وصيةُ ذِى الإصْبعِ العُدوانِىّ لابنِه أُسَيد
ذُو الإصْبعِ العُدوانِيّ: هوَ حرثانُ بن الحارثِ بن محرثِ بن ثعلبةِ ، ينتهي نسبه إلى يشكر بن عدوان ، كانَ أحدَ الشعراءِ والحكماءِ في العصرِ الجاهليّ وسُمّيَ ذَا الإصبعِ لأنّه كانَ ذا أصبعٍ زائدٍ في رجْلِه ، وقيلَ لأنّ الحيةَ نهشَتْ أصْبَعَهُ فقَطَعَتْه، وهوَ أيضًا منَ المعمّرينَ ؛ إذْ تجاوزَ عُمُرُه المئةَ عامٍ بكثيرٍ! ، وكانَ لذي الإصْبعِ أرْبَعُ بناتِ ، وكانتْ إحدَى بناتِه -واسمها أُمَيْمةُ- شاعرةً أيضًا.
منْ أقْوالِهِ الخَالدةِ وصيّتُه لابنِه أُسَيد قبلَ مَوته ، والتِي قالَ فيها:
يَا بُنَيّ إنّ أَبَاكَ قدْ فَنَي وهُو حَيّ! وعَاشَ حتّى سَئِمَ العَيشَ وإنّي مُوصِيكَ بِما إنْ حفِظْتَه بَلغْتَ في قَومِكَ مَا بَلغْتُه! فاحْفَظْ عنّي:
أَلِنْ جَانِبَكَ لقَومِكَ يُحِبّوكَ ، وتَوَاضَعْ لَهمْ يَرفَعُوكَ ، وابْسُطْ لهم وجْهَكَ يُطِيعُوكَ ولَا تَسْتَأْثِر عَلَيهِم بِشَيءٍ يُسَوّدُوكَ ، وأكْرِمْ صِغَارَهُم كمَا تُكْرِمْ كِبَارَهُم يُكْرِمْكَ كِبَارُهُم ويَكْبُرُ على مَوَدّتِك صِغَارُهم! واسْمَحْ بمَالِكَ واحْمِ حَريمَك وأعْززْ جَارَكَ وأعِنْ منِ اسْتعانَ بك وأكْرمْ ضَيفَكَ وأسْرعْ النّهْضَةَ فِي الصّريخِ فإنّ أجلًا لا يعدُوكَ! وصُنْ وجْهَكَ عن مسْئَلَةِ أحَدِ شَيئًا فبِذلكَ يُتَمّ سُؤْدُدُكَ!
ثمّ أنْشَأَ يَقُولُ :
أَأُسَيــــــدُ إنْ مالًا مَلكْتَ فَسِرْ بِه سَيْرًا جَمِيـلا
آخِ الكرامَ إن اسْتطعْتَ إلى إخَائِــــــهم سَبِيلا
واشْربْ بكأْسِهم وإنْ شَربُـوا بهِ السّمَّ الثَّمِيلا!
أهِنِ اللئَامَ ولا تَكُنْ لإخَائِـــــــــــهم جَمَلًا ذَلُولا!
إنّ الكِرامَ إذَا تُواخِيهِم وجَدتّ لَهُم فُضُـــــــــــولا
ودَعِ الذي يَعِدِ العَشيرةَ أنْ يسِيلَ ولنْ يسِيــلا!
أَبُنيّ إنّ المــــالَ لا يَبْــــكِي إذَا فَقَدَ البَخِيــــلا!
أَأُسَيــــــدُ إنْ أزْمعْتَ منْ بــلدٍ إلى بـلدٍ رَحِيـــلا
فاحفَظْ وإنْ شَحَطَ المَزَارُ أخا أخيكَ أو الزّمِيـــــلا
وارْكبْ بنَفْسِك إنْ هَمَمْتَ بهَا الحزُونَة والسّهولا
تعليق