عندما نتحدث عن الوعي والإيمان والثورة حتماً سنتذكر الشهيد طه الزبيدي ابن مخيم جنين الصمود الذي كان يعيِّش جنود الاحتلال في حالة رعب وخوف جراء بطولاته فكان يزرع العبوات ويطلق النار وينصب الكمائن ويمارس حرباً إعلامية على الجنود الذين حاصروا المخيم حتى مضى شهيدا ليلحق بوالدته التي سبقته في الشهادة.
الميلاد والنشأة:
الشهيد طه محمد عبد الرحمن زبيدي من مواليد مخيم جنين ولد بتاريخ (30/8/1977م)، حيث أن الشهيد أقام في المخيم لاجئاً بعد أن شرده الاحتلال من أراضي 1948م "مدينة الخضيرة"..
وكباقي أهالي المخيم نشأ وترعرع في ظل ظروف قاسية في أسرة مكونة من 4 أخوة وشقيقتان وترتيبه الثالث فيها، توفى والده وعمره 8 سنوات ووالدته استشهدت في أحداث اجتياح مخيم جنين بتاريخ (4/3/2002م) وله أخ معتقل وهو يحيى اعتقل في أحداث الاجتياح الأخير والشهيد كان قد عقد قرانه "خاطب" وقد استشهد في معركة المخيم الباسلة بتاريخ (7/4/2002م) عن عمر يناهز (25 عاماً).
- أنهى الشهيد طه الدراسة الثانوية العامة في مدارس المخيم ثم التحق بمعهد ليعمل في الصحافة.
- عمل الشهيد طه في سلك الشرطة ـ السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله ومع أحداث انتفاضة الأقصى انسحب من سلك الشرطة ليلتحق بحركة الجهاد الإسلامي وليصبح قائد سرية في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
- تعرض للاعتقال من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية في بداية انتفاضة الأقصى لنشاطه في الجهاد الإسلامي إلا أن الشهيد كان قد كثف حوله مجموعات من شباب المقاومة في سجن جنين المركزي وفرَّ من السجن بضغط أهالي المخيم ليصبح مطلوبا لقوات الأمن الفلسطينية والصهيونية.
- كان كتوما لا يحب التصريح بأعماله أمام أحد مهما كان.
- طه زبيدي كان مساعدا للقائد الأسير ثابت مرداوي وغيره من شهداء المقاومة.
- استلم مهمة توزيع السلاح على شباب المقاومة في المخيم.
- استلم مهمة خزن السلاح التابع لحركة الجهاد الإسلامي في المخيم.
- قاد سرية "جند الله" في منطقة حي الدمج في المخيم فكان يغير على دبابات العدو كالأسد الشجاع.
- أهم ما يميز بطولات الشهيد انه استلم مهمة ردع وإخافة الجنود فكان كثيراً ما يحدث أصوات رعب في السماعات ويوجه نداءات بالعبرية إلى الجنود مثل "أيها الجندي.. أنت في مدينة جنين وأمامك الكثير من المفاجئات".. وهذه الكلمات حسب شهادة احد الجنود المشاركين في معركة المخيم كانت تشعرهم بالتوتر الشديد وقد كان الشهيد طه يستخدم مكبرات صوت تم الاستيلاء عليها سابقا من دبابات صهيونية وقد تمكنت طائرات الأباتشي لاحقا من تحديد موقعها وقصفها لشدة ما كان لها من اثر على معنويات الجنود المنهارين أصلاً.
- وفي الفترة الأخيرة غدا الشهيد طه زبيدي مطلوبا للأجهزة الأمنية كونه مسؤول خلية "جند الله"، وفي صباح يوم (7/4/2002م) اصطدمت خلية الشهيد طه زبيدي مع مجموعة من الجنود المتمركزين على بوابة الحي، واشتدت غارة الجنود على الخلية واستنفر الجميع، وكان الشهيد طه فارسا في هذه المعركة وفجأة إذا بقناص يصيب الشهيد برصاصة في الصدر والتقطه إخوانه المقاومين وأخذوه إلى إحدى الزوايا بعيدا عن ساحة المواجهة وإذا بطائرة تحوم فوق المكان وأخذت بإلقاء القذائف على الشبان المتمركزين حول الشهيد فأصابت شظاياها جسم الشهيد مما أدى إلى استشهاده، ويقال انه وجدت آثار ثلاث قذائف انيرجا في جسد الشهيد بعد استشهاده.. وهناك رواية أخرى تفيد باستشهاده بثلاث قذائف انيرجا في اشتباك مباشر مع مجموعة جنود في احد المنازل...
حيث ان الشهيد كان من أكثر المقاومين إزعاجاً للجنود في معركة المخيم وكان دائم الحركة سريع التنقل و له ضربات آلمت قوات الغزو لحد البكاء في معركة المخيم.
- هذا هو الشهيد طه الزبيدي ووالدته الشهيدة سميرة الزبيدي "أم العبد" التي أرضعته الحرية والمجد.. كانت من النساء المقدامات في المخيم والمجاهدات، استشهدت برصاصة غادرة في الصدر ورصاصتين في الرقبة من الخلف وهي في بيتها حيث كان الجنود في الجهة المقابلة من المنزل وكان لها دور فاعل في تقديم المساعدة لشبان المخيم في الاجتياح من علاج وغذاء والمأوى إلى أن استشهدت بتاريخ (4/3/2002م).
- صقلت شخصية الشهيد طه منذ الصغر على حب الله والوطن فغدا شخصية إسلامية نقية.
- أحب الشهيد طه البحر، فكتب له الروايات والمقالات والشعر لا سيما أنه عمل فترة في سلك الصحافة.
- كما أحب الرسم و كان ذا خيال واسع وكتب القصص.
وللذكريات كلمة:
- في عام 2000م كان الشهيد يعمل في رام الله في الشرطة وبعد ظهور نتائج الثانوية العامة حيث كانت أخته كوثر قد نجحت في الثانوية العامة اتصل معها ليسأل عن النتيجة فأجابته بسرور عن نجاحها.. فبكى على التلفون وأغلق الخط قائلا للمدير حيث أن الزيارات ممنوعة من رام الله إلى جنين: أريد الذهاب لأرى أهلي وأختي، فسمح له بإجازة يوم واحد وكان قد احضر معه عقد من ذهب قدمه لأخته كوثر وبقي قليلاً وذهب للعمل حيث كان قد قدم لأصحابه وزملائه في العمل الحلوى.
- وفي يوم استشهاد والدته بتاريخ (4/3/2002م) حمل الشباب الشهيدة ومروا بها من حي الدمج إلى المستشفى ونادوا على الشهيد طه أن يودع والدته للمرة الأخيرة فرفض قائلاً: لن أراها حتى انتقم لها. فذهب مع خليته إلى منطقة يتمركز بها الجنود ودباباتهم فرمى عليهم العبوات والقذائف وفجر دبابة واحدة ليلحق بالمشيعين إلى المستشفى وقد نفذ قسمه ليودع أمه الوداع الأخير.
- أما شقيقته الصغيرة فتذكر حادثة يوم خروجه آخر مرة من البيت أخذت منه عصبة "راية السرايا" وعقدتها على رأسها وطلبت منه أن يعطيها لترى الـ(أم 16) قطعة السلاح خاصته.
فقال لها :بعد أن ارجع مرة ثانية سوف أعطيك العصبة والرشاش و ستضربين الرصاص أيضاً فلم يرجع بعدها.
- ولشدة احترامه وحبه لوالدته كان يلزمها دائماً ويحبها ويحترمها.. وذات مرة داعبته قائلة: «شو بكون موقفك يا طه لو أنت برام الله ومت أنا؟».. فزع من كلامها قائلاً: «أبقي في رام الله.. اجن عليك».
عرف الجهاد وصقلته السرايا ليصبح قائد سرية لكنه وقف عند إنسانيته..
- كان حنوناً على شقيقاته عطوفاً مطيعاً.
- ساعد أهالي المخيم في توزيع التموين على الأسر الفقيرة.
- شارك في عمليات إنقاذ الجرحى من تحت الركام.
- أحب الخير للجميع حينما يطلب أحد مساعدة يقدم دون تردد.
سطور الشهيد طه زبيدي حافلة بمواقف كثيرة وغدت ذكريات.. شهيد أمه شهيدة.
الشهادة أمنية وحياة
فالشهادة كما يقول شقيقه كانت امنيته وحياته خاصة منذ استشهاد والدتنا التي استهدفها رصاص القناصة وحرمها الفرحة التي انتظرتها طويلا مشاهدة طه عريسا فعندما استشهدت كانت اتمت جميع مستلزمات زواجه وبدأت بتوزيع بطاقات الدعوة على الاحبة لمشاركتها فرحة العمر بزواج حبيبها طه الذي تعذبت طويلا خلال تربيته واشقاءه وذاقت الامرين على يد قوات الاحتلال بسبب اعتقاله تاره او مطاردته تارة اخرى ,ويضيف وقبل ايام فقط من العرس قتلها الصهاينة بدم بارد مما اثر على طه كثيرا وجعله حزينا وزاد حقده على الصهاينة فاصبح من ابرز مقاتلي سرايا القدس ونفذ عدة عمليات ضد الاحتلال وقاتل في معركة المخيم مع القائد طوالبة وهو صديقه المقرب بل حارسه الشخصي وهو لا يتوقف عن الدعاء لله ان يكرمه بالشهاده التي جاهد في سبيلها حتى نالها وهو يرفض الاستسلام ويحث رفاقه على المقاومة ويلاحق الجيش من حارة لحارة ومن عمارة لعمارة ليعانق والدتي بعد شهر واحد من استشهادها .
طريق جهاد ومقاومة
فطريق الجهاد والمقاومه لم يسلكها او يختارها الشهيد طه بمحض الصدفه او الهواية بل كانت نهج حياة وبذرة انتماء صادق انزرعت ونمت وترعرعت منذ سنوات بعيده في جنبات منزلهم المتواضع في مخيم جنين فلم تقتصر عليه بل وشملت جميع افراد اسرته من والده ووالدته وحتى اشقاءه واقاربه فمنهم المناضل والشهيد والمعتقل والجريح والمقاتل ممن ادركوا معادلة الصراع والمرحلة على اختلاف ظروفها وسنواتها، فانخرطوا فيها وشكلوا جزءا منها عنوانه مخيم ولجوء وتشرد وكفاح وعودة ومقاومة وتضحية وصلت حد الشهاده صفحات من حياة الشهيد. فالشهيد طه ولد عام 1980 لاسرة مجاهدة بكل معنى الكلمة فوالده محمد زبيدي ينحدر من قرية جسر الزرقاء القريبة من قيساريه والتي اغتصبت عام النكبة بعد مجازر العدو البشعه ـ كما يقول شقيقه ـ ، ويضيف عندما احتلت العصابات الصهيونية قيساريه كان والدي يبلغ من العمر (20 عاما) فعايش مرارة الموت والقتل ومأساة التشرد والمعاناة فتنقل مع من نجو من الموت باعجوبة من قرية لاخرى متمسكين بروح التحدي وحلم العودة الذي لم يغادره لحظة واحدة حتى بعد وصوله لمخيم جنين واستقراه فيه بعد بضع سنوات من النكبة، وفي المخيم بدأت رحلة الحياة القاسية في بيوت من طين تفتقر لكل مقومات الحياة, فتزوج والدي بسميرة الزبيدي ورزق منها بستة اولاد و4 بنات هم عبد الرحمن وزكريا وطه ويحيى وداوود وجبريل وكوثر وعدن , واقع الحال وصور النكبة والشتات والمجازر عاشت في ذاكرة وحياة والد ووالدة الشهيد كعينيهما وقلبهما وروحهما التي عرفت الطريق للمقاومة، فرفض الاب والام ان تقتصر حياتهما على العمل ولقمة العيش الصعبة، فانخرط الاب في صفوف المقاومة ليتعرض للاعتقال لاكثر من مرة ,وفي كل اعتقال يخرج اكثر قوة وتحدي واستعداد للتضحية. وزرع هذه الروح لدى كل طفل من اطفاله الذين كبروا امام هول الواقع على حكايات اللجوء القاسي والموت البطيء في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة لذلك اعتقل الوالد ولم يسلم أحد من اسرته من الاعتقال والعذاب وولد غالبيتهم ووالدهم يقبع داخل السجون.
دور فعال ومشاركة في الانتفاضتين
ووسط ظروف مأساوية قاهرة، ولد طه وتعلم تفاصيل قضيته تمام كما تلقى تعليمه في مدرسة الوكالة في مخيم جنين، فحرص على الجد والاجتهاد والتعليم، وتميز منذ الصغر بالاخلاق الحسنة وطيب المعشر والتفوق وبرزت لديه معالم الانتماء لقضية شعبه في سن مبكر كما يقول شقيقه فانخرط في الاطر الطلابيه وشارك في الانشطة الوطنية والاجتماعية وكلما كان يكبر كانت تكبر لديه بذور الوعي والكراهية للاحتلال. وفور اندلاع الانتفاضه الاولى شارك بفعالياتها في المسيرات والمواجهات، فتميز بالشجاعه والاقدام مما عرضه لاول اعتقال في حياته لمدة ستة شهور.
ويقول رفاقه في السجن وهب وقته ولحظاته للمطالعه والاستفادة والدراسة ,ثم اعتقل في سنة 1990 في سجن مجدو وتم اعتقاله على يد القوات الصهيونية الخاصة اثناء نشاط وطني كان يقوم به في الليل في المخيم.
أم العبد نموذج المرأة الفلسطينية
وبشموخ المرأة الفلسطينية عايشت ام العبد الفلسطينية المناضله سميرة عبد الرحمن الزبيدي اعتقال زوجها وابنائها الواحد تلو الاخر واحيانا غالبيتهم في السجون ومع ذلك كانت متماسكة صلبة مجاهدة بكل معنى الكلمة فتبارك ابنائها في لحظات المواجهه وتحرضهم دوما على الثورة، وتمدهم بمقومات الصمود والتحدي خلف القضبان .
فسنوات العذاب وجحيم المعاناة التي رسمها الاحتلال في حياة الفلسطينين جعلت ام العبد تبارك خطوات زوجها و ابنائها بل واصبحت تسير معهم وخلفهم في المسيرات والمواجهات, وكانت من اوائل الفلسطينيات اللاتي عشن مرارة قمع الاحتلال وممارساته التعسفيه في السجون باعتقال زوجها الذي امضى في السجن اكثر مما عاش معها ثم توفي وتركها تتحمل المسؤولية والأمانة لتربية وتنشأة ابنائها الذين اختاروا طريق والدهم وحملوا راية المقاومة والتضحية والفداء مما عرضهم للمطاردة تارة والاعتقال تارة أخرى، فالابن الاكبر عبد الرحمن اعتقل خمسة مرات، وزكريا اعتقل لمدة اربعة سنوات متتالية كما اصيب برصاص العدو عدة مرات وداوود لا زال حتى اليوم في السجن، يقضي محكوميته البالغه أربعة سنوات، ويحيى اعتقل ايضا ولا زال في اقبية التحقيق.
وتنقلت ام العبد وراء ابنائها من سجن لآخر حتى عرفها وأحبها كافة الاسرى واصبحت تسمى ام المعتقلين فقد تبنت عددا من اسرى الدوريات العرب، وتولت مهمة رعايتهم والاهتمام بهم كأولادها، فاصبحت حياتها موزعه على السجون لزيارة ابنائها ورفاقهم، وأصبحت لحظات ومواعيد حياتها تضبط على مواعيد زيارات السجون.
سرعان ما اصبحت أم العبد من ابرز المناضلات الفلسطينيات لدعم قضايا الاسرى والمعتقلين فتخوض الاضراب عن الطعام معهم وتنظم المسيرات والاعتصامات تضامنا معهم ولم تحدث مناسبة لمؤازرة الأسرى الا وكانت أم العبد على رأسها سواء كان أولادها في السجن أو خارجه. فهي أم المعتقلين ولم تتخل عن مساندتهم لحظة واحدة والجميع يتذكر مواقفها الصلبة في أيام المعتقلين الحرجة والصعبه عندما كانت تعلن الإضراب عن الطعام لأيام طويلة.
وفي الانتفاضتين شكلت ام العبد مثالا نادرا لنضال وجهاد المرأة. ففي الاولى حولت بيتها المتواضع في المخيم إلى مدرسة للتعليم الشعبي بعدما اغلق الاحتلال المدارس. وفي الانتفاضتين شاركت في المواجهات والمسيرات, ولكن في الانتفاضة الثانية اصبح ابناء ام العبد الثلاثه مطلوبين لأجهزة الأمن الصهيونية، فلم تتخل عن واجبها ورسالتها رغم خطورة الوضع وتهديد الاحتلال بتصفيه المطاردين ولم تطلب من أبنائها تسليم انفسهم بل قامت بتوجيههم وحمايتهم ورعايتهم مع رفاقهم.
وخلال الهجوم الصهيوني على مخيم جنين مطلع آذار المنصرم، تعرض منزل أم العبد لإطلاق النار، فطلب منها الجيران اخلاءه حفاظا على حياتها وحياة بناتها وأمام إلحاح وإصرار الجميع، انتقلت الى بيت جيرانها الا ان رصاص القناصة لاحقها، وأطلق الصهاينة النار عليها فأصيبت في الصدر والرأس، وبقيت تنزف حتى استشهدت لأن قوات الاحتلال منعت سيارات الاسعاف من الوصول إلى المستشفى.
سرية أم العبد
وبصلابة وشموخ استقبل طه واشقاؤه نبأ استشهاد والدتهم وتعانق الاشقاء في لحظات الوداع الاخيرة الا ان طه تأثر كثيرا وودع والدته وهو يقسم لها على الثار ومقاومة العدو والثار لها ولجميع الشهداء وحسب بيان لسرايا القدس فان طه ورفاقه في السرايا شكلوا سرية باسم ام العبد نفذوا عدة عمليات منها مهاجمه حافلات صهيونية وزرع عبوات ناسفه فجرت في سيارات مستوطنين وجيش قرب جنين.
ويروي رفاق يحيى أنه خلال الانتفاضه الراهنه شارك بها بنشاط وأصبح قائدا لمجموعة في سرايا القدس وشارك في توزيع الحراسات في المخيم والاشتباكات على الشارع الالتفافي وزرع العبوات الناسفة. وكان من المرافقين للشهيد القائد محمود طوالبة وكان يقوم بتصنيع العبوات، وقام بتفجير عبوة ناسفة في باص جيش قرب الجلمة وتم تصويرها في الفيديو واشترك في اشتباك قرب يعبد أسفر عن قتل مستوطنة ردا على عملية اغتيال عكرمة ومجدي الطيب. ومن الاحداث التي تاثر بها استشهاد الطفله رهام الورد في المدرسة، واغتيال معتصم الصباغ. فقد كانت علاقته مميزة بالجميع ومحبوبا لدى الجميع.
معركة المخيم
برز الدور الجهادي المتميز للشهيد طه في معارك المخيم التي شارك فيها جميعا ويصفه الاهالي بالفدائي المقدام البطل الذي لا يخاف الموت ,وفي المعركة الاخيرة رفض الهرب والتخلي عن سلاحه وواجبه وقاتل ببساله حتى استشهد. ويروي الأهالي أن الشهيد طوالبة والمجاهد ثابت مرداوي من قادة سرايا القدس، طلبوا من طه قيادة مجموعه لسرايا القدس في حي الدمج وهناك تصدى للقوات الصهيونية واشتبك معهم عدة مرات ,وفي احدى المرات كان مع القائد محمود طوالبة حيث اشترك بنصب عدة كمائن في المخيم وتم قتل عدة جنود .وتمكن ثابت وطه في احدى المرات من محاصرة الجنود في حي الدمج، وأطلقوا النار عليهم وقتلوا وأصابوا عدداً منهم.
وفي حادثه أخرى قال شهود عيان أنه في إحدى المرات وصل لطه ورفاقه قرار بالانسحاب من الحي لان الجيش الاسرائيلي ادخل الدبابات والبلدوزرات التي بدأت بهدم المنازل، في الوقت نفسه نصبت قوة اخرى من الجيش كمينا للمقاومة في حارة البطل تحت جامع الانصار فتراجع المقاومون حتى وصل الشهيد طوالبة ثم هاجموا ثكنة الجيش التي تحصنت في منزل أبو خالد واشتبكوا معهم في معركة استمرت ثلاث ساعات ويقول الأهالي تمكن المقاومون من محاصرة الجنود وسمعناهم يقولون لهم سلموا انفسكم يا جنود شارون فانتم محاصرون وسمعنا صراخ الجنود، التي تمكنت المقاومة من النيل منهم ولم يخرج ما تبقى من الجنود احياء الا بعد تدخل الطائرات.
في مرة أخرى، احتل جنود جيش الاحتلال في بيت البطل، فكان طه من أول المهاجمين لهم واشتبكوا معهم وتمكنوا من قتل الجنود الستة في البيت وعندما دخل لأخذ السلاح والعتاد تفاجأ بأنه يوجد جنود ينصبون كمينا في موقع مجاور فقاموا باطلاق قذيفة انيرجى عليه فاصابته في صدره فاستشهد على الفور.
القذيقه الحاقدة احرقت جثمان الشهيد الذي دفن في مقبرة مؤقته حتى رفع الاحتلال الحصار عن المخيم ليتم تشييعه في عرس مهيب عاهده فيه رفاقه في سرايا القدس على مواصلة الجهاد ,كما عثر للشهيد على وصية مصورة على شريط فيديو ارتدى فيها زي الجهاد الإسلامي، ووضع على جبهته عصبة سوداء كتب عليها سرايا القدس واكد في وصيته ان جهاد شعبنا وسرايا القدس متواصل حتى طرد ودحر الاحتلال وحض، فيها شباب المخيم على التمسك بخيار الجهاد ,وقالت حركة الجهاد أن الشهيد جهز وصيته قبيل الهجوم الصهيوني على المخيم لانه اختار الشهادة والجهاد ورفض الاستسلام للعدو.
وقالت خطيبته رانية وصفي ان طه كان مثالا للشاب المسلم المجاهد المؤمن الذي عرف الطريق إلى الله والجهاد، ورفض كل زيف الحياة وبريقها. فكان لا يتحدث الا عن الشهادة وفلسطين والجهاد ويكره اليهود بشدة, وفي الأيام الأخيرة قبل استشهاده ورغم استعدادنا للزواج وتجهيز البيت كنت اشعر انه يودعني بنظراته وأحاديثه، فيطلب مني مسامحته وعدم الحزن عليه إذا استشهد لذلك ورغم حزني فانني فخورة به وادعوا الله ان يتقبل شهادته فهو تمناها وجاهد في سبيلها ونالها واستحقها ونحن على دربه ماضون.
الميلاد والنشأة:
الشهيد طه محمد عبد الرحمن زبيدي من مواليد مخيم جنين ولد بتاريخ (30/8/1977م)، حيث أن الشهيد أقام في المخيم لاجئاً بعد أن شرده الاحتلال من أراضي 1948م "مدينة الخضيرة"..
وكباقي أهالي المخيم نشأ وترعرع في ظل ظروف قاسية في أسرة مكونة من 4 أخوة وشقيقتان وترتيبه الثالث فيها، توفى والده وعمره 8 سنوات ووالدته استشهدت في أحداث اجتياح مخيم جنين بتاريخ (4/3/2002م) وله أخ معتقل وهو يحيى اعتقل في أحداث الاجتياح الأخير والشهيد كان قد عقد قرانه "خاطب" وقد استشهد في معركة المخيم الباسلة بتاريخ (7/4/2002م) عن عمر يناهز (25 عاماً).
- أنهى الشهيد طه الدراسة الثانوية العامة في مدارس المخيم ثم التحق بمعهد ليعمل في الصحافة.
- عمل الشهيد طه في سلك الشرطة ـ السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله ومع أحداث انتفاضة الأقصى انسحب من سلك الشرطة ليلتحق بحركة الجهاد الإسلامي وليصبح قائد سرية في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
- تعرض للاعتقال من قبل أجهزة السلطة الفلسطينية في بداية انتفاضة الأقصى لنشاطه في الجهاد الإسلامي إلا أن الشهيد كان قد كثف حوله مجموعات من شباب المقاومة في سجن جنين المركزي وفرَّ من السجن بضغط أهالي المخيم ليصبح مطلوبا لقوات الأمن الفلسطينية والصهيونية.
- كان كتوما لا يحب التصريح بأعماله أمام أحد مهما كان.
- طه زبيدي كان مساعدا للقائد الأسير ثابت مرداوي وغيره من شهداء المقاومة.
- استلم مهمة توزيع السلاح على شباب المقاومة في المخيم.
- استلم مهمة خزن السلاح التابع لحركة الجهاد الإسلامي في المخيم.
- قاد سرية "جند الله" في منطقة حي الدمج في المخيم فكان يغير على دبابات العدو كالأسد الشجاع.
- أهم ما يميز بطولات الشهيد انه استلم مهمة ردع وإخافة الجنود فكان كثيراً ما يحدث أصوات رعب في السماعات ويوجه نداءات بالعبرية إلى الجنود مثل "أيها الجندي.. أنت في مدينة جنين وأمامك الكثير من المفاجئات".. وهذه الكلمات حسب شهادة احد الجنود المشاركين في معركة المخيم كانت تشعرهم بالتوتر الشديد وقد كان الشهيد طه يستخدم مكبرات صوت تم الاستيلاء عليها سابقا من دبابات صهيونية وقد تمكنت طائرات الأباتشي لاحقا من تحديد موقعها وقصفها لشدة ما كان لها من اثر على معنويات الجنود المنهارين أصلاً.
- وفي الفترة الأخيرة غدا الشهيد طه زبيدي مطلوبا للأجهزة الأمنية كونه مسؤول خلية "جند الله"، وفي صباح يوم (7/4/2002م) اصطدمت خلية الشهيد طه زبيدي مع مجموعة من الجنود المتمركزين على بوابة الحي، واشتدت غارة الجنود على الخلية واستنفر الجميع، وكان الشهيد طه فارسا في هذه المعركة وفجأة إذا بقناص يصيب الشهيد برصاصة في الصدر والتقطه إخوانه المقاومين وأخذوه إلى إحدى الزوايا بعيدا عن ساحة المواجهة وإذا بطائرة تحوم فوق المكان وأخذت بإلقاء القذائف على الشبان المتمركزين حول الشهيد فأصابت شظاياها جسم الشهيد مما أدى إلى استشهاده، ويقال انه وجدت آثار ثلاث قذائف انيرجا في جسد الشهيد بعد استشهاده.. وهناك رواية أخرى تفيد باستشهاده بثلاث قذائف انيرجا في اشتباك مباشر مع مجموعة جنود في احد المنازل...
حيث ان الشهيد كان من أكثر المقاومين إزعاجاً للجنود في معركة المخيم وكان دائم الحركة سريع التنقل و له ضربات آلمت قوات الغزو لحد البكاء في معركة المخيم.
- هذا هو الشهيد طه الزبيدي ووالدته الشهيدة سميرة الزبيدي "أم العبد" التي أرضعته الحرية والمجد.. كانت من النساء المقدامات في المخيم والمجاهدات، استشهدت برصاصة غادرة في الصدر ورصاصتين في الرقبة من الخلف وهي في بيتها حيث كان الجنود في الجهة المقابلة من المنزل وكان لها دور فاعل في تقديم المساعدة لشبان المخيم في الاجتياح من علاج وغذاء والمأوى إلى أن استشهدت بتاريخ (4/3/2002م).
- صقلت شخصية الشهيد طه منذ الصغر على حب الله والوطن فغدا شخصية إسلامية نقية.
- أحب الشهيد طه البحر، فكتب له الروايات والمقالات والشعر لا سيما أنه عمل فترة في سلك الصحافة.
- كما أحب الرسم و كان ذا خيال واسع وكتب القصص.
وللذكريات كلمة:
- في عام 2000م كان الشهيد يعمل في رام الله في الشرطة وبعد ظهور نتائج الثانوية العامة حيث كانت أخته كوثر قد نجحت في الثانوية العامة اتصل معها ليسأل عن النتيجة فأجابته بسرور عن نجاحها.. فبكى على التلفون وأغلق الخط قائلا للمدير حيث أن الزيارات ممنوعة من رام الله إلى جنين: أريد الذهاب لأرى أهلي وأختي، فسمح له بإجازة يوم واحد وكان قد احضر معه عقد من ذهب قدمه لأخته كوثر وبقي قليلاً وذهب للعمل حيث كان قد قدم لأصحابه وزملائه في العمل الحلوى.
- وفي يوم استشهاد والدته بتاريخ (4/3/2002م) حمل الشباب الشهيدة ومروا بها من حي الدمج إلى المستشفى ونادوا على الشهيد طه أن يودع والدته للمرة الأخيرة فرفض قائلاً: لن أراها حتى انتقم لها. فذهب مع خليته إلى منطقة يتمركز بها الجنود ودباباتهم فرمى عليهم العبوات والقذائف وفجر دبابة واحدة ليلحق بالمشيعين إلى المستشفى وقد نفذ قسمه ليودع أمه الوداع الأخير.
- أما شقيقته الصغيرة فتذكر حادثة يوم خروجه آخر مرة من البيت أخذت منه عصبة "راية السرايا" وعقدتها على رأسها وطلبت منه أن يعطيها لترى الـ(أم 16) قطعة السلاح خاصته.
فقال لها :بعد أن ارجع مرة ثانية سوف أعطيك العصبة والرشاش و ستضربين الرصاص أيضاً فلم يرجع بعدها.
- ولشدة احترامه وحبه لوالدته كان يلزمها دائماً ويحبها ويحترمها.. وذات مرة داعبته قائلة: «شو بكون موقفك يا طه لو أنت برام الله ومت أنا؟».. فزع من كلامها قائلاً: «أبقي في رام الله.. اجن عليك».
عرف الجهاد وصقلته السرايا ليصبح قائد سرية لكنه وقف عند إنسانيته..
- كان حنوناً على شقيقاته عطوفاً مطيعاً.
- ساعد أهالي المخيم في توزيع التموين على الأسر الفقيرة.
- شارك في عمليات إنقاذ الجرحى من تحت الركام.
- أحب الخير للجميع حينما يطلب أحد مساعدة يقدم دون تردد.
سطور الشهيد طه زبيدي حافلة بمواقف كثيرة وغدت ذكريات.. شهيد أمه شهيدة.
الشهادة أمنية وحياة
فالشهادة كما يقول شقيقه كانت امنيته وحياته خاصة منذ استشهاد والدتنا التي استهدفها رصاص القناصة وحرمها الفرحة التي انتظرتها طويلا مشاهدة طه عريسا فعندما استشهدت كانت اتمت جميع مستلزمات زواجه وبدأت بتوزيع بطاقات الدعوة على الاحبة لمشاركتها فرحة العمر بزواج حبيبها طه الذي تعذبت طويلا خلال تربيته واشقاءه وذاقت الامرين على يد قوات الاحتلال بسبب اعتقاله تاره او مطاردته تارة اخرى ,ويضيف وقبل ايام فقط من العرس قتلها الصهاينة بدم بارد مما اثر على طه كثيرا وجعله حزينا وزاد حقده على الصهاينة فاصبح من ابرز مقاتلي سرايا القدس ونفذ عدة عمليات ضد الاحتلال وقاتل في معركة المخيم مع القائد طوالبة وهو صديقه المقرب بل حارسه الشخصي وهو لا يتوقف عن الدعاء لله ان يكرمه بالشهاده التي جاهد في سبيلها حتى نالها وهو يرفض الاستسلام ويحث رفاقه على المقاومة ويلاحق الجيش من حارة لحارة ومن عمارة لعمارة ليعانق والدتي بعد شهر واحد من استشهادها .
طريق جهاد ومقاومة
فطريق الجهاد والمقاومه لم يسلكها او يختارها الشهيد طه بمحض الصدفه او الهواية بل كانت نهج حياة وبذرة انتماء صادق انزرعت ونمت وترعرعت منذ سنوات بعيده في جنبات منزلهم المتواضع في مخيم جنين فلم تقتصر عليه بل وشملت جميع افراد اسرته من والده ووالدته وحتى اشقاءه واقاربه فمنهم المناضل والشهيد والمعتقل والجريح والمقاتل ممن ادركوا معادلة الصراع والمرحلة على اختلاف ظروفها وسنواتها، فانخرطوا فيها وشكلوا جزءا منها عنوانه مخيم ولجوء وتشرد وكفاح وعودة ومقاومة وتضحية وصلت حد الشهاده صفحات من حياة الشهيد. فالشهيد طه ولد عام 1980 لاسرة مجاهدة بكل معنى الكلمة فوالده محمد زبيدي ينحدر من قرية جسر الزرقاء القريبة من قيساريه والتي اغتصبت عام النكبة بعد مجازر العدو البشعه ـ كما يقول شقيقه ـ ، ويضيف عندما احتلت العصابات الصهيونية قيساريه كان والدي يبلغ من العمر (20 عاما) فعايش مرارة الموت والقتل ومأساة التشرد والمعاناة فتنقل مع من نجو من الموت باعجوبة من قرية لاخرى متمسكين بروح التحدي وحلم العودة الذي لم يغادره لحظة واحدة حتى بعد وصوله لمخيم جنين واستقراه فيه بعد بضع سنوات من النكبة، وفي المخيم بدأت رحلة الحياة القاسية في بيوت من طين تفتقر لكل مقومات الحياة, فتزوج والدي بسميرة الزبيدي ورزق منها بستة اولاد و4 بنات هم عبد الرحمن وزكريا وطه ويحيى وداوود وجبريل وكوثر وعدن , واقع الحال وصور النكبة والشتات والمجازر عاشت في ذاكرة وحياة والد ووالدة الشهيد كعينيهما وقلبهما وروحهما التي عرفت الطريق للمقاومة، فرفض الاب والام ان تقتصر حياتهما على العمل ولقمة العيش الصعبة، فانخرط الاب في صفوف المقاومة ليتعرض للاعتقال لاكثر من مرة ,وفي كل اعتقال يخرج اكثر قوة وتحدي واستعداد للتضحية. وزرع هذه الروح لدى كل طفل من اطفاله الذين كبروا امام هول الواقع على حكايات اللجوء القاسي والموت البطيء في مخيمات تفتقر لأدنى مقومات الحياة لذلك اعتقل الوالد ولم يسلم أحد من اسرته من الاعتقال والعذاب وولد غالبيتهم ووالدهم يقبع داخل السجون.
دور فعال ومشاركة في الانتفاضتين
ووسط ظروف مأساوية قاهرة، ولد طه وتعلم تفاصيل قضيته تمام كما تلقى تعليمه في مدرسة الوكالة في مخيم جنين، فحرص على الجد والاجتهاد والتعليم، وتميز منذ الصغر بالاخلاق الحسنة وطيب المعشر والتفوق وبرزت لديه معالم الانتماء لقضية شعبه في سن مبكر كما يقول شقيقه فانخرط في الاطر الطلابيه وشارك في الانشطة الوطنية والاجتماعية وكلما كان يكبر كانت تكبر لديه بذور الوعي والكراهية للاحتلال. وفور اندلاع الانتفاضه الاولى شارك بفعالياتها في المسيرات والمواجهات، فتميز بالشجاعه والاقدام مما عرضه لاول اعتقال في حياته لمدة ستة شهور.
ويقول رفاقه في السجن وهب وقته ولحظاته للمطالعه والاستفادة والدراسة ,ثم اعتقل في سنة 1990 في سجن مجدو وتم اعتقاله على يد القوات الصهيونية الخاصة اثناء نشاط وطني كان يقوم به في الليل في المخيم.
أم العبد نموذج المرأة الفلسطينية
وبشموخ المرأة الفلسطينية عايشت ام العبد الفلسطينية المناضله سميرة عبد الرحمن الزبيدي اعتقال زوجها وابنائها الواحد تلو الاخر واحيانا غالبيتهم في السجون ومع ذلك كانت متماسكة صلبة مجاهدة بكل معنى الكلمة فتبارك ابنائها في لحظات المواجهه وتحرضهم دوما على الثورة، وتمدهم بمقومات الصمود والتحدي خلف القضبان .
فسنوات العذاب وجحيم المعاناة التي رسمها الاحتلال في حياة الفلسطينين جعلت ام العبد تبارك خطوات زوجها و ابنائها بل واصبحت تسير معهم وخلفهم في المسيرات والمواجهات, وكانت من اوائل الفلسطينيات اللاتي عشن مرارة قمع الاحتلال وممارساته التعسفيه في السجون باعتقال زوجها الذي امضى في السجن اكثر مما عاش معها ثم توفي وتركها تتحمل المسؤولية والأمانة لتربية وتنشأة ابنائها الذين اختاروا طريق والدهم وحملوا راية المقاومة والتضحية والفداء مما عرضهم للمطاردة تارة والاعتقال تارة أخرى، فالابن الاكبر عبد الرحمن اعتقل خمسة مرات، وزكريا اعتقل لمدة اربعة سنوات متتالية كما اصيب برصاص العدو عدة مرات وداوود لا زال حتى اليوم في السجن، يقضي محكوميته البالغه أربعة سنوات، ويحيى اعتقل ايضا ولا زال في اقبية التحقيق.
وتنقلت ام العبد وراء ابنائها من سجن لآخر حتى عرفها وأحبها كافة الاسرى واصبحت تسمى ام المعتقلين فقد تبنت عددا من اسرى الدوريات العرب، وتولت مهمة رعايتهم والاهتمام بهم كأولادها، فاصبحت حياتها موزعه على السجون لزيارة ابنائها ورفاقهم، وأصبحت لحظات ومواعيد حياتها تضبط على مواعيد زيارات السجون.
سرعان ما اصبحت أم العبد من ابرز المناضلات الفلسطينيات لدعم قضايا الاسرى والمعتقلين فتخوض الاضراب عن الطعام معهم وتنظم المسيرات والاعتصامات تضامنا معهم ولم تحدث مناسبة لمؤازرة الأسرى الا وكانت أم العبد على رأسها سواء كان أولادها في السجن أو خارجه. فهي أم المعتقلين ولم تتخل عن مساندتهم لحظة واحدة والجميع يتذكر مواقفها الصلبة في أيام المعتقلين الحرجة والصعبه عندما كانت تعلن الإضراب عن الطعام لأيام طويلة.
وفي الانتفاضتين شكلت ام العبد مثالا نادرا لنضال وجهاد المرأة. ففي الاولى حولت بيتها المتواضع في المخيم إلى مدرسة للتعليم الشعبي بعدما اغلق الاحتلال المدارس. وفي الانتفاضتين شاركت في المواجهات والمسيرات, ولكن في الانتفاضة الثانية اصبح ابناء ام العبد الثلاثه مطلوبين لأجهزة الأمن الصهيونية، فلم تتخل عن واجبها ورسالتها رغم خطورة الوضع وتهديد الاحتلال بتصفيه المطاردين ولم تطلب من أبنائها تسليم انفسهم بل قامت بتوجيههم وحمايتهم ورعايتهم مع رفاقهم.
وخلال الهجوم الصهيوني على مخيم جنين مطلع آذار المنصرم، تعرض منزل أم العبد لإطلاق النار، فطلب منها الجيران اخلاءه حفاظا على حياتها وحياة بناتها وأمام إلحاح وإصرار الجميع، انتقلت الى بيت جيرانها الا ان رصاص القناصة لاحقها، وأطلق الصهاينة النار عليها فأصيبت في الصدر والرأس، وبقيت تنزف حتى استشهدت لأن قوات الاحتلال منعت سيارات الاسعاف من الوصول إلى المستشفى.
سرية أم العبد
وبصلابة وشموخ استقبل طه واشقاؤه نبأ استشهاد والدتهم وتعانق الاشقاء في لحظات الوداع الاخيرة الا ان طه تأثر كثيرا وودع والدته وهو يقسم لها على الثار ومقاومة العدو والثار لها ولجميع الشهداء وحسب بيان لسرايا القدس فان طه ورفاقه في السرايا شكلوا سرية باسم ام العبد نفذوا عدة عمليات منها مهاجمه حافلات صهيونية وزرع عبوات ناسفه فجرت في سيارات مستوطنين وجيش قرب جنين.
ويروي رفاق يحيى أنه خلال الانتفاضه الراهنه شارك بها بنشاط وأصبح قائدا لمجموعة في سرايا القدس وشارك في توزيع الحراسات في المخيم والاشتباكات على الشارع الالتفافي وزرع العبوات الناسفة. وكان من المرافقين للشهيد القائد محمود طوالبة وكان يقوم بتصنيع العبوات، وقام بتفجير عبوة ناسفة في باص جيش قرب الجلمة وتم تصويرها في الفيديو واشترك في اشتباك قرب يعبد أسفر عن قتل مستوطنة ردا على عملية اغتيال عكرمة ومجدي الطيب. ومن الاحداث التي تاثر بها استشهاد الطفله رهام الورد في المدرسة، واغتيال معتصم الصباغ. فقد كانت علاقته مميزة بالجميع ومحبوبا لدى الجميع.
معركة المخيم
برز الدور الجهادي المتميز للشهيد طه في معارك المخيم التي شارك فيها جميعا ويصفه الاهالي بالفدائي المقدام البطل الذي لا يخاف الموت ,وفي المعركة الاخيرة رفض الهرب والتخلي عن سلاحه وواجبه وقاتل ببساله حتى استشهد. ويروي الأهالي أن الشهيد طوالبة والمجاهد ثابت مرداوي من قادة سرايا القدس، طلبوا من طه قيادة مجموعه لسرايا القدس في حي الدمج وهناك تصدى للقوات الصهيونية واشتبك معهم عدة مرات ,وفي احدى المرات كان مع القائد محمود طوالبة حيث اشترك بنصب عدة كمائن في المخيم وتم قتل عدة جنود .وتمكن ثابت وطه في احدى المرات من محاصرة الجنود في حي الدمج، وأطلقوا النار عليهم وقتلوا وأصابوا عدداً منهم.
وفي حادثه أخرى قال شهود عيان أنه في إحدى المرات وصل لطه ورفاقه قرار بالانسحاب من الحي لان الجيش الاسرائيلي ادخل الدبابات والبلدوزرات التي بدأت بهدم المنازل، في الوقت نفسه نصبت قوة اخرى من الجيش كمينا للمقاومة في حارة البطل تحت جامع الانصار فتراجع المقاومون حتى وصل الشهيد طوالبة ثم هاجموا ثكنة الجيش التي تحصنت في منزل أبو خالد واشتبكوا معهم في معركة استمرت ثلاث ساعات ويقول الأهالي تمكن المقاومون من محاصرة الجنود وسمعناهم يقولون لهم سلموا انفسكم يا جنود شارون فانتم محاصرون وسمعنا صراخ الجنود، التي تمكنت المقاومة من النيل منهم ولم يخرج ما تبقى من الجنود احياء الا بعد تدخل الطائرات.
في مرة أخرى، احتل جنود جيش الاحتلال في بيت البطل، فكان طه من أول المهاجمين لهم واشتبكوا معهم وتمكنوا من قتل الجنود الستة في البيت وعندما دخل لأخذ السلاح والعتاد تفاجأ بأنه يوجد جنود ينصبون كمينا في موقع مجاور فقاموا باطلاق قذيفة انيرجى عليه فاصابته في صدره فاستشهد على الفور.
القذيقه الحاقدة احرقت جثمان الشهيد الذي دفن في مقبرة مؤقته حتى رفع الاحتلال الحصار عن المخيم ليتم تشييعه في عرس مهيب عاهده فيه رفاقه في سرايا القدس على مواصلة الجهاد ,كما عثر للشهيد على وصية مصورة على شريط فيديو ارتدى فيها زي الجهاد الإسلامي، ووضع على جبهته عصبة سوداء كتب عليها سرايا القدس واكد في وصيته ان جهاد شعبنا وسرايا القدس متواصل حتى طرد ودحر الاحتلال وحض، فيها شباب المخيم على التمسك بخيار الجهاد ,وقالت حركة الجهاد أن الشهيد جهز وصيته قبيل الهجوم الصهيوني على المخيم لانه اختار الشهادة والجهاد ورفض الاستسلام للعدو.
وقالت خطيبته رانية وصفي ان طه كان مثالا للشاب المسلم المجاهد المؤمن الذي عرف الطريق إلى الله والجهاد، ورفض كل زيف الحياة وبريقها. فكان لا يتحدث الا عن الشهادة وفلسطين والجهاد ويكره اليهود بشدة, وفي الأيام الأخيرة قبل استشهاده ورغم استعدادنا للزواج وتجهيز البيت كنت اشعر انه يودعني بنظراته وأحاديثه، فيطلب مني مسامحته وعدم الحزن عليه إذا استشهد لذلك ورغم حزني فانني فخورة به وادعوا الله ان يتقبل شهادته فهو تمناها وجاهد في سبيلها ونالها واستحقها ونحن على دربه ماضون.
تعليق