الشهيد القائد ماجد يوسف الحرازين "أبو المؤمن"
ماجد الحرازين.. أبا مؤمن.. مبارك دمك.. مبارك جهادك.. مبارك عطاؤك.. مبارك الفكر الذي عبأك.. مبارك النهج الإسلامي الثوري الذي رسم ملامح حياتك من ألفها إلى يائها.. مباركة تلك الأشلاء التي تناثرت كحبات المطر في شوارع غزة..
ماجد الحرازين.. كنت فينا ولا زلت رمزا للتضحية والعطاء والفداء.. تواصل مسيرة من سبقوك من الشهداء.. لا يضرك من باع او خان أو استكان..
ماجد الحرازين.. يا من فهمت جيدا معنى قول الله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل...." فلم تترك ليعينك مساحة للنوم.. ولا لجسدك فرصة للراحة.. وأنت تعد العدة مع إخوانك المجاهدين لتحقيق أكبر قدر من الإيلام في صفوف بني يهود.. فعكفت على تطوير الصواريخ القدسية لتدك المغتصبات الصهيونية الجاثمة على أراضينا المحتلة خلف جدار الموت والقتل الذي يلف قطاع غزة.. فهنيئا لك وأنت تغادرنا اليوم شهيدا مكللا بالغار والعز والفخار.. هنيئا لك وأنت الذاهب إلى ربك راضيا مرضيا بإذن الله في أيام الله المباركات.. هنيئا لك أيها الماجد الأغر والفارس المغوار في ميادين الجهاد والمقاومة.. هنيئا لك ولمن سار على دربك من العظماء.. أما للآخرين باعة فلسطين والديار فليس لهم من الله والتاريخ وكل الأحرار إلا الخزي والعار..
ماجد الحرازين.. نم قرير العين أيها القائد الأشم.. فنحن سنكون كما عهدتنا بإذن الله.. أشداء على الكفار رحماء بيننا.. على العهد باقون.. لدمائك ومن سبقك ورافقك وسيلحقك بك محافظون.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...
أبا مؤمن.. تبكيك فلسطين بحزن وألم كبير تلقت فلسطين وكل الأحرار في العالم، نبأ استشهاد القائد العام لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ماجد يوسف الحرازين "أبو مؤمن"، فمع انتشار خبر استشهاده تحولت شوارع غزة الخالية إلى ساحات مكتظة بالجماهير الغاضبة التي هرعت للتعبير عن غضبها، حيث صدحت حناجر الشباب بالتكبير والتهليل خلال مسيرات جابت شوارع أزقة مدن ومحافظات القطاع، وعلت أصوات المساجد مؤبنة الشهيد ورفاقه، بينما توجه آلاف المواطنين جماعات وأحادى من كافة أرجاء قطاع غزة إلى مجمع الشفاء الطبي حيث يرقد جثمان الشهيد الطاهر ورفاقه ليلقوا نظرة الوداع على قائد فذ طالما أرق العدو الصهيوني وأقض مضاجعه.
لقد بدت مظاهر الحزن واضحة جلية على الشارع الغزي فما بين شاب يبكي وطفل يكبر ومجاهد يتوعد بالثأر وآخر قد أطلق العنان لسلاحه الرشاش ليعبر عن عظيم غضبه، كانت صواريخ سرايا القدس قد وصلت إلى قلب الكيان الغاصب وزرع الرعب والهلع في صفوف مستوطنيه.
وفي لقاء جمع مراسل "الاستقلال" بأسرة الشهيد القائد ماجد الحرازين في بيته المتواضع من أجل إلقاء المزيد من الضوء على حياة الشهيد القائد أبو المؤمن قال شقيقه أبو محمد وقد بدا عليه الحزن والأسى على فراق شقيقه:" لقد كنا نتوقع في كل لحظة تلقي نبأ استشهاد شقيقي أبو المؤمن، واعددنا أنفسنا مراراً لاستقبال هذا المصاب الجلل، لكني لا أخفيك أننا محزنون على فراقه، فالأنبياء عليهم السلام حزنوا على فراق أحبتهم".
وأبدى أبو محمد في ذات الوقت فخره واعتزازه بأخيه الشهيد الذي كان على رأس قائمة المطلوبين للكيان الصهيوني منذ قرابة تسع سنوات، ونال في نهاية الأمر الشهادة في سبيل الله التي تمناها وسعى لنيلها.
تذكر أبو محمد آخر كلمات كان يرددها شقيقه الشهيد قبيل استشهاده حيث يقول:" إن ما كل أريده من هذه الدنيا الفانية صاروخ يقرب لقائي بأحبتي ورفاقي الذين سبقوني...".
وأشار أبو محمد إلى أن حياة الشهيد أبو المؤمن كانت مؤلمة وقاسية فما بين التعرض لمحنة الأسر في سجون الاحتلال إلى المطاردة والملاحقة الطويلة من قبل الاحتلال وأعوانه التي دخلت عامها التاسع، إضافة إلى ارتقاء الكثير من رفاقه على ذات الشوكة شهداء.
ويذكر أن الشهيد القائد ماجد يوسف الحرازين "أبو المؤمن" المولود في عام 1970 بحي الشجاعية في مدينة غزة قد استهدفت طائرات الاستطلاع الصهيونية سيارته التي كان يستقلها ورفيقه الشهيد المجاهد "جهاد ضاهر" بصاروخين ما أدى إلى استشهادهم على الفور مساء يوم الاثنين الموافق 18/12/2007.
وعاش الشهيد أبو المؤمن وترعرع في كنف أسرة فلسطينية متواضعة مؤمنة تربت على الصدق والأمانة والحب، وأوضح شقيقه أبو محمد أن أكثر شيء كان يميز أسرتهم المكونة من والده وخمسة إخوة وست أخوات المحبة والترابط الكبير بين أفرادها، وشاء القدر أن تتوفى والدة الشهيد أبو المؤمن قبل استشهاده بعام. ويعتبر الشهيد أوسط إخوانه الذكور.
وتميز شهيدنا أبو المؤمن بتفوقه في مراحل دراسته المختلفة، وصفاء ذهنه وقدرته العجيبة على الحفظ وحبه الشديد للقراءة والاطلاع، حيث درس المراحل التعليمية المختلفة في مدارس مدينة غزة، وتمكن من إنهاء المرحلة الثانوية بتقدير عام مرتفع، إلا أن اعتقاله من قبل قوات الاحتلال حال آنذاك دون إكمال دراسته الجامعية، التي عاد إليها بعد الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة حيث التحق بجامعة القدس المفتوحة وحال استشهاده دون إكماله لدراسته.
وكان الشهيد قد تعرض لمحنة الاعتقال لمرتين كانت الأولى في عام 1989 ولمدة ثمانية أشهر بتهمة انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي ومشاركته في فعاليات الانتفاضة الأولى، فيما كان الاعتقال الثاني في عام 1992، حيث أمضى في السجن نحو خمس سنوات بتهمة انتمائه للجناح العسكري للحركة الذي كان يعرف سابقا باسم القوى الإسلامية المجاهدة "قسم".
يذكر أن شهيدنا قد تزوج من ابنة عمه بعد خروجه من السجن عام 1992 ورزق منها بخولة 15 عاماً، مؤمن 12عام، مروة، بيسان، والتوأم فاطمة، وحمزة.
وقد عمل شهيدنا بعد خروجه من السجن عام 1997 في صفوف الأمن الوطني حيث عمل مرافقاً للشهيد القائد أحمد مفرج أبوحميد، وأكد الشهيد أبو المؤمن لذويه أنه أكتسب من عمله مع الشهيد أبو حميد العديد من الصفات ساعدته فيما بعد على تحمل قيادة العمل العسكري في سرايا القدس.
أخلاقه وصفاته
وقال أبو محمد واصفاً أبو المؤمن :" لقد كان شجاعاً صنديدا عنيداً، وحنونا ورقيقاً، بارا بوالديه خاصة والدته التي كان دائما يقبل يديها ورأسها وقدميها".
تميز أبو المؤمن منذ نعومة أظفاره بتدينه وإقباله على الفكر الجهادي المقاوم، حيث اعتاد الذهاب إلى مسجد الشهيد عز الدين القسام بمشروع بيت لاهيا.. ذلك المسجد الذي يعد قلعة المجاهدين ومخرج الشهداء الأبطال والقادة العظام.
كما تميز شهيدنا بالسرية التامة والكتمان فكان هذا سر نجاح عملياته النوعية والجريئة.
وعرف عن أبو المؤمن حبه ورأفته بالفقراء والمحتاجين حيث كان لا يتوانى عن تقديم يد العون لكل سائل ومحروم على الرغم من ضيق العيش وظروفه الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها.
وذكر ابن أخيه إبراهيم أن عمه الشهيد خرج عصر يوم استشهاده لشراء ملابس العيد لأطفاله الصغار، واشترى بما تبقى معه من مال ملابس لأطفال جيرانه الفقراء.
مشواره الجهادي
كما ذكر سابقا التحق شهيدنا بالجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي خلال الانتفاضة الأولى، وكان شعلة متقدة من الجهاد والعطاء، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة كان للشهيد أيضا دور كبير في إعداد جيش من سرايا القدس وتدريبه على أحدث التقنيات العسكرية، إضافة إلى إشرافه على تنفيذ عشرات العمليات الاستشهادية والجهادية النوعية والمعقدة ضد الاحتلال الصهيوني، ويسجل للشهيد أبو المؤمن العديد من العمليات الناجحة و التي منها:
- "عملية بدر الكبرى" النوعية التي نفذها الاستشهاديان : جمال علي إسماعيل ومحمد سميح المصري باستخدام زورق بحري تم تفجيره بسفينة "دبور" صهيونية تم إغراقها وإصابة أربعة جنود صهاينة إصابات خطيرة.
- عملية "الصيف الساخن" النوعية التي استهدفت موقعاً صهيونياً في منطقة كوسوفيم شرق دير البلح، واستشهد فيها الاستشهادي محمد الجعبري وقد أسفرت العملية عن قتل وجرح العديد من الجنود الصهاينة واستقالة قائد المنطقة الجنوبية فيما بعد.
- عملية انتقام الحرائر نفذتها الاستشهادية ميرفت مسعود، والتي نفذتها وسط تجمع لجنود الاحتلال في بلدة بيت حانون مما أدى إلى مقتل وجرح عدد منهم.
- عملية "أم الرشراش - إيلات المحتلة" النوعية و الجريئة والتي نفذها الاستشهادي محمد فيصل السكسك "أبو همام" وقد أسفرت عن قتل ثلاثة صهاينة وإصابة العديد.
ويسجل للشهيد إشرافه على الكثير من العمليات منها عمليات قنص وتفجير ناقلات جند واليات صهيونية إضافة إلى مشاركته الفاعلة في تطوير صواريخ القدس ومتابعته الميدانية للمجاهدين وخاصة في المناطق الحدودية ومناطق الاجتياحات والتوغلات الصهيونية.
ردود فعل ذويه
وقالت طفلته مروة ابنة 9 سنوات بصوت حمل في طياته نبرة من الحزن والأسى :" إنني رغم حزني فرحة بما ناله والدي من شرف الشهادة في سبيل الله" وأشارت إلى أنها لم تسعد يوما واحدا بالجلوس مع والدها كما كل أطفال العالم، حيث كان والدها يزورهم في فترات متباعدة ولوقت بسيط بسبب وضعه الأمني وملاحقة الاحتلال له.
فيما أقسم ابنه مؤمن بالسير على خطى والده.. خطى الشهداء الأتقياء حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا...
في ذات السياق قال والده الحاج يوسف بصوت حزين وعيون قد تحجرت فيها الدموع إن الجماهير الغفيرة التي خرجت في تشييع جثمان فلذة قلبه وقرة عينه، وشاركت في عرسه أزالت كل ذرات الحزن وأسكنت في قلبه الفرح والسرور.. موضحاً بأنه شاهد في عرس فلذة قلبه وحدة بين كافة أطياف الشعب الفلسطيني، مؤكداً بأن الشهيد كانت أمنيته أن يرى أبناء شعبه يقاتلون أعداء الله صفاً واحداً. معرباً عن فخره واعتزازه بشهادة فلذة كبده ونيله شرف الشهادة في سبيل الله كما أحب وتمنى، سائلاً المولى عز وجل أن يجمعه وإياه ووالدته وكل المؤمنين بالفردوس الأعلى مع الشهداء و الصديقين.
الأمين العام ينعى القائد
حركة الجهاد الإسلامي على لسان أمينها العام د. رمضان عبد الله شلح نعت الشهيد القائد ماجد الحرازين ورفاقه الشهداء القادة خلال كلمة ألقاها في تأبين الشهداء.
وتوعد د. رمضان العدو الصهيوني برد قاسي ومؤلم رداً على جرائمهم قائلاً:" سيأتي اليوم بإذن الله الذي يلبس فيه الكيان اللعين ثوب الحداد ندماً على هذا الدم الطاهر، دم ماجد وإخوانه، ونحن لا نهدد ولا نتوعد بالشعارات" وأضاف: "إننا لسنا في خطب ثأرية ولكننا قوم لا نترك دماء شهدائنا".
سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بدورها هددت العدو الصهيوني، وقالت في بيان وصل الاستقلال نسخة عنه: "أنها ستفتح الأبواب مشرعة أمام موجة من العمليات الاستشهادية ردا على الاغتيالات المتواصلة".
فرح صهيوني.. لن يطول
بالقدر الذي آلم فراق أبا المؤمن ورفاقه قلوب الأحرار في فلسطين والعالم، بالقدر ذاته عمت مشاعر الفرح في قلوب قادة الكيان، لكن تلك المشاعر كان يخالطها خوف وحذر وترقب استعدادا للرد القادم من قبل سرايا القدس وسائر فصائل العمل الوطني والإسلامي في فلسطين على جريمة الاغتيال الجبانة..
وزير حرب الاحتلال أيهود باراك وجد ضالته في هذه الاغتيالات للرد على خصومه الذين طالما اعتبروه فاشلاً وضعيفاً، حيث سارع لتهنئة جيشه وأجهزته العسكرية بنجاحها في اغتيال القائد الحرازين؛ لكنه أبدى تخوفه من حجم الرد الذي ستنفذه سرايا القدس.
(ماتان فيلنائي) نائب وزير الحرب الصهيوني من جهته علق على تلك العمليات بالقول: "إن المهم ليس عدد الذين نصيبهم بل أهميتهم في قيادة الجهاد الإسلامي، باعتبارها الأبرز في التحرك على الأرض وتنفيذ عمليات إطلاق الصواريخ."
ما يسمى برئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الصهيوني تساحي هنغبي بدوره وصف عملية اغتيال القائد الحرازين ومجاهدي سرايا القدس الآخرين، بأنها "نجاح غير عادي لجيش الاحتلال"، وحمل هنغبي في تصريحات نقلتها الإذاعة العبرية حركة الجهاد الإسلامي المسؤولية المباشرة عن إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه التجمعات السكنية المحيطة بالقطاع ، مؤكداً أنها ستكون أول من يدفع ثمن هذه الصواريخ.حسب تعبيره.
تلفزيون العدو من جانبه قال إن القائد الحرازين كان علي قائمة الاغتيالات منذ تسع سنوات ، حيث يتهمه جهاز الشاباك بالمسؤولية عن منظومة تصنيع وإطلاق الصواريخ في الجهاد الإسلامي ، كما كان له دور في إرسال استشهاديين إلى داخل فلسطين المحتلة عام 48.
من أقوال الشهيد
قال الشهيد أبو المؤمن " لقد بدأنا الانتفاضة بحجر وشعار يكتب على الجدران وها أنا اليوم أُقبّل الصاروخ قبل وصوله إلى مغتصبة "سديروت" وادعوا الله أن يوقع القتل والرعب في صفوف العدو الصهيوني"..
ماجد الحرازين.. أبا مؤمن.. مبارك دمك.. مبارك جهادك.. مبارك عطاؤك.. مبارك الفكر الذي عبأك.. مبارك النهج الإسلامي الثوري الذي رسم ملامح حياتك من ألفها إلى يائها.. مباركة تلك الأشلاء التي تناثرت كحبات المطر في شوارع غزة..
ماجد الحرازين.. كنت فينا ولا زلت رمزا للتضحية والعطاء والفداء.. تواصل مسيرة من سبقوك من الشهداء.. لا يضرك من باع او خان أو استكان..
ماجد الحرازين.. يا من فهمت جيدا معنى قول الله تعالى "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل...." فلم تترك ليعينك مساحة للنوم.. ولا لجسدك فرصة للراحة.. وأنت تعد العدة مع إخوانك المجاهدين لتحقيق أكبر قدر من الإيلام في صفوف بني يهود.. فعكفت على تطوير الصواريخ القدسية لتدك المغتصبات الصهيونية الجاثمة على أراضينا المحتلة خلف جدار الموت والقتل الذي يلف قطاع غزة.. فهنيئا لك وأنت تغادرنا اليوم شهيدا مكللا بالغار والعز والفخار.. هنيئا لك وأنت الذاهب إلى ربك راضيا مرضيا بإذن الله في أيام الله المباركات.. هنيئا لك أيها الماجد الأغر والفارس المغوار في ميادين الجهاد والمقاومة.. هنيئا لك ولمن سار على دربك من العظماء.. أما للآخرين باعة فلسطين والديار فليس لهم من الله والتاريخ وكل الأحرار إلا الخزي والعار..
ماجد الحرازين.. نم قرير العين أيها القائد الأشم.. فنحن سنكون كما عهدتنا بإذن الله.. أشداء على الكفار رحماء بيننا.. على العهد باقون.. لدمائك ومن سبقك ورافقك وسيلحقك بك محافظون.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون...
أبا مؤمن.. تبكيك فلسطين بحزن وألم كبير تلقت فلسطين وكل الأحرار في العالم، نبأ استشهاد القائد العام لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي ماجد يوسف الحرازين "أبو مؤمن"، فمع انتشار خبر استشهاده تحولت شوارع غزة الخالية إلى ساحات مكتظة بالجماهير الغاضبة التي هرعت للتعبير عن غضبها، حيث صدحت حناجر الشباب بالتكبير والتهليل خلال مسيرات جابت شوارع أزقة مدن ومحافظات القطاع، وعلت أصوات المساجد مؤبنة الشهيد ورفاقه، بينما توجه آلاف المواطنين جماعات وأحادى من كافة أرجاء قطاع غزة إلى مجمع الشفاء الطبي حيث يرقد جثمان الشهيد الطاهر ورفاقه ليلقوا نظرة الوداع على قائد فذ طالما أرق العدو الصهيوني وأقض مضاجعه.
لقد بدت مظاهر الحزن واضحة جلية على الشارع الغزي فما بين شاب يبكي وطفل يكبر ومجاهد يتوعد بالثأر وآخر قد أطلق العنان لسلاحه الرشاش ليعبر عن عظيم غضبه، كانت صواريخ سرايا القدس قد وصلت إلى قلب الكيان الغاصب وزرع الرعب والهلع في صفوف مستوطنيه.
وفي لقاء جمع مراسل "الاستقلال" بأسرة الشهيد القائد ماجد الحرازين في بيته المتواضع من أجل إلقاء المزيد من الضوء على حياة الشهيد القائد أبو المؤمن قال شقيقه أبو محمد وقد بدا عليه الحزن والأسى على فراق شقيقه:" لقد كنا نتوقع في كل لحظة تلقي نبأ استشهاد شقيقي أبو المؤمن، واعددنا أنفسنا مراراً لاستقبال هذا المصاب الجلل، لكني لا أخفيك أننا محزنون على فراقه، فالأنبياء عليهم السلام حزنوا على فراق أحبتهم".
وأبدى أبو محمد في ذات الوقت فخره واعتزازه بأخيه الشهيد الذي كان على رأس قائمة المطلوبين للكيان الصهيوني منذ قرابة تسع سنوات، ونال في نهاية الأمر الشهادة في سبيل الله التي تمناها وسعى لنيلها.
تذكر أبو محمد آخر كلمات كان يرددها شقيقه الشهيد قبيل استشهاده حيث يقول:" إن ما كل أريده من هذه الدنيا الفانية صاروخ يقرب لقائي بأحبتي ورفاقي الذين سبقوني...".
وأشار أبو محمد إلى أن حياة الشهيد أبو المؤمن كانت مؤلمة وقاسية فما بين التعرض لمحنة الأسر في سجون الاحتلال إلى المطاردة والملاحقة الطويلة من قبل الاحتلال وأعوانه التي دخلت عامها التاسع، إضافة إلى ارتقاء الكثير من رفاقه على ذات الشوكة شهداء.
ويذكر أن الشهيد القائد ماجد يوسف الحرازين "أبو المؤمن" المولود في عام 1970 بحي الشجاعية في مدينة غزة قد استهدفت طائرات الاستطلاع الصهيونية سيارته التي كان يستقلها ورفيقه الشهيد المجاهد "جهاد ضاهر" بصاروخين ما أدى إلى استشهادهم على الفور مساء يوم الاثنين الموافق 18/12/2007.
وعاش الشهيد أبو المؤمن وترعرع في كنف أسرة فلسطينية متواضعة مؤمنة تربت على الصدق والأمانة والحب، وأوضح شقيقه أبو محمد أن أكثر شيء كان يميز أسرتهم المكونة من والده وخمسة إخوة وست أخوات المحبة والترابط الكبير بين أفرادها، وشاء القدر أن تتوفى والدة الشهيد أبو المؤمن قبل استشهاده بعام. ويعتبر الشهيد أوسط إخوانه الذكور.
وتميز شهيدنا أبو المؤمن بتفوقه في مراحل دراسته المختلفة، وصفاء ذهنه وقدرته العجيبة على الحفظ وحبه الشديد للقراءة والاطلاع، حيث درس المراحل التعليمية المختلفة في مدارس مدينة غزة، وتمكن من إنهاء المرحلة الثانوية بتقدير عام مرتفع، إلا أن اعتقاله من قبل قوات الاحتلال حال آنذاك دون إكمال دراسته الجامعية، التي عاد إليها بعد الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة حيث التحق بجامعة القدس المفتوحة وحال استشهاده دون إكماله لدراسته.
وكان الشهيد قد تعرض لمحنة الاعتقال لمرتين كانت الأولى في عام 1989 ولمدة ثمانية أشهر بتهمة انتمائه لحركة الجهاد الإسلامي ومشاركته في فعاليات الانتفاضة الأولى، فيما كان الاعتقال الثاني في عام 1992، حيث أمضى في السجن نحو خمس سنوات بتهمة انتمائه للجناح العسكري للحركة الذي كان يعرف سابقا باسم القوى الإسلامية المجاهدة "قسم".
يذكر أن شهيدنا قد تزوج من ابنة عمه بعد خروجه من السجن عام 1992 ورزق منها بخولة 15 عاماً، مؤمن 12عام، مروة، بيسان، والتوأم فاطمة، وحمزة.
وقد عمل شهيدنا بعد خروجه من السجن عام 1997 في صفوف الأمن الوطني حيث عمل مرافقاً للشهيد القائد أحمد مفرج أبوحميد، وأكد الشهيد أبو المؤمن لذويه أنه أكتسب من عمله مع الشهيد أبو حميد العديد من الصفات ساعدته فيما بعد على تحمل قيادة العمل العسكري في سرايا القدس.
أخلاقه وصفاته
وقال أبو محمد واصفاً أبو المؤمن :" لقد كان شجاعاً صنديدا عنيداً، وحنونا ورقيقاً، بارا بوالديه خاصة والدته التي كان دائما يقبل يديها ورأسها وقدميها".
تميز أبو المؤمن منذ نعومة أظفاره بتدينه وإقباله على الفكر الجهادي المقاوم، حيث اعتاد الذهاب إلى مسجد الشهيد عز الدين القسام بمشروع بيت لاهيا.. ذلك المسجد الذي يعد قلعة المجاهدين ومخرج الشهداء الأبطال والقادة العظام.
كما تميز شهيدنا بالسرية التامة والكتمان فكان هذا سر نجاح عملياته النوعية والجريئة.
وعرف عن أبو المؤمن حبه ورأفته بالفقراء والمحتاجين حيث كان لا يتوانى عن تقديم يد العون لكل سائل ومحروم على الرغم من ضيق العيش وظروفه الاقتصادية الصعبة التي كان يعيشها.
وذكر ابن أخيه إبراهيم أن عمه الشهيد خرج عصر يوم استشهاده لشراء ملابس العيد لأطفاله الصغار، واشترى بما تبقى معه من مال ملابس لأطفال جيرانه الفقراء.
مشواره الجهادي
كما ذكر سابقا التحق شهيدنا بالجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي خلال الانتفاضة الأولى، وكان شعلة متقدة من الجهاد والعطاء، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة كان للشهيد أيضا دور كبير في إعداد جيش من سرايا القدس وتدريبه على أحدث التقنيات العسكرية، إضافة إلى إشرافه على تنفيذ عشرات العمليات الاستشهادية والجهادية النوعية والمعقدة ضد الاحتلال الصهيوني، ويسجل للشهيد أبو المؤمن العديد من العمليات الناجحة و التي منها:
- "عملية بدر الكبرى" النوعية التي نفذها الاستشهاديان : جمال علي إسماعيل ومحمد سميح المصري باستخدام زورق بحري تم تفجيره بسفينة "دبور" صهيونية تم إغراقها وإصابة أربعة جنود صهاينة إصابات خطيرة.
- عملية "الصيف الساخن" النوعية التي استهدفت موقعاً صهيونياً في منطقة كوسوفيم شرق دير البلح، واستشهد فيها الاستشهادي محمد الجعبري وقد أسفرت العملية عن قتل وجرح العديد من الجنود الصهاينة واستقالة قائد المنطقة الجنوبية فيما بعد.
- عملية انتقام الحرائر نفذتها الاستشهادية ميرفت مسعود، والتي نفذتها وسط تجمع لجنود الاحتلال في بلدة بيت حانون مما أدى إلى مقتل وجرح عدد منهم.
- عملية "أم الرشراش - إيلات المحتلة" النوعية و الجريئة والتي نفذها الاستشهادي محمد فيصل السكسك "أبو همام" وقد أسفرت عن قتل ثلاثة صهاينة وإصابة العديد.
ويسجل للشهيد إشرافه على الكثير من العمليات منها عمليات قنص وتفجير ناقلات جند واليات صهيونية إضافة إلى مشاركته الفاعلة في تطوير صواريخ القدس ومتابعته الميدانية للمجاهدين وخاصة في المناطق الحدودية ومناطق الاجتياحات والتوغلات الصهيونية.
ردود فعل ذويه
وقالت طفلته مروة ابنة 9 سنوات بصوت حمل في طياته نبرة من الحزن والأسى :" إنني رغم حزني فرحة بما ناله والدي من شرف الشهادة في سبيل الله" وأشارت إلى أنها لم تسعد يوما واحدا بالجلوس مع والدها كما كل أطفال العالم، حيث كان والدها يزورهم في فترات متباعدة ولوقت بسيط بسبب وضعه الأمني وملاحقة الاحتلال له.
فيما أقسم ابنه مؤمن بالسير على خطى والده.. خطى الشهداء الأتقياء حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا...
في ذات السياق قال والده الحاج يوسف بصوت حزين وعيون قد تحجرت فيها الدموع إن الجماهير الغفيرة التي خرجت في تشييع جثمان فلذة قلبه وقرة عينه، وشاركت في عرسه أزالت كل ذرات الحزن وأسكنت في قلبه الفرح والسرور.. موضحاً بأنه شاهد في عرس فلذة قلبه وحدة بين كافة أطياف الشعب الفلسطيني، مؤكداً بأن الشهيد كانت أمنيته أن يرى أبناء شعبه يقاتلون أعداء الله صفاً واحداً. معرباً عن فخره واعتزازه بشهادة فلذة كبده ونيله شرف الشهادة في سبيل الله كما أحب وتمنى، سائلاً المولى عز وجل أن يجمعه وإياه ووالدته وكل المؤمنين بالفردوس الأعلى مع الشهداء و الصديقين.
الأمين العام ينعى القائد
حركة الجهاد الإسلامي على لسان أمينها العام د. رمضان عبد الله شلح نعت الشهيد القائد ماجد الحرازين ورفاقه الشهداء القادة خلال كلمة ألقاها في تأبين الشهداء.
وتوعد د. رمضان العدو الصهيوني برد قاسي ومؤلم رداً على جرائمهم قائلاً:" سيأتي اليوم بإذن الله الذي يلبس فيه الكيان اللعين ثوب الحداد ندماً على هذا الدم الطاهر، دم ماجد وإخوانه، ونحن لا نهدد ولا نتوعد بالشعارات" وأضاف: "إننا لسنا في خطب ثأرية ولكننا قوم لا نترك دماء شهدائنا".
سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بدورها هددت العدو الصهيوني، وقالت في بيان وصل الاستقلال نسخة عنه: "أنها ستفتح الأبواب مشرعة أمام موجة من العمليات الاستشهادية ردا على الاغتيالات المتواصلة".
فرح صهيوني.. لن يطول
بالقدر الذي آلم فراق أبا المؤمن ورفاقه قلوب الأحرار في فلسطين والعالم، بالقدر ذاته عمت مشاعر الفرح في قلوب قادة الكيان، لكن تلك المشاعر كان يخالطها خوف وحذر وترقب استعدادا للرد القادم من قبل سرايا القدس وسائر فصائل العمل الوطني والإسلامي في فلسطين على جريمة الاغتيال الجبانة..
وزير حرب الاحتلال أيهود باراك وجد ضالته في هذه الاغتيالات للرد على خصومه الذين طالما اعتبروه فاشلاً وضعيفاً، حيث سارع لتهنئة جيشه وأجهزته العسكرية بنجاحها في اغتيال القائد الحرازين؛ لكنه أبدى تخوفه من حجم الرد الذي ستنفذه سرايا القدس.
(ماتان فيلنائي) نائب وزير الحرب الصهيوني من جهته علق على تلك العمليات بالقول: "إن المهم ليس عدد الذين نصيبهم بل أهميتهم في قيادة الجهاد الإسلامي، باعتبارها الأبرز في التحرك على الأرض وتنفيذ عمليات إطلاق الصواريخ."
ما يسمى برئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الصهيوني تساحي هنغبي بدوره وصف عملية اغتيال القائد الحرازين ومجاهدي سرايا القدس الآخرين، بأنها "نجاح غير عادي لجيش الاحتلال"، وحمل هنغبي في تصريحات نقلتها الإذاعة العبرية حركة الجهاد الإسلامي المسؤولية المباشرة عن إطلاق القذائف الصاروخية باتجاه التجمعات السكنية المحيطة بالقطاع ، مؤكداً أنها ستكون أول من يدفع ثمن هذه الصواريخ.حسب تعبيره.
تلفزيون العدو من جانبه قال إن القائد الحرازين كان علي قائمة الاغتيالات منذ تسع سنوات ، حيث يتهمه جهاز الشاباك بالمسؤولية عن منظومة تصنيع وإطلاق الصواريخ في الجهاد الإسلامي ، كما كان له دور في إرسال استشهاديين إلى داخل فلسطين المحتلة عام 48.
من أقوال الشهيد
قال الشهيد أبو المؤمن " لقد بدأنا الانتفاضة بحجر وشعار يكتب على الجدران وها أنا اليوم أُقبّل الصاروخ قبل وصوله إلى مغتصبة "سديروت" وادعوا الله أن يوقع القتل والرعب في صفوف العدو الصهيوني"..
تعليق