس.
    4- "إلى المرفقين مرتين" : قال الصنعاني: كذا في نسخة العمدة لفظ " مرتين " ولفظ البخاري في هذا الحديث " مرتين مرتين" وكذا في مسلم مكررا ولم ينبه الزركشي إلى هذا.


    عن عَمْرِو بن يَحْيىَ اْلمازِني عَنْ أبِيهِ قَال : شَهِدْتُ عمرْو بن أبي اْلحَسَنِ سَألَ عَبْدَ اللّه بْنَ زيد عَن وُضُوءِ النبي صلى الله عليه وسلم ، فَدَعَاَ بِتَوْر مِنْ مَاءٍ فتَوَضأ لَهُم وُضُوءَ النبي صلى الله عليه وسلم. فَأكفأ عَلَى يَدَيْهِ مَنِ التَوْرِ فَغسَل يَدَيْه ثَلاثا، ثُمَّ أدْخَل يَدَهُ في التَّور فَمضْمضَ وَاستَنْشَقَ واستَنْثَرَ ثَلاثاً بثَلاث غرْفَاتِ، ثُمَّ أدْخل يدهِ فِي التَّوْر فغَسَل وجْهَهِ ثلاثا ثمَّ أدْخَلَ يَدَه فَغَسَلهُمَا مرتين إلى المرْفقيْن ، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَيْهِ فَمَسَحَ بهما رَأسَهُ فَأقَبَلَ بهمَا، وأدْبَرَ مَرّة وَاحِدَة، ثم غَسَلَ رجْلَيْهِ.
    وفي رواية " بَدَأ بِمُقَدَّم رَأسِهِ حَتًى ذَهبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثمَ ردهما حَتَى رجع إِلَى المَكَانِ الذِي بَدَأ مِنْهُ ".
    وفي رواية "أتَانَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَأخرَجنا لَه مَاءً في تور مِن صُفْر ". متفق عليه. " التور " شِبْهُ الطَّست.



    1- "بتور من ماء" : بالمثناة الطست، وهو الإناء الصغير. قال الزمخشرى: وهو مذكر عند أهل اللغة.
    2- "فأكفأ على يديه" : أمال وصب على يديه وفى بعض الروايات " على يده " قال ابن حجر: تحمل رواية الإفراد على إرادة الجنس .
    3- "من صُفر" : بضم الصاد وسكون الفاء، نوع من النحاس.
    4- "إلى المرفقين مرتين" : قال الصنعاني: كذا في نسخة العمدة لفظ " مرتين " ولفظ البخاري في هذا الحديث " مرتين مرتين" وكذا في مسلم مكررا ولم ينبه الزركشي إلى هذا.


    أهم الفروق بين الحديثين:
    1-ذُكر في الحديث الأول غسل اليدين ثلاث مرات, أما في الحديث الثاني في هذا الدرس ذكره مرتين.
    2- التصريح في الحديث الثاني بالمضممة والإستنشاق ثلاثا ثلاثا من ثلاث غرفات.
    3- في الحديث الثاني التصريح بمسح الرأس وبيان كيفيته,أما في الحديث الأول فذكر "ثم مسح برأسه".
    4- في الدبث الأول ذكر غسل الرجلين,أما في الحديث الثاني فلم يذكر ذلك.
    بعد أن ذكر المصنف –رحمه الله – حكم الماء ثم ذكر ما يُحمل فيه الماء وهي الآنية ,شرع في ذكر صفة الوضوء.ففي الحديث الأول بيّن عثمان رضي الله عنه كيفية الوضوء بطريقة عملية. وهذه الطريقة من أفضل الطرق تعليما.
    فاستغنى –رضي الله عنه- عن الكلام بالفعل ,فتكون أكثر رسوخا في العقل ,وأسهل تعلما



    مشروعية الوضوء في الكتاب والسنة
    أصل الوضوء من الوضاءة، وهى الحسن والنظافة فسمي وضوء الصلاة وضوءاً لأنه ينظف صاحبه. فيقابل الإنسان ربه وهو على نظافة ونشاط وقوة, فيُقبل على صلاته بصدق ومحبة ورغبة. . وقد بين الله تعالى أصل الوضوء في القرآن فقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) [المائدة:6] فالآية بينت أعضاء الوضوء، وأنها أربعة: الوجه واليدان والرأس والرجلان، وهذا فيما يتعلق بالحدث الأصغر.


    ثم جاءت السنة ففصلت ذلك وبينته ووضحته.


    حكم غسل الكفين في الوضوء
    جاء ذكر غسل اليدين في الحديث ثلاثا سنة وليس واجبا, وذلك تنظيفا لليدين. قبل الشروع في غسل باقي الأعضاء, لأنهما الآلة التي يغترف بهما الماء.
    ولكن يجب على من استيقظ من نوم أن يغسلهما كما بينا في شرح سابق.


    حكم الإستنشاق والمضمضة والإستنثار
    المضمضة: تحريك الماء في الفم.
    الاستنشاق: اجتذاب الماء بالأنف بقوة النفس.
    الاستنثار: إخراج الماء من الأنف بعد إدخاله بدفع النفس.
    وقد ذُكر في بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم تمضمض ثلاثاً واستنشق واستنثر ثلاثاً، وهذا هو الأرجح؛ أنه يتمضمض ثلاثاً ويستنشق ثلاثاً، والصحيح والراجح أنه يستنشق ويستنثر بثلاث غرفات، كل غرفة بعضها في فمه وبعضها في أنفه فيتمضمض ويستنشق من غرفة واحدة، ثم يغترف غرفة ثانية لمضمضة واستنشاق ثم ثالثة كذلك، ويجوز أن يغترف ست غرفات، لكل مضمضة غرفة، ولكل استنشاق غرفة، ويجوز أن يتمضمض ويستنشق من غرفتين، يعني: يتمضمض من غرفة ويستنشق من غرفة، كل غرفة تكفيه ثلاثاً إذا تمكن من ذلك. والراجح أن المضمضة والاستنشاق من تمام الوضوء ومن تمام غسل الوجه.
    واختلف العلماء في حكم المضممة والإستنشاق كما يلي:
    1-الوجوب في الوضوء والغسل كما هو ظاهر الحديث وهو الراجح , وكذلك هو المشهور عند الحنابلة والظاهرية , وهو مذهب أبى ليلى، وإسحاق، وغيرهما. وما رجحه كثير من أهل العلم كالشوكاني وغيره. وعند الأصولين أن الأمر يقتضي الوجوب ما لم يصرفه صارف أو قرينة.
    وقد وردت عدة أحاديث تبين ذلك , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه)، وفي رواية: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر).
    وعن لقيط بن صبرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) .
    وحديث سلمة بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأت فانتثر).
    2- الإستحباب في الوضوء والغسل, وأدلتهم قوله تعالى : (فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ), وقوله تعالى ﴿فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾. ولم يذكر الله سبحانه وتعالى الأنف والفم.
    وكذلك استدلوا على قولهم بحديث: " عشر من سنن المرسلين " ومنها الاستنشاق، والسنة غير الواجب.
    3- أن الإستنشاق وكذلك المضمضة واجبان في الغسل دون الوضوء, وقالوا بأن الغسل يشمل جميع البدن.
    4- أن الإستنشاق واجب والمضمضة مستحبة, ولكن جاء في رواية صحيحة قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا توضأت فمضمض).


    الرد على القول الثاني:
    1-أن المراد بالسنة الطريقة في قوله صلى الله عليه وسلم : (عشر من سنن المرسلين...ومنها الإستنشاق) , وتسمية السنة التي يعنونها اصطلاح أتى مع المتأخرين. ولهذا ورد كذلك بصيغة : (عشر من الفطرة....).
    2-أن ألأمر يقتضي الوجوب مالم يصرفه صارف أو قرينة كما جاء في أدلة من قال بوجوبهما. والله أعلم.


    غسل الوجه
    الوجه المأمور بغسله هو ما تحصل به المواجهة، وحد الوجه طولاً من منابت شعر الرأس المعتاد، فأعلاه من منابت شعر الرأس, وأسفله الذقن. ولا عبرة لمن انحسر شعره من مرض أو صلع أو غير ذلك, بل العبرة بما عليه أغلب الناس , مما يسمى وجها. والذقن هو مجمع اللحيين، واللحيان: منبت الأسنان السفلى، فأسفل الوجه الذي تحت الشفة يسمى: ذقناً، ولو لم يكن فيه شعر، فليس الذقن اسم للشعر، بل الذقن اسم لأسفل الوجه، فيقال: ذقن المرأة، يعني: أسفل وجهها، وذقن الصبي، يعني: أسفل وجهه، ولو لم يكن فيه شعر، فيغسله إلى الذقن، ويغسل الشعر الذي على الخدين وعلى الذقن وهو الذي يسمى اللحية، فإن كانت اللحية كثيفة اكتفي بغسل ظاهرها، وسن أن يخللها بإدخال أصابعه أو بعركها حتى يدخل الماء بين الشعر، وإن كانت خفيفة غسل داخلها وخارجها؛ لأنها في هذه الحال لم تستر البشرة ستراً كاملاً.
    أما حد الوجه عرضاً فإلى أصول الأذنين، حيث يستوفي عرضه الخدين كليهما؛ لأنهما مما تحصل به المواجهة، هذا هو اسم الوجه. وقد وردت السنة بالتثليث في غسل الوجه، بمعنى أنه يغسل الوجه ثلاثاً كما يتمضمض ويستنشق ثلاثاً.



    غسل اليدين
    بعد غسل الوجه يغسل المرء يديه، كما جاء في حديث عثمان رضي الله عنه حيث أنه غسل يديه كل واحدة ثلاثاً، واليد المأمور بغسلها من رءوس الأصابع إلى المرافق وهو مفصل الذراع من العضد، وسمي مرفقاً لأنه يرتفق به، أي: يتكئ عليه ويعتمد عليه، والمرفق داخل في الغسل، كما في حديث طلحة أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم : (يدير الماء على مرفقيه...)، فدل على أنهما مغسولان، فيغسل المرفق مع الذراع. ويجب على المرء غسل كفيه باطنا وظاهرا كما بينا سابقا حتى وإن غسلهما في أول الوضوء . لأن الغسل قبل الوجه سنة وبعده واجب.وبعض الناس يقتصر على غسل الذراع ولا يغسل الكف، ويدعي أنه قد غسلها في أول الوضوء، وهذا لا يكفي؛ لأن غسلهما قبل الوجه سنة وغسلها بعد الوجه واجب، والسنة غسلهما ثلاثا ثلاثا , وإن لم يتم الغسل على كامل العضو في إحدى الثلاث ,فلا تحسب واحدة وعليه إعادتها إن أراد تطبيق السنة,وتجزي الغسلة الواحدة.


    مسح الرأس وصفته
    ومسح الرأس لم يذكر فيها عددا ,وفيه دليل على عدم تكرار المسح . لأنه لا يقصد منه إلا مجرد الامتثال، فيمسح برأسه من مقدمته إلى نهايته، ويتبع ذلك مسح الإذنيني كما ورد حديث بلفظ: (الأذنان من الرأس)، وكيفية مسح الأذنين بأن يبل إصبعيه السبابة والإبهام، فيدخل السبابتين في الصماخين ويمسح بالإبهامين ظاهر الأذنين، ولا يلزمه أن يتتبع الغضاريف الداخلية للأذان بل يكتفي بمسح الظاهر.
    وقد اتفق العلماء على وجوب مسح الرأس ، واتفقوا أيضا على استحباب مسح جميعه، ولكن اختلفوا، هل يجزئ مسح بعضه أو لابد من مسحه كله؟.
    1-فذهب الثوري، والأوزاعي، وأبو حنيفة، والشافعي، إلى جواز الاقتصار على بعضه، على اختلافهم- في القدر المجزئ منه.
    2-وذهب مالك، وأحمد: إلى وجوب استيعابه كله.


    استدل الأولون بقوله تعالى: { وَامْسَحُوا بِرُؤوسِكم } على أن الباء للتبعيض، وبما رواه مسلم عن المغيرة بلفظ : "أنه صلى الله عليه وسلم تَوَضَأ فَمَسَحَ بِنَاصيَتهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ ".
    واستدل الموجبون لمسحه كله بأحاديث كثيرة، كلها تصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، منها حديث الباب، ومنها ما رواه الجماعة: " مَسِحَ رأسه بيدَيْهِ فَاْقْبَلَ بِهِمَا وَأدْبِرَ، بَدَأ بُمَقدَّم رَأسِهِ، ثُمً ذَهَبَ بِهِمَا إِلى قَفاه، ثُم ردهما إِلَى المَكَانِ الذي بَدَأ مِنْهُ ".
    وأجابوا عن أدلة المجيزين لمسح بعضه، بأن "الباء" لم ترد في اللغة للتبعيض وإنما معناها في الآية، الإلصاق. أي: ألصقوا المسح برؤوسكم والإلصاق هو المعنى الحقيقي للباء وقد سئل نفطويه وابن دريد عن معنى التبعيض في الباء فلم يعرفاه. وقال ابن برهان: من زعم أن الباء للتبعيض فقد جاء عن أهل العربية بما لا يعرفونه.
    قال ابن القيم : "لم يصح في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأس البتة".


    غسل الرجلين
    يأتي بعد مسح الرأس غسل القدمين كل واحدة ثلاثاً كما في الحديث الأول، وقد أمر الله تعالى بغسل القدمين إلى الكعبين، والكعبان داخلان في الغسل فيغسلهما.
    والقدم: هو الذي يمشي الإنسان عليه. والكعبان ينتهيان بمستدق الساق، فأدق ما يكون من الساق هو نهاية الكعب، وإذا أراد أن يحتاط فإنه يغسل إلى أن ينتهي الكعب،
    وقد تقدم لنا أنه عليه السلام قال: (ويل للأعقاب من النار)، وهذا تأكيد لوجوب غسل القدمين حتى لا يتساهل أحد في غسلهما، وجاءت روايات عدة في الصحيحين عن غسل الرجلين غير النص الذي في العمدة,كالتالي:
    ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات ، ثم غسل اليسرى مثل ذلك .
    ثم غسل رجليه ثلاث مرات .
    ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين .
    م غسل كل رجل ثلاثا .
    ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ، ثم اليسرى ثلاثا .


    الوضوء المجزيء والوضوء الكامل
    الوضوء المجزيء: هو غسل كل عضو مرة واحدة سابغة .
    الوضوء الكامل: هو غسل كل عضو ثلاث مرات سابغات, ولا يزيد عن ذلك لمخالفة السنة والنهي عن الإسراف.


    دلك أعضاء الوضوء لتحقيق معنى الغسل
    ذهب بعض العلماء إلى أنه يكفي الابتلال، فلو ابتلت اليد والذراع بالماء ولو لم يمر يده عليها كان ذلك كافياً، ولكن الصحيح أن هذا لا يسمى غسلاً، فلابد في غسل كل يد أن يدلكها بيده الأخرى، فيدلك اليمنى بيده اليسرى ويدلك اليسرى بيده اليمنى، حتى يتحقق من ابتلالها بالماء وبذلك يسمى غاسلاً لها.


    حكم التسمية قبل الوضوء
    لم يذكر في هذا الحديث التسمية قبل الوضوء، وقد وردت في ذلك أحاديث تدل على أنها واجبة، كقوله عليه الصلاة والسلام: (لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) ومحلها عند ابتداء غسل اليدين أو عند ابتداء المضمضة، يقول: (باسم الله)، ويرى بعض العلماء أنها واجبة ولكنها تسقط عن الناسي والجاهل، وأما المتذكر فإنه يأتي بها بقوله: (باسم الله)، ويكتفي بذلك، وإن أتمها بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم، جاز ذلك.


    حكم الإتيان بأذكار مخصوصة عند غسل أعضاء الوضوء
    وأما الأذكار التي عند كل عضو، فقد ذكر بعضها النووي في كتابه الأذكار، وذكر أنه إذا غسل وجهه قال: (اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه)، وإذا غسل يده قال: (اللهم أعطني كتابي بيميني ولا تعطني كتابي بشمالي)، فإذا مسح رأسه قال: (اللهم أظلني تحت ظل عرشك)، وإذا غسل رجليه قال: (اللهم ثبت قدمي على الصراط)، ولكن هذه الأدعية لا دليل عليها، وإن كانت غير محظورة، وهي أدعية مفيدة لكن تخصيص هذا المكان بها لم يكن وارداً شرعاً.



    إسباغ الوضوء وإتباعه بصلاة ركعتين سبب لمغفرة الذنوب
    في هذا الحديث يقول: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه)، وقد رتب هذا الثواب على هذا العمل للأسباب التالية:
    أولاً: أنه امتثل بهذا الوضوء الكامل الشرعي.
    ثانياً: أنه أتى به كاملاً وهو التثليث.
    ثالثاً: أنه بادر وصلى بعده تطوعاً واختياراً منه.
    رابعاً: أنه أخلص في صلاته وكملها.
    خامساً: أنه حفظها عما ينقصها، فلم يحدث فيها نفسه بشيء من أمور الدنيا التي تنافي ما هو فيه من العبادة. فإذا فعل ذلك فإنه دليل على قوة إيمانه وقوة يقينه، فيترتب على ذلك أن يغفر الله له ذنوبه، إذا كان ذلك عن عزم ونية صادقة. والحاصل: أن هذا من الأحاديث التي بين فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما أجمله الله تعالى من الآيات، وأمر نبيه ببيانها البيان الفعلي، وقد وردت أحاديث تبين البيان القولي، ومعلوم أن هذا الحديث فيه دلالة على أهمية التعليم بالفعل؛ لأنه قد يكون أتم من التعليم بالقول، والإنسان إذا قلت له: إذا توضأت فقل كذا وافعل كذا وكذا، فقد لا يفهم، حتى تأتي بالماء وتقول: هكذا هو الوضوء، اغسل يديك مثلي هكذا، وامسح رأسك هكذا، فإذا شاهد بعينيه كان ذلك أبلغ لفهمه ومعرفته، هكذا فعل النبي عليه السلام، وهكذا فعل عثمان وغيره من الصحابة الذين علموا الناس بالأفعال زيادة على التعليم بالأقوال.


    والله أعلم




    أسئلة الدرس:
    1-ما الفرق بين الوَضوء(بفتح الواو) , والوُضوء (بضم الواو)؟
    2-ما هي الأدعية التي تقال مع الوضوء وما حكمها؟




    صيغة Word


    http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson8.doc



    صيغة Pdf


    http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson8.pdf




    والله الموفق.
    التعديل الأخير تم بواسطة ايوب الفلسطيني; الساعة 04-06-2008, 10:57 PM.

    تعليق


    • #3
      كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس السابع(7) ۞█ ░◄

      --------------------------------------------------------------------------------

      بسم الله الرحمن الرحيم
      إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم أما بعد:



      الحديثان الخامس و السادس
      عَنْ أبي هريرة رضىَ اللّه عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صَلى الله عَلَيهِ وسَلُّمَ قالَ: "إذَا شَرِبَ الكَلْبُ في إِنَاءِ أحَدكم فْليَغسِلْهُ سَبْعاً"
      ولمسلم " أولاهُنَ بِالتَرابِ".
      وله في حديث عبد الله بنِ مُغَفَل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ في الإنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَا وَعَفرُوه الثًامِنَةَ بِالتراب" .

      معاني المفردات:
      1- "إذا ولغ" ومضارعه يلَغ بالفتح فيهما- شرب بطرف لسانه. وهو أن يدخل لسانه في الماء وغيره من كل مائع، فيحركه ولو لم يشرب. فالشرب أخص من الولوغ.
      2- "عفروه" التعفير، التمريغ في العفر، وهو التراب.
      3- "أولاهن" تأنيث الأول، والهاء ضمير المرات.
      وجاء في بعض الروايات أولهن بلفظ المذكر لأن تأنيث المرة غير حقيقي.
      المعنى الإجمالي:
      هذا الحديث كغيره من الأحاديث التي تبين صدق نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم, وصدق رسالته . وفيه إعجاز علمي لم يستطع الإنسان التوصل إليه إلا في عصرنا الحاضر مع تقدم التكنلوجيا والتطور العلمي وأدوات الإختبار والتكبير والتحليل. وقد بين العلم أن في لعاب الكلب جراثيم لا تزول كليا إلا بالتراب. وأيضا في الحديث بيان شمولية الإسلام حتى في التعامل مع الحيوان . وحفاظا على الإنسان من كل ضرر.

      حكم غسل الإناء الذي ولغ فيه الكلب:
      حكم الغسل واجب كما دل عليه الحديثان السابقان.

      سبب ذكر المصنف لهذين الحديثين في باب الطهارة:
      بعد أن انتهى المصنف رحمه الله من ذكر أحكام الماء ,ناسب أن يذكر أحام الآنية التي توضع فيه.

      الجمع بين الحديثين السابقين:
      في الحديث الأول يكون الغسل بسبع أولاهن بالتراب, وفي الثاني: سبع بالماء والثامنة بالتراب. والجمع بينهما يكون بأن الغسلة التي فيها تراب ,أي غسلة بالماء مع التراب كانت عن إثنتين واحدة بالماء وأخرى بالتراب .والست الباقية بالماء.

      الفرق بين الشرب والولوغ ، وبين اللعق واللحس .
      الشرب : يكون بإدخال الكلب لسانه في الماء والأخذ منه ليوصله إلى جوفه.
      الولوغ: هو ادخال الكلب لسانه في الماء وتحريكه دون الشرب.
      اللعق واللحس: يكون بأن يلعق أو يلحس مافي الإناء من بقايا طعام أو دهن أو غيره .
      ولا فرق في الحكم الشرعي بين ما سبق حيث أنه يجب غسل الإناء ان لعق او شرب او ولغ او حتى لحس الكلب الإناء.


      هل يجزيء الصابون وما شابهه من أدوات الغسيل عن التراب.
      قال بعض العلماء بجواز ذلك إن أزال أثر لزوجة لعاب الكلب. ولكن ثبت علميا أنها لا تقتل جميع الجراثيم , وثبت كذلك أن التراب منقي ومزيل لجميع الجراثيم. والأحوط هو الغسل بالتراب متابعة لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم , ومتابعة للحكم التي ظهر بعضها وقد يغيب علينا بعضها.

      مقدار التراب المستعمل:
      ما يعم الإناء ويحصل به نظافة وإزالة لعاب الكلب.

      طهارة الكلب ونجاسته :
      انقسم الفقهاء إلى فريقين :
      1-الجمهور من الشافعية، والحنابلة، و بعض الحنفية، وبعض المالكية كسحنون, وابن ماجشون , وابن عبد البر، ورواية من أبي يوسف من الحنفية: قالوا بنجاسة الكلب جرما(جسما) وسؤرا. أي بنجاسة جرمه(جسمه) وسؤره .
      2- المالكية في أصل مذهبهم، وبعض الحنفية كالكسامي، وابن لجين, وهي رواية عن أبي حنيفة حيث قالوا بطهارة الكلب ؛وخالف المالكية الحنفية وزادوا بأن الكلب طاهر السؤرأيضا. أما الحنفية يرون طهارة عينه، ونجاسة سؤره.
      أدلة الفريقين في ذلك :
      أدلة الجمهور:
      أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم؛ فليغسله سبعاً )، وفي رواية ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم؛ فاغسلوه سبعاً وعفروه الثامنة بالتراب)، وفي رواية لمسلم ( فلْيُرِقهُ )، وفي رواية ( طُهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات).
      فعليه قال الجمهور :
      1- أن التعبير بلفظة الطُهور لا يكون إلا عن حدث أو نجس، ولا يُتصور الحدث في الإناء؛ لأن الحدث: إنما هو وصف يقوم ببدن المكلف , فهذا يدل على أن الكلب إذا شرب من الإناء تنجس الإناء .
      2- إن الأمر بالإراقة للمائع الذي بالإناء؛ يدل على النجاسة؛ لأن الشريعة لا تأمر بإتلاف المال؛ إلا إذا لم يُبح .
      3- إن الأمر بغسل الإناء بالطريقة والصورة المغلظة على النحو المذكور، تدل على النجاسة.
      4- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- دُعي إلى دخول بيت فيه كلب؛ فأبى، وكذا جبريل عليه السلام، والملائكة .
      أدلة القول الثاني :
      1- إن الأمر بالغسل من شرب الكلب في الإناء أمر تعبدي.
      2-استدلوا على أن صاحب كلب الصيد لم يؤمر بغسل المكان الذي الذي عضه الكلب ، فهذا يدل على أن فمه ولعابه طاهر وهو مذهب المالكيه القائلين بطهارة الكلب عيناً وسؤراً.
      3-أيضاً إباحة التعليم والتعلم والاستفادة منه في الصيد وغيره يدل على الطهارةلأن الإنسان يخالطها .
      4-واستدلوا من السنة أن الكلاب كانت تقبل وتدبر في مسجد رسول الله ولم يرشون شيء مما أصابته .

      الرد على أدلة القول الثاني:
      1-قال الشافعية والحنابلة بوجوب غسل ما أصابه الكلب من الصيد، والبهوتي من الحنابلة قال: (ويجب غسل ما أصاب فم الكلب لأنه موضع نجاسة ) .ولا يوجد دليل نصي على ذلك؛ وإنما هو قياس على الحديث الذي فيه أمر بإراقة الماء؛ الذي ولغ فيه الكلب، وغسل الإناء الذي شرب منه .
      2-قد يقال إنه مع التسليم بالنجاسة؛ فإن هذه المسألة وإن لم يرد فيها الأمر بالغسل؛ أنه قد يكون لمشقة الاحتراز .
      3- أما بالنسبة لحديث ابن عمر المذكور؛ فقد يكون في بداية الإسلام أن الكلاب كانت تقبل وتدبر ، أو لم يكن هذا ظاهراً، وكان خفيّاً .
      وقال ابن حجر في فتح الباري: والأقرب أنْ يقال أنَّ ذلك في أول الأمر قبل أنْ يؤمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الأبواب عليها. والذي يظهر لي: أنَّ كلام شيخ الإسلام هو الصحيح وأنَّ الأرض إذا أصابتْها النجاسة فيبست حتى زال أثرها فإنها تطهر لأنَّ الحكم يدور مع علته، فإذا لم يبق للنجاسة أثرٌ صارت معدومة فتطهر الأرض بذلك

      لهذا فالأرجح هو قول الجمهور .


      سؤر ما يؤكل لحمه :
      وهو طاهر ، لان لعابه متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه . قال أبو بكر بن المنذر . أجمع أهل العلم على أن سؤر ما أكل لحمه يجوز شربه والوضوء به.

      سؤر الهرة :
      وهو طاهر ، لحديث كبشة بنت كعب ، وكانت تحت أبي قتادة ، أن أبا قتادة دخل عليها فسكبت له فجاءت هرة تشرب منه فأصغى لها الإناء حتى شربت منه ، قالت كبشة : فرآني أنظر فقال : أتعجبين يا ابنة أخي ؟ فقالت : نعم . فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ليست بنجس ، إنها من الطوافين عليكم والطوافات ) رواه الخمسة ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح ، وصححه البخاري وغيره .

      سؤر الكلب والخترير :
      وهو نجس يجب اجتنابه كما في الحديثين السابقين عن الكلب, والخنزير يقاس عليه لخبثه وقذارته.

      حكم إذا أكل الكلب من طعام في إناء.
      ان كان الطعام كثيرا ولم يلحس أطراف الإناء وأمكن تحييز وإخراج ما أصاب , فيجوز أكل الطعام لمن استطابة نفسه أكله.

      حكم المائع الذي ولغ فيه الكلب.
      إذا ولغ الكلب في ماءع كماء أو لبن أو عصير ونحو ذلك ,وجب إراقته كما جاء عند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليرقه ثم ليغسله سبع مرار ).

      حكم إقتناء الكلب:
      لا يجوز إقتناء الكلب إلا فيما رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما رخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كالتالي:
      1-كلب صيد.
      2-كلب حراسة إما لماشية أو زرع أو حرث.
      3-كلاب حراسة البيت.
      ودليل ذلك حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من اقتنى كلباً؛ ليس بكلب صيد، ولا ماشية، ولا أرض، فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان ) وفي رواية (قيراط) .
      -
      وأما حراسة البيت يرى بعض الفقهاء بجواز حراسة البيت، قياسا على حراسة الأرض والماشية, ولكن كثير من الفقهاء يرى بعدم جوازه.
      وأرى أن من يعيشون في الأرياف ويتعرضون للسرقات أو هجوم السباع على ماشيتهم وبيوتهم جاز له ذلك, على أن يكون في طرف أو خارج الدار بعيد عن الإختلاط بالناس في أماكن نومهم وطعامهم. وأما في المدن فليس له ذلك.والله أعلم.

      وأما إذا كان اقتناؤه تباهيا أو لغير حاجة من الحاجات السابقة فعندئذٍ لا يجوز ذلك , ومن اقتنى كلبا تشبها بالكفار فقد جمع بين نقصان الأجر وبين الإثم العظيم من تقليد الكفار والتشبه بهم.

      حكم بيع الكلب:
      1-الجمهور من الشافعية، والحنابلة على حرمة بيع الكلب مطلقاً .
      2-مذهب المالكية على جواز بيع الكلب المأذون باستعماله واقتنائه، ككلب الصيد والحراسة .
      3- مذهب الحنفية: جواز بيع الكلب مطلقاً.
      وسيأتي التفصيل والترجيح في باب البيوع –ان شاءالله.


      حكم الوضوء من الماء الذي ولغ فيه الكلب.
      قال شيخ الإسلام :
      وأما التوضأ بماء الولوغ: فلا يجوز عند جماهير العلماء، بل يعدل عنه إلى التيمم.ا.هـ
      (مجموع الفتاوى [21/80]). وانظر (فتح الباري [1/368]).

      حكم الماء الذي في بئر اذا وقع فيه كلب فمات.
      قال شيخ الإسلام رحمه الله:
      أيُّ بئرٍ وقع فيه شيءٌ مما ذكر -أي: كلبٌ أو خنـزيرٌ أو جملٌ أو بقرةٌ أو شاةٌ أو غيره- إنْ كان الماء لم يتغير بالنجاسة فهو طاهرٌ، فإنْ كانت عينُ النجاسة باقيةً: نُزحت منه وأُلقيت، وسائر الماء طاهر وشعر الكلب والخنـزير إذا بقي في الماء لم يضره ذلك في أصح قولي العلماء، فإنه طاهرٌ في أحد أقوالهم، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وهذا القول أظهر في الدليل، فإنَّ جميع الشعر والريش والوبر والصوف طاهر، سواء كان على جلد ما يؤكل لحمه أو جلد ما لا يؤكل لحمه. وسواء كان على حيٍّ أو ميِّتٍ.وهذا أظهر الأقوال للعلماء، وهو إحدى الروايات عن أحمد. وأما إن كان الماء قد تغير بالنجاسة، فإنه ينـزح منه حتى يَطيبَ، وإن لم يتغير الماء لم ينـزح منه شيء. ا.هـ (مجموع الفتاوى [21/38-39


      سؤال الدرس:
      ما حكم الشرب من البرك أو الأحواض التي ولغ فيها الكلب,مع ذكر الدليل لما تقول؟


      وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
      والله الموفق.

      ...................,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, ,



      سؤال الدرس:ما حكم الشرب من البرك أو الأحواض التي ولغ فيهاالكلب,مع ذكر الدليل لما تقول؟


      الجواب :

      لا دليل نصي على البرك أو الأحواض ولكن نأخذ بالقياس ونقول :

      أولا : أتى المؤلف بهذا الحديث في باب المياه _ وهو أولى أن يكون في باب إزالة النجاسة _ وذلك لأنه إنما أتى به ليبين أن الماء القليل إذا ولغ فيه الكلب فإنه يجب اجتنابه , ويكون نجسا حتى وإن لم يتغير لأنه إذا كان يجب تطهير الإناء الذي تلوث بهذا الماء الذي ولغ فيه الكلب فنجاسة الماء من باب أولى .

      وأخيرا وعملا بالقاعدة الشرعية :

      إن خاف الموت من العطش وليس عنده إلا هذه البركة أو الحوض فله أن يشرب منه فالضرورات تبيح المحظورات .

      وأخذا بقول شيخ الإسلام رحمه الله وإياكم _ الذي معنا في الشرح يكون على حسب الحال :


      فإن تغير الماء بالنجاسة حرم شربه وإن لم يتغير مع إزالتها جاز شربه .

      والاحوط عدم الشرب , والله أعلم .

      وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

      وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


      صيغة Word

      http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson7.doc


      صيغة Pdf

      http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson7.pdf

      تعليق


      • #4
        ►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس السادس(6) ۞█ ░◄

        --------------------------------------------------------------------------------

        بسم الله الرحمن الرحيم
        إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم أما بعد:

        تتمة شرح الحديث الثالث:
        وأما قوله : "وَإذَا اسْتَيْقَظَ أحدكم مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِل يَدَيْهِ قبْلَ أنْ يُدْخِلَهُمَا فَي الإنَاءِ ثَلاثا، فَإن أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَاتت يَدُه".

        فيه أمر بغسل اليدين عند الإستيقاظ , والأمر يقتضي الوجوب كما بينا ذلك سابقا عند الأصولين بأن الأمر يقتضي الوجوب. والمراد بالنوم هنا نوم الليل . لقوله صلى الله عليه وسلم : (باتت) , والبيتوتة هي نوم الليل. وأما نوم النهار فيستحب ذلك لأن العلة موجودة بالنوم.
        والمقصود باليدين هنا الكفان .
        وأما المستيقظ فيستحب غسل يديه كذلك تنظيفا لهما, لأن بهما يغترف الماء ويغسل بهما وجهه ويستنشق الماء الى آنفه ,وهكذا.

        من الأخطاء الشائعة غسل الذراعين في الوضوء دون الكفين. فغسل اليدين وإن لم يكن واجبا على المستيقظ فهو واجب عند غسل الذراعين , وبدون ذلك فوضوءه خاطيء.


        الحديث الرابع
        عَنْ أبى هريرة رَضي الله عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسلَّمَ قَالَ: " لا يَبولَنَّ أحَدُكُمْ في الْمَاءِ الدَّائِمِ الذي لا يَجْرِى، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فيه ".
        ولمسلم " لا يَغْتَسِلْ أحَدُكُمْ في الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُب ".

        ملاحظة: في نسخة شرح الشيخ البسام التي أرفقناها في بداية الدروس خطأ كتابي ,حيث أنه كُتب "ثم يغتسل منه" بدلا من " ثم يغتسل فيه" نرجوا الإنتباه وتعديل النسخ التي لديكم.

        1- "لا يبولن" : (لا) ناهية، والفعل مجزوم المحل بها، وحُرِّك بالفتح، لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة.
        2- "الذي لا يجرى" : تفسير للدائم، وهو المستقر في مكانه كالغُدْرَان في البرية،أو الموارد.
        3- "ثم يغتسل فيه" : برفع الفعل على المشهور، والجملة خبر لمبتدأ، تقديره: هو يغتسل منه.
        وجملة المبتدأ والخبر محلها الجزم. عطفا على "لا يبولن".
        4- "لا يغتسل" : مجزوم لفظا بـ (لا) الناهية.
        5- "وهو جنب" : الجملة في موضع نصب على الحال.

        الشرح:
        في هذا الحديث الشريف وكما في غيره من الأحاديث ردا على إتهامات الأمم الكافرة بأن المسلمين أصحاب قذارة وعدم نظافة. وفيه إرشاد وتوجيه للمحافظة على البيئة ومصادر الطبيعة التي يدعي الغرب بالمحافظة عليها ,وفي حقيقة الأمر أنهم أكبر ملوث للبيئة ونشر الأوباء.

        وورد النهي في لحديث عن الماء الدائم ولكن جاء عند مسلم من حديث جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أنه نهى أن يُبال في الماء الراكد" .فما الفرق بينهما؟

        الفرق بين الماء الدائم والماء الراكد:
        من أكبر الفروق بينهما هو أن الماء الدائم هو الماء الساكن الذي لا يجري على الأرض ولكن له مصدر يغذيه ويجدد الماء.
        كمياه الآبار.
        وأما الماء الراكد: فهو الساكن الذي لا يجري على الأرض وليس له مصدر يغذيه ويجدده ,كمياه البرك والمستنقعات.

        والنهي عن البول في الماء الدائم لا يدل على أن ينجس بمجرد البول, بل نهيه سدا للذريعة ,فإذا بال هذا وبال الآخر تغير الماء وصار نجسا.

        ومفهوم الحديث جواز البول في الماء الجاري كالأنهار والبحار. ولكن القاعدة الفقهية تقول : (لا ضرر ولا ضرار). فعلى ذلك يرجى مراعاة المصلحة العامة وإن تعارضت مع المصلحة الخاصة.

        وأما ان اختلطت النجاسة بالماء الجاري ففيه قولان:

        أحدهما : أنه لا ينجس إلا بالتغير بالنجاسة وهو مذهب مالك وأحمد في أحد القولين اللذين يدل عليهما نصه وهو مذهب أبي حنيفة مع شدة قوله في الماء الدائم وهو القول القديم للشافعي . واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.

        القول الثاني : إن الماء الجاري كالدائم تعتبر فيه القلتان فإذا كانت الجرية أقل من قلتين نجسته كما هو الجديد من قولي الشافعي وأحد القولين في مذهب أحمد .

        قال ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى الكبرى : (وقد تنازع العلماء في الماء الجاري على قولين : أحدهما : لا ينجس إلا بالتغير وهذا مذهب أبي حنيفة مع تشديده في الماء الدائم وهو أيضا مذهب مالك والقول القديم للشافعي وهو أنص الروايتين عن أحمد واختيار محققي أصحابه والقول الآخر للشافعي وهي الرواية الأخرى عن أحمد أنه كالدائم فتعتبر الجرية والصواب الأول فإن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الدائم والجاري في نهيه عن الاغتسال فيه والبول فيه وذلك يدل على الفرق بينهما ولأن الجاري إذا لم تغيره النجاسة فلا وجه لنجاسته).

        وللظاهرية كلام غريب في ذلك حيث قالوا ,أن النهي لا يشمل من بال في قارورة ثم صبه في الماء الدائم.
        وقالوا كذلك بأن النهي لا يشمل من بال بقرب الماء ثم سار البول الى الماء.
        وقالوا أيضا أن المرء إذا لم يرد إستعمال الماء جاز له البول فيه.

        وقول الظاهرية بعيدا عن الفقه والفهم الصحيح لمنطوق ومفهوم الحديث.


        حكم الماء المستعمل:
        وهو الماء الذي أُستعمل في رفع الحدث فظاهر مذهب أحمد أن لا ينجس ,ودليله ما رواه جابر قال :جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل فتوضأ وصب وضوءه علي متفق عليه
        وفي الصحيح أيضا عن المسور بن مخرمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه.


        النهي عن إنغماس الجنب في الماء الدائم:
        في الحديث ورد النهي عن الإغتسال في الماء الدائم وهو جنب . وعلى من أراد الإغتسال أن يفعل كما جاء في رواية مسلم السابقة في المتن حيث قيل لأبي هريرة : كيف يفعل يا أبا هريرة ؟ قال : يتناوله تناولا.
        أي يغترف بإناء من طرفه ويغتسل وإن لم يكن لديه أناء فيغترف بيديه.

        فائدة : قرر كثير من العلماء أن الماء لا ينجس إلا بتغير طعمه أو لونه أو ريحه مهما كانت كميته ,وإن كان كثيرا فأجمع العلماء عللا طهوريته إن لم يتغير ريحه أو طعمه أو لونه.




        سؤال الدرس: جاء في رواية البخاري : "لا يغتسل فيه" , وفي رواية لمسلم : "لا يغتسل منه" .
        فما الفرق بين الروايتين؟



        والله أعلم.

        صيغة Word


        http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson6.doc



        صيغة Pdf


        http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson6.pdf

        تعليق


        • #5
          ►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس الخامس(5) ۞█ ░◄

          --------------------------------------------------------------------------------

          الحديث الثالث
          بسم الله الرحمن الرحيم
          إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم
          أما بعد:


          عَنْ أبى هريرة رَضىَ اللَه عَنْهُ: أن رَسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسَلمَ قَالَ: " إذَا تَوَضَّأ أحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أنْفِهِ مَاءً ثم ليَسْتَنْثِرْ وَمَن اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ. وَإذَا اسْتَيْقَظَ أحدكم مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِل يَدَيْهِ قبْلَ أنْ يُدْخِلَهُمَا فَي الإنَاءِ ثَلاثاً(1)، فَإن أحَدَكُمْ لا يَدْرِي أيْنَ بَاتت يَدُه".

          وفي لفظ لمسلم: "فَلْيَسْتَنْشقْ بِمِنْخَرَيْهِ من الماء ".

          وفي لفظ: "مَنْ تَوَضَّأ فَلْيَسْتَنْشِقْ ".

          ملاحظة: شرح الحديث الثالث في النسخة التي زودناكم بها للشيخ البسام غير موجودة,وكذلك هناك خطأ إملائي في كلمة "بات" والصحيح "باتت".
          المعنى الإجمالي:
          (إذَا تَوَضَّأ) : أي إذا شرع وأراد الوضوء,قال ابن حجر رحمه الله : (إذا شرع في الوضوء).
          ومثله قول الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ...الآية }]المائدة6[ . أي عند إرادة الصلاة.
          وكذلك قوله تعالى : (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ )[النحل98],أي عند إرادة القراءة.
          (فَلْيَجْعَلْ فِي أنْفِهِ مَاءً) و ("فَلْيَسْتَنْشقْ بِمِنْخَرَيْهِ من الماء) و ("مَنْ تَوَضَّأ فَلْيَسْتَنْشِقْ) :
          وكل ما سبق بنفس المعنى وهو إدخال أو اجتذاب أو سحب الماء إلى باطن الأنف حتى يصل إلى الخياشيم ويكون ذلك بالنفس, وهذا ما يسمى بإستنشاق الماء.
          (ليَسْتَنْثِرْ) وفي رواية (لينتثر) : وهو دفع الماء وإخراجه من الأنف.
          (اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ): الإستجمار وهو : تطهير محل الخارج من السبيلين بالحجارة ونحوها.وهو مأخوذ من الجمار وهو الحجارة الصغيرة وسمي بذلك لأنه يستخدم هذه الجمار في التطهير.
          الوتر: وهو الفرد كواحد وثلاثة وخمسة ونحو ذلك.
          (بَاتت): أي نامت.


          الشرح:

          قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذَا تَوَضَّأ أحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ فِي أنْفِهِ مَاءً ثم ليَسْتَنْثِرْ):
          يبن الرسول صلى الله عليه وسلم ويعلم صحابته –رضوان الله عليهم- وأمته من بعدهم الإستطابة والتنظف كما في هذا الحديث الصحيح, وهذا رد على من يتهم المسلمين بالقذارة والنجاسة . فالرسول صلى الله عليه وسلم علم الأمة كل شيء حتى آداب قضاء الحاجة. فعن سلمان الفارسي ( أن بعض المشركين قال له : إني لأرى صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة قال : أجل , أمرنا أن لا نستقبل القبلة ولا نستنجي بأيماننا , ولا نكتفي بدون ثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع ولا عظم ).
          وفي هذا الحديث أدب نبوي وذلك بأمر الرسول صلى الله عليه وسلم لمن أراد الوضوء أن يستنشق الماء وذلك بإدخاله إلى باطن أنفه ثم استنثاره وذلك بدفع الماء خارج الأنف ,ويكون الإنتثار باليد اليسرى لأن اليسرى دائما تكون لما فيه قذارة أو نجاسة. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم –كما في حديث عائشة رضي الله عنها- يجعل يمينه لطعامه وشرابه وصلاته , ويساره لما سواه.
          وعن الأعمش قال : رآني إبراهيم وأنا أتمخط بيميني ، فنهاني وقال : عليك بيسارك ، ولا تعتادن تمتخط بيمينك .
          وقال إبراهيم النخعي : كانوا يكرهون أن يتمخّط الرجل بيمينه .
          حكم الإستنشاق والإستنثار:
          1-الوجوب في الوضوء والغسل كما هو ظاهر الحديث وهو الراجح , وكذلك هو المشهور عند الحنابلة والظاهرية ,وما رجحه كثير من أهل العلم كالشوكاني وغيره. وعند الأصولين أن الأمر يقتضي الوجوب ما لم يصرفه صارف أو قرينة.
          وقد وردت عدة أحاديث تبين ذلك , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه)، وفي رواية: (إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر).
          وعن لقيط بن صبرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث طويل: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما) .
          وحديث سلمة بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأت فانتثر).
          2- الإستحباب في الوضوء والغسل, وأدلتهم قوله تعالى : (فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ), وقوله تعالى : تعالى ﴿فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ﴾. ولم يذكر الله سبحانه وتعالى الأنف والفم.
          3- أن الإستنشاق وكذلك المضمضة واجبان في الغسل دون الوضوء, وقالوا بأن الغسل يشمل جميع البدن.
          4- أن الإستنشاق واجب والمضمضة مستحبة, ولكن جاء في رواية صحيحة قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا توضأت فمضمض).
          الحكمة من الإستنشاق:
          تنبيه:
          قبل الخوض في هذه الحكم أحب أن أنبه أن لا يقول أحد بأن الحكمة في كذا هي كذا, لأنه بذلك حصر الحكمة في أمور معدودة, وقد تظهر حكم مستقبلا لا يعلم عنها أحد من السابقين ,خاصة بعد تطور العلم. فالأفضل قول من الحكم الظاهرة . والله أعلم
          من الحكم الظاهرة للإستنشاق كمما ذكره العلماء سابقا , هي:
          1- أنه من الفطرة ,وهذا ورد في الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال " (عشر من الفطرة ...,وذكر منها الإستنشاق.
          2- إبعاد الشياطين , وذلك لأن الشيطان يبيت على أنف الإنسان ,كما جاء في الحديث الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم :(إذا استيقظ أحدكم من نومه فليستنثر ثلاث مرات فإن الشيطان يبيت على خياشيمه).
          3- أن فيه تمام النظافة, فالإستنشاق وكذلك المضمضة تكون في اليوم 15 مرة , ثلاث للسنة في كل وضوء خمس مرات.
          4- وفي حاضرنا ثبت أن أه الوضوء أقل الناس عددا للجراثيم في الأنف , وذلك بعد عدة دراسات تبين فيها الفائدة العظيمة للإستنشاق.
          قوله (وَمَن اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ):
          والإستجمار كما عرفناه سابقا هو تطهير محل الخارج من السبيلين بالحجارة ونحوها, وللإستجمار شروط ذكرها العلماء ,وهي:
          1- أن يكون المستجمر به طاهراً، ودليله ما رواه البخاري وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: (أتى النبي الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال هذا ركس). زاد أحمد في رواية: (فألقى الروثة وقال: إنها ركس ائتني بحجر) .
          2- أن يكون منقياً منظفاً للمحل , ولا يجوز إن لم يكن كذلك كالزجاج ونحوه.
          3- أن يكون ثلاثاً فأكثر, كما في الحديث السابق.
          4-ألا يكون المستجمر به عظماً، ولا روثاً، أو ما له حرمة ,كالنقود والكتب الشرعية ونحوه من الأمور المحترمة.ودليل العظم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاد إخوانكم من الجن).
          5-إذا تعدَت النجاسة موضع الحاجة لا يتكفى بالاستجمار،و لابد من غسل الموضع ، لأن النجاسة وقعت على البدن، ولابد من غسلها.
          نكتفي بدرس اليوم وسيكون الدرس القادم-إن شاءالله- استكمالا للشرح وذكر آداب قضاء الحاجة , وواجب اليوم هو حفظ الأحاديث السابقة وتسميعها.

          هذا والله أعلم.

          والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
          والله الموفق.

          (1) هذا لفظ مسلم ولم يذكره البخاري التثليث



          صيغة Word


          http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson5.doc



          صيغة Pdf


          http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson5.pdf

          تعليق


          • #6
            ►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس الرابع(4) ۞█ ░◄

            --------------------------------------------------------------------------------

            بسم الله الرحمن الرحيم
            إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم
            أما بعد:




            الحديث الثاني

            عَنْ عَبْد الله بْن عَمْرو بْنِ الْعَاص، وَأبـي هُرَيرةَ، وَعَائِشَةَ رَضِى-اللّه تَعَالَى عَنْهم قالوا: قالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَه عَلَيْهِ وسَلَّمَ: " وَيْلٌ لِلأَعْقابِ مِنَ النَّار ".
            وفي بعض الروايات : (ويل للعراقيب من النار)

            سبب ورود الحديث :
            ما رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر سافرناه فأدركنا وقد أرهقنا الصلاة صلاة العصر ، ونحن نتوضأ ، فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار . مرتين أو ثلاثا .

            وفي رواية قال : رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر فتوضؤوا وهم عجال ، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ويل للأعقاب من النار .

            " ويل " هو العذاب الشديد، وقيل:الحزن ,وقيل: إنه اسم واد في جهنم، وهي أيضاً كلمة وعيد يتوعد بها، كما ذكر الله في آيات كثيرة كقوله تعالى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة:1]، وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين:1]، فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5].
            و تُقال لمن وقع في الهلاك أو تعرّض لأسبابه ، وقد تأتي للتعجّب كقوله عليه الصلاة والسلام : (ويل أمِّه مسعر حرب) .
            وفي النُّدْبةِ (وَيْلاهُ), قال الأَعشى :
            قالتْ هُرَيْرَةُ لمّا جئتُ زائرَها *** وَيْلي عليكَ ووَيْلي منكَ يا رَجُلُ.
            وإِذا قال القائل واوَيْلَتاه فإِنما يعني وافَضِيحَتاه وكذلك تفسير قوله تعالى: (وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ...الآية }الكهف49

            والمقصود ويل لأصحاب الأعقاب الذين يُهملون غسل أعقابهم في الوضوء ؛ لأن الأعقاب إذا عُذّبت تعذّب أصحابها .

            "الأعقاب" : جمع عقِب ، وهو عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه وعُقْباهُ وعُقْبانُه آخِرُه .
            وفي الحديث ,هو مؤخرة القدم .
            وقيل : ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا *** ولكن على أقدامنا قطر الدّمـا

            الفرق بين الأعقاب والعراقيب.
            الأعقاب: جمع عقب ,وهو مؤخرة القدم.
            العراقيب:جمع عرقوب وهو عَصَبٌ غَلِيظ مُوَتَّر فَوْقَ عَقِبِ الإِنْسَان(تاج العروس).

            وجوب غسل الرجلين .
            في الحديث دلالة على وجوب غسل الرجلين , وهو من الإدلة التي استدل بها أهل السنة والجماعة علة وجوب غسل الرجلين. وذهب الرافضة على مسح الرجلين مستدلين بقوله تعالى : (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ) .
            وقد أجاب العلماء عن سبب جر كلمة "أرجلكم" هو الاتباع. وقالوا بأن المراد بسمح الرجل :هو الغسل الخفيف ,لأن الرجلين مظنة الإسراف.
            وأما المسح فهو مخالف للكتاب والسنة. فمخالفته للسنة ظاهرة متواتره.
            وأما مخالفته للقرآن لأن في قوله تعالى (وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ)[المائدة 6] فيه قرائتان مشهورتان وهما النصب والخفض(الجر) , فأما النصب فلأنه معطوف على الوجه واليدين وتقديره فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤسكم.
            وأما من قرأ بالخفض ,فلا يكون معناه مسح الرجلين ووذلك لعدة أوجه:
            الوجه الأول:أن من قرأها من السلف ,قالوا: عاد الأمر إلى الغسل.
            الثاني:أن السنة مفسرة للقرآن,وقد تواترت بلا اختلاف صفة الوضوء للرسول صلى الله عليه وسلم وفيه غسل الرجلين.
            الثالث: أن المسح في لغة العرب تأتي بمعنى الغسل, قال أبو زيد الأنصاري وغيره : العرب تقول : تمسحت للصلاة فتسمي الوضوء كله مسحا ولكن من عادة العرب وغيرهم إذا كان الاسم عاما تحته نوعان خصوا أحد نوعيه باسم خاص وأبقوا الاسم العام للنوع الآخر كما في لفظ الدابة فإنه عام للإنسان وغيره من الدواب لكن للإنسان اسم يخصه فصاروا يطلقونه على غيره
            وكذلك لفظ الحيوان ولفظ ذوي الأرحام يتناول لكل ذي رحم لكن للوارث بفرض أو تعصيب اسم يخصه...وهكذا.

            وقد فصل شيخ الإسلام في ذلك,وبين بشكل موسع الأوجه التي تدل على ان المقصود به تغسيل الأرجل لا مسحها ,أنقله بتمامه لمن أراد الإستزادة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: (وأما مسح القدمين مع طهورهما جميعا فلم ينقله أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخالف للكتاب والسنة
            وأما مخالفته للسنة : فظاهر متواتره
            وأما مخالفة القرآن فلأن قوله تعالى : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ}
            فيه قراءتان مشهورتان النصب والخفض فمن قرأ بالنصب فإنه معطوف على الوجه واليدين والمعنى : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤسكم
            ومن قرأ بالخفض فليس معناه وامسحوا أرجلكم كما يظنه بعض الناس لأوجه
            أحدهما : إن الذين قرأوا ذلك من السلف قالوا : عاد الأمر إلى الغسل.
            الثاني : إنه لو كان عطفا على الرؤوس لكان المأمور به مسح الأرجل لا المسح بها والله إنما أمر في الوضوء والتيمم بالمسح بالعضو لا مسح العضو فقال تعالى : { وامسحوا برؤوسكم }
            وقال : { فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه }
            ولم يقرأ القراء المعروفون في آية التيمم وأيديكم بالنصب كما قرأوا في آية الوضوء فلو كان عطفا لكان الموضعان سواء ,وذلك أن قوله : { وامسحوا برؤوسكم },وقوله : { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم }
            يقتضي إلصاق الممسوح لأن الباء للإلصاق وهذا يقتضي إيصال الماء والصعيد إلى أعضاء الطهارة وإذا قيل امسح رأسك ورجلك لم يقتض إيصال الماء إلى العضو.وهذا يبين أن الباء حرف جاء لمعنى لا زائدة كما يظنه بعض الناس وهذا خلاف قوله :( معاوي إننا بشر فأسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا )
            فإن الباء هنا مؤكدة فلو حذفت لم يختل المعنى والباء في آية الطهارة إذا حذفت اختل المعنى فلم يجز أن يكون العطف على محل المجرور بها بل على لفظ المجرور بها أو ما قبله.
            الثالث : إنه لو كان عطفا على المحل لقرىء في آية التيمم فامسحوا بوجوهكم وامسحوا أيديكم فكان في الآية ما بين فساد مذهب الشارح بأنه قد دلت عليه
            { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه }
            بالنصب لأن اللفظين سواء فلما اتفقوا على الجر في آية التيمم مع إمكان العطف على المحل لو كان صوابا علم أن العطف على اللفظ ولم يكن في آية التيمم منصوب معطوف على اللفظ كما في آية الوضوء
            الرابع : إنه قال : { وأرجلكم إلى الكعبين } ولم يقل إلى الكعاب فلو قدر أن العطف على المحل كالقول الآخر وأن التقدير أن في كل رجلين كعبين وفي كل رجل كعب واحد لقيل إلى الكعاب كما قيل إلى المرافق لما كان في كل يد مرفق وحينئذ فالكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي الساق ليس هو معقد الشراك مجمع الساق والقدم كما يقوله من يرى المسح على الرجلين
            فإذا كان الله تبارك وتعالى إنما أمر بطهارة الرجلين إلى الكعبين الناتئين والماسح يمسح إلى مجمع القدم والساق علم أنه مخالف القرآن
            الوجه الخامس : إن القراءتين كالآيتين والترتيب في الوضوء إما واجب وإما مستحب مؤكد الاستحباب فإذا فصل ممسوح بين مغسولين وقطع النظير عن النظير دل ذلك على الترتيب المشروع في الوضوء
            الوجه السادس : إن السنة تفسر القرآن وتدل عليه وتعبر عنه وهي قد جاءت بالغسل
            الوجه السابع : إن التيمم جعل بدلا عن الوضوء عند الحاجة فحذف شطر أعضاء الوضوء وخفف الشطر الثاني وذلك فإنه حذف ما كان ممسوحا ومسح ما كان مغسولا.
            وأما القراءة الأخرى وهي قراءة من قرأ { وأرجلكم } بالخفض فهي لا تخالف السنة المتواترة إذ القراءتان كالآيتين والسنة الثابتة لا تخالف كتاب الله بل توافقه وتصدقه ولكن تفسيره وتبينه لمن قصر فهمه عن فهم القرآن فإن القرآن فيه دلالات خفية تخفى على كثير من الناس وفيه مواضع ذكرت مجملة تشعرها السنة وتبينها والمسح اسم جنس يدل على إلصاق الممسوح به بالممسوح ولا يدل على لفظه وجريانه لا بنفي ولا إثباث .
            قال أبو زيد الأنصاري وغيره : العرب تقول : تمسحت للصلاة فتسمي الوضوء كله مسحا ولكن من عادة العرب وغيرهم إذا كان الاسم عاما تحته نوعان خصوا أحد نوعيه باسم خاص وأبقوا الاسم العام للنوع الآخر كما في لفظ الدابة فإنه عام للإنسان وغيره من الدواب لكن للإنسان اسم يخصه فصاروا يطلقونه على غيره
            وكذلك لفظ الحيوان ولفظ ذوي الأرحام يتناول لكل ذي رحم لكن للوارث بفرض أو تعصيب اسم يخصه
            وكذلك لفظ المؤمن يتناول من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله ومن آمن بالجبت والطاغوت فصار لهذا النوع اسم يخصه وهو الكافر وأبقى اسم الايمان مختصا بالأول وكذلك لفظ البشارة ونظائر ذلك كثيرة
            ثم إنه مع القرينة تارة ومع الإطلاق أخرى يستعمل اللفظ العام في معنيين كما إذا أوصى لذوي رحمه فإنه يتناول أقاربه من مثل الرجال والنساء فقوله تعالى في آية الوضوء : { وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم } يقتضي إيجاب مسمى المسح بينهما وكل واحد من المسح الخاص الخالي عن الإسالة والمسح الذي معه إسالة يسمى مسحا فاقتضت الآية القدر المشترك في الموضعين ولم يكن في لفظ الآية ما يمنع كون الرجل يكون المسح بها هو المسح الذي معه إسالة ودل على ذلك قوله ( إلى الكعبين ) فأمر بمسحهما إلى الكعبين
            وأيضا فإن المسح الخاص هو : إسالة الماء مع الغسل فهما نوعان : المسح العام الذي هو إيصال الماء ومن لغتهم في مثل ذلك أن يكتفي بأحد اللفظين كقولهم : علفتها تبنا وماء باردا والماء سقي لا علف
            وقوله :
            ( ورأيت زوجك في الوغي ... متقلدا سيفا ورمحا )
            والرمح لا يتقلد
            ومنه قوله تعالى : { يطوف عليهم ولدان مخلدون * بأكواب وأباريق وكأس } إلى قوله : { حور عين }
            فكذلك اكتفى بذكر أحد اللفظين وإن كان مراده الغسل ودل عليه قوله : { إلى الكعبين } والقراءة الأخرى مع السنة المتواترة
            ومن يقول : يمسحان بلا إسالة يمسحهما إلى الكعاب لا إلى الكعبين فهو مخالف لكل واحدة من القراءتين كما أنه مخالف للسنة المتواترة وليس معه لا ظاهر ولا باطن ولا سنة معروفة وإنما هو غلط في فهم القرآن وجهل بمعناه وبالسنة المتواترة
            وذكر المسح بالرجل مما يشعر بأن : الرجل يمسح بها بخلاف الوجه واليد فإنه لا يمسح بهما بحال ولهذا جاء في المسح على الخفين اللذين على الرجلين ما لم يجىء مثله في الوجه واليد ولكن دلت السنة مع دلالة القرآن على المسح بالرجلين
            ومن مسح على الرجلين فهو مبتدع مخالف للسنة المتواترة وللقرآن ولا يجوز لأحد أن يعمل بذلك مع إمكان الغسل والرجل إذا كانت ظاهرة وجب غسلها وإذا كانت في الخف كان حكمها مما بينته السنة كما في آية الفرائض فإن السنة بينت حال الوارث إذا كان عبدا أو كافرا أو قاتلا ونظائره متعددة والله أعلم)
            (انتهى).



            وقيل أن الأعقاب هي التي تعذب , والراجح أن الأعقاب سببا لتعذيب صاحبها في النار , فمن لا يسبغ وضوءه ردت صلاته , ومن ردت صلاته استحق العذاب ,أعاذنا الله وأياكم منها.
            والله أعلم.

            من فوائد الحديث:
            1- وجوب غسل الرجلين.
            2- وجوب الإعتناء بجميع أعضاء الوضوء, وأن عدم اسباغ الوضوء ,سببا لإستحقاق العذاب,والعياذ بالله.
            3- أن من فرط في غسل موضع بسيط كالعقب والعرقوب استحق العذاب, فمن باب أولى من فرط في الصلاة.
            4- فيه رد على أهل البدع الذين يقولون بمسح الأرجل.


            سؤال الدرس:
            ما حكم الوضوء للمرأة التي تضع على أضافرها ما يسمى "بالمناكير", والرجل الذي توجد على رجليه أو يديه بقع من الدهان أو الغراء أو اي عازل يمنع وصول الماء للبشرة؟مع التفصيل إن أمكن.


            والله الموفق.


            صيغة Word


            http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson4.doc



            صيغة Pdf


            http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson4.pdf

            تعليق


            • #7
              ►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس الثالث(3) ۞█ ░◄

              --------------------------------------------------------------------------------

              بسم الله الرحمن الرحيم
              إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم
              أما بعد:

              الحديث الأول


              عَنْ أبي هريرة رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَقْبَلُ الله صَلاةَ أحَدكُمْ إذَا أحْدَثَ حَتَى يَتَوضًأ " .

              وفي رواية البخاري: قال رجل من حضر موت ما المحدث يا أبا هريرة ؟ قال فساء أو ضراط.

              " لا يقبل اللّه " بصيغة النفي، وهو أبلغ من النهي، لأنه يتضمن النهي، وزيادة نفى حقيقة الشيء.

              "الصلاة": عبادة ذات أقوال وأفعال مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.

              " أحدث " أي حصل منه الحَدَث ، وهو الخارج من أحد السبيلين أو غيره من نواقض الوضوء. وفي الأصل: الحدث، الإيذاء.

              " الحدث " وصف حكمي مقدر قيامه بالأعضاء، يمنع وجوده من صحة العبادة المشروط لها الطهارة.



              الشرح:

              "لا يقبل الله صلاة أحدكم"

              النفي يأتي على صورتين :

              الصورة الأولى: نفي للقبول , وتعني عدم حصول الأجر أو الثواب.

              ومثاله قوله صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا أو عرافا لم تقبل له صلاة أربعين ليلة), فالصلاة لا تسقط عنه ولكن لايؤجر عليها.

              الصورة الثانية: نفي للصحة, وتعني عدم صحة العبادة وعدم الإجزاء.كقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار).

              وفي الحديث نفي للأمرين لمن ترك الوضوء بدون عذر,وعليه وقع الإجماع بأن الطهارة واجبة وشرط لصحة الصلاة والصلاة بدون الطهارة لمن لا عذر له محرمة ,بل قال بعض العلماء بكفر من صلى بدون وضوء,كما ذكر ابن الملقن الإجماع بوجوب الطهارة.

              وقوله –صلى الله عليه وسلم- "أحدكم" تخصيص للرجال , ولكن المعنى يعم الرجال والنساء .

              والصلاة : جاءت نكره, القاعدة تقول( النكره اذا تسلط عليها النفى فهى للعموم) فيدخل فيها الفرض والنفل.

              والحدث على قسمين كما ذكرنا في الدرس الأول:

              القسم الأول :حدث أكبر.وهو ما يوجب الغسل, وسيأتي شرحه في باب الغسل بإذن الله.

              القسم الثاني :حدث أصغر وهو ما يوجب الوضوء.

              ونواقض الوضوء التي قام عليها الدليل هي كمايلي:

              أ-الخارج من السبيلين طاهرا كان أو نجسا.

              والخارج من السبيلين على عشرة أنواع :

              1-الغائط. 2-البول. وأدلتهم قول الله تعالى : ( وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) .

              ومن السُّنّة حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أن نمسح على خفافنا ولا ننزعها ثلاثة أيام من غائط وبول ونوم إلا من جنابة . رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما ، وهو حديث صحيح .

              3-الروائح: ودليله قول ابو هريرة رضي الله عنه للسائل عن الحدث بقوله "فساء أو ضراط".

              وفي صحيح مسلم ‏عَنْ ‏ ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏قَالَ ‏: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (‏ ‏إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا ‏ ‏فَأَشْكَلَ ‏ ‏عَلَيْهِ أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لَا فَلَا يَخْرُجَنَّ مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا).

              وعند الترمذي من رواية ‏عَلِيِّ بْنِ طَلْقٍ ‏ ‏قَالَ : أَتَى أَعْرَابِيٌّ النَّبِيَّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَكُونُ فِي الْفَلَاةِ فَتَكُونُ مِنْهُ ‏ الرُّوَيْحَةُ وَيَكُونُ فِي الْمَاءِ قِلَّةٌ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ‏إِذَا فَسَا أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ وَلَا ‏ ‏تَأْتُوا النِّسَاءَ ‏ ‏فِي ‏ ‏أَعْجَازِهِنَّ ‏ ‏فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ).

              4-المني.

              5-المذي.

              6-الوَدْي

              7-دم الحيض

              8-دم الاستحاضة

              9-دم النفاس

              10-رطوبة فرج المرأة

              وما سبق من نواقض الوضوء سيأتي الحديث عنها وعن أدلتها في أبوابها.

              وكلها نجسة ماعدا المني والروائح ورطوبة الفرج.



              ب- زوال العقل ويكون بالنوم الإغماء او الجنون او السكر وغير ذلك:

              1- النوم المستغرق. ودليله حديث صفوان بن عسال -رضي الله عنه- السابق الذكر.

              ويكون النائم في حالة لا يدرك فيه ما حوله .والنوم المستغرق مظنة الحدث. فإن نام الخفيف فإنه لا ينقض الوضوء و وقد جاء عند مسلم ‏عَنْ ‏ ‏أَنَسٍ ‏ ‏أَنَّهُ قَالَ ‏ : ( أُقِيمَتْ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ لِي حَاجَةٌ فَقَامَ النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يُنَاجِيهِ ‏ ‏حَتَّى نَامَ الْقَوْمُ أَوْ بَعْضُ الْقَوْمِ ثُمَّ صَلَّوْا).

              وفي سنن أبي داود عن أنس رضي الله عنه قال ‏: (كَانَ ‏ ‏أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَنْتَظِرُونَ الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ حَتَّى ‏ ‏ تَخْفِقَ ‏ ‏ رُءُوسُهُمْ ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ).

              وكل ذلك محمول على النوم اليسير ,والله أعلم.

              2-الإغماء أو الجنون أو السكر أوغير ذلك مما يزول به الوعي زوالا كاملا.

              ودليل ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : (رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الْمَعْتُوهِ حَتَّى يَعْقل )
              . رواه الإمام أحمد وأهل السُّنن .

              وعن عبيدالله بن عبدالله قال : ( دَخَلْتُ عَلَى ‏ ‏عَائِشَةَ ‏ ‏فَقُلْتُ لَهَا أَلَا تُحَدِّثِينِي عَنْ مَرَضِ رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَتْ بَلَى ‏ ‏ثَقُلَ ‏ ‏النَّبِيُّ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏فَقَالَ ‏ ‏أَصَلَّى النَّاسُ قُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ ضَعُوا لِي مَاءً فِي ‏ ‏ الْمِخْضَبِ ‏ ‏فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ ‏ ‏لِيَنُوءَ ‏ ‏فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَصَلَّى النَّاسُ قُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ضَعُوا لِي مَاءً فِي ‏ ‏ الْمِخْضَبِ ‏ ‏فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ ‏ ‏لِيَنُوءَ ‏ ‏فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَصَلَّى النَّاسُ قُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ ضَعُوا لِي مَاءً فِي ‏ ‏ الْمِخْضَبِ ‏ ‏فَفَعَلْنَا فَاغْتَسَلَ ثُمَّ ذَهَبَ ‏ ‏لِيَنُوءَ ‏ ‏فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ أَصَلَّى النَّاسُ فَقُلْنَا لَا وَهُمْ يَنْتَظِرُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَتْ وَالنَّاسُ ‏ ‏عُكُوفٌ ‏ ‏فِي الْمَسْجِدِ يَنْتَظِرُونَ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ قَالَتْ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏إِلَى ‏ ‏أَبِي بَكْرٍ ‏ ‏أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏يَأْمُرُكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ... الحديث) . متفق عليه .

              ج-مس الفرج من غير حائل وبشهوة .

              ومعنى من غير حائل أي يمسه مباشرة ,ودليله ‏عَنْ ‏ ‏عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏أَبِيهِ ‏ ‏عَنْ ‏ ‏جَدِّهِ ‏ ‏قَالَ ‏ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (‏ ‏مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا فَلْتَتَوَضَّأْ ).رواه أحمد.

              وعن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (من مس ذكره فليتوضأ) . رواه الإمام أحمد وأبوداود وغيرهما ، وهو حديث صحيح .

              وجاء حديث آخر يعارض في ظاهره ماسبق من القول بنقض الوضوء عند مس الفرج ,فعن طلق بن علي رضي الله عنه قال : قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي ، فقال : يا نبي الله ما ترى في مس الرجل ذكره بعد ما يتوضأ ؟ فقال : (هل هو إلا مضغة منه ، أو قال بضعة منه) . رواه الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما .

              وكذلك عن أبي أمامة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مس الذكر فقال (إنما هو جزء منك) رواه ابن ماجة

              وللجمع بين الدليلين نقول أن أدلة النقض فيما كان المس بشهوة, وأما الأحاديث الأخرى فتحتمل المس بغير شهوة.

              وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة أنه قد رُوي النقض بضعة عشر من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم, وقال كذلك : (وجاء النقض بمسه عن عمر سعد بن أبي وقاص وأبي هريرة وزيد بن خالد والبراء بن عازب وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك رضي الله عنهم وهو شيء لايدرك بالرأي والقياس فعلم أنهم قالوا عن توقيف من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعارض هذا أن يكون هو المتمسك باستصحاب الحال والبراءة الأصلية).

              ولإبن تيمية كلام جميل في شرح العمدة, يثبت فيها انتقاض الوضوء لمن مس فرجه ,حيث قال: (وأما حديث قيس أبي أمامة فعنه أجوبة أحدها تضعيفه فقد ضعفه أحمد ويحيى وقال أبو زرعة وأبو حاتم قيس لاتقوم به حجة وجعفر بن الزبير كذبه شعبة وقال البخاري والنسائى هو متروك.

              وثانيها أنه منسوخ لأن طلق بن علي الحنفي كان قدومه وهم يؤسسون المسجد رواه الدراقطني وتأسيس المسجد كان في السنة الأولى من الهجرة وأخبار الإيجاب من رواتها أبو هريرة وإنما أسلم ورأى النبي صلى الله عليه وسلم بعد خيبر في السنة السابعة من الهجرة وبسرة بنت صفوان أسلمت عام الفتح في السنة الثامنة

              وثالثها أن أحاديثنا ناقلة عن الأصل وحديثهم مبقي على الأصل فإن كان الأمر به هو المنسوخ لزم التعبير مرتين وإن كان ترك الوضوء هو المنسوخ لم يلزم التعبير إلا مرة واحدة فيكون أولى وهذه قاعدة مستقرة أن الناقل أولى من المبقي لما ذكرنا

              ورابعها أنه يمكن أن يكون المراد بحديث ترك الوضوء ما إذا لمسه من وراء حائل لأن في رواية النسائي عن طلق قال خرجنا وفدا حتى قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم فتابعناه وصلينا معه فلما قضى الصلاة جاء رجل كأنه بدوي فقال يا رسول الله ما تقول في رجل مس ذكره في الصلاة قال وهل هو إلا مضغة منك أو قال بضعة منك والمصلي في الغالب إنما يمسه من فوق ثيابه يويد ذلك أنه علل ذلك بأنه بضعة منك وهذا التعليل مساواته كسائر البضعات والمضغ وهذه التسوية متحققة فيما فوق الثوب فأما دون الثوب فيتميز الغسل وجوب والمهر والحد وفساد العبادات بايلاجه وتنجس الخارجات منه وغير ذلك فكيف يقاس بغيره

              وخامسها أنا قدرنا التعارض أحاديثنا أكثر رواة وأصح إسنادا وأقرب إلى الاحتياط وذلك يوجب ترجيحها).

              وكذلك الحال فيمن مس فرج غيره –والله أعلم.

              د- أكل لحم الجزور(الإبل).
              ودليله قوله عليه الصلاة والسلام لما سُئل : أأتوضأ من لحوم الغنم ؟ قال : إن شئت فتوضأ ، وإن شئت فلا توضأ . قال : أتوضأ من لحوم الإبل ؟ قال : نعم ، فتوضأ من لحوم الإبل . رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .



              من فوائد الحديث:

              1- الطهارة شرط لصحة الصلاة والثواب عليها.

              2- أن أي ناقض من نواقض الوضوء مبطل للصلاة كلها.

              3- صلاة المحدث لا تقبل وعدها بعض من أهل العلم كفرا.

              4- في الحديث إثبات لله –سبحانه وتعالى- الصفات الإختيارية. فالله يقبل الأعمال ولا يقبلها.



              أسألة الدرس:
              1-اذكر خمس نواقض من نواقض الوضوء.
              2-ماذا على من لم يستطع الوضوء أو التيمم إذا حلت الصلاة.


              أسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح


              صيغة Word


              http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson3.doc



              صيغة Pdf


              http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson3.pdf

              تعليق


              • #8
                ►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس الثاني(2) ۞█ ░◄

                --------------------------------------------------------------------------------

                بسم الله الرحمن الرحيم
                إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم. أما بعد:


                أعتذر عن تأخري في طرح الدرس الثاني وطرح الإجابات النموذجية للدرس الأول لأسباب تقنية ,وسيتم طرح الدرس أسبوعيا في يوم الإثنين بإذن الله ومشيئته.وأشكر المهتمين والمستفسرين عن تأخر الدرس الثاني.
                الدرس الثاني


                الثواب والعقاب على النية الصادقة.
                النية الصادقة تعني الإرادة الجازمة الحقيقية ,والتي يقع عليها الثواب والعقاب, قال صلى الله عليه وسلم (إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي ربه فيه ويصل به رحمه، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازلِ، وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول: لو أن لي مالاً لعملتُ فيه بعمل فلان فهو بنيّته فأجرهما سواء، وعبدٍ رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم، لايتقي فيه ربه ولايصل فيه رحمه، ولايعلم لله فيه حقاً، فهو بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته فوزرهما سواء) رواه الترمذي ــ واللفظ له ــ وابن ماجة عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه، وصححه الترمذي.

                فانظر كيف أن الرجل الثاني والرابع لهما نفس الأجر أو العقاب بسبب نيتهما الجازمة.

                الرياء آفة النية.
                الرياء لغة :مصدر رأى يرائي وهو مشتق من الرؤية .
                إصطلاحاً : هو عمل الصالحات يريد مدح الناس وثناءهم ومنه ما يسمى بالسمعة لكن السمعة مختصة بالمسموعات كتحسين القراءة أو يصلى لكي يمدحه الناس . والرياء القصد منه المدح ويدخل فيه أيضا العمل لأجل الدنيا يبتغي بذلك مصلحة أو منصبا أو مالا.
                أقسام الرياء :
                أولا: رياء مخرج عن الملة وهو شرك أكبر,وهو أنواع:
                1-ما يدخل في الدين ,وهو مخرجا من الملة قال تعالى : {وَقَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُواْ بِالَّذِيَ أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُواْ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }[آل عمران/72].
                2-ما يدخل في الأعمال التي يكون تركها كفرا كالصلاة المفروضة والصيام المفروض,ودليله قول تعالى : {الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ }[الماعون/5].
                قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم في أول حديث : (وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر عن مؤمن في فرض الصلاة والصيام )اهـ .
                3-ما يدخل في كثير من أعمال الفرد , كالمنافق الذي يرائي في كثير من الأعمال ,قال تعالى : {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً }[النساء/142].
                وكذلك مثله مثل الحكام المبدلين لشرع الله , فلا يُظهرون من الشعائر إلا ما تخدم مصالحهم , ويُسّوقون لها في الآفاق عن طريق وسائل إعلامهم. فيظهرون وكأنهم الهداة المهدين ,حماة الشريعة وأنصار العقيدة ,ويطبل لذلك عدد من علماء السوء .

                ثانيا:غير مخرج من الملة وهو شرك أصغر:
                1-ما يتعلق بالأعمال التي لا يكون في تركها كفرا, كالنوافل والصدقات وغير ذلك.
                2-الرياء الخاطر, وهو أن يكون العمل لله ثم يطرأ عليه رياء وهو على حالتين:
                الحالة الأول: رياء يدافعه ولا يسترسل معه ,فهذا لا يضر العمل ولا يؤثر عليه.عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم) .
                ونقل ابن رجب الإجماع على أنه إذا لم يسترسل معه فلا يضره ,وذلك كما في جامع العلوم والحكم في أول حديث.

                2-رياء يسترسل معه ولا يدافعه ,وهو على حالين:
                الحال الأولى : أن لا يرتبط أول العبادة بآخرها ، فأولُّها صحيح ، وآخرها باطل . ومثاله رجل أراد أن يتصدق بمال معين فتصدق بنفسه صدقة خالصة لوجه الله, ومن ثم طرأ الرياء عليه في النصف الثاني. فأوله مقبول بإذن الله وآخره باطل.

                الحال الثانية : أن يرتبط أول العبادة بآخرها كالصلاة أو الصيام,فعندها تبطل العبادة كاملة .

                ثالثا:ما يطرأ بعد انتهاء العمل. وهذا لا يضر العمل . ولكن يجب تطهير النية حتى لا يكون الباعث له لنفس العمل أو غيره الرياء فيحبط عمله. وأما من سره عمله أو مُدح على عمله الخالص فلا يضره بإذن الله ,فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَن سرَّته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن ) . وجاء عن أبي ذر -رضي الله - قوله : قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير ويحمده الناس عليه . قال : (تلك عاجل بشرى المؤمن). رواه مسلم وابن ماجه.
                قال ابن رجب في جامع العلوم : (فأما إذا عمل العمل لله خالصا ثم ألقى الله له الثناء الحسن في قلوب المؤمنين بفضل ورحمة واستبشر بذلك لم يضره ذلك وفي هذا المعنى جاء حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يعمل العمل لله من الخير يحمده الناس عليه فقال ( تلك عاجل بشرى المؤمن ) خرجه مسلم وخرجه ابن ماجه وعنده الرجل يعمل العمل فيحبه الناس عليه ولهذا المعنى فسره الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وابن جرير الطبري وغيرهم وكذلك الحديث الذي خرجه الترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله الرجل يعمل فيسره فإذا اطلع عليه أعجبه فقال ( له أجران أجر السر وأجر العلانية )) اهـ .



                حكم ترك العمل لأجل الناس.
                وفيه قولان :
                القول الأول : إن كان العمل واجباً فهو رياء, وإن كان سنة أو تطوعا فليس برياء. وقالوا مثله ترك المعصية خشية الناس.
                القول الثاني: أنه رياء كما قال الفضيل بن عياض -رحمه الله- : (كانوا يقولون ترك العمل للناس رياء والعمل لهم شرك )اهـ .


                (فمن كانت هجرته...)
                سنتوسع في التعرف للهجرة عن التعريف السابق كما يلي:
                الهجرة لغة: اسمٌ من هجر يهجُر هَجْرا وهِجرانا ومنه الترك.
                جاء في "لسان العرب" لابن منظور، و"تاج العروس" ؛ مادة "هجر"؛ الهجر ضد الوصل، هجره يهجره هجرا، وهجرانا؛ صرمه، وهما يهتجران، ويتهاجران، والاسم الهجرة.
                وقال ابن فارس: "الهاء والجيم والراء أصلان، يدل أحدهما على قطيعة وقطع، والآخر على شد شيء وربطه. فالأول الهَجْر: ضد الوصل، وكذلك الهِجْران، وهاجر القوم من دار إلى دار: تركوا الأولى للثانية، كما فعل المهاجرون حين هاجروا من مكة إلى المدينة".
                الهجرة شرعا :
                قاله الحافظ ابن حجر: "الهجرة في الشرع ترك ما نهى الله عنه"، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ((المهاجر من هجر ما نهى الله عنه)).
                قال ابن قدامة في "المغني": (هي الخروج من دار الكفر إلى دار الإسلام).
                وقال الشيخ سعد بن عتيق رحمه الله في "الدرر السنية": (هي الانتقال من مواضع الشرك والمعاصي إلى بلد الإسلام والطاعة).


                الهجرة تكون بالقلب أواللسان أوالبدن أو جميعا.
                1-فمن الهجر بالبدن قوله تعالى: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ}
                [النساء:34].
                2-ومن الهجر باللسان قول عائشة رضي الله عنها لما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت علي غضبى، أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنت غضبى قلت: لا ورب إبراهيم) قالت: أجل، والله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك.
                3-ومن الهجر بالقلب ما جاء في حديث: (من الناس من لا يذكر الله إلا مهاجراً)، قال ابن الأثير نقلاً عن الهروي: "يريد هِجران القلب وترك الإخلاص في الذكر، فكأنّ قلبه مهاجر للسانه غير مواصل له".


                وذٍكرُ الهجرة في هذا الحديث لايعني اقتصار الأمر على ذلك,بل يتعداه في جميع العبادات كالصلاة والصيام والحج ونحو ذلك.


                أحكام الديار.
                الدور التي يهاجر منها الإنسان على أنواع,كما يلي:

                1- دار الإسلام ,وهي كما قال الشافعي : هي كل أرض تظهر فيها أحكام الإسلام.
                2- دار الكفر ,وهي كل أرض تكون فيها أحكام الكفر ظاهرة وليس بينها وبين المسلمين حرب .
                3- دار مركبة ,وهي التي يجتمع فيها النوعان السابقان ,وهي قسم ثالث كماردين التي قال عنها شيخ الإسلام ابن تيمية : (وأما كونها دار حرب أو سلم فهى مركبة فيها المعنيان ليست بمنزلة دار السلم التى تجرى عليها أحكام الاسلام لكون جندها مسلمين ولا بمنزلة دار الحرب التى أهلها كفار بل هى قسم ثالث يعامل المسلم فيها بما يستحقه ويقاتل الخارج عن شريعة الاسلام بما يستحقه) الفتاوى الكبرى.
                4- دار الحرب ,هي كل أرض تكون فيها الحرب بين المؤمنين والكافرين ، فدار الحرب هي دار الكفار الذين بينهم والمسلمين الحرب. وكل دار حرب هي دار كفر وليس العكس.
                5- دار العهـد وتسمى دار الموادعة ودار الصلح ,وهي كل ناحية صالح المسلمون أهلها بترك القتال على أن تكون الأرض لأهلها .
                6- دار البغي ,هي ناحية من دار الإسلام تحيز إليها مجموعة من المسلمين لهم شوكة خرجت على طاعة الإمام بتأويل .


                أنواع الهجرة:
                1- هجرة معنوية: ومثل ذلك الهجرة من المعاصي والآثام إلى البر والحسنات. والهجرة من الكفر إلى الإسلام
                2-هجرة حسية : وهي أنواع كما ذكرها القرطبي في قوله تعالى: (ومَن يُهاجرْ في سبيلِ اللهِ يَجِدْ في الأرضِ مُراغَمًا كثيرًا وسَعَةً). (النساء: 100) نقلًا عن ابن العربي أن العلماء قسَّموا الهجرة إلى قسمينِ، هجرة هُروب وهجرة طلَبٍ، وأن هجرة الهروب ستة أقسام:

                1 ـ الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام.وكانت فرْضًا أيام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي باقية مَفروضة إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بالفتح هي القصد إلى النبي حيث كان، فإنْ بقِي في دار الحرب عَصَى، ويُختلف في حاله.

                2 ـ الخروج من أرض البِدْعة.قال ابن القاسم: سمعتُ مالكًا يقول: لا يحلُّ لأحد أن يُقيم بأرضٍ يُسَبُّ فيها السلَف. قال ابن العربي: وهذا صحيح، فإن المنكَر إذا لم تَقْدِر أن تَغيرَه فزُلْ عنه. قال تعالى: (وإذا رأيتَ الذينَ يَخُوضُونَ في آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنهمْ حتى يَخُوضُوا في حديثٍ غيرِه وإمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشيطانُ فلا تقعدْ بعدَ الذِّكْرَى معَ القومِ الظالمين) [الأنعام 68]
                3 ـ الخروج مِن أرض غلَب عليها الحرام، فإنّ طلَبَ الحلال فرْضٌ على كل مسلم.

                4 ـ الفِرار مِن الإصابة في البدَن.وذلك فضْلٌ مِن الله رخَّص فيه، فإذا خشِيَ على نفسه فقد أذِنَ الله في الخروج عنه والفِرار بنَفسه ليُخلِّصها مِن ذلك المَحْذور، وأول مَن فعَله إبراهيم ـ عليه السلام ـ فإنه لمَّا خاف من قومه قال: (إنِّي ذاهبٌ إلى ربِّي سَيَهْدِينِ). (الصافات: 99) وقال: (إنِّي مُهاجرٌ إلى ربِّي). (العنكبوت: 26) وقال الله مُخْبرًا عن موسى: (فخرَجَ مِنها خائِفًا يَتَرَقَّبُ). (القصص: 21).

                5 ـ الخروج خَوفَ المرَض في البلاد الوَخِمة إلى الأرض النزِهة.وقد أذِن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للرُّعاة حين استَوخَموا المدينة أن يَخرجوا إلى المَسْرَحِ فيكونوا فيه حتى يَصِحُّوا، وقد استُثنيَ مِن ذلك الخروجُ مِن الطاعون فمنَع الله منه بالحديث الصحيح عن نبيِّه، غير أن العلماء قالوا: إنه مَكروه.

                6 ـ الفِرار خوْفَ الأذِيَّة في المال. فإن حُرمة مال المسلم كحُرمة دمِه، والأهلُ مِثلُه وأَوْكَدُ.

                ثم تحدث عن هجرة الطلَب وقسَّمها قسمينِ، طلَبَ دينٍ وطلَبَ دُنيا، والأول يتعدَّد بتعدُّد أنواعه إلى تِسعة أقسام:

                1 ـ سفَر العِبْرَة.وهو كثير، قال تعالى: (أوَ لمْ يَسِيرُوا في الأرض فيَنْظُروا كيفَ كانَ عاقبةُ الذينَ مِن قَبْلِهِمْ). (الروم: 9).

                2 ـ سفر الحَجِّ. وسفَر العِبْرة وإنْ كان نَدْبًا فسَفر الحج فرْضٌ.

                3 ـ سفر الجهاد. وله أحكامه.

                4 ـ سفر المَعاش. فقد يتعذَّر على الرجل مَعاشه مع الإقامة فيَخرج في طلبه لا يَزيد عليه، بصَيد أو احتطاب أو غيرهما، فهو فرْض عليه.

                5 ـ سفر التجارة والكسْب الزائد على القُوت والحاجة.وذلك جائز بفَضل الله كما قال سبحانه: (ليسَ عليكمْ جُناحٌ أنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِن رَبِّكُمْ). (البقرة: 198) وهي نعمة مَنَّ اللهُ بها في سفر الحج، فكيف إذا انْفَرَدَتْ؟

                6 ـ سفرٌ في طلَب العلْم. وهو مَشهور.

                7ـ سفرٌ لقَصْد البقاع الخيِّرة.ومنه حديث: (لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلا إلى ثلاثة مساجد). (رواه البخاري ومسلم).

                8 ـ سفرٌ لقصْد الثُّغُور والمُرابطة فيها مِن أجل الجهاد.

                9 ـ سفر لزيارة الإخْوان في الله.كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (زار رجل أخا له في قرية فأرصد الله له ملكا على مدرجته فقال ابن تريد فقال أريد أخا لي في هذه القرية قال هل لك من نعمة تربها عليه قال لا غير أني أحببته في الله عز وجل قال فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحبته فيه). (رواه مسلم) .


                أحكام الهجرة.
                1- واجبة بإتفاق الكثير من أهل العلم , وذلك لمن لا يستطيع إظهار دينه في دار الكفر ويمكنه الهجرة,والوعيد الشديد لمن ترك الهجرة ,بل نُقل بوجوبه حتى على المرأة إن لم تجد محرما وأمِنَت الطريق أو كان الطريق أقل خوفا من الخوف في مقام دار الكفر. قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً } (النساء:97).
                2-عدم الهجرة بإتفاق أهل العلم, وذلك لمن لا يستـطيع إظهار دينه في دار الكـفر ، ولا يمكنه الهجرة لقوله تعالى{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً }
                وعدم الإستطاعة يكون بمرض شديد لا يمكنه من التنقل والترحال أو إكراه على الإقامة في دار الكفر ,أو كالنساء والولدان الضعفاء وغير ذلك. وتجب عند زوال السبب المانع للهجرة كالمرض الشديد أو الضعف أو الإكراه , وعليه أن يكون متحفزا ومستعدا ومجاهدا للتخلص من ذلك السبب المانع. ومن هاجر مريضا أو غير ذلك ولم تتم هجرته فأجره على الله.
                3-جواز البقاء في دار الكفر , وعدم وجوب الهجرة :وذلك لمن يستطيع إظهار دينه في دار الكفر ,ولا يمكنه الهجرة . ولكن عليه تحين الفرص حتى يستطيع الهجرة إلى دار الإسلام.
                4-وجوب الهجرة ,وإثم من تركها ,وذلك لمن يستطيع إظهار دينه في دار الكفر ويمكنه الهجرة في اي وقت شاء. وهذا مذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة,واختاره الشيخ محمد بن عبدالوهاب وغيره من علماء نجد , شدد الشيخ عبدالرحمن بن حسن وقال : ذكر ابن حجر عن صاحب المعتمد : أن الهجرة كما تجب من بلاد الكفر ، تجب من بلاد الإسلام إذا أظهر المسلم بها واجباً ، ولم يقبل منه ، ولا قدر على إظهاره .
                ثم أضاف الشيخ عبد الرحمن بن حسن وقال : وكذلك يجب على كل من كان ببلد يعمل فيها بالمعاصي ، ولا يمكنه تغييرها ، الهجرة إلى حيث تتهيأ له العبادة لقوله تعالى : { فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمين} إلى آخر ما قال في الدرر السنية . (8-291 ) الطبعة الخامسة.

                (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله):
                القصد في الحديث هو الهجرة الحسية , وذلك حينما جاء الأمر بالهجرة من مكة إلى المدينة قبل الفتح, فمن هاجر لله يريد ثوابه وابتغاء مرضاته ونصرة لدينه ,ولرسوله أي طمعا في صحبته والعمل بسنته والعيش في دار الإسلام والدفاع عن الحرمات مخلصا النية , كانت هجرته لله ولرسوله وله الأجر العظيم والثواب الكبير.

                قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى : (ليس هو تحصيلٌ للحاصل ، لكنه إخبارٌ بأنَّ من نوى بعمله شيئاً ، فقد حصل له ما نواه ، أي : من قَصَدَ بهجرته الله ورسوله ، حَصَلَ له ما قصده ، ومن كان قصده الهجرة إلى دنيا أو امرأة ، فليس له إلا ذلك ؛ فهذا تفصيلٌ لقوله : " إنما الأعمال بالنيات " ولمَّا أخبر أنَّ لكل امرئٍ ما نوى ، ذكر أنَّ لهذا ما نواه ، ولهذا ما نواه ).

                وفي زماننا توقفت الهجرة إلى شخص الرسول صلى الله عليه وسلم , ولكن الهجرة ما زالت قائمة كالهجرة في طلب العلم وغيرها من الأنواع التي ذكرناها سابقا من قول القرطبي.



                (ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
                وفيه دلالة على أن النية هي الفاصل بين الأعمال وإن تشابهت. فمن نوى بهجرته إلى الله ورسوله ثبت أجره ومن نوى الهجرة زمن الهجرة إلى متاع الدنيا فليس له الأجر كالأول. وهذا في كل زمان ومكان . فمن يصلي لله سبحانه وتعالى بنية خالصة ليس كم يصلي خوفا من الضرب أو غيره. وكذلك من يأكل ليتقوى به على العبادة أجره غير من يأكل مجرد شهوة, ومن يغتسل من الجنابة أجره غير من يغتسل تبردا. وقوله إلى ما هاجر إليه فيه تحقير واستهانة لما طلبه من أمور الدنيا حيث لم يذكره بلفظه.




                هذا وفي الدرس القادم بإذن الله سيتم كتابة الفوائد من هذا الحديث العظيم .

                الأسئلة :
                1- أذكر ثلاث فوائد من هذا الحديث؟
                2-على ضوء دراستك لأقسام الرياء,اذكر الحكم فيما يلي ,مع الدليل إن أمكن:
                أ-رجل توظأ أو صلى أو عمل عملا وفي نيته تعليم الناس,وليس هذا العمل من الأعمال التي يعملها عادة.
                ب-رجل تعلم العلم الشرعي لينال منصب أو يحصل مالا,وليس في قصده أن يمدحه الناس.
                ج-رجل تعلم علم دينيوي لينال منصب أو وظيفة.
                د-رجلا جاء مع قوم يصومون الإثنين والخميس فصامهما , ولكن فعله ليس عادة يقوم بها.


                هذا وأسأل الله أن ينفعنا ويجعل علمنا نافعا خالصا لوجه الله.




                صيغة Word


                http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson2.doc



                صيغة Pdf


                http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson2.pdf

                تعليق


                • #9
                  ►░ █ ۞ كُلّيّة الحسبة-عمدة الأحكام-الدرس الأول(1) ۞█ ░◄

                  --------------------------------------------------------------------------------

                  بسم الله الرحمن الرحيم
                  إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم
                  أما بعد:


                  لتحميل متن عمدة الأحكام إضغط هنا

                  سنبدأ في كتاب الطهارة بحول الله وقوته سائلين المولى التوفيق والسداد والإخلاص في القول والفعل والعمل . سأتجاوز شرح مقدمة الكتاب ونبدأ بقول المصنف -رحمه الل-ه (كتاب الطهارة)..

                  [كِتَابُ] فِي اللُّغَةِ مَصْدَرُ كَتَبَ ، يُقَالُ : كَتَبَ الشَّيْءَ يَكْتُبُهُ كَتْبًا وَكِتَابًا وَكِتَابَةً ، وَيُطْلَقُ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ مِنْهَا :
                  أ - أنه اسم لما كتب مجموعا ، قاله الأزهري .
                  ب - يطلق على ما يكتبه الشخص ويرسله إلى غيره .
                  ج - يطلق على المكتوب وعلى ما كتب فيه .
                  د - يطلق على الْمُنَزَّلِ من عند الله تعالى ، فيشمل القرآن والتوراة والإنجيل .
                  هـ - يطلق على الصحف المجموعة .

                  وفي اصطلاح الفقهاء : الكتاب هو الذي يشتمل على المسائل سواء كانت قليلة أو كثيرة من فن أو فنون .
                  وعند الأصوليين :الكتاب هو القرآن الكريم ، قال تعالى : { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء } ، والفقهاء يستعملون هذا المعنى

                  فيقولون في الاستدلال : ودليله الكتاب والسنة .

                  [الطهارة]:الطَّهَارَةُ فِي اللُّغَةِ : النَّظَافَةُ ، يُقَالُ : طَهُرَ الشَّيْءُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا يَطْهُرُ بِالضَّمِّ طَهَارَةً فِيهِمَا ، وَالِاسْمُ : الطُّهْرُ بِالضَّمِّ ،

                  وَطَهَّرَهُ تَطْهِيرًا ، وَتَطَهَّرَ بِالْمَاءِ ، وَهُمْ قَوْمٌ يَتَطَهَّرُونَ أَيْ : يَتَنَزَّهُونَ مِنْ الْأَدْنَاسِ ، وَرَجُلٌ طَاهِرُ الثِّيَابِ ، أَيْ : مُنَزَّهٌ .
                  وفي الشرع : هي عبارة عن غسل أعضاء مخصوصة بصفة مخصوصة . وعرفت أيضا بأنها : زوال حدث أو خبث ، أو رفع الحدث

                  أو إزالة النجس ، أو ما في معناهما أو على صورتهما .

                  [كتاب الطهارة]: في الفقه : المسائل المجموعة والمتعلقة بالطهارة. في الحديث: الأحاديث المجموعة تحت عنوان الطهارة.

                  والطهارة على نوعين :
                  1- طهارة معنوية وتسمى أيضا باطنية: وهي الطهارة من الشرك , ومن الذنوب والمعاصي وما كان من حقد أو حسد وما شابه ذلك .

                  ودليله قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجسٌ...)[التوبة:28]، وقوله تعالى : (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ) [المائدة:41].

                  وجاء في صحيح مسلم سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم لربه بأن يطهره من الذنوب والخطايا, فعن عبد الله بن أبي أوفي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: (اللهم لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ).

                  2-طهارة حسية وتسمى كذلك ظاهرية, وهي على نوعين :
                  أ- طهارة من الخبث (الأنجاس) : والأنجاس كالبول والغائط والدم وغير ذلك من النجاسات الحسية التي قد تصيب البدن أو الثوب, ولا يلزم لإزالتها النية , فإن زالت بأي سبب كفى ذلك . ومثله زوال النجاسة بالمطر أو الغسيل أوغير ذلك.

                  ب-طهارة من الأحداث ,وهي من باب فعل امأمور ويجب فيها النية وهي على نوعين:
                  1- طهارة من الحدث الأصغر : وهو ما أوجب الوضوء وذلك بخروج شيء من أحد السبيلين سواء كان قليلاً أو كثيراً طاهراً أو نجساً، كالبول أو المذي أو الغائط أو حتى الحصاة أو غير ذلك من الخارج من السبيلين,او نوم أو أكل لحم الجزور أو غير ذلك من نواقض الوضوء.

                  2-طهارة من الحدث الأكبر: وهو ما أوجب الغسل ويحصل بتعميم البدن بالماء كخروج المني بشهوة أو في المنام أو تغيب الحشفة أو جزء منها في فرج قبلا كان أو دبرا حتى وإن لم ينزل المني, أو على المرأة اذا انقطح الحيض أو النفاس.


                  وسيتم التفصيل فيما سبق في شرح الأحاديث القادمة بإذن الله.



                  الحديث الأول

                  عَنْ أَمِيرِ المُؤمِنينَ أَبي حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ تعالى عنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلى اللهِ وَرَسُوله فَهِجْرَتُهُ إلى اللهِ وَرَسُوله، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَو امْرأَة يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) (1)

                  هذا حديث صحيح متفق على صحته تلقته الأمة بالقبول والتصديق مع أنه من غرائب الصحيح فإنه وإن كان قدر روى عن النبى من طرق متعددة كما جمعها إبن منده وغيره من الحفاظ فأهل الحديث متفقون على أنه لا يصح منها إلا من طريق عمر بن الخطاب رضى الله عنه, ولم يروه عنه إلا علقمة بن وقاص الليثى ولا عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم ولا عن محمد إلا يحيى إبن سعيد الأنصارى قاضى المدينة ورواه عن يحيى بن سعيد ائمة الإسلام يقال إنه رواه عنه نحو من مائتى عالم مثل مالك والثورى وغيرهم من أهل مكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام.


                  (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات)
                  [إنما] : تفيد الحصر , تثبت المذكور , وتنفي ما سواه . فتقدير هذا الحديث : إن الأعمال تحسب بنية , ولا تحسب إذا كانت بلا نية .
                  [الأعمال] : جمع عمل , والأعمال تشمل جميع الأعمال وهي على نوعين:
                  الأول:أعمال ظاهرة , وهي ما كان واجبا أو مستحبا. والأعمال الظاهرة تكون بالنطق كعمل اللسان أو بالجوارح كعمل اليدين والرجلين وما أشبه ذلك.
                  الثاني: أعمال باطنة ,وهي إخلاص الدين لله. ويدخل فيها كذلك التوكل والخشية والخوف وغيره من الأعمال الباطنة.
                  [بالنيات]: جمع نية , ووردت مفردة في كثير من الروايات .والنِّيَّة لغة: الْقَصْدُ . وشرعا: العزم على فعل العبادة تقرّباً إلى الله تعالى، ومحلها القلب،والتلفظ بها بدعة.
                  (فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَته ...)
                  [هجرته] : الهجرة لغة :
                  التَّرْك والبُعد .إسمٌ من هجر يهجُر هَجْرا وهِجرانا .
                  جاء في "لسان العرب" لابن منظور، و"تاج العروس" ؛ مادة "هجر"؛ الهجر ضد الوصل، هجره يهجره هجرا، وهجرانا؛ صرمه، وهما يهتجران، ويتهاجران، والاسم الهجرة.
                  وقال ابن فارس: "الهاء والجيم والراء أصلان، يدل أحدهما على قطيعة وقطع، والآخر على شد شيء وربطه. فالأول الهَجْر: ضد الوصل، وكذلك الهِجْران، وهاجر القوم من دار إلى دار: تركوا الأولى للثانية، كما فعل المهاجرون حين هاجروا من مكة إلى المدينة".

                  الهجرة شرعا :
                  هي مفارقة دار الكفر إلى دار الإسلام خوف الفتنة وقصدا لإقامة شعائر الدين .
                  قال الحافظ ابن حجر: "الهجرة في الشرع ترك ما نهى الله عنه"، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ((المهاجر من هجر ما نهى الله عنه)).
                  قال ابن قدامة في "المغني": (هي الخروج من دار الكفر إلى دار الإسلام).
                  وقال الشيخ سعد بن عتيق رحمه الله في "الدرر السنية": (هي الانتقال من مواضع الشرك والمعاصي إلى بلد الإسلام والطاعة).

                  والمراد بها في الحديثا الخروج من مكة وغيرها إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                  والمهجور أو المتروك يكون مادياً أو معنويا,

                  فالمادي كالهجرة من مكان إلى مكان. والمعنوي: كهجران أو ترك المعاصي والآثام وترك البدع إلى السنة وما شابه ذلك.
                  وجملة (فمن كانت هجرته ... ) جملة شرطية ولا بد لها من جواب الشرط.

                  ( يُصِيْبها )
                  أي يحصلها.
                  ( ينكحها )
                  أي يتزوجها .
                  ( فهجرته إلى ما هاجر إليه )
                  أي جزاء عمله الغرض ,والجملة هي جواب شرط


                  الشرح

                  منزلة الحديث عند المسلمين.
                  أجمع المسلمون على عظم موقع هذا الحديث , وكثرة فوائده وصحته , قالت جماعة من أهل العلم : هو ثلث الإسلام , وقال الإمام الشافعي رحمه الله : ( هذا الحديث ثلث العلم , ويدخل في سبعين بابا من أبواب الفقه , وما ترك لمبطل ولا مضار ولا محتال حجة إلى لقاء الله تعالى ) .
                  وقال آخرون : هو ربع الإسلام , وقال الإمام احمد و غيره إن أصول الاسلام تدور على ثلاثة أحاديث قوله-صلى الله عليه وسلم- :(الحلال بين و الحرام بين )و قوله -صلى الله عليه وسلم- :(إنما الاعمال بالنيات) وقوله -صلى الله عليه وسلم- :( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد), وقال عبد الرحمن بن مهدي وغيره : ينبغي لمن صنف كتابا أن يبدأ فيه بهذا الحديث تنبيها للطالب على تصحيح النية . ونقل الخطابي هذا عن الأئمة مطلقا , وقد فعل ذلك البخاري وغيره , فابتدءوا به قبل كل شيء , وذكره البخاري في سبعة مواضع من كتابه .
                  سبب الحديث
                  روي أن سبب الحديث هو كما قاله ابن دقيق العيد : أن رجلا هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة وإنما هاجر ليتزوج امرأة تسمى أم قيس فسمي مهاجر أم قيس , ولهذا خص في الحديث ذكر المرأة دون سائر ما ينوى به .
                  ولكن ابن حجر ذكر بأنه لم يجد طريقا يصرح بسبب هذا الحديث.
                  العلة من إيراد الحديث تحت كتاب الطهارة.
                  *بدأ المصنف رحمه الله بهذا الحديث تحت كتاب الطهارة لأن في الحديث أمرٌ بالطهارة المعنوية , وذلك بتطهير النية من أي شائبة ورياء وجعلها خالصة لوجه الله سبحانه وتعالى والله أعلم.

                  ونحن في مقام تعلم وتعليم فيجب علينا إخلاص النية لله سبحانه وتعالى , لننتفع من علمنا ونرقى به . ويصير خيرا علينا وعلى المسلمين ولا يكون عذابا ونقمة علينا والعياذ بالله .
                  النية تختص بالأعمال الباطنة.
                  * قوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات...إلخ) يبين العمل الباطن وإن التقرب إلى الله إنما يكون بالإخلاص لله سبحانه وتعالى ,وعلى هذا دل قوله تعالى : (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) فالعمل الصالح هو ما أمر الله به ورسوله أمر إيجاب أو أمر إستحباب وأن لا يشرك العبد بعبادة ربه أحدا وهو إخلاص الدين لله.
                  النية محمودة أو مذمومة.
                  تنازع الناس في معنى "انما الأعمال بالنيات" كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية "هل فيه إضمار او تخصيص أم هو على ظاهره وعمومه, ولكن الجمهور قالوا بأن الحديث على ظاهره وعمومه فإنه لم يرد بالنيات فيه الأعمال الصالحة وحدها بل أراد النية المحمودة والمذمومة والعمل المحمود والمذموم ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم-فى تمامه (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله ...إلخ),

                  فذكر النية المحمودة بالهجرة إلى الله ورسوله فقط والنية المذمومة وهى الهجرة إلى امرأة أو مال وهذا ذكره تفصيلا بعد إجمال فقال إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى ثم فصل ذلك بقوله فمن كانت هجرته...الحديث ."
                  أنواع الأعمال وشروط قبولها.
                  والأعمال كما بينا سابقا تكون ظاهرة أو باطنة . ولا تكون إلا علىالمكلف المسلم. والمكلف هو العاقل البالغ مسلما كان أو غير مسلم.
                  وللعمل أو العبادات شرطان للقبول وهما:
                  الشرط الأول : الإخلاص لله عز وجل ، قال تعالى : (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) [البينة ,5]،
                  ومعنى الإخلاص هو : أن يكون مراد العبد بجميع أقواله وأعماله الظاهرة والباطنة ابتغاء وجه الله تعالى ، قال تعالى : ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ) [الليل,19].
                  وهذا الشرط يتعلق بالعمل الباطني (إخلاص النية).

                  الشرط الثاني : موافقة العمل ومتابعته للنبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الشرائع .

                  ولخص الفضيل -رحمه الله- ذلك معلقا على قوله تعالى : (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) ,قال :أخلصه وأصوبه. قال فإن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل حتى يكون خالصا صوابا والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة.

                  وقوله صلى الله عليه وسلم (بالنيات):أي إنما الأعمال بحسب ما نواه العامل أى بحسب منويه ولهذا قال -صلى الله عليه وسلم -فى تمامه (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله) فذكر ما ينويه العامل ويريد بعمله وهو الغاية المطلوبة له فإن كل متحرك بالإرادة لا بد له من مراد .
                  النية عند العلماء.
                  ولفظ النية عند العلماء على نوعين,هما:
                  الأول: تمييز عمل من عمل وعبادة من عبادة . كالنية في الصلاة والنية للصيام والطهارة من الأحداث والنية في نوع أو تميز العبادة كمن اجتمع عليه ظهران فيجب تميز ظهر الأمس عن ظهر اليوم وكذلك تميز الظهر عن العصر , وهو ما يختص به الفقهاء.
                  الثاني :تمييز معبود عن معبود ومعمول له من معمول له . فمن يسجد لله غير من يسجد للشمس ,ومن يعمل لله مخلصا غير من يعمل سمعةً ورياءاً. وهذا هو التوحيد.

                  قال ابن تيمية -رحمه الله- في مجموع الفتاوى:
                  (فالأول كلامهم فى النية هل هى شرط فى طهارة الأحداث وهل تشترط نية التعيين والتبييت فى الصيام وإذا نوى بطهارته ما يستحب لها هل تجزيه عن الواجب أو أنه لا بد فى الصلاة من نية التعيين ونحو ذلك.
                  والثانى كالتمييز بين إخلاص العمل لله وبين أهل الرياء والسمعة كما سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة وحمية ورياءا فاى ذلك فى سبيل الله فقال : "من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله" وهذا الحديث -أي حديث الأعمال بالنيات-يدخل فيه سائر الأعمال ).

                  ثم يبين شيخ الإسلام ابن تيمية مراد النية في الحديث بقوله :
                  (وهذه النية تميز بين من يريد الله بعمله والدار الآخرة وبين من يريد الدنيا مالا وجاها ومدحا وثناءا وتعظيما وغير ذلك والحديث دل على هذه النية بالقصد وإن كان قد يقال أن عمومه يتناول النوعين فإنه فرق بين من يريد الله ورسوله وبين من يريد دنيا أو أمرأة ففرق بين معمول له ومعمول له ولم يفرق بين عمل وعمل).

                  وكلام ابن تيمية عن مقصود النية في الحديث صحيح وجميل, ولكن النية بشكل عام تشمل الأمرين كما بينا سابقا.

                  ولذلك من كانت نية سفره سليمة خالصة لله كحج أو عمرة أو تجارة فله القصر والجمع والفطر بالإتفاق,وأما من كان سفره لقطع الطريق أو غير ذلك فلا يجوز له القصر والفطر كما جاء في مذهب مالك والشافعى وأحمد ماعدا أبا حنيفة -رحمهم الله-.
                  ثبوت الأجر بالنية الخالصة وإن لم يتم العمل.
                  ويثبت الأجر على النية الخالصة الصادقة حتى وإن لم يتم ويكتمل العمل ,ومثال ذلك ضمرة بن العيص الزرقي لما سمع ما أنزل الله في الهجرة قال : "أخرجوني " فهيء له فراش ثم وضع عليه وخرج به فمات في الطريق بالتنعيم فأنزل الله فيه { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما } [النساء /100].

                  وكذلك من سأل الله الشهادة مخلصا صادقا نالها ولو على فراشه ,كما جاء في صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولم لم تصبه)، وفي رواية (بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه).

                  وقول النبي صلى الله عليه وسلم (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)صحيح رواه مسلم والأربعة عن سهل بن حنيف وهو في صحيح الجامع برقم (6152).

                  قال الشيخ عبدالله عزام رحمه الله: "ومعنى الحديثين: أنه إذا سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء وإن كان على فراشه، وفيه استحباب سؤال الشهادة واستحباب نية الخير" أ.هـ

                  وقال كذلك -رحمه الله-: "ولكن الصدق في طلب الشهادة هو إعداد العدة, قال تعالى "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً".

                  فصدق النية يدل عليه العمل , فمن طلب الشهادة فعليه أن يعمل لذلك ,ويعد العدة ويطلب العلم ويجاهد الأعداء بأي وسيلة وطريقة. فإن لم يكتب الله له الخروج فأجره على الله.
                  وهذا الأمر في كل العبادات والأعمال .



                  يتبع الشرح في الدرس القادم بإذن الله.

                  أسألة الدرس.
                  لماذا بدأ المصنف رحمه الله بحديث "إنما الأعمال بالنيات" في كتاب الطهارة ؟
                  ما هي أنواع الطهارة ,مع التفصيل؟
                  يقوم الصوفية وغيرهم بأعمال مخالفة للسنة كالإحتفال بالمولد وليلة القدر وغير ذلك , ويقولون أن نيتهم وفعلهم محبة للرسول صلى الله عليه وسلم وإعلاء لشأنه ,فما حكم ذلك مع التعليل.
                  هذا وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


                  صيغة Word


                  http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson1.doc



                  صيغة Pdf


                  http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson1.pdf

                  تعليق


                  • #10
                    جزيت خيرا أخي الكريم
                    في ميزان حسناتك
                    والى الامام ان شاء الله
                    أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

                    كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
                    .....

                    لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
                    ؟

                    الشتم و السباب

                    تعليق


                    • #11
                      جزيت خيرا أخي الكريم
                      في ميزان حسناتك

                      تعليق

                      يعمل...
                      X