أقدم مطلوب في الضفة الغربية .. بعد 15 عاما من المطاردة احمد رداد شهيداَ(10:31)
من بلد الأبطال ولدت قصة بطولة. من ارض الفداء نسجت خيوطها المتينة. ممزوجة بعبق الثوار.. مشبعة بأنوار الشهادة . من صيدا الفداء والإباء تبدأ قصتنا..
احمد رداد اسم يصنع مع كل حرف من حروفه صدى للشجاعة والبطولة والإقدام.
النشأة:
احمد سليمان فريد رداد المولود في العام 1974 في بلدته صيدا قضاء طولكرم . درس في مدارسها حتى الصف العاشر . ظل ناشطا في الجماعة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي حتى تم اعتقاله ليحرم من مواصلة تعليمة والحصول على شهادة الثانوية العامة إلا من خلف القضبان.
في العام 1997 يعتقل رداد ثانية ويقضي بضعة اشهر خلف القضبان . وما كاد يتنشق أنسام الحرية حتى يعاد اعتقاله وهذه المرة في سجون السلطة الفلسطينية . وبعد وساطات لحوحة يتم الإفراج عنه.
في العام 2000 يتزوج احمد رداد من إحدى فتيات بلدته وتدعى أمل. وحول حياتها معه تقول امل:" كان زوجا مثاليا . حنونا وطيبا وكتوما لأبعد الحدود " قضيت معه حياة شوهتها مداهمات الجنود الصهاينة للبحث عنه" .
امل وصفت حياتها مع رداد بالمغامرة الكبرى قضتها متنقلة بين بيوت الأقارب في وقت أصبح فيه احمد رداد مطاردا منذ العام الأول لزواجهما
زيارات خاطفة
عام تلو عام يمر على أسرة احمد رداد وسط المداهمات ونوبات الرعب التي كان يمارسها عدو حاقد جبان ضد أسرة يجتمع بها أطفال بعمر الورد : ساجد واخته تسنيم . فتارة ينفجر الباب اثر قنبلة وتارة يتحطم الأثاث على وقع الضربات الموجهة من قبل جنود يبحثون بإلحاح لجوج عن احمد وبشكل يومي اعتاده الأطفال قبل الزوجة.وتارة تقضي الأم مع أطفالها ساعات في المطر والبرد ريثما يتم التنقيب بين الأثاث عن احمد!.
ويأتي عام 2004 ليغادر احمد بلدته صيدا ولا يعود إليها ويقضي وقته متنقلا بين طولكرم وجنين والأحراش المحيطة بالمدينين يقاسي برد الشتاء وحرارة الصيف في المغاوير التي أصبحت منزله وشوقه يشده إلى أبنائه وأسرته والذين يصبح لقاؤهم حدثا يخطط له بتدبر ويحتاج أياما من التكتيك ليسترق النظر إلى أطفاله أو يلقى نظرة على أهله وسط جو مشحون من الترقب بين الأشجار أو في احد البيوت المهجورة.
وفي أوائل تشرين ثاني 2005 وفي بداية شهر رمضان المبارك يختار السكن في نابلس في إحدى الشقق المفروشة وبطريقة مدبرة يتم نقل الزوجة والأطفال ساجد البالغ من العمر 5 سنوات وتسنيم البالغة 3 سنين وبتول ابنه الشهور الخمس ولمّ شملهم أخيرا تحت سقف واحد بعد فراق دام أكثر من عام .
ولمزيد من الاحتياطيات ينتقل رداد وأسرته إلى شقة أخرى في عمارة الأشقر الواقعة في شارع جنيد يقضى فيها شهر كامل دون أن يتحرك من البيت قيد أنملة.
رداد يجند خلية ضاربة
تكاثرت محاولات اغتيال رداد . فقد أدرج اسمه من بين المطلوبين للتصفية ونجا بالفعل من عدة محاولات كان آخر قبل يومين من اغتياله راح ضحيتها جملة من أصدقائه مثل الشهيد عبد الفتاح رداد والشهيد ماجد الأشقر و الشهيد المجاهد شفيق عبد الغني الذي كانت تربطه برداد علاقة قوية يشد عراها هدف واحد ويكللها بالنجاح فكر الجهاد الإسلامي .
وبعد ان استقر برداد المطاف في نابلس واصل عطاءه المتدفق ليبني نواة خلية ضاربة تقتحم الأهوال وتنفذ ضربتها القاصمة في عمق العدو وكل هذا في سرية كاملة وتكتم منقطع النظير.
الاغتيال
على غير عادته في تلك الليلة يقرر احمد النوم باكرا وفي حدود الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 6/2/2006 ينفجر الباب الحديدي ومدخل الشقة التي يقيم فيها رداد مع أسرته والغريب انه ورغم الانفجار العنيف لم يستيقظ رداد او زوجته ! إلا بعد أن تحطم الباب الخشبي لغرفة نومهما وتناثر الزجاج على اثر إطلاق النار الذي صار ينهمر حولهما من كل حدب وصوب.
عن تلك اللحظات القاسية تتحدث أمل رداد:" وجدتني اصرخ مع أبنائي ذعرا وقد غطتنا شظايا الزجاج المحطم واخذ الجنود يشدوني بعنف وقسوة لمغادرة البيت وبإشارة من احمد الذي توارى في زاوية الغرفة على نحو لا يراه فيه احد غادرت شقتي مع أبنائي المذعورين مكرهة وقد تواصل إطلاق النار وإلقاء القنابل"
وفجأة ينطلق صراخ الجنود ويهبطون سلم البناية وقد غطت الدماء ثلاثة منهم ويبدأ الجنود المذعورين والذين فوجئوا بوجود مسلح في البناية وأصابتهم بإصابة مباشرة قاتلة يجرون أمل وأطفالها ويصرخون في وجوههم حتى اقتادوهم إلى قبو البناية واطفأوا الأنوار وحانت لحظة حاولت فيها أمل اللجوء إلى احد البيوت في البناية ولكن المصعد كان معطلا وهجم عليها الجنود وقد اشهروا سلاحهم في وجهها وصراخ أولادها يتعالى .
كانت البناية ثكنة عسكرية ينبع الجنود منها من جميع الجهات وتم نقل الأم وأطفالها في جيب عسكري بعد وصول سيارات الإسعاف لحمل جرحاهم إلى منطقة بعيدة لا تعود قادرة منها على متابعة الحال.
تتحدث أمل رداد عن هذا الموقف فتقول:" كانوا مصابين بنوبة من الجنون وصراخهم يعلو على بعضهم البعض وأخيرا حضر ضابط عرف نفسه انه كابتن غزال قائد منطقة نابلس العسكري واخذ يضغط علي ويهددني ويرعبني ليجبرني على البوح بمكان احمد ومن فرط خوفي ورعبي أخبرته أن احمد في البيت ولكنه عاد يصرخ بعصبية بالغة: "كم معه من الأسلحة ؟وما نوعها؟ وكم معه من المقاومين؟؟" وتضيف ام ساجد:" اخذ يعرض علي أنواع الأسلحة ليصل لنوع السلاح الذي بحوزة احمد .كنت اعرف تماما ان احمد يحمل مسدسا وبندقية ام 16 وذخيرة ولكن هذا الكابتن المهووس ظل مصرا على أنني كاذبة وانه لابد من وجود مجموعة في الشقة وأنها مسلحة بأنواع أخرى من الأسلحة"
مرت ساعات ثقيلة وأشرقت الشمس وساجد وتسنيم ينادون والدهم ودموعهم تنهمر وأوصالهم ترتجف رعبا وبردا. وصراخ وعويل بتول الرضيعة يعلو دون ان يكترث احد بهم وأخيرا جاء الكابتن غزال ومعه طعام وقال:" كلي وأطعمي أبناءك" ولكن أمل رفضت تناول الطعام او حتى شرب الماء ورفضت إطعام أبنائها .
ويوافق غزال على طلب أمل بإرضاع ابنتها بوجود جنديين معها في الجيب ! وبعد مشادة كلامية بينهما يقرر اصطحابها إلى احد البيوت ويسمح لها بإرضاع طفلتها لخمس دقائق لا اكثر !.بعدها يقتحم الجنود الغرفة عليها ويجذبونها خارجا .
احمد هرب.. الكابتن يلطم رأسه قهرا
غاب كابتن غزال عن أمل ساعة ونصف وقد قاربت الساعة على العاشرة عندما حضر وقد ارتسمت على وجهه معالم الخيبة والقهر واخبرها بان احمد هرب!.تقول أمل:" شعرت بالفخر يملؤني وسألته : كيف تمكن من الهرب منكم؟"
اخذ كابتن غزال يزوم كثور هائج بعد كلماتي ولطم على رأسه بيديه ! ثم هب صارخا في وجهي خاصة واني أتحدث إليه بلهجة ساخرة واخبرني بأنه مضطر لان يتصرف معي تصرفا آخر!".
ثم احضر ورقة وطلب من الزوجة رسم مخطط للشقة اخذ يدون عليها ملاحظاته .
تقول أمل:" تعمدت إعطائه معلومات مغلوطة وكنت أتوقع منهم أذى كبيرا ولكن بعد احمد لم يعد يهمني شيء"
محاولات فاشلة
شهود عيان للواقعة تحدثوا علن عدة محالات فاشلة لاقتحام الشقة كان أولها تكثيف إطلاق القنابل من قاذفات نصبت على الأسطح المجاورة للبناية المكونة من طوابق ثمان.
ومحاولة أخرى لعمل فتحة من أرضية الشقة والصعود منها وأخرى في سقفها ولكن دون جدوى كل هذا وإطلاق الرصاص مستمرا من داخل الشقة واحمد يقاوم لآخر رمق . بعد ذلك خمدت الحركة دخل الشقة وسقط رداد شهيدا .
ثم ادخلوا روبوت "رجل آلي" إلى الشقة يتم التحكم به عن بعد ليتأكدوا من استشهاد احمد ثم انزلوا مرآة كبيرة مربوطة بعصا عبر النافذة لرؤية أشلائه الطاهرة التي تناثرت وملأت الشقة بعد تفجير قنبلة بجسده المسجى .ثم استولوا على ملابسه وعلى جميع الأوراق الثبوتية الخاصة بزوجته .
احمد استشهد
في حدود الساعة الحادية عشرة حضر الكابتن غزال وقال :" أمل أنا آسف .. احمد استشهد"
تصف امل الموقف بقولها :"كانت لحظة تضاربت فيها مشاعري بين الحزن والقهر والغضب والفرح" فقلت : الله يرحمه.. ذهب الى الجنة.. وماذا عنكم ؟
أجاب بعد صمت وقد أثاره استخفافي بالخبر: لا اطمئني نحن بخير فقط إصابتين طفيفتين!.
أجبته مباشرة:" لا. رأيتهم بنفسي كانوا ثلاثة وكانت إصابتهم قاتلة"
بعد كلماتي ضرب الجدار بيديه و صفق الباب في وجهي واخذ يصرخ بالعبرية على جنوده ويلومهم فاخبروه أنهم أخذوني إلى مكان مظلم عندما وقعت الإصابات في صفوفهم.
عاد كابتن غزال إلي ثانية وقال:" نحن أيضا سوف نذهب إلى الجنة. زوجك قاتل .. قتل العديد من الأبرياء وهو اكبر مطلوب في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الأولى.وأنا أتابع تحركاته بنفسي منذ شهر ونصف.
صرخت في وجهه:" سيأتي مئة احمد وسترون الويل منهم "
أجابني بغضب واضح:" انتو شو؟؟؟ ما بتخافوا؟؟؟؟؟
اجبته صارخة : لا نخاف ابدا وسأكون مجاهدة مثل احمد وسأربي ابني ليكون مثل ابيه.
فيجيبني : زوجك اختار هذا المصير ولكن احترسي أن تفعلي هذا مع ابنه ..علميه حب الحياة .
ثم انتابت أمل نوبة عصبية جعلتها تصيح في الجنود :"اقتلوني معه أيضا "
في تلك اللحظة صوب عشرات الجنود أسلحتهم نحو أمل وأطفالها وسحبوا زناد بنادقهم والشرر يتطاير من عيونهم.
اخاف ان يسمعنا اليهود
ساجد يتحدث باستمرار عن تلك الواقعة ويقول:" أبي قتلوه الجيش " ويقول هامسا:" أنا أحب بابا" وترد والدته عليه:" وهو يحبك ولكن لماذا تهمس؟ قل أحبه بصوت عالي ".فيرد الصغير ولم يفارق ذاكرته مشهد القتل والدمار الذي حل ببيته :لا يا ماما اللي بيحب بابا بيطخوه الجيش! "
بعد الرحيل
رحل احمد رداد بعد مطاردة استمرت أكثر من 15 عاما وبقي طيفه في النفوس يغذيها بسالة ويرويها شجاعة ويزرعها عطاء ويهزها ثورة وجهاد ويترنم فيها إيمانا ويحلق فيها نحو المجد نحو الخلود نحو الجنة.
هنيئا لكم ايها الشهداء..هنيئا لك يا صــيدا
[mtohg=FFFFFF]http://www.el-malak.net/uploads/images/malaksoft-58eb45e21b.jpg[/mtohg]
[mtohg=FFFFFF]http://www.el-malak.net/uploads/images/malaksoft-39d529f0b6.jpg[/mtohg]
[mtohg=FFFFFF]http://www.el-malak.net/uploads/images/malaksoft-8e02c31542.jpg[/mtohg]
من بلد الأبطال ولدت قصة بطولة. من ارض الفداء نسجت خيوطها المتينة. ممزوجة بعبق الثوار.. مشبعة بأنوار الشهادة . من صيدا الفداء والإباء تبدأ قصتنا..
احمد رداد اسم يصنع مع كل حرف من حروفه صدى للشجاعة والبطولة والإقدام.
النشأة:
احمد سليمان فريد رداد المولود في العام 1974 في بلدته صيدا قضاء طولكرم . درس في مدارسها حتى الصف العاشر . ظل ناشطا في الجماعة الإسلامية الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي حتى تم اعتقاله ليحرم من مواصلة تعليمة والحصول على شهادة الثانوية العامة إلا من خلف القضبان.
في العام 1997 يعتقل رداد ثانية ويقضي بضعة اشهر خلف القضبان . وما كاد يتنشق أنسام الحرية حتى يعاد اعتقاله وهذه المرة في سجون السلطة الفلسطينية . وبعد وساطات لحوحة يتم الإفراج عنه.
في العام 2000 يتزوج احمد رداد من إحدى فتيات بلدته وتدعى أمل. وحول حياتها معه تقول امل:" كان زوجا مثاليا . حنونا وطيبا وكتوما لأبعد الحدود " قضيت معه حياة شوهتها مداهمات الجنود الصهاينة للبحث عنه" .
امل وصفت حياتها مع رداد بالمغامرة الكبرى قضتها متنقلة بين بيوت الأقارب في وقت أصبح فيه احمد رداد مطاردا منذ العام الأول لزواجهما
زيارات خاطفة
عام تلو عام يمر على أسرة احمد رداد وسط المداهمات ونوبات الرعب التي كان يمارسها عدو حاقد جبان ضد أسرة يجتمع بها أطفال بعمر الورد : ساجد واخته تسنيم . فتارة ينفجر الباب اثر قنبلة وتارة يتحطم الأثاث على وقع الضربات الموجهة من قبل جنود يبحثون بإلحاح لجوج عن احمد وبشكل يومي اعتاده الأطفال قبل الزوجة.وتارة تقضي الأم مع أطفالها ساعات في المطر والبرد ريثما يتم التنقيب بين الأثاث عن احمد!.
ويأتي عام 2004 ليغادر احمد بلدته صيدا ولا يعود إليها ويقضي وقته متنقلا بين طولكرم وجنين والأحراش المحيطة بالمدينين يقاسي برد الشتاء وحرارة الصيف في المغاوير التي أصبحت منزله وشوقه يشده إلى أبنائه وأسرته والذين يصبح لقاؤهم حدثا يخطط له بتدبر ويحتاج أياما من التكتيك ليسترق النظر إلى أطفاله أو يلقى نظرة على أهله وسط جو مشحون من الترقب بين الأشجار أو في احد البيوت المهجورة.
وفي أوائل تشرين ثاني 2005 وفي بداية شهر رمضان المبارك يختار السكن في نابلس في إحدى الشقق المفروشة وبطريقة مدبرة يتم نقل الزوجة والأطفال ساجد البالغ من العمر 5 سنوات وتسنيم البالغة 3 سنين وبتول ابنه الشهور الخمس ولمّ شملهم أخيرا تحت سقف واحد بعد فراق دام أكثر من عام .
ولمزيد من الاحتياطيات ينتقل رداد وأسرته إلى شقة أخرى في عمارة الأشقر الواقعة في شارع جنيد يقضى فيها شهر كامل دون أن يتحرك من البيت قيد أنملة.
رداد يجند خلية ضاربة
تكاثرت محاولات اغتيال رداد . فقد أدرج اسمه من بين المطلوبين للتصفية ونجا بالفعل من عدة محاولات كان آخر قبل يومين من اغتياله راح ضحيتها جملة من أصدقائه مثل الشهيد عبد الفتاح رداد والشهيد ماجد الأشقر و الشهيد المجاهد شفيق عبد الغني الذي كانت تربطه برداد علاقة قوية يشد عراها هدف واحد ويكللها بالنجاح فكر الجهاد الإسلامي .
وبعد ان استقر برداد المطاف في نابلس واصل عطاءه المتدفق ليبني نواة خلية ضاربة تقتحم الأهوال وتنفذ ضربتها القاصمة في عمق العدو وكل هذا في سرية كاملة وتكتم منقطع النظير.
الاغتيال
على غير عادته في تلك الليلة يقرر احمد النوم باكرا وفي حدود الساعة الرابعة والنصف من فجر يوم 6/2/2006 ينفجر الباب الحديدي ومدخل الشقة التي يقيم فيها رداد مع أسرته والغريب انه ورغم الانفجار العنيف لم يستيقظ رداد او زوجته ! إلا بعد أن تحطم الباب الخشبي لغرفة نومهما وتناثر الزجاج على اثر إطلاق النار الذي صار ينهمر حولهما من كل حدب وصوب.
عن تلك اللحظات القاسية تتحدث أمل رداد:" وجدتني اصرخ مع أبنائي ذعرا وقد غطتنا شظايا الزجاج المحطم واخذ الجنود يشدوني بعنف وقسوة لمغادرة البيت وبإشارة من احمد الذي توارى في زاوية الغرفة على نحو لا يراه فيه احد غادرت شقتي مع أبنائي المذعورين مكرهة وقد تواصل إطلاق النار وإلقاء القنابل"
وفجأة ينطلق صراخ الجنود ويهبطون سلم البناية وقد غطت الدماء ثلاثة منهم ويبدأ الجنود المذعورين والذين فوجئوا بوجود مسلح في البناية وأصابتهم بإصابة مباشرة قاتلة يجرون أمل وأطفالها ويصرخون في وجوههم حتى اقتادوهم إلى قبو البناية واطفأوا الأنوار وحانت لحظة حاولت فيها أمل اللجوء إلى احد البيوت في البناية ولكن المصعد كان معطلا وهجم عليها الجنود وقد اشهروا سلاحهم في وجهها وصراخ أولادها يتعالى .
كانت البناية ثكنة عسكرية ينبع الجنود منها من جميع الجهات وتم نقل الأم وأطفالها في جيب عسكري بعد وصول سيارات الإسعاف لحمل جرحاهم إلى منطقة بعيدة لا تعود قادرة منها على متابعة الحال.
تتحدث أمل رداد عن هذا الموقف فتقول:" كانوا مصابين بنوبة من الجنون وصراخهم يعلو على بعضهم البعض وأخيرا حضر ضابط عرف نفسه انه كابتن غزال قائد منطقة نابلس العسكري واخذ يضغط علي ويهددني ويرعبني ليجبرني على البوح بمكان احمد ومن فرط خوفي ورعبي أخبرته أن احمد في البيت ولكنه عاد يصرخ بعصبية بالغة: "كم معه من الأسلحة ؟وما نوعها؟ وكم معه من المقاومين؟؟" وتضيف ام ساجد:" اخذ يعرض علي أنواع الأسلحة ليصل لنوع السلاح الذي بحوزة احمد .كنت اعرف تماما ان احمد يحمل مسدسا وبندقية ام 16 وذخيرة ولكن هذا الكابتن المهووس ظل مصرا على أنني كاذبة وانه لابد من وجود مجموعة في الشقة وأنها مسلحة بأنواع أخرى من الأسلحة"
مرت ساعات ثقيلة وأشرقت الشمس وساجد وتسنيم ينادون والدهم ودموعهم تنهمر وأوصالهم ترتجف رعبا وبردا. وصراخ وعويل بتول الرضيعة يعلو دون ان يكترث احد بهم وأخيرا جاء الكابتن غزال ومعه طعام وقال:" كلي وأطعمي أبناءك" ولكن أمل رفضت تناول الطعام او حتى شرب الماء ورفضت إطعام أبنائها .
ويوافق غزال على طلب أمل بإرضاع ابنتها بوجود جنديين معها في الجيب ! وبعد مشادة كلامية بينهما يقرر اصطحابها إلى احد البيوت ويسمح لها بإرضاع طفلتها لخمس دقائق لا اكثر !.بعدها يقتحم الجنود الغرفة عليها ويجذبونها خارجا .
احمد هرب.. الكابتن يلطم رأسه قهرا
غاب كابتن غزال عن أمل ساعة ونصف وقد قاربت الساعة على العاشرة عندما حضر وقد ارتسمت على وجهه معالم الخيبة والقهر واخبرها بان احمد هرب!.تقول أمل:" شعرت بالفخر يملؤني وسألته : كيف تمكن من الهرب منكم؟"
اخذ كابتن غزال يزوم كثور هائج بعد كلماتي ولطم على رأسه بيديه ! ثم هب صارخا في وجهي خاصة واني أتحدث إليه بلهجة ساخرة واخبرني بأنه مضطر لان يتصرف معي تصرفا آخر!".
ثم احضر ورقة وطلب من الزوجة رسم مخطط للشقة اخذ يدون عليها ملاحظاته .
تقول أمل:" تعمدت إعطائه معلومات مغلوطة وكنت أتوقع منهم أذى كبيرا ولكن بعد احمد لم يعد يهمني شيء"
محاولات فاشلة
شهود عيان للواقعة تحدثوا علن عدة محالات فاشلة لاقتحام الشقة كان أولها تكثيف إطلاق القنابل من قاذفات نصبت على الأسطح المجاورة للبناية المكونة من طوابق ثمان.
ومحاولة أخرى لعمل فتحة من أرضية الشقة والصعود منها وأخرى في سقفها ولكن دون جدوى كل هذا وإطلاق الرصاص مستمرا من داخل الشقة واحمد يقاوم لآخر رمق . بعد ذلك خمدت الحركة دخل الشقة وسقط رداد شهيدا .
ثم ادخلوا روبوت "رجل آلي" إلى الشقة يتم التحكم به عن بعد ليتأكدوا من استشهاد احمد ثم انزلوا مرآة كبيرة مربوطة بعصا عبر النافذة لرؤية أشلائه الطاهرة التي تناثرت وملأت الشقة بعد تفجير قنبلة بجسده المسجى .ثم استولوا على ملابسه وعلى جميع الأوراق الثبوتية الخاصة بزوجته .
احمد استشهد
في حدود الساعة الحادية عشرة حضر الكابتن غزال وقال :" أمل أنا آسف .. احمد استشهد"
تصف امل الموقف بقولها :"كانت لحظة تضاربت فيها مشاعري بين الحزن والقهر والغضب والفرح" فقلت : الله يرحمه.. ذهب الى الجنة.. وماذا عنكم ؟
أجاب بعد صمت وقد أثاره استخفافي بالخبر: لا اطمئني نحن بخير فقط إصابتين طفيفتين!.
أجبته مباشرة:" لا. رأيتهم بنفسي كانوا ثلاثة وكانت إصابتهم قاتلة"
بعد كلماتي ضرب الجدار بيديه و صفق الباب في وجهي واخذ يصرخ بالعبرية على جنوده ويلومهم فاخبروه أنهم أخذوني إلى مكان مظلم عندما وقعت الإصابات في صفوفهم.
عاد كابتن غزال إلي ثانية وقال:" نحن أيضا سوف نذهب إلى الجنة. زوجك قاتل .. قتل العديد من الأبرياء وهو اكبر مطلوب في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الأولى.وأنا أتابع تحركاته بنفسي منذ شهر ونصف.
صرخت في وجهه:" سيأتي مئة احمد وسترون الويل منهم "
أجابني بغضب واضح:" انتو شو؟؟؟ ما بتخافوا؟؟؟؟؟
اجبته صارخة : لا نخاف ابدا وسأكون مجاهدة مثل احمد وسأربي ابني ليكون مثل ابيه.
فيجيبني : زوجك اختار هذا المصير ولكن احترسي أن تفعلي هذا مع ابنه ..علميه حب الحياة .
ثم انتابت أمل نوبة عصبية جعلتها تصيح في الجنود :"اقتلوني معه أيضا "
في تلك اللحظة صوب عشرات الجنود أسلحتهم نحو أمل وأطفالها وسحبوا زناد بنادقهم والشرر يتطاير من عيونهم.
اخاف ان يسمعنا اليهود
ساجد يتحدث باستمرار عن تلك الواقعة ويقول:" أبي قتلوه الجيش " ويقول هامسا:" أنا أحب بابا" وترد والدته عليه:" وهو يحبك ولكن لماذا تهمس؟ قل أحبه بصوت عالي ".فيرد الصغير ولم يفارق ذاكرته مشهد القتل والدمار الذي حل ببيته :لا يا ماما اللي بيحب بابا بيطخوه الجيش! "
بعد الرحيل
رحل احمد رداد بعد مطاردة استمرت أكثر من 15 عاما وبقي طيفه في النفوس يغذيها بسالة ويرويها شجاعة ويزرعها عطاء ويهزها ثورة وجهاد ويترنم فيها إيمانا ويحلق فيها نحو المجد نحو الخلود نحو الجنة.
هنيئا لكم ايها الشهداء..هنيئا لك يا صــيدا
[mtohg=FFFFFF]http://www.el-malak.net/uploads/images/malaksoft-58eb45e21b.jpg[/mtohg]
[mtohg=FFFFFF]http://www.el-malak.net/uploads/images/malaksoft-39d529f0b6.jpg[/mtohg]
[mtohg=FFFFFF]http://www.el-malak.net/uploads/images/malaksoft-8e02c31542.jpg[/mtohg]
تعليق