"أعددتُ طعام الإفطار وجلست في انتظار عودتها من الجامعة...ولكنها لم تعد ...لم تعد."
بسيولٍ من دموعٍ وأنات وزفرات حارة لا تنتهي ولا تتوقف بدأت هيام مسعود "أم علاء" والدة الاستشهادية ميرفت مسعود(18 عاماً) حديثها إلى شبكة إسلام أون لاين نت وتابعت بصوت البكاء :"لقد كانت صائمة ...الحمد لله لقد تناولت فطورها في الجنة ..."
وكانت الاستشهادية ميرفت قد فجرت جسدها في عملية استشهادية نفذتها مساء أمس الاثنين 6-11-2006 في دورية راجلة من القوات الخاصة الصهيونية في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة وأوقعت العملية عدداً من القتلى والجرحى بحسب شهود عيان في المنطقة وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تبنيها للعملية .
وفي بيتٍ متواضع في مخيم جباليا شمال قطاع غزة حيث بيت الاستشهادية كانت جموع النسوة يتحلقنّ حول والدة ميرفت لتهنئتها وحثها على الصبر والسلوان .
طلبت الرضا
وفي حديثها أكدت والدة ميرفت أن ابنتها لم تخبرها بأنها ستقوم بتنفيذ عملية استشهادية بل كانت تلمح إلى ذلك :"دوماً كانت تكرر على مسامعنا أنها ستكون استشهادية وأنها ستنتقم لدماء الأطفال والنساء وستنتقم للشجر والحجر ..كنا نظن أنها تمازحنا ولكن قبل أسبوع ألحت علي بأن أرضى عليها كامل الرضا لأن ستحقق ما حلمت به ..فقلت لها من باب حبي لها أنني لست راضية فأخذت تبكي وتلح علي بأن أرضى عليها فعانقتها وقلت لها :"يا ميرفت الله يرضا عليكي رضا من ربي ورضا من قلبي ."
وبصوتٍ أبكى جميع الحضور أخذت الأم تردد من أعمق أعماق قلبها :" راضيةٌ أنا عليكِ يا حبيبتي يا ميرفت ..راضية بعدد أوراق الشجر وبعدد ما في الدنيا بشر ."
لا يختلف اثنان على مدى فخر والدة ميرفت بما قامت به ابنتها غير أن صوت الأمومة ارتفع نحيبه تارةً عندما تُمسك بشهادة تفوق فلذة كبدها في الثانوية العامة وحصولها على معدل 90% من القسم العلمي وتارة حين تحتضن علامات اختباراتها في الجامعة :" التحقت بالجامعة الإسلامية بكلية العلوم لم تنهي عامها الدراسي الأول بعد ...كانت متفوقة جداً ..كم حلمت بأن أعانق شهادتها الجامعية ولكن الحمد لله لقد حصلت على شهادة أغلى وأعظم ."
على درب ابن عمها
ميرفت الابنة الكبرى بين إخوانها الأربعة( نعيمة 16 عاماً , علاء 15 عاماً , صابرين 4 نبيل عام ونصف) وبعبراتٍ لا تنتهي ولا تتوقف أكدت الأم أن ابنتها كانت بمثابة أم ثانية لإخوانها تغدق عليهم بالحنان وبالحب وتلبي جميع مطالبهم ."
نبيل الأخ الأصغر للاستشهادية ميرفت جلس في حضن والدته ونظراته تتوه في المكان بحثاً عن وجه كان يلاطفه ويحمله ...
تقول الأم ان ميرفت هي من أطلقت عليه اسم نبيل وأضافت :" أسمته على اسم ابن عمها الاستشهادي نبيل وكانت تخبرني أنها ستربيه على موائد الرحمن وستجعل كل فلسطين تفتخر به ."
يذكر أن الاستشهادية مسعود هي ابنة عم الاستشهادي نبيل مسعود من كتائب الأقصى وهو أحد منفذي عملية ميناء سدود في 14-3-2004 بالاشتراك مع كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
أيامها الأخيرة ..صلاة ودعاء
وإذا ما كان شعور الأم أنبئها بأن ميرفت على وشك أن تغادرها أجابت :" من كثرة قيامها وصلاتها وإيمانها ودعائها في الفترة الأخيرة شعرت بأنها ستفارقني ...تصحو لتصلي وتنام بعد أن تصلي لا تترك المصحف ولا كتب الأدعية قبل استشهادها بيوم جلست تصلي لمدة طويلة وهي ترفع أكف الدعاء وتدعو بصمت ولا أسمع منها غير كلمة "يارب ...يارب"."
وعن آخر لقاء جمعها مع ميرفت قالت أنه كان بعد السحور فجر الاثنين :" تناولت كأساً من الشاي مع أقراص الفلافل ولم تتناول الكأس الثاني كانت على عجلة من أمرها لتصلي وتدعو وارتفع صوت نبيل للبكاء فأمرتني بالذهاب إليه وعند الباب استوقفتني وقالت : ارضي عني وسامحيني ...."
وفي صباح يوم الاثنين ارتدت ميرفت ملابسها وخرجت للجامعة ووقفت عند باب والدتها التي كانت بين الصحو والمنام لم تشأ أن توقظها فقد قالت لها :" أمي هناك أخبار عاجلة ...هناك قصف تابعي الأخبار ...مع السلامة ."
وتتمنى والدة ميرفت لو أن الزمن يتوقف قليلاً عند هذا المشهد :" لعانقتها وقبلتها من بين جبينها لنظرت إلى وجهها ...آه يا ميرفت يا فرحة عمري كم أحبك وكم أشتاق إليك ."
من فتح إلى الجهاد
وتؤكد الأم أن ابنتها التحقت بحركة الجهاد الإسلامي بعد أن كانت منتمية لحركة فتح :" سبب تحويلها رفض أحد قادة فتح في منطقتنا تجهيزها لتنفيذ عملية استشهادية فقد أخبرها بأنه لا يمكن أن يأخذ من العائلة أكثر من فرد ..لهذا توجهت للجهاد وانضمت إلى صفوف الجماعة الإسلامية الذراع الطلابي للجهاد وكانت تشارك في جميع نشاطات الجماعة وفعالياتها ."
وعن سماعها للنبأ أوضحت الأم أنها سمعت الخبر على إحدى الإذاعات المحلية:" ما أن قال المذيع أن فتاة نفذت عملية استشهادية حتى بدأت بالصراخ أنها ميرفت خرجت للشارع لأتأكد فإذا بكل وسائل الإعلام تتناقل اسمها ."
وتبكي الأم لوعةً لأن زوجها وأقاربها منعوها من رؤية ميرفت داخل الثلاجة في المستشفى وبينما الأم تتحدث إلينا إذا بجثمان ابنتها يصل إلى البيت لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة ولن نبالغ لو قلنا أن لغة الضاد بكل حروفها تقف عاجزة عن وصف المشهد الذي أمامه انهارت الأم وبكى نبيل ونادت صابرين بأعلى صوتها وعلت الحناجر تكبر وتهلل ........
زغرودة الجدة
جدة ميرفت في العقد السابع من عمرها أطلقت زغرودة افتخار وأتبعتها بأخرى وأضافت :" قدمت من أحفادي نبيل وميرفت ولي كل الفخر بأن أقدمهم جميعا لله والوطن ."
وأوضحت الجدة أن ميرفت وفي صباح استشهادها سلمت عليها :" أخبرتني بعدد الشهداء والجرحى وبفخرها الشديد عما فعلته نساء بيت حانون عندما قمن بفك الحصار عن المقاومين في مسجد النصر ... قالت لي يا جدتي يجب على كل فلسطيني أن يكون فدائي واستشهادي فمازحتها لو أن باستطاعتي المشي لذهبت وقاومت فردت علي : أنا سأستشهد وذهبت ."
وبكثير من عبارات الدعاء ترحمت الجدة على ميرفت :" كانت حنونة علي ..تمسك بيدي لأذهب لقضاء حاجتي ..لا تتركني عندما أمرض ...تسهر على راحتي ...حنونة الكل كان يحبها ويحترمها ...يارب أسكنها فسيح جنانك ."
في انتظار عودتها
"نعيمة" شقيقة ميرفت تركت العنان لدموعها تتحدث نيابةً عنها وبشيء من الحزن تابعت :" مساء الأحد طلبت مني أن آتي لغرفتها لأنام بجوارها ...فكل واحدة منا كان لها غرفتها الخاصة فمازحتها وقلت لها أن غرفتها مطلوبة لأنها تابعة لحركة الجهاد وقد تتعرض للقصف فضحكت بأعلى صوتها ..." وتصمت نعيمة لتتنهد طويلاً ثم تواصل :" سأتحسر طوال عمري لأنني لم أنم في غرفتها ."
ولم تكن ميرفت كما تؤكد نعيمة تأبه بالدنيا وملذاتها :" كنت أتمنى لو أشاهدها مرة تتابع مسلسل أو ترى لقطات منه أو تتحدث كما يحلو للفتيات ...ما فارقت يوماً المصحف ولا إذاعة الأقصى _إحدى الإذاعات المحلية وهي أول إذاعة إسلامية في غزة _ كانت تردد أننا في هذه الحياة عابرون سبيل ."
وتعرب نعيمة عن فخرها واعتزازها بما قامت به أختها :" في ظل عربي ودولي أمام المجازر التي نتعرض لها ...لا بد أن تذهب نساء فلسطين للجهاد والاستشهاد ."
صابرين أربع سنوات حدثتنا وهي تبكي محتضنة كتب ميرفت وأقلامها :" راحت ميرفت عالزنة (الجنة) ...أنا بستناها (أنتظرها) نطلع سوا وتشتري حاجات لي ولنبيل ."
ومسعود التي تسكن في مخيم جباليا أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، هي أول فتاة تنفذ عملية استشهادية، بعد انسحاب الصهيوني قبل نحو عام من قطاع غزة.
كما وتعتبر ثامنة استشهادية في سجل الاستشهاديات الفلسطينيات اللواتي سطرن ملحمة جهادية بطولية .
وصية الاستشهادية
وفيما يلي وصية ميرفت الاستشهادية :
الحمد لله رب العالمين ناصر المجاهدين ومذل الطغاة الكافرين والصلاة والسلام على إمام الغر المحجلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وبعد..
هذه وصيتي أنا الاستشهادية بإذن الله "ميرفت أمين مسعود" ابنة سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
أهلي الأحباب أوصيكم بتقوى الله والعمل لملاقاته، فهذه الدنيا مهما تزينت وتزخرفت زائلة لا محال، فلماذا لا نكون في سبيل الله.
أمي الحبيبة اصبري ورابطي واحتسبيني عند الله شهيدة، وادعي لي بالمغفرة وسامحيني وبإذن الله لقائنا في الفردوس الأعلى.
أبي العزيز سامحني إن كنت أخطأت معك يوماً.
أعمامي وعماتي وخالتي والله أنه ليعز علي فراقكم، فكم كنت أشعر بالسعادة وأنا بينكم، ولكن شوقي لله وللرسول وأن يهرق دمي في سبيل هذا الوطن أكبر بكثير من حبي لكم، فادعوا لي بالمغفرة.
أيها الشعب المرابط ابقي على نهجك الذي عرفته عنك، نهج المقاومة وذات الشوكة، حافظ على عهدك لدم الشهداء، فأنا اليوم أخرج بهذه العملية بإذن الله انتقاماً مني لكل ما فعله الاحتلال من مجازر، وآخرها مجزرة عائلة "هدى غالية"؛ فلماذا لا تكون أرواحنا رخيصة في سبيل هذا الوطن ونجعل من أجسادنا ناراً وبركان على هذا المحتل المتغطرس.
للمجاهدين في كل مكان من العراق إلى الشيشان.. ومن فلسطين إلى أفغانستان.. سيروا على نهج المقاومة وبارك الله فيكم.
أهلي الأحبة أوصيكم بالتالي:
أولاً: أن يكون بناء قبري على السنة.
ثانياً: ألا يوزع أي نوع من القهوة وتوزع الحلوى.
ثالثاً: التمسك بالقرآن وسنة الرسول وأن تدعو لي بالمغفرة.
وإلى اللقاء في جنات الخلد
ابنتكم الاستشهادية بإذن الله الحية عند الله
ميـرفـت أميـن مسعـود
بسيولٍ من دموعٍ وأنات وزفرات حارة لا تنتهي ولا تتوقف بدأت هيام مسعود "أم علاء" والدة الاستشهادية ميرفت مسعود(18 عاماً) حديثها إلى شبكة إسلام أون لاين نت وتابعت بصوت البكاء :"لقد كانت صائمة ...الحمد لله لقد تناولت فطورها في الجنة ..."
وكانت الاستشهادية ميرفت قد فجرت جسدها في عملية استشهادية نفذتها مساء أمس الاثنين 6-11-2006 في دورية راجلة من القوات الخاصة الصهيونية في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة وأوقعت العملية عدداً من القتلى والجرحى بحسب شهود عيان في المنطقة وأعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تبنيها للعملية .
وفي بيتٍ متواضع في مخيم جباليا شمال قطاع غزة حيث بيت الاستشهادية كانت جموع النسوة يتحلقنّ حول والدة ميرفت لتهنئتها وحثها على الصبر والسلوان .
طلبت الرضا
وفي حديثها أكدت والدة ميرفت أن ابنتها لم تخبرها بأنها ستقوم بتنفيذ عملية استشهادية بل كانت تلمح إلى ذلك :"دوماً كانت تكرر على مسامعنا أنها ستكون استشهادية وأنها ستنتقم لدماء الأطفال والنساء وستنتقم للشجر والحجر ..كنا نظن أنها تمازحنا ولكن قبل أسبوع ألحت علي بأن أرضى عليها كامل الرضا لأن ستحقق ما حلمت به ..فقلت لها من باب حبي لها أنني لست راضية فأخذت تبكي وتلح علي بأن أرضى عليها فعانقتها وقلت لها :"يا ميرفت الله يرضا عليكي رضا من ربي ورضا من قلبي ."
وبصوتٍ أبكى جميع الحضور أخذت الأم تردد من أعمق أعماق قلبها :" راضيةٌ أنا عليكِ يا حبيبتي يا ميرفت ..راضية بعدد أوراق الشجر وبعدد ما في الدنيا بشر ."
لا يختلف اثنان على مدى فخر والدة ميرفت بما قامت به ابنتها غير أن صوت الأمومة ارتفع نحيبه تارةً عندما تُمسك بشهادة تفوق فلذة كبدها في الثانوية العامة وحصولها على معدل 90% من القسم العلمي وتارة حين تحتضن علامات اختباراتها في الجامعة :" التحقت بالجامعة الإسلامية بكلية العلوم لم تنهي عامها الدراسي الأول بعد ...كانت متفوقة جداً ..كم حلمت بأن أعانق شهادتها الجامعية ولكن الحمد لله لقد حصلت على شهادة أغلى وأعظم ."
على درب ابن عمها
ميرفت الابنة الكبرى بين إخوانها الأربعة( نعيمة 16 عاماً , علاء 15 عاماً , صابرين 4 نبيل عام ونصف) وبعبراتٍ لا تنتهي ولا تتوقف أكدت الأم أن ابنتها كانت بمثابة أم ثانية لإخوانها تغدق عليهم بالحنان وبالحب وتلبي جميع مطالبهم ."
نبيل الأخ الأصغر للاستشهادية ميرفت جلس في حضن والدته ونظراته تتوه في المكان بحثاً عن وجه كان يلاطفه ويحمله ...
تقول الأم ان ميرفت هي من أطلقت عليه اسم نبيل وأضافت :" أسمته على اسم ابن عمها الاستشهادي نبيل وكانت تخبرني أنها ستربيه على موائد الرحمن وستجعل كل فلسطين تفتخر به ."
يذكر أن الاستشهادية مسعود هي ابنة عم الاستشهادي نبيل مسعود من كتائب الأقصى وهو أحد منفذي عملية ميناء سدود في 14-3-2004 بالاشتراك مع كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس.
أيامها الأخيرة ..صلاة ودعاء
وإذا ما كان شعور الأم أنبئها بأن ميرفت على وشك أن تغادرها أجابت :" من كثرة قيامها وصلاتها وإيمانها ودعائها في الفترة الأخيرة شعرت بأنها ستفارقني ...تصحو لتصلي وتنام بعد أن تصلي لا تترك المصحف ولا كتب الأدعية قبل استشهادها بيوم جلست تصلي لمدة طويلة وهي ترفع أكف الدعاء وتدعو بصمت ولا أسمع منها غير كلمة "يارب ...يارب"."
وعن آخر لقاء جمعها مع ميرفت قالت أنه كان بعد السحور فجر الاثنين :" تناولت كأساً من الشاي مع أقراص الفلافل ولم تتناول الكأس الثاني كانت على عجلة من أمرها لتصلي وتدعو وارتفع صوت نبيل للبكاء فأمرتني بالذهاب إليه وعند الباب استوقفتني وقالت : ارضي عني وسامحيني ...."
وفي صباح يوم الاثنين ارتدت ميرفت ملابسها وخرجت للجامعة ووقفت عند باب والدتها التي كانت بين الصحو والمنام لم تشأ أن توقظها فقد قالت لها :" أمي هناك أخبار عاجلة ...هناك قصف تابعي الأخبار ...مع السلامة ."
وتتمنى والدة ميرفت لو أن الزمن يتوقف قليلاً عند هذا المشهد :" لعانقتها وقبلتها من بين جبينها لنظرت إلى وجهها ...آه يا ميرفت يا فرحة عمري كم أحبك وكم أشتاق إليك ."
من فتح إلى الجهاد
وتؤكد الأم أن ابنتها التحقت بحركة الجهاد الإسلامي بعد أن كانت منتمية لحركة فتح :" سبب تحويلها رفض أحد قادة فتح في منطقتنا تجهيزها لتنفيذ عملية استشهادية فقد أخبرها بأنه لا يمكن أن يأخذ من العائلة أكثر من فرد ..لهذا توجهت للجهاد وانضمت إلى صفوف الجماعة الإسلامية الذراع الطلابي للجهاد وكانت تشارك في جميع نشاطات الجماعة وفعالياتها ."
وعن سماعها للنبأ أوضحت الأم أنها سمعت الخبر على إحدى الإذاعات المحلية:" ما أن قال المذيع أن فتاة نفذت عملية استشهادية حتى بدأت بالصراخ أنها ميرفت خرجت للشارع لأتأكد فإذا بكل وسائل الإعلام تتناقل اسمها ."
وتبكي الأم لوعةً لأن زوجها وأقاربها منعوها من رؤية ميرفت داخل الثلاجة في المستشفى وبينما الأم تتحدث إلينا إذا بجثمان ابنتها يصل إلى البيت لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة ولن نبالغ لو قلنا أن لغة الضاد بكل حروفها تقف عاجزة عن وصف المشهد الذي أمامه انهارت الأم وبكى نبيل ونادت صابرين بأعلى صوتها وعلت الحناجر تكبر وتهلل ........
زغرودة الجدة
جدة ميرفت في العقد السابع من عمرها أطلقت زغرودة افتخار وأتبعتها بأخرى وأضافت :" قدمت من أحفادي نبيل وميرفت ولي كل الفخر بأن أقدمهم جميعا لله والوطن ."
وأوضحت الجدة أن ميرفت وفي صباح استشهادها سلمت عليها :" أخبرتني بعدد الشهداء والجرحى وبفخرها الشديد عما فعلته نساء بيت حانون عندما قمن بفك الحصار عن المقاومين في مسجد النصر ... قالت لي يا جدتي يجب على كل فلسطيني أن يكون فدائي واستشهادي فمازحتها لو أن باستطاعتي المشي لذهبت وقاومت فردت علي : أنا سأستشهد وذهبت ."
وبكثير من عبارات الدعاء ترحمت الجدة على ميرفت :" كانت حنونة علي ..تمسك بيدي لأذهب لقضاء حاجتي ..لا تتركني عندما أمرض ...تسهر على راحتي ...حنونة الكل كان يحبها ويحترمها ...يارب أسكنها فسيح جنانك ."
في انتظار عودتها
"نعيمة" شقيقة ميرفت تركت العنان لدموعها تتحدث نيابةً عنها وبشيء من الحزن تابعت :" مساء الأحد طلبت مني أن آتي لغرفتها لأنام بجوارها ...فكل واحدة منا كان لها غرفتها الخاصة فمازحتها وقلت لها أن غرفتها مطلوبة لأنها تابعة لحركة الجهاد وقد تتعرض للقصف فضحكت بأعلى صوتها ..." وتصمت نعيمة لتتنهد طويلاً ثم تواصل :" سأتحسر طوال عمري لأنني لم أنم في غرفتها ."
ولم تكن ميرفت كما تؤكد نعيمة تأبه بالدنيا وملذاتها :" كنت أتمنى لو أشاهدها مرة تتابع مسلسل أو ترى لقطات منه أو تتحدث كما يحلو للفتيات ...ما فارقت يوماً المصحف ولا إذاعة الأقصى _إحدى الإذاعات المحلية وهي أول إذاعة إسلامية في غزة _ كانت تردد أننا في هذه الحياة عابرون سبيل ."
وتعرب نعيمة عن فخرها واعتزازها بما قامت به أختها :" في ظل عربي ودولي أمام المجازر التي نتعرض لها ...لا بد أن تذهب نساء فلسطين للجهاد والاستشهاد ."
صابرين أربع سنوات حدثتنا وهي تبكي محتضنة كتب ميرفت وأقلامها :" راحت ميرفت عالزنة (الجنة) ...أنا بستناها (أنتظرها) نطلع سوا وتشتري حاجات لي ولنبيل ."
ومسعود التي تسكن في مخيم جباليا أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، هي أول فتاة تنفذ عملية استشهادية، بعد انسحاب الصهيوني قبل نحو عام من قطاع غزة.
كما وتعتبر ثامنة استشهادية في سجل الاستشهاديات الفلسطينيات اللواتي سطرن ملحمة جهادية بطولية .
وصية الاستشهادية
وفيما يلي وصية ميرفت الاستشهادية :
الحمد لله رب العالمين ناصر المجاهدين ومذل الطغاة الكافرين والصلاة والسلام على إمام الغر المحجلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وبعد..
هذه وصيتي أنا الاستشهادية بإذن الله "ميرفت أمين مسعود" ابنة سرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الإسلامي.
أهلي الأحباب أوصيكم بتقوى الله والعمل لملاقاته، فهذه الدنيا مهما تزينت وتزخرفت زائلة لا محال، فلماذا لا نكون في سبيل الله.
أمي الحبيبة اصبري ورابطي واحتسبيني عند الله شهيدة، وادعي لي بالمغفرة وسامحيني وبإذن الله لقائنا في الفردوس الأعلى.
أبي العزيز سامحني إن كنت أخطأت معك يوماً.
أعمامي وعماتي وخالتي والله أنه ليعز علي فراقكم، فكم كنت أشعر بالسعادة وأنا بينكم، ولكن شوقي لله وللرسول وأن يهرق دمي في سبيل هذا الوطن أكبر بكثير من حبي لكم، فادعوا لي بالمغفرة.
أيها الشعب المرابط ابقي على نهجك الذي عرفته عنك، نهج المقاومة وذات الشوكة، حافظ على عهدك لدم الشهداء، فأنا اليوم أخرج بهذه العملية بإذن الله انتقاماً مني لكل ما فعله الاحتلال من مجازر، وآخرها مجزرة عائلة "هدى غالية"؛ فلماذا لا تكون أرواحنا رخيصة في سبيل هذا الوطن ونجعل من أجسادنا ناراً وبركان على هذا المحتل المتغطرس.
للمجاهدين في كل مكان من العراق إلى الشيشان.. ومن فلسطين إلى أفغانستان.. سيروا على نهج المقاومة وبارك الله فيكم.
أهلي الأحبة أوصيكم بالتالي:
أولاً: أن يكون بناء قبري على السنة.
ثانياً: ألا يوزع أي نوع من القهوة وتوزع الحلوى.
ثالثاً: التمسك بالقرآن وسنة الرسول وأن تدعو لي بالمغفرة.
وإلى اللقاء في جنات الخلد
ابنتكم الاستشهادية بإذن الله الحية عند الله
ميـرفـت أميـن مسعـود
تعليق