إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الشهيدين القائدين "مصطفى عبد الغني" و"عثمان صدقة": مجاهدين سطرا بدمائهما صفحات من ال

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشهيدين القائدين "مصطفى عبد الغني" و"عثمان صدقة": مجاهدين سطرا بدمائهما صفحات من ال

    الإعلام الحربي- خاص:



    يا أيها العظماء.. يا أيها السالكون معارج السماء.. لم تغيبوا.. نراكم هنا والصورة في منتهى النقاء.. أشرقوا من عليائكم وانظروا ألينا نعتمر أكاليل الغار.. وعدوكم مذا ارتفعتم ما زال يهوي من انكسار إلى انكسار.



    تمر علينا اليوم الثلاثاء الموافق (17-5) ذكرى رحيل الشهيدين القائدين "مصطفى عبد الغني وعثمان صدقة" من قادة سرايا القدس بالضفة المحتلة، والذين سطرا بدمائهما صفحات مشرقة من الجهاد والفداء، التي أوجعت المحتل وضربته في عقر داره.



    الشهيد القائد "مصطفى حسين عبد الغني" مثالاً في التواضع وحسن الأخلاق



    القتل لا الاعتقال

    في الساعة الحادية عشر من ليل الأربعاء كانت الآليات العسكرية تحاصر المكان. ومن صوت جنازيرها وهرتقات الدوريات المرافقة أدرك الأهالي ان هناك عملية عسكرية لتصفية احدهم مثلما اعتاد الاحتلال ان يفعل في الآونة الأخيرة ففكرة الاعتقال لم تعد ترضيهم فالتصفية في المكان هو الحل.



    كانت منطقة رفيديا وبالتحديد شارع 15 هو مكان الحدث والهدف لا احد يعرفه الى الان...والكل يخمن " لعله بيت فلان".او "بيت علان".وفي المنزل الذي كان لعائلة "نابلسية معروفة" كان الثلاثة يتحصنون وكان بينهم مصطفى الذي كان يشعر بقرب اجله، وهذا ما سره لشقيقته في اخر اتصال هاتفي معها :" اذا صار لي شي اصبري وتحملي وادعيلي انا حاسس اني رح أنول الشهادة ان شاء الله قريبا". قال لها.



    وصل لما يريد

    واليوم كانت أمنيته في الشهادة قد تحققت، حسبما تقول الشقيقة التي بدت ان ما كان يبثه إليها عبر موجات هاتفه النقال من إحساسه بقرب اجله قد هون عليها الكثير، فبدت وهي تنتظر جثمانة ليصل من نابلس صابرة وهادئة. قالت لنا من خلال المكالمة الهاتفية التي لم تمتد اكثر من 20 دقيقة " هذا ما كان يريده ذلك الشهيد الغريب الحزين والوحيد...".



    لماذا تنعتيه بهذا ..؟ " كان يهب نفسه لحزن طويل استمر طيلة سنواته الأخيرة...كنت أشعره غريبا عن كل من حولنا له عالمه الخاص ...وكثيرا ما كنت أدرك انه سيكون غريبا عن هذه الدنيا ايضا فيمضي منها مسرعا".أجابت.



    مصطفى عبد الغني 23 عاما، انسان هادئ دمث الأخلاق، قوي جدا وله أسلوبه وحجته في الحديث، ومتدين جدا ... وقفت حياته العلمية عند حد الدراسة الثانوية العامة العام الذي لم ينته إلى الآن فقد اعتقل أربع مرات منذ حينها...الأولى أثناء امتحاناته النهائية لدى قوات الاحتلال ثم أفرج عنه لتقوم السلطة باعتقاله وبعد الإفلات من سجون السلطة عاودت قوات الاحتلال الصهيوني باعتقاله مرة أخرى لتفرج عنه بعد اعتقاله إداريا دام ستة اشهر, بقي بعدها طليقا إلى أن اعتقلته السلطة الفلسطينية بعد عملية استشهادية قام بها احد زملائه، ليتيه ثلاثة أشهر مطاردا وينتهي به الحال شهيدا، بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي وسرايا القدس.



    صيدا

    بلدته-صيدا- شمال طولكرم، معقل الجهاد الإسلامي وقاده السرايا، اجتمع أهالي القرية لمواساة من بقي من عائلته شقيقته ووالده ..فالوالدة توفت قبل عام ونصف فيما كانت الأخت الاكبر قد انتقلت للسكن في بلدة علار القريبة بسبب الزواج، واستقر الحال بالابن البكر للعائلة في معتقل مجدو" أمي ماتت بسكتة قلبية من حسرتها على "مصطفى وبكر" فمصطفى كان مطاردا وبكر في السجن.



    وتابعت :" لم نكن نراه كان فقط من وقت لاخر يتصل بي على هاتفي المحمول خاصة ايام اعتقاله لدى السلطة في سجن اريحا، كان يفضي اليه همومه وخاصة الأوضاع الصعبة التي كان يعيشها هناك ، قبل ثلاثة أشهر تقريبا علمنا انه أطلق سراحه من السجن الا اننا لم نكن نعلم اين هو بالضبط...كان يؤكد لي انه لا يزال في اريحا".



    الدنيا ليست له

    وعن سماعها خبر استشهاده قالت :" هذه اول مرة اعلم فيها ان مصطفى في نابلس، فقد اتصلت بي شقيقتي من علار تقول لي ان هناك نبأ على تلفزيون المحبة والسلام المحلي يقول ان مصطفى استشهد في نابلس، لم اصدق الامر وقلت لها: هو في اريحا، ورحت احاول الاتصال على هاتفه المحمول عبثا". وتتابع :" بعد ذلك اتصلوا بنا من المسشتفى فعرفت ان الخبر اكيد لا محاله".



    "مصطفى" احد قادة سرايا القدس ... رحل قبل أن يصل إلى يوم 28 من حزيران ليكمل ال23 عاما على الارض "هذه الدنيا ليست له ...كان دائما وحيدا عليها عله الآن يلقى أحبابه وأصدقائه ..." ختمت الاخت التي طوت خبأت حزنها عليه لأيام وربما سنوات قادمة ..." هو الأقرب إلى قلبي وعقلي فمنذ وفاه والدتي وانا بمثابة الام والأخت والأخ ".



    الشهيد القائد "عثمان صدقة" صديق الشهداء



    ميلاد فارس

    ولد الشهيد المجاهد عثمان صدقة في عنزا قضاء جنين في العام 1980. درس حتى المرحلة الثانوية في مدارس البلدة وكان من ناشطي الجماعة الإسلامية في المدرسة قبل ان يصبح ناشطا وعضوا فاعلا فيها بعد التحاقه بجامعة القدس المفتوحة في برنامج الإدارة .تاركا بصمة البذل واضحة في نفوس كل عرفوه .. من الأهل والأقارب والجيران والزملاء وحتى إخوة السلاح والمطاردة والهجمات.. أصبح عثمان من نشطاء حركة الجهاد الإسلامي في جنين فتم اعتقاله في 1/9/2002 وقبع خلف القضبان الصهيونية عامين .. خرج بعدها مصرا على تحقيق حلمه وبلوغ أمنيته .. حلم واحد يسيطر عليه .. سار لتحقيقه بكل طاقته انه حلم الشهادة الذي تأصل في نفسه عميقا حتى بات ينازعه على قيامه بدوره كمعيل وحيد لأسرته المكونة من والدته و أخوات ثلاث واخوين بعد رحيل والده منذ عامين.



    رغبته تنتصر

    انتصرت رغبته في الآخرة على دوامه في زخرف الدنيا الزائل فالتحق بسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وتعمقت علاقته بقادة الجناح من طولكرم من أمثال لؤي السعدي ونضال ابو سعدة ومعتز ابو خليل ومصطفى عبد الغني الذي أصبح ملازما له في كل تحركاته .



    بحجة البحث عن عمل كما اخبر أهله توجه عثمان الى رام الله وظل على اتصال بأهله ينقل لهم دوما انه على خير ما يرام وانه جاد في البحث عن عمل يعيل الأسرة ويساعده على إتمام دراسته .



    المطاردة

    عندما قام الجنود الصهاينة وعلى احد الحواجز الطيارة بمعاينة هويته طلب الجنود منه التوقف وشرعوا بالانقضاض عليه لاعتقاله .. لكن صدقة تمكن من الافلات منهم وفر هاربا تاركا هويته معهم ومن وقتها أصبح اسم صدقة يتصدر قوائم المطلوبين للتصفية من حركة الجهاد الاسلامي في الضفة .. لتجمعه الأقدار بصحبة مميزة.. اخوان في الدنيا والآخرة فكان بصحبة المجاهد مصطفى عبد الغني .



    كانت تحركاته وزميله تتم تحت ستار الظلام لذا قرر عثمان صدقة تغيير عدساته اللاصقة بأخرى مكبرة وتساعد على الرؤية الواضحة في الليل . زيارته لطبيب العيون في المشفى نقلته الى لعب دور نبيل ندر ان يلعبه احد فقد تناهى الى مسامعه قصة أشخاص محرومون من نعمة البصر وبانتظار عملية زرع قرنيات لتمكنوا من الإبصار لاول مرة في حياتهم فيتحرك في شخصه الكريم نموذج نادر للعطاء عندما يوقع على تعهد بتقديم قرنيتي عينيه لاثنين من هؤلاء المرضى بعد استشهاده.

    ليلة الاستشهاد

    قبل الرحيل بيومين يصر عثمان على سماع صوت والدته فلا يكون منه الا طلب واحد تقول والدته والألم يعتصر قلبها والدموع تمور في عينيها قال لي : "اسمعيني رضاكي يا امي فانا بحاجة اليه .. فرحت أرضى عليه والهج له بالدعاء فاستحثني قائلا:" ولا تنسي أن ترضي على رفاقي ايضا" فرحت ادعو له ولهم فاستوقفني قائلا:" امي اعيدي ذلك اريد تسجيله على الجوال" وبالفعل كررت ما قلته عندها تنهد وقال :" الآن لا تسعني الدنيا من السعادة يا والدتي الغالية".لم تكن ام عثمان تدرك ان هذه كلماتها تلك هي آخر ما ستتبادله مع ابنا البكر . لم تتصور انها آخر مكالمة قبل الرحيل .



    الاستشهاد

    المكان: بناية محاطة ببستان في شارع 15 في رفيديا في مدينة نابلس . الزمان : الحادية عشرة ليلا .. تعالت في تلك المنطقة أصوات الدبابات والآليات التي حاصرت المبني لم يدرك السكان في تنلك المنطقة أن عثمان الذي يصعد منذ اقل من نصف ساعة حاملا عشاءه ورفيقيه ايمن عامر من علار ومصطفى عبد الغني من صيدا وتسللت خلفه سيارة إسعاف لم تكن الا كمين منصوب للمجاهدين الثلاث وان سيارة الإسعاف لم تكن تقل المسعفين كالعادة بل تزخر بعناصر قوة صهيونية خاصة. دقائق قليلة مرت بعد ان وطأت قدم عثمان الشقة وبدأ اطلاق النار صوبها من كل حدب وصوب. وبسرعة البرق تناول المجاهدون سلاحهم واخذوا يطلقون نيرانهم نحو الآليات التي تحاصرهم .تمكن أيمن من النزل إلى مدخل البناية ليستعد لتفجير نفسه قبل ان تنهال عليه الرصاصات وتصيبه إصابة بالغة تلقي به بلا حراك . وتحصن عثمان خلف خزان المياه وباشر بإطلاق النار قبل أن يصاب وعلى جدار البناء يخط صدقة بدمه الزكي عبارة " الله اكبر" ثم يلتقط أنفاسه ويعلو هتافه بالتكبير وهو يواصل إطلاق النار قبل أن يلقى الله شهيدا مقبلا غير مدبر، يجثو على ركبته اليمنى ويضم الأخرى نحو صدره وقد تسمر إصبعه حول زناد بندقيته .



    أما رفيقه مصطفى عبد الغني فيواصل إطلاق النار ويصيب بنيرانه عددا من الجنود الذين تثور ثائرتهم ويهدمون بقايا البيت بالجرافات على رؤوس المجاهدين ويلقى الله شهيدا في ليلة دامية .



    وحشية وحقد أعمى

    تصل الوحشية والهمجية المعهودة مداها عند تلك الكائنات المتمثلة بجنود الاحتلال الصهيوني لا احد يعلم من أين تأتي بشحنات الحقد الأعمى والسادية التي تجعلها تعذب الجرحى حتى تقتلهم على مسمع ومرأى المواطنين.لم يمت ايمن عامر البالغ من العمر 24 عاما بل اصيب وقد طلب الجنود الصهاينة من طاقم الاسعاف الذي حضر مع شروق الشمس بنقل جثامين الشهداء الى مكان مكشوف لقوات الاحتلال المحاصرة . فيكتشف المسعفون ان ايمن ما زال ينبض بل ويطلب منهم ابقاء امر بقائه حيا طي الكتمان ويرجوهم ان يحملوه بهدوء حتى لا يثيروا الآلام المبرحة التي تجتاح جسمه بعد إصابته بعدة أعيرة نارية استقرت أخطرها في صدره. بالفعل ينقل جسده بروية ولكن الصهاينة يطلبون تجريده من ملابسه وإبقائه في العراء أمامهم. لكن ايمن ومن فرط وجعه يتأوه فيكشف أمره وينقض عليه الجنود كالكلاب المسعورة يوسعونه ركلا وضربا ببنادقهم على موضع إصابته فتردد ساحات رفيديا اصداء صراخه حتى يخمد صوته ويتم اعتقاله وهو ينزف ويئن ويرتجف ألما. وفي اليوم التالي يعلن عن وفاته!!.جريمة أخرى تضاف الى سجل ملوث بدماء الأبرياء من الشعب الفلسطيني المجاهد.



    في حدود الساعة الثامنة والنصف انتهت العملية العسكرية لجيش الاحتلال، واستمرت حتى الثامنة والنصف صباحاً بارتقاء الشهيدين عثمان قاسم محمد صدقة "26 عام" من قرية عنزا ومصطفي عبد الغني "20 عام" من قرية صيدا بطولكرم وإصابة واعتقال أمين عامر "24 عام" وجميعهم من مجاهدي سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.



    عثمان صدقة يعود ثانية للمشفى ليس لتبديل عدساته اللاصقة هذه المرة بل لمنح اثنين ممن حرموا نعمة البصر قرنيتيه ليتمكنوا من الإبصار لأول مرة في حياتهم . زرعت القرنية الأولى في عين "نور" البالغة من العمر 15 عاما والأخرى في عين "عاهد" البالغ من العمر 45 عاما . لحظات ثقيلة مرت قبل نزع الضماضات عن عيونهم لتضيء الدنيا امام عيونهم لاول مرة منذ ولدا ويكون اول منظر يرونه صور عثمان صدقة وصور آثار العملية الوحشية التي أدت الى استشهاده فيكون اول رد فعل لهما البكاء بحرقة والم على هذا الإنسان الذي احيا بعد موته عيون ميتة .. وانار الدنيا امامها بعد ان عاشا في ظلام دامس.



    ام عثمان تقول:" عندما علمت بان عثمان تبرع عن طيب خاطر بقرنيتيه فرحت فنور وعاهد يبصران بعينيه وعندما يزوران اسرتي كما وعدا في اتصالاتهما المتكررة منذ خروجهما من المشفى ستكون سعادتي كبيرة فجزأ من عثمان ما زال حيا. فقد منح حياة أجمل لأناس محرومين".
    الاعلام الحربي لواء رفح
يعمل...
X