فيتامين (واو).. التزكية
أ. خالد سيف الدين
سأدخل في الموضوع مباشرة دون أية مقدمات..
بات من المسلم به أن مجتمعات العالم الثالث بما فيها المجتمعات العربية والإسلامية، ومنها (المجتمع الفلسطيني). تعاني وتشتكي من حالات الفساد الإداري والمالي، والواسطة "فيتامين واو"، والمحسوبية، والرشوة. التي بها تضيع حقوق العوام من الناس (الضعفاء) الذين لا حول لهم ولا قوة إلا بالله تعالى، في حين يستفيد من المزايا المشار لها آنفا، أصحاب النفوذ سواء النفوذ: (العسكري، الاقتصادي، السياسي)، أما البقية ليس لهم إلا التحوقل والحسبنة، ومن له واسطة، أو له سند (ظهر) قوي بإمكانه أن يحصل على حقوقه!!، ومن ليس له (واسطة) فلينتظر طوابير (التوظيف، القضاء/ المحاكم، التعليم، الصحة/ العلاج في الخارج...إلخ).
منذ قدوم "سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية" في العام 1994م، وأقامت المؤسسات المدنية والعسكرية، وكان من الصفات المرافقة والملازمة لها (الرشوة والمحسوبية) ومع مرور السنوات، غرقت كافة مؤسسات سلطة الحكم الذاتي بالفساد الإداري والمالي، ووصلت إلى الحد الذي لا يطاق ولم يعد يحتمله أحد. بل أن أناساً من الحزب الحاكم (فتح)، ضجروا وأخذوا يطالبون بالتخلص من الفساد والمفسدين وتعرضهم للمسائلة والمحاكمة، إلا أن هؤلاء المفسدين بحكم نفوذهم في المجتمع (السلطة)، كانوا يتمتعون بالحماية والحصانة ممن هم في قمة الهرم السياسي في السلطة، ومن كان ينادي بمحاسبة المفسدين لم يكن له من الود والحب جانب، لذلك أراد أن يوجه الأنظار عليهم. بمعنى ليس حبا ولا خوفا في الجماهير والوطن.
على إثر هذا الفساد جاءت حركة حماس، وفي انتخابات 2006، ورفعت شعارها (التغيير والإصلاح)، وهدفه الأول والأوحد: التخلص من الفساد والمفسدين. وقدر الله فوز هذه الحركة الربانية بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي، أي أنها أصبحت لديها القدرة على التشريع وتمرير القوانين التي تحارب الفساد والمفسدين، ومساءلة كل من تاجر بحقوق هذه الجماهير، إلا أنه لم يحصل أيا من هذا. قد يتذرع أحدهم أن الظروف لم تكن مواتية، هذا هراء كان أمام حماس سنة تستطيع اتخاذ القوانين والتشريعات الكافة.
ما أود الإشارة إليه، الشعار الذي رفعته حماس، ومن خلاله حصدت أصوات الناخبين الفلسطينيين، لم تعمل به على الإطلاق. بل أنها مارست نفس سلبيات وسيئات (الحكم الفتحاوي) من حيث (الرشاوى والمحسوبية والواسطة) إلا أنه باستخدام مصطلحات شرعية مثل (التزكية). في عهد فتح لابد تأتي (الموافقة والقبول) للعمل في المؤسسات الحكومية من قبل (الوقائي)، أما عند الحمساويين لابد من الحصول على الموافقة من (الدعوية)!!
إذن شعار الإصلاح والتغيير باطل وكاذب، وهو شعار أكثر منه ممارسة على الأرض، لأنه صور المحسوبية والواسطة منتشرة بشكل يثير الاشمئزاز والتقزز في النفس، وهذا يستطيع أن يلمسه أصغر فرد في المجتمع، ولا يحتاج إلى كبير جهد وعناء حتى تلمس هذا الأمر، وأعقد أن لديكم من الشواهد والأدلة أكثر مما أعرف.
خلاصة القول: الفساد الإداري والمالي والمحسوبية موجودة عند العهدين (السابق والحالي)، لكن بمسميات مختلفة، الأول واسطة، والثاني تزكية!!
تعليق