من ديوان محمود درويش ( لاتعتذر عما فعلت)
لبـلادنا
لبلادنا ،
وهي القريبة من كلام الله ،
سقف من سحاب
لبلادنا
وهي البعيدة عن صفات الإسم،
خارطة الغياب
لبلادنا،
وهي الصغيرة مثل حبة سمسم،
أفق سماوي ... وهاوية خفية
لبلادنا ،
وهي الفقيرة مثل أجنحة القطا ،
كتب مقدسة ... وجرح في الهوية
لبلادنا ،
وهي المطوقة الممزقة التلال ،
كمائن الماضي الجديد
لبلادنا ، وهي السبية
حرية الموت اشتياقا واحتراقا
وبلادنا في ليلها الدموي
جوهرة تشع على البعيد على البعيد
تضيء خارجها ...
وأما نحن داخلها ،
فنزداد اختناقا !
>>>>>>>>>>>>>>
ولنا بلاد
ولنا بلاد لاحدود لها ، كفكرتنا عن
المجهول ، ضيقة وواسعة . بلاد ...
حين نمشي في خريطتها تضيق بنا،
في متاهتها : ومازلنا نحبك . حبنا
مرض وراثي . بلاد .... حين
تنبذنا إلى المجهول ... تكبر . يكبر
الصفصاف والأوصاف . يكبر عشبها
وجبالها الزرقاء . تتسع البحيرة في
شمال الروح . ترتفع السنابل في جنوب
الروح . تلمع حبة الليمون قنديلا
على ليل المهاجر . تسطع الجغرافيا
كتبا مقدسة . وسلسلة التلال
تصير معراجا ، إلى الأعلى ... إلى الأعلى
(( لو أني طائر لحرقت أجنحتي )) يقول
لنفسه المنفي . رائحة الخريف تصير
صورة ما أحب ... تسرب المطر
الخفيف إلى جفاف القلب ، فانفتح الخيال
على مصادره ، وصار هو المكان ، هو
الحقيقي الوحيد . وكل شيء في
البعيد يعود ريفيا بدائيا ، كأن الأرض
مازالت تكون نفسها للقاء آدم ، نازلا
للطابق الأرضي من فردوسه . فأقول :
تلك بلادنا حبلى بنا ... فمتى ولدنا ؟
هل تزوج آدم امرأتين ؟ أم أنّا
سنولد مرة أخرى
لكي ننسى الخطيئة ؟
>>>>>>>>>>>>>
لا شيء إلا الضوء
لاشيء إلا الضوء ،
لم أوقف حصاني
إلا لأقطف وردة حمراء من
بستان كنعانية أغوت حصاني
وتحصّنت في الضوء :
(( لاتدخلْ ولاتخرجْ )) ...
فلم أدخلْ ، ولم أخرجْ
وقالت : هل تراني ؟
فهمست ُ : ينقصني ، لأعرف ، فارقٌ
بين المسافر والطريق ، وفارقٌ
بين المغني والأغاني ...
جلستْ أريحا , مثل حرف
من حروف الأبجدية ، في اسمها
وكبوت في اسمي
عند مفترق المعاني ...
أنا ما أكون غداً
ولم أوقف حصاني
إلا لأقطف وردةً حمراء من
بستان كنعانيةٍ أغوتْ حصاني
ومضيت أبحث عن مكاني
أعلى وأبعدَ ،
ثم أعلى ثم أبعدَ،
من زماني .....
تعليق