هكذا هم مجاهدو كتائب الشهيد عز الدين القسام ، يشترون الآخرة ويبيعون الدنيا رخيصة في سبيل الله، فهم رجال ما عرفوا غير دروب الحق والسير فيه، برغم ما يلاقونه من ظلم ذوي القربى وإجرام الاحتلال المتواصل، رجال باعوا الحياة رخيصة لله والله اشترى .
ففي مثل هذه الأيام كانت ضفة العياش والهنود على موعد لوداع رجال أرعبوا عدوهم ، وأذاقوه الويلات ، فقد رحلوا بأجسادهم لكن أرواحهم ما زالت فينا ، فسيخرج العشرات بل الألوف ليسيروا على نهج القادة الشهداء رغم المحن والابتلاءات ، وعلى نهج الجهاد والاستشهاد حتى يحرروا ارض فلسطين من العدو وأذنابه.
فكان نصيب الشهيد القسامي نشأت الكرمي (33 عامًا) ورفيق دربه الشهيد القسامي مأمون النتشه أن يفوزا بالجنة بعد طول اشتياق وبعد مشاور طويل في الجهاد.
أحد عباقرة حماس
القائد القسامي نشأت الكرمي (33 عامًا) وُصف بأحد عباقرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فيما كان يصفه الاحتلال باسم "المهندس" كأحد خلفاء المهندس الكبير لـ"كتائب القسام" يحيى عياش.
وينحدر الكرمي من مدينة طولكرم شمال الضفة المحتلة، إلا أنه يقطن في مدينة الخليل منذ التحاقه بكلية الهندسة في جامعة الخليل عام 1997، وكان يرأس مجلس اتحاد الطلبة، وتعرض للاعتقال في سجون الاحتلال ما مجموعه 7 سنوات.
أدركت قوات العدو الصهيوني خطورة هذا المجاهد القسامي العنيد مبكرًا، فتمسكت باعتقاله سنوات طويلة ناقلة إياه بين عدة سجون صهيونية، حيث قرر الأخذ بزمام المبادرة وتصفية حساباته مع الصهاينة منطلقًا من خليل الرحمن.
وكانت صحيفة "معاريف" العبرية قد كشفت عن محاولة لاعتقال الكرمي مجددًا عقب عملية الخليل "سيل النار" ، حيث بينت أن محاولات اعتقاله تتركز على اتجاهين، أولهما في الخليل، حيث نشأ الكرمي ودرس وتزوج، أما الاتجاه الثاني فهو نحو أسرته في مدينة طولكرم وهو مسقط رأسه الأصلي.
وحسب التقديرات –تقول الصحيفة– فإنه يعتقد أن الكرمي يمكن أن يكون عاد إلى طولكرم للحصول على مساعدة أقاربه في الاختفاء عن أعين الاحتلال ومليشيا "فتح"، ولهذا اعتقلت مليشيا "فتح" شقيقيه محمد وبشار الكرمي قبل عدة أيام للضغط عليهما للوصول إليه.
مطلوب مزدوج
ويعتبر المجاهد الكرمي فعليًّا مطلوبًا مزدوجًا، حيث تلاحقه قوات الاحتلال منذ صغره ومطلوب أيضًا في ذات الوقت لميليشيا عباس في الضفة المحتلة التي ما تفتؤ تلاحق المجاهدين وتزجهم في سجونها أو ينتهي الأمر بتصفيتهم كما حدث مع محمد السمان ومحمد ياسين بعد أن سبقهم اغتيال ثلاثة مجاهدين في قلقيلية.
وكانت صحيفة "معاريف" قد أكدت أن هناك سعيًا حثيثًا من قبل مليشيا "فتح" وقوات الاحتلال للوصول إلى المطلوب الكرمي لاعتقاله أولاً، وتصف ما يجري بأنها "معركة ضد عقارب الساعة"، إلى أنها تمكنت من اغتياله صباح يوم الجمعة (8-10-2010) ومساعده مأمون النتشة.
وكشفت مصادر " أن القائد نشأت الكرمي ومساعده مأمون النتشة كاناكتيبة كاملة في فعليهما وجهادهما.
فيما يؤكد مراقبون أن التكتيك والتخطيط الذي نفذه القائد الكرمي في عملياته الجهادية مؤخرًا يوضح أنه صاحب عقلية قوية وعقلٍ مدبر.
جهاد حتى اللحظة الأخيرة
فقد أقدمت القوات العدو الصهيوني صباح الجمعة (8-10) على اغتيال الشهيد القائد نشأت الكرمي ومساعده مأمون النتشة، وذلك بعد ثماني ساعات من المقاومة لحظة تحصنهم في أحد المنازل في مدينة خليل الرحمن.
وكانت قوات الاحتلال الصهيوني معززة بأكثر من 40 آلية عسكرية مصحوبة بعدد من الجرافات، ووسط تحليق مكثف من الطائرات المروحية والاستطلاعية بدأت منتصف الليل عملية عسكرية هي الأوسع في الأشهر الأخيرة تركزت في جبل جوهر في الخليل.
وقالت مصادر محلية إن قوات الاحتلال حاصرت منزل المواطن سعدي برقان المكون من ثلاثة طوابق ومنازل لأقارب له في المنطقة وطلبت منهم عبر مكبرات الصوت الخروج إلى الشارع، قبل أن تبدأ بقصف المنزل بالأسلحة الرشاشة والقذائف.
وأضافت المصادر أن جرافات الاحتلال اقتربت من المنزل وهدمت أجزاء منه، فيما لوحظ أن جنود الاحتلال يتخوفون من اقتحام المنزل الذي يعتقد أن عددًا من المقاومين تحصنوا داخله، فيما أكدت المصادر أن قوات الاحتلال لا تزال تنتشر في المنطقة.
تعليق