تزورنا ذكراك يا سيد الذكرى، لتؤرقنا في حضرة غيابك وتنكأ في أعماقنا جرحاً لا يفارقنا، ونضع الملح لنوقظ الجرح في طريق العابرين إليك، وينضح الدم من مسقط الرصاصة فيك، حتى يبقى حياً هذا الجرح، حتى يطلع الصبح في يوم الفرح والشهادة.
في حضرة ذكراك التي لا تشبه إلا نفسها، نأتيك مُحمّلين بالسلام عليك، لترى فينا زرعك الذي نخبأه إلى يوم الحصاد في تشرين، إلى السادس والعشرين، يوم أن نجدد انتماءنا إليك واقفين بين يديك، نحمل ميراثك الذين ورثناه وفكرك الذي عشقناه، ودمك الذي حملناه ديّناً يُحرّضنا للقصاص!.
كان تشرين على موعد ليحضنك ساعة ازدهارك بالرصاصة الغادرة، التي جاءتك من زمن أُحد، لنبكي على حمزة من جديد ويفرح أكلة الأكباد بسقوطك على رصيف مالطا، لتعود في موسم الدم حيث يتزاحم العشاق نحو صلاة الشهادة في محرابك، ونستظل بوردة الوجع ونسقيها من دم الشمس، ونحرسها بأشلائنا الموزعة في خارطة الوطن، إلى أن تزورنا فنقطفها لك بكامل نضوجها الأرجواني، بأجمل عطر نُزين به كل المواسم.
مصابك فينا يا أبا إبراهيم لا يعزيه دمع ولا رثاء، ولا يواسيه شوق ولا دماء، فأنت وجعنا الأبدي المسكون في الذاكرة، خُلقت لنا جرحاً، وخُلقنا لك ملحاً، وهذا الجرح المُملّح ينتفض لك، من ثناياه صوت الحالمين، يا من عشت أكثر مما كنت تتصور، يا من زهدت في كل شيىء إلا الشهادة، دُلّنا عليك حتى نشتهي الموت، ونذهب إليه وحدنا إلا من الأُنس به، يا من أتيت من زمن لم يأت إلا حين أتيت، وحين رحلت لم يُطق البقاء، يا معشوقنا الجميل، نحن لا نبكي عليك، بل نشكي إليك أرواحاً تنتظر الإذن بالخروج من لائحة الحبر إلى لائحة الدم.
يا نبي الفكرة ورسول الثورة، في ظل غيابك المفجع ورحيلك الموجع، بقيت فينا سيداً لا يُعوّض مكانك أحد، لقد صنعت فأبدعت، وأنجزت فأعجزت، ورحلت فأتعبت، يا من رسمت معالم المعجزة من سورة الإسراء إلى فلسطين، يا من قلت: "لا تصدقوني إلا إذا رأيتموني شهيداً"، فهل كذبّناك يا سيدي طرفة عين حتى تُقرن صدقك بالموت، وأنت الذي قلت صدقاً وما كذبت.
نلملم الجرح من جديد شوقاً وحنين، وننثره في كل حين، على محطات الوجع التي نقف عليها بانتظارك، فنحن أبناؤك الذين جاؤوا في غيابك، رغم ذلك نُشبهك ولا نتشبه بغيرك، نحن أيتامك الذين نبحث عنك في كل يوم، نراك في أحلامنا وخبز أيامنا، تقطف الشمس من ليالينا وتعيدها كل صباح على وتر الجراح، نأتيك اليوم بجرحك وفي ثناياه دمع لا شاطىء له، فأي جرح ذلك الذي ينزف ولا يتوقف، إنه الجرح الذي يسقط بيد الله، يكبر فينا ويُخضّب كل الوجوه بأحمر الشهادة.
عذراً يا سيد الشهداء ويا شهيد السادة، لأني لا أُحسن الرثاء إلا فيك ولا أمدحك، لأني أخجل ألا أوفّيك، فيا أول الأمناء واّخرهم، ويا أجمل الشهداء وأروعهم، لك من أرواحنا بيعة، ومن دمائنا سلعة، ومن رجالنا طليعة، لا تغادر ساحة العشاق، ولا ترضى بغير القتل عادة وسعادة، نحن هنا يا حكاية عشقنا ويا رواية شوقنا، نقتبس منك الطهارة في زمن الإختزال، لنواصل الرحلة معبئين بالفكر المعطر والوجع، نقرأ وصيتك ونصلي صلاتك من وضوء الدم، ونقرأ في كتاب الخلود "والشهداء لهم أجرهم ونورهم"، ونموت على ما مُت عليه ولا نعود من بعدك كفاراً.
يا اّخر نزف من شرايين طَهُرت، واّخر نبض من قلوب نَبضت، واّخر طلقة في جعبة الشهداء، يا من رفضت العواصم أن تمنحك النوم خشية أن توقظ السكارى من ليل العرب، وتعيد للحيارى وجهة الحق، يا طائر تشرين المسافر تحمل الوصايا من فلسطين إلى الأمة ومن الأمة إلى فلسطين، أقبل علينا هنا الذكرى في انتظار النشيد، هنا مئذنة الجنة تؤذن للشهيد، هنا الوعد بانتظار الانتصار.
قبل أن نغادرك، نقول لك انتظرنا قليلاً يا شهيد الغربة ويا غريب الشهادة، لن نتأخر عليك ونحن المشتاقون لنأوي إلى عينيك، ليس سوى الموت الجميل يمنعنا منك، حتى ترانا ونراك، فأبشر بنا شهداء بألون من دم وأكوام من الأشلاء، فرحين بك كما أنت، حين رأيتنا نواجه الموت من أجل الحياة، فتجهز لاستقبالنا، ونعاهدك عهداً لم نعاهد به أحداً قبلك، بأن نبقى خير ما تركت من إرث، وأجمل ما صنعت من رجال، وأطهر ما أبدعت من فكرة.
في حضرة ذكراك التي لا تشبه إلا نفسها، نأتيك مُحمّلين بالسلام عليك، لترى فينا زرعك الذي نخبأه إلى يوم الحصاد في تشرين، إلى السادس والعشرين، يوم أن نجدد انتماءنا إليك واقفين بين يديك، نحمل ميراثك الذين ورثناه وفكرك الذي عشقناه، ودمك الذي حملناه ديّناً يُحرّضنا للقصاص!.
كان تشرين على موعد ليحضنك ساعة ازدهارك بالرصاصة الغادرة، التي جاءتك من زمن أُحد، لنبكي على حمزة من جديد ويفرح أكلة الأكباد بسقوطك على رصيف مالطا، لتعود في موسم الدم حيث يتزاحم العشاق نحو صلاة الشهادة في محرابك، ونستظل بوردة الوجع ونسقيها من دم الشمس، ونحرسها بأشلائنا الموزعة في خارطة الوطن، إلى أن تزورنا فنقطفها لك بكامل نضوجها الأرجواني، بأجمل عطر نُزين به كل المواسم.
مصابك فينا يا أبا إبراهيم لا يعزيه دمع ولا رثاء، ولا يواسيه شوق ولا دماء، فأنت وجعنا الأبدي المسكون في الذاكرة، خُلقت لنا جرحاً، وخُلقنا لك ملحاً، وهذا الجرح المُملّح ينتفض لك، من ثناياه صوت الحالمين، يا من عشت أكثر مما كنت تتصور، يا من زهدت في كل شيىء إلا الشهادة، دُلّنا عليك حتى نشتهي الموت، ونذهب إليه وحدنا إلا من الأُنس به، يا من أتيت من زمن لم يأت إلا حين أتيت، وحين رحلت لم يُطق البقاء، يا معشوقنا الجميل، نحن لا نبكي عليك، بل نشكي إليك أرواحاً تنتظر الإذن بالخروج من لائحة الحبر إلى لائحة الدم.
يا نبي الفكرة ورسول الثورة، في ظل غيابك المفجع ورحيلك الموجع، بقيت فينا سيداً لا يُعوّض مكانك أحد، لقد صنعت فأبدعت، وأنجزت فأعجزت، ورحلت فأتعبت، يا من رسمت معالم المعجزة من سورة الإسراء إلى فلسطين، يا من قلت: "لا تصدقوني إلا إذا رأيتموني شهيداً"، فهل كذبّناك يا سيدي طرفة عين حتى تُقرن صدقك بالموت، وأنت الذي قلت صدقاً وما كذبت.
نلملم الجرح من جديد شوقاً وحنين، وننثره في كل حين، على محطات الوجع التي نقف عليها بانتظارك، فنحن أبناؤك الذين جاؤوا في غيابك، رغم ذلك نُشبهك ولا نتشبه بغيرك، نحن أيتامك الذين نبحث عنك في كل يوم، نراك في أحلامنا وخبز أيامنا، تقطف الشمس من ليالينا وتعيدها كل صباح على وتر الجراح، نأتيك اليوم بجرحك وفي ثناياه دمع لا شاطىء له، فأي جرح ذلك الذي ينزف ولا يتوقف، إنه الجرح الذي يسقط بيد الله، يكبر فينا ويُخضّب كل الوجوه بأحمر الشهادة.
عذراً يا سيد الشهداء ويا شهيد السادة، لأني لا أُحسن الرثاء إلا فيك ولا أمدحك، لأني أخجل ألا أوفّيك، فيا أول الأمناء واّخرهم، ويا أجمل الشهداء وأروعهم، لك من أرواحنا بيعة، ومن دمائنا سلعة، ومن رجالنا طليعة، لا تغادر ساحة العشاق، ولا ترضى بغير القتل عادة وسعادة، نحن هنا يا حكاية عشقنا ويا رواية شوقنا، نقتبس منك الطهارة في زمن الإختزال، لنواصل الرحلة معبئين بالفكر المعطر والوجع، نقرأ وصيتك ونصلي صلاتك من وضوء الدم، ونقرأ في كتاب الخلود "والشهداء لهم أجرهم ونورهم"، ونموت على ما مُت عليه ولا نعود من بعدك كفاراً.
يا اّخر نزف من شرايين طَهُرت، واّخر نبض من قلوب نَبضت، واّخر طلقة في جعبة الشهداء، يا من رفضت العواصم أن تمنحك النوم خشية أن توقظ السكارى من ليل العرب، وتعيد للحيارى وجهة الحق، يا طائر تشرين المسافر تحمل الوصايا من فلسطين إلى الأمة ومن الأمة إلى فلسطين، أقبل علينا هنا الذكرى في انتظار النشيد، هنا مئذنة الجنة تؤذن للشهيد، هنا الوعد بانتظار الانتصار.
قبل أن نغادرك، نقول لك انتظرنا قليلاً يا شهيد الغربة ويا غريب الشهادة، لن نتأخر عليك ونحن المشتاقون لنأوي إلى عينيك، ليس سوى الموت الجميل يمنعنا منك، حتى ترانا ونراك، فأبشر بنا شهداء بألون من دم وأكوام من الأشلاء، فرحين بك كما أنت، حين رأيتنا نواجه الموت من أجل الحياة، فتجهز لاستقبالنا، ونعاهدك عهداً لم نعاهد به أحداً قبلك، بأن نبقى خير ما تركت من إرث، وأجمل ما صنعت من رجال، وأطهر ما أبدعت من فكرة.
لن تموت يا أبا إبراهيم وستبقى الذكرى
يا جرح تفتح يا جرح يا أهلي هاتوا الملح
سلام إليك، سلام عليك، سلام منك إلينا وعلينا
يا جرح تفتح يا جرح يا أهلي هاتوا الملح
سلام إليك، سلام عليك، سلام منك إلينا وعلينا
وكتب / السادس من تشرين 2012
تعليق