عاجل إلى المسلمين السنة
د. محمد مورو
لماذا أوجه حديثي وندائي إلى المسلمين السنة، هل هذا نوع من الطائفية موجه إلى الشيعة أو الخوارج أو غيرهما من الفرق الموجودة في العالم الإسلامي أو المندثرة؟ أم أنه نوع من الاستقراء الصحيح للتاريخ والجغرافيا ومن ثم الاستشراف الصحيح للمستقبل، وعدم خداع النفس بعناوين غير ذات مضمون؟
الحقيقة هو أنني أتمنى من كل قلبي أن يتوحد كل المسلمين على اختلاف طوائفهم في مواجهة الخطر المحدق بالأمة كل الأمة، ولكن السلوك الطائفي الإيراني والشيعي عمومًا يحول دون ذلك، وإذا كان التاريخ يؤكد أن الإنجازات الكبرى التي تحققت للحضارة الإسلامية كانت على يد دول سنية، وأن العكس كان صحيحًا بالنسبة للدول الشيعية في التاريخ الإسلامي، فإن الواقع المعاصر جاء ليؤكد ذلك؛ حيث قام أغلبية شيعة العراق بخيانة الأمة متعاونين مع الاحتلال الأمريكي، وكذا فإن الجمهورية الإيرانية قدمت المصالح الإيرانية أو الشيعية على مصالح الأمة، حين دعمت الغزو الأمريكي لأفغانستان، وكذا سهلت الغزو الأمريكي للعراق، وهذا لا يمنع طبعًا أن توجد تناقضات بين إيران والغرب وأمريكا. ولعل الموقف الإيراني في أفغانستان والعراق قد أطاح بأي أمل في إمكانية أن يعود الشيعة إلى صفوف الأمة، ويقدموا ما هو استراتيجي على ما هو تكتيكي.
أوجه ندائي إذن إلى المسلمين السنة باعتبارهم الحاضن التاريخي لأهداف وآمال أمة الإسلام، ولأنهم أيضًا يشكلون 90% من عدد المسلمين في العالم (حوالي 1500 مليون من أصل 1700 مليون نسمة)، ولأنهم ليست لديهم عقد طائفية، ومن ثم فإن قيامهم بالواجب التاريخي لا يغلق الباب أمام من يريد العودة إلى صفوف الأمة من الشيعة أو غيرهم.
بداية، فإن علينا تحديد التحديات التي تواجهها الأمة الآن، والتحدي الأكبر والأخطر والأعمق، هو التحدي الاستعماري الصهيوني، وهو جزء من الحرب الصليبية الممتدة في الزمان والمكان منذ بعثة الرسولوحتى اليوم والغد، وهو تحد واضح ومحدد ولا يحتاج إلى تحليل كبير، وإذا قلنا أو اعترفنا بأن الغرب كل الغرب "بقواه الفاعلة والقائدة والمؤثرة "مشارك في هذه المؤامرة، وأن هذا الغرب متفوق علينا تكنولوجيًّا جدًّا، فإن من العبث مثلاً أن نبحث عن القوة التقليدية أو النووية عن طريق هذا الغرب ومساعدته، إننا بذلك نكرس الهزيمة والضياع، لن تنفعنا هنا الحصول على طاقة نووية أو سلاح نووي أو طائرات أو دبابات أو أجهزة حديثة، لدينا سلاح واحد هو الإنسان، والإنسان أقوى من التكنولوجيا، لدينا الحرب الشعبية والفدائية لا أكثر ولا أقل، ومن ثم فإن اللهاث أمام بناء جيوش قوية وترسانة سلاح هائلة لن يجدي؛ لأن الفجوة واسعة، وهذا السلاح مصدره العدو.
إذن يجب دعم حركات المقاومة الإسلامية الشعبية في مواجهة إسرائيل وأمريكا، القوة الوحيدة التي نمتلكها هي حركات التحرر الوطني الشعبية في فلسطين والصومال والعراق وأفغانستان وغيرها، ومهما كانت خلافات الحكومات أو الجماعات مع هذه القوى، فإن الواجب الارتفاع على تلك الخلافات؛ لأنه ليس لدينا بديل آخر، وإذا ما أضعنا هذه الفرصة، فإن الجميع سيضيع الحكومات قبل الشعوب، والأغنياء قبل الفقراء. الخطر الثاني هو الخطر الشيعي، وهذا الخطر خطر تكتيكي وليس استراتيجي، ويجب عدم تقديمه على الخطر الأمريكي "الإسرائيلي"، بل لعل تقديمه على الخطر "الإسرائيلي" الأمريكي يزيده قوة ويفعله، هذا لا يمنع أن يكون هذا الخطر حاليًا شديد الأهمية، وعلينا أن ندرك في مواجهة هذا الخطر عددًا من الملاحظات المهمة:
- أن التمدد الشيعي يحدث عندما ينحاز قطاع من مناهضي المشروع الشيعي إلى أمريكا والغرب أو التقليل من خطورة المشروع الأمريكي الصهيوني، فيبدو الأمر كما لو كان من يناهض المشروع الأمريكي الصهيوني هم إيران والشيعة وحلفاءها، ومن ثم تتكاتف الجماهير العربية والإسلامية مع إيران وحلفائها بدعوى أن تلك هي معسكر الممانعة.
- أن إيران تدعم بالفعل حركات المقاومة في فلسطين، وهذا خلل يجب إصلاحه، فلو أن حركات المقاومة الفلسطينية وجدت الدعم العربي والإسلامي السني لما لجأت إلى الخيار الإيراني، صحيح أن إيران تدعم هذه الحركات للإمساك بالمزيد من الأوراق، ولكن أيًّا كان السبب، فإن غياب الدعم العربي والإسلامي السني لحركات المقاومة الفلسطينية يعطي إيران ميزة إعلامية وسياسية هائلة.
- أن المشروع الشيعي لا يمكن أن ينجح إلا بالتفاهم مع الأمريكان، ولعل إيران تجمع الأوراق من ملف نووي إلى نفوذ في العراق ولبنان وفلسطين في محاولة للحصول على صفقة طيبة مع الأمريكان، صحيح أن التفاهم الأمريكي الإيراني لا يزال بعيد المنال بسبب رفض "إسرائيل" واللوبي الصهيوني في أمريكا لذلك؛ لأن صفقة مثل هذه ستكون طبعًا على حساب قيمة إسرائيل، ولكن إيران تريد هذه الصفقة، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني حاليًا ورئيس هيئة الطاقة النووية الإيرانية سابقًا قال: إننا لا نمانع في التفاهم مع الأمريكان، ولكن المشكلة أنهم يريدون إعطاءنا مصاصة فقط؛ أي أن إيران تريد ثمنًا كبيرًا في الخليج تحديدًا، والمنطقة عمومًا من أجل التفاهم مع الأمريكان.
- يجب أن نفهم أن حرص إيران على الحصول على القوة النووية ليس موجهًا للغرب، فمهما فعلت إيران فإنها لن تحقق توازنًا نوويًّا مع الغرب، وبديهي أنها لن تفكر في استخدام السلاح النووي لأن ذلك شبه مستحيل أولاً، وهو ثانيًا يعني أن تمحوها أمريكا من على خريطة الأرض ثانيًا، ومن ثم فإن السلاح النووي موجه لإخافة دول الخليج أساسًا، كذلك فإن حرص إيران على تقوية جيشها التقليدي، والقيام بمناورات في مضيق هرمز وغيرها من وقت لآخر، ليس لردع الأمريكان عن التفكير في ضرب إيران؛ لأنه مهما كانت قوة الجيش الإيراني أو الحرس الثوري الإيراني، فإن ذلك لا يجدي أمام القوة التقليدية الأمريكية و"الإسرائيلية"، والأوراق الحقيقة التي تمتلكها إيران لمنع أمريكا أو "إسرائيل" من ضربها هي صواريخ "حزب الله" في لبنان، والتحالف مع المقاومة الفلسطينية، وارتهان الجنود الأمريكان في العراق للعمليات ضدهم من ميليشيات الشيعة في العراق، وهكذا فإن قوة الجيش الإيراني موجهة أيضًا إلى دول الخليج.
كيف يمكن مواجهة هذا الخطر؟!
الحقيقة أن دول الخليج لا تفعل الشيء المناسب في هذا الاتجاه؛ فإعادة الاعتبار لقوة التدخل السريع الخليجية، أو الحصول على مزيد من صفقات السلاح الأمريكي أو الغربي لا يحل المشكلة؛ لأن كل ذلك لن يجعلها في قوة الجيش الإيراني، بل هي طريقة فقط لاستنزاف أموال الخليج لصالح مصانع السلاح الغربي، وكذلك فإن الارتماء في أحضان الأمريكان وتجاهل أو الخوف من دعم المقاومة الفلسطينية أو التصدي لـ"إسرائيل" يفيد إيران جدًّا، فهو يجعلها هي القوة المواجهة والممانعة للنفوذ الأمريكي الصهيوني، وبديهي أن هذا يزيد جماهيريتها ويدعم مشروعها، وإذا كان الغرب الصليبي هو العدو التاريخي للأمة، فإن الأمة ستتعاطف مع من يقف ضده ويناهضه مهما كانت درجة الخلاف معه.
وكذلك فإن الحديث عن أن أمن الخليج خط أحمر، هو قول لا يجدي ولا يسمن، فالسياسة هي أوراق وليست تمنيات، وإذا كان نتنياهو يصفع الدول العربية يوميًّا بتصرفاته ثم يصر العرب على المفاوضات معه ويحاصرون غزة ولا يدعمون المقاومة، فإن هذا يحرق الزعامات العربية ويرفع صورة أحمدي نجاد كزعيم يواجه العدو، ومع غياب الدور المصري، بل وقوع مصر في مشكلة مياه النيل التي تلعب أمريكا و"إسرائيل" وإيران في خلفية الصورة في هذا الأمر، فإن العرب لا يمتلكون أي قوة حقيقية أو أوراق لمواجهة التحدي الإيراني!!
سبل مواجهة المشروع الإيراني
هل المسألة وصلت إلى حد تداعي الأكلة إلى قصعتها أم أن هناك أوراقًا يمكن استخدامها قبل فوات الأوان؟!
ولعل من هذه الأوراق:
- يجب دعم المقاومة الفلسطينية فورًا وبلا حدود؛ لأن ذلك واجب شرعي أولاً، ولأن ذلك يمنع إيران من استثمار هذه الورقة لصالحها.
- يجب دعم الصومال ووحدته وإثارة قضية استعادة الأوجادين من أثيوبيا وبونتي من كينيا، ومن ثم تكف هذه الدول عن إثارة المتاعب لمصر في حوض النيل.
على أن الورقة الكبرى في مواجهة المشروع الإيراني هو دعم المقاومة العراقية؛ لأن دعم هذه المقاومة يعطل المشروع الإيراني في العراق، وهو ورقة هائلة لو أمكن استخدامها بطريقة صحيحة، والورقة المساوية لهذا هي طالبان، فيجب دعم طالبان لأن انتصار طالبان يعني بداية نهاية المشروع الشيعي في المنطقة، وإيران تدرك هذا جيدًا.
بقي أن نقول إنه حتى لو كان هناك ملاحظات أو انتقادات أو مخاوف من طالبان أو المقاومة العراقية أو المقاومة الفلسطينية، وأيًّا كان الرأي في هؤلاء، ومهما كانت أخطاؤهم وخطاياهم، فإنهم هم الورقة الوحيدة المتاحة وإلاّ فإن خطر الخضوع للنفوذ الإيراني أو الإيراني والأمريكي معًا أصبح أمرًا ممكنًا جدًّا، بل ماثلاً للعيان.
د. محمد مورو
لماذا أوجه حديثي وندائي إلى المسلمين السنة، هل هذا نوع من الطائفية موجه إلى الشيعة أو الخوارج أو غيرهما من الفرق الموجودة في العالم الإسلامي أو المندثرة؟ أم أنه نوع من الاستقراء الصحيح للتاريخ والجغرافيا ومن ثم الاستشراف الصحيح للمستقبل، وعدم خداع النفس بعناوين غير ذات مضمون؟
الحقيقة هو أنني أتمنى من كل قلبي أن يتوحد كل المسلمين على اختلاف طوائفهم في مواجهة الخطر المحدق بالأمة كل الأمة، ولكن السلوك الطائفي الإيراني والشيعي عمومًا يحول دون ذلك، وإذا كان التاريخ يؤكد أن الإنجازات الكبرى التي تحققت للحضارة الإسلامية كانت على يد دول سنية، وأن العكس كان صحيحًا بالنسبة للدول الشيعية في التاريخ الإسلامي، فإن الواقع المعاصر جاء ليؤكد ذلك؛ حيث قام أغلبية شيعة العراق بخيانة الأمة متعاونين مع الاحتلال الأمريكي، وكذا فإن الجمهورية الإيرانية قدمت المصالح الإيرانية أو الشيعية على مصالح الأمة، حين دعمت الغزو الأمريكي لأفغانستان، وكذا سهلت الغزو الأمريكي للعراق، وهذا لا يمنع طبعًا أن توجد تناقضات بين إيران والغرب وأمريكا. ولعل الموقف الإيراني في أفغانستان والعراق قد أطاح بأي أمل في إمكانية أن يعود الشيعة إلى صفوف الأمة، ويقدموا ما هو استراتيجي على ما هو تكتيكي.
أوجه ندائي إذن إلى المسلمين السنة باعتبارهم الحاضن التاريخي لأهداف وآمال أمة الإسلام، ولأنهم أيضًا يشكلون 90% من عدد المسلمين في العالم (حوالي 1500 مليون من أصل 1700 مليون نسمة)، ولأنهم ليست لديهم عقد طائفية، ومن ثم فإن قيامهم بالواجب التاريخي لا يغلق الباب أمام من يريد العودة إلى صفوف الأمة من الشيعة أو غيرهم.
بداية، فإن علينا تحديد التحديات التي تواجهها الأمة الآن، والتحدي الأكبر والأخطر والأعمق، هو التحدي الاستعماري الصهيوني، وهو جزء من الحرب الصليبية الممتدة في الزمان والمكان منذ بعثة الرسولوحتى اليوم والغد، وهو تحد واضح ومحدد ولا يحتاج إلى تحليل كبير، وإذا قلنا أو اعترفنا بأن الغرب كل الغرب "بقواه الفاعلة والقائدة والمؤثرة "مشارك في هذه المؤامرة، وأن هذا الغرب متفوق علينا تكنولوجيًّا جدًّا، فإن من العبث مثلاً أن نبحث عن القوة التقليدية أو النووية عن طريق هذا الغرب ومساعدته، إننا بذلك نكرس الهزيمة والضياع، لن تنفعنا هنا الحصول على طاقة نووية أو سلاح نووي أو طائرات أو دبابات أو أجهزة حديثة، لدينا سلاح واحد هو الإنسان، والإنسان أقوى من التكنولوجيا، لدينا الحرب الشعبية والفدائية لا أكثر ولا أقل، ومن ثم فإن اللهاث أمام بناء جيوش قوية وترسانة سلاح هائلة لن يجدي؛ لأن الفجوة واسعة، وهذا السلاح مصدره العدو.
إذن يجب دعم حركات المقاومة الإسلامية الشعبية في مواجهة إسرائيل وأمريكا، القوة الوحيدة التي نمتلكها هي حركات التحرر الوطني الشعبية في فلسطين والصومال والعراق وأفغانستان وغيرها، ومهما كانت خلافات الحكومات أو الجماعات مع هذه القوى، فإن الواجب الارتفاع على تلك الخلافات؛ لأنه ليس لدينا بديل آخر، وإذا ما أضعنا هذه الفرصة، فإن الجميع سيضيع الحكومات قبل الشعوب، والأغنياء قبل الفقراء. الخطر الثاني هو الخطر الشيعي، وهذا الخطر خطر تكتيكي وليس استراتيجي، ويجب عدم تقديمه على الخطر الأمريكي "الإسرائيلي"، بل لعل تقديمه على الخطر "الإسرائيلي" الأمريكي يزيده قوة ويفعله، هذا لا يمنع أن يكون هذا الخطر حاليًا شديد الأهمية، وعلينا أن ندرك في مواجهة هذا الخطر عددًا من الملاحظات المهمة:
- أن التمدد الشيعي يحدث عندما ينحاز قطاع من مناهضي المشروع الشيعي إلى أمريكا والغرب أو التقليل من خطورة المشروع الأمريكي الصهيوني، فيبدو الأمر كما لو كان من يناهض المشروع الأمريكي الصهيوني هم إيران والشيعة وحلفاءها، ومن ثم تتكاتف الجماهير العربية والإسلامية مع إيران وحلفائها بدعوى أن تلك هي معسكر الممانعة.
- أن إيران تدعم بالفعل حركات المقاومة في فلسطين، وهذا خلل يجب إصلاحه، فلو أن حركات المقاومة الفلسطينية وجدت الدعم العربي والإسلامي السني لما لجأت إلى الخيار الإيراني، صحيح أن إيران تدعم هذه الحركات للإمساك بالمزيد من الأوراق، ولكن أيًّا كان السبب، فإن غياب الدعم العربي والإسلامي السني لحركات المقاومة الفلسطينية يعطي إيران ميزة إعلامية وسياسية هائلة.
- أن المشروع الشيعي لا يمكن أن ينجح إلا بالتفاهم مع الأمريكان، ولعل إيران تجمع الأوراق من ملف نووي إلى نفوذ في العراق ولبنان وفلسطين في محاولة للحصول على صفقة طيبة مع الأمريكان، صحيح أن التفاهم الأمريكي الإيراني لا يزال بعيد المنال بسبب رفض "إسرائيل" واللوبي الصهيوني في أمريكا لذلك؛ لأن صفقة مثل هذه ستكون طبعًا على حساب قيمة إسرائيل، ولكن إيران تريد هذه الصفقة، وعلي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني حاليًا ورئيس هيئة الطاقة النووية الإيرانية سابقًا قال: إننا لا نمانع في التفاهم مع الأمريكان، ولكن المشكلة أنهم يريدون إعطاءنا مصاصة فقط؛ أي أن إيران تريد ثمنًا كبيرًا في الخليج تحديدًا، والمنطقة عمومًا من أجل التفاهم مع الأمريكان.
- يجب أن نفهم أن حرص إيران على الحصول على القوة النووية ليس موجهًا للغرب، فمهما فعلت إيران فإنها لن تحقق توازنًا نوويًّا مع الغرب، وبديهي أنها لن تفكر في استخدام السلاح النووي لأن ذلك شبه مستحيل أولاً، وهو ثانيًا يعني أن تمحوها أمريكا من على خريطة الأرض ثانيًا، ومن ثم فإن السلاح النووي موجه لإخافة دول الخليج أساسًا، كذلك فإن حرص إيران على تقوية جيشها التقليدي، والقيام بمناورات في مضيق هرمز وغيرها من وقت لآخر، ليس لردع الأمريكان عن التفكير في ضرب إيران؛ لأنه مهما كانت قوة الجيش الإيراني أو الحرس الثوري الإيراني، فإن ذلك لا يجدي أمام القوة التقليدية الأمريكية و"الإسرائيلية"، والأوراق الحقيقة التي تمتلكها إيران لمنع أمريكا أو "إسرائيل" من ضربها هي صواريخ "حزب الله" في لبنان، والتحالف مع المقاومة الفلسطينية، وارتهان الجنود الأمريكان في العراق للعمليات ضدهم من ميليشيات الشيعة في العراق، وهكذا فإن قوة الجيش الإيراني موجهة أيضًا إلى دول الخليج.
كيف يمكن مواجهة هذا الخطر؟!
الحقيقة أن دول الخليج لا تفعل الشيء المناسب في هذا الاتجاه؛ فإعادة الاعتبار لقوة التدخل السريع الخليجية، أو الحصول على مزيد من صفقات السلاح الأمريكي أو الغربي لا يحل المشكلة؛ لأن كل ذلك لن يجعلها في قوة الجيش الإيراني، بل هي طريقة فقط لاستنزاف أموال الخليج لصالح مصانع السلاح الغربي، وكذلك فإن الارتماء في أحضان الأمريكان وتجاهل أو الخوف من دعم المقاومة الفلسطينية أو التصدي لـ"إسرائيل" يفيد إيران جدًّا، فهو يجعلها هي القوة المواجهة والممانعة للنفوذ الأمريكي الصهيوني، وبديهي أن هذا يزيد جماهيريتها ويدعم مشروعها، وإذا كان الغرب الصليبي هو العدو التاريخي للأمة، فإن الأمة ستتعاطف مع من يقف ضده ويناهضه مهما كانت درجة الخلاف معه.
وكذلك فإن الحديث عن أن أمن الخليج خط أحمر، هو قول لا يجدي ولا يسمن، فالسياسة هي أوراق وليست تمنيات، وإذا كان نتنياهو يصفع الدول العربية يوميًّا بتصرفاته ثم يصر العرب على المفاوضات معه ويحاصرون غزة ولا يدعمون المقاومة، فإن هذا يحرق الزعامات العربية ويرفع صورة أحمدي نجاد كزعيم يواجه العدو، ومع غياب الدور المصري، بل وقوع مصر في مشكلة مياه النيل التي تلعب أمريكا و"إسرائيل" وإيران في خلفية الصورة في هذا الأمر، فإن العرب لا يمتلكون أي قوة حقيقية أو أوراق لمواجهة التحدي الإيراني!!
سبل مواجهة المشروع الإيراني
هل المسألة وصلت إلى حد تداعي الأكلة إلى قصعتها أم أن هناك أوراقًا يمكن استخدامها قبل فوات الأوان؟!
ولعل من هذه الأوراق:
- يجب دعم المقاومة الفلسطينية فورًا وبلا حدود؛ لأن ذلك واجب شرعي أولاً، ولأن ذلك يمنع إيران من استثمار هذه الورقة لصالحها.
- يجب دعم الصومال ووحدته وإثارة قضية استعادة الأوجادين من أثيوبيا وبونتي من كينيا، ومن ثم تكف هذه الدول عن إثارة المتاعب لمصر في حوض النيل.
على أن الورقة الكبرى في مواجهة المشروع الإيراني هو دعم المقاومة العراقية؛ لأن دعم هذه المقاومة يعطل المشروع الإيراني في العراق، وهو ورقة هائلة لو أمكن استخدامها بطريقة صحيحة، والورقة المساوية لهذا هي طالبان، فيجب دعم طالبان لأن انتصار طالبان يعني بداية نهاية المشروع الشيعي في المنطقة، وإيران تدرك هذا جيدًا.
بقي أن نقول إنه حتى لو كان هناك ملاحظات أو انتقادات أو مخاوف من طالبان أو المقاومة العراقية أو المقاومة الفلسطينية، وأيًّا كان الرأي في هؤلاء، ومهما كانت أخطاؤهم وخطاياهم، فإنهم هم الورقة الوحيدة المتاحة وإلاّ فإن خطر الخضوع للنفوذ الإيراني أو الإيراني والأمريكي معًا أصبح أمرًا ممكنًا جدًّا، بل ماثلاً للعيان.
تعليق