بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم أما بعد:
الحديث التاسع
عَنْ عَائِشَةَ رضي اللّه عَنْهَا قَالَتْ: " كَاَن رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم يُعْجبُهُ التَيمُّن في تَنَعّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأنِهِ كُلهِ ".
وجاء عند مسلم لفظ :
إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر ، وفي ترجله إذا ترجّـل ، وفي انتعاله إذا انتعل.
وفي لفظ آخر عند مسلم أيضا:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في شأنه كله . في نعليه ، وترجله ، وطُـهوره .
1- "يعجبه التيمن" : يفضل تقديم الأيمن على الأيسر. قال الصنعانى: كل فعل يحبه الله أو رسوله، فهو يدل على مشروعيته للشركة بين الإيجاب والندب.
2- "في تنعله" : لبس نعله.
3- "وترجله" : تسريح شعر رأسه ولحيته بالمشط.
4- "وطهوره" : بضم الطاء، التطهر. ويشمل الوضوء والغسل وإزالة النجاسة.
5- "وفى شأنه كله" : من الأشياء المستطابة كهذه الأمثلة المذكورة. قال الشيخ تقي الدين: "(وفي شأنه كله): عام مخصوص بمثل دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما مما يبدأ فيه باليسار".
في هذا الحديث بيان للأمة عن شمولية الإسلام واهتمامه بشؤون الإنسان وتصرفاته حتى في لبسه ومشربه وملبسه وكل شؤون حياته.
العلة من إيراد المصنف هذا الحديث في كتاب الطهارة:
فيه دلالة هلى إستحباب البدء باليمين في الوضوء , فيبدأ المرء يده اليمنى قبل اليسرى , ورجله اليمنى قبل اليسرى. وكذلك في الغسل يبدأ الإنسان بشقه الإيمن قبل الأيسر , وسيأتي معنا لاحقا –ان شاءالله- تفصيل الغسل في بابه.
مشروعية البدء باليمين:
كما جاء في الحديث بيان أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في طهوره وتنعله وترجله وذلك بالبدء باليمين . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في الأمور الطيبة,والتيمن مشتق من اليُمن، واليُمن: هو البركة وكثرة الخير، فاليمين مقدمة على اليسار، ولذلك فضل الله أصحاب اليمين وجعلهم أهل السعادة، بينما جعل أصحاب الشمال أهل الشقاوة.
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم اليسار لما فيه قذارة واستقباح ومافيه نوع من عدم التكريم.
قال النووي: "قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين، في كل ما كان من باب التكريم والتزين وما كان بضدها استحب فيه التياسر".
كيفية التنعل:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد أن ينتعل –أي يلبس نعاله- يبدأ بالرجل اليمنى وإذا أراد أن يخلع نعاله بدأ باليسرى.
قال عليه الصلاة والسلام : (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين ، وإذا نزع فليبدأ بالشمال ، لتكن اليمنى أولهما تُنعل ، وآخرهما تنزع ) متفق عليه .
"ترجله"
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبدأ بتسريح الشق الأيمن, وذلك بوضع المشط في وسط رأسه ثم يتجه إلى اليمين حتى إذا فرغ اتجه لليسار.
وكذلك حلق الرأس كما في النسك يبدأ باليمين ثم اليسار ,جاء من في حديث أنس رضي الله عنه : ثم قال للحلاق خذ ، وأشار إلى جانبه الأيمن ، ثم الأيسر . رواه مسلم .
"وطهوره"
ويقصد به الطهارة, فيبدأ المرء بميامنه قبل المياسر في الوضوء وفي الغسل.
حكم البدأ باليسار قبل اليمين في الطهارة.
فيه مخالفة للسنة التي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومخالفة السنة قد توصل إلى ما لا يحمد عقباه حتى وإن كان الفعل صحيحا ,كما في الوضوء. فيعتبر وضوءه صحيحا. فقد نقلابن المنذر الإجماع على عدم الإعادة لمن بدأ بيساره في الوضوء .
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( ولو بدأ في الطهارة بمياسر قبل ميامنه كان تاركا للاختيار وكان وضوؤه صححيا من غير نزاع اعلمه بين الأئمة)
"في شأنه كله"
وهذا الأمر مقيد فيما فيه تكريم ,وأما ما فيه استقباح واستقذار فيبدأ بيساره.
كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه).
ومن أمثلة ذلك:
1-البدأ باليمين في الأخذ والإعطاء والأكل والشرب.
قال صلى الله عليه وسلم : (لا يأكلن أحد منكم بشماله ، ولا يشربن بها ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بها ، ولا يأخذ بها ، ولا يعطي بها) . رواه مسلم .
ولما أكل رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له عليه الصلاة والسلام : (كل بيمينك . قال : لا أستطيع ! قال : لا استطعت . ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه) . رواه مسلم . أي ما رفعها إلى فمه . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام :( ليأكل أحدكم بيمينه ، وليشرب بيمينه ، وليأخذ بيمينه ، وليعطِ بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ، ويعطي بشماله ، ويأخذ بشماله) . رواه ابن ماجه ، وقال في مصباح الزجاجة : ذا إسناد صحيح رجاله ثقات .
2- تقديم اليمين في التكريم وغيره.
وذلك البدأ باليمين في العطاء وغيره , فقد أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِلَبَنٍ قد شيب بماء ، وعن يمينه أعرابي ، وعن يساره أبو بكر ، فشرب ، ثم أعطى الأعرابي ، وقال : الأيمن فالأيمن . متفق عليه .
وأُتِيَ صلى الله عليه وسلم بشراب ، فشرب منه ، وعن يمينه غلام ، وعن يساره الأشياخ ، فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال : الغلام والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً . قال : فَـتَـلَّـه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده . متفق عليه .
ومعنى : فَـتَـلَّـه . أي وضعه في يده .
وجاء في بعض الروايات أن الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما .
وكذلك البدأ باليمين في الاكتحال .
ومن السنة أيضا النوم على الشق الأيمن.
3- تقديم اليمنى في الدخول إلى المسجد وإلى البيت وغيره.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دخوله الى المسجد بالرجل اليمنى وكذلك بيته ,وأما ما فيه استقذار كالخلاء فيبدأ باليسرى.
سؤال الدرس:
اذكر مثال أو أكثر من ذلك, استخدم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم اليد اليسرى, على ضوء دراستك لما سبق من دروس.
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
والله اعلم.
لتحميل الدرس اتبع الروابط الاتية
صيغة Word
http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson9.doc
صيغة Pdf
http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson9.pdf
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ,وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وسلم أما بعد:
الحديث التاسع
عَنْ عَائِشَةَ رضي اللّه عَنْهَا قَالَتْ: " كَاَن رَسُولُ اللّه صلى الله عليه وسلم يُعْجبُهُ التَيمُّن في تَنَعّلِهِ وَتَرَجُّلِهِ وَطُهُورِهِ وَفِي شَأنِهِ كُلهِ ".
وجاء عند مسلم لفظ :
إنْ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحب التيمن في طهوره إذا تطهر ، وفي ترجله إذا ترجّـل ، وفي انتعاله إذا انتعل.
وفي لفظ آخر عند مسلم أيضا:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في شأنه كله . في نعليه ، وترجله ، وطُـهوره .
1- "يعجبه التيمن" : يفضل تقديم الأيمن على الأيسر. قال الصنعانى: كل فعل يحبه الله أو رسوله، فهو يدل على مشروعيته للشركة بين الإيجاب والندب.
2- "في تنعله" : لبس نعله.
3- "وترجله" : تسريح شعر رأسه ولحيته بالمشط.
4- "وطهوره" : بضم الطاء، التطهر. ويشمل الوضوء والغسل وإزالة النجاسة.
5- "وفى شأنه كله" : من الأشياء المستطابة كهذه الأمثلة المذكورة. قال الشيخ تقي الدين: "(وفي شأنه كله): عام مخصوص بمثل دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما مما يبدأ فيه باليسار".
في هذا الحديث بيان للأمة عن شمولية الإسلام واهتمامه بشؤون الإنسان وتصرفاته حتى في لبسه ومشربه وملبسه وكل شؤون حياته.
العلة من إيراد المصنف هذا الحديث في كتاب الطهارة:
فيه دلالة هلى إستحباب البدء باليمين في الوضوء , فيبدأ المرء يده اليمنى قبل اليسرى , ورجله اليمنى قبل اليسرى. وكذلك في الغسل يبدأ الإنسان بشقه الإيمن قبل الأيسر , وسيأتي معنا لاحقا –ان شاءالله- تفصيل الغسل في بابه.
مشروعية البدء باليمين:
كما جاء في الحديث بيان أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته في طهوره وتنعله وترجله وذلك بالبدء باليمين . وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في الأمور الطيبة,والتيمن مشتق من اليُمن، واليُمن: هو البركة وكثرة الخير، فاليمين مقدمة على اليسار، ولذلك فضل الله أصحاب اليمين وجعلهم أهل السعادة، بينما جعل أصحاب الشمال أهل الشقاوة.
وجعل الرسول صلى الله عليه وسلم اليسار لما فيه قذارة واستقباح ومافيه نوع من عدم التكريم.
قال النووي: "قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين، في كل ما كان من باب التكريم والتزين وما كان بضدها استحب فيه التياسر".
كيفية التنعل:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد أن ينتعل –أي يلبس نعاله- يبدأ بالرجل اليمنى وإذا أراد أن يخلع نعاله بدأ باليسرى.
قال عليه الصلاة والسلام : (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين ، وإذا نزع فليبدأ بالشمال ، لتكن اليمنى أولهما تُنعل ، وآخرهما تنزع ) متفق عليه .
"ترجله"
كان الرسول صلى الله عليه وسلم يبدأ بتسريح الشق الأيمن, وذلك بوضع المشط في وسط رأسه ثم يتجه إلى اليمين حتى إذا فرغ اتجه لليسار.
وكذلك حلق الرأس كما في النسك يبدأ باليمين ثم اليسار ,جاء من في حديث أنس رضي الله عنه : ثم قال للحلاق خذ ، وأشار إلى جانبه الأيمن ، ثم الأيسر . رواه مسلم .
"وطهوره"
ويقصد به الطهارة, فيبدأ المرء بميامنه قبل المياسر في الوضوء وفي الغسل.
حكم البدأ باليسار قبل اليمين في الطهارة.
فيه مخالفة للسنة التي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومخالفة السنة قد توصل إلى ما لا يحمد عقباه حتى وإن كان الفعل صحيحا ,كما في الوضوء. فيعتبر وضوءه صحيحا. فقد نقلابن المنذر الإجماع على عدم الإعادة لمن بدأ بيساره في الوضوء .
وقال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( ولو بدأ في الطهارة بمياسر قبل ميامنه كان تاركا للاختيار وكان وضوؤه صححيا من غير نزاع اعلمه بين الأئمة)
"في شأنه كله"
وهذا الأمر مقيد فيما فيه تكريم ,وأما ما فيه استقباح واستقذار فيبدأ بيساره.
كما جاء عنه صلى الله عليه وسلم: (لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول ولا يتمسح من الخلاء بيمينه).
ومن أمثلة ذلك:
1-البدأ باليمين في الأخذ والإعطاء والأكل والشرب.
قال صلى الله عليه وسلم : (لا يأكلن أحد منكم بشماله ، ولا يشربن بها ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بها ، ولا يأخذ بها ، ولا يعطي بها) . رواه مسلم .
ولما أكل رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله فقال له عليه الصلاة والسلام : (كل بيمينك . قال : لا أستطيع ! قال : لا استطعت . ما منعه إلا الكبر . قال : فما رفعها إلى فيه) . رواه مسلم . أي ما رفعها إلى فمه . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام :( ليأكل أحدكم بيمينه ، وليشرب بيمينه ، وليأخذ بيمينه ، وليعطِ بيمينه ، فإن الشيطان يأكل بشماله ، ويشرب بشماله ، ويعطي بشماله ، ويأخذ بشماله) . رواه ابن ماجه ، وقال في مصباح الزجاجة : ذا إسناد صحيح رجاله ثقات .
2- تقديم اليمين في التكريم وغيره.
وذلك البدأ باليمين في العطاء وغيره , فقد أُتِيَ النبي صلى الله عليه وسلم بِلَبَنٍ قد شيب بماء ، وعن يمينه أعرابي ، وعن يساره أبو بكر ، فشرب ، ثم أعطى الأعرابي ، وقال : الأيمن فالأيمن . متفق عليه .
وأُتِيَ صلى الله عليه وسلم بشراب ، فشرب منه ، وعن يمينه غلام ، وعن يساره الأشياخ ، فقال للغلام : أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال : الغلام والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً . قال : فَـتَـلَّـه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده . متفق عليه .
ومعنى : فَـتَـلَّـه . أي وضعه في يده .
وجاء في بعض الروايات أن الغلام هو ابن عباس رضي الله عنهما .
وكذلك البدأ باليمين في الاكتحال .
ومن السنة أيضا النوم على الشق الأيمن.
3- تقديم اليمنى في الدخول إلى المسجد وإلى البيت وغيره.
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دخوله الى المسجد بالرجل اليمنى وكذلك بيته ,وأما ما فيه استقذار كالخلاء فيبدأ باليسرى.
سؤال الدرس:
اذكر مثال أو أكثر من ذلك, استخدم فيها الرسول صلى الله عليه وسلم اليد اليسرى, على ضوء دراستك لما سبق من دروس.
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه وسلم.
والله اعلم.
لتحميل الدرس اتبع الروابط الاتية
صيغة Word
http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson9.doc
صيغة Pdf
http://www.sawtaljihad.org/omda/as-lesson9.pdf
تعليق