البكاء والعويل على استشهاده لم يكن موقفا عابراً. فالفراغ الذي تركه كبير.. قد بدأ مشواره النضالي معتمدا على الرجوع لتعاليم الإسلام مارا بمقتضيات العصر، أراد أن يؤسس أجيالا واعية وحاملة لهمها بالموازاة مع العمل التنظيمي الذي قاده في حركة الجهاد الإسلامي.. الشهيد هاني عابد مؤسس صحيفة الاستقلال وضع لنفسه نهجا سار عليه من خلفه ومع اقتراب ذكرى استشهاده الثالثة عشرة نلقي الضوء على أبرز سماته وأعماله:-
نبع من الحب..
"أجمل سنين عمري بحلوها ومرها قضيتها معه... تعلمت فيها الكثير الكثير... وفعلت ما لم أتخيل بأية لحظة بأنني من الممكن أن أفعله أو أتقبله..", بهذه العبارات البسيطة الحاملة لأروع ما يمكن وصفه من احترام وحب بين زوجين استهلت أم معاذ زوجة الشهيد حديثها معنا لتبحر في بحاره وكأنها لا تريد التوقف للحظة، فالقلب يفيض تقديرا وتعظيما لأبي الأبناء الخمسة ولاء ومعاذ ومحمود وأفنان وقسم التي حرم والدها من رؤيتها لولادتها بعيد استشهاده.
و قالت بابتسامة شاردة إلى ما قبل 13 عاما :"لا أدري كيف أصفه لا أجد عبارات تستطيع إيفاءه قدره", متحدثة عن مدى حنانه وعطفه وإيمانه بقضيته ومقاومة الاحتلال, وعن عمله المتواصل على مدار الـ24 ساعة ، حيث كان يقضي جل وقته في تأدية واجبه سواء على الصعيد العلمي بعد إتمامه لرسالة الماجستير والتحاقه في التدريس في كلية العلوم والتكنولوجيا في خانيونس, أو عمله السري النضالي والمقاوم بحيث لم يشعر أحد من بيته بعمله".
وترجع أم معاذ للوراء معبرة عما اختلجها من مشاعر تجاه هذا القائد العظيم الذي كان يجمع بين حبه لعمله كما بيته وزوجته وأبنائه, فقد حرص على إعطائهم حقهم ، محاولا لعدة مرات أن يخصص بعض الساعات لهم ، ولكن ازدياد المشاغل وشدة الانخراط فيها حال دون ذلك , مسترقا بعض الأوقات للخروج بهم إلى نزهة قصيرة . وتقول أم معاذ :"في أحد الأيام اصطحبني مع أولادي إلى احد محال بيع المرطبات كالبراد والبوظة ونزل من السيارة لشراء البوظة لنا فانتظرناه في السيارة وإذ به يعود بعد أكثر من ساعة وبيده ما وعدنا به, واتضح فيما بعد أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع الدكتور فتحي الشقاقي سريا من خلال مكتب اتصالات ".
واستطردت مبدية دهشتها من عقليته الفذة وسرعة بديهته وتفسيره المتعمق للأمور وقدرته على حل أكثر المشاكل استعصاء "بالرغم من صغر سنه إلا أنه كان كثيرا ما يجتمع مع ممن يسبقوه في العمر من قادة الجهاد الإسلامي الذين كانوا يستشيروه في العديد من الأمور التنظيمية".
مشاغل كثيرة ولكن الدين أساس
التزامه بدينه أبرز ما كان يميزه. فاعتاد على الاقتداء بالسنة النبوية واتباع تعاليم الإسلام وكان له أثر كبير على من حوله.. وتردف أم معاذ: "له دور كبير في التزامي ، وأتذكر عندما كنت أنخرط في أعمال المنزل وأنسى الصلاة كان يتابعني ويسألني عنها ويغضب بطرق مختلفة لذلك", ومن شدة ذكائه أقدمت عائلته على تعيينه مختارا لها وهو في ال31 من عمره، وألحت عليه ولكنه رفض بسبب انشغاله بالعمل التنظيمي والتدريس .
كثرة الانشغال عن المنزل والأولاد وقضاء معظم الأوقات خارجه لم تخلق مشاكل بين الزوجين فتفهم زوجته لطبيعة عمله ومساندتها له حالت دون حدوث ما من شأنه أن يشوه العلاقة بينهما, مضيفة إلى ذلك حنانه وعطفه وتبسمه طوال الوقت فكان يجمع بين جدية العمل التنظيمي والتدريس في كلية العلوم والتكنولوجيا إلى جانب ثقافته الواسعة المدعمة بمكتبته الخاصة المزودة بعدد هائل من الكتب", ولم تنس أم معاذ إلحاحه على تخصيص يوم الجمعة لمناقشة الكتاب الذي قام بتوزيعه على أهله من أجل الاطلاع عليه "وتم ذلك يوم الجمعة الذي سبق استشهاده".
وفي موقف يخصها شعرت بحبه لها وحرصه الشديد عليها بعد إصابتها بوعكة صحية سبقت استشهاده بثلاثة أيام ، حيث اصطحبها إلى عيادة احد الأطباء وأثناء عودتهما قال لها"ما الذي حل بك لا أريدك أن تكوني هزيلة.. فما الذي ستفعلينه إثر سماعك خبر استشهادي؟", لتنهمر في البكاء ألما وحسرة على فقدان الأب والزوج والأخ رفيق أجمل الأيام وأعذبها.
نحو قدر مجهول
صباح الأربعاء في الثاني من نوفمبر للعام 1994 تناول الشهيد هاني فطوره على غير المعتاد . فلأول مرة يجلس براحته على المائدة ويتبادل الحديث مع زوجته وطفلته لفترة طويلة قياسا بالوقت الذي اعتاد فيه على تناول الإفطار واقفا وكأنه يدري أنها آخر وجبة له, ولكنه سرعان ما التفت إلى عقارب الساعة التي كانت تشير إلى السابعة والنصف مما يعني تأخره لمدة ربع ساعة عن موعد خروجه من المنزل, فأخذ بنفسه مهرولا إلى عربته, وللمرة الأولى تنسى زوجته توديعه من نافذة المنزل كالمعتاد .
وعن يوم استشهاده تقول أم معاذ :"عندما خرج مسرعا يوم الحادث انقبض قلبي وضممت ابنتي إلى حضني وأجهشت في البكاء بالرغم أنني لم أكن أدر بما حدث فكنت حزينة وأشعر بمرارة ", ولأول مرة تمطر السماء يومها وتشتد الزوابع والعواصف وكأن السماء تبكيه , لافتة إلى أن شعورها بذلك دفعها للخروج برفقة أحد المقربين من زوجها للبحث عنه بعد تأخر عودته , فما أن وصلت مقر الصحيفة علمت بأنه أصيب في ساقه من أحد العاملين الذي حاول إخفاء الخبر عليها .
وعادت إلى المنزل والشعور ذاته لا زال يسيطر عليها ومع آذان العشاء نعى أحد المساجد الشهيد عبر مكبرات الصوت ، فعلم جميع من في المنزل بذلك الخبر ، وفي هذه اللحظة صرخت إحدى شقيقاته ، وإذ بأم معاذ تضربها على فمها وتقول :"ما تبكوا .. جيبوا الشموع وأنيروها", لا أدري من أين أتاني الصبر وكيف حدث ذلك".
أماه أنا في الجنان
الهم والحزن بدا على والدته ذات الوجه المتجعد, ففي كل مرة التقيتها بفعل المصاهرة كانت تبكيه وكأن يوم استشهاده لم يمض عليه الكثير, واختنق صوتها من شدة البكاء فلا أدري ماذا أفعل ، هل أكمل اللقاء أم أتفرغ لمواساة هذه الأم الرءوم, وسرعان ما تلاشت دمعاتها عند حديثها عن تفوقه في الدراسة وحصوله على أعلى المعدلات والتزامه في الصلاة بالمسجد وهو في الخامسة من عمره, واستماعه لدروس الوعظ وتقول والدته :"كان يرافق خيرة الأصدقاء الملتزمين والمتفوقين وقد أثر على أخيه الذي يصغره فأصبح يتجه معه إلى المسجد ويؤدي عباداته .
وبرضا من قلبها على فلذة كبدها وكبير أولادها واصلت الحديث عنه بعد وفاة والده وتحمله لمسئولية إدارة المنزل والحفاظ على أخوته ونجح في ذلك "وكثيرا ما كان يتحدث معي ويحرص على إرضائي بكافة الوسائل", وبعد ملاحظتنا لحالها فور الحديث عنه آثرنا إنهاء الحديث معها خوفا على سوء حالتها واختتمت كلامها داعية المولى عز وجل بأن يشفع له ويسكنه فسيح جنانه.
رفيق الطفولة
أما شقيقته الكبرى اعتماد والتي رافقته منذ صغره وحتى كبره ذكرت انه كان ملتزما منذ صغره وقالت:" كان في الحادية عشرة عندما أوكل إليه أحد الشباب الملتزمين مهمة إعطاء درس ديني فيمن يكبروه ".
وعن رد فعلها حينما سمعت نبا استشهاده أوضحت أنها كانت تشعر بذلك ، فقد أخبرها قبل يومين بأنه سيستشهد خاصة بعد تهديد إسحاق رابين بعزمه على اغتيال قادة الجهاد الإسلامي، وقالت: "في ذلك اليوم خرجت مع أخي الذي يصغرني بعد تلقيه اتصالا هاتفيا حاول إخفاءه عنا وعلمت من أخي انه أصيب، فقلت له هاني لن يعود معنا ووصلنا للمستشفى وشعرت بشيء يقتلع قلبي عندما أبلغنا الطبيب بوفاته".
وتحدثت عن أمر غريب حصل معها ليلة استشهاده حينما صعدت للأعلى لتخلد لحظات قليلة مع نفسها وتعيش مع حبيب قلبها وما أن وضعت رأسها على الحائط وإذ بنور يأتي إليها من النافذة ويتسع كلما اقترب ، وإذ بصورة الشهيد داخله يبتسم إليها وكأنه يرد الحديث إليها "ومع الرهبة والخوف هرولت إلى الأسفل حيث الأهل والناس لأقطع ما لم أدر إن كان حلما أم علما.
صورة الشهيد لم تغب عنا وكذلك أعماله, وفي هذا المقام مع اقتراب ذكرى استشهاده آثرنا الحديث عن أهم مواقفه مع المقربين منه رغم أن المساحة لا تتسع لذكر بعض اللمحات الخاصة بهذه الشخصية الفذة, فوداعا أيها القائد ولكنه وداع للجسد فما يزال في قلوب وأذهان الكثيرين ليحيى ما مات فينا من حب للوطن وإيثاره له.
نبع من الحب..
"أجمل سنين عمري بحلوها ومرها قضيتها معه... تعلمت فيها الكثير الكثير... وفعلت ما لم أتخيل بأية لحظة بأنني من الممكن أن أفعله أو أتقبله..", بهذه العبارات البسيطة الحاملة لأروع ما يمكن وصفه من احترام وحب بين زوجين استهلت أم معاذ زوجة الشهيد حديثها معنا لتبحر في بحاره وكأنها لا تريد التوقف للحظة، فالقلب يفيض تقديرا وتعظيما لأبي الأبناء الخمسة ولاء ومعاذ ومحمود وأفنان وقسم التي حرم والدها من رؤيتها لولادتها بعيد استشهاده.
و قالت بابتسامة شاردة إلى ما قبل 13 عاما :"لا أدري كيف أصفه لا أجد عبارات تستطيع إيفاءه قدره", متحدثة عن مدى حنانه وعطفه وإيمانه بقضيته ومقاومة الاحتلال, وعن عمله المتواصل على مدار الـ24 ساعة ، حيث كان يقضي جل وقته في تأدية واجبه سواء على الصعيد العلمي بعد إتمامه لرسالة الماجستير والتحاقه في التدريس في كلية العلوم والتكنولوجيا في خانيونس, أو عمله السري النضالي والمقاوم بحيث لم يشعر أحد من بيته بعمله".
وترجع أم معاذ للوراء معبرة عما اختلجها من مشاعر تجاه هذا القائد العظيم الذي كان يجمع بين حبه لعمله كما بيته وزوجته وأبنائه, فقد حرص على إعطائهم حقهم ، محاولا لعدة مرات أن يخصص بعض الساعات لهم ، ولكن ازدياد المشاغل وشدة الانخراط فيها حال دون ذلك , مسترقا بعض الأوقات للخروج بهم إلى نزهة قصيرة . وتقول أم معاذ :"في أحد الأيام اصطحبني مع أولادي إلى احد محال بيع المرطبات كالبراد والبوظة ونزل من السيارة لشراء البوظة لنا فانتظرناه في السيارة وإذ به يعود بعد أكثر من ساعة وبيده ما وعدنا به, واتضح فيما بعد أنه أجرى اتصالا هاتفيا مع الدكتور فتحي الشقاقي سريا من خلال مكتب اتصالات ".
واستطردت مبدية دهشتها من عقليته الفذة وسرعة بديهته وتفسيره المتعمق للأمور وقدرته على حل أكثر المشاكل استعصاء "بالرغم من صغر سنه إلا أنه كان كثيرا ما يجتمع مع ممن يسبقوه في العمر من قادة الجهاد الإسلامي الذين كانوا يستشيروه في العديد من الأمور التنظيمية".
مشاغل كثيرة ولكن الدين أساس
التزامه بدينه أبرز ما كان يميزه. فاعتاد على الاقتداء بالسنة النبوية واتباع تعاليم الإسلام وكان له أثر كبير على من حوله.. وتردف أم معاذ: "له دور كبير في التزامي ، وأتذكر عندما كنت أنخرط في أعمال المنزل وأنسى الصلاة كان يتابعني ويسألني عنها ويغضب بطرق مختلفة لذلك", ومن شدة ذكائه أقدمت عائلته على تعيينه مختارا لها وهو في ال31 من عمره، وألحت عليه ولكنه رفض بسبب انشغاله بالعمل التنظيمي والتدريس .
كثرة الانشغال عن المنزل والأولاد وقضاء معظم الأوقات خارجه لم تخلق مشاكل بين الزوجين فتفهم زوجته لطبيعة عمله ومساندتها له حالت دون حدوث ما من شأنه أن يشوه العلاقة بينهما, مضيفة إلى ذلك حنانه وعطفه وتبسمه طوال الوقت فكان يجمع بين جدية العمل التنظيمي والتدريس في كلية العلوم والتكنولوجيا إلى جانب ثقافته الواسعة المدعمة بمكتبته الخاصة المزودة بعدد هائل من الكتب", ولم تنس أم معاذ إلحاحه على تخصيص يوم الجمعة لمناقشة الكتاب الذي قام بتوزيعه على أهله من أجل الاطلاع عليه "وتم ذلك يوم الجمعة الذي سبق استشهاده".
وفي موقف يخصها شعرت بحبه لها وحرصه الشديد عليها بعد إصابتها بوعكة صحية سبقت استشهاده بثلاثة أيام ، حيث اصطحبها إلى عيادة احد الأطباء وأثناء عودتهما قال لها"ما الذي حل بك لا أريدك أن تكوني هزيلة.. فما الذي ستفعلينه إثر سماعك خبر استشهادي؟", لتنهمر في البكاء ألما وحسرة على فقدان الأب والزوج والأخ رفيق أجمل الأيام وأعذبها.
نحو قدر مجهول
صباح الأربعاء في الثاني من نوفمبر للعام 1994 تناول الشهيد هاني فطوره على غير المعتاد . فلأول مرة يجلس براحته على المائدة ويتبادل الحديث مع زوجته وطفلته لفترة طويلة قياسا بالوقت الذي اعتاد فيه على تناول الإفطار واقفا وكأنه يدري أنها آخر وجبة له, ولكنه سرعان ما التفت إلى عقارب الساعة التي كانت تشير إلى السابعة والنصف مما يعني تأخره لمدة ربع ساعة عن موعد خروجه من المنزل, فأخذ بنفسه مهرولا إلى عربته, وللمرة الأولى تنسى زوجته توديعه من نافذة المنزل كالمعتاد .
وعن يوم استشهاده تقول أم معاذ :"عندما خرج مسرعا يوم الحادث انقبض قلبي وضممت ابنتي إلى حضني وأجهشت في البكاء بالرغم أنني لم أكن أدر بما حدث فكنت حزينة وأشعر بمرارة ", ولأول مرة تمطر السماء يومها وتشتد الزوابع والعواصف وكأن السماء تبكيه , لافتة إلى أن شعورها بذلك دفعها للخروج برفقة أحد المقربين من زوجها للبحث عنه بعد تأخر عودته , فما أن وصلت مقر الصحيفة علمت بأنه أصيب في ساقه من أحد العاملين الذي حاول إخفاء الخبر عليها .
وعادت إلى المنزل والشعور ذاته لا زال يسيطر عليها ومع آذان العشاء نعى أحد المساجد الشهيد عبر مكبرات الصوت ، فعلم جميع من في المنزل بذلك الخبر ، وفي هذه اللحظة صرخت إحدى شقيقاته ، وإذ بأم معاذ تضربها على فمها وتقول :"ما تبكوا .. جيبوا الشموع وأنيروها", لا أدري من أين أتاني الصبر وكيف حدث ذلك".
أماه أنا في الجنان
الهم والحزن بدا على والدته ذات الوجه المتجعد, ففي كل مرة التقيتها بفعل المصاهرة كانت تبكيه وكأن يوم استشهاده لم يمض عليه الكثير, واختنق صوتها من شدة البكاء فلا أدري ماذا أفعل ، هل أكمل اللقاء أم أتفرغ لمواساة هذه الأم الرءوم, وسرعان ما تلاشت دمعاتها عند حديثها عن تفوقه في الدراسة وحصوله على أعلى المعدلات والتزامه في الصلاة بالمسجد وهو في الخامسة من عمره, واستماعه لدروس الوعظ وتقول والدته :"كان يرافق خيرة الأصدقاء الملتزمين والمتفوقين وقد أثر على أخيه الذي يصغره فأصبح يتجه معه إلى المسجد ويؤدي عباداته .
وبرضا من قلبها على فلذة كبدها وكبير أولادها واصلت الحديث عنه بعد وفاة والده وتحمله لمسئولية إدارة المنزل والحفاظ على أخوته ونجح في ذلك "وكثيرا ما كان يتحدث معي ويحرص على إرضائي بكافة الوسائل", وبعد ملاحظتنا لحالها فور الحديث عنه آثرنا إنهاء الحديث معها خوفا على سوء حالتها واختتمت كلامها داعية المولى عز وجل بأن يشفع له ويسكنه فسيح جنانه.
رفيق الطفولة
أما شقيقته الكبرى اعتماد والتي رافقته منذ صغره وحتى كبره ذكرت انه كان ملتزما منذ صغره وقالت:" كان في الحادية عشرة عندما أوكل إليه أحد الشباب الملتزمين مهمة إعطاء درس ديني فيمن يكبروه ".
وعن رد فعلها حينما سمعت نبا استشهاده أوضحت أنها كانت تشعر بذلك ، فقد أخبرها قبل يومين بأنه سيستشهد خاصة بعد تهديد إسحاق رابين بعزمه على اغتيال قادة الجهاد الإسلامي، وقالت: "في ذلك اليوم خرجت مع أخي الذي يصغرني بعد تلقيه اتصالا هاتفيا حاول إخفاءه عنا وعلمت من أخي انه أصيب، فقلت له هاني لن يعود معنا ووصلنا للمستشفى وشعرت بشيء يقتلع قلبي عندما أبلغنا الطبيب بوفاته".
وتحدثت عن أمر غريب حصل معها ليلة استشهاده حينما صعدت للأعلى لتخلد لحظات قليلة مع نفسها وتعيش مع حبيب قلبها وما أن وضعت رأسها على الحائط وإذ بنور يأتي إليها من النافذة ويتسع كلما اقترب ، وإذ بصورة الشهيد داخله يبتسم إليها وكأنه يرد الحديث إليها "ومع الرهبة والخوف هرولت إلى الأسفل حيث الأهل والناس لأقطع ما لم أدر إن كان حلما أم علما.
صورة الشهيد لم تغب عنا وكذلك أعماله, وفي هذا المقام مع اقتراب ذكرى استشهاده آثرنا الحديث عن أهم مواقفه مع المقربين منه رغم أن المساحة لا تتسع لذكر بعض اللمحات الخاصة بهذه الشخصية الفذة, فوداعا أيها القائد ولكنه وداع للجسد فما يزال في قلوب وأذهان الكثيرين ليحيى ما مات فينا من حب للوطن وإيثاره له.
تعليق