إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

من فقه المقاومة والجهاد حلقات متعدده ... ارجو التثبيت

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • من فقه المقاومة والجهاد حلقات متعدده ... ارجو التثبيت

    السلسلة الكاملة من فقه المقاومة والجهاد للدكتور محمد عياش الكبيسي

    الحلقة الاولى

    لماذا مقاومة وليست جهاداً ؟ :-

    الجهاد مصطلح اسلامي كبير، تأصل وتأكد في مئات النصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة، وأصبح ركنا ركينا في ثقافة المسلمين وتراثهم، وأي محاولة لتغييب هذا المصطلح تعزى عادة الى الهزيمة الداخلية والتأثر بالغزو الثقافي أو هي محاولة للتهرب من تبعات هذا المصطلح التأريخية لا سيما لمن يفكر بالانفتاح على الغرب، ومن ثم تمسكت أغلب الجماعات الاسلامية المسلحة بمصطلح (الجهاد) واتخذته عنوانا لها.

    الا أن الذي أثار بعض التساؤلات هو أن تتبنى حركات اسلامية أخرى مصطلح (المقاومة) كعنوان لجهادها المشروع ضد الاحتلال الأجنبي،وبشكل عام ظهر فى العالم تنظيم القاعده المجاهد ففي فلسطين ظهرت حركة الجهاد الاسلامي و حركة المقاومة الاسلامية (حماس) وفي العراق ظهرت أكثر من مجموعة تنحو هذا المنحى مـثـل المقاومة الاسلامية الوطنية وغيرها، بل وظهر هذا المصطلح في الكثير من التحركات الشرعية الداعمة مثل (الحملة العالمية لمقاومة العدوان) والتي ضمت عددا كبيرا من علماء الأمة المعتبرين ومن مختلف أنحاء العالم الاسلامي، اضافة الى الكثير من البيانات والفتاوى الفردية والجماعية، وهذا ما بعث على الطمأنينة في الأوساط الأسلامية، الا أن التساؤل ما زال مفتوحا لماذا مقاومة وليست جهادا؟! وهل هذا يعبر عن توجهات فكرية وبرامج عملية ربما تتطلب مثل هذه العناوين أم هي مجرد توسع في الألفاظ والمصطلحات؟ هذا ما نحاول ان نتبينه من خلال هذه الدراسة التي نلخصها في النقاط الآتية:

    أولا: لا تختلف هذه الجماعات في توصيف ما تقوم به على أنه (جهاد مقدس) ومن ثم فهم جميعا يستحضرون آيات الجهاد وأحاديثه الصحيحة وكل الأدبيات الجهادية من مآثر وقصص وأشعار...الخ، ومن يراجع بيانات كل هذه الجماعات لا يكاد يحظى بأي فرق فـي هذا المجال، بل حتى في مناهج الاعداد والتربية، فالمجاهد هنا أو هناك رسمت له معالم الطريق بوضوح وثبات: الجهاد، الشهادة، الجنة.

    ثانيا: من الناحية الشرعية يقسم الجهاد في الاسلام الى نوعين رئيسين: جهاد الدفـع ويقصد به الجهاد من أجل دفع العدو الغازي لبلاد المسلمين، وجهاد الطلب ويقصد به الجهاد من أجل ايصال الدعوة الاسلامية الى خارج بلاد المسلمين. وتترتب على كل نوع من هذين النوعين أحكام شرعية مخـتـلفة تتطلب قدرا كبيرا من الفقه والبيان وأي خلط بين هذه الأحكام يؤدي في الغالب الى ضبابية في التصور واضطراب في الحكم سواء كان مثل هذا الخلط مقصودا بغية التشكيك والتثبيط ام لم يكن كذلك.

    ومع أن هذه الأحكام المختلفة تحتاج الى دراسات مدللة ومفصلة الا أني هنا سأكتفي بعرضها اجمالا وبالقدر الذي يحقق المقصود تاركا التفصيل والاستدلال لدراسات قادمة - ان شاء الله- فمن أهم هذه الأحكام الشرعية المختلفة:

    أ- اختلف الفقهاء في حكم جهاد الطلب، والذي يترجح من أقوالهم إنه فرض كفاية اذا قام به بعض المسلمين سقط الاثم عن الباقين، بينما اتفقوا على أن جهاد الدفع فرض عين لا يرتفع الاثم فيه عن جميع المسلمين الا برد الكافر المعتدي.

    ب- يشترط في جهاد الطلب اذن الامام، فاذا لم يوجد للمسلمين امام انتفى جهـاد الطلب أصلا، وان وجد الامام فاذنه شرط في مشروعيته، أما جهاد الدفع فهو مشروع وجد الامام ام لم يوجد، علم الامام أم لم يعلم، لكنه ان علم به تعين عليه الأمر به وان قصّر فهو آثم ولا يمكن بحال أن يجيز الاسلام للامام أن يهمل بلدا من بلاد المسلمين وهو يتعرض للعدوان والاحتلال «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، وهنا يـكون دور الامام تنفيذياً وليس تشريعيا، وطاعته هنا والتي جاءت في كثير من كتب الفقه تأتي بهذا السياق ولأن هذه الطاعة مهمة للوصول الى الغاية وهي اخراج الكافر المعتدي، أما اذا لم يكن للمسلمين امام او كان الامام عاجزا أو مهملا فلا يمكن ان نتصور أن الاسلام يبيح للمسلمين في مثل هذه الأحوال أن يستسلموا للكافرين الغزاة ولمشروعهم الذي يستهدف أول ما يستهدف الاسلام نفسه.

    ج- جهاد الطلب عبادة محضة يقصد منه تحقيق الثواب والقربى من الله تبارك وتعالى وعلى هذا فلا بد فيه من النية «انما الأعمال بالنيات» البخاري، وأما جهاد الدفع ففيه معنيان: العبادة، وهذا لا بد فيه من النية. والحق الانساني في الدفاع عن النفس والمال والأرض والعرض، وهذا ما لا يحتاج الى نية بل هو حق مكفول لصاحبه أيا كان دينه وأيا كانت نيته. ومعنى هذا أن جهاد الدفع ميدانه أوسع من حيث أنه يضم كل مظلوم يدافع عن حقه سواء كان مسلما يتعبد الله بهذا العمل مع حقه الذاتي أم لم يكن كذلك.

    ثالثا: يضاف الى تلك الفوارق الشرعية بين الجهادين فارق آخر لا يقل أهمية من الناحية العملية وهو أن جهاد الدفع بمعناه الثاني (الحق الانساني) عليه اجماع عالمي فكل الشرائع الدينية والقوانين الوضعية والأعراف الدولية والفطرة الانسانية تكفل هذا الحق لصاحبه، بينما يبقى جهاد الطلب مفهوما اسلاميا بحتا، وحينما يكون المسلمون في حالة الدفاع عن النفس فمن حقهم أن يطلبوا التأييد العالمي لقضيتهم وهذا يتطلب خطابا شرعيا آخر.

    رابعا: بناء على كل ما تقدم يمكن أن نفهم لماذا اختار الكثير من الحركات الاسلامية مصطلح (المقاومة) حيث يحدد هذا المصطلح بدقة نوع الجهاد الذي يخوضون فهو(جهاد الدفع) وهذا يمنحهم الميزات الآتية:

    أ- القوة الشرعية الملزمة حيث أن هذا الجهاد فرض عين بخلاف جهاد الطلب.

    ب- المرونة الشرعية حيث لا يشترط في هذا الجهاد ما يشترط في جهاد الطلب مثل اذن الامام والنية والراية...الخ

    ج- المرونة السياسية في كسب التأييد المحلي والعالمي.

    الا أن هذه الجماعات وهي تفضل استخدام هذا المصطلح لكل تلك المبررات عليها أن تنتبه لنقطتين مهمتين:

    أ- أن لا تنسى خصوصيتها الاسلامية، فهي في الوقت الذي تحاول فيه أن تكسب التعاطف المحلي والعالمي بخطاب سياسي هادف عليها أن لا تخسر قوة الخطاب الايماني في الاعداد والتربية والبناء الداخلي، فلا بد من الربط بين مفهومي جهاد الدفع (الحق الشرعي) و(الحق الانساني).

    ب- ان تحذر وهي تحاول ان تكسب التأييد الوطني من اولئك الذين يجيدون فن اللصوصية واستثمار جهود الآخرين، ففي الوقت الذي يتربى المجاهد على روح التجرد لله وطلب الشهادة عليه أن لا ينسى مسؤوليته الأ رضية في الحفاظ على الهوية الاسلامية للبلد الذي يدافع عنه حتى لا يخرج الاحتلال ثم يرجع الينا بثوب جديد، والمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين.

    وأما الجماعات الاسلامية الأخرى التي فضلت(الجهاد) عنوانا لها فيجدر بها أيضا أن تنتبه للنقطتين الآتيتين:

    أ- أنها في بنائها الداخلي تحتاج الى توضيح نوع الجهاد الذي تقوم به في هذه المرحلة وأن يكون المجاهد مطلعا على الهدف المشروع لعمله وجهاده والأحكام الشرعية المناسبة لكل هذا، وأن لا يفتح ثغرة للذين يجيدون خلط الأوراق واثارة الشبهات، فبالقدر الذي يتميز به مصطلح (الجهاد) كقوة دافعة للمجاهد قد يكون سببا لتشتت الهدف وغموض المنهج اذا لم يكن معه فقه وبيان.

    ب- ان مصطلح(الجهاد) بشموليته لجهاد الدفع وجهاد الطلب قد يجعل بعض الشرائح غير الاسلامية من أبناء البلد يتشككون في نوايا هذه الجماعات الاسلامية وفيما اذا كانت هذه الجماعات تستهدفهم أيضا، واذا علمنا أن قوات الاحتلال من مصلحتها تعميق هذه الشكوك لكسب هذه الشرائح أو تحييدها على الأقل وترويج فكرة أن هذه الجماعات لا علاقة لها بالبلد ولا تهدف الى تحريره يكون لزاما على هذه الجماعات المجاهدة أن تحدد بدقة عدوها الذي تستهدفه بجهادها هذا.

    نقلا عن جريدة السبيل .....
    ارجو التثبيت
    سنعيش صقور طائرين ونموت اسودا شامخين وكلنا لسرايا عاشقين صوتنا صوت حق وسلاحنا حق وحركتنا بنيت على حق في الصحراء نكون عاصفة وفي السماء عاصفة لأن السرايا لن تهزم بأذن الله ولدت لتنتصرe

  • #2
    يتبع بعد 24 ساعه
    تقبلو تحياتي اخوكم عاصفه لسرايا
    وبارك الله فيكم
    سنعيش صقور طائرين ونموت اسودا شامخين وكلنا لسرايا عاشقين صوتنا صوت حق وسلاحنا حق وحركتنا بنيت على حق في الصحراء نكون عاصفة وفي السماء عاصفة لأن السرايا لن تهزم بأذن الله ولدت لتنتصرe

    تعليق


    • #3
      [frame="2 80"]جزاك الله خيرا أخي
      ونحن في انتظار الحلقات التالية[/frame]

      تعليق


      • #4
        جزاك الله كل خير اخوي الكريم علي الموضوع الرائع والحلقات الطيبة

        تقبل الله منك صالح الاعمال وجعلها في موازين حسناتك

        في رعاية الله وحفظه
        إن لله عباداً فطنا .. طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
        نظروا فيها فلما علموا .. أنها ليست لحييٍ وطنا
        جعلوها لجةً واتخذوا .. صالح الأعمال فيها سفنا

        تعليق


        • #5
          مشكورين على مروركم الطيب اختي فلسطينية وافتخر واخي ابو انس وبارك الله فيكم
          ودمتم بخير
          سنعيش صقور طائرين ونموت اسودا شامخين وكلنا لسرايا عاشقين صوتنا صوت حق وسلاحنا حق وحركتنا بنيت على حق في الصحراء نكون عاصفة وفي السماء عاصفة لأن السرايا لن تهزم بأذن الله ولدت لتنتصرe

          تعليق


          • #6
            الحلقة الثانية (المقاومة وتوازن القوى)

            من فقه المقاومة
            د. محمد عياش الكبيسي

            الحلقة الثانية

            المقاومة وتوازن القوى :-

            لا يختلف اثنان في شرعية المقاومة التي تهدف الى رد المعتدي واخراج المحتل، الا أن مصطلح (توازن القوى) أخذ يتردد على بعض الالسنة بعد احتلال العراق تحديدا من أجل ثني المقاومين العراقيين واقناعهم بعدم الجدوى، ومنهم من ذهب بعيدا ليسمي المقاومة (انتحارا) ومن ثم فهي اثم وحرام!!

            ان تأثيم المقاومين والمدافعين عن أنفسهم وبلادهم وعقيدتهم وأعراضهم وتخطئتهم دينيا يستحق الوقفة الجادة ليس للدفاع عن المقاومة بقدر ما هو دفاع عن الاسلام نفسه، اذ كيف يتصور ان يكون الاسلام مع الظالم المعتدي على المظلوم المعتدى عليه حتى لو وصلت المواجهة الى الأبادة، كما قص القرآن علينا قصة أصحاب الأخدود حيث ابيدت الثلة المؤمنة واحرقت بأخدود النار، ونزل القرآن ليدافع عن المظلومين ويعلي من شأنهم ويندد بالطغاة المجرمين، علما أن هذه النتيجة كانت محسومة للفارق الكبير في ميزان القوى، وربما كان باستطاعة هؤلاء أن يتجنبوا هذه المواجهة باخفاء ايمانهم، ومثل هذا موقف السحرة الذين تحدوا جبروت فرعون وقالوا كلمتهم بوجهه «فاقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا» (طه /72).

            لقد تمسك أصحاب هذه المقولة ببعض الشبهات وأوردوها مورد الأدلة وكلها تدور حول تصور معين لضوابط المصلحة الشرعية كدفع الضرر الأكبر بالضرر الأصغر مع محاولة لدعم هذا التصور ببعض النصوص من مثل قوله تعالى «الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وان يكن منكم ألف يغلبوا ألفين باذن الله والله مع الصابرين» (الأنفال/ 66) حيث فهموا من هذه الآية مشروعية الانسحاب من أي مواجهة اذا كان عدد المسلمين أقل من نصف عدد أعدائهم، ولمناقشة هذا التصور بمجمله لننظر في هذه النقاط:

            أولا: اذا كان المقصود بهذا النص تحقيق التوازن العددي كما هو ظاهر اللفظ فان هذا لا يصلح دليلا في القضية العراقية حيث ان عدد الرجال القادرين على حمل السلاح في المحافظة الواحدة هو أكثر من كل القوات الغازية، أما اذا كان المقصود توازن القوى والامكانات فلا شك أن القوات الغازية تتفوق بما لا يحصى ولولا هذا الفارق الكبير لما حصل الاحتلال أصلا، واذا كان تحقيق هذا التوازن شرطا لشرعية المقاومة فلن تكون هناك مقاومة شرعية على الاطلاق، اذ كيف يتصور وجود احتلال مع وجود توازن في القوى؟!

            ان المقاومة لا بد أنها ستعتمد أساليب أخرى غير المواجهة المكشوفة وقد تتمكن من تحويل هذا التفوق الى ثقل ووبال على الاحتلال نفسه، وهذا ما حصل بالفعل في بلاد الرافدين حيث تحولت الآلة العسكرية الجبارة الى هدف سهل وصيد ثمين لفرسان الليل الذين يظهرون ويختفون كالأشباح، وهذا ما يفسر عجز الأمريكان عن كبح جماح المقاومة العراقية رغم الامكانيات الهائلة وخدمات العملاء المتوفرة والأساليب الوحشية التي كشفت للعالم عن الوجه الحقيقي لهذه الامبراطورية الشريرة.

            وتجدر الاشارة في هذا السياق الى أن توازن القوة وطريقة التعامل معه قضية يقررها ويقدرها العسكريون وخبراء الميدان ولا يجوز للفقيه أن يتدخل في تقرير هذه الأمور وتقديرها، وتأريخ المواجهات بين الشعوب المقاومة والقوات الغازية حافل بالتجارب الناجحة رغم الخلل الكبير في توازن القوى.

            ثانيا: من الواضح أن هذه الآية تتحدث عن رخصة وتخفيف وليس عن الزام شرعي بترك المواجهة ولا أعلم مفسرا أو فقيها قال بهذا، جاء في تفسير ابن عطية: «انما هو كتخفيف الفطر في السفر وهو لو صام لم يأثم وأجزأه» (ج6 / ص372)، وقال ابن كثير: «اذا كانوا على الشطر من عدوهم لم ينبغ لهم أن يفروا من عدوهم واذا كانوا دون ذلك لم يجب عليهم قتالهم وجاز لهم أن يتحوزوا عنهم»، ونسب هذا الى ابن عباس وعطاء ومجاهد وغيرهم (ج1 / ص581) بل ورد عن الأمام الشافعي قوله: «فإن كان المشركون أكثر من ضعفهم لم أحب لهم أن يولوا عنهم» (الأم ج4 / ص169).

            ولقد رأيت من الفقهاء من فصل القول في هذا التخيير والتخفيف وأنه ليس على اطلاقه وانما هو وفق موازين يمكن حسابها وتقديرها بحسب الظروف والأحوال يقول ابن قدامة: «وان كان العدو أكثر من المثلين لم تجب مصابرتهم.. لكن اذا غلب ظنهم الظفر فالأولى لهم الثبات ليحصل لهم الأجر والغنيمة ومسرة المسلمين بظفرهم، وان غلب على ظنهم الهلاك بالاقامة والنجاة بالفرار فالفرار أولى.. وان ثبتوا جاز لان لهم غرضا في الشهادة، وان غلب على ظنهم الهلاك في الاقامة والانصراف فالثبات أولى لتحصل لهم فضيلة الشهداء الصابرين المقبلين.. وان خشوا الأسر قاتلوا حتى يقتلوا لينالوا شرف الشهادة ولا يتسلط الكفار على اهانتهم وتعذيبهم» (الكافي ج4 / ص 261). بل جاء في الفقه الحنفي «لو حمل الواحد على جمع عظيم من المشركين فان كان يعلم أنه يصيب بعضهم أو ينكي فيهم نكاية فلا بأس بذلك» (المبسوط ج10 / ص76).

            ويمكن أن يضاف الى هذا أنه اذا كان معنى الآية حرمة المواجهة مع العدو الأقوى ووجوب الانسحاب فكيف سيكون هذا الانسحاب اذا كان العدو يحتل أرضنا؟

            والى أين سينسحب المسلمون في العراق؟ ثم ماذا لو امتدت اطماع هؤلاء الأشرار لتشمل الأمة الأسلامية بأسرها؟! ماذا لو استهدفوا مكة والمدينة؟!

            ان الدعوة الى رفع الراية البيضاء والاستسلام المجاني سيغري أعداءنا من كل حدب وصوب ليس بالاستيلاء على أرضنا فحسب وانما بتغيير عقيدتنا وثقافتنا طالما أن هناك من يعتبر مقاومة هؤلاء تهورا وانتحارا غير مسموح به شرعا!! وأغرب من الغريب أن تلبس هذه الدعوة ثوب الحرص على حاضر الأمة ومستقبلها!

            ثالثا: ان نظرة سريعة في تاريخ المعارك النبوية ثم الراشدية تعيننا على الفهم الصحيح لهذه الآية ولنأخذ هذه النماذج:

            أغلب معارك الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتحقق فيها التوازن العسكري؛ ففي بدر كان عدد المسلمين أقل من ثلث عدد المشركين، وفي أحد كان عدد المسلمين أقل من الربع، وفي الأحزاب كانوا أقل من الثلث، وفي معركة مؤتة التي كانت على عهد رسول الله وبعلمه كان عدد المسلمين ثلاثة آلآف بينما بلغ عدد عدوهم مائة وخمسين ألفا وفي بعض الروايات الى مائتي ألف! ومع هذا صبر المسلمون وقاتلوا بقيادة الثلاثة الذين عينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بقيادة خالد بن الوليد الذي قاتل ثم نجح بانقاذ المسلمين وسحبهم الى المدينة المنورة، ورسول الله يقر القتال والانسحاب ويعلي من مكانة الشهداء الذين سقطوا في تلك المعركة ولم يتهمهم بالتهور رغم أنهم لم يكونوا بوضع دفاعي وكانت وراءهم دولة ممكن أن ينحازوا لها وينظموا صفوفهم فيها من جديد.

            وأما في معركة القادسية فلم يصل المسلمون على أعلى الروايات الى حد الثلث بل بعض الروايات تقول انهم أقل من العشر ويلخص أحد المجاهدين الموقف بقوله «فلما نزلوا - أي الفرس- قالوا لنا ارجعوا فانا لا نرى لكم عددا ولا نرى لكم قوة ولا سلاحا فارجعوا قال قلنا ما نحن براجعين قال وجعلوا يضحكون» (ابن ابي شيبة ج6 / ص556)، وأما التفاوت في معركة اليرموك فكان أكبر بكثير مما عليه في القادسية، فاذا علمنا بعد هذا أن القادسية واليرموك كلاهما لم يكونا جهاد دفع وانما جهاد طلب وفتح فكيف نتصور حال الصحابة لو اقتحمت عليهم بيوتهم ومساجدهم واستهدفوا في دينهم وأعراضهم؟!

            ويدور في خلدي هنا سؤال: ماذا سيقول أصحاب هذه المقولة لو حضروا فتنة الدجال التي حذرنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي سيأتي بالقوة الخارقة مع المال والذهب والجنة والنار فهل سيفتينا هؤلاء بضرورة التعامل مع الدجال تحقيقا لفقه الموازنات؟! وما الفرق بين الدجال وشارون وبوش؟!

            وفي ختام هذه المسألة ولكي لا نتهم بالبعد عن الواقع نقول صحيح إنه وفق منطق القوة لا يمكن أن تهدف المقاومة العراقية الى تحقيق نصر نهائي على دولة بحجم أمريكا فهذا متروك لقدر الله العلي القدير وما هو على الله ببعيد، لكن وفق موازين القوى يمكن للمقاومة ان تهدف الى:

            أ- مشاغلة قوات الاحتلال حتى لا يرتفع سلم أطماعها وهذا ما تحقق لحد الآن حيث أجبرت قوات الاحتلال أن تتراجع عن كثير من الأهداف التي صرحت أو لمحت بها بداية الاحتلال مثل تغيير خارطة المنطقة اقامة علاقة تطبيعية بين العراق والكيان الصهيوني والتدخل في ثقافة المجتمع وما الى ذلك.

            ب- اقناع هذه القوات الغازية بأن بقاءها في العراق ليس من مصلحتها لأنه سيكلفها كثيرا وسيكسر من سمعتها وهيبتها العالمية سيما اذا استمرت بانتهاك القانون الدولي ومواثيق حقوق الانسان لأن هذا سيقنع الكثير من القوى العالمية الرسمية وغير الرسمية بضرورة التفكير والبحث عن مخرج لهذا التفرد والتعسف الذي يهدد الاستقرار العالمي، وهذا ما بدأنا نلتمس بوادره وهو مقدمة للنصر الحقيقي الذي تنشده المقاومة.

            نقلا عن جريدة السبيل.....
            سنعيش صقور طائرين ونموت اسودا شامخين وكلنا لسرايا عاشقين صوتنا صوت حق وسلاحنا حق وحركتنا بنيت على حق في الصحراء نكون عاصفة وفي السماء عاصفة لأن السرايا لن تهزم بأذن الله ولدت لتنتصرe

            تعليق


            • #7
              [frame="10 80"]بارك الله فيك اخى[/frame]
              [gdwl] [/gdwl][gdwl][/gdwl][gdwl]
              ياقدس ان طالت بنا غربة فسيفنا ياقدس لن يغمدا
              [/gdwl]

              تعليق


              • #8
                بارك الله فيك
                ومشكور على مرورك الطيب اخي صاروخ السرايا
                سنعيش صقور طائرين ونموت اسودا شامخين وكلنا لسرايا عاشقين صوتنا صوت حق وسلاحنا حق وحركتنا بنيت على حق في الصحراء نكون عاصفة وفي السماء عاصفة لأن السرايا لن تهزم بأذن الله ولدت لتنتصرe

                تعليق


                • #9
                  بارك الله فيك اخي وجزاك الله كل خير وجعله في ميزان حسناتك ..
                  أيها العضو الصديق لا بأس أن تؤيد رأيك بالحجة و البرهان .....

                  كما لا بأس أن تنقض أدلتي ، وتزييف مما تعتقد أنك مبطل له
                  .....

                  لكن هناك أمر لا أرضاه لك أبدا ما حييت ، ولا أعتقد أنه ينفعك
                  ؟

                  الشتم و السباب

                  تعليق


                  • #10
                    الحلقة الثالثة (المقاومة.. وعقيدة التوحيد)

                    الحلقة الثالثة

                    المقاومة.. وعقيدة التوحيد :-
                    التوحيد قاعدة الاسلام الأولى، أسس أمة، وأقام حضارة، وغير خارطة العالم، ومع ضعف المسلمين اليوم وعجزهم عن الانسجام مع متطلبات التوحيد الكبيرة، الا ان هذه العقيدة ما زالت قادرة على تحريك الموات وصنع المعجزات، وما يحدث اليوم في ميادين الشرف على أرض فلسطين والعراق دليل شاخص على هذه الحقيقة الكبيرة. حيث اتضح لكل مراقب أن هنالك عقيدة دافعة تقف وراء هذا الصمود الاسطوري الذي لا يأبه بفارق عسكري ولا يلتفت لضجيج اعلامي!

                    وبقيت كل مدارس التحليل النفسي في المؤسسات الغربية عاجزة عن فهم المحرك الحقيقي لطوابير الاستشهاديين الذين يقدمون على الموت بقلب مطمئن وثغر باسم! كما أن هنالك حيرة حقيقية لدى علماء السياسة والاجتماع كيف تسقط دول كبيرة وتستسلم لعدوها دون مقاومة بعد أول ضربة قاسية تتعرض لها ثم تستمرئ التبعية لعدوها لعقود طويلة، وهذه حال اليابان بعد هوريشيما، وألمانيا بعد هتلر، ولكن بالمقابل نرى شعوبا جريحة ومحاصرة تنتفض لكرامتها وتدوس تحت قدمها تلك الآلات الجبارة التي أرهبت العالم.

                    ان هناك -لا بد - شيئا ما لدى هذه الشعوب تفتقر اليه اليابان والمانيا، وليس ذاك الا عقيدة التوحيد!!

                    وهذه العقيدة لا بد أن يتنادى كل الغيارى في هذه الامة لحمايتها وتفعيلها لتؤدي دورها الحقيقي في نهوض الأمة وتفجير طاقاتها. وبالمقابل لا بد من ان ننتبه الى أن العدو - وقد رأى فاعلية هذه العقيدة - أنه سيحاول تفكيكها وافراغها من محتواها!!

                    واذا أردنا أن نخطو الخطوة الاولى في هذا المجال فلننظر في المعاني الرئيسة التي صاغها القرآن كمعالم واضحة في عقيدة التوحيد:

                    1- توحيد الله في الخلق، بمعنى أن الله هو الخالق الوحيد لهذا الخلق، وقد أصّل القرآن هذا المعنى من خلال دعوة الانسان للنظر في وحدة الخلق المتجلية في انسجام مكونات هذا الكون في خارطة هند سية وظيفية في غاية الدقة والجمال! «أمّن خلق السماوات والارض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم ان تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون»(النمل:60)

                    2- توحيد الله في الملك، وهذا المعنى مبني على المعنى الأول اذ من العدل والمنطق أن الذي خلق الخلق من العدم هو الذي يملك هذا الخلق «تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير. الذي خلق الموت والحياة»(تبارك:1)

                    «ولله ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء»(المائدة:17) وهكذا يتضح الربط بين الخلق والملك فاذا كان الله هو الخالق الوحيد فهو اذن المالك الوحيد.

                    3- توحيد الله في الحكم والتشريع، وهذه نتيجة طبيعية للمقدمتين الأوليين فاذا كان الخلق لله والملك لله فمن المنطقي أن المالك هو الذي يتصرف في ملكه كيف يشاء! ولذلك ندد القرآن بمن يفصل بين هذه النتيجة ومقدماتها فقال «ألا له الخلق والأمر»(الأعراف:54) ومن ثم «إنْ الحكم الا لله أمر أن لا تعبدوا الا اياه»(يوسف:40).

                    4- توحيد الله في الطاعة والعبادة، وهذه هي الثمرة العملية لما قبلها فمن له الأمر له الطاعة، والعباد المخلوقون والمملوكون لله ما عليهم الا الخضوع والاستسلام لله الواحد، وهذا هو المعنى الحقيقي للاسلام!! «أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون»(آل عمران:83).

                    5- توحيد الله في أسمائه وصفاته، فالله الذي خلق الخلق بقدرته وملكهم بارادته وأخضعهم لحكمه وألزمهم بطاعته لا بد أنه كامل في صفاته لا ندّ له ولا شبيه فهو على كل شيء قدير وبكل شيء عليم.

                    ان كل هذه المعاني العظيمة جمعها الاسلام في جملة واحدة ( لا اله الا الله) بمعنى لا شريك لله في خلقه، ولا شريك لله في ملكه، ولا شريك لله في حكمه، ولا شريك لله في صفاته، وكل من نازع الله في واحدة من خصائصه هذه فهو طاغوت ينبغي أن نكفر به «فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى»(البقرة:256).

                    وبهذا يكون التوحيد في حقيقته رفض ومقاومة لكل طاغوت على وجه الارض أيا كان شكله وحجمه، وهذه العقيدة بدورها هي التي تمد المقاومين بروح الصمود والاستمرار، وبهذا نفهم كيف تجرأ ابراهيم -عليه السلام- وهو الفتى الوحيد أن يجعل أصنام قومه جذاذا! وكيف صرخ السحرة بعد اسلامهم بوجه فرعون «فاقض ما انت قاض انما تقضي هذه الحياة الدنيا انا آمنا بربنا»(طه:72)، ومحمد -عليه الصلاة والسلام- وصحبه «الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل»(آل عمران:173)، وهكذا الى صلاح الدين والملك المظفر وعمر المختار وعز الدين القسام والى آخر موحّد سيقاوم الدجال.

                    لكن هذا التوحيد الحي والقادر على نفخ الحياة في الموات يتعرض اليوم لمحاولات ترويضية أو تهجينية لعزله عن دوره الحقيقي ولصنع توحيد جديد لا يعارض ولا يقاوم ولا شأن له بمجرى الحياة! ومن ملامح هذا التوحيد الجديد:

                    1- محاولة لحصر معاني التوحيد في شعائر معينة لا تشكل الا جزءا يسيرا من المعاني الكبيرة التي أكدها القران الكريم -كما مر- فالتوحيد هنا ليس سوى افراد الله بالذكر والدعاء والقرابين والنذور وما الى ذلك!! وهذا كما ترى توحيد مهادن مسالم لا يتطلب تضحية ولا مواجهة فهذه الاعمال كلها يمكن ان تؤدى بالزوايا والخلوات بعيدا عن الحياة وتحدياتها، ولكن يشكل على هؤلاء أن كل دعاة التوحيد الأوائل من الانبياء والمرسلين قد قدموا صورة للتوحيد تختلف عن هذه الصورة، وقد سجل القرآن الكريم من قصصهم ومواقفهم في هذا الشأن الشيء الكثير مما لا مجال للتواري او التغاضي عنه.

                    2- محاولة لاثبات التوحيد من خلال الكفر بطواغيت وهمية أو هامشية لا وجود لها ولا تأثير، انها محاولة لترحيل المواجهة الى زمان أو مكان آخر هروبا من الامتحان الحق الذي لا يتجلى التوحيد الا به، فمنهم من يتحدث اليوم عن الاصنام والقبور متجاهلا شرك القانون والدستور، ومنهم من تفطن الآن للحديث عن الملحدين والشيوعيين والماركسيين!! متغافلا عن الصهاينة والصليبيين، ورأينا اليوم في بغداد من اذا حدثته عن موقف المسلم من الاحتلال ذكرك بجرائم النظام السابق والمقابر الجماعية!!

                    ونحن هنا نتساءل ماذا لو أن السحرة كفروا بكل الاصنام والقبور والتمائم لكنهم لم يجرؤوا أن يقولوا لفرعون: لا؟ هل سيخلد القرآن ذكرهم؟ وماذا لو أن الصحابة الكرام تركوا ما لكسرى لكسرى وما لقيصر لقيصر وانصرفوا يتحدثون عن جرائم فرعون وملئه.. من سيذكرهم؟ انها قضية في غاية الخطورة، لكن الله لن يترك هؤلاء الهاربين حتى يقحمهم في قاعة الامتحان الحق «أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون»(التوبة:16).

                    ان لكل زمن طاغوتا يبتلي الله به ايمان المؤمنين وتوحيد الموحدين من فرعون الى الدجال وبينهما آلاف الفراعين والدجالين، ولا تتجلى حقيقة التوحيد الا بأن تكفر بالطاغوت الذي امتحنك الله به أنت، آنذاك فقط يظهر ان كنت تخاف من الله أم تخاف من الطاغوت! وان كنت ترجو ما عند الله أو ترجو ما عند الطاغوت.

                    3- محاولة اقناع الأمة أن ركوعها للطاغوت واصطفافها معه لا يتعارض بحال مع حقيقة التوحيد!! فانما الاعمال بالنيات، وان الشريعة قائمة على تحقيق مصالح العباد، وأن الضرورات تبيح المحظورات - وهذا ما سنناقشه ان شاء الله في حلقات قادمة- ويكفينا هنا ان نقول ان الضرورة والمصلحة تتطلب تعبئة الامة للاحتفاظ بهويتها وانتزاع حقها وتحرير أراضيها ومقدساتها، وأن الفتات الذي يتساقط من موائد الغاصبين مما يسمى مصالح ومكاسب ما هو الا تخدير لجسد الامة وفت في عضدها وتمييع لقضيتها واعطاء الفرصة لانجاح المشروع الغازي وفتح المجال لكل خوّان أثيم أن يعتذر بمثل هذه الأعذار حتى لا تعرف الامة أصدقاءها من أعدائها، واخيرا فأين الله الخالق المالك الحكم العدل من كل هذا
                    «ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم» (محمد:4).
                    سنعيش صقور طائرين ونموت اسودا شامخين وكلنا لسرايا عاشقين صوتنا صوت حق وسلاحنا حق وحركتنا بنيت على حق في الصحراء نكون عاصفة وفي السماء عاصفة لأن السرايا لن تهزم بأذن الله ولدت لتنتصرe

                    تعليق


                    • #11
                      الحلقة الرابعة (المقاومة والاحتلال.. وصراع الشرعية )

                      الحلقة الرابعة

                      المقاومة والاحتلال.. وصراع الشرعية :-

                      من المسلم به أن قوة المقاومة في شرعيتها وأن قوة الاحتلال في آلـته العسكرية، والصراع بين المقاومة والاحتلال صراع بين منطق الشرعيــة ومنطق العسـكر، وكما أن المقاومـــة تحاول أن تحقق خرقا في آلـــة العدو العسكرية فان الاحتلال هو الآخر يحاول أن يحقق أي خرق في قاعدة المقاومة الشرعية.

                      والقرآن يقص علينا ما يـنبهنا الى هذا فـيحكي عن فــرعون «وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه اني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الارض الفساد»(غافر:26)، يقول فرعون هذا ليشكك في شرعية موسى عليه السلام مع أن يديه مغموستان بدماء الأبرياء، وهكذا هو شأن الفراعنة في كل مكان وزمان.

                      جاء الاحتلال الحديث باساطيله وجيوشه المدمرة لكنه رفع شـعار (الاعمار) ومن ثم سمي بـ (الاستعمار) وهي كلمة مدح لكن معناها انـقلب تماما بـــعد أن اكتشف الناس حقيقة الأهداف والمطامع التي تخفيها، وحينما كان الاحتلال يرفع شعار (الاعمار) كان يطلق وصف (المخربين) على كل مقاوم شريف لأنـــــه يرفض (الاعمار) لبلده!! ولكن الغزاة الامريكان اليوم استبدلوا بشعار (الاعمار) شعاراً اقــــل ذكاء وأكثر غباء وهو (التحرير)، والتحرير هو شعار المقاومة وهو جـدير بها وهي جديرة به، والامريكان حينما سرقوا شعار المقاومة هذا وضموه الى صـندوق مسروقاتهم وجدوا انفسهم في ثوب لا يناسبهم وتحت سقف لا يسترهم، بينــما شعار (الاعمار) كان أكثر ذكاء لان الاعمار هدف مشروع بحد ذاته وقد ينجح الاحتلال في اقـــناع بعض الضعفاء وذوي المصالح الخاصة بترجيح الاعمار وتقديمه على التحرير.

                      لكن السؤال الذي يواجه الغزاة الاذكــياء منهم والاغبـــياء ويستعلي على الضجيج والتهريج: لماذا يضحي أبناء البلد بأنفسهم من أجل تخريب بلـــدهم وتدمير مستقبلهم بينما يضحي الغزاة بانفسهم من أجل تحرير الآخرين وتعمـير بلادهم؟!! في كثير من الاحيان لا يجد الاحتلال ما يرد به على هذا التساؤل المــنطقي الا بارتكاب سلسلة من الجرائم تستهدف المؤسسات المدنية والبنى الــتحتية ثم ينسبها الى فصائل المقاومة مستغلا تفوقه الدعائي والاعلامي، والاحتلال هنا لا يهدف الى تشويه المقاومة فحسب وانما لايجاد مبرر جديد لبقائه! فاذا كان أولا قد جاء من أجل التحرير أو التعمير فهو سيبقى من أجل (الأمن) أيضا!! فالأمن هو الورقة الثانية التي يحاول الغزاة تقديمها بعد أن سقطت ورقة (التحرير) وهذا ما أخذت أبواق الدعاية الأمريكية وأذنابها من المأجورين والمهزومين تروج له بقوة! وأصبح بقاء الاحتلال ضرورة أمنية ومصلحة وطنية!! وعلى هذا فربما سيطالبنا الاحتلال فيما بعد بأجور مناسبة لسداد نفـــقات جنوده على الأقل!! ونسي هؤلاء أو تناسوا جملة من الحقائق نلخصها بالآتي: اذا كان المقصود بالأمن أمن المواطن العراقي فإن جملة العمليات العسكرية التي استهدفت المؤسسات المدنية والناس الابرياء تقف وراءها جهتان الاولى: ظاهرة وهي قوات الاحتلال وهذا لا يخفى على أحد فالناس يرون يوميا معارك كبيرة تخوضها قوات الاحتلال بكل صنوفها الجوية والبرية والدروع وتدمر المساجد والمدارس والأسواق كما حصل هذا في الفلوجة والنجف والرمادي والموصل وديالى وكثير من المدن والمحافظات العراقية، أما الجهة الثانية: فهي جهة خفية، وصفتها قوات الاحتلال انها أزلام النظام، ثم قالت انها قوات ارهابية متسللة من وراء الحدود، ثم قالت انها جماعات عراقية متطرفة!! ولحد الآن ورغم مرور سنتين على مسلسل هذه الأعمال لم تستطع قوات الاحتلال ان تقدم أي دليل على ما تقول فماذا يعني هذا؟ اننا نتساءل اولا وهذا تساؤل منطقي وقانوني عن الجهة المستفيدة من هذه الجرائم المجهولة المصدر، ومهما قلبنا الأمور فلن تكون المقاومة العراقية هي المستفيد بأي حال، ولكن ماذا يعني هذا التشابه في الأهداف بين الجهة الظاهرة (قوات الاحتلال) وبين الجهة المجهولة؟ ماذا يعني أن يدمر مسجد أو مدرسة بطائرة أمريكية في الفلوجة أو الموصل ثم يدمر مسجد أو مدرسة بسيارة ملغّمة في بغداد أو بعقوبة؟ الا يشير تشابه الضحايا الى تشابه الجناة؟ ثم هؤلاء الذين يتسللون من وراء الحدود لضرب المدارس والأسواق ونحوها ماذا يريدون؟ ولماذا لا يستهدفون أهدافا مماثلة في بلادهم؟ ولماذا كان كل هذا متزامنا مع الاحتلال؟ ومن الذي يتحمل المسؤولية في هذا؟ من دمر مؤسسات الدولة وفتح الحدود وأشاع الفوضى؟ ان من حق كل مواطن عراقي أن يقاضي قوات الاحتلال على كل جرائمهم الظاهرة والباطنة وحتى تلك التي تسببوا فيها عن قصد أو عن غير قصد.

                      أما اذا كانوا يقصدون بـ(الأمن) أمن الجنود الغزاة فنقول: ان الأمن والاحتلال نقيضان لا يجتمعان، فطالما هناك احتلال هناك مقاومة، ومن واجب المقاومة أن لا تترك للمعتدين مكانا للأمن او الاستقرار.

                      وتجدر الاشارة هنا الى ان هناك مبالغات اعلامية مقصودة تهدف الى رفع نسبة العمليات المجهولة المصدر والتي تستهدف المدنيين العراقيين بالنسبة الى العمليات التي تستهدف قوات الاحتلال والتي بلغت في بعض الأحيان أكثر من مائة عملية في اليوم.

                      وفي هذا السياق لا بد من أن تنتبه المقاومة الى بعض الأمور ومنها:

                      أ- أن تتبرأ المقاومة بسرعة من كل عملية تستهدف الأبرياء والمدنيين والبنى التحتية للبلد، صحيح أن ثقة المقاومة بشعبها وثقة شعبها بها قد يدعوها الى عدم الاكتراث لدعايات العدو وحملاته التضليلية لكن من واجب المقاومة ان لا تمنح أي فرصة لنجاح هذه الدعايات لا سيما في الخارج حيث القنوات شبه مقفلة لصالح الاحتلال.

                      ب- أن تتثبت وتتريث في محاسبة العملاء والجواسيس، واذا قررت معاقبتهم فعليها أن تنشر قبل انزال العقوبة الشرعية بهم ما يثبت الجريمة عليهم فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يعاني من خيانات المنافقين يرفض فتح أي جبهة معهم ويعلل ذلك بقوله: «كيف اذا تحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه»(النووي على صحيح مسلم)، ولا يفوتنا أن نذكر أن شعار (الأمن) قد توسع عند الغزاة فأخذوا يحذرون من (الحرب الأهلية) حيث يقدم الاحتلال نفسه على أنه الضمانة الوحيدة لتلافي هذه الحرب في مقابل المقاومة التي تسعى - بزعمه- الى اشعال فتيلها!! لكن المنطق والواقع يشهدان بعكس هذا، فالمنطق يقول ان الحرب الأهلية لا تخدم الا المحتل نفسه فاشغال العراقيين بالعراقيين واستهلاك طاقاتهم هو الذي سيمكن المحتل من البقاء لفترة أطول، أما المقاومة فستكون -بلا ريب- هي الخاسر الأول، والبحث عن الطرف المستفيد من الجريمة بحث قانوني وقضائي معروف.

                      أما الواقع فهناك حقائق ميدانية كثيرة تثبت أن الاحتلال هو الذي يخطط للحرب الأهلية ومنها:

                      1- حرص الاحتلال مبكرا على تقسيم الشعب العراقي نفسيا وفكريا من خلال الضرب على وتر الاثنيات العرقية والمذهبية وصرنا نسمع (السنة الشيعة الأكراد) في اليوم الواحد أكثر من مائة مرة وقد بدأت هذه النغمة بالظهور مع تصاعد التهديد بغزو العراق والى اليوم.

                      2- كرس الاحتلال النزعات العرقية والطافية من خلال اختراعه لمبدأ (المحاصصة الطائفية) الذي بنى عليه مجلس الحكم والحكومة المؤقتة.

                      3- حرص الاحتلال على الزج ببعض الأجهزة الأمنية العراقية كالشرطة والحرس الوطني في معاركه التي خاضها ضد الكثير من المدن العراقية كالفلوجة والموصل وتلعفر وهيت وبهرز والنجف، مع أن هذه القوات كان وجودها رمزيا لكنها كانت ضمن لعبة خطيرة الا ان هذه اللعبة لم تنطل حتى على عناصر تلك القوات فقدمت استقالات جماعية كبيرة وامتنع عدد مماثل عن تنفيذ الأوامر! كما حصل مع لواء36 في معركة الفلوجة.

                      4- حرص الاحتلال على توصيف كل حادثة أو مواجهة بالأوصاف الطائفية أو العرقية وان كانت بعيدا عن ذلك، فمثلا حينما تحصل مواجهة مؤسفة بين بعض فصائل الحرس الوطني المتجحفلة مع قوات الاحتلال وبين أهالي الفلوجة أو الموصل تعلن قوات الاحتلال عن مقتل ثلاثة من الأكراد وستة من الشيعة!! مع ان المواجهة لم تكن أصلا تحت هذه العناوين.

                      5- هنالك حوادث تفصيلية لا حصر لها تؤكد تورط قوات الاحتلال في اثارة الفتنة ومن ذلك تمزيق صورة للسيد الصدر في بعض أحياء بغداد الشعبية وكادت أن تحدث مشكلة لكن العقلاء منهم اتفقوا على تعليق الصورة من جديد ومراقبتها عن بعد وحدث ما كانوا يتوقعون حيث وقفت سيارة همر ونزل منها جندي أمريكي ومزق الصورة. وأما الورقة الأخيرة التي بدأ الاحتلال يغامر بها ويقامر فهي (الانتخابات) حيث قدم نفسه على أنه الراعي والمهتم ببناء العملية السياسية الديمقراطية في البلد في مقابل المقاومة التي تريد حرمان الشعب العراقي من حقه في ممارسة الديمقراطية وراح يصور أن المعركة هي معركة (آيديولوجيات) بين أصولية منغلقة وديمقراطية منفتحة!! ولمناقشة هذه الورقة نطرح باختصار الأسئلة الآتية:

                      1- هل يمكن أن تكون هناك ديمقراطية بدون حرية؟ اننا نفهم الديمقراطية على أنها أسلوب في ممارسة الحرية وهذا يتطلب وجود الحرية أولا، فالحرية طريق الديمقراطية وهذا ما تسعى له المقاومة وهذا هو منطق الأشياء، أما البحث عن الديمقراطية تحت حذاء المارينز فهو اهانة ولا شك للديمقراطية.

                      2- هل يمكن أن تفرض الديمقراطية بالحديد والنار؟ لقد دمرت قوات الاحتلال مدينة الفلوجة وشردت كل أهلها بذريعة الانتخابات وحاصرت الملايين في الموصل والرمادي وبالذريعة نفسها، فهل نحن على أعتاب مدرسة جديدة في الديمقراطية؟!

                      3- الديمقراطية و(الانتخابات) بالتحديد تتطلب شروطا لانجاحها ونحن هنا لا نتكلم عن المواصفات الفنية التي وضعت كلها تحت الأقدام وانما نتكلم عن أسس جوهرية ومنها المساواة وتوفير الفرص المتكافئة في الاعلان والتعبير عن البرامج السياسية للمتنافسين، فهل تسمح قوات الاحتلال للمقاومة العراقية ولمكاتبها السياسية بالاعلان عن نفسها والتعبير عن برامجها؟! أم أن ميدان الديمقراطية الأمريكية لا يتسع الا لحصان واحد ومتسابق واحد؟

                      4- واذا كانت (الانتخابات) من الممكن أن تمارس تحت الاحتلال فلماذا هذا الالحاح والتهديد بضرورة الانسحاب الفوري للجيش السوري من لبنان قبل موعد الانتخابات؟ هذا التهديد وبهذا المبرر جرى على لسان أعلى سلطة في الادارة الأمريكية مع أن الوجود السوري مختلف تماما عن الاحتلال الامريكي للعراق! ان المحصلة التي ينبغي أن تعترف بها الادارة الامريكية أن معركتها في هذا الميدان خاسرة، وأن المعركة محسومة لصالح المقاومة وكل الأوراق التي تلعب بها أوراق مكشوفة وتنقلب في كل جولة الى فضيحة سياسية وعبء أخلاقي وقانوني، فالمقاومة بنت الارض والام تحتضن ابنتها مهما كان شكلها ولونها، والاحتلال ثقيل على الأرض ثقيل على النفوس حتى لو جاء بالعسل واللبن.
                      سنعيش صقور طائرين ونموت اسودا شامخين وكلنا لسرايا عاشقين صوتنا صوت حق وسلاحنا حق وحركتنا بنيت على حق في الصحراء نكون عاصفة وفي السماء عاصفة لأن السرايا لن تهزم بأذن الله ولدت لتنتصرe

                      تعليق

                      يعمل...
                      X