كلمة في مخيم اليرموك عن مذبحة الحرم الإبراهيمي
كلمة في مخيم اليرموك عن مذبحة الحرم الإبراهيمي
التاريخ: 1414-9-17 هـ الموافق: 1994-02-28م الساعة: 00:00:00
بسم الله الرحمن الرحيم
يا جماهير شعبنا الفلسطيني
يا ابناء الشعب الذي يذبح كل يوم ولا يموت، من دير ياسين إلى قبية إلى كفر قاسم، إلى نحالين وعيون قارة ومجازر الأقصى حتى مذبحة فجر الجمعة في الحرم الإبراهيمي الشريف… حتى مساء أمس وصباح اليوم ودمنا ينزف .نحن الشعب الذي لا يعرف له تاريخ خارج الدم وخارج مسيرة الدم وخارج المذابح ومع ذلك لا ننكسر ولا نستسلم ولا نساوم. تبقى رايات جهادنا مشرعة ونبقى أكثر الظواهر حيوية في هذه المنطقة.
إن الدم المقدس الذي يسيل في اليوم المقدس وفي المكان المقدس من أجساد العشرات والمئات من أبناء الخليل الباسلة وعلى امتداد الوطن المحتل لن يكون سوى شريان الحياة لشجرة المقاومة وشجرة الانتفاضة وشجرة الحرية ، وسيبقى هذا الدم يسفح كل يوم حتى ينتصر على السيف ، سيف بني إسرائيل وحلفائهم واتباعهم وأدواتهم.
أيها الإخوة
إن الجريمة البشعة التي ارتكبها الجيش الصهيوني فجر الجمعة في خليل الرحمن ليست سوى امتداد طبيعي للمجازر التي ارتكبها الصهاينة بحق شعبنا على امتداد نصف قرن، وهي تحمل مدلولاً سياسياً واضحاً منسجماً مع المشروع الصهيوني وحكوماته الرسمية والقاضي بنفي والغاء وتهجير وإبادة الشعب الفلسطيني، وتكريس الاستيطان على كل أرضه، كما تأتي هذه الجريمة استكمالاتً لمؤامرة التصفية التي تجسدت في اتفاق غزة ـ أريحا وما تلاه من اتفاقات تسعى لتجريد شعبنا من سلاحه ليبقى أعزل أمام جيش العدو ومستوطنيه. هذا العدو يعتبر امتشاق السيف جزءاً من شخصيته ، فيما المنهزمون يمنونا بالحرية بإلقاء السيف حتى يقولوا لنا ما قاله السفير الصهيوني في واشنطن لرئيس وفد عرفات، صائب عريقات الذي التقاه في مواجهة ومقابلة تليفزيونية في مساء يوم المذبحة عندما كان الدم لم يجف ، قال : « إن كنتم تبحثون عن مكان أكثر أمناً فحزموا أمتعتكم وارحلوا».
هكذا.. نعم هكذا يجب أن نفهم هذه الجريمة البشعة كنتيجة من نتائج اتفاق أوسلو المشؤوم، وعلى شعبنا وقواه الطليعية كافة أن تعلن يوم الجمعة النصف من رمضان يوماً لموت وقبر اتفاق أوسلو. فلم يعد هناك عذر لأي فلسطيني مهما كان انتماؤه واهياً لشعبنا، أن يستمر في هذه المهزلة. فلتتوقف .. لتتوقف وليتوقف هذا التفاوض المهين مع العدو. وليرتفع صوت الحق وصوت السلاح.
نقول هذا ونحن ندرك أن عرفات الذي أوغل في التيه حتى منتهاه، يخطو على جثث شهداء المذبحة ليصل إلى واشنطن ، ليصافح القتلة، ويتبادل معهم الابتسامات.
إن شغله الشاغل اليوم كيف سيطوق آثار هذه الجريمة ـ والتي هو شريك أساسي فيها ـ كيف سيطوقها ويحتويها وكم سيتقاضى ثمن هذه الدماء من الشيطان الأكبر وحلفائه وأدواته.
أيها الإخوة… إن كان ردنا على الخونة والمستسلمين مزيدا من الاتهام لهم فهم لم يعودوا يخشون الاتهام. وإن كنا نعتقد أن دماء الشهداء ستعريهم فهم منذ اتفاق أوسلو فقدوا آخر ورقة توت كانوا يسترون بها عريهم، ولا يتحركون الآن إلا عراة.. فهل من سبيل آخر لوقف هذه المهزلة؟! إن مهمات صعبة تنتظرنا وعلينا أن نتملك الإرادة والقوة الكافية لقيادة شعبنا نحو أهدافه وطموحاته بدلاً من هذه القيادة البائسة التي جلبت لنا العار وجرت علينا كل هذه الويلات، وتغرق اليوم في الوحل الذي تحاول أن تجر شعبنا الباسل إليه. إن على القوى المناضلة والمجاهدة أن تعي درس المذبحة جيداً وأن تعي درس المؤامرة.. إن على تحالف القوى الفلسطينية تحديداً وكافة الشرفاء المخلصين من أبناء شعبنا أن يؤكدوا على وحدة الصف المقاوم والتحامه بالجماهير وتعبيره عنها أصدق تعبير. إن وحدتنا الوطنية الصادقة، الجادة ، الحية والفاعلة هي الملاذ والحل ونقطة الانطلاق لإدامة الصراع مع العدو بكافة أشكاله. إن قدرنا ومسؤليتنا أن نحافظ على انتفاضة الشعب التي زرعها ورواها بدمه فيما كان عرفات يبيعها في سوق النخاسة بأبخس الأثمان ويحولها من مشروع استراتيجي عظيم للنهوض والتحرير إلى مجرد مشروع هزيل للاستهلاك والمساومة.
هذا هو قدرنا ومسؤوليتنا.. الوحدة، حماية الانتفاضة وتصعيدها، استمرار القتال وذلك ضمن إطار جاد وبرنامج جاد ومنظم يُضيق الخناق على فريق أوسلو.. فريق المذبحة ، ويطرده من ساحة شعبنا الفلسطيني الصابر المظلوم.
في نفس الوقت ليسمعها إخوتنا العرب والمسلمون: إن دمنا دمهم، ومصيرنا مصيرهم، وليست فلسطين سوى مركز لانطلاق المشروع الصهيوني نحو كل العواصم وكل المنطقة. المعركة واحدة. ولم يكن القرار الفلسطيني المستقل سوى خدعة كبرى لابتزاز الشعب والأمة وطلائعه الصادقة لأجل تمرير الخيانات الكبرى. لنؤكد على وحدة المعركة والمصير من جديد ، ونقول للبعض لا تضعوا الحب في طاحونة الأعداء وأنتم تشهدون، إن ستة مليارات دولار ضاعت هنا أوهناك كانت كافية لدفع الانتفاضة إلى أهدافها النهائية في التحرير والاستقلال ،وكانت كافية لجعل الجنوب اللبناني الباسل مئة فيتنام، وكانت كافية لتعزيز الموقف العربي أمام الضغوط.
في نفس الوقت ليسمعها العالم أجمع! إن هذه الأرض لنا، ولن يكون توقيع هزيل مسوغاً أو فرماناً لتغيير حقائق التاريخ الثابتة، أو لتغيير قانون الإله. وليسمع العالم والغرب خاصة أنهم منذ أن زرعوا الكيان الصهيوني في فلسطين والحروب مستمرة ، وأن السلام يستحيل أن يقوم على أوهام القوة والغطرسة. السلام يقوم على الحق والعدل ،وليس من الحق ولا من العدل استمرار هذا العدوان وهذا الاحتلال.
يا أهلنا ويا كل جماهير شعبنا… يا أبناء المذبحة والملحمة.. لن يذهب دم أهلنا هدراً . لن يغلق عليه باب النسيان . فليستمر ثأرنا.. ثأر الله. وليستمر نضالنا وجهادنا حتى الانتقام وحتى تحرير كامل وطننا المقدس.
المجد والخلود للشهداء الأبرار.
الموت للغزاة الصهاينة
عاشت فلسطين .. عاشت فلسطين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* المصدر : ألقيت في المسيرة الجماهيرية الحاشدة باسم تحالف القوى الفلسطينية في مخيم اليرموك يوم 28/2/1994
كلمة في مخيم اليرموك عن مذبحة الحرم الإبراهيمي
التاريخ: 1414-9-17 هـ الموافق: 1994-02-28م الساعة: 00:00:00
بسم الله الرحمن الرحيم
يا جماهير شعبنا الفلسطيني
يا ابناء الشعب الذي يذبح كل يوم ولا يموت، من دير ياسين إلى قبية إلى كفر قاسم، إلى نحالين وعيون قارة ومجازر الأقصى حتى مذبحة فجر الجمعة في الحرم الإبراهيمي الشريف… حتى مساء أمس وصباح اليوم ودمنا ينزف .نحن الشعب الذي لا يعرف له تاريخ خارج الدم وخارج مسيرة الدم وخارج المذابح ومع ذلك لا ننكسر ولا نستسلم ولا نساوم. تبقى رايات جهادنا مشرعة ونبقى أكثر الظواهر حيوية في هذه المنطقة.
إن الدم المقدس الذي يسيل في اليوم المقدس وفي المكان المقدس من أجساد العشرات والمئات من أبناء الخليل الباسلة وعلى امتداد الوطن المحتل لن يكون سوى شريان الحياة لشجرة المقاومة وشجرة الانتفاضة وشجرة الحرية ، وسيبقى هذا الدم يسفح كل يوم حتى ينتصر على السيف ، سيف بني إسرائيل وحلفائهم واتباعهم وأدواتهم.
أيها الإخوة
إن الجريمة البشعة التي ارتكبها الجيش الصهيوني فجر الجمعة في خليل الرحمن ليست سوى امتداد طبيعي للمجازر التي ارتكبها الصهاينة بحق شعبنا على امتداد نصف قرن، وهي تحمل مدلولاً سياسياً واضحاً منسجماً مع المشروع الصهيوني وحكوماته الرسمية والقاضي بنفي والغاء وتهجير وإبادة الشعب الفلسطيني، وتكريس الاستيطان على كل أرضه، كما تأتي هذه الجريمة استكمالاتً لمؤامرة التصفية التي تجسدت في اتفاق غزة ـ أريحا وما تلاه من اتفاقات تسعى لتجريد شعبنا من سلاحه ليبقى أعزل أمام جيش العدو ومستوطنيه. هذا العدو يعتبر امتشاق السيف جزءاً من شخصيته ، فيما المنهزمون يمنونا بالحرية بإلقاء السيف حتى يقولوا لنا ما قاله السفير الصهيوني في واشنطن لرئيس وفد عرفات، صائب عريقات الذي التقاه في مواجهة ومقابلة تليفزيونية في مساء يوم المذبحة عندما كان الدم لم يجف ، قال : « إن كنتم تبحثون عن مكان أكثر أمناً فحزموا أمتعتكم وارحلوا».
هكذا.. نعم هكذا يجب أن نفهم هذه الجريمة البشعة كنتيجة من نتائج اتفاق أوسلو المشؤوم، وعلى شعبنا وقواه الطليعية كافة أن تعلن يوم الجمعة النصف من رمضان يوماً لموت وقبر اتفاق أوسلو. فلم يعد هناك عذر لأي فلسطيني مهما كان انتماؤه واهياً لشعبنا، أن يستمر في هذه المهزلة. فلتتوقف .. لتتوقف وليتوقف هذا التفاوض المهين مع العدو. وليرتفع صوت الحق وصوت السلاح.
نقول هذا ونحن ندرك أن عرفات الذي أوغل في التيه حتى منتهاه، يخطو على جثث شهداء المذبحة ليصل إلى واشنطن ، ليصافح القتلة، ويتبادل معهم الابتسامات.
إن شغله الشاغل اليوم كيف سيطوق آثار هذه الجريمة ـ والتي هو شريك أساسي فيها ـ كيف سيطوقها ويحتويها وكم سيتقاضى ثمن هذه الدماء من الشيطان الأكبر وحلفائه وأدواته.
أيها الإخوة… إن كان ردنا على الخونة والمستسلمين مزيدا من الاتهام لهم فهم لم يعودوا يخشون الاتهام. وإن كنا نعتقد أن دماء الشهداء ستعريهم فهم منذ اتفاق أوسلو فقدوا آخر ورقة توت كانوا يسترون بها عريهم، ولا يتحركون الآن إلا عراة.. فهل من سبيل آخر لوقف هذه المهزلة؟! إن مهمات صعبة تنتظرنا وعلينا أن نتملك الإرادة والقوة الكافية لقيادة شعبنا نحو أهدافه وطموحاته بدلاً من هذه القيادة البائسة التي جلبت لنا العار وجرت علينا كل هذه الويلات، وتغرق اليوم في الوحل الذي تحاول أن تجر شعبنا الباسل إليه. إن على القوى المناضلة والمجاهدة أن تعي درس المذبحة جيداً وأن تعي درس المؤامرة.. إن على تحالف القوى الفلسطينية تحديداً وكافة الشرفاء المخلصين من أبناء شعبنا أن يؤكدوا على وحدة الصف المقاوم والتحامه بالجماهير وتعبيره عنها أصدق تعبير. إن وحدتنا الوطنية الصادقة، الجادة ، الحية والفاعلة هي الملاذ والحل ونقطة الانطلاق لإدامة الصراع مع العدو بكافة أشكاله. إن قدرنا ومسؤليتنا أن نحافظ على انتفاضة الشعب التي زرعها ورواها بدمه فيما كان عرفات يبيعها في سوق النخاسة بأبخس الأثمان ويحولها من مشروع استراتيجي عظيم للنهوض والتحرير إلى مجرد مشروع هزيل للاستهلاك والمساومة.
هذا هو قدرنا ومسؤوليتنا.. الوحدة، حماية الانتفاضة وتصعيدها، استمرار القتال وذلك ضمن إطار جاد وبرنامج جاد ومنظم يُضيق الخناق على فريق أوسلو.. فريق المذبحة ، ويطرده من ساحة شعبنا الفلسطيني الصابر المظلوم.
في نفس الوقت ليسمعها إخوتنا العرب والمسلمون: إن دمنا دمهم، ومصيرنا مصيرهم، وليست فلسطين سوى مركز لانطلاق المشروع الصهيوني نحو كل العواصم وكل المنطقة. المعركة واحدة. ولم يكن القرار الفلسطيني المستقل سوى خدعة كبرى لابتزاز الشعب والأمة وطلائعه الصادقة لأجل تمرير الخيانات الكبرى. لنؤكد على وحدة المعركة والمصير من جديد ، ونقول للبعض لا تضعوا الحب في طاحونة الأعداء وأنتم تشهدون، إن ستة مليارات دولار ضاعت هنا أوهناك كانت كافية لدفع الانتفاضة إلى أهدافها النهائية في التحرير والاستقلال ،وكانت كافية لجعل الجنوب اللبناني الباسل مئة فيتنام، وكانت كافية لتعزيز الموقف العربي أمام الضغوط.
في نفس الوقت ليسمعها العالم أجمع! إن هذه الأرض لنا، ولن يكون توقيع هزيل مسوغاً أو فرماناً لتغيير حقائق التاريخ الثابتة، أو لتغيير قانون الإله. وليسمع العالم والغرب خاصة أنهم منذ أن زرعوا الكيان الصهيوني في فلسطين والحروب مستمرة ، وأن السلام يستحيل أن يقوم على أوهام القوة والغطرسة. السلام يقوم على الحق والعدل ،وليس من الحق ولا من العدل استمرار هذا العدوان وهذا الاحتلال.
يا أهلنا ويا كل جماهير شعبنا… يا أبناء المذبحة والملحمة.. لن يذهب دم أهلنا هدراً . لن يغلق عليه باب النسيان . فليستمر ثأرنا.. ثأر الله. وليستمر نضالنا وجهادنا حتى الانتقام وحتى تحرير كامل وطننا المقدس.
المجد والخلود للشهداء الأبرار.
الموت للغزاة الصهاينة
عاشت فلسطين .. عاشت فلسطين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
* المصدر : ألقيت في المسيرة الجماهيرية الحاشدة باسم تحالف القوى الفلسطينية في مخيم اليرموك يوم 28/2/1994
تعليق