رحمك الله يا قائدنا وشيخنا الفاضل
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
سيد شهداء الجهاد الإسلامي المعلم فتحي الشقاقي في سطور
تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
-
بسم الله الرحمن الرحيم
فلسطين قلب العرب ومركز الصراع الكوني اليوم بين تمام الحق وتمام الباطل
هذه الكلمات كان يرددها الشهيد الدكتور المعلم فتحي الشقاقي ابو براهيم رحمه الله واسكنه الفردوس الاعلي مع الأنبياء والصديقن والشهداء
بارك الله فيك أخي محمود علي هذه السيرةالتعديل الأخير تم بواسطة مقلد حميد القائد العام; الساعة 15-02-2007, 03:14 AM.
تعليق
-
انت يا فتحي الشقاقي في العيون في القلب باقي هادياً شيخاً مجاهد جمرةً على الطغاة
من هو فتحي الشقاقي؟..
الشهيد المعلم الدكتور فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي، مؤسس وأمين عام حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، من قرية "زرنوقة " بالقرب من يافا في فلسطين المحتلة عام 1948. شردت عائلة الشهيد المعلم من القرية بعد تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 وهاجرت إلى قطاع عزة حيث استقرت في مدينة رفح، وأسرة الشهيد المعلم الشقاقي هي أسرة فقيرة حيث يعمل الأب عاملاً.
ولد الشهيد المعلم فتحي الشقاقي في مخيم رفح للاجئين عام 1951، وفقد أمه وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكان أكبر إخوته، درس في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية وتخرج من دائرة الرياضيات وعمل لاحقاً في سلك التدريس بالقدس في المدرسة النظامية ثم جامعة الزقازيق، وعاد إلى الأراضي المحتلة ليعمل طبيباً في مشفى المطلع بالقدس وبعد ذلك عمل طبيباً في قطاع غزة.
انخراط الشهيد المعلم فتحي الشقاقي في سنة 1968 بالحركة الإسلامية إلا أنه اختلف مع الإخوان المسلمين، وبرز هذا الخلاف بعد سفر الشهيد لدراسة الطب في مصر عام 1974م، فأسس الشهيد المعلم ومجموعة من أصدقائه حركة الجهاد الإسلامي أواخر السبعينيات. اعتقل الشهيد المعلم في مصر في 1979 بسبب تأليفه لكتابه «الخميني، الحل الإسلامي والبديل»، ثم أعيد اعتقاله في 20/7/1979، بسجن القلعة على خلفية نشاطه السياسي والإسلامي لمدة أربعة أشهر. غادر الشهيد المعلم مصر إلى فلسطين في 1/11/1981 سراً بعد أن كان مطلوباً لقوى الأمن المصرية.
*************
قاد بعد ذلك الشهيد المعلم حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وسجن لدى قوات الاحتلال الصهيوني في غزة عام 1983 لمدة 11 شهراً، ثم أعيد اعتقاله مرة أخرى عام 1986 وحكم عليه بالسجن الفعلي لمدة 4 سنوات و5 سنوات مع وقف التنفيذ: لارتباطه بأنشطة عسكرية والتحريض ضد الاحتلال الصهيوني ونقل أسلحة إلى القطاع" وقبل انقضاء فترة سجنه قامت السلطات العسكرية الصهيونية بإبعاد الشهيد المعلم من السجن مباشرة إلى خارج فلسطين بتاريخ 1 أغسطس (آب) 1988 بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية. تنقّل بعدها الشهيد المعلم فتحي الشقاقي بين العواصم العربية والإسلامية لمواصلة جهاده ضد الاحتلال الصهيوني إلى أن اغتالته أجهزة الموساد الصهيوني في مالطا يوم الخميس26/10/1995 وهو في طريق عودته من ليبيا إلى دمشق بعد جهود قام بها لدى العقيد القذافي بخصوص الأوضاع المأساوية للشعب الفلسطيني على الحدود المصرية
ويُعد الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي أحد أبرز رموز التيار المستنير داخل الحركة الإسلامية لما يتمتّع به من ثقافة موسوعية، واستيعاب عقلاني لمشكلات الحركات الإسلامية وقضاياها في العالم العربي والإسلامي. كما يعتبر الشهيد المعلم مجدد الحركة الإسلامية الفلسطينية وباعثها في اتجاه الاهتمام بالعمل الوطني الفلسطيني، وإعادة تواصلها مع القضية الفلسطينية عبر الجهاد المسلح، فدخلت بذلك طرفاً رئيسياً ضمن قوى الإجماع الوطني الفلسطيني بعد طول غياب.
وقد صدرت في القاهرة عن مركز يافا للدراسات موسوعة بأعمال الشهيد المعلم الدكتور فتحي الشقاقي السياسية والفكرية والثقافية تعكس شخصيّة الشهيد المعلم فتحي الشقاقي وآرائه ومواقفه.
***************
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف الرحيل؟
كيف الرحيل الى رحابك سيدي؟
كيف المضي وصوت روحك نزف مو جع لا ينقضي...يا ايها الوطن المقاتل في وحي...عذرا فان قنابلي سئمت صوت المذلة والخنوع.....عذرا سيدي...ماعاد صوتي يسمع...
عذرا...فمشانق الاجرام ما عادت تقام الا لقتل الملة....
عذرا سيدي...كيف الجنون الى الكتابة ينقضي او يختفي....
وشعاع روحك رعشة بالجلد...همسة بالروح...شوق الى التفخيخ الا حمدي...سيدي كيف الرحي الى عيونك....
معلمي...بل كيف أحلم ...كيف أهناء...كيف أحيا....والهواء مزيف... أم كيف أرضى بالهوان....وجراح شعبي كالعود تؤذني...يا سيدي.. ومعلمي.. ومؤدبي...يا صيحة بالعتمة السوداء......
توحدي يا أمتي.....وتأهبي للزحف نحو القدس...لا تهد ئي لا ترقدي يا امتي.......فمقاصد التركيع قد نصبت لذبحك امتي...
لا ترقدي يا أمتي.......فالعاشق الميمون قد سرى للمسجد.......في يوم عرس.........قد غدا في الخالد ين..يجول كالفرسان من ركب الصحابة...يااااااللمشهد.........
سيدي يا ثورة الحق في الزمن المزيف والهزيل.....يا صيحة الخير في الشر الطويل..يا لصيحة النور في الوطن القتيل....
معلمي..مولاي..........يا واجبا من اثقال الزيف تحرر.......
مولاي....(عد) لحظة وانظر.......هذي السرايا في الربوع تزمجر................تزرع الحق وتحصد الكفر المتبر........
اسود...جيوش ......وجنود للحق من عهد سمية وعمار روحك.لم تهدأ..... وقامت لدين الله تثأر...نذرت في المساءوفي الصباح تكبر.........في بيت ليد........كان النصر في صرخات أ نور..
أشلاء ..ونياح.وعتل.قتلى في الميدان وعسكر..
في بيت ليد كان ت وصاياك.......يرسمها بدمائه شاكر.الله اكبر
يا مواسيم التفخيخ والتفجير من احضان الدير وصيدا وعتيل وجنين...
ابطال تدك حصون خيبر......واعراس فخر وقرابين من حضن غزة والزيتون.........ودماء تراق للمسرى.
وهنادي لدين تزأر......يا جنينا للاحبة في المخيم ..ونعمان يصنع مدرسة السرايا........وسيلة الا طهار....تصون العهد المحمدي...وراغب في ساعة العسرة يزأر.....يا تسابيح الاياد....يا تلا ميذ الجنرال ودقة......ورياض تحت الا نقاض بكتا ب الله تدثر... يا سيدي ومولاي رحلت في الخالدين وسيوف بدر خطت دماك...وحمزة اسد الله في مجدو وكركور محرقة اليهود....بروح الاسمر....وابطالا بوادي النصارى وام خالد وديز نجوف.كل هؤلاء واخرون شهدوا بان الدين والحق والروح والسرايا..ودمك النقي على الطغاة قد انتصر......سيدي ابناؤك ما كلوا يعلنون الكر والثأر.........معلمي هم أول من يقاتل......هم أ خر من ينكسر شقاقيون..من عتيل يزرعون النور في عتمة الليل...ولؤي يزرع الموت في جسد العبري...يبث الخوف في ارواحهم...يزرع الا رض جهادا....وعبد الله واحزمة في بني صهيون تفجر.........واخر من ارض غزة يأتي.مدججا بعشق الله يقرع الجنان......برؤوس السخ بني الا صفر
اخرون...واخرون......ياتون .ما وهنوا......
لكن عذرا معلمي ومعلمي .....ان نقضت قريش عهودها......عذرا ابا ابراهيم...........عذرا..................
فالاعراب قد امضوا عهود الصلح الابتر......وألسنة سوداء.........اخرى قد ابترت....ومارق اهوج..يسب الا نصار بقتل العسكر......ولننا والله ما خرنا..وباذن..سنريق الدم نثار للدين والقدس................بسراي....بسيوف الله.......في الف خيبر وخيبر.......وليخسأ هذا العبري المخمر......
ولتحيا روحك.......يحيا صوتك.......والثأر هنا من وصاياك يكبر ويكبر ويكبر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بقلم: د. رمضان عبدالله شلّح
قلة قليلة هم الذين كانوا يعلمون أن «عز الدين الفارس» كان يوماً الاسم الحركي لفتحي الشقاقي، لكن الأمة كلها أدركت يوم السادس والعشرين من تشرين الأول (اكتوبر) 1995، غداة ازدهاره بالرصاصة ، أن فتحي الشقاقي هو الاسم الحركي لفلسطين.
لم يكن فتحي الشقاقي قائدا عادياً، كان البطل الاستثنائي في الزمن الاستثنائي ، وكان بما له من هيبة وسحر وجاذبية ، خاصة واحداً من صناع التاريخ بكل معنى الكلمة ، في مرحلة غاب فيها التاريخيون ، ولم يبق سوى الباعة المتجولون للمبادئ والشهداء والتاريخ ، لم تكن هيبة القائد أبي إبراهيم تتعلق بموقعه أو سلطته، بل هي مرآة قول الصالحين «على قدر خوفك من الله تهابك الخلق» إنها سطوة الروح التي يتحد فيها الفارس والصوفي فيخر أمامها الجندي والمريد طاعة وحباً واحتراماً، ولا تلبث أن تبلغ ذروتها حين يرتقي القائد ذروة المجد شهيداً.
كانت هيبته رضوان الله عليه تجعل الكتابة إليه نزيفاً فكيف بالكتابة عنه؟!.. منذ شهور وأخي الدكتور رفعت ، يطاردني بطلب هذه السطور عن الشهيد وأنا أخشى أن لا أعثر عليه في لغتنا اليومية الأرضية القاصرة ، ولا اقدر على الولوج إلى رحابه العلوي دون الاحتراق بنار الفجعية والشوق للمحبوب.
عرفته قبل حوالي عشرين عاماً ، وحين وقعت في أسره أدركت أنني ولدت من جديد. كانت غرفة فتحي الشقاقي، طالب الطب في جامعة الزقازيق ، قبلة للحواريين ، وورشة تعيد صياغة كل شيء من حولنا، وتعيد تكوين العالم في عقولنا ووجداننا.
ما دلني عليه غير الشعر ، لكنه حين ترجل عن صهوة جواده ، سلبني وتر اللغة التي وهبها لي وفدعني عن حصان النشيد ، وألزمني مقبض السيف ، وكانت على وجهه ابتسامة النصر وحكمة الدهر : أن الشهادة هي ربيع الشعوب حين تقبل كأسراب النحل على أزاهير الحياة وشهد السيوف.
عندما كان الشهيد يدفع ضريبة المجد في «سجن نفحة» الصهيوني في صحراء النقب بفلسطين، قبل إبعاده عن الوطن عام 1988، كتب إليه أحد إخوانه قائلا «كنت من بيننا الرجل (البندقة) لا تنكسر، ومن الداخل هشا كحمامة، وقريباً كالمطر، ودافئاً كبحر أيلول، وشهياً كبداية الطريق!» ذلكم هو فتحي الشقاقي بحق. كان أصلب من الفولاذ، وأمضى من السيف ، وأرق من النسمة. كان بسيطاً إلى حد الذهول، مركباً إلى حد المعجزة! كان ممتلئاً إيماناً ووعياً وعشقاً وثورة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه. عاش بيننا لكنه لم يكن لنا، لم نلتقط السر المنسكب إليه من النبع الصافي «واصطنعتك لنفسي» «وألفيت عليك محبة مني ولتصع على عيني»، لكن روحه المشتعلة التقطت الإشارة فغادرنا مسرعاً ملبياً «وعجلت إليك رب لترضى».
كان الإيمان العميق والصبر الجميل هما زاده وزواده في مواجهة سيل الأعداء الذين ينهمرون عليه من كل صوب، ويطلعون من تحت الجلد، فيستعذب العذاب ، ويقبل التحدي والمنافسة ، بحسن النية، وصدق الكلمة ، وقداسة المسؤولية ، وشجاعة الموقف ، وعلو الهمة ، ويطاردنا بلا هوادة ، شعاره : قليل من العناد والصبر ينفلق الصخر، والذي ينتظرنا ليس هو الموت إنه الحياة أو النصر.
لم يكن فتحي الشقاقي مجرد أمين عام لتنظيم فلسطيني يقاوم الاحتلال الصهيوني ، بل كان بذرة الوعي والثورة في حقل النهوض الإسلامي الكبير. كان الشقاقي يدرك أن الأمة تعيش أزمة حضارية شاملة في مواجهة الهجمة الغربية الشرسة ، لكنه كان يرى أن فلسطين هي مركز الهجمة وعنوانها الرئيس، دون أن يغفل بقية مصادر الأزمة وعناوينها الأخرى. منذ البدايات الأولى، في ذاك البلد الزراعي الصغير ـ كما كان يسميه (الزقازيق)، كانت المعادلة واضحة في ذهنه: إسلام بلا فلسطين. وف بلا إسلام يعني فقدان البوصلة والدوران في حلقة مفرغة لا تنتج إلا مزيدا من الضعف والعجز والهوان. هذه المعادلة هي مفتاح فهم افكار الشهيد وما حاول أن يبدعه من مفاهيم ومسالك جديدة في العمل الإسلامي والعمل الوطني الفلسطيني، إن تلاقح فكرة الإسلام، دين التحرر من كل عبودية ، والثورة على كل ظلم ، مع فلسطين المغتصبة ، لابد أن يرفد مفهوم الجهاد في المعادلة بمزيج عناصرها الثلاثة (الإسلام ـ الجهاد ـ فلسطين) أسس الشهيد القائد أبو إبراهيم حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين.
إن فكر الشهيد الشقاقي وجهاده المبارك لا يجب أن يقرأ بحرفيته فقط ، بل بزمنيته أيضاً. لذا ، لابد من التعرف عن قرب على حركة الجهاد الاسلامي ودراستها في اطار نهوضها التاريخي ، لمعرفة أسباب ومقومات وظروف نشأتها في الحركة الإسلامية والحركة الوطنية الفلسطينية، وللوقف على أهمية الإسلام أو الاضافة التي قدمها الشهيد الشقاقي وحركته للنهوض بواقع الأمة في معركتها الحضارية الشاملة.
لست بصدد دراسة فكر الشهيد الشقاقي في هذا التقديم ، ولا كتابة تاريخ الأعوام والشهور والأيام الحافلة التي ربطتني به ، لاسيما تلك السنوات التي أثرت فيها العمل معه بصمت نائياً عن كل الأضواء، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يعينني على إنجاز مثل هذا العمل يوماً ما. ما أود ان أسطره هنا هو التأكيد على أن الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي سيبقى علامة فارقة في تاريخ جهاد شعب فلسطين والأمة، فحين أغمد المناضلون القدامى سيوفهم وامتشقوا أقلام التواقيع على صكوك الخيانة والاستسلام ، كان الشهيد الشقاقي يمتطي صهوة جواده ، ويعلن مجددا أن الطريق إلى فلسطين تمر عبر فوهة البندقية . وحين كان الصهاينة يحاصرون الزمن العربي كله ، فتصبح الأرض والتاريخ والجغرافيا والعقيدة والسياسة والاقتصاد واللغة وارادة والضمير والوجدان كلها مهددة؛ كان الشقاقي يخترق الحصار الصهيوني لهيباً وانفجارا استشهادياً لا يقاوم. لم يكن مشروعه رحمه الله يسعى لأن يرسل فلسطين إلى العالم تستجدي ضميره النائم ، بل كان يطمح أن يأسر العالم كله في وديان وشعاب فلسطين بالانتفاضه والثورة.
وحين كانت سماء القاهرة ومرافيء تونس وكل الطرق العربية مقطوعة أو ممنوعة في وجه الشقاقي ، حيث شمعون بيرز يأسر العواصم ، ويمنح التأشيرات ، ويفرض الجزية لتدشين الشرق الاوسط الجديد ، لم يكن أمام الشقاقي سوى مالطا لتصبغ وردة جرحه وجه المتوسط وينقش على صفحته سيرة الإمام الحسين من جديد في كرباء جديدة، ويهزم دمه الطاهر سيف الإرهاب الإسرائيليى القادر ، ويفضح كل أوهام وأسرار السلام الكاذب الذي لم يستطع أن يؤمن الشهيد قبراً في الوطن!
لقد قرر الشقاقي أن يضع حداً لمهزلة الموت على مزاج الأوصياء باختيار الشهادة على طريق الأنبياء، وإذا كان رحمه الله في عيون إخوانه ومحبيه (شهياً كبداية الطريق!) فكم هي المرارة في حلوقهم ، حين يترجل في أول الدرب ، ومشروعه ، رغم دوي انطلاقته ووهج حضوره ، مازال جنيناً ، لم يتجاوز بالقياس إلى ما كان في مخيلة الشهيد طور الحلم؟!
لقد غادرنا أبو إبراهيم مبكراً ليسكن قلوب الملايين الظامئة للحرية .. إنه يستيقظ كعادته كل صباح ليحدد برنامج عملنا اليومي .. لقد صار ملح خبزنا ونار مواقدنا وكلمات مقدمة في كراريس أطفالنا.
كان الشهيد القائد ، رضوان الله عليه ، بالنسبة لكل من عرفه عن قرب من إخوانه ومحبيه ، هبة فلسطين التي تمزق حواجز الزمن لتدفع عجلة التاريخ إلى الامام.. لقد علمنا كيف ننتصر على الواقع المرير بكل إحباطاته الوضعية ، عبر الأمل والانفتاح على المستقبل بكل إشراقاته القرآنية.. رحم الله أبا إبراهيم فقد كان بحق صانع تاريخ.
إننى إذ أنتهز فرصة تقديم هذه الأجزاء من أعمال وكتابات الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي لأؤكد مجدداً أن هناك أعمال للشهيد لم تتضمنها هذه الأجزاء، وأخص بالذكر ذلك الكنز الكبير الذي تركه الشهيد من مراسلات خاصة وأوراق تتعلق بحركة الجهاد الإسلامي وقضاياها وتفاعلاتها لاسيما منذ إبعاد الشهيد عن فلسطين عام 1988 ، أسأل الله سبحانه أن يعيننا على إخراج هذه الثروة الفكرية بما تحويه من تجربة إنسانية رائدة في مجال الكفاح والجهاد إلى النور بإذن الله.
رحم الله شهيدنا وقائدنا ومعلمنا أبا إبراهيم وجمعنا وإياه في الفردوس الأعلى إن شاء الله
********
في ذكرى استشهاد المعلم المجاهد د. فتحي الشقاقي
قادة الجهاد الإسلامي: الصراع مستمر والمقاومة ستتواصل ما دام هناك احتلال لأي جزء من فلسطين
تقرير:
"أرض فلسطين بالنسبة لي فرض صلاة لا أساوم عليها تحت أي ظرف من الظروف" كلمات اعتز بها الشهيد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي ومؤسسها د.فتحي الشقاقي فصدق بها وعدا، وثبت بها مبدأ، وأخلص نية، وأوفي فيها عهدا.
فماذا قالوا عنه قادة حركة الجهاد الإسلامي في مناسبة ذكرى اغتياله على أيدي الغدر الصهيوني في جزيرة مالطا؟
القيادي البارز في حركة الجهاد الإسلامي د. محمد الهندي يقول إن "إسرائيل" باغتيالها للشهيد د.الشقاقي لم تتعلم الدرس بعد، وتؤكد في كل يوم أنها لا تستطيع بالضغط و لا بالعنف إخضاع قادة المقاومة الفلسطينية وكسر إرادتها، مؤكدا أن الكيان الصهيوني دفع ثمنا كبيرا وأحدثت المقاومة له تخبطا مزلزلا جراء عدوانه السافر على الشعب الفلسطيني الأعزل.
وأضاف:"إن انتفاضة الأقصى أحدثت خسارة فادحة في الجانب الصهيوني على مر الحروب التي خاضتها "إسرائيل" على مر العصور.
وأكد أن الإرهاب الصهيوني لا يزيد الشعب الفلسطيني إلا صلابة وتأكيدا على نهج المقاومة الباسلة، وقال إن العدو توهم باغتيال الشقاقي أن سيضرب الحركة، ويقضي على الثورة الفلسطينية، ولكن النتائج كانت عكسية فكان دمه زخما شديدا ومشعلا للقضية الفلسطينية، وتصعيد المقاومة بقوة وضرب الكيان الصهيوني في عقر داره.
بصمات خطيرة
ومن البصمات التي تركها الشقاقي أوضح الهندي أنه جاء في فترة هي بكل المقاييس الأخطر في حياة الأمة العربية والإسلامية بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص، متحدثا عن عمق إيمانه الرسالي، وثقته الشديدة بشعبه وأمته العربية والإسلامية وأصالة موقفه السياسي وانفتاحه الفكري ووعيه الحضاري المتماسك، و وأشار إلى البصمات التي تركها الشقاقي في علاقات الحركة مع العالم العربي والإسلامي ودوره الريادي في تأسيس الحركة مشددا على دوره في استنهاض وإحياء الإسلام والحركة الوطنية معا في فترة كانت الساحة الفلسطينية خالية من أي جهد للإسلاميين.
وأضاف:"إن كل ذلك ألجأ "إسرائيل" للاعتراف بمنظمة التحرير الوطني الفلسطيني ومن ثم عقد اتفاقية أوسلو لحرف المقاومة عن هدفها".
وذكر أن حركة الجهاد الإسلامي ما زالت وستبقى على نهج الشقاقي حاملة الشعارات التي كان يرفعها حول مركزية القضية الفلسطينية.
ووجهه الهندي كلمة للعدو الصهيوني في مناسبة ذكرى استشهاد المعلم المجاهد د.فتحي الشقاقي أن الصراع مستمر ولا يمكن أن تنهيه مفاوضات تقوم على إملاء شروط المعتدي الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل، والحركة ستتواصل في مقاومتها الباسلة ولن تتوقف ما دام هناك احتلال لأي جزء من فلسطين، وما دامت الاغتيالات متواصلة بحق قادة الحركة وشعبنا الأعزل مؤكدا أن دماء الشهداء هي التي تجلب المزيد من المقاتلين وتصعد المواجهة ضد الاحتلال.
خسارة حتى للإنسانية
أما د. نافذ عزام أحد قيادي حركة الجهاد الإسلامي فأكد على مواصلة المقاومة الفلسطينية الباسلة طالما الاحتلال الصهيوني ما زال على أي شبر من أرض فلسطين وطالما الاغتيالات تطال قادة حركة الجهاد الإسلامي والعدوان الصهيوني مستمر على أبناء الشعب الفلسطيني.
وعن الخسارة التي خلفها د. الشقاقي جراء اغتياله قال:" إن خسارتنا بغياب المعلم القائد كبيرة جدا ليس للحركة فحسب، بل للقضية الفلسطينية والأمة العربية والإسلامية"، مؤكدا على الخسارة الإنسانية بفقدانه كونه رمزا فريدا للإنسانية وخاصة في إذابة روح المحبة والتعاون بين الأحزاب وفصائل المقاومة، كما أنه كان يحاول دائما تقديم الصورة الأجمل لما يمكن أن يكون.
وأوضح أن الشقاقي ترك ورائه معالم واضحة حفرها التاريخ في صفحاته المضيئة، بتأسيسه حركة الجهاد الإسلامي، وخطاه الواسعة التي كان يخطوها على طريق عودة الصوت الإسلامي على الساحة الفلسطينية، وإحداثه نهضة حقيقية أيضا على الساحة الإسلامية، مشيرا إلى دوره الجاد والواضح في تقديم الصورة الجميلة للإسلام ودفعه الناس لقراءته وتعلمه.
وبالنسبة لأخطر وأهم إنجاز أحدثه الشقاقي للقضية الفلسطينية قال عزام:"إنه نجح في التقريب بين الإسلام وفلسطين والتقريب بين فلسطين والإسلام"، مشيرا إلى محاولة الشقاقي الدائمة في التوفيق بين الإسلام والوطنية، ودوره في حمل كل طفل وشيخ وامرأة ورجل الآن فلسطين شعارا لهم كقضية مركزية.
******************
بعد احد عشرعام على اغتياله
أبناء الشقاقي لا زالوا يحملون القرآن و يرفعون البندقية
عجزت كلماتهم عن وصف هذا العملاق ، ويبقى هو أكبر من أي تعبير يقال في حقه "إنه رجل بأمة وصانع للتاريخ"، هو المعلم والقائد الرباني ، كل من عاشره ورافقه في مشوار حياته الجهادي والثوري يشهد له بالعظمة والتميز ، وتعجز الأقلام عن الكتابة هنا بحق رجل أفنى حياته من أجل فلسطين .. نراه المفكر السياسي الذي يضع الخطط المحكمة، وفي أحيانا أخرى يكون الأديب مرهف الأحاسيس .. إنه أكبر و أعظم من أن نتحدث عنه .. ولكن كان لابد لنا أن نتعرف أكثر على هذا العملاق من خلال تلاميذه ورفاق دربه لكي يحدثوا عن هذا المعلم والمفكر..
إنسان رباني فوق العادة
تحدث الشيخ خضر حبيب أحد قياديي حركة الجهادي الإسلامي في فلسطين، والذي رافق الدكتور الشهيد سنوات عن هذا القائد فقال: كان د. فتحي الشقاقي يحمل في جنباته مشروعا إسلاميا كبيرا، وباستمرار يخرج إبداعات في هذا المشروع، ولكن برحيله عنا حرم الحركة الإسلامية والجهاد الإسلامي خاصة من هذه الإبداعات، فإن استشهاده خسارة كبيرة للحركة والمشروع"، و أضاف: عندما نتذكر هذا الرجل نتذكر إنسانا ربانيا فوق العادة، حيث جاء ووضع فكرة المشروع الإسلامي الثوري بعدما كانت الحركة الإسلامية بعيدة عن ساحة المواجهة، وأبدع في المعارك التي جمعت بين الإسلام والجهاد، فأخرجنا من حالة الانفصام النكد بين الإسلام وفلسطين".
و يوضح حبيب أن د. فتحي الشقاقي كان المشرف المباشر على العمل العسكري وانشأ خلايا جهادية تحت مسمى القوى الإسلامية المجاهدة (قسم) والتي تم تسميتها فيما بعد بسرايا القدس "لقد كان يمثل في تكوينه مزيجا من الوعي والثورة وكان مجاهدا فذا يحمل روحا طواقة للشهادة والبذل والعطاء، فهو أديبا مرهف الحس ومفكرا عميقا متجاوزا عصره، كان أصلب من الفولاذ وأمضى من السيف وأرق من النسيم، وعلى الدوام كان ممتلئا إيمانا بالله وعشقا للجهاد والثورة".
صاحب المشروع الإسلامي الجهادي الأول
أما أبو عبدالله أحد تلاميذ د. فتحي الشقاقي فيتحدث عن الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي بالقول: إن استشهاد د. فتحي كان بمثابة كارثة على مستوى الحركة الإسلامية في العالم وفلسطين، فهو يتميز بلغة حوارية مهمة ندر وجودها بين العلماء والمثقفين في العالم، فهو يحمل فكر مشروع توحيد الأمة والحركة الإسلامية، ولكن استشهاده حال دون إكمال هذه الفكرة وإخراجها للنور، وبهذا استطاعت الحركة أن تلملم جروحها وتنهض من جديد في محاولة لتفهم الصراع بين الحق والباطل، فحينما كنا قلائل في الحركة في أواخر السبعينيات وقف المعلم بيننا وقال كلمته التي مازالت ترن في أذني " ستكبرون ، وسيصبح اسمكم يملأ الآفاق" ، ويكمل قصته مع هذا المعلم الرباني: عشت معه ثمانية شهور متكاملة في السجن، فكان نعم الأب والصديق والمجاهد والشيخ والخطيب والداعية، أفنى حياته من أجل أن يعلم الناس الخير، فتعلمت منه حب المطالعة والمعرفة، دفعنا للقراءة دوما، فكان شاعرا من أروع الشعراء ومفكرا من أقوى المفكرين في العالم وإنسانا رقيقا شفافا مرهفا في شخصه، لكن يد الغدر الصهيونية أخذته من عالمنا" موضحا أن إبعاد د. الشقاقي فتح آفاقا جديدة لنشر فكره "واستطاع في فترة الإبعاد أن يوجد للجهاد الإسلامي مكانا خارج فلسطين، إنه كان يحمل فكرا أمميا".
موسوعة معرفية ينهل منه الجميع
بينما القائد "أبو طارق المدلل " تحدث عن عظم هذا القائد فقال : لقد وضع د. فتحي الشقاقي اللبنة الأولى في التزاوج بين فلسطين والإسلام، وكان لفكره الأثر الأكبر في الحركة الإسلامية، فهو موسوعة علمية وفكرية ينهل منها الجميع، لا يبخل على أحد في علمه ومعرفته، فقد استطاع أن يخرج الكلمة إلى بوتقة العمل، لأنه رمز من رموز الحركة الإسلامية وأول من تحدث عن عنصر المواجهة مع الباطل وتداول ذلك علميا" مشيرا بقوله : باستشهاد د. فتحي لم تتقوقع الحركة الإسلامية في مكانها، بل فتحت آفاق عالمية واسعة امتدت أكثر بكثير حتى وصلت إلى عشرين ضعفا مما كانت عليه في عهد د. الشقاقي".
و يقول المدلل: قام د. فتحي في بدايات الثمانينات بتشكيل خلايا عسكرية حتى وصلت إلى ثورة شعبية مواجهة للكيان الصهيوني، واستطاع الأخوة في الحركة تحقيق أمانيه والمشي على خطاه في العمل العسكري وإنشاء سرايا القدس التي أبدعت في هذا العمل،إن إحدى أمنيات د. فتحي أن ندمر الكيان الصهيوني وعلينا أن نحقق أمانيه ونسير على دربه الذي رسمه لنا بفكره وسياسته".
***************
فيما تحدث د. طاهر لولو عن رفيق الجامعة والإبعاد د. فتحي الشقاقي فأشار : كان أول لقاء لنا في جامعة الزقازيق بكلية الطب، رأيت رجلا يحمل هم فلسطين بين جنباته، وكانت مقالاته على جوانب الكلية يطالعها طلبة الطب باهتمام، إلى أن صدر العدد الأول من مجلة المختار الإسلامي التي كان يشرف عليها، وكانت افتتاحية العدد معروفة بعنوان "السلام عليكم " بتوقيع عز الدين الفارس، إلى أن جاءت الثورة الإيرانية وكان باكورة أعماله الأدبية " الخميني الحل الإسلام والبديل" وتم اعتقاله بعد الطبعة الأولى وبعدها عرف على مستوى جمهورية مصر العربية، وفي اللقاء الثاني مع المعلم والقائد د. فتحي كان خلال لقاءاته مع الشباب المسلم في مدن وقرى فلسطين وبالذات في منطقة الشجاعية، بينما كان اللقاء الأخير في لبنان بعد عملية الإبعاد، حيث أنه جاء إلى مرج الزهور يحمل هموما كبيرة أثقلته" مؤكدا : لقد كان إنسانا سهلا بسيطا ،خلوقا ومتواضعا، فكانت هذه الصفات علامات على قيادته لحركة إسلامية عظمى، لقد أحبه الشعب الفلسطيني والمصري، إنه ثاقب الفكر، ولديه بصيرة عالية".
صلاح أبو حسنين رفيق درب د. فتحي الشقاقي يتحدث عنه قائلا : تعلمت من د. فتحي الصبر والتحمل والإرادة والعزيمة، لقد جاء ليزاوج بين البندقية والقرآن، معظم الاعتقالات التي تمت بحقه إما على خلفية رئاسة عمل عسكري أو إشرافه عليه، فكان يشرف على العمل العسكري بنفسه، فقد سجن في فترة من الفترات لتخطيطه للعملية البطولية على طريق المغاربة "بيت ليد" فكان للدكتور فتحي الفضل الأكبر والأول في تفجير الانتفاضة الإسلامية المسلحة، وكانت عملية الشجاعية في وجه الغطرسة الصهيونية والانتصار في غزة صدى لاستشهاد د. فتحي وما زرعه فينا سنرويه بدمائنا".
شخصية فريدة من نوعها
بينما عامر خليل احد رفاق د. فتحي الشقاقي فقد تحدث بقلب واسع عن معلمه وقائده قائلا : كان المعلم د. فتحي الشقاقي شخصية فريدة من نوعها جمعت كل ما يمكن أن يتمنى الإنسان رؤيته في قائد مثله وهو في الأصل أديب وشاعر إذا قرأت له تشعر بعذوبة ودلالة كتاباته وقد يتصور البعض أن هدفه إذا التقيت معه هو التنظير عليك لتحمل فكرة الإسلام والجهاد عن فلسطين فقط إلا انه يجهد في صياغة الشخص الذي يتعامل معه من جميع الجوانب وعندما دخلت مكتبته الضخمة لأول مرة ناولني رواية لكاتب روسي مشهور باسم المسيح يصلب من جديد ربما ساهمت بشكل كبير في فهمي فكرة الصراع وكيف ينتصر الخير وفي مواقف أخرى أراد أن يؤهلني إلى الإمامة فقدمني على من هم أحفظ واعلم مني في الإسلام وكان يبني شخصيتي بشكل متكامل ، مشيرا برأيه : لا يمكن أن تتسع الصفحات للحديث عن الشخصية الفريدة للمفكر والثائر والقائد الشقاقي بحلمه وصبره وسعة صدره الكبيرة وقدرته على الاستيعاب السريع لكوامن نفس من يقف أمامه ولهذا كان تأثري بشخصيته رغم قصر السنوات التي عرفته فيها شديدا وفي محاضراته وندواته كان يتدفق وينساب من فمه كل ما يمكن أن يتوقعه إنسان بالفقه والتاريخ والأدب والشعر لنقف أمام نموذج تفتقده فلسطين واستطاع في سنوات قليلة أن يجعل من فكره وأيدلوجيته فاعلا أساسيا في حركة مقاومة الاحتلال والجهاد لزواله .
فتحي الشقاقي.. صلابة الفولاذ ورقة النسيم
"هو الواجب المقدس في صراع الواجب والإمكان، هو روح داعية مسؤولة في وسط بحر من اللامبالاة والتقاعس، وهو رمز للإيمان والوعي والثورة والإصرار على عدم المساواة" هذا هو "عزّ الدِّين القسَّام" في عيني "فتحي إبراهيم عبد العزيز الشقاقي" من مواليد 1951م في قرية "الزرنوقة" إحدى قرى يافا بفلسطين، نزح مع أسرته لمخيمات اللاجئين في رفح - غزة، توفِّيت عنه والدته وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكان أكبر إخوته.. التحق الشقاقي بجامعة "بير زيت"، وتخرج في قسم الرياضيات، ثم عمل مدرسًا بمدارس القدس، ونظرا لأن دخل المدرس كان متقطعًا وغير ثابت، حينها فقد قرَّر الشقاقي دراسة الشهادة الثانوية من جديد، وبالفعل نجح في الحصول على مجموع يؤهله لدخول كلية الهندسة كما كان يرغب، لكنه حاد عنها بناء على رغبة والده، والتحق بكلية الطب جامعة الزقازيق بمصر، وتخرج فيها، وعاد للقدس ليعمل طبيبًا بمستشفياتها.
لم يكن الشقاقي بعيدًا عن السياسة، فمنذ عام 1966م أي حينما كان في الخامسة عشرة من عمره كان يميل للفكر الناصري، إلا أن اتجاهاته تغيرت تمامًا بعد هزيمة 67، وخاصة بعد أن أهداه أحد رفاقه في المدرسة كتاب "معالم في الطريق" للشهيد سيد قطب، فاتجه نحو الاتجاه الإسلامي، ثم أسَّس بعدها "حركة الجهاد الإسلامي" مع عدد من رفاقه من طلبة الطب والهندسة والسياسة والعلوم حينما كان طالبًا بجامعة الزقازيق.
الشقاقي.. أمّة في رجل
أراد الشقاقي بتأسيسه لحركه الجهاد الإسلامي أن يكون حلقة من حلقات الكفاح الوطني المسلح لعبد القادر الجزائري، والأفغاني، وعمر المختار، وعزّ الدِّين القسَّام الذي عشقه الشقاقي حتى اتخذ من اسم "عز الدين الفارس" اسمًا حركيًّا له حتى يكون كالقسَّام في المنهج وكالفارس للوطن، درس الشقاقي ورفاقه التاريخ جيِّدًا، وأدركوا أن الحركات الإسلامية ستسير في طريق مسدود إذا استمرت في الاهتمام ببناء التنظيم على حساب الفكرة والموقف (بمعنى أن المحافظة على التنظيم لديهم أهم من اتخاذ الموقف الصحيح)؛ ولذلك انعزلت تلك الحركات -في رأيهم- عن الجماهير ورغباتها، فقرَّر الشقاقي أن تكون حركته خميرة للنهضة وقاطرة لتغيير الأمة بمشاركة الجماهير، كذلك أدرك الشقاقي ورفاقه الأهمية الخاصة لقضية فلسطين باعتبار أنها البوابة الرئيسة للهيمنة الغربية على العالم العربي.
يقول الدكتور "رمضان عبد الله" رفيق درب الشقاقي: "كانت غرفة فتحي الشقاقي، طالب الطب في جامعة الزقازيق، قبلة للحواريين، وورشة تعيد صياغة كل شيء من حولنا، وتعيد تكوين العالم في عقولنا ووجداننا".
كان ينادي بالتحرر من التبعية الغربية، فطالب بتلاحم الوطن العربي بكل اتجاهاته، ومقاومة المحتل الصهيوني باعتبار فلسطين مدخلا للهيمنة الغربية. أراد أن تكون حركته داخل الهم الفلسطيني وفي قلب الهم الإسلامي.. وجد الشقاقي أن الشعب الفلسطيني متعطش للكفاح بالسلاح فأخذ على عاتقه تلبية رغباته، فحمل شعار لم يألفه الشعب في حينها، وهو "القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للحركة الإسلامية المعاصرة"، فتحول في شهور قليلة من مجرد شعار إلى تيار جهادي متجسد في الشارع الفلسطيني، ومن هنا كانت معادلته (الإسلام – الجهاد - الجماهيرية).. يقول الشقاقي عن حركته: "إننا لا نتحرك بأي عملية انتقامية إلا على أرضنا المغصوبة، وتحت سلطان حقوقنا المسلوبة. أما سدنة الإرهاب ومحترفو الإجرام، فإنما يلاحقون الأبرياء بالذبح عبر دورهم، ويبحثون عن الشطآن الراقدة في مهد السلام ليفجرونها بجحيم ويلاتهم".
اعتقال الشقاقي
نظرًا لنشاط الشقاقي السياسي الإسلامي كان أهلاً للاعتقال، سواء في مصر أو في فلسطين، ففي مصر اعتقل مرتين الأولى عام 1979م؛ بسبب تأليفه كتابا عن الثورة الإسلامية بإيران وكان بعنوان "الخميني.. الحل الإسلامي والبديل"، وفي نفس العام تم اعتقاله مرة أخرى؛ بسبب نشاطاته السياسية الإسلامية. بعد الاعتقال الأخير عاد إلى فلسطين سرًّا عام 1981م، وهناك تم اعتقاله أكثر من مرة؛ بسبب نشاطه السياسي عامي 1983/ 1986م، وحينما أدركوا أن السجن لا يحدّ من نشاط الشقاقي الذي كان يحول المعتقل في كل مرة إلى مركز سياسي يدير منه شؤون الحركة من زنزانته، قرروا طرده خارج فلسطين في عام 1988م إلى لبنان هو وبعض رفاقه، ومنها تنقل في العواصم العربية مواصلاً مسيرته الجهادية.
**************
أبو إبراهيم.. القائد الإنسان
لم يكن الشقاقي مجرد قائد محنك، بل تعدى حدود القيادة ليكون أخًا وزميلاً لكل أبناء المقاومة الفلسطينية فقد عُرف عنه نزاهة النفس، وصدق القيادة.. أحب فلسطين كما لم يحبها أحد، بل ما لم يعرف عن الشقاقي أنه كان عاشقًا للأدب والفلسفة، بل نَظَمَ الشعر أيضًا، ومن قصائده قصيدة "الاستشهاد.. حكاية من باب العامود" المنشورة بالعدد الأول من مجلة المختار الإسلامي في يوليو 1979م:
- تلفظني الفاء،
- تلفظني اللام،
- تلفظني السين،
- تلفظني الطاء،
- تلفظني الياء،
- تلفظني النون،
- تلفظني كل حروفك يا فلسطين،
- تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون،
- إن كنت غفرت،
- أو كنت نسيت.
أحبَّ الشقاقي أشعار محمود درويش، ونزار قباني، وكتابات صافيناز كاظم، بل وكان له ذوق خاص في الفن، فقد أُعجب بالشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم، كان شاعرًا ومفكرًا وأديبًا، بل وقبل كل ذلك كان إنسانًا تجلت فيه الإنسانية حتى يُخيل للبشر أنه كالملاك.. كان رقيق القلب ذا عاطفة جيَّاشة.. حتى إنه كان ينْظِمُ الشعر لوالدته المتوفاة منذ صباه، ويهديها القصائد في كل عيد أم، ويبكيها كأنها توفيت بالأمس.
عشق أطفاله الثلاثة: خولة، أسامة، إبراهيم حتى إنه بالرغم من انشغاله بأمته كان يخصص لهم الوقت ليلهو ويمرح معهم، تعلق كثيرًا بابنته خولة؛ لما تميزت به من ذكاء حاد؛ إذ كان يزهو بها حينما تنشد أمام أصدقائه: "إني أحب الورد، لكني أحب القمح أكثر…".
لم يكن جبانًا قط، بل إن من شجاعته ورغبته في الشهادة رفض أن يكون له حارس خاص، وهو على دراية تامة بأنه يتصدر قائمة الاغتيالات الصهيونية، فضَّل أن يكون كالطير حرًّا طليقًا لا تقيده قيود ولا تحده حواجز.
مالطا.. مسرح الاغتيال
وصل الشقاقي إلى ليبيا حاملاً جواز سفر ليبيا باسم "إبراهيم الشاويش"؛ لمناقشة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين على الحدود الليبية المصرية مع الرئيس القذافي، ومن ليبيا رحل على متن سفينة إلى مالطا باعتبارها محطة اضطرارية للسفر إلى دمشق (نظرًا للحصار الجوي المفروض على ليبيا)، وفي مدينة "سليما" بمالطا وفي يوم الخميس 26-10-1995م اغتيل الشقاقي وهو عائد إلى فندقه بعد أن أطلق عليه أحد عناصر الموساد طلقتين في رأسه من جهة اليمين؛ لتخترقا الجانب الأيسر منه، بل وتابع القاتل إطلاق ثلاث رصاصات أخرى في مؤخرة رأسه ليخرَّ "أبو إبراهيم" ساجدًا شهيدًا مضرجًا بدمائه.
فرَّ القاتل على دراجة نارية كانت تنتظره مع عنصر آخر للموساد، ثم تركا الدراجة بعد 10 دقائق قرب مرفأ للقوارب، حيث كان في انتظارهما قارب مُعدّ للهروب.
رحل الشقاقي إلى رفيقه الأعلى، وهو في الثالثة والأربعين من عمره مخلفًا وراءه ثمرة زواج دام خمسة عشر عامًا، وهم ثلاثة أطفال وزوجته السيدة "فتحية الشقاقي" وجنينها.
رفضت السلطات المالطية السماح بنقل جثة الشهيد، بل ورفضت العواصم العربية استقباله أيضًا، وبعد اتصالات مضنية وصلت جثة الشقاقي إلى ليبيا "طرابلس"؛ لتعبر الحدود العربية؛ لتستقر في "دمشق" بعد أن وافقت الحكومات العربية بعد اتصالات صعبة على أن تمر جثة الشهيد بأراضيها ليتم دفنها هناك.
الجثة في الأرض.. والروح في السماء
في فجر 31-10-1995 استقبل السوريون مع حشد كبير من الشعب الفلسطيني والحركات الإسلامية بكل فصائلها واتجاهاتها في كل الوطن العربي جثة الشهيد التي وصلت أخيرًا على متن طائرة انطلقت من مطار "جربا" في تونس، على أن يتم التشييع في اليوم التالي 1-11-1995، وبالفعل تم دفن الجثة في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك بعد أن تحول التشييع من مسيرة جنائزية إلى عرس يحمل طابع الاحتفال بجريمة الاغتيال، حيث استقبله أكثر من ثلاثة ملايين مشيع في وسط الهتافات التي تتوعد بالانتقام والزغاريد التي تبارك الاستشهاد.
توعدت حركة الجهاد الإسلامي بالانتقام للأب الروحي "فتحي الشقاقي"، فنفَّذت عمليتين استشهاديتين قام بهما تلاميذ الشقاقي لا تقل خسائر إحداها عن 150 يهوديًّا ما بين قتيل ومصاب.
في نفس الوقت أعلن "إسحاق رابين" سعادته باغتيال الشقاقي بقوله: "إن القتلة قد نقصوا واحدا"، ولم تمهله عدالة السماء ليفرح كثيرًا، فبعد عشرة أيام تقريبًا من اغتيال الشقاقي أُطلقت النار على رابين بيد يهودي من بني جلدته هو "إيجال عمير"، وكأن الأرض لم تطق فراق الشقاقي عنها بالرغم من ضمها له، فانتقمت له السماء بمقتل قاتله.
وأخيرًا -وليس آخرًا- وكما كتب "فهمي هويدي" عن الشقاقي: "سيظل يحسب للشقاقي ورفاقه أنهم أعادوا للجهاد اعتباره في فلسطين. فقد تملكوا تلك البصيرة التي هدتهم إلى أن مسرح النضال الحقيقي للتحرير هو أرض فلسطين، وتملكوا الشجاعة التي مكَّنتهم من تمزيق الهالة التي أحاط بها العدو جيشه ورجاله وقدراته التي "لا تقهر"، حتى أصبح الجميع يتندرون بقصف الجنود الإسرائيليين الذين دبَّ فيهم الرعب، وأصبحوا يفرون في مواجهة المجاهدين الفلسطينيين".
وأَضيف: سيظل يُحسب أيضًا للشقاقي توريثه الأرض لتلاميذ لا يعرفون طعمًا للهزيمة، وأنّى لهم بالهزيمة وقد تتلمذوا على يد الشقاقي والمهندس "يحيى عيَّاش"!
الشقاقي.. في عيون من عرفوه
- يقول عنه د. رمضان عبد الله بعد اغتياله : كان أصلب من الفولاذ، وأمضى من السيف، وأرقّ من النسمة. كان بسيطًا إلى حد الذهول، مركبًا إلى حد المعجزة! كان ممتلئًا إيمانًا، ووعيًا، وعشقًا، وثورة من قمة رأسه حتى أخمص قدميه. عاش بيننا لكنه لم يكن لنا، لم نلتقط السر المنسكب إليه من النبع الصافي "وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي"، "وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي"، لكن روحه المشتعلة التقطت الإشارة فغادرنا مسرعًا ملبيًا "وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى".
- الشيخ راشد الغنوشي من تونس يقول عن الشقاقي: "عرفته صُلبًا، عنيدًا، متواضعًا، مثقفًا، متعمقًا في الأدب والفلسفة، أشدّ ما أعجبني فيه هذا المزيج من التكوين الذي جمع إلى شخصه المجاهد الذي يقضُّ مضاجع جنرالات الجيش الذي لا يُقهر، وشخصية المخطط الرصين الذي يغوص كما يؤكد عارفوه في كل جزئيات عمله بحثًا وتمحيصًا يتحمل مسؤولية كاملة.. جمع إلى ذلك شخصية المثقف الإسلامي المعاصر الواقعي المعتدل.. وهو مزيج نادر بين النماذج الجهادية التي حملت راية الجهاد في عصرنا؛ إذ حملته على خلفية ثقافية بدوية تتجافى وكل ما في العصر من منتج حضاري كالقبول بالاختلاف، والتعددية، والحوار مع الآخر، بدل تكفيره واعتزاله".
- أما الكاتبة والمفكرة "صافيناز كاظم" فقالت عنه: "لم يكن له صوت صاخب ولا جمل رنانة، وكان هادئا في الحديث، وتميز بالمرح الجيَّاش الذي يولِّد طاقة الاستمرار حتى لا تكل النفس، أعجبته كلمة علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- عندما نصحوه باتخاذ احتياطات ضد المتربصين به، فتحرر منذ البداية من كل خوف؛ ليتحرك خفيفًا طائرًا بجناحين: الشعر والأمل في الشهادة".
- أما "فضل سرور" الصحفي فيقول : "فدائي ومجاهد من نوع متميز فدائي داخل الانتماء الذي طاله، وفدائي في النمط الذي انتهجه. في الأولى استطاع بعد أن كان درعًا لتلقي السهام أن يحول السهام؛ لترمى حيث يجب أن ترمى، وفي الثانية استطاع أن يؤسس لما بعد الفرد".
- رثاه محمد صيام أحد قادة حماس قائلاً:
قالوا: القضيّةُ فاندفعتَ تجودُ بالدَّمِ للقضية
لا تَرْهَبُ الأعداءَ في الهيجا، ولا تخشى المنيّةْ
يا منْ إذا ذُكِر الوفاءُ أْو المروءَةُ والحميَّةْ
كنتَ الأثيرَ بهنَّ ليس سواكَ فردٌ في البريّةْ
أما فلسطينُ الحبيبةُ، والرّوابي السندسيَّةْ
والمسجد الأقصى المبارك والديارُ المقدسيّة
فلها الدماءُ الغالياتُ هديَّةُ أزكى هديَّةْ
أما التفاوُضُ فهو ذُلٌّ، وهوَ محوٌ للهويّةْ
ولذا فلا حَلٌ هناكَ بغيرِ حلّ البندقيَّةْ
0الشقاقي كتب الشعر.. ثم خطا نحو الاستشهاد أعلى قممه
يصادف اليوم 26 اكتوبر مرور 10 سنوات علي استشهاد الدكتور فتحي الشقاقي ، مؤسس حركة الجهاد الاسلامي المقاومة على أرض فلسطين . ففي يوم الخميس 26 اكتوبر 1995، الموافق 2 جمادي الثاني 1416، ظهرا ، تم تنفيذ قرار اسحق رابين ، 73 سنة ، بقتل فتحي الشقاقي ، 44 سنة ، تحت إشراف رئيس الموساد ، وكان هناك ثلاثة اختيارات للتنفيذ، فوافق رابين على واحد منها . جاء هذا القرار بالقتل والتنفيذ قبل وأثناء وبعد أن وقف اسحق رابين في واشنطن يتعهد أمام العالم بالسلام ، يوم الخميس 28 سبتمبر 1995، ويقول : كفانا دماء ودموعا ، كفانا ..!.
بين يوم الخميس 28 سبتمبر 1995 والخميس 26 اكتوبر 1995 أثبت رابين أن احترامه للعهد لا يمكن أن يصمد ولو لشهر واحد . ولم يكن في نكث رابين لعهده بعدم القتل أي غرابة ، فإذا لم يكن مجرم حرب ومجرم سلام مثل اسحق رابين واحدا من الذين قصدهم القرآن الكريم بقوله : «الذين ظلموا من أهل الكتاب »...، فمن يكون؟
وحين خفقت قلوبنا في جدلية بين ألم لفقدان قمر من أقمار المقاومة الفلسطينية ، وبين فرح لفوز جندي مرابط بالشهادة في سبيل الله ، يعرف أن أجره الفوري أن يظل حيا مرزوقا عند الله ، وقف اسحق رابين يقول بفظاظة الشامتين ودمامة الخنازير والقردة : «إنني غير آسف لموت الشقاقي والحياة أفضل بدونه» . وكان الباطل مع رابين . ونشرت الصحف صورا عديدة للمجاهد الشهيد ، وقارنت نظرته الفتية الصبوحة في عينيه الباسمتين ، المعقودتين علي إحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة ، وبين نظرة الالتواء والحقد والشراسة في عيني رابين المتجهمتين الشيطانيتين ، وفيهما طالعت السجل الحافل لمجرم عتيد اسمه اسحق رابين .
في يوم الأربعاء أول نوفمبر ، ليلة ذكرى وعد بلفور المشؤوم عام 1917، كانت جنازة الشهيد فتحي عبد العزيز الشقاقي ، وتم دفن الشهيد ابن فلسطين قرب دمشق ، لأن سلطات الاحتلال الصهيوني منعته من الدفن في مسقط رأسه بفلسطين المحتلة .
في مساء السبت 4 نوفمبر 1995 شاء الله سبحانه وتعالى أن يقتل إيجال عمير الصهيوني المتعصب إسحق رابين ، وأن يعلن : «أنا غير نادم ، وقد نفذت أمر الله ! »، وهكذا في أقل من أسبوع ارتدت الكلمة الحاقدة لرابين حين قال : «أنا غير آسف عند قتله شهيدنا فتحي الشقاقي ، لتعود إلى نحره : أنا غير نادم ، يقولها عند مقتله قاتله من أهله» .
يوم قرأت نبأ استشهاده في مالطا ، أذاعوا اسمه فتحي الشقاقي ، وحين تأملت صورة بدت غير مألوفة لدي ، فقد كان لا يزال في مخيلتي يوم رأيته آخر مرة في القاهرة ، صيف 1981، وكان اسمه لا يزال على لساني : عز الدين الفارس ، كما قدم نفسه إلي حينما كان يكون : مركز أبحاث مجلة المختار الإسلامي ، ويكتب ويوقع باسم عز الدين الفارس ، تيمنا باسم الشهيد البطل عز الدين القسام . وقتها كان ينهي دراسته بكلية الطب جامعة الزقازيق ويخطو نحو الثلاثين من عمره ، في وجهه البشاشة ، وللأمل مفتوح الذراعين ، وللحلم يرنو بنظرته . يحمل أوراق شعر وكلمات نثر مفعمة بالجمال ، يستخدم فيما كثيرا وتعجبني في مواقعها . يشرح التاريخ ، ويعرض الكتب فتبزغ لها رؤى لم يكن يلتفت إليها أحد ، ويقدم الدراسات لتثقيف الوعي لنفهم لماذا يحدث لنا ما يحدث . كان رأيه أننا نحصد ثمارا مرة لأخطاء أناس جرفهم أخطبوط التغريب فأنساهم أنفسهم ، حين أداروا ظهورهم لمنهج الله وساروا مع مصالح العدو ، ثم ماتوا . وكان يرى الإبقاء علي جذوة المقاومة مستمرة ، وإن كانت خافتة لا يهم لأنها ستقوى باصرار الروح المنتصرة الطاردة للانهزامية والخنوع والتثبيط . النصر من عند الله ، فليس علينا أن نتوقع رؤية النصر بأعيننا ، فالمقاومة ، وعدم اليأس منها ، نصر في ذاته .
يكفي أن نغرس الشجرة ونحميها لتنمو وستجني الأجيال القادمة الثمرة الطيبة بديلا عن الثمار المرة التي ورثناها نحن .
أعجبته كلمة للإمام علي بن أبي طالب : «نعم الحارس الأجل »، قالها ، كرم الله وجهه ، عندما نصحوه باتخاذ احتياطات ضد المتربصين به ، فتحرر الشهيد منذ البداية من كل خوف ليتحرك خفيفا طائرا بجناحين : الشعر والأمل في الشهادة .
شاعرا كان ، من قمة رأسه حتى أخمص قدميه . كتب الشعر وقال به ، فيما قال : «تلفظني القدس إن كنت نسيت ، تلفظني الفاء ، تلفظني اللام ، تلفظني السين ، تلفظني الطاء ، تلفظني الياء ، تلفظني النون ، تلفظني كل حروفك يا فلسطين ، تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون : إن كنت غفرت أو كنت نسيت »، لكنه وجد الكتابة لا تكفي ، فجعل الشعر الشهيق والزفير والقيام والقعود والحركة والخطو نحو أعلى قمم الشعر : الاستشهاد . في دراسة له نشرها بمجلة «المختار الاسلامي» القاهرية ، ابريل 1981، كتب يقول : «اليوم والمسلم يقف مغلوبا مجردا من القوة المادية لا يفارقه شعوره أنه الأعلى .. فهو يستشهد ، ويغادر إلى الجنة ... إن حكمة الله هي التي قررت أن تقف العقيدة مجردة من كل زينة وطلاء وإغراء ليقبل عليها من يقبل وهو على يقين من نفسه، فهو يعرف أنه اختار الجهد والمشقة والجهاد والاستشهاد.
لقد كان فتحي الشقاقي حقا عزا للدين وفارسا ، ويظل أكلة الأكباد ، على كر الأزمنة ، فرحين دائما بمقتل حمزة ، كلما مرت بالمسلمين أحد . لكن أيام المسلمين تعرف معرفة اليقين أنه لا بد من نصر الله . هذا هو الحتم الذي نؤمن به لأنه ليس الحتمية التاريخية التي يقول بها الماركسيون ، بل هي حتمية وعد الله ، الذي لا يخلف وعده ، للمرابطين دفاعا عن ثغور الاسلام ، «والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون» . الشورى الآية 39 .
*****************
فتحي الشقاقي.. أدميت قلوبنا برحيلك
يا معلمنا يا قائدنا يا مؤسسنا لن ننساك
وسنكون على العهد باقون يا شقاقى
**************
لا تزال أمتنا تتعرض لانتكاسات قوية، أفرحت عدونا، و أبكت قلوبنا و أدمتها، و شققت جدران الوحدة الإسلامية العربية، وما يتعرض له الفلسطينيون أكبر دليل على حالة العجز العربي والإسلامي على المستويين الشعبي والرسمي، ولكن في زحمة الانكسار والخيبة، يبزغ في الأفق نور اسمه "فتحي الشقاقي"، حينها تعود الكلمات إلى الذاكرة ويشحذ الناس الهمم، لأن القادم أكبر من كل حديث وأجَل من كل معنى فهو صاحب أول طلقة إسلامية فلسطينية، حتى وإن أنكر ذلك الكثيرون!.
حياته كانت كحياة الصحابة العظماء، كان لسانه دوماً إسلام وجهاد، فلسطين قلب العرب وقلب المسلمين ومركز الصراع الكوني إلى يوم القيامة، إلى أن اصطفاه الله باغتيال نفذه قتلة الأنبياء والمرسلين في 26/10/1995م، حينها صعدت الروح إلى ربها وقد أدّت الأمانة وحمّلتها لأجيال ما زالت تحمل هَمّ هذا الطريق المعبد بالصخور.
كان المعلم الشهيد يدرك أن العالم كله تخلى عن فلسطين، وأنه ليس باستطاعته وحده أن يجابه الباطل، لكنه فعل ما عجز عنه الكثيرين.. أيقن حينها أن هذا قدرنا.. أدرك المفكر الشهيد أن الرهان سيظل على من يقتحمون الموت بالموت على الموت.. وكانت أيامه كلها لله.. تقدم بلا خوف ولا وجل طمعاً في الشهادة و الرقي إلى جوار المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم..
كان رحيله مفاجأة كما كانت أفكاره مفاجئة.. آلم رحيلك "أبا إبراهيم" كل من حمل فكرك وجهز نفسه ليتبعك في خطاك المتعجلة إلى الله.. حقاً لقد أدميت قلوبنا.. كنت وحدك ضد التيار.. وصعدت مع الأبرار.. كيف ولماذا ومتى.. لا يمكن أن نسأل أو نحاول الاستيضاح.. لأن الإجابة رحلت برحيلك.
عبثاً أحاول الوصول إلي روحك الطاهرة.. فبيننا وبينك فلسطين وبينك وبيننا أمانة المواجهة مع الاستكبار.. هذا هو العهد الذي تربينا عليه و شربناه مع حليب أمهاتنا.. كنت كبيراً و رحلت زعيماً وستبقى إلى يوم القيامة أمة في رجل..
ذهبتُ إلى رفح بعد انتصار المقاومة ودحر الاحتلال عن قطاع غزة، مشيت بين جنبات مخيماتها المذبوحة كنت أرى صورتك في كل زقاق وفي كل نقطة.. كنت ألمح في السماء روحك تبارك لأهل رفح البطلة انتصار دم عز الدين الفارس على سيف الجلاد.. كانت هي روحك بالتأكيد.. حينها سمعت رفح تنادي وتصرخ ما زلنا ننتظر جثمانك.. هي رفح يا "أبا إبراهيم" التي احتضنت محمد الشيخ خليل ومحمود الزطمة ومحمد عبد العال وياسر أبو العيش .. تنتظر تلك اللحظة العظيمة التي تضمك إليها.. ستكون حزينة بلا شك ولكنها ستلملم جراحها حين تراك فرحاً ببنائك وغراسك..
كانت هي نفسها (رفح) حزينة في فرحتها.. زال الاحتلال عنها و لم تكن أنت هناك لتكمل فرحة الانتصار.. لكنها عادت مسرعة تكبر وتهلل بأبنائك وتلاميذك وحوارييك بالشيخ خليل الذي آتاها عريساً.. وبأشلاء الصهاينة على محور صلاح الدين.. تبارك لك هذا الانتصار الذي بدمك كُتب.
سنصرخ كما الحسين في كربلاء و طوالبة في جنين وحميد في جباليا والدبش في غزة وسدر في الخليل.. لن ننساك أبداً ما حيينا.. عهداً أن لا نبيع.. قسماً سنقاوم حتى الرحيل إليك.
******************
فعهدا منا لن ننساك يا ابو ايراهيم وسنمضى
خطاك حتى نلقاك يا معلمنا يا قائدنا
****************
فيشهد لك كل العالم ان انت المعلم
والقائد والمجاهد والمؤسس
فنحن ابناءك ابناء الجهاد الاسلامى
فالجهاد الاسلامى ليست اناس
يحطمهم اشخاص فهم نور المقاومة
وزينة فلسطين وثمرة الجهاد فى كل
مكان وزمان ونقسم بالله العظيم
ان لا ننساك يا معلمنا
************
خواطر واشعار
دماء على غصن الشوك..
مهداة الى روح الشهيد فتحي الشقاقي
شعر كمال غنيم
ستمضي وحيدا على درب شوك ........... وتمضي شريدا على لحن افك
وتختار موتا يجوب الحياة .............ويمعنف فيها بطعن وسفك
وتهمي دموعكفي بحر دمع.... وتمساح خبث يلوك ويبكي
فهل سوف تمضي ؟وتنداح عشقا ؟ وتنساب دما على غصن شوك؟
*********
سلاما حبيبي عليك السلام ..... اذا ما تغنت طيور الحمام
وضوع زهر الاقاحي شذاه وكفكف دمع الغيون الغمام
وأرسل نور الصباح ضياه وغمغم طفل ببعض الكلام
وماست غصون على لحن حب ونبض انتصار وهمس ابتسام
***************
لماذا تكابر يا ابن الصباح وتطوي الفؤاد وتخفي الجراح ؟
وهذي دمائك اني مشيت تبوح بسرالجراح الفساح
فتسري بنسخ الورد القواني وتصغ لون زهور الاقاح
وتنداح في الافق لونا فريدا يزين غيوم الصباح
*************
الشهيد الثائر..
الى روح الشهيد فتحي الشقاقي
بقلم نجوى عبد الهادي
نبكيك يا وطن نرثيك يا شهيد
نهديك للكفن يا أجمل النشيد
نعليك للقمم يا فتحي الشهيد
ياجرحنا المقاتل يا حمزة العنيد
يا صوتنا الحيارى يا حلمنا البعيد
يا شيخنا الحسيني يا مجدنا التليد
يا طلقة المجاهد يا ستة من تشرين
يا عرسنا الشقاقي على مر السنين
يا سيفنا المحارب يا صانعا حطين
يا ساحة القتال يا قدسنا الحزين
يا قاهر الغزاة ياروح روح عز الدين
يا صيحة المعذب يا انة السجين
يا صرخةالنبي يا فارس القصواء
يا حافظ القران مع سورة الاسراء
يا حالة الميلاد يا مهدنا التليد حراء
يا كوكبا دري يا زينة السماء
يا فارس الجنوب يا مركز كربلاء
يا عشقنا المؤبد يا ثورة الشهداء
الى روح الشهيد القائد فتحي الشقاقي
رفيق احمد علي
الا ياليت تسعفني المعاني وليس تنال بالليث الاماني
فأوفي حق فتحي من رثاء واما أطفاؤك قرين شمس
وحق رثائه فرض الزمان فكيف يقال بعد النيران
شهيد الحق حيث الحق أضحى وما نور ضننت به ولكن
بأدراج المفاوض والمقاني كليل العين يعمي عن عيان
ونجم الدرب والدنيا ظلام وماقصرت يوما عن جهادي
وعين العرب عن عمش تعاني ولا قد كان شيمتك التواني
وفارس خيلها والخيل باتت فيا فتحي وان طرحوك ارضا
بمدرجة القعود والارتهان فقد شرفت بجمسك اذ يداني
أحقا قد ترجل ممتطيها ويا فتحي وان قتلوك غدرا
وقد هامت مسيبة العنان فقد لقي الجزاء وراك جاني
أحقا غادر الركبان قيل ويا فتحي وان قد مت تبقى
رشيد الخطو يهدي للامان منارا هاديا سبل الاملن
احقا غادر الاكوان بدر وخلفك فتية غر جلاد
وكان ضياؤه ملء المكان لقد مرسوا على الحرب العوان
أحقا غادرالاصحاب خل أشاوسة يهاب الموت منهم
وفير الصدق معوم الدهان فان ناداهم كان التفاني
فعولا نافذ العزمات باني يكون محمدا ويليه ثاني
يرى حرية الاوطان فرضا مغاوير الضحى رهبان ليل
صلاة لا تؤخرعن أوان وليس رواية مثل العيان
وللحرية الحمراء باب اذا شاهدت والاكفان منهم
يدق بكل مخضبة البنان ملابس خلتهما سراب جان
دققت بها و قد أسمعت لولا يحبون الممات كما حياة
مسامع ليس تصغى للاذان وفي ظل العنا يتساويان
وقد اسمعت لولا مستبد وقد آلوا جميعا ان ينالوا
تاله واجدا ايماء عاني مكان السابقين الى الجنان
دققت بها وأدمي الباب لكن وموت في ظلال العز خير
وراء الباب طرشان الزمان واشرف من حياة في هوان
فلما أعوز العليا فداء فطوبى للذين قضوا كراما
هتفت دمي وروحي يفديان وان خيارهم فيها اثنتان:
فيا قمر المنافي كنت نورا فاما النصر والرايات تعلو
يضيئ على المنافي والمغاني واما الموت بين ظبي السنان
فأما أسقطوك فأي ليل تمر كئيبة فيها الثواني
إلى الفارس فتحي الشقاقي..
يصعب الحديث
ربما يصعب القول ان عشرة أعوام فصلتنا عن روحك الطاهرة
ربما تتحشرج العبرات وترابط في المقلة عند وداعك للمرة العاشرة
ربما يعصف الحزن في قلوبنا أعاصير وترتسم اللوعة في الملامح
ربما لا نسيطر على مشاعر المرارة الرابضة فوق صدورنا مذ رحلت
أبا إبراهيم ..
روحك حاضرة معنا ترمقنا بعيونك القوية
تلوح بقبضتك الجرئية ان هلموا الى جنة عرضها السماوات والارض
صورتك ترتسم في النفوس
وصوتك يتهدج في مسامعنا يحضنا على الرحيل
الرحيل الى الجنة معك ... ويشدنا هتافك من رقادنا
وينبت فوق مساكن الشهداء آلاف الورود التي تعبق بعطورك انت
فانت ملهمنا وانت معلمنا
وانت من حمل مشعل الجهاد لينير دربنا .. نراك نحن وقد ارتقيت شامخا
ها انت تمتطي صهوة الجهاد في سيبل الله
ها انت تلوح برايات الرجولة والكرامة
ها انت تعيش فينا مجددا
وتسكننا بافكارك الراسخة والضاربة جذورها عميقا في القلوب
تتتوج كل يوم على بوابات الشموخ وتحلق عاليا لتصل ابعد بقعة في المدى
ابا ابراهيم
عشر سنوات على الرحيل لم تزدنا إلا إصرارا على الالتحاق بركب مسيرتك الجهادية المرموقة
عشر سنوات واصرارنا على الحصول على وسام الشرف على يديك الطاهرتين يغدو اسمى أمانينا
أبا إبراهيم اهنأ بشهادتك ورفقتك للشهداء والصالحين وقر عينا فقد رزعت فكرا خالدا لن تزحزحه اعتى القوى من النفوس ولن يقتلعه أشرس الأعداء ولو شربوا البحر.
فتحي الشقاقي : هزة .. جاذبية .. إحياء وبعث
جواد إسماعيل الهشيم
ذروني أمارس التعصب المحمود ... والإنحياز المقبول .. إذ الحديث يدور حول رجل عزّ أن ترى نظيره على كرّ الأزمنة والدهور .
اليوم في ذكرى استشهاده ( ميلاده ) إذ لم يمت ... تحلق العقول ، وتحوم القلوب في رحاب سيرته العطرة وهي تردد :
يا سيدي
لا .. لم تمت
ما زلت تحيا بيننا
لا .. لم تمت
ما زلت ترعى خطونا
لا .. لم تمت
ما زلت تُثري فكرنا
يا سيدي
لا .. لم تمت
من قال : إنا وحدنا
فتحي هنا ...
في نطقنا .. في صمتنا
في همسنا ..في جهرنا
فتحي هنا ..
في بحرنا .. في نهرنا
في سهلنا .. في سفحنا
فتحي هنا ...
في كل شيء حولنا
فتحي أنا ... وأنت فتحي
طبت حيا وميتا .. أبا ابرهايم
رفعتَ لواء النصرة للمستضعفين .. فتنسموا بمجيئك عبير الحرية .. وحطموا أغلال القيد والعبودية .
يا أخا الحسين في ثورتك ...وامتداد الشموخ للعترة الطاهرة في عزتك .
كم يحار المرء عندما ينوي الكتابة عنك ( وشعر برهبة تصل إلى حد العجز ) فمن أين أبدأ ؟
أمن الهزّة الشقاقية ؟ أم الجاذبية الشقاقية ؟ أم الإحياء والبعث الشقاقي ؟
ثلاثة روافد .. لمنبع صافٍ .. لم تكدره صروف الزمان وتقلباته ...
أحدثتَ خزةَ وانقلاباً في تاريخ الوعي والثورة والجهاد الفلسطيني .. فما زلنا نتفياً ظلاله ، ونجني طيب ثماره .
هزّة شقاقية .. يعجز عن تحديد درجتها مقياس " ريختر " – عفواً – بل مقياس الإسلاميين والوطنين على السواء .
هزّة كانت أكبر من حجم الواقع المعاش والمنظور ... فلماذا جاءت ؟
كانت هزيمة حزيران قد ألقت بظلال قاتمة على الواقع العربي ، وأخذ الشعور بالإحباط يهيمن عليه لذا كان لا بد من هزّة وانقلاب تعيد للمواطن العربي عامة والفلسطيني خاصة الثقة بنفسه وبمن حوله .
حاول الوطنيون ذلك .. وخاضوا سنوات نضالية ، لكنهم سرعان ما وقعوا في حبائل الحل السلمي المزيف الكاذب ، فيما كان الإسلاميون التقليديون ينامون ويستيقظون على مقولة ( ليس الآن .. لا تتعجل ) ، لذا كان لا بد لهذه المرحلة من يقوى على مواجهتها ويحدث هزّة وانقلاباً في الواقع الفلسطيني .. فكان الشقاقي رضوان الله عليه .
كان الشقاقي- رضوان الله عليه – يرى أن ( خلاص الذات والوطن ) لا يتم إلا تحت راية الإسلام ( وتحقيق الفريضة الغائبة بحل الإشكالية التي كانت قائمة وقتها حيث وطنيون بلا إسلام وإسلاميون بلا فلسطين )
إن الحركة الوطنية ( استثنت الإسلام كأيديولوجية وغيبته عن برامجها ، أما الحركة الإسلامية التقليدية فلأسباب عديدة موضوعية وذاتية كانت تؤجل الإجابة عن السؤال الفلسطيني ، وتؤجل الجهاد في فلسطين ..فجاءت حركة الجهاد الإسلامي لتجيب على السؤال الفلسطيني إسلامياً ورفعت شعارات : الإسلام ، الجهاد ، فلسطين ... الإسلام كمنطلق والجهاد كوسيلة وفلسطين كهدف للتحرير )
إنّ تلك الهزة أعادت صياغة الواقع الفلسطيني من جديد وفق مفاهيم ثورية إسلامية وجعلتنا نرى الأشياء على حقيقتها فما عاد الشارع الفلسطيني يؤمن إلاّ بلغة الجهاد ... تلك اللغة التي أصّلت مفرداتها وأرست قواعدها حركة الجهاد الإسلامي فأصبح الشعب الفلسطيني لا يجيد سواها .
أم عن الجاذبية الشقاقية .. فقد كان الشقاقي رضوان الله عليه كما وصفه مَن عرفه عن كثب عطوفاً رقيقاً تغار النسائم من رقته كما كان شامخاً صلباً عنيدا يستمد الكماة العزم من قوته .
حدثتني – من لا أتهم – رجل يزحف نحو الثمانين من عمره قائلاً : التقيته ذات يوم في دمشق الفيحاء ، وأصر بأن أحلّ ضيفاً عليه ..
احترمت اصراره ولبيّت دعوته .. وبعد يومين قصدته زائراً .. وفي شقته المتواضعة كان يستقبل ضيوفه بوجه طلق .. وكلمات عِذاب... يقوم بنفسه على خدمتهم إلى أن يستأذن الزائر بالانصراف والإياب .
سألت الرجل الزاحف نحو الثمانين بمن يذكّرك في هذا الموقف ؟
قال ، والابتسامة لا تفارق محيّاه ..
يذكرني بخلق الأنبياء .. بابراهيم عليه السلام في كرم ضيافته ... وبخلق الخلفاء بعمر بن عبد العزيز في كمال تواضعه .
سألته مرة أخرى ألم يذكرك بأحد الخلفاء الأوصياء ؟ قال : بلى .. يذكرني بعلي بن أبي طالب رضوان الله عليه في سخائه وإيثاره .. إذ كان يقدم قوت يومه لغيره ليبيت بعد ذلك على الطوى .. وبحلمه وعلمه فتخرج من عنده وقد ألبسك حلة الوقار والمعرفة ..
لم تكن الهيبة والجاذبية التي تتمتع بها شخصية الشقاقي رضوان الله عليه ( تتعلق بموقعه أو سلطته ) إنما هي ( سطوة الروح التي يتحد فيها الفارس والصوفي فيخر أمامها الجندي والمريد طاعة وحباً واحتراما ).
إن هذه الجاذبية تدعوك لترى كيف كان تأثيرها على عدد ممن عرفه من القادة والمفكرين .
يقول الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الدكتور رمضان شلح معترفاً بها : ( عرفته قبل حوالي عشرين عاما ، وحين وقعت في أسره أدركت أنني ولدت من جديد )
ويقول المفكر الإسلامي راشد الغنوشي : ( أشد ما أعجبني فيه هذا المزيج من التكوين الذي جمع إلى شخصه المجاهد الذي يقضد مضاجع جنرالات الجيش الذي لا يُقهر وشخصية المخطط الرصين الذي يغوص كما يؤكد عارفوه في كل جزئية من جزئيات عمله بحثاً وتمحيصاً )
وأما المفكر والكاتب الإسلامي فهمي هويدي : ( أستشعر رهبة تصل إلى حد العجز حين أقف أمام نموذج إنسان قدم حياته ثمناً لفكرة أو حلم .. فالرجل يعد نموذجاً غير عادي للمثقف الذي تعددت قدراته وتنوعت مواهبه )
ولا يُخفي المفكر العربي" طّيب تيزني " تأثير جاذبية الشقاقي عليه حين دُعي لمناظرته إذ يقول : ( لكن التقائي به وجهاً لوجه وأمام حشد كبير من الجمهور وضعني في حالة من الدهشة العميقة ... فلقد تبينتُ في حديثه ثلاثة عناصر كبرى تمثل ثروة هائلة في حياة إنسان : الوضوح والشجاعة والصدق )
وأما آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله فيقول :( عرفته – منذ عرفته – الإنسان المسلم الذي يعيش قلق المعرفة التي تبحث في كل أفق متحرك عن عمق الفكرة وامتداد الخطة وحركية الموقف وصلابة الموقع وانفتاح الروح في كل شيء يتصل بالإسلام )
ونختم بقول الدكتور رفعت سيد أحمد المفكر والكاتب الإسلامي إذ يقول : ( لم يكن فتحي الشقاقي - رضوان الله عليه – بالنسبة لي مجرد قائد لحركة إسلامية مجاهدة تنشد تحرير فلسطين من دنس الصهاينة ولم يكن مجرد صديق تمتد المعرفة والأخوة والصداقة معه لسنوات طويلة .. ولكنه كان أكبر من ذلك بكثير كان أخاً وأباً بالمعنى الإنساني المباشر وكان رمزاً ثابتاً لكل معنى إنساني وإسلامي وعربي نبيل ، تعلقّتُ وأبناء جيلي به منذ وعينا على كلمات فلسطين والإسلام والعروبة والعالم من حولنا ) .
ويم نتحدث عن الإياء والبعث الشقاقي نتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول : ( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها أمر دينها )
إن من يتتبع الرؤية الموضوعية التي بسطها لمستقبل الإسلام وواقع ومعنى الجهاد في فكره يدرك مدى الإلهام الذي حباه الله إياه .
لقد سبقه مصلحون ومجددون تركوا بصمات بارزة وهم يخوضون معركة الإصلاح والتجديد إلاّ أنهم لم يحدثوا ذلك الانقلاب والإحياء والبعث الذي أحدثه الشقاقي رضوان الله عليه .
كانت فلسطين في قاموس إصلاحهم ينظر إليها على أنها لا تختلف عن أي دولة إسلامية أو عربية أخرى تقع تحت سطوة الإحتلال ، لذا لم يكن مستغرباً أن يتأخر صوبها شد الرحال ولكن ما إن صدع الشقاقي بإعلان الجهاد وطرح قضية مركزية فلسطين وأنها قطب الرحى ومركز الصراع الكوني .. شرع يسعى إلى أسلمة البندقية المقاتلة ومن ثمّ غدا الجهاد واقعاً ملموساً على أرض فلسطين ... فما الطعنات " الجعيدية " في صدور الصهاينة ومن سلك ذات المنهج ( رائد الريفي وفخري الدحدوح وزياد سلمي ) إلاّ إحدى الصور الجهادية الرائعة في تاريخ الحركة .
لقد أشعلت حركة الجهاد الإسلامي فتيل الإنتفاضة وأخذت تذيق الاحتلال صنوف العذاب والموت حتى أدرك الغافون صدقية منهجها ووضوح رؤيتها مما دفع بالإسلاميين والوطنيين إلى اللحوق بركابها لأنها تمثل رأس الحربة الجهادية ..
إنّ الإعلان عن بدء الجهاد في فلسطين أحيا الأمة وبعثها من جديد ، لقد جاء الإحياء والبعث الشقاقي في أحلك الظروف فالأمة بأسرها كانت تتلمس سبيل النجاة وتتطلع إلى من يقيلها من عثارها .
إن الأحياء والبعث الشقاقي رسخ دعائم الإصرار في حياتنا الجهادية ... هذا الإصرار الذي يحتم علينا أن نحتضن فلسطين دائما ونحكم قبضتنا على سلاحنا وألا ننسى أو نغفر لعدونا بشاعة جرائمه التي ارتكبها بحق شعبنا .
سيدي...أبا إبراهيم
كانت فلسطين تمثل كل شيء في حياتك حتى دفعك هذا العشق الأزلي لها أن تخاطبها قائلاً :
( تلفظني الفاء
تلفظني اللام
تلفظني السين
تلفظني الطاء
تلفظني الياء
تلفظني النون
تلفظني كل حروفك يا فلسطين
تلفظني كل حروفك يا وطني المغبون
إن كنت غفرت
أو كنت نسيت )
إنّ ذات العشق نحمله في قلوبنا لفلسطين ،ولك سيدي .. فلسطين أنت وأنت فلسطين .
إن دمك الطاهر المسفوح من أجلها وأجلنا جعلني أخاطبك ولسان حالي يقول :
( تلفظني الفاء
تلفظني التاء
تلفظني كل حروف الطهر
تلفظني الحاء
تلفظني الياء
تلفظني كل ثواني العمر
إن كنت غفرت
أو كنت نسيت )
سلام عليك – أبا ابرهيم – يوم ولدت ويم استشهدت لتظل حيا..
نور الدرب القويم
فتحي الشقاقي ... يا سيد شهداء الثورة الإسلامية المباركة في فلسطين، أيها القادم من عبق مؤتة، يا مجدد العصر الأخير، يا من رفع الله بك راية الجهاد وشرفك بنصره وتمكينه، وجعلك من الرجال المؤمنين الذين اصطفاهم للفردوس، لينعموا بما أعده الله تعالى لهم.
تتقدم أبا إبراهيم ، لتنير بدمك سراج العز والفخار، إليك نتقدم بكلماتنا يا سيد الأحرار وزعيم الثوار، يا من أذقتنا طعم العز والشموخ، إليك يا من بِعتَ نفسك من أجل الإسلام وفلسطين، وكنت أول من طبق ( الإسلام ... الجهاد ... فلسطين )، يا قمراً، بل يا سيداً للأقمار.
في ذكراك سيدي لا يمكننا إلا أن نسجد لله العلي القدير شكراً وتبجيلاً على ما شرفتنا به من جهاد واستشهاد، وعلمتنا كيف نصنع الموت الذي ينشد لنا الحياة.
وسنبقى نردد ( إن حركة يستشهد أمينها العام لا يمكن أن تنكسر).
سنبقى نذكرك ونذكر جهادك ونور وجهك المشرق بنور الإيمان والوعي والثورة.
ستبقى يا أميننا في القلب مهما تغيرت الدنيا ومهما طغى الظلم وكثر الظلام، سيدي إنك أسست جيلاً فريداً اسمه عشاق الشهادة، فمبارك أنت، مبارك جهادك ... مبارك أميننا القائد أبا عبد الله الذي سار على نهجك وقال ( قمر يغيب وألف نجم يسطع ) ...
فالله أكبر كلما حلقت روحك الطاهرة في أرجاء فلسطين، الله أكبر كلما قلت لنا بصوت الطيب المحب ( صبر جميل والله المستعان) ... اهنأ مولانا الشهيد فالرجال الرجال ما زالوا على العهد، ما زالت حركتنا المجاهدة تفخر بأبنائها وبك أيها المؤسس الشهيد.
اليوم يا سيدي ترجل الفرسان .. كان البشير أبا خليل يسير بقافلة من جهاده، وكان خالد، ومحمود، وعزيز، ومقلد، ونبيل ، وكنت أنت نور هذا الدرب القويم.
فالسلام عليك كلما نادى المؤذن للأذان .. السلام عليك.. وعلى دمك وروحك وحركتك وروحك الطيبة ... فالسلام السلام على الأمين العام ... الدكتور المعلم ( فتحي ابراهيم الشقاقي ) أبا إبراهيم ... وإن شاء الله نلحق بالركب ..
سلام لروحك الطاهرة
يا سيدي
هل قتلوك !!
من قال ذلك
هذا عزيز تلميذك المطيع
هذا مقلد وهذا محمود
هم تلاميذك فكيف تموت
ما مات مربي الأجيال
من قال أنك مت
لا أصدق
هل يموت الشقاقي وفلسطين لم تحرر بعد
هل هذا معقول
من أنا لأقول أنك مت ؟
من أنا لأكتب عنك أو لأرثيك
أنا صرختك المدوية
عشقك للجنة
انتصار دمك على سيف الجلاد
أنا خولة ... إبراهيم وأسامة
أنا ... أنا ... أنا من ينحني لروحك احتراماً
أنا من يعشقك كعشق الأرض للسماء
وكعشق محمد للأنبياء
أنا أنت، كيف لا
وأنا أنت ... أنت المنسي بين فوضى الركام
اهنأ سيدي فلقد بنيت صرحاً لا تهده الجبال
عندما تغيب أنت أنظر للقمر لعلي أجد الأنيس
أنا من يحبك رغم بعد المسافات
رغم قلة الرجالات
يا سيدي يا نور عيني
نورك ما زال يسري
شعاري سيبقى كما قال الأمين القائد
(قمر يغيب وألف نجم يسطع)
في ذكراك لا يمكن للأموات أن يتحدثوا عنك
سلام عليك يا رجل الرجال وسلام على من تركتهم ليقودوا البنيان
سلام على القائد الدكتور/ رمضان شلح، وكل القادة الأطهار
سلام لك يوم نلتقي على أرض الإسراء، لا محال سنلتقي
من دمك كتبت لنا الوصية ...
علمتنا الشموخ..
في الذكرى العاشرة لاستشهاد معلمنا الشهيد الدكتور / فتحي الشقاقي (رضوان الله عليه )، نجدد العهد و البيعة مع الله على أن نبقى نحمل الفكر الذي بناه أبا ابراهيم ...
يا سيدي ... أناديك ... أناجيك ... في هذه الذكرى ... أقول : فتحي ابراهيم الشقاقي لقد كنت سيدي أمةً وحدك ، فدعني سيدي أواصل النداء/المناجاة ، فإنني لم أغادر محرابك، ولن أغادره بإذن الله تعالى ما حييت.
أحمل بين جنباتي قلباً مشتعلاً وبين يدي قصائد مستعرة، أقول: يا أمتي لقد غاب الأمين بجسمه والروح فينا باقية.
لقد علمتنا أن نظل شامخين حتى في أحلك الظروف، سنظل كذلك سيدي ... ولكن نبأ استشهادك كان قاصمة الظهر لنا جميعاً، فعذراً إن سال الدمع .
كنت تردد علينا مبتسماً، ودماؤك الزكية تقول: سيخلفني ألف قائد ويحمل اللواء فارس جديد، ستبقى حركتك التي بنيتها بسهر الليالي وسجن في حلكة وأنت لا تبالي ستبقى على العهد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
يؤكد هذا الكلام محبوك، إذ قيل: إن حركة يستشهد أمينها العام لا يمكن لها أن تنكسر...
سأبكيك سيدي بكاء المحبين، دعني أبكيك وأقول للعالم إن أميننا لن يموت ولا يمكن لنا أن نموت.
بارك الله فيك يا اخي ابو لؤي على هذا الجهد الرائع
واسكن الله الشهيد فسيح جناته
.فهمي هويدي:رؤية الشقاقي ستكون اشتباكية مع السياسات الفلسطينية الحالية
أحد عشر عاما مضت على اغتيال الدكتور المعلم فتحي الشقاقي حملت في طياتها نموا وترعرعا لفكره المتجدد في دماء أبناء حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.
فهناك، في جزيرة مالطة ظن الأعداء أنهم سيقضون على حركة استشهد أمينها العام، وهنا في فلسطين أحيا استشهاد الشقاقي الملايين.
الكل يعلم أن د.فتحي الشقاقي سبق عصره، في فكره الجهادي ودعوته إلى الوحدة والتكاثف بين أبناء القوى المختلفة.
عن هذا تحدث مراسلنا مع الدكتور فهمي هويدي الكاتب والمفكر المصري الكبير والذي عاش فترة مع الدكتور فتحي الشقاقي.
يقول د.هويدي:الشهيد الشقاقي اخططّ الخط الجهادي، واعتبر قضية مقاومة الاحتلال قضية حياته، وأظن أن رؤيته ستكون اشتباكية مع السياسات الفلسطينية الحالية أكثر منها متصالحة معه".
ويضيف:هناك أسئلة كثيرة ملحة على الساحة الفلسطينية، فمن قبل تكلم الدكتور فتحي الشقاقي عن الوطن، والآن يوجد أسئلة عن المواطن، فنحن بحاجة للاهتمام بقضية المواطن، فلا بأس أن يطرق الواحد أبوابا كثيرة دون تغييب القضية الاستراتيجية، فاهتمامنا بالمواطن دون إغفال الوطن سينجز لنا الكثير، وهذه المعادلة ليست سهلة في الوقت الراهن، فالمواطن في فلسطين عانى كثيرا وصبر كثيرا ليدافع عن حقه وعن وطنه، المسألة تحتاج إلى إعادة نظر في مجمل الأوضاع الراهنة".
وحول دعوات الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي إلى الوحدة بين مختلف ألوان الطيف الفلسطيني، قال د.هويدي:أرى الوحدة ضرورية ولازمة، ولكن ماذا نفعل لو كان هناك طرف يرفض الوحدة أو إذا أراد منك أن تتحد معه بشروطه هو، وكأن المطروح الآن من بعض التيارات الفلسطينية هو الإقصاء وليس الالتقاء عند منتصف الطريق، وهذا ما يتنافى مع فكر ورؤية الدكتور الشقاقي لمفهوم الوحدة".
واستطرد بالقول:ما تمناه الشقاقي في تحقيق الوحدة سيظل هدفا غاليا وثمينا شرط أن يتوافق الجميع على الرغبة في تحقيق الوحدة".
الشيخ خالد جرادات:فلسطين لم تنجب شخصية موازية للشقاقي
لا زال التاريخ يشهد للدكتور المعلم الشهيد فتحي الشقاقي بعظمته، وخير دليل على ذلك الأجيال التي زرع فيها الشقاقي حب الجهاد في سبيل الله، فأسس لنواة صلبة لا زالت تترعرع أغصانها وتمتد فروعها لتتجذر في الأرض.
الشيخ خالد جرادات القيادي في حركة الجهاد الإسلامي بمدينة جنين، واحد من الذين عايشوا الدكتور فتحي الشقاقي ونهلوا من علمه ولا يزالوا يحفظوا له بصماته التاريخية.
يقول الشيخ خالد جرادات في حوار مع مراسل "فلسطين اليوم": إن الزرع الذي كان الشقاقي هو السباق إلى زرعه أثمر واستوى على سوقه وأصبح عصيا على كل أدوات الشر".
ويضيف:أنا كنت طالبا في جامعة النجاح، وسمعت بأن الشقاقي كان نشطا جدا، وتحدثت الساحة عن لون جديد من العمل السياسي، والكل كان يتحدث أن هذا الشخص يسبح ضد التيار، الأمر الذي لفت انتباه الكثيرين، فكان يضع يده على الجرح تماما،فعندما سمعنا به كشريحة طلابية ذهبنا إلى المستشفى الذي كان يعمل فيه والتصقنا به حتى النهاية".
وتابع جرادات بالقول:علاقتي معه كانت حميمة بسبب تواجده في الضفة الغربية، مشيت معه ورافقته أكثر من الكثيرين الذين عرفوه في غزة، لم تنجب فلسطين شخصية موازية له في الوعي والفكر والإخلاص، ومن كرامات هذا الشهيد أن حفظ الله له ما بدأ به".
د. رفعت سيد أحمد:الشقاقي كان جسرا جامعا بين القوى السياسية المختلفة
يعتبر الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني واحدا من أكثر الشخصيات الفلسطينية والعربية تأثيرا في المجتمع الفلسطيني بشكل خاص والساحة العربية بشكل عام على كل المستويات سيما السياسية والفكرية منها.
فقد شهد الكثيرون للدكتور الشقاقي بأنه كان مجدد عصره وحمل فكرا شاملا يعجز عن احتوائه كثير من زعماء العالم.
من الذين رافقوا الدكتور الشهيد في رحلة حياته الخالدة الكاتب والمفكر المصري د.رفعت سيد أحمد الذي أجرى مراسلنا حوارا معه تناول جوانب من حياة الأمين العام المعلم فتحي الشقاقي.
يقول د.السيد أحمد:كان فراق الدكتور فتحي الشقاقي مؤثرا ومؤلما على المستوى الشخصي وعلى المستوى العام، فعلى المستوى الشخصي كنت آخر من التقاه وآخر من ودّعه وآخر من حمل وصيته ليوصلها إلى زملائه في حركة الجهاد الإسلامي".
ويضيف:في الأسبوع الأخير الذي قضاه في ليبيا ليحل قضية المبعدين التقينا في الفندق الكبير هناك، وبقينا أسبوعا كاملا نلتقي ولا نفترق إلا للنوم ، وعندما أراد أن يغادر ليبيا أوصاني أن أبقى في غرفته للتمويه، وكان خلال هذا الأسبوع يروي لنا رؤيته وذكرياته في مصر وفلسطين، وكنا نمضي وقتا طويلا على شاطئ طرابلس، حيث كان يحب ليبيا في وقت الخريف".
وتابع د.رفعت قائلا:وصلني نبأ استشهاد الدكتور في اليوم التالي،كان هذا الخبر مؤلما جدا، وبقيت في ليبيا فترة أطول بانتظار عودة جثمان "أبو إبراهيم" إلى ليبيا لنصلي عليه ثم يغادر إلى دمشق ليدفن في مخيم اليرموك، صلى عليه عشرات الألوف، وألقيت أمامه الكلمات المعبرة من القوى السياسية المختلفة".
واستطرد متحدثا عن حياة الدكتور فتحي الشقاقي:كانت رحلته رغم قصرها (44 عاما) بعمر (444) عاما، مليئة بالتضحيات، ثرية للغاية،فكانت تستحق أن نصدرها في أعماله الكاملة في حوالي 1600 صفحة لم يبق منها إلى بضع عشرات من النسخ".
وقال: الحركة التي زرع الشقاقي بذورها كان الله يرعاها لأنها قد ضربت باستشهاده، ولكن الله قيد لها من يحفظها مثل الدكتور رمضان شلح، الحركة قويت بدماء فتحي الشقاقي ودماء رفاقه وأصبحت رقما صعبا في الحياة الجهادية في فلسطين والدول العربية".
وزاد د.سيد أحمد:استشهاد الشقاقي كان رسالة بحد ذاتها، وفكره يؤكد على مفهوم الوحدة، فهو كان يرى أن تحرير فلسطين لا يمكن أن يقوم به فريق أو قوة سياسية بعينها، ولكن تكاثف القوى يشكل نواة صلبة لتحرير فلسطين، وكان رأي الدكتور: عندما تحرر فلسطين فلنختلف،فإذا تم التحرير يجوز لنا أن نختلف، فلم يكن مفاجأة أن يحزن على استشهاد الشقاقي الشيوعي العربي قبل المسلم، فقد كان جسرا جامعا بين التيارات والقوى المختلفة، الجميع اعتبر الشقاقي رمزا له".
أم إبراهيم الشقاقي: د.فتحي صاحب شخصية مسؤولة ومتألمة لقضايا أمته
الشيخ نافذ عزام في شهادة حية..
الشقاقي قدم الإسلام بصورته الحقيقية و طرح القضية الفلسطينية برؤية واقعية
عظيمة هي الأجيال التي ورَثها المعلم الشهيد فتحي الشقاقي فكر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بعد أن أفنى عمره يؤسس و يبنى لنظرة واعية للإسلام و للقضية الفلسطينية في زمن غفل فيه الكثيرون عن تلك القضية و في وقت عاثت فيه قوات الغدر الصهيوني خرابا و دمارا في أولى القبلتين و ثالث الحرمين.
الدكتور فتحي الشقاقي الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي و الذي اغتالته قوات الاحتلال الصهيوني في جزيرة مالطة عام 1995ترك إرثا مؤثرا في تاريخ الحركات الإسلامية في العالم ساهم من خلاله في تغيير النظرة الخاطئة للإسلام الحقيقي و للشاب المسلم الصلد القوي الذي يفهم دينه و يفهم طبيعة صراعه مع عدوه في زمن تعمد فيه آخرون إغماض أعينهم عن هذه الحقائق ووجهوا أنظارهم بعيدا حيث لا تنتظر فلسطين و ترقب.
الشيخ نافذ عزام أحد من عاشروا الدكتور فتحي الشقاقي و عاصر معه تأسيس حركة الجهاد الإسلامي يروي للاستقلال بشهادة حية مشهد كفاح و جهاد الدكتور المعلم في تأسيس الجهاد الإسلامي منذ البدايات و حتى دخولها قطاع غزة...
أول لقاء
يقول الشيخ عزام " أول لقاء كان لي شخصيا مع الدكتور فتحي رحمة الله عليه كان في صيف عام 1978، حيث التقيت به في حفل زفاف لأحد أصدقاءه من كبار قادة الإخوان المسلمين في في فترة الإجازة الصيفية، حيث كنا ندرس في مصر
كنت أسمع عن الدكتور الشقاقي، و كان لي علاقات صداقة مع كثير من أبناء و كوادر الإخوان المسلمين، لفت نظري الدكتور الشقاقي بحديث شعرت أنه غير عادي، تحدث عن الوقت و أهميته بالنسبة للحياة الإنسانية و بالنسبة إلينا كمسلمين، كان الحديث بالنسبة لي جديدا و غريبا، و تصورت معه أن هذا الإنسان يتحدث بطريقة مختلفة و يفكر بطريقة مختلفة، لذلك شعرت أنني مشدود إليه، و حمدت الله كثيرا على أن حصل اللقاء مرة ثانية بعد رجوعنا إلى مصر من الإجازة، و قدر الله تعالى أن أدرس في نفس الجامعة التي يدرس فيها الدكتور فتحي (جامعة الزقازيق)، و في نفس الكلية (كلية الطب)، و أكثر من ذلك تشرفت أن سكنت معه في شقة واحدة، أنا أعتبر أن هذا كان شرفا عظيما لي، و أعتبر أن لقائي مع الدكتور فتحي الشقاقي كان نقطة مفصلية في حياتي الشخصية، و كان نقطة مفصلية في كل ما يتعلق بتصوراتي للحياة و للإسلام و لكل القضايا التي يعيشها الناس".
شخصية المعلم
عن شخصية الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي يقول الشيخ عزام "كانت شخصية الدكتور فتحي مختلفة عن كثير من الشخصيات في العالم، و بالتأكيد من يصل إلى مركز الزعامة و من يوفقه الله تعالى لتأسيس حركة إسلامية مجاهدة و في فلسطين بالذات، بالتأكيد يجب أن يكون لديه مواصفات مختلفة، أهم ما ميَز الدكتور فتحي الشقاقي هو الإصرار على مواصلة ما يشعر أنه حق و صواب، لأن حركة الجهاد الإسلامي ولدت في ظروف بالغة الصعوبة، وولدت بدون أدنى دعم من أي جهة سواء كانت هذه الجهة تنظيما أو هيئة أو دولة، حركة الجهاد الإسلامي ولدت فقط بالاعتماد على الله سبحانه و تعالى، و بالإيمان بصوابية هذا الاجتهاد و ضرورته للساحة الإسلامية و الساحة الفلسطينية، من الصعب أن تولد حركة في ظل هذه الظروف و بدون مصادر دعم و أن تطرح هذه الحركة فكرة جديدة تماما و أن تطرح الجهاد كوسيلة لتحرير فلسطين في وقت لم يكن هناك صوت للإسلام في فلسطين، هذا أمر بالغ الصعوبة، لكن الدكتور فتحي الشقاقي كان يملك هذا الإصرار، و الإصرار مرتبط بالإيمان و مرتبط بالوعي بالمسئولية و الدور، كان الدكتور يبث فينا جميعا صفة الإصرار و كان يبشر أن هذا الخيار الذي كان يحمله و الحركة التي حملها أفراد قليلون ستنتشر، و هذه الفكرة سيحملها الآلاف و الآلاف".
و يردف قائلا "أهم سمة ميزت الدكتور الشقاقي بعد الإصرار "التواضع"، فقد كان متواضعا جدا معنا و مع الناس رغم المؤهلات الكبيرة التي يمتلكها، و بعد تحقيق إنجازات كبيرة و بعد أن أصبحت حركة الجهاد الإسلامي رقما كبيرا في الساحة الإسلامية والفلسطينية، كان الدكتور الشقاقي يزداد تواضعا معنا، صفة أخرى هامة جدا، و هي إنسانية الدكتور المعلم، لم يكن يحمل أحقادا على أحد رغم الطعنات و الضربات التي وجهت من غير اليهود، من الطبيعي أن توجه لحركة الجهاد الإسلامي ضربات من اليهود كونهم العدو الذي يحتل أرضنا، لكن كانت هناك ضربات ممن يفترض أنهم دعم و سند لنا، الدكتور لم يكن يحمل أحقادا على أحد نتيجة هذه الضربات و نتيجة المعوقات التي وضعت في طريقة و نتيجة الحرب الشعواء التي شنت عليه و على حركته و على فكرته و على شخصه، الجانب الإنساني في الدكتور فتحي الشقاقي كان جانبا طاغيا تماما و كان جانبا من الممكن أن نلاحظه ببساطة شديدة".
محطات مفصلية
يروي الشيخ عزام أن أهم مرحلة مفصلية في حياة الدكتور الشقاقي، كانت نكبة الشعب الفلسطيني في صيف عام 1967" كما روى لي شخصيا".
و يضيف "كان الدكتور فتحي الشقاقي قبل عام 67 ناصري الهوى، نسبة إلى الزعيم المعروف جمال عبد الناصر الذي كان يمتلك جاذبية كبيرة و قدرة كبيرة على التأثير في الناس، و امتلك مواصفات قيادية كثيرة أهلته أن يكون زعيما للأمة العربية، الشعارات التي كان يطرحها، إصراره على التصدي للأطماع الأمريكية، حديثه عن التحرير، و حديثه عن الاستقلال، و حديثه عن تجميع العرب في مواجهة ما كان يطلق عليه الإمبريالية، هذه شعارات استهوت أناسا كثيرين، و كان الدكتور فتحي الشقاقي في مقتبل العمر، و بالتالي تأثر بالشعارات و الأفكار الناصرية، لكن نكبة 67 أحدثت هزة في المنطقة و أحدثت هزة عند الدكتور فتحي الشقاقي، و قتها لم يكن يتجاوز المعلم السادسة عشر من عمره، لكن الزعماء من هذه الطينة و من هذا النموذج يمتلكون مواصفات القيادة و الزعامة مبكرا، و كانت هذه ملاحظة فيه".
و يقول" نكبة عام 67 جعلت الفتى الشقاقي يراجع مواقفه و يراجع ما يجري، و بالتالي انحاز إلى صف الإسلام بعد النكبة الثانية مباشرة، و التي أحيت خيارات الإسلام من جديد و شجعت الكثيرين في المنطقة العربية على التقدم أكثر نحو الإسلام إيمانا بأن الإسلام يملك القدرة على استنهاض الهمم و يملك القدرة على صياغة البرنامج الذي نواجه به (إسرائيل) في علوها و نواجه به مرحلة الهزيمة و التراجع ، و نواجه به آثار النكبة المدوية، أن تسقط القدس هذا أمر في غاية الخطورة، وفي غاية الصعوبة بالنسبة للناس".
حركة الإخوان المسلمين
الحركة الإسلامية التي كانت موجودة في الساحة الفلسطينية وقتها بحسب عزام "هي حركة الإخوان المسلمين، و بالتالي كان الدكتور الشقاقي يقترب من الإخوان المسلمين و يصبح واحدا من أهم كوادرهم رغم أنه لم يكن قد بلغ العشرين من عمره، روى لي شخصيا أن كثيرا من الإخوان المسلمين كانوا يضعون صورته في ميداليات يحملونها تقديرا و محبة له، كانوا يقدرونه تقديرا كبيرا لصفاته و أخلاقه العالية، كما روى لي شخصيا أنه كان واحدا من ستة أفراد ساهموا في إعادة إحياء تنظيم الإخوان المسلمين في قطاع غزة بعد نكبة 67 رغم صغر سنه".
و يوضح القيادي في الجهاد الإسلامي أنه في في فترة السبعينات كان الدكتور فتحي الشقاقي يعمل مدرسا للرياضيات في مدينة القدس بعد أن تخرج من جامعة بيرزيت "وسافر خارج فلسطين نتيجة ظروف مادية و عائلية، وتم قبوله في كلية الطب بجامعة الزقازيق و هو يعمل مدرسا بمدارس القدس، سافر عام 73 إلى مصر وسط أجواء ساد فيها أجواء الإقبال على الإسلام و حوار الذات و مراجعة كل شيء بعد نكبة 67 و سقوط الأفكار و اهتزاز الأنظمة التي كانت تستمد قوة من تلك الأفكار، و طبعا الدكتور فتحي الشقاقي كان يدلي بشهادته على تلك المرحلة، في تلك الفترة كانت هناك تساؤلات كبيرة حول خيار الإسلام و مواجهة إسرائيل، كان السؤال الفلسطيني الذي يلح بقوة: أين نحن كحركة إسلامية من هذا الصراع؟ ما هو موقف الحركات الإسلامية من القضية الفلسطينية؟ ما هو دور الشاب المسلم في هذه المرحلة؟ ما هو طبيعة المنهج الذي يجب أن تتقدم به الحركة الإسلامية سواء نحو فلسطين أو نحو التحديات و الواقع الذي نعيشه بشكل عام؟ د. فتحي الشقاقي لم يجد إجابات، و أدرك أن حركة الإخوان المسلمين لم تبلور إجابات واضحة حول هذه المسائل، بالذات في الموضوع الفلسطيني، و هو ردد هذا الكلام كثيرا، كان هناك إسلاميون بلا فلسطين، و كان هناك وطنيون بلا إسلام، بمعنى أن الاتجاهات الوطنية لم تتبن الإسلام كبرنامج و هوية في مواجهة إسرائيل، على الصعيد الإسلامي، الدائرة الإسلامية لم تتقدم نحو فلسطين، لم يكن هناك موقف محدد نحو القضية الفلسطينية و لم تكن هناك رؤية منظمة تتقدم بها الحركة الإسلامية نحو فلسطين و قضيتها، هذا السؤال كان سؤالا هاما، إضافة للموضوع المتعلق بالمنهج، الدكتور فتحي الشقاقي كان يؤكد على ضرورة امتلاك الحركة الإسلامية منهجا ثابتا واضح المعالم يعطي الحركة الإسلامية القدرة على تحليل واع لما يجري وثباتا بالنسبة للقضايا الكبرى و الإستراتيجية، المنهج سيكفل وجود انسجام في صفوف الحركة الإسلامية لتقديم برامجها، هذا الشيء كان غائبا و كان يبحث عنه الدكتور الشقاقي، الدكتور فتحي الشقاقي كان يدرك أنه لا بد من وجود تفسير واضح و قوي مترابط لأحداث التاريخ بالذات التاريخ الإسلامي، هذه العوامل مجتمعة كانت تقود الدكتور فتحي الشقاقي إلى حوار داخلي و جدل داخلي يقوده إلى لحظة يؤمن بها أنه لا بد من وجود اجتهاد و إطار جديد يقدم إجابات حول قضية فلسطين و دور الحركة الإسلامية في الزمن المعاصر، حول المنهج، حول التاريخ، كان يزداد الدكتور فتحي الشقاقي إيمانا أنه لا بد من إطار جديد، هو بذل عدة محاولات داخل صفوف الإخوان المسلمين، لكن لم يتوصل إلى نتائج".
القضية الفلسطينية..رؤية واعية
و يتابع" ناأأنا أذكر من خلال حديث شخصي لي مع الدكتور الشقاقي أنه ضرب مثلا بالكتيب الهام للمفكر السوري الجزائري الأصل توفيق الطيب "ما بعد النكبتين" الذي تحدث من خلاله بشكل فلسفي و تفصيلي عن أسباب النكبة و أسباب انتصار (إسرائيل) و هزيمتنا، هذا الكتيب يعده الدكتور فتحي الشقاقي من أهم المنشورات التي فسرت نكبة عام 67، و من أهم الأدبيات التي قدمت رؤية واضحة للقضية الفلسطينية و لدور الأمة و دور الحركة الإسلامية تجاه فلسطين، يقول الدكتور فتحي الشقاقي إنه أخذ نسخة من هذا الكتيب و عرضها على قيادة الإخوان المسلمين ليتم طباعتها و تسويقها، فما سمع إلا التسويف، و بعد عدة شهور وجد الكتيب على حاله، و من خلال نقاش أدرك أن الكتيب لن يطبع، لأن هذا الكتيب يطرح فكرة جديدة، و يطرح برنامج للعمل في فلسطين، و يقدم رؤية جديدة لتعبئة أبناء و كوادر الحركة الإسلامية تجاه القضية الفلسطينية، مع مرور الوقت أدرك أنه لا بد ن وجود إطار جديد تتمثل فيه الإجابة عن هذه التساؤلات يحمل رؤية واعية للقضية الفلسطينية و يقدم تعبئة جديدة لأبناء و كوادر الحركة الإسلامية، و بالتالي طرح شعاره الهام جدا و الخالد": فلسطين قضية مركزية للحركة الإسلامية المعاصرة"، كان هذا الطرح يتم تداوله للمرة الأولى في الساحة الإسلامية و الفلسطينية، و هذا الطرح كلف الدكتور فتحي الشقاقي الكثير، لكنه كان مؤمنا أن فلسطين هي القضية المركزية للأمة و للحركة الإسلامية، و كان يطرح مبرراته لهذا الشعار، و كان يتحدث عن الأبعاد القرآنية و الأبعاد التاريخية و يتحدث عن الأبعاد الواقعية للقضية الفلسطينية، و استنادا إلى هذه الأبعاد كان يزداد إصرارا على أن فلسطين يجب أن تكون القضية المركزية للعمل الإسلامي و للأمة الإسلامية و لكل فرد من شعبنا و أمتنا".
بعد ذلك كان من الطبيعي كما يقول الشيخ عزام أن يقود هذا الحوار و هذا الجدل إلى تأسيس إطار يعبر عن هذه الأفكار، و بالتالي كان تأسيس حركة الجهاد الإسلامي في أواخر السبعينيات، طبعا الدافع الأهم وراء تأسيس حركة جديدة هو العمل على تجديد طاقة العمل الإسلامي و تقديم الإسلام بشكل يجذب الناس، و نفض الغبار عن صورة الإسلام أمام الناس، و بالتأكيد الموضوع الفلسطيني كان في مركز هذه المحاولة".
مجلة المختار الإسلامي
يؤكد الشيخ عزام أن البداية الفكرية لحركة الجهاد الإسلامي كانت منذ منتصف السبعينات حينما بدأت التساؤلات حول دور الحركة الإسلامية تجاه فلسطين، وواجب الشاب المسلم تجاه القضية الفلسطينية، و موقف الحركات الإسلامية مما يجري في العالم"و بالتالي بدأ الناس يسمعون عن هذا الفكر الجديد وعن هذه الحركة الجديدة، البدايات كانت من خلال مجلة مهمة مثلت أداة في نقل هذه الأفكار للناس و هي مجلة "المختار الإسلامي" التي صدرت أواخر السبعينات في مصر، و للمرة الأولى طرحت في الساحة الفلسطينية القضية الفلسطينية بشكل واضح وواعي في إحدى ملفات مجلة المختار الإسلامي، طرح الدكتور فتحي الشقاقي رؤيته للقضية الفلسطينية "القضية الفلسطينية قضية مركزية للحركة الإسلامية لماذا؟" و تحدث عن تفاصيل ذلك، وواكب الحديث عن القضية الفلسطينية، الحديث عن عز الدين القسام باعتباره الرمز الأبرز للنضال والجهاد الفلسطيني على مدى سنوات طويلة، عز الدين القسام قبل أن يتحدث عنه الدكتور فتحي الشقاقي لم يأخذ نصيبه أبدا و لم نقدمه للناس بصورته الحقيقية أو بالصورة التي تتناسب مع ما قدمه و ما مثله القسام، فقد أفرد الدكتور الشهيد دراسة كاملة نشرت في مجلة المختار الإسلامي أواخر السبعينات".
هزة كبيرة
و يشير عزام بالقول"حركة الجهاد الإسلامي أحدثت هزة كبيرة في الساحتين الإسلامية و الفلسطينية من خلال طرحها هذا الفكر المتماسك و طرحها الجهاد كوسيلة لتحرير فلسطين، و قد ظهر ذلك من خلال الدور الهام الذي لعبته حركة الجهاد الإسلامي في إشعال الانتفاضة الأولى، بالطبع كانت الأمور تتجه نحو مزيد من الغليان في الساحة العربية عموما، و كانت الحركات الإسلامية في جدل حول كثير من الأمور، و حول طريقة التعامل مع الأنظمة، في عام 1981 كان هناك حدث كبير في مصر و هو قتل الرئيس المصري أنور السادات على أيدي مصريين ينتسبون إلى تنظيم الجهاد المصري، و جرت بعد الحادث حملة اعتقالات واسعة في صفوف الإسلاميين في مصر و في صفوف الطلاب الفلسطينيين، و نحن اعتقلنا ضمن هذه الحملة، الدكتور فتحي كان وقتها في إجازة في فلسطين بعد أن أنهى دراسته في مصر، حيث كان يمضي فترة الامتياز، عندما اعتقلنا كان الدكتور قد غادر بشكل فجائي و سريع، كانت التهمة وجود علاقات بين الدكتور الشقاقي و من معه من الطلاب الفلسطينيين و بين بعض المصريين الذين كان لهم دور في قتل السادات، عودة الشهيد الشقاقي و حركة الجهاد الإسلامي إلى فلسطين بداية الثمانينات مثلت بداية حقي0قية لمرحلة جديدة ستكون مختلفة تماما عن كل المراحل السابقة".
و لم ينته المشهد بعد، فعودة الدكتور المعلم المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي إلى فلسطين كانت بداية إشراقة عهد جديد للإسلام، و لطبيعة الصراع بين الحق و الباطل في فلسطين..
المعلم في عيون "أم إبراهيم"..
كأنني عشت مع رجل من زمن الصحابة!!
" الدكتور فتحي كان يمضي وقته في العمل لأجل فلسطين و التفكير في قضيتها" بهذه الكلمات عبرت أم إبراهيم زوجة الدكتور فتحي الشقاقي عن صفة من أهم الصفات التي تميز بها المعلم في حياته و التي أفنى عمره مجاهدا من أجلها و من أجل التأسيس لجيل يحمل على عاتقه هم الإسلام وهم فلسطين التي شغلت بال الشقاقي في وقت عزَ من شغلت فلسطين باله.
رجل بأمة
تقول أم إبراهيم في حديث خاص في ذكرى استشهاد الدكتور فتحي "كان زوجي صاحب قضية، يمضي وقته في العمل لأجل فلسطين، لأن قضية فلسطين هي قضية الأمة، فكان يصل الليل بالنهار يفكر في أمته و أرضه، فهو صاحب شخصية مسئولة ومتألمة لقضايا شعبه وأمته، مخلص لفكرته التي جمع حروفها وكلماتها ضاربا أروع الأمثلة في التضحية و الإصرار".
و ترى أم إبراهيم أن المنطقة العربية كان يسود مشروعان، مشروع استعماري غربي حديث ومشروع نهوض الأمة "والدكتور انتمى إلى مشروع نهوض الأمة العربية والإسلامية من أجل تحرير الشعوب".
و عن صفاته و حياته الأسرية تقول" الدكتور كان إنسانا متواضعا جدا، حتى أن الجيران ما عرفوا يوما أن حولهم يسكن رجلا ذا مكانة في المجتمع، فكانت تحركاته و علاقاته بالغير جيدة، يأخذ أطفاله إلى الدكاكين المجاورة للبيت ويخرج نزهات خفيفة، كان إنسانا بسيطا".
و تستطرد قائلة " الدكتور تميز بشخصية محبة للأطفال جدا، وكان لطيفا مع أطفاله، يلاعبهم ويعطيهم جزء من وقته، حتى قبل أن يناموا، ويوم الجمعة كان يحضر وجبة الفطور بنفسه أيضا
،وداخل البيت كان بيننا تفاهم منقطع النظير، فأنا كنت أتفهم عبء المسؤولية التي تقع على كاهله".
و تضيف مبرزة بعض صفات الشهيد الشقاقي" كانت مواقف الدكتور كلها إنسانية، يتألم لألم الناس و يفرح لفرحهم، أشعر أنني كنت أعيش مع صحابي من زمن الرسول صلى الله عليه و سلم".
و تستذكر زوجة المعلم موقفا من حياته يدل على مدى تواضعه فتقول" طلبت منه يوما أن يحضر لنا طعاما جاهزا من المطعم، فرفض معللا ذلك بأنه لا يريد أن يأخذ الناس و الجيران انطباعا عن أسرته بأنها تعيش على وجبات المطاعم" مشيرة إلى أن الشهيد كان سخيا و كريما جدا " المال الذي بيده كان للناس".
لم يعرف الخوف أبدا
بقلب واع و فكر يحمل بصمات الشقاقي تقول أم إبراهيم "الصهاينة يعتقدون أنهم إذا اغتالوا الرموز والقيادات التي تعبر عن ضمير ووجدان الشعب و الأمة يستطيعون إخضاعنا، إنهم مخطئون، فنحن لسنا مثلهم نحرص على حياة و لو كانت حياة ذل و هوان".
و تردف زوجة الأمين العام المؤسس لحركة الجهاد الإسلامي: د.فتحي لم يعرف الخوف أبدا، أدرك بعد اغتيال عباس موسوي الأمين العام لحزب الله أن يد قوات الاحتلال ستمتد لتطاله ، وأدرك ذلك الكثيرون ممن حوله، و ازداد شعوره بالخطر على حياته عندما سافر إلى ليبيا لبحث موضوع الأيدي العاملة، إلا أنه صمم على الذهاب و لم يعد إلا محملا على الأكتاف بعد رحلة عناء في الغربة".
بالنسبة للاسم الذي استشهد عليه الدكتور من فترة البعد يعني عن موضوع السفر الاسم والجواز ما كان حاضر بين يدي أولا هذا اسم ذهب به إلى الحج عندما كان ابراهيم موجود حديثا يعني كان قبل استشهاده بأربع سنوات هذا الاسم سافر به إلى ليبيا مرارا وتكرارا وعبر به المطار علمت من وسائل الإعلام ان الفندق نزل فيه تسع مرات .
خسارة لفلسطين و للأمة الإسلامية
و ترى أم إبراهيم أن الدافع الحقيقي وراء اغتيال زوجها الظروف السياسية و الإقليمية التي سادت آنذاك إضافة إلى المفاوضات الثنائية التي كانت بين العرب ودولة الكيان الصهيوني" واصفة اغتيال المعلم بأنه خسارة للشعب الفلسطيني و للأمة الإسلامية "لأن فتحي الشقاقي شخصية فكرية إسلامية، ضمير ووجدان حي في هذه الأمة لا نستطيع أن نجد له بديلا، ليس من السهل أن تجد قائدا يحمل هم الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية وخسارتنا في فتحي الشقاقي تكمن في أنه رجل تاريخي أراده الله عز وجل لهذه الأمة ليجنبها كل ما مرت به من ظروف صعبة كالاحتلال، والظروف التي تتعرض لها اليوم المقاومة الإسلامية و الحركات الإسلامية داخل فلسطين وخارجها".
لا أحد يقف معنا
بعد مرور عشر سنوات على اغتياله تقول أم إبراهيم "نجد أن لا أحد يقف بجانب أسرته التي المعزولة التي تعاني أقسى ظروف الحياة، لا أحد يدافع عنا و عن حقوقنا، و كأن الأمة في سبات عميق".
و تتابع ناصحة " لتعرف الأمة أن دولة الكيان لا تحتل الشعب الفلسطيني فحسب، بل هناك أمور إقليمية متعددة هي سبب في ضعف هذه القضية، وضعف المطالبة بحقوق هذا الشعب، والوهن الذي أصاب المنطقة التي تساعد وتكافئ وتخرج شارون ربما من مآزقه بدل أن تأتي وتمنع سياسة الذبح والتضليل والهدم والمجازر التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني على مرأى ومسمع من العالم بأسره".
دماؤهم شرف لنا
و في كلمة لها في الذكرى العاشرة لاستشهاد زوجها تقول أم إبراهيم: إن شهادة أبنائنا وأخوتنا وأزواجنا هي شرف و عز لنا، بأذن الله لن تكون دماءهم الزكية الطاهرة إلا لتحقيق نهضة شعبنا ونهضة أمتنا وتحرير كامل مقدساتنا وكامل أرضنا، الجهاد لم يبدأ بهم، ولكنهم ساروا على نفس الدرب، درب عز الدين القسام وعبد القادر الحسيني ودرب محمد الجمل والشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي، ولن تتحرر هذه الأمة أو تتحقق عزتها إلا بتحرير الأرض وتحرير المعتقلين و بالدماء الزكية التي تسيل فداء للقدس و فلسطين".
د.عبد العزيز يتحدث عن د.فتحي الشقاقى
فتحي عزنا وفخرنا ومدرسة للأجيال القادمة
في لقاء خاص مع شقيق د. فتحي الشقاقي
د. عبد العزيز الشقاقي : فتحي عزنا وفخرنا ومدرسة للأجيال القادمة
في ذكرى اغتيال الشهيد القائد المعلم د. فتحي الشقاقي مؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين كان لمراسل فلسطين اليوم في رفح لقاء بشقيق د. فتحي الشقاقي , د. عبد العزيز الشقاقي( أبو عمر)
في منزله بمدينة رفح بتل السلطان وكان معه هذا اللقاء المتميز في بيت الشقاقي في بيت مربي مدرسة العظماء .
أبا إبراهيم الإنسان والمعلم
يقول بداية الأخ أبو عمر في ذكرى اغتيال الشقاقي أن يوم الخامس والعشرين من اكتوبر تاريخ يحفظه أبناء شعبنا جيدا فهو يوم رحيل البطل والمعلم ومربي مدرسة العظماء
فلقد تعرف الشقاقي على الإسلام مبكرا بعد عام 67 تعرف على احد رجالات الإخوان المسلمين وهو الحاج محمود محسن عن طريق ابنه في المدرسة الذي كان يزود فتحي بكتب الإخوان الذي كانت آنذاك ممنوعة من التداول ولقد تأثر فتحي بهذه الكتب كثيرا واترث على فكره وفهمه للإسلام خاصة كتاب سيد قطب معالم في الطريق .
لقد كان فتحي متميزا ومتفوقا في دراسته فقد كان أولاد الحي يطلبون منه أن يعطيهم دروس تقوية في بعض المواد وكان لا يبخل عليهم فكان بمثابة أبا لهم ولقد توفت والدتنا مبكرا في عام 65 وكان عمر فتحي وقتها 15 عاما ولقد كانت للوالدة شخصية قيادية أترث على فتحي كثيرا ولقد ت ولقد كانت وفاة الوالدة صدمة شديدة لفتحي .
ولقد انهي فتحي دراسة التوجيهي ودرس في جامعة بير زيت دبلوم رياضيات وبعدها عمل في التدريس بالضفة الغربية في بيت حنينا وعمل أيضا في دار الأيتام في القدس وسكن حي سلوان .
وفي عام 73 أعاد معي أخي فتحي الثانوية العامة مرة أخرى ونجح بتفوق وسجل في كلية الزقازيق بمصر في كلية الطب وأنا التحقت بجامعة الأزهر ودرست في كلية الصيدلة وفي مصر تعرف فتحي على فكر الإخوان أكثر والذي كانت تركز على الفعل التربوي عبر النشاطات الثقافية والعبا دية في صورته النظرية وكيفيه ترجمته ليشمل حياة الأفراد وفي ظل هذا الحوار الفكري والسياسي القائم على أرضية الإسلام انبثقت نواة تنظيمية بدأت تكبر وتنمو في وسط الطلاب الفلسطينيين الدارسين في جامعات مصر ولتندفع لاحقا باتجاه فلسطين المحتلة وعملت عبر جهد كبير وجهاد مستمر ضد كثير من القوى المحلية والخارجية والتي حاولت أن تزرع الشوك في طريقنا والذي رأت في مشروعنا الثوري الجهادي تحد لوجودها وتهديدا لبنيتها التنظيمية.
محطات
في عام 79 كانت الثورة الإيرانية ولقد أعجب بها أخي فتحي كثيرا ولقد اصدر كتابا بهذا الشأن الخميني الحل الإسلامي والبديل والذي لاقى رواجا كبيرا ونفذت الطبعة الأولى بسرعة عجيبة جدا فقامت امن الدولة المصرية بمصادرة الطبعة الثانية من الأسواق وتم اعتقال أنا للاشتباه بأنني وراء كتابة الكتاب والتشابه في الأسماء ويتحدث الأخ د. أبو عمر للاستقلال عن لحظة اعتقاله على ايدى أجهزة الأمن المصري فقال: في حوالي تمام الساعة الثانية عشر ليلا سمعت طرقا على الباب فكرت أن فتحي أتى لزيارتي ولم انظر من عدسة الباب فتحت الباب فازا رجل يقول لي انه عقيد بالمخابرات المصرية ودخلوا وفتشوا البيت واخذوا كل الكل الإسلامية من المنزل وكان منها كتب لحسن البنا وبعض الكتاب المحسوبين على حركة الإخوان فقال لي لماذا هذه الكتب عندك فقلت له إنني طالب في الأزهر وأحب أن اقرأ الكتب الإسلامية ومن ثم أخذوني إلى سجن القلعة وما أدراك ما القلعة مكث في التحقيق شهر كامل على خلفية الكتاب ولقد أنكرت معرفتي به ولا علاقة لي بهذا الأمر فقرروا نقلي إلى سجن القناطر حيث التحقيق المتواصل صباحا ومساءا تحقيق قاسي جدا كان يعصبون عيوني في بشكير طوال الوقت وكانوا يعيدون عليه نفس الأسئلة طوال الوقت ولقد تضايقت من البشكير فقمت بنزعه من على عيوني فشاهدت أكثر من ستة محققين يحققوا معي ولم يلقوا مني أي تجاوب .
فقد قرروا أخيرا ترحيلي من مصر فتم نقلي إلى مجمع التحرير لإتمام إجراءات الترحيل وكان معهم كتاب من وزير الداخلية مكتوب به أنني وزوجتي وابني عمر على قائمة الممنوعين من دخول مصر ويعمم ذلك على جميع المطارات والمعابر المصرية رفضت في البداية قرار الترحيل أنا وزوجتي لأنها كانت تدرس في الجامعة فقاموا بترحيلي إلى العراق وفي نفس الوقت قام امن الدولة بمضايقة زوجتي وإرغامها على الرحيل وإلا قاموا باعتقالها فقررت الرحيل إلى العراق ولكن في العراق لم نحس بالراحة ورفضوا أن تكمل زوجتي دراستها في الجامعات العراقية فمكثنا في العراق 8 شهور وبعدها نزلنا إلى غزة
في عام 79 تم اعتقال أخي فتحي على أيدي المخابرات المصرية على خلفية الكتاب لمدة ثلاثة شهور وخرج بعدها وأكمل دراسته وكانت تحت مراقبة أمنية شديدة
في عام 81 عاد أخي فتحي إلى غزة ولقد تعرف في مصر على الدكتور رمضان شلح والأخ نافذ عزام و محمد الهندي وخضر حبيب والشامي وبشير نافع وغيرهم من قيادات الجهاد الاسلامي .
الانطلاقة
منذ تخرج الفوج الأول من أبناء الحركة من الجامعات المصرية وعودتهم إلى فلسطين في مطلع الثمانينات واستقرارهم فيها عمل هذا الفوج المبارك على التبشير بأفكاره وتعبئته بالأفكار الجهادية تحت شعار الإيمان والوعي والثورة في هذه المرحلة ركزت الحركة نشاطها في المساجد عن طريق الندوات والمحاضرات وكان أخي فتحي يعطي محاضرات في مساجد القطاع
وفي نهاية 81 تم تشكيل كتلة الإسلاميين المستقلين في الجامعة الإسلامية بغزة كممثلة عن حركة الجهاد الإسلامي وقد حققت نتائج ايجابية في أول انتخابات جرت في عام 82 رغم مرور فترة قصيرة على تأسيسها هذا بالإضافة إلى النشاط المنزلي حيث كان أبا إبراهيم يعقد ندوات أسبوعية في احد البيوت حول احد الكتب المنهجية والفكرية الذي اعتمدتها الحركة وكان أبا إبراهيم تربطه علاقة متميزة بالشيخ الشهيد احمد ياسين حيث كان الشيخ ياسين يزورنا في منزلنا وكانت أيضا تربطه علاقات طيبة مع قيادات العمل الإسلامي في الضفة مثل الأخ راضي السلايمة والضاخ سعيد بلال وغيرهم .
وتم اعتقال أخي فتحي عام 82 لمدة 11 شهرا على خلفية إصدار مجلة النور والتي كانت تصدر من القدس وكان قبل ذلك يكتب أخي فتحي في المختار الإسلامي باسم عز الدين الفارس هو وأخيه بشير نافع
وفي نهاية 82 بدا تصدر في بريطانيا مجلة الطليعة السلامية معبرة عن نفس الخط الايدولوجي والسياسي وخلال أيام قليلة من صدورها في لندن كان يعاد طباعتها سرا في القدس لتوزع في كل فلسطين مما دفع قوات الاحتلال إلى البحث عن كيفية طباعتها فقامت بحملة اعتقالات واسعة لأبناء الحركة من بينهم أخي فتحي وقد استمر معهم التحقيق معهم خمسة شهور كاملة في أسوء ظروف .
وفي عام 86 اعتقلت قوات الاحتلال أخي فتحي للمرة الثانية وذلك بعد أسبوعين على أخر عملية عسكرية نفذتها الحركة في ساحة فلسطين بغزة وفي عام 88 قامت قوات الاحتلال بإبعاد أخي فتحي عن فلسطين وكان أخي فتحي دائما حريصا على الوحدة الوطنية ولا يحب أن يكون هناك أي خلاف أو صدام بيننا وبين الإخوان أو أي احد على الساحة وكان يقول لي يا أبو عمر نريد أن نكون جبهة إسلامية واحدة ضد اليهود وعرضنا ذلك على الشيخ احمد ياسين إلا أن البعض من الإخوان لم يوافق وقالوا كما خرجوا يعودون إلى حضن الإخوان .
كلمة أخيرة
في ذكرى اغتيال أخي وأبي وحبيب قلبي المعلم أبا إبراهيم أقول هنيئا لك الشهادة يا أبا ابر اهيم والله لقد أثمرت بيعتك مع الله ولقد ربح البيع يا أخي فتحي ولقد أثمر غراسك واينع في بلادنا ها هو العدو يرحل من غزة وغدا بإذن الله من الضفة والقدس ستظل يا أبا إبراهيم في قلوبنا وفي قلوب كل المخلصين من أبناء هذا الشعب الطيب المجاهد .
ذكراك فينا باقية فأنت الإنسان والقائد والمعلم وأنت الكف الذي هزمت المخرز
نعم لقد قمت بزرع نواة الجهاد في فلسطين فنم قرير العين يا آخي فأحفادك سائرون على دربك لقد ربح البيع يا أخي فأنت الشهادة في زمن الاستسلام وأنت الفعل في زمن القعود
رحم الله أخي وجميع شهداء فلسطين الأبرار وفرج الله اسر إخواننا الأسرى في سجون الاحتلال.
**********
بسم الله الرحمن الرحيم
من اقوال الشهيد الشقاقي
الخليج: سمعتم تهديدات اسحق رابين التي وجهت لكم ولحركة حماس في بيانه للإسرائيليين مساء يوم الاثنين الماضي، والتي قال فيها انه ليست هناك حدود ستمنعه من معاقبة مخططي عملية "بيت ليد"، كيف تتوقعون أن يكون الرد الإسرائيلي على هذه العملية؟! وهل تعتبرون نفسكم مهددين شخصيا من قبل رابين؟!
الدكتور فتحي الشقاقي:
يبدو أن الإسرائيليين لم يدركوا بعد أننا نحب الموت كما يحبون الحياة، وكأنهم لم يلحظوا أن كل محاولاتهم للقتل والاغتيال لم تكن إلا لتزيد الثورة اشتعالا.. وكأنهم لم يلحظوا أن الناس بعد العملية البطولية الأخيرة رقصت في شوارع فلسطين، وأن الشرطة الفلسطينية شاركت في الدبكات الشعبية مع الناس دليلا على فرحها وابتهاجها، ومحلات الحلويات في غزة، على الأقل، وزعت كل ما لديها ابتهاجا بالحالة الاحتفالية الراقية التي عاشها شعبنا في الأيام القليلة الماضية..
لا يريد الإسرائيليون أن يفهموا أن المسألة ليست مسألة شخص أو أفراد وأنها قضية عادلة لشعب كله مظلوم، ولأمة تريد أن تحيا خارج سيطرة القوى الكبرى المستمرة منذ عشرات السنين. نحن شعب يتعرض منذ سبعة وأربعين عاما للاضطهاد والقمع والقتل والتشريد.. وهذا هو الوضع الذي صنع أمثال هؤلاء المجاهدين الذين نفذوا عملية "نتانيا".
خذ مثلا، ما حدث بعد اغتيال الشهيد هاني عابد أحد قادة ونشطاء الجهاد الإسلامي في فلسطين، أصبح مزيد من الشباب الفلسطيني لديه استعداد أكبر للاستشهاد، وأنضم للمجموعات الإستشهادية التابعة للجهاد الإسلامي.. وكلما توفرت الإمكانيات سيكون هناك مزيد من هذه العمليات التي تخلقها الغطرسة والغرور الذي ظهر فيه رابين مساء الاثنين في خطابه..
أؤكد لك أن حارس العمر الأجل، وأننا مستمرون في جهادنا ولن تثنينا مثل هذه التهديدات.. وعزاؤنا دائما أن الجهاد والثورة سيبقيان مستمرين في جميع الأحوال، وليست هناك قضية عادلة يمكن أن تخسر، خاصة عندما تكون بقداسة وعظمة القضية الفلسطينية.
************
نعم، إن توازن القوى المادي ليس في مصلحتنا اليوم، ولكن هذا لا يمنعنا من تحقيق توازن الرعب مع العدو، وهذا مغزى العمليات الإستشهادية التي تبرهن أن موازين القوى الظالمة ليست أبدية وأن شروطهم ليست قدر أمتنا وشعبنا وأننا نملك خيار القتال بديلاً عن خيار الاستسلام.
إن التغيير قادم بلا شك، فهو قانون وسنة إلهية، والأفضل أن يجدنا صامدين ثابتين في مواقعنا، من أن يجدنا راكعين حاملين لصك الاستسلام أمام الكيان الصهيوني والحلف الأطلسي، بل إن صمودنا وثباتنا هو الشرط الأول لإحداث وإتمام التغيير.
*******************
الانتفاضة ليست من فعل تنظيم يمكن أن يضعوه وعناصره وكوادره في داخل السجون ، لكنها حالة شعبية عارمة تنطلق من عمق الإيمان وعمق الألم وعمق الوعي على الحق والمصير وأبعاد الصراع ، ولذلك أعيت العدو الذي لم يترك وسيلة قمع إلا وجربها والذي أدرك أنه كما ازداد إرهاباً وبطشاً زادت الانتفاضة امتشاقاً وعنفاً ووروداً تنبت من فوق الجروح.
إن قصة شعبنا مع الانتفاضة كالذي يصعد سلماً إلى الحرية والمجد وكلما صعد درجة احترقت !! فهل من طريق أمامه إلا استمرار الصعود.
لا أفق للانتفاضة سوى الاستمرار حتى نهدى الأمة ووحدتها على طريق تحرير كامل الوطن.
أيها الدم الدم.. يا من تحملنا إلى المجد.. تحمل أداءهم إلى العار.. تحمل كل المحايدين إلى مزيد من السقوط والانهيار، مبارك أنت، نحن ـ المسلمين الفقراء ـ على طول المحور الممتد من طنجة إلى جاكرتا نباركك ونستدير نبصق في وجه السيد المبطوح في البيت الأسود نصرخ : (لعنة الله عليك يا أمريكا.. والله لو أنا على حجر ذبحنا فلن نركع ولن نساوم
رحمك الله يا ابا ابراهيم
تعليق
تعليق