هناك من المشايخ والعلماء يبررون أى مواجهة داخلية -داخل المجتمع الإسلام-بأن هذه المواجهة حدثت فى المجتمع المسلم والذى تربى أغلبه على يد رسول الله كما حدث فى فترة خلافة على بن ابى طالب ..فماذا ترد؟..
وعادة يلجأ إلى هذا الأسلوب مَن يحاول توظيف نصوص القرآن والحديث والأحداث التاريخية ليقوم بلي عنقها وتكيفها مع الواقع الذي يمر فيه من يبحث له عن مبرر ومرجعية تاريخية ودينية لفعلته الشنيعة ـ التي يرفضها في قرارة نفسه ـ. وما أكثر من يستخدمون هذا الأسلوب والمنهج في مجتمعنا المعاصر. فمن يريد أن يكسب فعلته وتصرفاه الشنيعة صفة الشرعية يميل إلى التاريخ والشرع. ومن يريد أن يدحض وجهة نظر خصمه يلجأ إلى الدين والتاريخ. وكلا منهما يوظف الدين بما يتماشى مع مصالحه وتطلعاته.
وهنا يحضرني دراسة للدكتور فتحي الشقاقي ـ عليه رحمة الله تعالى ورضي الله عنه ـ حول المقارنة بين صلح الحديبية والهدنة والتوافق والتفاوض مع العدو الصهيوني.
إذ كتب يقول: "يتردد كثيرا في كتابات المنظرين والمحللين السياسيين للتسوية، إن ما يدور اليوم من مفاوضات بين العرب والصهاينة ليس أمرا مستهجنا ومرفوضا بالمطلق، فالرسول صلى الله عليه وسلم اضطر أن يهادن قريش ويوقع اتفاقية سلام معها لدرء خطر أكبر يمكن أن يحدث لو استمرت الحرب مشتعلة بين الطرفين... إن قراءة المسألة بهذا الشكل يتسم بالنظرة الضيقة ورؤية الأمور من زاوية واحدة لا غير، فهناك فرق شايع جدا بين مفاوضات الحديبية... وما يدور من مفاوضات اليوم بين العرب والعدو الصهيوني. فالمفاوضات كانت بالأمس بين الرسول صلى الله عليه وسلم وأهله وعشيرته، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتجنب الحرب مع قومه، وكان يلح دوما أن يخلو بينه وبين قومه... الأمر الثاني أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذهب إلى المفاوضات منكسرا مستسلما لا يملك إلا خيار المفاوضات فقط بل الأحداث تؤكد أن المفاوضات كادت أن تنتهي إلى حرب مؤكدة بين المسلمين وقريش، بعد إشاعة خبر أسر عثمان بن عفان رضي الله عنه في مكة...".هذا مثال واحد لبيان كيفية اجتزاء الأحداث التاريخية من التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية وتوظيفها لما يتماشى مع المصالح والرؤى الضيقة.
تعليق