رد: وقفة مع الذكرى / وفاءَ للشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي
الوحدة من منظور الشقاقي
في سنوات عمره الأخيرة، كان انفتاح الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي على الأفكار والتيارات العربية القومية واليسارية، أكبر من ذي قبل، وكانت نظرته تتطور في اتجاه التوحيد، والالتقاء السياسي، بين هذه التيارات والتيار الإسلامي، ولقد جسدت مساهمات الشقاقي الفكرية والسياسية في العديد من الملتقيات العربية والإسلامية، ذلك بوضوح فلقد كان عضواً مؤسساً في (ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي ـ طرابلس) ـ و(المؤتمر القومي العربي) و(المؤتمر القومي العربي الإسلامي ـ بيروت) و(المؤتمر الشعبي العربي ـ الإسلامي ـ الخرطوم) وكانت له إسهامات إعلامية وفكرية فذة في العديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية : رسالة الالتقاء والتوحيد (أو التنسيق في الحد الأدنى) بين تيارات الأمة وقواها الحية. وفلسطينياً كان دور الشقاقي بارزاً في خلق نقاط التقاء وقواسم مشتركة بين القوى الفلسطينية الوطنية على اختلافها وكان له الدور الرائد في تأسيس (لقاء الفصائل الفلسطينية العشرة المعارضة) وكان لوجوده العامل الأكبر في توحيد كلمتهم تجاه القضايا الرئيسية في مرحلة ما بعد التسوية.
فلسطينياً، يقول الشقاقي: شكلت الانتفاضة مخرجاً حيوياً للمشروع الوطني ككل، ومدخلاً لصياغة وعي سياسي جديد، إذ كانت الانتفاضة مناسبة ملزمة للتيارات الثلاثة لتعيد النظر في مواقفها المسبقة وصورتها عن الآخرين، وفرضت طبيعة المعركة الشعبية المقترحة مع العدو، وبالتداخل الميداني بين الجميع، فرضت عليهم إقامة تحالفات وعلاقات بعيداً عن منهجية التكفير والاستثناء والنفي، واكتشفت الأطراف المختلفة أن نقاط التقاء تجمعها مع بعضها بغض النظر عن انتمائها الأيديولوجي، وأن الإسلامي المناضل أقرب إلى اليساري أو القومي من اليساري والقومي الذي يذهب نحو التسوية والاتفاق مع العدو. وكان إنشاء تحالف الفصائل العشر، ومن ثمة تحالف القوى الفلسطينية، إعلاناً عن بدء مرحلة جديدة في تاريخ العلاقة بين التيارات الثلاثة، ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب، وإنما على الصعيد العربي أيضاً. لقد ضم تحالف القوى الفلسطينية، لأول مرة اتجاهات إسلامية وقومية ووطنية ويسارية.. وكانت لحظة لقاء هذه القوى جميعاً «لحظة إشراقة» في الحركة السياسية الفلسطينية، فقد أبدت الأطراف المختلفة قدراً كبيراً من الرغبة في تجاوز حساسيات الماضي، وفي الإقلاع عن عادة التهيب والتوجس مما يمكن أن يضمره الواحد للآخر.
لقد جسدت الانتفاضة / الثورة وفقاً لما يرصده الشقاقي وحدة الشعب وقواه الفاعلة على الأرض، فرغم الخلافات الفكرية والسياسية بين أطراف عدة إلا أن الجميع وجه جهده وضرباته باتجاه العدو مما نزع فتائل تلك الخلافات ليعطيها حجمها الحقيقي أمام عدو شرس يسعى للقضاء على الجميع. إن مراهنة العدو على شق الصف الفلسطيني في الداخل كانت على الدوام جزءاً أساسياً من مخططاته لإجهاض الانتفاضة / الثورة، فحاول التركيز على بعض الانقسامات والصدامات العابرة بين القوى السياسية الفاعلة خاصة بين بعض الإسلاميين من جهة وقوى وطنية من جهة أخرى، ولكن الشعب المجاهد وقواه السياسية الفاعلة كانت تفوت الفرصة على العدو، فقد التزمت معظم القيادات في النهاية بالإجماع الشعبي عندما رأت تصميم شعبنا على مواصلة انتفاضته بلا تراجع كما استطاعت القوى السياسية وأمام النبع الأخلاقي الهائل للانتفاضة أن تجد حلاً آخر لخلافاتها.
إن هذا الإحساس، وهذا الوعي أعادنا جميعاً إلى نقطة هادئة، مهمة وموضوعية للبدء بعيداً عن صخب التدافع والتصارع، فقد بات مدركاً، اليوم، من كل التيارات الثلاثة مدى الإمكان النضالي لها مجتمعة، ومدى التداخل التاريخي والحضاري بين العروبة والإسلام، فلقد عاشت الأمة ثلاثة عشر قرناً لا تعرف إلا الترادف بين مصطلحي العروبة والإسلام. هي اليوم مهددة في صميم هويتها وفي معنى وجودها
الوحدة من منظور الشقاقي
في سنوات عمره الأخيرة، كان انفتاح الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي على الأفكار والتيارات العربية القومية واليسارية، أكبر من ذي قبل، وكانت نظرته تتطور في اتجاه التوحيد، والالتقاء السياسي، بين هذه التيارات والتيار الإسلامي، ولقد جسدت مساهمات الشقاقي الفكرية والسياسية في العديد من الملتقيات العربية والإسلامية، ذلك بوضوح فلقد كان عضواً مؤسساً في (ملتقى الحوار العربي الثوري الديمقراطي ـ طرابلس) ـ و(المؤتمر القومي العربي) و(المؤتمر القومي العربي الإسلامي ـ بيروت) و(المؤتمر الشعبي العربي ـ الإسلامي ـ الخرطوم) وكانت له إسهامات إعلامية وفكرية فذة في العديد من وسائل الإعلام العربية والأجنبية : رسالة الالتقاء والتوحيد (أو التنسيق في الحد الأدنى) بين تيارات الأمة وقواها الحية. وفلسطينياً كان دور الشقاقي بارزاً في خلق نقاط التقاء وقواسم مشتركة بين القوى الفلسطينية الوطنية على اختلافها وكان له الدور الرائد في تأسيس (لقاء الفصائل الفلسطينية العشرة المعارضة) وكان لوجوده العامل الأكبر في توحيد كلمتهم تجاه القضايا الرئيسية في مرحلة ما بعد التسوية.
فلسطينياً، يقول الشقاقي: شكلت الانتفاضة مخرجاً حيوياً للمشروع الوطني ككل، ومدخلاً لصياغة وعي سياسي جديد، إذ كانت الانتفاضة مناسبة ملزمة للتيارات الثلاثة لتعيد النظر في مواقفها المسبقة وصورتها عن الآخرين، وفرضت طبيعة المعركة الشعبية المقترحة مع العدو، وبالتداخل الميداني بين الجميع، فرضت عليهم إقامة تحالفات وعلاقات بعيداً عن منهجية التكفير والاستثناء والنفي، واكتشفت الأطراف المختلفة أن نقاط التقاء تجمعها مع بعضها بغض النظر عن انتمائها الأيديولوجي، وأن الإسلامي المناضل أقرب إلى اليساري أو القومي من اليساري والقومي الذي يذهب نحو التسوية والاتفاق مع العدو. وكان إنشاء تحالف الفصائل العشر، ومن ثمة تحالف القوى الفلسطينية، إعلاناً عن بدء مرحلة جديدة في تاريخ العلاقة بين التيارات الثلاثة، ليس على الصعيد الفلسطيني فحسب، وإنما على الصعيد العربي أيضاً. لقد ضم تحالف القوى الفلسطينية، لأول مرة اتجاهات إسلامية وقومية ووطنية ويسارية.. وكانت لحظة لقاء هذه القوى جميعاً «لحظة إشراقة» في الحركة السياسية الفلسطينية، فقد أبدت الأطراف المختلفة قدراً كبيراً من الرغبة في تجاوز حساسيات الماضي، وفي الإقلاع عن عادة التهيب والتوجس مما يمكن أن يضمره الواحد للآخر.
لقد جسدت الانتفاضة / الثورة وفقاً لما يرصده الشقاقي وحدة الشعب وقواه الفاعلة على الأرض، فرغم الخلافات الفكرية والسياسية بين أطراف عدة إلا أن الجميع وجه جهده وضرباته باتجاه العدو مما نزع فتائل تلك الخلافات ليعطيها حجمها الحقيقي أمام عدو شرس يسعى للقضاء على الجميع. إن مراهنة العدو على شق الصف الفلسطيني في الداخل كانت على الدوام جزءاً أساسياً من مخططاته لإجهاض الانتفاضة / الثورة، فحاول التركيز على بعض الانقسامات والصدامات العابرة بين القوى السياسية الفاعلة خاصة بين بعض الإسلاميين من جهة وقوى وطنية من جهة أخرى، ولكن الشعب المجاهد وقواه السياسية الفاعلة كانت تفوت الفرصة على العدو، فقد التزمت معظم القيادات في النهاية بالإجماع الشعبي عندما رأت تصميم شعبنا على مواصلة انتفاضته بلا تراجع كما استطاعت القوى السياسية وأمام النبع الأخلاقي الهائل للانتفاضة أن تجد حلاً آخر لخلافاتها.
إن هذا الإحساس، وهذا الوعي أعادنا جميعاً إلى نقطة هادئة، مهمة وموضوعية للبدء بعيداً عن صخب التدافع والتصارع، فقد بات مدركاً، اليوم، من كل التيارات الثلاثة مدى الإمكان النضالي لها مجتمعة، ومدى التداخل التاريخي والحضاري بين العروبة والإسلام، فلقد عاشت الأمة ثلاثة عشر قرناً لا تعرف إلا الترادف بين مصطلحي العروبة والإسلام. هي اليوم مهددة في صميم هويتها وفي معنى وجودها
تعليق