** بالمرصاد **
ما حدث في الأيام القليلة الماضية من قمع للتظاهرات السلمية لا يقبله عقل ولا دين ولا تشريع سماوي أو أرضي, بل يقبله الطغاة الذين يدوسون جماجم الناس وتستباح دمائهم وأعراضهم من أجل البقاء, ربما نتفهم ونستوعب ما جرى لو أن هذه التظاهرات خرجت ضد الحكومة -ومن حقها ذلك- لكن الغريب أنها تحركت من أجل توحيد هذا الوطن الممزق على يد هواة الحكم وعشاق السلطة.
لم تكتف الأجهزة "الحكيمة" بما ارتكبت من جرم بحق التظاهرة التي أقيمت في الكتيبة بل مارست البلطجة ضد أي حراك شعبي يطالب بالوحدة الوطنية ويرفع علم فلسطين الذي لم يعد يمتلك الرمزية التي أحاطت به على مدى سنوات يجمع تحت ضلاله كل أبناء الشعب الذي يحلم بالتحرير والنصر, ثم وصل بهم الحال إلى قلة الأدب وسوء التعامل مع الطالبات رغم كل المسببات لكن نحن نحكم على النتائج, فهذا أمر شنيع لا يمد لأخلاقنا الإسلامية أو الوطنية أو الإنسانية بصلة, وكأن الناس ملك لهذا السلطان يفعل بهم ما يشاء الصبيان!
وبالأمس كانت الكاميرا على موعد مع إنتهاك جديد لتقع ضحية الواقع المستبد, وهذا الأمر مرجعه إلى الخوف من نقل الصورة الحية لما يحدث على الأرض, فكان ما حدث ويحدث ضد الصحافة وجنودها في وضح النهار, وما حدث في ختام المؤتمر الصحفي الذي عقده ناطقي حماس هو خير دليل على عجزهم عن مواجهة الحقيقة والتهرب كالعادة بأعذار لا تنطلي على الناس التي فهمت المعادلة جيداّ.
على الحكومة في غزة أن تراجع حساباتها جيداّ مع الشعب الذي ما زال يكظم غيظه, فاعتبروا من ثورات الشعوب في تونس ومصر وليبيا واليمن والبحرين وغيرها, فالأنظمة لا يمكن أن تصمد أمام الجماهير التي تصرخ من أعماقها فتكسر حاجز الصمت وتزلزل أركان الطواغيت.
ونصيحة للحكومة أن تفتح مراكز تعديل السلوك والتأهيل المجتمعي للعناصر العاملين في الأجهزة الأمنية, ومحاكمة كل المتورطين في الإعتداء على المواطنين في هذه الحادثة أو تلك, أما إن بقيت الأمور على حالها, فقد بدأت الحكومة في غزة بحفر قبرها وحينها لن يصلي عليها أحد.
تعليق