الكتوم ... في زمن الثرثرة
الشوق للعمل صفة لا تفارقه، والتحمس يدفعه للاستعجال.. عندما تلتقيه تجد العمق في عينيه، وقلباً مفعماً بحب العطاء، تشعر بصدق الانتماء، والرغبة بالوفاء. الكتمان ميزة لا تفارقه، والثرثرة أمر يبغضه، وحب العمل الحركي يملأ عليه حياته.
حياته المليئة بالجهاد والعطاء.. لم تدفعه لمزيد من الافتخار، بل لمزيد من العطاء والإقدام.. بل المخاطرة في معظم الأحيان.. وكل ذلك بصمت.. في زمن تعلو فيه الأصوات.. لتحمد بما لم تفعل.. وزمن تسرق فيه الأفكار وتنسب لمن لا يجيد التفكير أو يحسن التدبير.
هم الرجال في زمن يعز فيه الرجال.. هم العطاء بلا حدود.. هم من يضحي بالدماء.. فيما آخرون يلهثون لجمع المال بلا عطاء أو الإنفاق بلا رقيب.
هم الشهداء.. هم وحدهم.. من يجمعون الفرقاء.. فدمهم يعلو فوق الجميع.. وتقصر أمامهم كل الهامات.. وفي شهادتهم عبرة للأجيال؛ ليختاروا النهاية الأجمل في حياة تملؤها المعاناة والحزن بلا توقف.
تاريخ حافل.. كان مجهولاً للكثيرين وعطاء متميز.. لا يدركه قصار العقول. هو الإخلاص.. لمن لا يدرك الإخلاص، والتفاني دون انتظار مثوبة البشر؛ طمعاً بالفوز برضا الرحمن وجنة الخلد التي وعد المتقون الأخيار.. فهنيئاً لك الشهادة يا من سألتها بصدق، فاختارك الله.. أحق لك أن تستشهد لترافق النبيين والصديقين.. وليبقى الثرثارون يتخبطون في المسير، والضباب يملأ عيونهم فلا يبصرون الهدف.
وحدهم الشهداء من يبصرون من خلف الضباب.. فيمتشقون السيف ويلجون الصعاب.. فيلتحقوا بمن سبق..