بيـــــن قرنيــــــن
(1)
ان الاحداث الجسام في حياة الامم لا تأتي فجأة ، بل تتابع مقدماتها ومؤشراتها تباعا وتستفيض الرؤى لتتحدث عن المتغير وتحكي حكايته وتستفيض ، ولذا فأن النقاشات التي تتهم العوامل الموضوعية بأغفال الحقائق تنم اصلا عن سوء النوايا ، ان لم يكن اكثر ، والمتغيرات في سياقها تراكما نوعيا كان ام كميا ، حيث يؤدي في سياقه الى التغيير ، ومهما كانت النتائج ايجابية او سلبية فنحن مسؤولون اولا وأخيرا ، من باب الفعل او العجز وكلاهما يمتلك اداة استشعاره ، بدأنا من هنا كي لا نبريء انفسنا قبل اتهام غيرنا ، فأسهل السهل ان نلقي بالتبعات على الغير او الظروف او الاخطاء الموضوعية الظرفية ونخرج من المسؤولية بما يلزمنا من تحايل واستخفاف اولا بعقولنا قبل عقول غيرنا ، وأن حانت لحظة المواجهة مع الحقيقة ترتسم على وجوهنا انطباعات الاعتذار التي لا تسمن ولا تغني من وقوع الحدث بل تصبح التبريرات اكثر اثما وأشد بلاء .
في مطلع القرن الماضي تهافت الاكلة على القصعة ، واشتد التناتش وتصارعت صيغ التقاسم ، ونحن في حل من الاحداث والتخطيط لها فيما نحن نحمل كامل تبعاتها ووزر نتاجها !! انهارت الامبراطورية العثمانية او ما سمي زورا بالخلافة الاسلامية ، ولأن نتاج هذا الانهيار هو في جزء كبير منه هو ما نحصده اليوم ، فأن خياراتنا حينها لم تكن بأسوأ مما هي عليه اليوم ، اتجاه خاطيء لخيار خاطيء ومنطق التبرير يسهم بكل الود والمحبة ويتحدث بأسم الاسلام حينا وبأسم القومية حينا اخر .وتشتعل القلوب والعقول بالترهات ويستوي الاعمى والبصير ، ويضرب الحكم العسكري الكولونيالي جذوره في امتنا ارضا وأوطانا وشعوبا وأحزابا وقادة ، وأي وطن تجرأ ووصل الى ما يسمى بألاستقلال ، ضربته جذور الانقلابات كوباء محموم ساد هرجا ومرجا واصبح هدفا للكثيرين من الطامعين بالسلطة ، ومن لم تسعفه الظروف فقد الف له سيمفونية يحكي حكايتها الاجداد في سير التاريخ ، فمنهم من الف له تاريخا اسلاميا فبات منسوبا لآل البيت ، ومنهم من استعصى عليه النسب فأصبح من المطالبين بالحداثة والتغيير ، ومنهم من استهوته افكار المحتلين فعمل على توثيقها كقيم حضارية اوجد ارثها في سياق التاريخ القومي وأثار بها عاصفة قومية ، وفتح بها فك القرش المفترس ليبتلع القاسي قبل الطري من حقوق شعبه ، ولم يعجز احد عن استنباط الرايات صحيحة في شكلها ام مقلوبة ، والويل كل الويل لمن امتلك اعتراضا او تجرأ على النقاش فالاتهامات جاهزة ولا ينقصها الا تعبئة الاسماء ، وتمتليء السجون بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ؟؟
لسنا بصدد درس في التاريخ الذي يتعمد الكثيرين اضاعة الحقائق فيه بل مقدمة لمن يستهدف القول ان التاريخ مزيف ، وهو كذلك ولكن من حيث رؤية من وضوعوه وكتبوه تبعا لاهوائهم لا حيث الرؤيا الثابتة لمسار الاحداث وتصاعدها التراكمي !!! لذا فأن الحديث عن تآمر خارجي استهدف تجزئة الامة وشعوبها وأحداث وجود الكيان الصهيوني فيها هو نصف الحقيقة فالتأمر الداخلي تحت مسميات مختلفة كان اكبر بنتاجه من الاستهداف الخارجي الذي لم يكن لينجح ويستمر لولا تنامي الاستهداف الداخلي وتطوعه ليكون اكثر ايلاما من غيره في دفع الوعي والفكر ومسار الاحداث الى حيث يسهل قطاف ثمارها والفرح يعلوا الوجوه الحزينة وتمتليء القلوب بالبشرى على امل الخلاص فتحول الكثيرون منا الى سكاكين تقطع قالب الحلوى وشوكة تنغرس في صدور التاريخ والجغرافيا لتحيلها لقمة سائغة على مائدة اللئام ، وفيما يرى البعض وهم كثر ان اتفاقية سايكس _ بيكو هي الاساس الذي بني عليه مصير امتنا خلال القرن الماضي !!! فأني وعبر قراءة متأنية لمراسلات حسين _ مكماهون احمل الاول اثم هذا التاريخ ونتاج تقلباته حتى اليوم واحمل ما سمي بالثورة العربية الكبرى التي احالت الامة بشعوبها الى ثور مقيد يسهل ذبحه ويكفي كل الطامعين على المأدبة للاكل حتى الاشباع وما يبقى من الفتات فهو اكثر من كاف لتأكله الضباع الوطنية جيفة كانت ام بقايا امة !!!
استشعر الحاضر كالماضي والتاريخ يعيد نفسه مع اضافة هنا وتلميع هناك لمعة حضارية هنا وبرق علمي هناك وأرث متخلف هنا وتقدم تكنولوجي هناك فيما يعاد صياغة مستقبلنا لقرن جديد ويطنب الكثيرون قولا اننا لا ندري ما يخطط لنا وكأن القدر ارسى دعائمه فلا مناص من التكيف مع حقائقه ونحن منه كالوديعة يستردها اصحابها او المهيمنون عليها ساعة يشاؤون ، فهل الامر كذلك ؟؟؟؟؟
ايضا وايضا ليس درسا في التاريخ بل عودة الى لمحة تذكيرية قد تفيد اصحاب الرؤى الرمادية المستفيضة اقلامها وحكامها ومفكروها ببعث الحقيقة عارية لا تحتمل التلوين فلون العري لا يقبل المساومات والرمادية لا تستر عيبا مهما تراقصت الفرشاة وازدانت الوانها ، والى المبشرين القابعين خلف الايات والمستحكمين حول الاحاديث الصحيحة لماذا قام اقرانكم بالاتفاق مع الغرب الشاذ دينيا وأخلاقيا للقضاء على الحكم العثماني الذي ما ان ننتقده حتى تشرعون بالدفاع عنه بأعتباره دولة الخلافة الرائعة ، فلماذا نقضتم عهد الخلافة واسلمتم قياد الامة الى آكليها ، وأن كانت لم تكن خلافة !!! فلماذا تتهربون من نقد فلسفتهم التي ما زالت موبقاتها المسمات دينية تتحكم بمصائرنا ، ان كانت خلافة ام لا فلماذا لم تلجأوا الى شعوبكم لتحويل المسار بدل تسليم مفاتيح الجنة الى من اورثوها جورج بوش ، فأمتلك عبر انسياقكم هاتف السماء فكلمه صوت الحق في منامه ان اخرج عليهم وطهرهم من دنسهم فخرج على امة العرب والمسلمين بخيله ورجله في فلسطين وافغانستان والعراق ولبنان والحبل على غاربه لا يمنعه الا سوء وضعه وقلة قليلة امنت بالله ووعده !!! وهنا اسألكم وأسأل نفسي هل من اختلاف بين سايكس _ بيكو ، وبين بوش _ بلير وأن كانت اولى تداعيات القرن الماضي زرع الكيان الصهيوني كفتنة ، افليس استيلاد انظمة متصارعة عرقية او مذهبية او اثنية في العراق وما حولها اعادة انتاج الاتفاق السيء الصيت بين حسين _ مكماهون ، فكم من ( اسرائيل ) جديدة يمكن لامتنا ان تحتمل بعد ؟؟؟؟ وأن كانت بداية الانهيار _ المنتصر افضى الى انهاء الخلافة العثمانية ، الا يحق للناظر ان يرتقب ولادة خلافة جديدة اكثر سوءا واقل ايمانا من سابقتها ؟؟؟ فمن هو الحسين اليوم !!! وهل اصبح مكماهون اكثر وداعة ، هل التداعيات التي نعيش تحتاج الى الكثير من التأويل والتمحيص لتبيان افاقها واستنتاج اهدافها !!! هل المسؤولية على الحكام تبريء الحكماء !!! وهل ان تواطؤ الحكام والحكماء مدعاة لنهوض الشعوب ام لاستمرار غفوتها بعد الكبوة ، وتسيلم قيادها لناحرها !!! هل لم يعد في الامة من يقرأ كتاب الله كما انزل ، وهل تبدلت سنة الله في خلقه ام ان الخلق ناموا عن الذكر فأعياهم ما اعيا امما سبقت ؟؟؟ هل الاستهدافات تحتاجنا لقراءتها ام لتنفيذ شطرنا من نتاجها ام لاحداث التغيير الذي نصبو اليه وتتطلع اليه اجيالنا التي ما تعلمت كيف تحلم او كيف تتلو صلاتها ؟؟؟؟ سنحاول ان نجيب في اللاحق ان شاء الله وأن بقي من الوقت متسع لنكمل !!!! ( يتبــــع)
(1)
ان الاحداث الجسام في حياة الامم لا تأتي فجأة ، بل تتابع مقدماتها ومؤشراتها تباعا وتستفيض الرؤى لتتحدث عن المتغير وتحكي حكايته وتستفيض ، ولذا فأن النقاشات التي تتهم العوامل الموضوعية بأغفال الحقائق تنم اصلا عن سوء النوايا ، ان لم يكن اكثر ، والمتغيرات في سياقها تراكما نوعيا كان ام كميا ، حيث يؤدي في سياقه الى التغيير ، ومهما كانت النتائج ايجابية او سلبية فنحن مسؤولون اولا وأخيرا ، من باب الفعل او العجز وكلاهما يمتلك اداة استشعاره ، بدأنا من هنا كي لا نبريء انفسنا قبل اتهام غيرنا ، فأسهل السهل ان نلقي بالتبعات على الغير او الظروف او الاخطاء الموضوعية الظرفية ونخرج من المسؤولية بما يلزمنا من تحايل واستخفاف اولا بعقولنا قبل عقول غيرنا ، وأن حانت لحظة المواجهة مع الحقيقة ترتسم على وجوهنا انطباعات الاعتذار التي لا تسمن ولا تغني من وقوع الحدث بل تصبح التبريرات اكثر اثما وأشد بلاء .
في مطلع القرن الماضي تهافت الاكلة على القصعة ، واشتد التناتش وتصارعت صيغ التقاسم ، ونحن في حل من الاحداث والتخطيط لها فيما نحن نحمل كامل تبعاتها ووزر نتاجها !! انهارت الامبراطورية العثمانية او ما سمي زورا بالخلافة الاسلامية ، ولأن نتاج هذا الانهيار هو في جزء كبير منه هو ما نحصده اليوم ، فأن خياراتنا حينها لم تكن بأسوأ مما هي عليه اليوم ، اتجاه خاطيء لخيار خاطيء ومنطق التبرير يسهم بكل الود والمحبة ويتحدث بأسم الاسلام حينا وبأسم القومية حينا اخر .وتشتعل القلوب والعقول بالترهات ويستوي الاعمى والبصير ، ويضرب الحكم العسكري الكولونيالي جذوره في امتنا ارضا وأوطانا وشعوبا وأحزابا وقادة ، وأي وطن تجرأ ووصل الى ما يسمى بألاستقلال ، ضربته جذور الانقلابات كوباء محموم ساد هرجا ومرجا واصبح هدفا للكثيرين من الطامعين بالسلطة ، ومن لم تسعفه الظروف فقد الف له سيمفونية يحكي حكايتها الاجداد في سير التاريخ ، فمنهم من الف له تاريخا اسلاميا فبات منسوبا لآل البيت ، ومنهم من استعصى عليه النسب فأصبح من المطالبين بالحداثة والتغيير ، ومنهم من استهوته افكار المحتلين فعمل على توثيقها كقيم حضارية اوجد ارثها في سياق التاريخ القومي وأثار بها عاصفة قومية ، وفتح بها فك القرش المفترس ليبتلع القاسي قبل الطري من حقوق شعبه ، ولم يعجز احد عن استنباط الرايات صحيحة في شكلها ام مقلوبة ، والويل كل الويل لمن امتلك اعتراضا او تجرأ على النقاش فالاتهامات جاهزة ولا ينقصها الا تعبئة الاسماء ، وتمتليء السجون بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ؟؟
لسنا بصدد درس في التاريخ الذي يتعمد الكثيرين اضاعة الحقائق فيه بل مقدمة لمن يستهدف القول ان التاريخ مزيف ، وهو كذلك ولكن من حيث رؤية من وضوعوه وكتبوه تبعا لاهوائهم لا حيث الرؤيا الثابتة لمسار الاحداث وتصاعدها التراكمي !!! لذا فأن الحديث عن تآمر خارجي استهدف تجزئة الامة وشعوبها وأحداث وجود الكيان الصهيوني فيها هو نصف الحقيقة فالتأمر الداخلي تحت مسميات مختلفة كان اكبر بنتاجه من الاستهداف الخارجي الذي لم يكن لينجح ويستمر لولا تنامي الاستهداف الداخلي وتطوعه ليكون اكثر ايلاما من غيره في دفع الوعي والفكر ومسار الاحداث الى حيث يسهل قطاف ثمارها والفرح يعلوا الوجوه الحزينة وتمتليء القلوب بالبشرى على امل الخلاص فتحول الكثيرون منا الى سكاكين تقطع قالب الحلوى وشوكة تنغرس في صدور التاريخ والجغرافيا لتحيلها لقمة سائغة على مائدة اللئام ، وفيما يرى البعض وهم كثر ان اتفاقية سايكس _ بيكو هي الاساس الذي بني عليه مصير امتنا خلال القرن الماضي !!! فأني وعبر قراءة متأنية لمراسلات حسين _ مكماهون احمل الاول اثم هذا التاريخ ونتاج تقلباته حتى اليوم واحمل ما سمي بالثورة العربية الكبرى التي احالت الامة بشعوبها الى ثور مقيد يسهل ذبحه ويكفي كل الطامعين على المأدبة للاكل حتى الاشباع وما يبقى من الفتات فهو اكثر من كاف لتأكله الضباع الوطنية جيفة كانت ام بقايا امة !!!
استشعر الحاضر كالماضي والتاريخ يعيد نفسه مع اضافة هنا وتلميع هناك لمعة حضارية هنا وبرق علمي هناك وأرث متخلف هنا وتقدم تكنولوجي هناك فيما يعاد صياغة مستقبلنا لقرن جديد ويطنب الكثيرون قولا اننا لا ندري ما يخطط لنا وكأن القدر ارسى دعائمه فلا مناص من التكيف مع حقائقه ونحن منه كالوديعة يستردها اصحابها او المهيمنون عليها ساعة يشاؤون ، فهل الامر كذلك ؟؟؟؟؟
ايضا وايضا ليس درسا في التاريخ بل عودة الى لمحة تذكيرية قد تفيد اصحاب الرؤى الرمادية المستفيضة اقلامها وحكامها ومفكروها ببعث الحقيقة عارية لا تحتمل التلوين فلون العري لا يقبل المساومات والرمادية لا تستر عيبا مهما تراقصت الفرشاة وازدانت الوانها ، والى المبشرين القابعين خلف الايات والمستحكمين حول الاحاديث الصحيحة لماذا قام اقرانكم بالاتفاق مع الغرب الشاذ دينيا وأخلاقيا للقضاء على الحكم العثماني الذي ما ان ننتقده حتى تشرعون بالدفاع عنه بأعتباره دولة الخلافة الرائعة ، فلماذا نقضتم عهد الخلافة واسلمتم قياد الامة الى آكليها ، وأن كانت لم تكن خلافة !!! فلماذا تتهربون من نقد فلسفتهم التي ما زالت موبقاتها المسمات دينية تتحكم بمصائرنا ، ان كانت خلافة ام لا فلماذا لم تلجأوا الى شعوبكم لتحويل المسار بدل تسليم مفاتيح الجنة الى من اورثوها جورج بوش ، فأمتلك عبر انسياقكم هاتف السماء فكلمه صوت الحق في منامه ان اخرج عليهم وطهرهم من دنسهم فخرج على امة العرب والمسلمين بخيله ورجله في فلسطين وافغانستان والعراق ولبنان والحبل على غاربه لا يمنعه الا سوء وضعه وقلة قليلة امنت بالله ووعده !!! وهنا اسألكم وأسأل نفسي هل من اختلاف بين سايكس _ بيكو ، وبين بوش _ بلير وأن كانت اولى تداعيات القرن الماضي زرع الكيان الصهيوني كفتنة ، افليس استيلاد انظمة متصارعة عرقية او مذهبية او اثنية في العراق وما حولها اعادة انتاج الاتفاق السيء الصيت بين حسين _ مكماهون ، فكم من ( اسرائيل ) جديدة يمكن لامتنا ان تحتمل بعد ؟؟؟؟ وأن كانت بداية الانهيار _ المنتصر افضى الى انهاء الخلافة العثمانية ، الا يحق للناظر ان يرتقب ولادة خلافة جديدة اكثر سوءا واقل ايمانا من سابقتها ؟؟؟ فمن هو الحسين اليوم !!! وهل اصبح مكماهون اكثر وداعة ، هل التداعيات التي نعيش تحتاج الى الكثير من التأويل والتمحيص لتبيان افاقها واستنتاج اهدافها !!! هل المسؤولية على الحكام تبريء الحكماء !!! وهل ان تواطؤ الحكام والحكماء مدعاة لنهوض الشعوب ام لاستمرار غفوتها بعد الكبوة ، وتسيلم قيادها لناحرها !!! هل لم يعد في الامة من يقرأ كتاب الله كما انزل ، وهل تبدلت سنة الله في خلقه ام ان الخلق ناموا عن الذكر فأعياهم ما اعيا امما سبقت ؟؟؟ هل الاستهدافات تحتاجنا لقراءتها ام لتنفيذ شطرنا من نتاجها ام لاحداث التغيير الذي نصبو اليه وتتطلع اليه اجيالنا التي ما تعلمت كيف تحلم او كيف تتلو صلاتها ؟؟؟؟ سنحاول ان نجيب في اللاحق ان شاء الله وأن بقي من الوقت متسع لنكمل !!!! ( يتبــــع)
تعليق