بسم الله الرحمن الرحيم
علوم عسكرية
حرب العصابات 3
بقلم: أبي هاجر عبد العزيز المقرن
المرحلة الثانية: (التوازن الاستراتيجي النسبي)
بعد نجاح الحركة في الصمود وبعثرة جهود العدو واستنزافه وتعطيل قدراته، وبعد ثقة الشعب في سلامة منهج المجاهدين وتبين الصورة عندهم، وبعد توافد وتكاثر المتعاونين والجنود حول الجماعة والمجاهدين، سننتقل تلقائياً إلى المرحلة الثانية من مراحل حرب العصابات وهي مرحلة التوازن الاستراتيجي النسبي أو ما يُعرف بـ (سياسة الألف جرح).
السمات السياسية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: بعد حرب الاستنزاف الطويلة سيشعر عدو الله بأنه من المستحيل القضاء على هذه القوة العسكرية للمجاهدين، لذلك تجد العدو في هذه المرحلة يتجه إلى الحلول السياسية علّه أن يجد المخرج من هذه المواجهة والتي يشعر فيها بأنه سيقضى عليه لا محالة.
ولكن بسبب الظروف المستحكمة في تلك المرحلة تجد أن الجناح العسكري داخل النظام غالباً ما يقوم بإفشال مخططات الجناح السياسي، وقد يتسبب العسكريون في خسارة وفقدان السياسيين لكل شيء، وسبب ذلك أن العسكريين لا يعترفون بوجود لغةٍ للتخاطب مع المجاهدين إلا لغة الدم فقط، وقد تحدث بعض الانقلابات الداخلية بسبب عناد وغطرسة العسكر، وقد يُقنعُ العسكريونَ الساسةَ بالاستعانة بقواتٍ أجنبيةٍ في هذه المرحلة كما حدث عندما استعان الهالك نجيب في أفغانستان بالشيوعيين الروس.[1]
ب) بالنسبة للمجاهدين: في ظل هذه السياسة الهوجاء والمتخبطة من قبل العدو، يُدرِك المجاهدون أنهم في طريقهم لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، فتجدهم يُصَعّدون من حملتهم السياسية المتوافقة مع الحملة العسكرية بتوضيح معالم الصراع الدائر بينهم وبين العدو الرئيسي من اليهود والنصارى وعملائهم، ويكون من الصعب في هذه الفترة على العملاء إخفاء حقيقة التواجد النصراني اليهودي في بلاد المسلمين وذلك لأن المجاهدين سيكثفون من ضرباتهم لقواعد وأماكن وجود العدو بدرجة لا يبقى معها أي شك في تواجدهم في طول البلاد وعرضها.
وأيضاً يجب على المجاهدين من مواقعهم المحررة وقواعدهم الإدارية ومراكزهم الإعلامية مواصلة التحريض وكشف ضعف وعجز النظام العميل في القضاء على المجاهدين.
وأيضاً يجب على المجاهدين في هذه المرحلة إرسال رسائل دبلوماسية من خلال البيانات السياسية أو من خلال لغة الدم والنار إلى كل الحكومات الخارجية التي تقف مع النظام العميل، وتبيين الأمر لهم بأنهم إذا وقفوا مع النظام فإنهم سيكونون هدفاً مشروعاً لضربات المجاهدين، ويجب على المجاهدين مخاطبة الرأي العام لدى تلك الدول بأن حكوماتهم تورطهم في حروب وصراعات لا دخل لهم بها، ومثال ذلك بيانات الشيخ أبي عبد الله أسامة بن لادن حفظه الله والتي يوجه جزءاً منها إلى شعوب مثل: الشعب الياباني، وبعض الشعوب الأخرى.
السمات العسكرية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: بعد عمل المجاهدين الدؤوب وضرباتهم وصمودهم الطويل الناجح، وتعطيلهم لقدرات النظام وتجنيدهم للكوادر الجديدة يتوقف العدو تقريباً أو يقل عدد حملاته العسكرية في المناطق التي يقوى فيها نفوذ المجاهدين والتي يظهر فيها قوة عباد الله المؤمنين. ويكتفي العدو بالغارات الجوية على تلك المناطق وعلى طُرُق إمداد المجاهدين، ويضطر للانسحاب إلى مناطق أكثر منعةً بالنسبة له، كما حدث هذا في مناطق كثيرةٍ من العالم: بحيث تقتصر عمليات قوات النظام على القصف البعيد بالنسبة للجبال، أما بالنسبة للمدن فستقلّ كثافة العدو في المدن إلتي يقوى فيها المجاهدون وتظهر سيطرتهم على أغلب قطاعاتها، وسيظهر ضعفه البيّن عن صد هجمات المجاهدين المتكررة.
ب) بالنسبة للمجاهدين: في ظل تصاعد عمليات المجاهدين العسكرية والاستفادة المباشرة من الخبرات المكتسبة أثناء المواجهات أو ما يسمى بالخبرة المعاصرة للحدث، وفي ظل الاستفادة من المناطق التي يقل فيها تواجد النظام أو يكون فيها ضعيفاً: يُشكّل المجاهدون في هذه الحالة قوات نظامية تكون قادرة على بسط الأمن وإحلال النظام في المناطق المحررة وتكون في نفس الوقت قادرةً على مواجهة قوات العدو النظامية، وحينها ستزداد وتتعاظم قوة المجاهدين يوماً بعد يوم.
القواعد في هذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: كما ذكرنا سيقلّ تواجد العدو في المناطق الوعرة والمناطق التي يتواجد بها المجاهدون.
ب) بالنسبة للمجاهدين: في هذه المرحلة يتخذ المجاهدون مراكز وقواعد إدارية في المناطق المحررة والتي أصبحت تحت السيطرة الكاملة للمجاهدين، ويقيم المجاهدون فيها معسكراتٍ ومستشفيات ومحاكم شرعية ومحطات بث إذاعية، ومركزاً ومنطلقاً لعملياتهم العسكرية والسياسية.
المفاوضات في هذه المرحلة:
بعد هذه الأحداث المتتابعة يحرص العدو كل الحرص على المفاوضات، وذلك من أجل إيقاف العمليات العسكرية للمجاهدين ومحاولة استرداد أنفاسه وقوّته، وفي هذه المرحلة يمكن أن يقبل المجاهدون بالمفاوضات شريطة أن تبقى العمليات العسكرية متواصلة، وتجد أنه إذا بدأت المفاوضات يحاول كل من الطرفين شن حملات عسكرية عنيفة قبل أو بعد أو أثناء المفاوضات وذلك لكي يثبت وجوده وقوته على مائدة المفاوضات وحتى يستطيع أن ينطلق من منطلق قوة أثناء المفاوضات، وبعبارة أخرى يحاول تحقيق انتصارات عسكرية تتحقق بها بالتالي مكاسب سياسية.
وننصح المجاهدين في هذه المرحلة – إذا كانت لهم السيطرة على أرض الميدان – أن يستمروا في العمليات العسكرية لأنها هي التي تكسر ظهر العدو وتجعله يلبّي طلبات المجاهدين.
ويُبْحَثْ في هذه المفاوضات – لو حدثت – شروط استسلام العدو (لأن هذا سيحطم معنوياته) إما أن يسلم السلطة أو يسلم السلطة ! وذلك في مقابل إجراء محاكمات مطابقة لشرع الله.
ويلاحظ أن العدو قد يعرض على المجاهدين في هذه المرحلة المشاركة في السلطة (كما حدث في اليمن وكما حدث مؤخراً في السودان بين البشير وقرنق) وهذا الأمر مرفوضٌ جملةً وتفصيلاً فلا بد أن يكون الدين كله لله.
المرحلة الثالثة: (مرحلة الحسم)
هذه المرحلة هي مرحلة الهجوم النهائي والقضاء على العدو بإذن الله وعونه.
السمات السياسية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: تعتبر هذه المرحلة بالنسبة للعدو مرحلةً حرجةً للغاية، وهي مرحلة النهاية بالنسبة له، فالنظام الآن يحتضر ويمر بعملية انهيار سياسي واقتصادي وعملية انقسامات داخلية، ويكون هناك صراعات داخلية بين العسكريين والسياسيين، وتلاوم فيما بينهم، أو تحدث صراعات بين القوى السياسيّة المختلفة (المعتدلة والمتشددة).
وأيضاً قد تحدث في هذه المرحلة انقلابات عسكرية للأسباب السابق ذكرها، ويكون هذا الانهيار رغم المساعدات الكبيرة الخارجية التي تزداد يوماً بعد يوم، كما حدث من دعم الحكومة الفرنسية والحكومة السعودية للحكومة الجزائرية عندما كادت تسقط بسبب ضربات المجاهدين، وكذلك ما حدث للأنظمة السابقة في فيتنام وغيرها. أو تجد أن هذا النظام لا يمكنه أن يقوم بـدون دعم خارجي وتقديم مساعدات مستمرة ومتواصلة وهذا هو حال حكوماتنا العربية الحالية علماً أن أكثرها لم تقم عنده حركة تغيير أو مقاومة مسلحة.
ب) بالنسبة للمجاهدين: في هذه المرحلة تكثر حالات الهروب والعصيان من قبل أفراد القطاعات العسكرية والقطاعات الإدارية للعدو، وعلى المجاهدين أن يستفيدوا قدر المستطاع من الفارين، ويعيدوا ترتيبهم ويستفيدوا منهم (مع الحذر من الجواسيس والمدسوسين)، وفي هذه المرحلة يُكثّفُ المجاهدون من الاتصال بالمجاهدين المتواجدين خارج منطقة الصراع والاستفادة منهم في نشر هذا الفكر في جميع الأقطار.
وإذا استتب الأمر للمجاهدين فيقومون بمواصلة الجهاد وتحرير سائر بلاد المسلمين من تسلط واحتلال اليهود والنصارى ومن ثم القيام بإرجاع تلك الفريضة الغائبة: جهاد الطلب.
السمات العسكرية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: في هذه المرحلة سينحسر نفوذ العدو ويتقلّص بصورةٍ كبيرةٍ جداً عن معظم الأرياف والجبال والمناطق الوعرة والشاسعة، لأنه عندما يُكثّف المجاهدون عملياتهم على العديد من تلك المناطق تجد العدو ينسحب ويتراجع إلى المدن الرئيسية ويقوم بقلبها إلي حاميات عسكرية ضخمة، وهذا أمر ملاحظ في كثير من الجبهات التي مرت على مدار التاريخ فعلى سبيل المثال ما حدث في أفغانستان وقت حكم نجيب عندما تصاعدت ضربات المجاهدين وسيطرتهم على الكثير من المناطق اضطر العدو إلى الانحسار إلى المدن الكبرى.
ويحاول العدو جاهداً الإبقاء على طرق الاتصال بينه وبين بقية المدن، وأن يبقي الطرق الرئيسية بينه وبين الدول المجاورة سالكة وهذا أيضاً ما فعلته الحكومة الأفغانية حتى أن أكثر الدعم والإمدادات كانت تقدم بواسطة الطيران بسبب سيطرة المجاهدين على الطرق البرية وتهديدهم الدائم لها، لذا يجب على المجاهدين ألا يسمحوا له بذلك.
وأيضاً في هذه المرحلة ستتوقف عمليات الهجوم البري على قواعد المجاهدين وتبقى العمليات الجوية أو القصف البعيد المدى.
ب) بالنسبة للمجاهدين: بالنسبة للمجاهدين تعتبر هذه المرحلة مرحلة فتوحات ونصر، فالمجاهدون استطاعوا في المرحلة السابقة وهي مرحلة التوازن أن يشكلوا قوات شبه نظامية تتحول بالتدريج إلى قوات نظامية ذات تشكيلات عصرية (وأقصد بعصرية أنها تكون على علم ودراية بالحرب النظامية وتشكيلات الجيوش وعملها داخل الميدان وليس السير معهم في تلك الأنظمة والمحاكمات العسكرية والتشبه بالغرب الكافر في الأمور إلتي لا تخفى على الكثيرين)، ولكن يجب على المجاهدين أن يبقوا على رجال العصابات (المغاوير – الثوار).
وبواسطة هذه القوات النظامية للمجاهدين يبدأ المجاهدون بمهاجمة المدن الصغرى واستغلال الفتوحات والانتصارات إعلامياً لرفع الروح المعنوية للمجاهدين وللشعب عموماً وتحطيم معنويات العدو.
والسبب في استقصاد المجاهدين للمدن الصغرى أن جنود العدو حينما يرون تساقط المدن بهذه السهولة في أيدي المجاهدين ستتحطم معنوياتهم ويوقنون بأنه لا قبل لهم بالمجاهدين (كما حدث في أفغانستان، سقطت خوست ثم قرديز بيد المجاهدين ثم تتابعت المدن تلو الأخرى حتى سقطت بعد ذلك كابل).
ملحوظة: الجيش في هذه الحالة لن يقاتل، وقادته سيفاوضون المجاهدين حول رقابهم، ويجب التنبيه هنا إلى أن القواعد الرئيسية في الجبال لا بد أن تكون فيها حامية قوية، وألا يغتر المجاهدون بالفتوحات فيتخلّون عن قواعدهم الحصينة، وذلك لئلا يقوم العدو باستغلال خلو هذه القواعد من المجاهدين وعمل إنزال خلفي، ولهذا السبب ذكرنا سابقاً أنه على المجاهدين أن يبقوا على رجال العصابات دائماً على أهبة الاستعداد.
القواعد في هذه المرحلة:
بالنسبة للعدو: يبدأ العدو بالانسحاب من القواعد الموجودة في الأرياف والجبال والمناطق التي يقوى فيها المجاهدون وتكثر فيها عملياتهم ويضطر العدو إلى التحصن في المدن الرئيسية وجعلها قواعد محصنه وحاميات ضخمة.
بالنسبة للمجاهدين: فستكون قواعدهم في المناطق المحررة في المدن الصغرى والأرياف مع الإبقاء على قواعدهم الخلفية وحمايتها ووضعهم فيها المعسكرات والمستشفيات والإدارات المختلفة.
المفاوضات في هذه المرحلة:
تتوقف كل المفاوضات مع العدو، ويُهدّد أفراده بضرورة تسليم أنفسهم، وتقام المحاكم الشرعية لمحاكمة كل المارقين الخارجين عن الدين محاكمةً شرعية عادلة.
بعد أن عرفنا معنى حرب العصابات وغايات وأهداف حرب العصابات ومراحل حرب العصابات يبقى لدينا أمور مهمة وشروط أساسية لشن حرب عصابات ناجحة وموفقة.
الشروط الأساسية لقيام حرب عصابات ناجحة
أولاً: نخبة قيادية متجانسة عقلاً وروحاً وفكراً ومنهجاً وبالطبع عقيدةً، وتكون القيادة هي الجامع والصائغ والمنفذ، الجامع: أي أن القيادة تكون هي الجامع لكل الكوادر والجهود والقدرات والخبرات التي تمتلكها الحركة تحت مظلة واحدة، والصائغ: أي الذي يصوغ استراتيجية العمل والحركة وينظم هذه الكوادر والمكتسبات ويضعها في أماكنها الصحيحة، والمنفّذ بحيث تكون عندها القدرة على اتخاذ خطوات عملية جريئة لتنفيذ مخططاتها وأفكارها، والقادة يكونون من أهل الخبرة والمعرفة والدراية والعلم وخشية الله جل وعلا (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، لذلك تجد أن هذه الجماعة ستسير بإذن الله على خطوات النجاح إذا أحسنت اختيار القادة، والعقيدة الواحدةُ شرطٌ رئيسي لمجموعة القيادة والحركة ككل، فكم من مجموعات متحدة سرعان ما تختلف وتفترق، ومن الأمثلة على القيادة الناجحة: محمدٌ صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وفي زماننا هذا الشيخ أبو عبد الله والدكتور أيمن حفظهما الله من كيد الأعداء.
ثانياً: ظروف مواتية: وهي تلك الأوضاع والأحداث والتيارات القائمة في منطقة الصراع أو منطقة نشوء الحركة الجهادية، أو ما حدث فيها قبلاً، فمثلاً لديك داخل هذه المنطقة أوضاع وأحداث مستجدة يوماً بعد يوم فيجب عليك أن تنظر في هذه الظروف والأوضاع وتستغل أفضل فترة فيها لقيام حركتك الجهادية، ونذكر كمثال على هذه النقطة ما حدث في الجزائر بعدما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات وأُلغيت نتائجها بعد ذلك وتدخل الجيش وفرض سيطرته على البلاد، فحدث من جراء ذلك حالة من الهيجان الشعبي، وتعاطف الشعب بكافة قطاعاته مع الجبهة حيث أنها في نظر العامة مسلوبٌ حقها ولها الحق في الحكم، فاستغل المجاهدون من الجماعة الإسلامية والجبهة هذه الظروف في استقطاب المتعاونين والقيام بالعمل المسلح (مع العلم أن ما قامت به الجبهة لا يصح شرعاً وأن البرلمانات والمجالس الانتخابية كلها أحكام لم ينزل الله بها من سلطان ولا يجوز الدخول فيها كما قال الله جل وعلا (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)، وكذلك الحال في الجزيرة العربية، فإنها لم تكن مهيئةً قبل عشر سنوات للعمل العسكري، ولكن استجدت مستجدات في المنطقة وتوالت الأحداث ابتداءً من تفجير العليا المبارك في عام 1416 هـ ومروراً بإسقاط أبراج أمريكا وتدميرها، وانتهاءً باغتصاب ونهب الثروات واستغلالها من قبل الأمريكان وانطلاقهم من أرض الجزيرة لضرب إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في ظل تسهيلات خَدَمِهِم من آل سلول، وقبل ذلك تبديل الشرائع والحكم بغير ما أنزل الله وتوالي الأحداث والمتغيرات حتى أصبح المناخ جاهزاً تماماً لقيام الحركة الجهادية في أرض محمد صلى الله عليه وسلم.
لذلك على أي حركة ناشئة أو أي جماعة تريد القيام بحرب عصابات ناجحة الانتباه إلى أمر العامة والشعب والقيام بحقوقهم ومتطلباتهم والعيش معهم ومقاسمتهم أحزانهم وأفراحهم فإذا وصلت الحركة إلى هذا المستوى فسيتحقق لها القبول لدى الناس وهو ما نسميه بالاستجابة الشعبية.
ويجب أن يتنبّه المجاهدون إلى أن أغلب الناس منشغلون بالحياة الدنيا ويلهثون خلف لقمة العيش، وإذا عُلِمَ هذا فليتيقّن المجاهدون من أنهم لن يحصلوا على ظروف تأييدٍ كبيرة إلا أن يشاء الله، والعمدةُ عندنا في هذا الباب (لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم)، ويجب على المجاهدين أن يخلقوا هذه الظروف، وذلك بقيامهم بالعمليات النوعية (مثل الحادي عشر من سبتمبر) واجتهادهم في العمل الإعلامي المنظّم.
ويجب قبل ذلك كله أن تقوم القيادة بدراسة الأوضاع والظروف والمتغيرات والتيارات الموجودة في المنطقة دراسةً وافية، والتحديد بعد ذلك: هل حان وقت العمل وبدء حرب عصابات ناجحة أم لا؟
ولابد من النظر إلى جميع المسائل بعين الاعتبار، فالمجاهدون يقاتلون للأمة جميعها حفاظاً على دينها ومقدساتها ودماء أبناءها وأعراضهم وأموالهم وأرضهم ودفعاً للظلم والعدوان عليها، فيجب – والحالة هذه – أن يهتم المجاهدون بجميع الجزئيات التي يمكن أن تؤثر في مسيرة العمل سلبياً، ولا بأس من تأخير العمل إن كان هناك مصلحة حقيقية في تأخيره حتى اكتمال الشروط والتجهيزات والظروف المواتية، ولكن بشرط الاجتهاد والمثابرة في الإعداد وتهيئة وخلق المناخ المناسب واستكمال باقي الشروط والمتطلبات لقيام حرب عصابات ناجحة.
الاستجابة الشعبية:
ويقصد بالاستجابة الشعبية: قيام حالةٍ نفسية وتَكَوّنُ قناعة لدى غالبية المواطنين وقبول لمبدأ العمل الجهادي والعمليات العسكرية وطرد الغزاة، والمساهمة بالأموال والأنفس ومد يد الدعم والعون وسد العجز والثغرات، وفي الغالب أن هذه الاستجابة لا تتولد إلا لدى شعب مقهورٍ مغلوبٍ على أمره، ولذلك لا بد أن يقوم المجاهدون برفع الظلم عن المظلومين، واسترداد حقوقهم.
أقسام الاستجابة الشعبية:
سلبية: وتكون عندما يمتنع الأفراد والجماعات أو بعضهم عن المشاركة في تحمل الأخطار والأعباء والابتلاءات بصورةٍ كافية، فتجد أن لديه خوفاً وتردداً في العمل والإقدام، ولكنه مع ذلك يقدم دعماً مادياً ولوجستياً، فتجد أفراد هذا النوع يقدمون الأموال والطعام والمعلومات للمجاهدين، ومثل هذا النوع كثيرٌ في مجتمعاتنا الإسلامية بحمد الله، ويكون هؤلاء قريبين جداً من الدخول في التنظيم، فما على التنظيم الناجح إلا تحريضهم فقط لنقلهم إلى الاستجابة الإيجابية، ولن تستطيع الجماعة فعل ذلك إلا إذا أثبتت لهم قدرتها على حسن إدارة الأمور وضبطها.
إيجابية: وهي التي يقوم فيها المتعاونون بتقديم المتطوعين للقتال وتقديم النصرة للمجاهدين بالنفس والمال والمعلومات الاستخبارية الحساسة والمأوى والطعام والشراب، ولسان حالهم: (نحن معكم قلباً وقالباً)، وهذه الاستجابة غالباً ما تتكوّن بعد كل عملية ناجحة للمجاهدين، وتجد هؤلاء المستجيبين يخضعون للقيادة الجهادية ويسمعون ويطيعون، وهم يتحملون جزءاً كبيراً من المخاطر والأعباء والابتلاءات.
ثالثاً: وسائط العمل بالقوة (العدة والعتاد)
لا جهاد دون قوة، ولا حرب دون مصادر تضمن تدفق واستمرار هذه القوة، ولا جهاد دون تعاظمٍ لهذه القوة وزيادةٍ لها، فلا بد من قوة بشرية وقوة عسكرية، فإذا كان لدينا شباب بدون سلاح فلا فائدة إلا أن يشاء الله، وكذلك لا بد للسلاح إذا وُجِدَ من حَمَلَة، فلا فائدة للسلاح دون من يستعمله بقوة ومهارةٍ وفن، هذا بالإضافة إلى مكارم الأخلاق وسمو النفس والعلم الشرعي، فهي السلاح الفعال أولاً وآخراً، والمجاهد بدون علم شرعي سيتحول إلى قاطع طريق.
وأمر الإعداد وأخذ العدة والعتاد يكون على قدر الاستطاعة والجهد (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)، وفي هذا ردٌ على المخذّلين والمرجفين، فنحن نعد ما استطعنا ونبدأ باسم الله وعلى بركة الله.
ويجب على القيادة توفير القوة العسكرية وتوزيعها على القوة البشرية ومن ثم توزيع القوة البشرية توزيعاً صحيحاً والبدء على بركة الله.
ولابد أن تسعى القيادة إلى توزيع المجموعات والخلايا بأعداد قليلة وصغيرة، فلا يزيد عدد أفراد الخلية الواحدة غالباً عن أربعة إلى ستة أفراد، والأمر حسب المستطاع وهو لتقليل حجم الخسائر وزيادة مرونة التنظيم.
لذلك على القيادة توزيع مخازن ومستودعات الذخيرة والسلاح في أماكن متفرقة على حسب توزيع الخلايا والمجموعات، بحيث إذا أمكن أن تكون كل خلية مسؤولة عن مستودعها وذخيرتها، حتى إذا حصل ضرر أو ضربة لا سمح الله تكون مقتصرةً على هذه الخلية أو المجموعة، أو أن تقوم القيادة بزيادة مجموعات الدعم والتجهيز، بحيث تكون في المنطقة عدة خلايا تجهيز، ويشترط في هذه الحالة عدم معرفة وارتباط الخلايا ببعضها البعض، حتى تضمن الجماعة والتنظيم الاستمرارية في العمل.
ويجب على القيادة الناجحة أن تقوم بتأصيل الفكر الجهادي بين المجموعات الجهادية، وتوضيح المنهج والمعتقد لدى أفراد الخلايا، وذلك لأسباب منها:
1- سلامة الفكر والمعتقد.
2- قوة الوحدة.
3- لو قُتلت القيادة أو أُسِرَت فسيحمل المشعل مَنْ بعدها بدون مشاكل بإذن الله.
وعلى القيادة أن تقوم بجعل هذه القوات والمجموعات العسكرية قواتٍ معجونةً بالدماء والأشلاء والعرق، فالمقاتل منهم لا يخاف إلا الله ولا يخشى سواه، ويضحي بكل ما لديه في سبيل إعلاء كلمة الله، حريصٌ على إغاظةِ أعداء الله، مؤمنٌ بنصر الله متحققٌ من وعده، معروف بنبله وأخلاقه العالية وولائه للمؤمنين (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) وكل هذه الأمور والصفات الحميدة تتولد مع الوقت والمعارك، والشدائد تُظهر الرجال، ولا بد أن تكون هذه القوات متحليةً بالأخلاق العالية والسلوكيات الحسنة، فالمجاهد لابد أن يكون نبراساً ينير الطريق للناس، وقدوةً لمن يأتي بعده من إخوانه، وعليه أن يحذر من أن ينطبق عليه قول الله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ).
وبغير هذه الأمور لن يستقيم أمر الجماعات الإسلامية، وهذه الأمور الأخيرة هي العدة والعتاد على الحقيقة.
وفي العدد القادم سنكمل معاً بإذن الله الشروط الأساسية لقيام حرب عصابات ناجحة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ولعل المتابع الآن لحال المنطقة العربية وعمل الحكومات العملية المرتدة وخاصةً إلتي يوجد فيها حركة تغيير وقتال لتلك الحكومات الكافرة يرى التخبط الذي تسير فيه، فمرةً تجدها تسير حسب سمات المرحلة الأولى لحرب العصابات وتارةً تنتقل إلى سمات المرحلة الثانية ثم الثالثة وهكذا، ومن أظهر الأدلة على هذا الكلام مثلاً ما تشاهده اليوم من بعض الخونة من استنجادهم ببعض المرتزقة والجنود المأجورين علماً أن الحركة مازالت في بداية نشأتها، وأيضاً ما تراه من بعضهم عندما قال إذا انسحبت أمريكا وتخلت عنا في مواجهة الإرهاب فإننا غير مسولين عما يحدث آن ذاك. لذلك وجب التنبيه على أن هذه السمات ليست قوالب جامدة أو أمور منزلة بل هي خاضعة للمتغيرات الموجودة في المنطقة.
علوم عسكرية
حرب العصابات 3
بقلم: أبي هاجر عبد العزيز المقرن
المرحلة الثانية: (التوازن الاستراتيجي النسبي)
بعد نجاح الحركة في الصمود وبعثرة جهود العدو واستنزافه وتعطيل قدراته، وبعد ثقة الشعب في سلامة منهج المجاهدين وتبين الصورة عندهم، وبعد توافد وتكاثر المتعاونين والجنود حول الجماعة والمجاهدين، سننتقل تلقائياً إلى المرحلة الثانية من مراحل حرب العصابات وهي مرحلة التوازن الاستراتيجي النسبي أو ما يُعرف بـ (سياسة الألف جرح).
السمات السياسية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: بعد حرب الاستنزاف الطويلة سيشعر عدو الله بأنه من المستحيل القضاء على هذه القوة العسكرية للمجاهدين، لذلك تجد العدو في هذه المرحلة يتجه إلى الحلول السياسية علّه أن يجد المخرج من هذه المواجهة والتي يشعر فيها بأنه سيقضى عليه لا محالة.
ولكن بسبب الظروف المستحكمة في تلك المرحلة تجد أن الجناح العسكري داخل النظام غالباً ما يقوم بإفشال مخططات الجناح السياسي، وقد يتسبب العسكريون في خسارة وفقدان السياسيين لكل شيء، وسبب ذلك أن العسكريين لا يعترفون بوجود لغةٍ للتخاطب مع المجاهدين إلا لغة الدم فقط، وقد تحدث بعض الانقلابات الداخلية بسبب عناد وغطرسة العسكر، وقد يُقنعُ العسكريونَ الساسةَ بالاستعانة بقواتٍ أجنبيةٍ في هذه المرحلة كما حدث عندما استعان الهالك نجيب في أفغانستان بالشيوعيين الروس.[1]
ب) بالنسبة للمجاهدين: في ظل هذه السياسة الهوجاء والمتخبطة من قبل العدو، يُدرِك المجاهدون أنهم في طريقهم لإقامة دولة الخلافة الإسلامية، فتجدهم يُصَعّدون من حملتهم السياسية المتوافقة مع الحملة العسكرية بتوضيح معالم الصراع الدائر بينهم وبين العدو الرئيسي من اليهود والنصارى وعملائهم، ويكون من الصعب في هذه الفترة على العملاء إخفاء حقيقة التواجد النصراني اليهودي في بلاد المسلمين وذلك لأن المجاهدين سيكثفون من ضرباتهم لقواعد وأماكن وجود العدو بدرجة لا يبقى معها أي شك في تواجدهم في طول البلاد وعرضها.
وأيضاً يجب على المجاهدين من مواقعهم المحررة وقواعدهم الإدارية ومراكزهم الإعلامية مواصلة التحريض وكشف ضعف وعجز النظام العميل في القضاء على المجاهدين.
وأيضاً يجب على المجاهدين في هذه المرحلة إرسال رسائل دبلوماسية من خلال البيانات السياسية أو من خلال لغة الدم والنار إلى كل الحكومات الخارجية التي تقف مع النظام العميل، وتبيين الأمر لهم بأنهم إذا وقفوا مع النظام فإنهم سيكونون هدفاً مشروعاً لضربات المجاهدين، ويجب على المجاهدين مخاطبة الرأي العام لدى تلك الدول بأن حكوماتهم تورطهم في حروب وصراعات لا دخل لهم بها، ومثال ذلك بيانات الشيخ أبي عبد الله أسامة بن لادن حفظه الله والتي يوجه جزءاً منها إلى شعوب مثل: الشعب الياباني، وبعض الشعوب الأخرى.
السمات العسكرية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: بعد عمل المجاهدين الدؤوب وضرباتهم وصمودهم الطويل الناجح، وتعطيلهم لقدرات النظام وتجنيدهم للكوادر الجديدة يتوقف العدو تقريباً أو يقل عدد حملاته العسكرية في المناطق التي يقوى فيها نفوذ المجاهدين والتي يظهر فيها قوة عباد الله المؤمنين. ويكتفي العدو بالغارات الجوية على تلك المناطق وعلى طُرُق إمداد المجاهدين، ويضطر للانسحاب إلى مناطق أكثر منعةً بالنسبة له، كما حدث هذا في مناطق كثيرةٍ من العالم: بحيث تقتصر عمليات قوات النظام على القصف البعيد بالنسبة للجبال، أما بالنسبة للمدن فستقلّ كثافة العدو في المدن إلتي يقوى فيها المجاهدون وتظهر سيطرتهم على أغلب قطاعاتها، وسيظهر ضعفه البيّن عن صد هجمات المجاهدين المتكررة.
ب) بالنسبة للمجاهدين: في ظل تصاعد عمليات المجاهدين العسكرية والاستفادة المباشرة من الخبرات المكتسبة أثناء المواجهات أو ما يسمى بالخبرة المعاصرة للحدث، وفي ظل الاستفادة من المناطق التي يقل فيها تواجد النظام أو يكون فيها ضعيفاً: يُشكّل المجاهدون في هذه الحالة قوات نظامية تكون قادرة على بسط الأمن وإحلال النظام في المناطق المحررة وتكون في نفس الوقت قادرةً على مواجهة قوات العدو النظامية، وحينها ستزداد وتتعاظم قوة المجاهدين يوماً بعد يوم.
القواعد في هذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: كما ذكرنا سيقلّ تواجد العدو في المناطق الوعرة والمناطق التي يتواجد بها المجاهدون.
ب) بالنسبة للمجاهدين: في هذه المرحلة يتخذ المجاهدون مراكز وقواعد إدارية في المناطق المحررة والتي أصبحت تحت السيطرة الكاملة للمجاهدين، ويقيم المجاهدون فيها معسكراتٍ ومستشفيات ومحاكم شرعية ومحطات بث إذاعية، ومركزاً ومنطلقاً لعملياتهم العسكرية والسياسية.
المفاوضات في هذه المرحلة:
بعد هذه الأحداث المتتابعة يحرص العدو كل الحرص على المفاوضات، وذلك من أجل إيقاف العمليات العسكرية للمجاهدين ومحاولة استرداد أنفاسه وقوّته، وفي هذه المرحلة يمكن أن يقبل المجاهدون بالمفاوضات شريطة أن تبقى العمليات العسكرية متواصلة، وتجد أنه إذا بدأت المفاوضات يحاول كل من الطرفين شن حملات عسكرية عنيفة قبل أو بعد أو أثناء المفاوضات وذلك لكي يثبت وجوده وقوته على مائدة المفاوضات وحتى يستطيع أن ينطلق من منطلق قوة أثناء المفاوضات، وبعبارة أخرى يحاول تحقيق انتصارات عسكرية تتحقق بها بالتالي مكاسب سياسية.
وننصح المجاهدين في هذه المرحلة – إذا كانت لهم السيطرة على أرض الميدان – أن يستمروا في العمليات العسكرية لأنها هي التي تكسر ظهر العدو وتجعله يلبّي طلبات المجاهدين.
ويُبْحَثْ في هذه المفاوضات – لو حدثت – شروط استسلام العدو (لأن هذا سيحطم معنوياته) إما أن يسلم السلطة أو يسلم السلطة ! وذلك في مقابل إجراء محاكمات مطابقة لشرع الله.
ويلاحظ أن العدو قد يعرض على المجاهدين في هذه المرحلة المشاركة في السلطة (كما حدث في اليمن وكما حدث مؤخراً في السودان بين البشير وقرنق) وهذا الأمر مرفوضٌ جملةً وتفصيلاً فلا بد أن يكون الدين كله لله.
المرحلة الثالثة: (مرحلة الحسم)
هذه المرحلة هي مرحلة الهجوم النهائي والقضاء على العدو بإذن الله وعونه.
السمات السياسية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: تعتبر هذه المرحلة بالنسبة للعدو مرحلةً حرجةً للغاية، وهي مرحلة النهاية بالنسبة له، فالنظام الآن يحتضر ويمر بعملية انهيار سياسي واقتصادي وعملية انقسامات داخلية، ويكون هناك صراعات داخلية بين العسكريين والسياسيين، وتلاوم فيما بينهم، أو تحدث صراعات بين القوى السياسيّة المختلفة (المعتدلة والمتشددة).
وأيضاً قد تحدث في هذه المرحلة انقلابات عسكرية للأسباب السابق ذكرها، ويكون هذا الانهيار رغم المساعدات الكبيرة الخارجية التي تزداد يوماً بعد يوم، كما حدث من دعم الحكومة الفرنسية والحكومة السعودية للحكومة الجزائرية عندما كادت تسقط بسبب ضربات المجاهدين، وكذلك ما حدث للأنظمة السابقة في فيتنام وغيرها. أو تجد أن هذا النظام لا يمكنه أن يقوم بـدون دعم خارجي وتقديم مساعدات مستمرة ومتواصلة وهذا هو حال حكوماتنا العربية الحالية علماً أن أكثرها لم تقم عنده حركة تغيير أو مقاومة مسلحة.
ب) بالنسبة للمجاهدين: في هذه المرحلة تكثر حالات الهروب والعصيان من قبل أفراد القطاعات العسكرية والقطاعات الإدارية للعدو، وعلى المجاهدين أن يستفيدوا قدر المستطاع من الفارين، ويعيدوا ترتيبهم ويستفيدوا منهم (مع الحذر من الجواسيس والمدسوسين)، وفي هذه المرحلة يُكثّفُ المجاهدون من الاتصال بالمجاهدين المتواجدين خارج منطقة الصراع والاستفادة منهم في نشر هذا الفكر في جميع الأقطار.
وإذا استتب الأمر للمجاهدين فيقومون بمواصلة الجهاد وتحرير سائر بلاد المسلمين من تسلط واحتلال اليهود والنصارى ومن ثم القيام بإرجاع تلك الفريضة الغائبة: جهاد الطلب.
السمات العسكرية لهذه المرحلة:
أ) بالنسبة للعدو: في هذه المرحلة سينحسر نفوذ العدو ويتقلّص بصورةٍ كبيرةٍ جداً عن معظم الأرياف والجبال والمناطق الوعرة والشاسعة، لأنه عندما يُكثّف المجاهدون عملياتهم على العديد من تلك المناطق تجد العدو ينسحب ويتراجع إلى المدن الرئيسية ويقوم بقلبها إلي حاميات عسكرية ضخمة، وهذا أمر ملاحظ في كثير من الجبهات التي مرت على مدار التاريخ فعلى سبيل المثال ما حدث في أفغانستان وقت حكم نجيب عندما تصاعدت ضربات المجاهدين وسيطرتهم على الكثير من المناطق اضطر العدو إلى الانحسار إلى المدن الكبرى.
ويحاول العدو جاهداً الإبقاء على طرق الاتصال بينه وبين بقية المدن، وأن يبقي الطرق الرئيسية بينه وبين الدول المجاورة سالكة وهذا أيضاً ما فعلته الحكومة الأفغانية حتى أن أكثر الدعم والإمدادات كانت تقدم بواسطة الطيران بسبب سيطرة المجاهدين على الطرق البرية وتهديدهم الدائم لها، لذا يجب على المجاهدين ألا يسمحوا له بذلك.
وأيضاً في هذه المرحلة ستتوقف عمليات الهجوم البري على قواعد المجاهدين وتبقى العمليات الجوية أو القصف البعيد المدى.
ب) بالنسبة للمجاهدين: بالنسبة للمجاهدين تعتبر هذه المرحلة مرحلة فتوحات ونصر، فالمجاهدون استطاعوا في المرحلة السابقة وهي مرحلة التوازن أن يشكلوا قوات شبه نظامية تتحول بالتدريج إلى قوات نظامية ذات تشكيلات عصرية (وأقصد بعصرية أنها تكون على علم ودراية بالحرب النظامية وتشكيلات الجيوش وعملها داخل الميدان وليس السير معهم في تلك الأنظمة والمحاكمات العسكرية والتشبه بالغرب الكافر في الأمور إلتي لا تخفى على الكثيرين)، ولكن يجب على المجاهدين أن يبقوا على رجال العصابات (المغاوير – الثوار).
وبواسطة هذه القوات النظامية للمجاهدين يبدأ المجاهدون بمهاجمة المدن الصغرى واستغلال الفتوحات والانتصارات إعلامياً لرفع الروح المعنوية للمجاهدين وللشعب عموماً وتحطيم معنويات العدو.
والسبب في استقصاد المجاهدين للمدن الصغرى أن جنود العدو حينما يرون تساقط المدن بهذه السهولة في أيدي المجاهدين ستتحطم معنوياتهم ويوقنون بأنه لا قبل لهم بالمجاهدين (كما حدث في أفغانستان، سقطت خوست ثم قرديز بيد المجاهدين ثم تتابعت المدن تلو الأخرى حتى سقطت بعد ذلك كابل).
ملحوظة: الجيش في هذه الحالة لن يقاتل، وقادته سيفاوضون المجاهدين حول رقابهم، ويجب التنبيه هنا إلى أن القواعد الرئيسية في الجبال لا بد أن تكون فيها حامية قوية، وألا يغتر المجاهدون بالفتوحات فيتخلّون عن قواعدهم الحصينة، وذلك لئلا يقوم العدو باستغلال خلو هذه القواعد من المجاهدين وعمل إنزال خلفي، ولهذا السبب ذكرنا سابقاً أنه على المجاهدين أن يبقوا على رجال العصابات دائماً على أهبة الاستعداد.
القواعد في هذه المرحلة:
بالنسبة للعدو: يبدأ العدو بالانسحاب من القواعد الموجودة في الأرياف والجبال والمناطق التي يقوى فيها المجاهدون وتكثر فيها عملياتهم ويضطر العدو إلى التحصن في المدن الرئيسية وجعلها قواعد محصنه وحاميات ضخمة.
بالنسبة للمجاهدين: فستكون قواعدهم في المناطق المحررة في المدن الصغرى والأرياف مع الإبقاء على قواعدهم الخلفية وحمايتها ووضعهم فيها المعسكرات والمستشفيات والإدارات المختلفة.
المفاوضات في هذه المرحلة:
تتوقف كل المفاوضات مع العدو، ويُهدّد أفراده بضرورة تسليم أنفسهم، وتقام المحاكم الشرعية لمحاكمة كل المارقين الخارجين عن الدين محاكمةً شرعية عادلة.
بعد أن عرفنا معنى حرب العصابات وغايات وأهداف حرب العصابات ومراحل حرب العصابات يبقى لدينا أمور مهمة وشروط أساسية لشن حرب عصابات ناجحة وموفقة.
الشروط الأساسية لقيام حرب عصابات ناجحة
أولاً: نخبة قيادية متجانسة عقلاً وروحاً وفكراً ومنهجاً وبالطبع عقيدةً، وتكون القيادة هي الجامع والصائغ والمنفذ، الجامع: أي أن القيادة تكون هي الجامع لكل الكوادر والجهود والقدرات والخبرات التي تمتلكها الحركة تحت مظلة واحدة، والصائغ: أي الذي يصوغ استراتيجية العمل والحركة وينظم هذه الكوادر والمكتسبات ويضعها في أماكنها الصحيحة، والمنفّذ بحيث تكون عندها القدرة على اتخاذ خطوات عملية جريئة لتنفيذ مخططاتها وأفكارها، والقادة يكونون من أهل الخبرة والمعرفة والدراية والعلم وخشية الله جل وعلا (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف)، لذلك تجد أن هذه الجماعة ستسير بإذن الله على خطوات النجاح إذا أحسنت اختيار القادة، والعقيدة الواحدةُ شرطٌ رئيسي لمجموعة القيادة والحركة ككل، فكم من مجموعات متحدة سرعان ما تختلف وتفترق، ومن الأمثلة على القيادة الناجحة: محمدٌ صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، وفي زماننا هذا الشيخ أبو عبد الله والدكتور أيمن حفظهما الله من كيد الأعداء.
ثانياً: ظروف مواتية: وهي تلك الأوضاع والأحداث والتيارات القائمة في منطقة الصراع أو منطقة نشوء الحركة الجهادية، أو ما حدث فيها قبلاً، فمثلاً لديك داخل هذه المنطقة أوضاع وأحداث مستجدة يوماً بعد يوم فيجب عليك أن تنظر في هذه الظروف والأوضاع وتستغل أفضل فترة فيها لقيام حركتك الجهادية، ونذكر كمثال على هذه النقطة ما حدث في الجزائر بعدما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات وأُلغيت نتائجها بعد ذلك وتدخل الجيش وفرض سيطرته على البلاد، فحدث من جراء ذلك حالة من الهيجان الشعبي، وتعاطف الشعب بكافة قطاعاته مع الجبهة حيث أنها في نظر العامة مسلوبٌ حقها ولها الحق في الحكم، فاستغل المجاهدون من الجماعة الإسلامية والجبهة هذه الظروف في استقطاب المتعاونين والقيام بالعمل المسلح (مع العلم أن ما قامت به الجبهة لا يصح شرعاً وأن البرلمانات والمجالس الانتخابية كلها أحكام لم ينزل الله بها من سلطان ولا يجوز الدخول فيها كما قال الله جل وعلا (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)، وكذلك الحال في الجزيرة العربية، فإنها لم تكن مهيئةً قبل عشر سنوات للعمل العسكري، ولكن استجدت مستجدات في المنطقة وتوالت الأحداث ابتداءً من تفجير العليا المبارك في عام 1416 هـ ومروراً بإسقاط أبراج أمريكا وتدميرها، وانتهاءً باغتصاب ونهب الثروات واستغلالها من قبل الأمريكان وانطلاقهم من أرض الجزيرة لضرب إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في ظل تسهيلات خَدَمِهِم من آل سلول، وقبل ذلك تبديل الشرائع والحكم بغير ما أنزل الله وتوالي الأحداث والمتغيرات حتى أصبح المناخ جاهزاً تماماً لقيام الحركة الجهادية في أرض محمد صلى الله عليه وسلم.
لذلك على أي حركة ناشئة أو أي جماعة تريد القيام بحرب عصابات ناجحة الانتباه إلى أمر العامة والشعب والقيام بحقوقهم ومتطلباتهم والعيش معهم ومقاسمتهم أحزانهم وأفراحهم فإذا وصلت الحركة إلى هذا المستوى فسيتحقق لها القبول لدى الناس وهو ما نسميه بالاستجابة الشعبية.
ويجب أن يتنبّه المجاهدون إلى أن أغلب الناس منشغلون بالحياة الدنيا ويلهثون خلف لقمة العيش، وإذا عُلِمَ هذا فليتيقّن المجاهدون من أنهم لن يحصلوا على ظروف تأييدٍ كبيرة إلا أن يشاء الله، والعمدةُ عندنا في هذا الباب (لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم)، ويجب على المجاهدين أن يخلقوا هذه الظروف، وذلك بقيامهم بالعمليات النوعية (مثل الحادي عشر من سبتمبر) واجتهادهم في العمل الإعلامي المنظّم.
ويجب قبل ذلك كله أن تقوم القيادة بدراسة الأوضاع والظروف والمتغيرات والتيارات الموجودة في المنطقة دراسةً وافية، والتحديد بعد ذلك: هل حان وقت العمل وبدء حرب عصابات ناجحة أم لا؟
ولابد من النظر إلى جميع المسائل بعين الاعتبار، فالمجاهدون يقاتلون للأمة جميعها حفاظاً على دينها ومقدساتها ودماء أبناءها وأعراضهم وأموالهم وأرضهم ودفعاً للظلم والعدوان عليها، فيجب – والحالة هذه – أن يهتم المجاهدون بجميع الجزئيات التي يمكن أن تؤثر في مسيرة العمل سلبياً، ولا بأس من تأخير العمل إن كان هناك مصلحة حقيقية في تأخيره حتى اكتمال الشروط والتجهيزات والظروف المواتية، ولكن بشرط الاجتهاد والمثابرة في الإعداد وتهيئة وخلق المناخ المناسب واستكمال باقي الشروط والمتطلبات لقيام حرب عصابات ناجحة.
الاستجابة الشعبية:
ويقصد بالاستجابة الشعبية: قيام حالةٍ نفسية وتَكَوّنُ قناعة لدى غالبية المواطنين وقبول لمبدأ العمل الجهادي والعمليات العسكرية وطرد الغزاة، والمساهمة بالأموال والأنفس ومد يد الدعم والعون وسد العجز والثغرات، وفي الغالب أن هذه الاستجابة لا تتولد إلا لدى شعب مقهورٍ مغلوبٍ على أمره، ولذلك لا بد أن يقوم المجاهدون برفع الظلم عن المظلومين، واسترداد حقوقهم.
أقسام الاستجابة الشعبية:
سلبية: وتكون عندما يمتنع الأفراد والجماعات أو بعضهم عن المشاركة في تحمل الأخطار والأعباء والابتلاءات بصورةٍ كافية، فتجد أن لديه خوفاً وتردداً في العمل والإقدام، ولكنه مع ذلك يقدم دعماً مادياً ولوجستياً، فتجد أفراد هذا النوع يقدمون الأموال والطعام والمعلومات للمجاهدين، ومثل هذا النوع كثيرٌ في مجتمعاتنا الإسلامية بحمد الله، ويكون هؤلاء قريبين جداً من الدخول في التنظيم، فما على التنظيم الناجح إلا تحريضهم فقط لنقلهم إلى الاستجابة الإيجابية، ولن تستطيع الجماعة فعل ذلك إلا إذا أثبتت لهم قدرتها على حسن إدارة الأمور وضبطها.
إيجابية: وهي التي يقوم فيها المتعاونون بتقديم المتطوعين للقتال وتقديم النصرة للمجاهدين بالنفس والمال والمعلومات الاستخبارية الحساسة والمأوى والطعام والشراب، ولسان حالهم: (نحن معكم قلباً وقالباً)، وهذه الاستجابة غالباً ما تتكوّن بعد كل عملية ناجحة للمجاهدين، وتجد هؤلاء المستجيبين يخضعون للقيادة الجهادية ويسمعون ويطيعون، وهم يتحملون جزءاً كبيراً من المخاطر والأعباء والابتلاءات.
ثالثاً: وسائط العمل بالقوة (العدة والعتاد)
لا جهاد دون قوة، ولا حرب دون مصادر تضمن تدفق واستمرار هذه القوة، ولا جهاد دون تعاظمٍ لهذه القوة وزيادةٍ لها، فلا بد من قوة بشرية وقوة عسكرية، فإذا كان لدينا شباب بدون سلاح فلا فائدة إلا أن يشاء الله، وكذلك لا بد للسلاح إذا وُجِدَ من حَمَلَة، فلا فائدة للسلاح دون من يستعمله بقوة ومهارةٍ وفن، هذا بالإضافة إلى مكارم الأخلاق وسمو النفس والعلم الشرعي، فهي السلاح الفعال أولاً وآخراً، والمجاهد بدون علم شرعي سيتحول إلى قاطع طريق.
وأمر الإعداد وأخذ العدة والعتاد يكون على قدر الاستطاعة والجهد (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ)، وفي هذا ردٌ على المخذّلين والمرجفين، فنحن نعد ما استطعنا ونبدأ باسم الله وعلى بركة الله.
ويجب على القيادة توفير القوة العسكرية وتوزيعها على القوة البشرية ومن ثم توزيع القوة البشرية توزيعاً صحيحاً والبدء على بركة الله.
ولابد أن تسعى القيادة إلى توزيع المجموعات والخلايا بأعداد قليلة وصغيرة، فلا يزيد عدد أفراد الخلية الواحدة غالباً عن أربعة إلى ستة أفراد، والأمر حسب المستطاع وهو لتقليل حجم الخسائر وزيادة مرونة التنظيم.
لذلك على القيادة توزيع مخازن ومستودعات الذخيرة والسلاح في أماكن متفرقة على حسب توزيع الخلايا والمجموعات، بحيث إذا أمكن أن تكون كل خلية مسؤولة عن مستودعها وذخيرتها، حتى إذا حصل ضرر أو ضربة لا سمح الله تكون مقتصرةً على هذه الخلية أو المجموعة، أو أن تقوم القيادة بزيادة مجموعات الدعم والتجهيز، بحيث تكون في المنطقة عدة خلايا تجهيز، ويشترط في هذه الحالة عدم معرفة وارتباط الخلايا ببعضها البعض، حتى تضمن الجماعة والتنظيم الاستمرارية في العمل.
ويجب على القيادة الناجحة أن تقوم بتأصيل الفكر الجهادي بين المجموعات الجهادية، وتوضيح المنهج والمعتقد لدى أفراد الخلايا، وذلك لأسباب منها:
1- سلامة الفكر والمعتقد.
2- قوة الوحدة.
3- لو قُتلت القيادة أو أُسِرَت فسيحمل المشعل مَنْ بعدها بدون مشاكل بإذن الله.
وعلى القيادة أن تقوم بجعل هذه القوات والمجموعات العسكرية قواتٍ معجونةً بالدماء والأشلاء والعرق، فالمقاتل منهم لا يخاف إلا الله ولا يخشى سواه، ويضحي بكل ما لديه في سبيل إعلاء كلمة الله، حريصٌ على إغاظةِ أعداء الله، مؤمنٌ بنصر الله متحققٌ من وعده، معروف بنبله وأخلاقه العالية وولائه للمؤمنين (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ) وكل هذه الأمور والصفات الحميدة تتولد مع الوقت والمعارك، والشدائد تُظهر الرجال، ولا بد أن تكون هذه القوات متحليةً بالأخلاق العالية والسلوكيات الحسنة، فالمجاهد لابد أن يكون نبراساً ينير الطريق للناس، وقدوةً لمن يأتي بعده من إخوانه، وعليه أن يحذر من أن ينطبق عليه قول الله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ).
وبغير هذه الأمور لن يستقيم أمر الجماعات الإسلامية، وهذه الأمور الأخيرة هي العدة والعتاد على الحقيقة.
وفي العدد القادم سنكمل معاً بإذن الله الشروط الأساسية لقيام حرب عصابات ناجحة.
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ولعل المتابع الآن لحال المنطقة العربية وعمل الحكومات العملية المرتدة وخاصةً إلتي يوجد فيها حركة تغيير وقتال لتلك الحكومات الكافرة يرى التخبط الذي تسير فيه، فمرةً تجدها تسير حسب سمات المرحلة الأولى لحرب العصابات وتارةً تنتقل إلى سمات المرحلة الثانية ثم الثالثة وهكذا، ومن أظهر الأدلة على هذا الكلام مثلاً ما تشاهده اليوم من بعض الخونة من استنجادهم ببعض المرتزقة والجنود المأجورين علماً أن الحركة مازالت في بداية نشأتها، وأيضاً ما تراه من بعضهم عندما قال إذا انسحبت أمريكا وتخلت عنا في مواجهة الإرهاب فإننا غير مسولين عما يحدث آن ذاك. لذلك وجب التنبيه على أن هذه السمات ليست قوالب جامدة أو أمور منزلة بل هي خاضعة للمتغيرات الموجودة في المنطقة.