الشهيد البطل إبراهيم بسام راغب السعدي
قائد ابن قائد... فلا نامت أعين الجبناء
الشهيد المجاهد: إبراهيم بسام السعدي
تاريخ الاستشهاد: 16/11/2002.
كيفية الاستشهاد: برصاصة في الصدر من مسدس جندي صهيوني كاتم للصوت.
هو ارث الأجداد من البطولة يسرى في عروقه.. هو عشق الوطن يتعمشق في جوارحه.. ذات المكان المعبق بعطر أخيه عبد الكريم الذي رحل إلى الجنان قبله يأبى الا ان يعمّده ابراهيم بطهر دمائه.. وذات الإقدام وذات اللهفة للقاء الأحبة الفائزين بالشهادة قبله.. ها هي روحه تحلق بصحبة أبطال السرايا في المخيم .. مع طوالبة وشقيقه عبد الكريم وابو سريّة ومعلمه اياد الحردان .
النشاة
ولد إبراهيم في 26/4/1986 في مخيم جنين . وهو الأخ التوأم لعبد الكريم.. لم يكن إبراهيم طفلا عاديا بل كان بلوغه وعقلانيته تثير دهشة من يحيطون به.. فقد عرفته مذ كان صغيرا .. حديثه كأنما يصدر عن إنسان ناضج متمرس وخبير في الحياة.. مواقفه تقطر بالكرامة ورفض الذل والانصياع لظروف الاحتلال المضروبة على عائلته .. ربما بيئته وكونه ابن الشيخ المجاهد بسام راغب السعدي المجاهد العتيق والقيادي المرموق في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كانت دافعا كبيرا لفصاحته .ذلك البيت الي عاش فيه مع 11 فردا لم يجتمع شملهم في عيد او مائدة إفطار في رمضان منذ نعومة أظفاره فأبوه إما مطارد او اسير او مبعد .ظل إبراهيم وحتى رحيله حنونا على الفقراء والمحتاجين يأخذ من بيته المؤن او المال ويوزعها على الفقراء والايتام .
ترك إبراهيم المدرسة منذ كان في الصف العاشر ليكمل مسيرته الجهادية ويغدو مرافقا لمحمود طوالبة وابرز ضاربي الاكواع في مخيم جنين، فلا يكون اجتياح او توغل في المدينة الا وإبراهيم في مقدمة المتصدين له..تركز دوره في مساعدة المطلوبين وإمدادهم باحتياجاتهم اليومية .. يخرج من بيته في عتمة الليل وقبيل الفجر حاملا الطعام والمؤن وأحيانا السلاح لإيصالها لمجموعة متحصنة في مغارة هنا او أخرى تعد كمينا ضد الصهاينة هناك.
إبراهيم ذلك الفتى الذي أحبه كل من عرفه لدماثة خلقه وطيب معشره وروحه المرحة فابتسامته دائما ترتسم على وجهه ويشيع في قلوب من يحدثهم راحة وسكينه .
اصيب ابرايهم خلال انتفاضة الاقصى ثلاث مرات فقد احدى عينيه في احداها عندما كان يحاول تركيب قطعة سلاح وتم اعتقاله وشقيقه عبد الكريم في سجون السلطة لعدة اشهر والتنكيل بهما .وفي كل مرة كان ابراهيم يتلقى المحنة بصلابة لا تتوافق مع سنين عمره.
كانت زياراته المتكررة لسجن المقاطعة في جنين عاملا مؤثرا في شخصيته بعدما تعرف على الشهيد اياد الحردان المعتقل مع والده وذلك في العام 1995 .بعد رحيل الحردان في نيسان 2001 أصبح إبراهيم أكثر حقدا وكراهية للعدو الصهيوني وبات شغله الشاغل الانتقام والثأر الذي لا ينفك يتحدث به لأهله ولرفاق دربه من أشبال سرايا القدس في المخيم.
اما رحيل شقيقه التوأم عبد الكريم فقد ترك في قلبه جرحا غائرا وطبع في نفسه رغبه عارمة بالانتقام والثأر ..فيوم وداعه لأخيه بكى إبراهيم بحرقة وهو يطبع على جبينه قبله أخيرة وعاهده على اللحاق به قريبا.
الشهادة
وكأن أبواب السماء تلقت دعاءه الخالص وحققت أمنيته بالشهادة التي صار يهذي بها حتى في نومه. تقول والدته الصابرة :" كنت أدرك ان إبراهيم سيلحق بأخيه فقد تعلق قلبه بالشهادة وكان يطلبها بقلب مخلص وكلما ودع رفيقا له من شهداء المخيم بكى بحرقة لأنه سبق للشهادة ".في ذلك الحين وفي فجر يوم 16/11/2002 كان ابراهيم يطوف في جنين عندما توغلت قوة صهيونية معززة بعشرات الآليات وبغطاء جوي من طائرات الاباتشي جنين ومخيمها واقتربت تلك الآليات من حي الزهراء المتاخم لبيت المجاهد بسام السعدي ..في وقت لم تكد فيه تلك الآليات نتسحب اثر عملية عكسرية صهيونية حاقدة وحصار للمدينة والتضييق على أهلها بقطع الهاتف والكهرباء لأربعة عشرا يوما بهدف اغتيال المجاهد إياد صوالحة في رمضان في العام 1423هـ الموافق 9/11/2002 .
تحرك إبراهيم وعاد الى المخيم حاملا رشاشه واشتبك مع قوة صهيونية على مقربة من بيته قبل ان تصيبه رصاصة قناص حاقد إصابة مباشرة في صدره فسقط أرضا ليكمل ذات القناص إطلاق النار عليه ويرديه ويصيب عددا آخر ممن يحيطون به.
ووسط حالة الهرج والمرج التي سادت في الساحة الخلفية لمنزل المجاهد بسام السعدي عقب محاولة إنعاش إبراهيم استمر إطلاق النار بكثافة من المدفعية الثقيلة للدبابات التي عطلت وصول إبراهيم الى المشفى فارتقى إلى العلى ليكون الشهيد الرابع في عائلته وفي اقل من اشهر خمسة.
صبر وثبات
لحظات ثقيلة مرت وكل صغير وكبير في مخيم جنين يبكي بحرقة ومرارة لذلك المنظر الذي عانقت به الصابرة ام إبراهيم فلذة كبدها وبكرها إبراهيم وتحسست وجهه ورأسه مزيلة بعض آثار الدماء عن رأسه قائلة:"هنيئا لك الشهادة.. بلغ سلامي واشواقي لاخيك عبد الكريم" وبصبر وثبات قل ان يتحلى به إنسان فارق من الأحبة الكثير تطلب من الناس الا يبكوا ابنها وان يفرحوا له قائلة:" هو عريس هذا اليوم فزفوه وهنئوني به".
واما أبوه الشيخ بسام والذي كان مطاردا منذ أعوام فقد حرم من إلقاء نظرة الوداع على نجله إبراهيم كما حرم قبل 75 يوما من إلقائها على ابنه عبد الكريم.
في الختام
ان مخيما يزهو بهذه النماذج الرائعة للبذل والعطاء يستحق عن جدارة ان يغدو قبلة الجهاد وقلعة شموخ ومنار يستمد منه العزم والكرامة في ليل الزاحفين والمتخاذلين عن نصرة الاسلام والمسلمين في فلسطين.. لن تهزم هذه الأرض طالما فيها اب كابي إبراهيم وأبناء كإبراهيم وعبد الكريم.
2006-11-16
إبراهيم قمر جنين في أيامنا الكالحة المملوءة بهزائم التسوية الهزيلة... إبراهيم كان حكاية المخيم في بطولاته وإقدامه وعطفه على الصغير والكبير...إبراهيم شاب يافع لا يملك إلا رشاشه ليدافع به عن مخيمه الصامد من جنود الاحتلال ودباباته.. كان رمزاً للشهداء وعنواناً جديداً لمرحلة جهاد متواصل من اجل فلسطين والإسلام... إبراهيم أبى إلا أن يلحق برفاقه إياد الحردان ومحمود طوالبة وسفيان عارضة وشقيقه الشهيد عبد الكريم وجدته التي مضت نحبها نحو الجنة..
بداية المشوار
الشهيد إبراهيم بسام راغب السعدي من مواليد مخيم جنين بتاريخ 29-4-1986م.. نشأ وترعرع في أسرة محافظة متدينة ومكونة من 13 فردا وكان الشهيد إبراهيم هو اكبر إخوانه سنا وتوأما مع اخيه الشهيد عبد الكريم.
تربى في مسجد المخيم الكبير القريب من بيته.. ترك المدرسة من الصف العاشر الأساسي.. وبقي يتنفس هواء المخيم وصموده حتى استشهد بتاريخ 16-11-2002 م وكان عمره (16عاما) وكان ذلك بعد عملية الخليل البطولية التي أثلجت صدور أهالي المخيم الذي كان يتصدى لغارات العدو وجنوده..و كان الشهيد إبراهيم احد هؤلاء الشبان المقاومين الذين انضموا لسرايا القدس لا يعرفون النوم ولا طعمه حيث فرح فرحا شديدا لهذه العملية ولم يهدأ له نوم ولا بهذه الليلة حيث كان شهر رمضان المبارك.. ذهب لشراء المواد التموينية لإخوانه المقاومين تجهيزا لوجبة السحور..بعد ذلك طلب منه إخوانه المجاهدين النوم فأبى لفرحه وقلقه هذه الليلة في آن واحد.. طلبوا منه حراسة فما كان من الشهيد إبراهيم إلا أن اخذ قطعة السلاح وانطلق لمكان مرتفع حيث الجنود ينتشرون في المخيم.. اخذ بإطلاق النار عليهم من جهة مقابلة لهم ومغايرة.. هدأ صوت الرصاص فوجد نفسه وحيدا.. ركب سيارة تاكسي في منتصف الليل من طريق آخر حيث كان السلاح على كتفه وبعد وصوله للمكان المحدد ترجل من السيارة والتف نحو السائق فما كن من قناص على طرف الطريق المقابل إلا أن ضربه رصاصة في الصدر من سلاح كاتم للصوت فارتمى الشهيد إبراهيم السعدي على الأرض ليطلق عليه جندي آخر رصاصة أخرى فارتقى شهيد إلى العلى في صباح 16-11-2002 م الساعة السابعة صباحا.
شاب يافع قهر الاحتلال
نعم.. الشهيد إبراهيم السعدي الذي عرف الجهاد والمقاومة كشاب نشأ في المخيم.. عرف القهر..و الصمود عنوانه.. أصيب بجراح عدة مرات إحداها وهو يركب قطعة سلاح حيث خرجت رصاصة أصابت إحدى عينيه.. وتعرض للاعتقال مرة واحدة في سجون السلطة لنشاطه وتحركاته ومساعدة للمطلوبين فكانت المقاومة وفنون القتال من ابرز هوايات الشهيد إبراهيم بالإضافة الى حبه للسباحة وقيادة السيارات كما كان الشهيد إبراهيم يحب ركوب الخيل.
الشهيد إبراهيم السعدي رغم صغر سنه إلا انه شاب جاد عرف طريق الجهاد بوعيه وفطنته وليس ذلك ببعيد على هذه العائلة التي أنجبت الشهداء.. فشقيقه التوأم عبد الكريم السعدي استشهد قبله بتاريخ 1-9-2002 م وجدته التي استشهدت بسكتة قلبية رعبا من الجنود الذين داهموا بيتها وابن عمه الطفل بسام راغب السعدي الذي استشهد أثناء اقتحام المخيم عام 2003 م برصاصة غادرة.. وكان الشهيد إبراهيم من المجاهدين الذين آثروا المحتاجين على أنفسهم، وقد كانت توكل له مهام نقل السلاح من رام الله الى جنين بحجة انه ذاهب الى دورة ونادي وغيره.. فله السبق في سنه لعمليات المساعدة هذه.
مساعدته للمطاردين
ومما يعزو للشهيد إبراهيم جهاده حماية الشبان المطلوبين خاصة عندما كانت أجهزة السلطة تريد اعتقال احد فكان شبان المخيم يهرعون للدفاع عن المجاهدين وحرق سيارات السلطة وكان الشهيد في مقدمتهم ، وكثيرا ما كان يزور سجن جنين المركزي الذي كان يقطن فيه أسرى الجهاد الإسلامي منهم الشهيد إياد حردان وكان الشهيد إبراهيم السعدي يحضر للأسرى الطعام بشكل يومي ويزورهم ليسمع طيب كلامهم … أحب الجهاد منهم.. وعى ما كانوا يقولون خاصة انه قد تعلق بالشهيد إياد حرادن واحبه.. فكان له نعم المعلم للجهاد والمقاومة.
و بعد أن اغتيل الشهيد إياد حردان بتاريخ 5-4-2001 م جرى تحول ملحوظ في حياة الشهيد إبراهيم السعدي ، فكان من المتقدمين لصفوف المقاومة حيث وجدت في المخيم.. لا يهاب أحدا ,, وابرز بطولات الشهيد انه كان من ابرز من حمل الاكواع أثناء معركة المخيم.. ومساعدا للشهيد محمود طوالبة في عملياته.. شارك في المقاومة أثناء اقتحام مخيم جنين فكان شعلة لا تنطفئ في مساعدة المجاهدين بالسلاح نقلا وتجهيزا وتعبئة للسلاح وإطلاق النار على الجنود.. كان ملازما للشهيد محمد طوالبة.. أتقن حمل الاكواع فكان ممن حملها دون تردد وخوف.. طرأ تحول كبير على مسار حياته بعد أن استشهد أخاه عبد الكريم السعدي بتاريخ 1-9-2002 م.. طلب الشهادة بأقواله وأفعاله التي شهد له بها كل من عرفه.. لم يدخل الجبن قلبه يوما فكان مقداما شجاعا.. بطولاته لفى لم يتجاوز 16 عاما لم تثنه عن تفقد أحوال الناس واحتياجاتهم.. فقد كان كثيرا ما يسأل عن المحتاجين ليسارع لايصال الغذاء لهم وفي الفترة الأخيرة قبل استشهاده طلب من أمه مبلغا من المال أخذه ووزعه على أصحابه المحتاجين ، بالإضافة الى زياراته المستمرة للسجناء وتقديم الطعام لهم وقضاء احتياجاتهم فكان أيضا حلقة وصل بين السجناء والشبان في الخارج.. عاصر وخالط معظم الشهداء.. إياد حردان.. محمود طوالبة.. سفيان عارضة..عبد الكريم السعدي..وائل عساف.. وشهداء المخيم اجمع.. أعمال الشهيد إبراهيم السعدي جعلت أبواه يشعران انه صديق وليس ولد.. عقله اكتمل قبل السادسة عشرة فكانوا يعتمدون عليه في قضاء حاجاتهم.. وفي ذكرياته الحالية مع والديه لا يذكرون سوءا من ابنهم البار المطيع.. فهو شجاع مقدام بار.
الخنساء تتحدث عن أبنائها الشهداء
تذكر والدة الشهيد إبراهيم السعدي أنها كانت تختار له ملابسه فكان يعتمد عليها في اختيار ملابسه ولكن قبل استشهاده بأسبوع واحد فقط اشترت له بيجامة ولم يلبسها.. هذه ذكرى مؤلمة مفرحة فهو شهيد في الجنة.
وتثني شقيقات الشهيد إبراهيم على حبه لهن وعطفه وابتسامته الدائمة وحنوه على أخوته الصغار ومداعبته وملاطفته لهم.
وكلما دخل وخرج من البيت كان يضفي جوا جميلا وسرورا في البيت بحركته وابتسامه وأفعاله وأقواله.. أما اليوم فقد غدا البيت لا حركة ولا فرح فيه بعد إبراهيم وعبد الكريم التوأمان " هذا ما تقوله والدة الشهيدين ".
تضيف والدة الشهيد إبراهيم السعدي : في ذكرى استشهادهم أرى أولادي إبراهيم وعبد الكريم أحياء واشعر بالفخر والاعتزاز عند الحديث عنهم.. لم امنعهم عن المقاومة والجهاد والآن أقول هنيئا لكم الشهادة أحبائي وفلذات كبدي.
هذا هو بطل القنابل أثناء معركة الدفاع عن مخيم جنين.. هذا هو الشهيد تلميذ الشهيد إياد حردان.. ومرافق الشهيد محمود طوالبة وتوأم الشهيد عبد الكريم السعدي.. شجاعا معطاء سخيا.. طلب الشهادة فكانت له..هنيئا لك الشهادة في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء. الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء. الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء. الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء.
قائد ابن قائد... فلا نامت أعين الجبناء
الشهيد المجاهد: إبراهيم بسام السعدي
تاريخ الاستشهاد: 16/11/2002.
كيفية الاستشهاد: برصاصة في الصدر من مسدس جندي صهيوني كاتم للصوت.
هو ارث الأجداد من البطولة يسرى في عروقه.. هو عشق الوطن يتعمشق في جوارحه.. ذات المكان المعبق بعطر أخيه عبد الكريم الذي رحل إلى الجنان قبله يأبى الا ان يعمّده ابراهيم بطهر دمائه.. وذات الإقدام وذات اللهفة للقاء الأحبة الفائزين بالشهادة قبله.. ها هي روحه تحلق بصحبة أبطال السرايا في المخيم .. مع طوالبة وشقيقه عبد الكريم وابو سريّة ومعلمه اياد الحردان .
النشاة
ولد إبراهيم في 26/4/1986 في مخيم جنين . وهو الأخ التوأم لعبد الكريم.. لم يكن إبراهيم طفلا عاديا بل كان بلوغه وعقلانيته تثير دهشة من يحيطون به.. فقد عرفته مذ كان صغيرا .. حديثه كأنما يصدر عن إنسان ناضج متمرس وخبير في الحياة.. مواقفه تقطر بالكرامة ورفض الذل والانصياع لظروف الاحتلال المضروبة على عائلته .. ربما بيئته وكونه ابن الشيخ المجاهد بسام راغب السعدي المجاهد العتيق والقيادي المرموق في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كانت دافعا كبيرا لفصاحته .ذلك البيت الي عاش فيه مع 11 فردا لم يجتمع شملهم في عيد او مائدة إفطار في رمضان منذ نعومة أظفاره فأبوه إما مطارد او اسير او مبعد .ظل إبراهيم وحتى رحيله حنونا على الفقراء والمحتاجين يأخذ من بيته المؤن او المال ويوزعها على الفقراء والايتام .
ترك إبراهيم المدرسة منذ كان في الصف العاشر ليكمل مسيرته الجهادية ويغدو مرافقا لمحمود طوالبة وابرز ضاربي الاكواع في مخيم جنين، فلا يكون اجتياح او توغل في المدينة الا وإبراهيم في مقدمة المتصدين له..تركز دوره في مساعدة المطلوبين وإمدادهم باحتياجاتهم اليومية .. يخرج من بيته في عتمة الليل وقبيل الفجر حاملا الطعام والمؤن وأحيانا السلاح لإيصالها لمجموعة متحصنة في مغارة هنا او أخرى تعد كمينا ضد الصهاينة هناك.
إبراهيم ذلك الفتى الذي أحبه كل من عرفه لدماثة خلقه وطيب معشره وروحه المرحة فابتسامته دائما ترتسم على وجهه ويشيع في قلوب من يحدثهم راحة وسكينه .
اصيب ابرايهم خلال انتفاضة الاقصى ثلاث مرات فقد احدى عينيه في احداها عندما كان يحاول تركيب قطعة سلاح وتم اعتقاله وشقيقه عبد الكريم في سجون السلطة لعدة اشهر والتنكيل بهما .وفي كل مرة كان ابراهيم يتلقى المحنة بصلابة لا تتوافق مع سنين عمره.
كانت زياراته المتكررة لسجن المقاطعة في جنين عاملا مؤثرا في شخصيته بعدما تعرف على الشهيد اياد الحردان المعتقل مع والده وذلك في العام 1995 .بعد رحيل الحردان في نيسان 2001 أصبح إبراهيم أكثر حقدا وكراهية للعدو الصهيوني وبات شغله الشاغل الانتقام والثأر الذي لا ينفك يتحدث به لأهله ولرفاق دربه من أشبال سرايا القدس في المخيم.
اما رحيل شقيقه التوأم عبد الكريم فقد ترك في قلبه جرحا غائرا وطبع في نفسه رغبه عارمة بالانتقام والثأر ..فيوم وداعه لأخيه بكى إبراهيم بحرقة وهو يطبع على جبينه قبله أخيرة وعاهده على اللحاق به قريبا.
الشهادة
وكأن أبواب السماء تلقت دعاءه الخالص وحققت أمنيته بالشهادة التي صار يهذي بها حتى في نومه. تقول والدته الصابرة :" كنت أدرك ان إبراهيم سيلحق بأخيه فقد تعلق قلبه بالشهادة وكان يطلبها بقلب مخلص وكلما ودع رفيقا له من شهداء المخيم بكى بحرقة لأنه سبق للشهادة ".في ذلك الحين وفي فجر يوم 16/11/2002 كان ابراهيم يطوف في جنين عندما توغلت قوة صهيونية معززة بعشرات الآليات وبغطاء جوي من طائرات الاباتشي جنين ومخيمها واقتربت تلك الآليات من حي الزهراء المتاخم لبيت المجاهد بسام السعدي ..في وقت لم تكد فيه تلك الآليات نتسحب اثر عملية عكسرية صهيونية حاقدة وحصار للمدينة والتضييق على أهلها بقطع الهاتف والكهرباء لأربعة عشرا يوما بهدف اغتيال المجاهد إياد صوالحة في رمضان في العام 1423هـ الموافق 9/11/2002 .
تحرك إبراهيم وعاد الى المخيم حاملا رشاشه واشتبك مع قوة صهيونية على مقربة من بيته قبل ان تصيبه رصاصة قناص حاقد إصابة مباشرة في صدره فسقط أرضا ليكمل ذات القناص إطلاق النار عليه ويرديه ويصيب عددا آخر ممن يحيطون به.
ووسط حالة الهرج والمرج التي سادت في الساحة الخلفية لمنزل المجاهد بسام السعدي عقب محاولة إنعاش إبراهيم استمر إطلاق النار بكثافة من المدفعية الثقيلة للدبابات التي عطلت وصول إبراهيم الى المشفى فارتقى إلى العلى ليكون الشهيد الرابع في عائلته وفي اقل من اشهر خمسة.
صبر وثبات
لحظات ثقيلة مرت وكل صغير وكبير في مخيم جنين يبكي بحرقة ومرارة لذلك المنظر الذي عانقت به الصابرة ام إبراهيم فلذة كبدها وبكرها إبراهيم وتحسست وجهه ورأسه مزيلة بعض آثار الدماء عن رأسه قائلة:"هنيئا لك الشهادة.. بلغ سلامي واشواقي لاخيك عبد الكريم" وبصبر وثبات قل ان يتحلى به إنسان فارق من الأحبة الكثير تطلب من الناس الا يبكوا ابنها وان يفرحوا له قائلة:" هو عريس هذا اليوم فزفوه وهنئوني به".
واما أبوه الشيخ بسام والذي كان مطاردا منذ أعوام فقد حرم من إلقاء نظرة الوداع على نجله إبراهيم كما حرم قبل 75 يوما من إلقائها على ابنه عبد الكريم.
في الختام
ان مخيما يزهو بهذه النماذج الرائعة للبذل والعطاء يستحق عن جدارة ان يغدو قبلة الجهاد وقلعة شموخ ومنار يستمد منه العزم والكرامة في ليل الزاحفين والمتخاذلين عن نصرة الاسلام والمسلمين في فلسطين.. لن تهزم هذه الأرض طالما فيها اب كابي إبراهيم وأبناء كإبراهيم وعبد الكريم.
2006-11-16
إبراهيم قمر جنين في أيامنا الكالحة المملوءة بهزائم التسوية الهزيلة... إبراهيم كان حكاية المخيم في بطولاته وإقدامه وعطفه على الصغير والكبير...إبراهيم شاب يافع لا يملك إلا رشاشه ليدافع به عن مخيمه الصامد من جنود الاحتلال ودباباته.. كان رمزاً للشهداء وعنواناً جديداً لمرحلة جهاد متواصل من اجل فلسطين والإسلام... إبراهيم أبى إلا أن يلحق برفاقه إياد الحردان ومحمود طوالبة وسفيان عارضة وشقيقه الشهيد عبد الكريم وجدته التي مضت نحبها نحو الجنة..
بداية المشوار
الشهيد إبراهيم بسام راغب السعدي من مواليد مخيم جنين بتاريخ 29-4-1986م.. نشأ وترعرع في أسرة محافظة متدينة ومكونة من 13 فردا وكان الشهيد إبراهيم هو اكبر إخوانه سنا وتوأما مع اخيه الشهيد عبد الكريم.
تربى في مسجد المخيم الكبير القريب من بيته.. ترك المدرسة من الصف العاشر الأساسي.. وبقي يتنفس هواء المخيم وصموده حتى استشهد بتاريخ 16-11-2002 م وكان عمره (16عاما) وكان ذلك بعد عملية الخليل البطولية التي أثلجت صدور أهالي المخيم الذي كان يتصدى لغارات العدو وجنوده..و كان الشهيد إبراهيم احد هؤلاء الشبان المقاومين الذين انضموا لسرايا القدس لا يعرفون النوم ولا طعمه حيث فرح فرحا شديدا لهذه العملية ولم يهدأ له نوم ولا بهذه الليلة حيث كان شهر رمضان المبارك.. ذهب لشراء المواد التموينية لإخوانه المقاومين تجهيزا لوجبة السحور..بعد ذلك طلب منه إخوانه المجاهدين النوم فأبى لفرحه وقلقه هذه الليلة في آن واحد.. طلبوا منه حراسة فما كان من الشهيد إبراهيم إلا أن اخذ قطعة السلاح وانطلق لمكان مرتفع حيث الجنود ينتشرون في المخيم.. اخذ بإطلاق النار عليهم من جهة مقابلة لهم ومغايرة.. هدأ صوت الرصاص فوجد نفسه وحيدا.. ركب سيارة تاكسي في منتصف الليل من طريق آخر حيث كان السلاح على كتفه وبعد وصوله للمكان المحدد ترجل من السيارة والتف نحو السائق فما كن من قناص على طرف الطريق المقابل إلا أن ضربه رصاصة في الصدر من سلاح كاتم للصوت فارتمى الشهيد إبراهيم السعدي على الأرض ليطلق عليه جندي آخر رصاصة أخرى فارتقى شهيد إلى العلى في صباح 16-11-2002 م الساعة السابعة صباحا.
شاب يافع قهر الاحتلال
نعم.. الشهيد إبراهيم السعدي الذي عرف الجهاد والمقاومة كشاب نشأ في المخيم.. عرف القهر..و الصمود عنوانه.. أصيب بجراح عدة مرات إحداها وهو يركب قطعة سلاح حيث خرجت رصاصة أصابت إحدى عينيه.. وتعرض للاعتقال مرة واحدة في سجون السلطة لنشاطه وتحركاته ومساعدة للمطلوبين فكانت المقاومة وفنون القتال من ابرز هوايات الشهيد إبراهيم بالإضافة الى حبه للسباحة وقيادة السيارات كما كان الشهيد إبراهيم يحب ركوب الخيل.
الشهيد إبراهيم السعدي رغم صغر سنه إلا انه شاب جاد عرف طريق الجهاد بوعيه وفطنته وليس ذلك ببعيد على هذه العائلة التي أنجبت الشهداء.. فشقيقه التوأم عبد الكريم السعدي استشهد قبله بتاريخ 1-9-2002 م وجدته التي استشهدت بسكتة قلبية رعبا من الجنود الذين داهموا بيتها وابن عمه الطفل بسام راغب السعدي الذي استشهد أثناء اقتحام المخيم عام 2003 م برصاصة غادرة.. وكان الشهيد إبراهيم من المجاهدين الذين آثروا المحتاجين على أنفسهم، وقد كانت توكل له مهام نقل السلاح من رام الله الى جنين بحجة انه ذاهب الى دورة ونادي وغيره.. فله السبق في سنه لعمليات المساعدة هذه.
مساعدته للمطاردين
ومما يعزو للشهيد إبراهيم جهاده حماية الشبان المطلوبين خاصة عندما كانت أجهزة السلطة تريد اعتقال احد فكان شبان المخيم يهرعون للدفاع عن المجاهدين وحرق سيارات السلطة وكان الشهيد في مقدمتهم ، وكثيرا ما كان يزور سجن جنين المركزي الذي كان يقطن فيه أسرى الجهاد الإسلامي منهم الشهيد إياد حردان وكان الشهيد إبراهيم السعدي يحضر للأسرى الطعام بشكل يومي ويزورهم ليسمع طيب كلامهم … أحب الجهاد منهم.. وعى ما كانوا يقولون خاصة انه قد تعلق بالشهيد إياد حرادن واحبه.. فكان له نعم المعلم للجهاد والمقاومة.
و بعد أن اغتيل الشهيد إياد حردان بتاريخ 5-4-2001 م جرى تحول ملحوظ في حياة الشهيد إبراهيم السعدي ، فكان من المتقدمين لصفوف المقاومة حيث وجدت في المخيم.. لا يهاب أحدا ,, وابرز بطولات الشهيد انه كان من ابرز من حمل الاكواع أثناء معركة المخيم.. ومساعدا للشهيد محمود طوالبة في عملياته.. شارك في المقاومة أثناء اقتحام مخيم جنين فكان شعلة لا تنطفئ في مساعدة المجاهدين بالسلاح نقلا وتجهيزا وتعبئة للسلاح وإطلاق النار على الجنود.. كان ملازما للشهيد محمد طوالبة.. أتقن حمل الاكواع فكان ممن حملها دون تردد وخوف.. طرأ تحول كبير على مسار حياته بعد أن استشهد أخاه عبد الكريم السعدي بتاريخ 1-9-2002 م.. طلب الشهادة بأقواله وأفعاله التي شهد له بها كل من عرفه.. لم يدخل الجبن قلبه يوما فكان مقداما شجاعا.. بطولاته لفى لم يتجاوز 16 عاما لم تثنه عن تفقد أحوال الناس واحتياجاتهم.. فقد كان كثيرا ما يسأل عن المحتاجين ليسارع لايصال الغذاء لهم وفي الفترة الأخيرة قبل استشهاده طلب من أمه مبلغا من المال أخذه ووزعه على أصحابه المحتاجين ، بالإضافة الى زياراته المستمرة للسجناء وتقديم الطعام لهم وقضاء احتياجاتهم فكان أيضا حلقة وصل بين السجناء والشبان في الخارج.. عاصر وخالط معظم الشهداء.. إياد حردان.. محمود طوالبة.. سفيان عارضة..عبد الكريم السعدي..وائل عساف.. وشهداء المخيم اجمع.. أعمال الشهيد إبراهيم السعدي جعلت أبواه يشعران انه صديق وليس ولد.. عقله اكتمل قبل السادسة عشرة فكانوا يعتمدون عليه في قضاء حاجاتهم.. وفي ذكرياته الحالية مع والديه لا يذكرون سوءا من ابنهم البار المطيع.. فهو شجاع مقدام بار.
الخنساء تتحدث عن أبنائها الشهداء
تذكر والدة الشهيد إبراهيم السعدي أنها كانت تختار له ملابسه فكان يعتمد عليها في اختيار ملابسه ولكن قبل استشهاده بأسبوع واحد فقط اشترت له بيجامة ولم يلبسها.. هذه ذكرى مؤلمة مفرحة فهو شهيد في الجنة.
وتثني شقيقات الشهيد إبراهيم على حبه لهن وعطفه وابتسامته الدائمة وحنوه على أخوته الصغار ومداعبته وملاطفته لهم.
وكلما دخل وخرج من البيت كان يضفي جوا جميلا وسرورا في البيت بحركته وابتسامه وأفعاله وأقواله.. أما اليوم فقد غدا البيت لا حركة ولا فرح فيه بعد إبراهيم وعبد الكريم التوأمان " هذا ما تقوله والدة الشهيدين ".
تضيف والدة الشهيد إبراهيم السعدي : في ذكرى استشهادهم أرى أولادي إبراهيم وعبد الكريم أحياء واشعر بالفخر والاعتزاز عند الحديث عنهم.. لم امنعهم عن المقاومة والجهاد والآن أقول هنيئا لكم الشهادة أحبائي وفلذات كبدي.
هذا هو بطل القنابل أثناء معركة الدفاع عن مخيم جنين.. هذا هو الشهيد تلميذ الشهيد إياد حردان.. ومرافق الشهيد محمود طوالبة وتوأم الشهيد عبد الكريم السعدي.. شجاعا معطاء سخيا.. طلب الشهادة فكانت له..هنيئا لك الشهادة في الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء. الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء. الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء. الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء.
تعليق