الشهيد القائد "محمود محمد المجذوب": تاريخ حافل بالجهاد والتضحية
الشهداء يمضون للزمن القادم بثوب جميل مسربل بالدم، مصبوغ بحناء المجد، تكلله القدس بشارات الوعد الإلهي، بيقين الآيات المعجزات الناطقات بوعد الله المتحقق بإذن الله تعالى، ماذا يعني أن يستشهد المجاهدان محمود ونضال.. وقبلهما الكثيرون، والقافلة ستستمر؟! الشهادة في هذا الزمن الأمريكي الصارخ، بالظلم والنهب والاستكبار، هي حماية وحيدة لفلسطين، لبيت المقدس... لكل الأمة التي لن تركع، ولن تخضع ولن تذل، لأن هذا الدم المسفوح من سمية وياسر والشقاقي والدحدوح ومحمود ونضال المجذوب هو عنوان الأمة ويقينها الراسخ إنها ظاهرة على الحق وأنها تحمل ميزان العدل حتى يستوي الناس وحتى يسود العدل.
من جديد هذه الجريمة تؤكد على همجية العدو الصهيوني، ولكنها دليل ساطع على أن المجاهدين الأبطال سيقهرون الصعاب وسيتوجهون ببنادقهم نحو القدس... ستكون المعركة الفاصلة... إنها الراية الوحيدة... راية الجهاد والاستشهاد... راية سرايا القدس... تخرج من رحم التاريخ تكرس منهج الاستشهاد وراية الرسول (ص) قولاً وعملاً... جهاداً واستشهاداً... وشهادة على الأمة: إن الجهاد فرض عين وأن فلسطين القضية المركزية، ولا نهضة لأمتنا بدون تحريرها.
فلسطين اليوم تتزيا بزي الفرح، فالشهداء أحبابها وأبطالها... ورصاص مجدهم خَبِرَهُ الصهاينة بعمليات الجهاد في جنوب لبنان... ويعرفون جيداً هناك كيف كتبت الجهاد بحبر دم شهدائها أن النصر يصنعه الشهداء وأن مسيرة الدم لا بد منتصرة.
ينتمي الشهيد القائد محمود محمد المجذوب (أبو حمزة) وشقيقه نضال لعائلة لبنانية مجاهدة كادحة، وتربى في بيت متواضع، عانى من ظروف الحياة الصعبة، خاصة المعيشية والاجتماعية. وكانت فلسطين الحاضر الدائم في هذا البيت.
عندما أصبح «أبو حمزة» مسؤولاً قيادياً في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بقي بيت محمد المجذوب بيتاً بسيطاً وعادياً جداً في صيدا حتى هذه اللحظة.
والده محمد المجذوب كان في طليعة المناضلين الذين أسسوا التنظيم الشعبي الناصري في صيدا، وكان إلى جانب الشهيد معروف سعد في كل مراحل حياته النضالية الوطنية والمطلبية منذ بداياته وعمل موظفاً في بلدية صيدا وتولى رئاسة نقابة عمال البلدية في حقبة من تاريخها.
وابن عمه بهيج المجذوب استشهد في إحدى المعارك مع قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال اجتياح 1982 في أحد شوارع صيدا. وتيمناً بالشهيد بهيج المجذوب أطلق محمد اسمه على أحد أولاده.
وجده من والدته الراحل أبو خليل النابلسي «الاتب» من الأوائل الذين شاركوا في بدايات العمل الوطني والقومي والنقابي والمطلبي في صيدا إلى جانب الشهيد معروف سعد، وهو معروف في صيدا بتطلعاته الشعبية والنضالية ومواقفه العروبية.
واعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني الشهيد أبو حمزة في معتقل أنصار وكان عمره 17 سنة، وَوُضِعَ في زنزانة منفردة لأنه كان دائماً يحرّض المعتقلين ضد إدارة المعتقل والاحتلال. وبعدها قامت قوات الاحتلال بنقله إلى داخل فلسطين المحتلة إلى سجن عتليت.
وبقي هناك حتى خرج بعملية تبادل الأسرى. وعندما خرج من المعتقل من عتليت صار الجهاد عنده أكبر وأعظم، ما أثَّر فيه السجن عند اليهود. فقد خرج وعنده عزيمة أقوى وصار لديه التصميم على الجهاد أكثر بفضل الله سبحانه وتعالى.
وقام الشهيد أبو حمزة ومن معه من المجاهدين بتنفيذ العديد من العمليات البطولية ضد قوات الاحتلال الصهيوني في منطقة صيدا أثناء الاحتلال الصهيوني.
كان الشهيد أبو حمزة عنده إيمان بالله كبير وكان جريئاً وكانت أمنيته أن يستشهد وهو يقاتل اليهود.
انخرط في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين منذ بدايتها وتولى مناصب عدة إلى أن أصبح المسؤول العسكري في لبنان.
تعرض لأربع محاولات اغتيال تم كشف اثنتين منها، وواحدة انفجرت بعد أن قفز من سيارته. أما الرابعة فهي التي أدت إلى استشهاده وشقيقه نضال.
تفاصيل جريمة الاغتيال
بعد رحلة من الجهاد الشاق والمضني ترجل الفارس الجهادي لكي يرتاح وأن يسلم الراية لفارس جديد، فبعد أربع محاولات صهيونية لاغتياله ارتفع إلى العلى شهيداً برفقة أخيه في الدم والخيار الجهادي وقد زفت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين إلى علياء المجد والخلود الشهيدين المجاهدين القائدين: الشهيد القائد المجاهد محمود المجذوب «أبو حمزة» (41 عاماً) والشهيد المجاهد نضال المجذوب (37 عاماً).
وفي تفاصيل عملية الاغتيال الصهيونية التي حصلت الجمعة (26/5/2006)، الساعة الحادية عشرة إنفجار سيارة مفخخة تم تفجيرها عن بعد استهدفت القائد المجاهد محمود المجذوب «أبو حمزة»، والذي تعرض لإصابات بالغة مما أدى إلى استشهاد شقيقه نضال على الفور، فيما التحق القائد أبو حمزة إلى علياء المجد بعد ثلاثة ساعات. وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الرابعة التي يقوم فيها الموساد الصهيوني باستهداف الشهيد محمود المجذوب.
وحصل الانفجار القوي وسط مدينة صيدا جنوب لبنان، في محلة البستان الكبير، ونجم عن انفجار سيارة مفخخة من نوع مرسيدس 180 SC رصاصية اللون تحمل الرقم 146350 ج كانت متوقفة أمام بناية البربير في المحلة المذكورة.
وتوقفت مصادر أمنية عند بعض المعطيات الميدانية بعد الكشف على السيارة المفخخة ونوعها وطريقة تفخيخها، مشيرة إلى أن هذه هي المرة الأولى التي تستخدم فيها سيارة حديثة الطراز.
إذ أن العدو كان يعمد إلى زرع العبوات الناسفة المموهة كالصخور على جانب الطرق كما حصل مع الشهيد أبو حسن سلامة أو الاعتماد على سيارات قديمة أو تفخيخ سيارات المستهدفين.
ولفتت المصادر إلى أن منفذي العملية اختاروا السيارة المستخدمة كونها تشبه سيارة أحد جيران الشهيد المجذوب الأمر الذي من شأنه أن يوفر لهم التمويه والحرية في ركن السيارة مباشرة أمام المدخل من دون لفت الانتباه أو إثارة الريبة. والسيارة ركنت ليلاً بعدما أعد تفخيخها بعناية ودقة متناهيتين.
والعبوة موجهة ووضعت في الباب الخلفي لجهة اليمين وقدرت زنتها بحوالى 400 غرام، وهي محشوة بالكرات والمسامير وجرت عملية التفجير لاسلكياً من مكان يشرف على المدخل لحظة خروج المجذوب وشقيقه من المبنى الذي يقطنه.
وقد أدى الانفجار إلى تدمير السيارة بشكل كلي وتطاير سقفها وأجزائها مسافة عشرات الأمتار من موقع الانفجار. كما تسبب بتضرر عدد من السيارات التي كانت متوقفة في المكان، وتحطم زجاج عدد من الأبنية المحيطة.
وفور وقوع الانفجار، هرعت إلى المكان سيارات الإسعاف والإطفاء بالإضافة إلى عشرات المواطنين، فيما ضربت القوى الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي طوقاً أمنياً حول المكان. وحضر عدد من الخبراء العسكريين قاموا بمعاينة السيارة ورفعوا عينات منها.
تعليق