بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على النبي المهداه محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد
لؤي السعدي سيف الله المشروع في الارض
عندما اعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن العملية الاستشهادية الأخيرة التي نفذها فلسطيني في المجمع التجاري في مدينة ام خالد (نتانيا)
الساحلية، أدرك ضباط جهاز الأمن العام الصهيوني (الشاباك) الجهة التي تقف خلف العملية، وطبيعة الرسالة التي حملتها وتبادلوا النظرات مع بعضهم البعض لينطق احدهم "هو". و"هو" لم يكن سوى لؤي السعدي، (30 عاما)، من بلدة عتيل قرب مدينة طولكرم، في شمال الضفة الغربية، والذي يتولى قيادة سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وأصبح منذ عامين المطلوب الأول للشاباك الذي لم يتمكن من
إلقاء القبض عليه، على الرغم من المطاردات الطويلة له.
وأصبح القبض على السعدي ملحا بالنسبة للشاباك، بعد أن استطاع إخراج عملية استشهادية في شهر شباط /فبراير الماضي، والتي نفذها احد أعضاء الجهاد في نادي (ستييدج) الليلي بتل أبيب، وأدت إلى مقتل وإصابة عدد من الصهاينة.
الذي يحدد تحركات السعدي، هو الانتقام لاعتقال ومقتل رفاق له، حتى بعد إعلان الهدنة، مثل شفيق عبد الغني وعبد الفتاح رداد، اللذين اغتيلا في قرية صيدا قضاء طولكرم. وبتاريخ 10 آذار/ مارس 2005، استطاع الشاباك الوصول إلى احد المقربين من السعدي، وهو محمد أبو خليل، حيث اغتالته قوات الاحتلال في قرية النزلة الوسطى، ليس بعيدا عن الأراضي المحتلة عام 48. وبررت قوات الاحتلال اغتياله بأنه احد المسؤولين عن العملية الاستشهادية في نادي (ستييدج) في تل أبيب.
كان نشاط السعدي يمتد من شمال الضفة إلى جنوبها، وكانت سلطات الاحتلال اعتقلت اكثر من 500 عنصر وكادر من حركة الجهاد الإسلامي، خلال الأشهر الماضية، دون أن تتمكن من الوصول إليه، ولكنها قالت أنها نجحت، الشهر الماضي، في تفكيك خليتين تعملان بإشرافه، الأولى تتكون من ثمانية عناصر من محافظات بيت لحم والقدس وطولكرم وكانت تنوي تنفيذ عملية مزدوجة في حي راموت الاستيطاني بالقدس الغربية، والثانية مكونة من سبعة عناصر من محافظة الخليل خططت لإطلاق صاروخ من نوع آر بي جي على نقطة للجيش الصهيوني تقع بين بلدتي أذنا وترقوميا، قرب الخليل في جنوب الضفة الغربية، يعقبها اختطاف جنود أو جثث قتلى منهم، لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
وأصبح اقتحام بلدة عتيل ومداهمة منزل عائلة السعدي أمرا يوميا بالنسبة لقوات الاحتلال التي عمدت أكثر من مرة إلى اعتقال والده وشقيقته هديل، مثلما حدث في 11 حزيران/ يونيو الماضي، عندما دهمت المنزل واعتقلت والده جهاد السعدي وشقيقته هديل التي كانت تدخل عامها السابع عشر، وبدلا من الاحتفال بعيد ميلادها وجدت نفسها في السجن، وتعاني هديل من إعاقة خلقية. وفي كل اقتحام للمنزل، يتم الاعتداء على سكانه، كما تقول أسمهان السعدي والدة لؤي، وإطلاق القنابل الصوتية والغاز المدمع داخله.
وفي 30 حزيران/ يونيو الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة عتيل، بحثا عن لؤي السعدي ورفاقه، واحتلت منازل في البلدة وحوّلتها إلى ثكنات عسكرية ونقاط مراقبة، منها منزل عائلة لؤي واحتجزت أفرادها بعد أن قطعت كل اتصالاتهم مع العالم الخارجي.
وقال العميد عز الدين الشريف محافظ طولكرم، بان قوات الاحتلال الصهيوني لم تترك مغارة أو كهفا في ريف طولكرم دون أن تنسفه بحثا عن السعدي ولكنها فشلت. وفي غمرة المطاردة الطويلة للؤي اكتشفت امرأة من قرية عتيل أشياء غريبة على شجرة قبالة منزل لؤي، وعندما استدعت من يراها تبين أنها مجسات مراقبة، وتم استدعاء الشرطة الفلسطينية، وعندما وصل أفراد من هذه الشرطة بلباسهم المدني لمعرفة الأشياء الغربية على الشجرة فوجئوا بقوات خاصة صهيونية تطبق عليهم وتعتدي عليهم بالضرب.
وتحول لؤي السعدي إلى ما يشبه الأسطورة في منطقته ويتحدث عنه السكان هناك كونه الشخص الذي دوخ سلطة قوية مثل «إسرائيل»، وفي الاسبوع الماضي، كانت عتيل التي خرج منها منفذ عملية نتانيا احمد أبو خليل على موعد مع ظروف صعبة، بعد اقتحام قوات كبيرة لها واعتقال والد أبو خليل وأفراد عائلة السعدي، بينما ما زال لؤي بعيدا عن الأنظار.
جندت جيشاً لاعتقاله مطاردة وصمود:؟
أصبح لؤي السعدي المطلوب الأول للكيان الصهيوني في فلسطين، وأصبحت مهمة القبض عليه أو قتله على سلّم أولويات جيش الاحتلال، وقد استعانت قوات الاحتلال بقوة خاصة للوصول إلى السعدي، لكن محاولاتها المتكررة باءت بالفشل. ففي السادس عشر من آذار/ مارس 2005 تمكنت امرأة فلسطينية من بلدة عتيل مسقط رأس السعدي، من اكتشاف ثلاثة أجهزة صغيرة موضوعة على شجرة أمام منزل والد السعدي، وبعد أن
استدعت المرأة المواطنين لمشاهدة الأجسام المشبوهة اقتحمت قوات خاصة تابعة للاحتلال المكان وأخذت الأجهزة، ما يدل على أن الاحتلال هو الذي زرعها أمام منزل السعدي.
وفي الثلاثين من حزيران/ يونيو من العام نفسه، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة عتيل بحثاً عن لؤي السعدي ورفاقه، واحتلت منازل في البلدة وحوّلتها إلى ثكنات عسكرية ونقاط مراقبة، ومنها منزل عائلة لؤي، واحتجزت أفرادها بعد أن قطعت كل اتصالاتهم مع العالم الخارجي.. كما اعتقلت قوات الاحتلال شقيق السعدي فتح الله، ووالده وشقيقته هديل في سبيل الضغط على السعدي لتسليم نفسه، ولكن هذه المحاولات الكثيرة لم تؤتِ ثمارها، خاصة أن السعدي لديه مقدرة على التخفي مدة طويلة في مناطق الضفة الغربية التي هي في أغلبها مناطق جبلية.
وواصلت قوات الاحتلال حملة البحث عن لؤي السعدي الذي أصبح ملقباً لدى الفلسطينيين بالأسطورة، حيث ان تلك القوات لم تترك منطقة في طولكرم إلا وفتّشت فيها عن السعدي.. وقد اغتالت أبرز المقربين من المجاهد السعدي، ومنهم الشهداء شفيق عبد الغني وعبد الفتاح رداد ومحمد أبو خليل.
وفي سبيل الوصول الى السعدي اعتقلت قوات الاحتلال على مدار الأشهر الماضية ما يزيد عن خمسمئة مجاهد من حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، واقتحمت مناطق متفرقة من الضفة عشرات المرات دون التمكن من الوصول إليه، ودون معرفة مكان المجاهد المطلوب، وبذلك ازدادت المطالبات الصهيونية بقتل أو اعتقال السعدي، حتى لو استدعى ذلك قصف مخيم أو مدينة بأكملها، بحسب وزير الأمن الداخلي الصهيوني!!
الاهتمام الكبير من قبل الشاباك الصهيوني وقوى الأمن بالسعدي يرجع لوقوف السعدي خلف عدة عمليات نُفذت ضد قوات الاحتلال، ولمسؤوليته عن عدة نشاطات "معادية لإسرائيل" حسب تقرير للشاباك. فالسعدي مسؤول عن التخطيط لعمليتي "تل أبيب ونتانيا" الاستشهاديتين، اللتين قتلتا ما يزيد عن عشرة صهاينة، ثمانية منهم من الجنود. وهو مسؤول عن الكمين المُحكم قرب طولكرم قبل أشهر معدودة، الذي قُتل فيه ضابط استخبارات صهيوني. كما تنسب قوى الأمن الصهيونية إليه مسؤولية تجهيز خليتين ادعى الاحتلال تفكيكهما، الأولى تتكوّن بحسب التقرير السابق للشاباك من ثمانية مجاهدين من محافظات بيت لحم والقدس وطولكرم، وكانت تنوي تنفيذ عملية مزدوجة في حي راموت الاستيطاني في القدس الغربية. والثانية مكونة من سبعة عناصر من محافظة الخليل، خططت لإطلاق قذيفة (آر بي جي) على نقطة تابعة لجيش الاحتلال تقع بين بلدتي أذنا وترقوميا قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية، يعقبها اختطاف جنود أو جثث قتلى منهم، لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
حقيقة لا خيال
يروي أحد المقربين من السعدي " أنه في إحدى المرات التي كانت قوات الاحتلال تشدد حصارها على طولكرم وتقترب من المكان الذي يتحصن فيه السعدي، خرج لؤي يقرأ قول الله تعالى: "وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون"، وبعدها تمكن السعدي من الانسحاب بأمان، دون أن يراه جنود الاحتلال.
ويضيف: "لقد كان ذلك أمام عيوننا، كانت بالنسبة الينا دفعة قوية تؤكد لنا أن الله معنا.. وهذا الحدث دليل على أننا نسير في الطريق الصحيح، طريق الرسول (ص)".
ويقول: "سياسة الاغتيالات والاعتقالات لا تضعف المجاهدين، بل تزيدهم قوة وتصميماً على الوصول للنهج الذي خططوا له، مؤكداً أن استشهاد قادة
المقاومة يدفع المقاومين الى الاستعداد لمواجهة الاحتلال وتكبيده أكبر الخسائر". ويؤكد المجاهد أن ردّ سرايا القدس لن يطول على جرائم الاحتلال، وأن التهدئة يجب أن تكون تبادلية، ولن تسمح المقاومة الفلسطينية للاحتلال بأن يستفرد بالشعب الفلسطيني على مذبح التهدئة.
كانت ساعات صباح يوم الاثنين (24/10/2005) من أشد ساعات الفرح
لدى الصهاينة الذين استبشروا خيراً!، باغتيال العقل المدبر والمخطط لعمليات الثأر الجهادية في أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 48، القائد لؤي جهاد فتح الله السعدي قائد سرايا القدس في الضفة الغربية المحتلة، ولكن لم يدم فرح الصهاينة كثيراً فجاءت عملية الخضيرة الاستشهادية لتؤكد للعدو الصهيوني أن المقاومة لن تعجز عن ضرب العمق المحتل في أي وقت تحدده.. وأن الجهاد الإسلامي شوكته قوية، عصية على الانكسار، وأن رجال سرايا القدس قادرون بإذن الله على ضرب الأمن الصهيوني رغم كل الحملات ضدها.
جاء الرد.. جاء الرد
في بيت التهنئة الضخم الذي أقامته حركة الجهاد الإسلامي في طولكرم لاستقبال المهنئين باستشهاد القائدين لؤي السعدي وماجد الأشقر، فكانت الجموع الغفيرة تتجمع قبل موعد الإفطار بساعة تقريباً تبارك العملية الاستشهادية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية وتقول (جاء الرد.. جاء الرد).. وبقيت الجماهير الفلسطينية تبارك رد المقاومة إلى أن أعلنت سرايا القدس مسؤوليتها عن العملية الاستشهادية التي قتلت 6 من الصهاينة وجرحت العشرات، وبدأ مقاتلو السرايا بتوزيع الحلوى على المهنئين باستشهاد لؤي السعدي، وبعد ساعات قليلة وصل لبيت التهنئة شريط فيديو يتلو فيه الاستشهادي المبارك حسن أبو زيد وصيته قبل الانطلاق للعملية البطولية حيث قال.." اليوم نُري الصهاينة كيف ينقلب السحر على الساحر، اليوم سنزلزل "اسرائيل" وستعلن "الخضيرة" حداداً، فلا عيش للصهاينة في أرضنا.. أقدم نفسي قرباناً لله شهيداً في سبيله ثأراً لاغتيال القائد لؤي السعدي قائد سرايا القدس في الضفة".. وما كادت كلمات البطل حسن تخرج من فمه حتى بدأ المهنئون باستشهاد القادة في مسيرة عفوية خرجت من أمام بيت التهنئة تبارك جهد المقاومة وتكرم أبطال سرايا القدس الذين ثأروا لاستشهاد قائدهم بعد أقل من ثمانِ وأربعين ساعة من استشهاده.
وباغتيال لؤي تكون المقاومة الفلسطينية خسرت قائداً أذاق الصهاينة ويلات وويلات، وباستشهاده أحيا أمة بأكملها.
ترجل القائد
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين د. رمضان عبدالله شلّح أكد في معرض تعليقه على اغتيال القائد لؤي السعدي والمجاهد ماجد الأشقر.. "إن رحيل لؤي السعدي هو بلا شك خسارة كبيرة للجهاد والمقاومة، وللشعب الفلسطيني، بل للأمة كلها.. فالمقاومة في فلسطين إلى جانب أختها في العراق هي رأس الحربة وشعاع الأمل الباقي لأمة مستباحة.. أمة محتلة أرضها، ومنتهكة حرماتها ومقدساتها، أمة يراد تركيعها واستسلامها للهيمنة الأميركية والصهيونية.. ومحرم عليها في شريعة الغاب أن تصرخ وتقول لا.
وأضاف الأمين العام: "لؤي السعدي كان صرخة "لا" في أرض الرباط.. لا للهزيمة.. لا للاستسلام.. لا لإعادة رسم الخرائط في المنطقة لكي تغيب فلسطين وتصبح الدولة اليهودية هي القضية المركزية لبعض العرب والمسلمين المتهافتين إلى أحضان شارون وبوش.. لذلك طاردوه وقتلوه، وليس غريباً على قتلة الأنبياء قتل السائرين على طريق الأنبياء والصديقين والشهداء".
قائد من زمن الجهاد
بعيون تملؤها الدموع، قال "أبو كرم" أحد مجاهدي سرايا القدس في الضفة الغربية إن اغتيال القائد لؤي السعدي كان ضربية ما قام به المجاهد في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقاومته، واكراماً من الله تعالى للسعدي الذي طاردته أجهزة أمن العدو طويلاً.
وأضاف: " فقدنا لؤي القائد المقدام والفارس لكننا أبداً لن نضعف أو نجبن أمام الهجمة الصهيونية على مقاومتنا وعلى شعبنا البطل، لقد كانت عملية الخضيرة الاستشهادية هي مقدمة الرد على اغتيال القائدين لؤي وماجد ولكنها لن تكون الأخيرة، بحسب القيادي في سرايا القدس".
"أبو صلاح".. احد قياديي كتائب شهداء الأقصى في طولكرم قال إن لؤي السعدي يعتبر قائداً من زمن الجهاد.. مشيراً إلى أنه (لؤي) كان دوماً لا يحب الراحة أو الاستكانة ولا يهاب الموت، مستذكراً أنه قبل أسبوع من اغتيال القائد لؤي كانا معاً فكان ينشد القائد لؤي "القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله شهادة".
وأضاف: " أن دماء شهداء فلسطين ودماء لؤي السعدي ورفيقه ماجد الأشقر لن تقابلها إلا الدماء في قلب "إسرائيل"، ولن يحلم (الإسرائيليون) بالأمن والأمان طالما بقوا على أرضنا فلسطين.
لؤي الأسطورة
أما لؤي السعدي، مؤسس مجموعات الشهيد القائد زاهر الأشقر، التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين فقد كان بارعاً في صناعة الأحزمة الناسفة وتجهيز الاستشهاديين ومقارعة الوحدات الخاصة الصهيونية، ويتذكره الصهاينة جيداً عندما قتل ضابطاً منهم على طريق باقة الشرقية، رداً على اغتيال القائد زاهر الأشقر القيادي في سرايا القدس، وتعرفه نتانيا (أم خالد) وتل أبيب (تل الربيع) بالفارسين اللذان اقتحما الموت على الحياة ووهبا الروح فداءً لفلسطين، و يبكي لسماع صوته كل من يصلي خلفه، وتتذكره حواري عتيل وصيدا وكل بلدات طولكرم الإباء والتحدي.
وفي الكيان الصهيوني قرر وزير الحرب في دولة الاحتلال شاؤول موفاز تكريم ثمانين جندياً من وحدة "دوفدوفان" الذين شاركوا في يوم "الفرح" الذي تمكن فيه الصهاينة من اغتيال القائد لؤي السعدي ورفيقه، وقد تقرر في وزارة الحرب ترقية جميع المشاركين في العملية الجبانة، فيما يبدو أنها إكرامية قتل السعدي
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على النبي المهداه محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن والاه وبعد
لؤي السعدي سيف الله المشروع في الارض
عندما اعلنت حركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتها عن العملية الاستشهادية الأخيرة التي نفذها فلسطيني في المجمع التجاري في مدينة ام خالد (نتانيا)
الساحلية، أدرك ضباط جهاز الأمن العام الصهيوني (الشاباك) الجهة التي تقف خلف العملية، وطبيعة الرسالة التي حملتها وتبادلوا النظرات مع بعضهم البعض لينطق احدهم "هو". و"هو" لم يكن سوى لؤي السعدي، (30 عاما)، من بلدة عتيل قرب مدينة طولكرم، في شمال الضفة الغربية، والذي يتولى قيادة سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، وأصبح منذ عامين المطلوب الأول للشاباك الذي لم يتمكن من
إلقاء القبض عليه، على الرغم من المطاردات الطويلة له.
وأصبح القبض على السعدي ملحا بالنسبة للشاباك، بعد أن استطاع إخراج عملية استشهادية في شهر شباط /فبراير الماضي، والتي نفذها احد أعضاء الجهاد في نادي (ستييدج) الليلي بتل أبيب، وأدت إلى مقتل وإصابة عدد من الصهاينة.
الذي يحدد تحركات السعدي، هو الانتقام لاعتقال ومقتل رفاق له، حتى بعد إعلان الهدنة، مثل شفيق عبد الغني وعبد الفتاح رداد، اللذين اغتيلا في قرية صيدا قضاء طولكرم. وبتاريخ 10 آذار/ مارس 2005، استطاع الشاباك الوصول إلى احد المقربين من السعدي، وهو محمد أبو خليل، حيث اغتالته قوات الاحتلال في قرية النزلة الوسطى، ليس بعيدا عن الأراضي المحتلة عام 48. وبررت قوات الاحتلال اغتياله بأنه احد المسؤولين عن العملية الاستشهادية في نادي (ستييدج) في تل أبيب.
كان نشاط السعدي يمتد من شمال الضفة إلى جنوبها، وكانت سلطات الاحتلال اعتقلت اكثر من 500 عنصر وكادر من حركة الجهاد الإسلامي، خلال الأشهر الماضية، دون أن تتمكن من الوصول إليه، ولكنها قالت أنها نجحت، الشهر الماضي، في تفكيك خليتين تعملان بإشرافه، الأولى تتكون من ثمانية عناصر من محافظات بيت لحم والقدس وطولكرم وكانت تنوي تنفيذ عملية مزدوجة في حي راموت الاستيطاني بالقدس الغربية، والثانية مكونة من سبعة عناصر من محافظة الخليل خططت لإطلاق صاروخ من نوع آر بي جي على نقطة للجيش الصهيوني تقع بين بلدتي أذنا وترقوميا، قرب الخليل في جنوب الضفة الغربية، يعقبها اختطاف جنود أو جثث قتلى منهم، لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
وأصبح اقتحام بلدة عتيل ومداهمة منزل عائلة السعدي أمرا يوميا بالنسبة لقوات الاحتلال التي عمدت أكثر من مرة إلى اعتقال والده وشقيقته هديل، مثلما حدث في 11 حزيران/ يونيو الماضي، عندما دهمت المنزل واعتقلت والده جهاد السعدي وشقيقته هديل التي كانت تدخل عامها السابع عشر، وبدلا من الاحتفال بعيد ميلادها وجدت نفسها في السجن، وتعاني هديل من إعاقة خلقية. وفي كل اقتحام للمنزل، يتم الاعتداء على سكانه، كما تقول أسمهان السعدي والدة لؤي، وإطلاق القنابل الصوتية والغاز المدمع داخله.
وفي 30 حزيران/ يونيو الماضي، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة عتيل، بحثا عن لؤي السعدي ورفاقه، واحتلت منازل في البلدة وحوّلتها إلى ثكنات عسكرية ونقاط مراقبة، منها منزل عائلة لؤي واحتجزت أفرادها بعد أن قطعت كل اتصالاتهم مع العالم الخارجي.
وقال العميد عز الدين الشريف محافظ طولكرم، بان قوات الاحتلال الصهيوني لم تترك مغارة أو كهفا في ريف طولكرم دون أن تنسفه بحثا عن السعدي ولكنها فشلت. وفي غمرة المطاردة الطويلة للؤي اكتشفت امرأة من قرية عتيل أشياء غريبة على شجرة قبالة منزل لؤي، وعندما استدعت من يراها تبين أنها مجسات مراقبة، وتم استدعاء الشرطة الفلسطينية، وعندما وصل أفراد من هذه الشرطة بلباسهم المدني لمعرفة الأشياء الغربية على الشجرة فوجئوا بقوات خاصة صهيونية تطبق عليهم وتعتدي عليهم بالضرب.
وتحول لؤي السعدي إلى ما يشبه الأسطورة في منطقته ويتحدث عنه السكان هناك كونه الشخص الذي دوخ سلطة قوية مثل «إسرائيل»، وفي الاسبوع الماضي، كانت عتيل التي خرج منها منفذ عملية نتانيا احمد أبو خليل على موعد مع ظروف صعبة، بعد اقتحام قوات كبيرة لها واعتقال والد أبو خليل وأفراد عائلة السعدي، بينما ما زال لؤي بعيدا عن الأنظار.
جندت جيشاً لاعتقاله مطاردة وصمود:؟
أصبح لؤي السعدي المطلوب الأول للكيان الصهيوني في فلسطين، وأصبحت مهمة القبض عليه أو قتله على سلّم أولويات جيش الاحتلال، وقد استعانت قوات الاحتلال بقوة خاصة للوصول إلى السعدي، لكن محاولاتها المتكررة باءت بالفشل. ففي السادس عشر من آذار/ مارس 2005 تمكنت امرأة فلسطينية من بلدة عتيل مسقط رأس السعدي، من اكتشاف ثلاثة أجهزة صغيرة موضوعة على شجرة أمام منزل والد السعدي، وبعد أن
استدعت المرأة المواطنين لمشاهدة الأجسام المشبوهة اقتحمت قوات خاصة تابعة للاحتلال المكان وأخذت الأجهزة، ما يدل على أن الاحتلال هو الذي زرعها أمام منزل السعدي.
وفي الثلاثين من حزيران/ يونيو من العام نفسه، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة عتيل بحثاً عن لؤي السعدي ورفاقه، واحتلت منازل في البلدة وحوّلتها إلى ثكنات عسكرية ونقاط مراقبة، ومنها منزل عائلة لؤي، واحتجزت أفرادها بعد أن قطعت كل اتصالاتهم مع العالم الخارجي.. كما اعتقلت قوات الاحتلال شقيق السعدي فتح الله، ووالده وشقيقته هديل في سبيل الضغط على السعدي لتسليم نفسه، ولكن هذه المحاولات الكثيرة لم تؤتِ ثمارها، خاصة أن السعدي لديه مقدرة على التخفي مدة طويلة في مناطق الضفة الغربية التي هي في أغلبها مناطق جبلية.
وواصلت قوات الاحتلال حملة البحث عن لؤي السعدي الذي أصبح ملقباً لدى الفلسطينيين بالأسطورة، حيث ان تلك القوات لم تترك منطقة في طولكرم إلا وفتّشت فيها عن السعدي.. وقد اغتالت أبرز المقربين من المجاهد السعدي، ومنهم الشهداء شفيق عبد الغني وعبد الفتاح رداد ومحمد أبو خليل.
وفي سبيل الوصول الى السعدي اعتقلت قوات الاحتلال على مدار الأشهر الماضية ما يزيد عن خمسمئة مجاهد من حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية، واقتحمت مناطق متفرقة من الضفة عشرات المرات دون التمكن من الوصول إليه، ودون معرفة مكان المجاهد المطلوب، وبذلك ازدادت المطالبات الصهيونية بقتل أو اعتقال السعدي، حتى لو استدعى ذلك قصف مخيم أو مدينة بأكملها، بحسب وزير الأمن الداخلي الصهيوني!!
الاهتمام الكبير من قبل الشاباك الصهيوني وقوى الأمن بالسعدي يرجع لوقوف السعدي خلف عدة عمليات نُفذت ضد قوات الاحتلال، ولمسؤوليته عن عدة نشاطات "معادية لإسرائيل" حسب تقرير للشاباك. فالسعدي مسؤول عن التخطيط لعمليتي "تل أبيب ونتانيا" الاستشهاديتين، اللتين قتلتا ما يزيد عن عشرة صهاينة، ثمانية منهم من الجنود. وهو مسؤول عن الكمين المُحكم قرب طولكرم قبل أشهر معدودة، الذي قُتل فيه ضابط استخبارات صهيوني. كما تنسب قوى الأمن الصهيونية إليه مسؤولية تجهيز خليتين ادعى الاحتلال تفكيكهما، الأولى تتكوّن بحسب التقرير السابق للشاباك من ثمانية مجاهدين من محافظات بيت لحم والقدس وطولكرم، وكانت تنوي تنفيذ عملية مزدوجة في حي راموت الاستيطاني في القدس الغربية. والثانية مكونة من سبعة عناصر من محافظة الخليل، خططت لإطلاق قذيفة (آر بي جي) على نقطة تابعة لجيش الاحتلال تقع بين بلدتي أذنا وترقوميا قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية، يعقبها اختطاف جنود أو جثث قتلى منهم، لمبادلتهم بأسرى فلسطينيين.
حقيقة لا خيال
يروي أحد المقربين من السعدي " أنه في إحدى المرات التي كانت قوات الاحتلال تشدد حصارها على طولكرم وتقترب من المكان الذي يتحصن فيه السعدي، خرج لؤي يقرأ قول الله تعالى: "وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون"، وبعدها تمكن السعدي من الانسحاب بأمان، دون أن يراه جنود الاحتلال.
ويضيف: "لقد كان ذلك أمام عيوننا، كانت بالنسبة الينا دفعة قوية تؤكد لنا أن الله معنا.. وهذا الحدث دليل على أننا نسير في الطريق الصحيح، طريق الرسول (ص)".
ويقول: "سياسة الاغتيالات والاعتقالات لا تضعف المجاهدين، بل تزيدهم قوة وتصميماً على الوصول للنهج الذي خططوا له، مؤكداً أن استشهاد قادة
المقاومة يدفع المقاومين الى الاستعداد لمواجهة الاحتلال وتكبيده أكبر الخسائر". ويؤكد المجاهد أن ردّ سرايا القدس لن يطول على جرائم الاحتلال، وأن التهدئة يجب أن تكون تبادلية، ولن تسمح المقاومة الفلسطينية للاحتلال بأن يستفرد بالشعب الفلسطيني على مذبح التهدئة.
كانت ساعات صباح يوم الاثنين (24/10/2005) من أشد ساعات الفرح
لدى الصهاينة الذين استبشروا خيراً!، باغتيال العقل المدبر والمخطط لعمليات الثأر الجهادية في أرضنا الفلسطينية المحتلة عام 48، القائد لؤي جهاد فتح الله السعدي قائد سرايا القدس في الضفة الغربية المحتلة، ولكن لم يدم فرح الصهاينة كثيراً فجاءت عملية الخضيرة الاستشهادية لتؤكد للعدو الصهيوني أن المقاومة لن تعجز عن ضرب العمق المحتل في أي وقت تحدده.. وأن الجهاد الإسلامي شوكته قوية، عصية على الانكسار، وأن رجال سرايا القدس قادرون بإذن الله على ضرب الأمن الصهيوني رغم كل الحملات ضدها.
جاء الرد.. جاء الرد
في بيت التهنئة الضخم الذي أقامته حركة الجهاد الإسلامي في طولكرم لاستقبال المهنئين باستشهاد القائدين لؤي السعدي وماجد الأشقر، فكانت الجموع الغفيرة تتجمع قبل موعد الإفطار بساعة تقريباً تبارك العملية الاستشهادية التي نفذتها المقاومة الفلسطينية وتقول (جاء الرد.. جاء الرد).. وبقيت الجماهير الفلسطينية تبارك رد المقاومة إلى أن أعلنت سرايا القدس مسؤوليتها عن العملية الاستشهادية التي قتلت 6 من الصهاينة وجرحت العشرات، وبدأ مقاتلو السرايا بتوزيع الحلوى على المهنئين باستشهاد لؤي السعدي، وبعد ساعات قليلة وصل لبيت التهنئة شريط فيديو يتلو فيه الاستشهادي المبارك حسن أبو زيد وصيته قبل الانطلاق للعملية البطولية حيث قال.." اليوم نُري الصهاينة كيف ينقلب السحر على الساحر، اليوم سنزلزل "اسرائيل" وستعلن "الخضيرة" حداداً، فلا عيش للصهاينة في أرضنا.. أقدم نفسي قرباناً لله شهيداً في سبيله ثأراً لاغتيال القائد لؤي السعدي قائد سرايا القدس في الضفة".. وما كادت كلمات البطل حسن تخرج من فمه حتى بدأ المهنئون باستشهاد القادة في مسيرة عفوية خرجت من أمام بيت التهنئة تبارك جهد المقاومة وتكرم أبطال سرايا القدس الذين ثأروا لاستشهاد قائدهم بعد أقل من ثمانِ وأربعين ساعة من استشهاده.
وباغتيال لؤي تكون المقاومة الفلسطينية خسرت قائداً أذاق الصهاينة ويلات وويلات، وباستشهاده أحيا أمة بأكملها.
ترجل القائد
الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين د. رمضان عبدالله شلّح أكد في معرض تعليقه على اغتيال القائد لؤي السعدي والمجاهد ماجد الأشقر.. "إن رحيل لؤي السعدي هو بلا شك خسارة كبيرة للجهاد والمقاومة، وللشعب الفلسطيني، بل للأمة كلها.. فالمقاومة في فلسطين إلى جانب أختها في العراق هي رأس الحربة وشعاع الأمل الباقي لأمة مستباحة.. أمة محتلة أرضها، ومنتهكة حرماتها ومقدساتها، أمة يراد تركيعها واستسلامها للهيمنة الأميركية والصهيونية.. ومحرم عليها في شريعة الغاب أن تصرخ وتقول لا.
وأضاف الأمين العام: "لؤي السعدي كان صرخة "لا" في أرض الرباط.. لا للهزيمة.. لا للاستسلام.. لا لإعادة رسم الخرائط في المنطقة لكي تغيب فلسطين وتصبح الدولة اليهودية هي القضية المركزية لبعض العرب والمسلمين المتهافتين إلى أحضان شارون وبوش.. لذلك طاردوه وقتلوه، وليس غريباً على قتلة الأنبياء قتل السائرين على طريق الأنبياء والصديقين والشهداء".
قائد من زمن الجهاد
بعيون تملؤها الدموع، قال "أبو كرم" أحد مجاهدي سرايا القدس في الضفة الغربية إن اغتيال القائد لؤي السعدي كان ضربية ما قام به المجاهد في الدفاع عن الشعب الفلسطيني ومقاومته، واكراماً من الله تعالى للسعدي الذي طاردته أجهزة أمن العدو طويلاً.
وأضاف: " فقدنا لؤي القائد المقدام والفارس لكننا أبداً لن نضعف أو نجبن أمام الهجمة الصهيونية على مقاومتنا وعلى شعبنا البطل، لقد كانت عملية الخضيرة الاستشهادية هي مقدمة الرد على اغتيال القائدين لؤي وماجد ولكنها لن تكون الأخيرة، بحسب القيادي في سرايا القدس".
"أبو صلاح".. احد قياديي كتائب شهداء الأقصى في طولكرم قال إن لؤي السعدي يعتبر قائداً من زمن الجهاد.. مشيراً إلى أنه (لؤي) كان دوماً لا يحب الراحة أو الاستكانة ولا يهاب الموت، مستذكراً أنه قبل أسبوع من اغتيال القائد لؤي كانا معاً فكان ينشد القائد لؤي "القتل لنا عادة، وكرامتنا من الله شهادة".
وأضاف: " أن دماء شهداء فلسطين ودماء لؤي السعدي ورفيقه ماجد الأشقر لن تقابلها إلا الدماء في قلب "إسرائيل"، ولن يحلم (الإسرائيليون) بالأمن والأمان طالما بقوا على أرضنا فلسطين.
لؤي الأسطورة
أما لؤي السعدي، مؤسس مجموعات الشهيد القائد زاهر الأشقر، التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين فقد كان بارعاً في صناعة الأحزمة الناسفة وتجهيز الاستشهاديين ومقارعة الوحدات الخاصة الصهيونية، ويتذكره الصهاينة جيداً عندما قتل ضابطاً منهم على طريق باقة الشرقية، رداً على اغتيال القائد زاهر الأشقر القيادي في سرايا القدس، وتعرفه نتانيا (أم خالد) وتل أبيب (تل الربيع) بالفارسين اللذان اقتحما الموت على الحياة ووهبا الروح فداءً لفلسطين، و يبكي لسماع صوته كل من يصلي خلفه، وتتذكره حواري عتيل وصيدا وكل بلدات طولكرم الإباء والتحدي.
وفي الكيان الصهيوني قرر وزير الحرب في دولة الاحتلال شاؤول موفاز تكريم ثمانين جندياً من وحدة "دوفدوفان" الذين شاركوا في يوم "الفرح" الذي تمكن فيه الصهاينة من اغتيال القائد لؤي السعدي ورفيقه، وقد تقرر في وزارة الحرب ترقية جميع المشاركين في العملية الجبانة، فيما يبدو أنها إكرامية قتل السعدي
تعليق