بسم الله الرحمن الرحيم
هذا موضوع منقول من موقع الرابطة الإسلامية
وصراحة نال إعجابي وأحببت ان تطلعوا عليه
الإسلام والتجديد
بقلم رفيق أحمد علي
(1)
التقويم الشمسي أم القمري ؟
وأي القضايا أولى ؟؟
تصيب البعض حُميّا الغيرة على الإسلام ، فتنسيهم حقيقة مصلحته ونجاح دعوته ، وقويم السبل لعودة حضارته ، إذ تلفحهم هذه الحُمَيّا بنار الغلو والتنطع ، ولا تنفحهم ببرد الحكمة والاعتدال ، ورويّة العقل وعمق الاستدلال ، وتوفير الجهد فيما هو أولى من المسائل ،لا تبديده فيما لا نفع فيه ولا كبير طائل ! – يتمسكون بالقشور ويتركون لباب الأمور !!
من ذلك مثلاً ما دعا إليه البعض من ضرورة العودة إلى التقويم الهجري القمري ، ونبذ التقويم الميلادي الشمسي ! بدعوى أن التقويم الشمسي قام على أساطير الرومان وخرافاتهم ، أو كما يقول الدكتور محمود خشّان بعلوم عين شمس :
( إن هذا التقويم خليط من هوى كثير وعلم قليل ! أما العلم القليل فهو أن العام الشمسي يبلغ 365.2422 يوماً على وجه الدقة ، وأما بدء العام وعدد الأشهر وأسماؤها فمحكومة بالأهواء الصريحة و الأساطير الصرفة ..) وأن هذا التقويم إنما ساد وسيطر بحكم سيادة الاستعمار وحضارته الغربية المسيحية ، والذي أدخل التقويم الميلادي ليصبح جزءاً أساسياً من نسيج الحياة اليومية في البلاد الإسلامية ، ولم يترك للتقويم الهجري إلا زاوية صغيرة جداً من اهتمام الفرد المسلم !
ونرد على هؤلاء رداً علمياً يصب في مصلحة الإسلام والمسلمين بأكثر وأجدى مما فعلوا منطلقين من مجرد الغيرة التي تحكمها العاطفة ويجافيها العلم والعقل! وقبل ذلك فلنأخذ الموضوع من الناحية العملية وأولويات البدء ، فنطرح بعض الأسئلة ذات الفائدة :
-هل خلت ساحتنا العربية والإسلامية من العيوب و المساوئ الظاهرة والمؤثرة فيما يتعلق بتطبيق ديننا الإسلامي حتى نفرغ للعيوب الأقل شأناً وتأثيراً إن عُدَّت عيوباً ؟
-هل نكرس على الدعوة إلى رفع الثوب شبراً عن الأرض فيما لا نذكر الدعوة إلى غرس الشجرة شبراً في الأرض ؟
- هل نقطع يد جائع سرق رغيفاً فيما نغض الطرف عن متخم يسرق الملايين ؟
-أم هل ندين حاجًّا سفك دم برغوث في الحرم بينما لا نحاسب (حَجّاجاً يسفك دماء المسلمين ؟!
والسؤال الأخير لما نحن بصدده ! هل المطلوب أولا أن نلغي التقويم الشمسي ونقتصر على التقويم القمري ليتم لنا عودة حضارتنا والنهوض من كبوتنا ؟؟
فنقول لأصحاب هذه الدعوة ! مهلاً وحاولوا أن تتعرفوا بوصلتكم جيداً .. فدعوتكم هذه فيها شيء من تعصب وكثير من جهل وتطرف ، ذلك لأنكم إنما تريدون إلغاء التقويم الشمسي بالكلية ، وإحلال التقويم القمري مكانه ملياً !! مع أن الإنسان –وفي هذا العصر بالذات – بحاجة إلى التقويم الشمسي في حياته الاقتصادية والزراعية والسياسية ، بمثل حاجته إلى التقويم القمري في حياته الدينية ، وذلك لأن الأشهر القمرية لا تتواءم مع فصول السنة الأربعة ، حيث تتجدد مواعيد الزراعة والحصاد وقطف الزيتون، وسوى ذلك فيما لا يغني فيه إلا الأشهر الشمسية وأيامها ! أضف إلى ذلك أننا لا نستطيع أن نفهم تاريخ الأمم الأخرى التي لا تتعامل إلا بالسنة الشمسية ، بغير التقويم الميلادي الشمسي . هذا ولو كانت دعوتكم إلى ضرورة اقتران التقويم الهجري بالتقويم الميلادي ، أي ذكرهما جنباً إلى جنب معاً ، لكان أقرب إلى الاعتدال وأبعد من التعصب العاطفي اللاعلمي ! ثم إلى أولئك الأقل تعصباً والأقرب من الاعتدال ، بحيث أنهم يطالبون فقط بذكر التاريخ الهجري قبل الميلادي فيما يكتبون من رسائل أو تقارير أو إعلانات أو وثائق ، نقول اطمئنوا ولا تشغلوا بالكم كثيراً بمثل هذه القضية ، فليست الثمرة في النهاية بمجزية عن الجهد الذي يبذل ويضيع من أجلها ...في الوقت الذي لا نجد عجباً أو نلمس غرابةً أو نرى خطأً أو نعهد خطيئة في أن يذكر التاريخ الشمسي قبل القمري وإن كان من الأصح والأقوم أن يذكر قبله ! أو ليس الله تعالى يقول : "فالق الإصباح وجعَل الليلَ سكناً والشمس والقمر حسباناً "(الأنعام 96 ) أي حساباً للأوقات ، فذكر الشمس قبل ذكر القمر ! وعندما ذكر الله تعالى مدة لبث أهل الكهف في كهفهم ، فقد ذكر المدة بالتقويم الشمسي أولاً ثم القمري إذ يقول سبحانه وتعالى : "ولبثوا في كهفهم ثلاث مئةٍ سنين وازدادوا تسعا " فالثلاث مئة من السنين هي بالحساب الشمسي والتسعة الزائدة هي بالحساب القمري ، إذ تزيد السنة الشمسية عن القمرية بحوالي ثلث الشهر بما يعادل في الثلاث مئة سنة تسعاً من السنين . ولا مانع هنا من أن نستأنس ببحث الأستاذ (بسام جرار) أيضاً ومن خلال دراسته للقرآن الكريم وتتبع أسرار حروفه وكلماته ، لننقل عنه أن كلمة (يوم) مفردة وردت في القرآن الكريم 365 مرة ! وهذا هو عدد أيام السنة الشمسية بالتمام فيما السنة القمرية تنقص عن ذلك بحوالي أحد عشر يوماً أو أقل قليلاً ولم يشر إلى عدد أيامها في القرآن الكريم .. فهل بقي بعد ذلك عجب أو إنكار لأن يذكر التاريخ الشمسي قبل القمري ؟ أم أن الأدعى للعجب والإنكار دعوة من يطالب بإبطال التقويم الشمسي كليةً ليحل محله التقويم القمري فقط !
فلنكن على درب من الاعتدال ، ولنأخذ بما هو أيسر وأبعد عن التعصب ، ولا يخالف منطق القرآن الكريم ، لتستقر دعوتنا في هذا المجال ويثبت تأكيدنا على ذكر التاريخ الهجري إلى جانب الميلادي ، أياً كان المبدوء به وإن كان الأولى أن نبدأ بما بدأ به القرآن ألا وهو التقويم الشمسي ! ولنضرب صفحاً عن المسائل التي لا تقدم قليلاً ولا تؤخر كثيراً ، لنفتش عن قضايانا الأكثر أهميةً وإلحاحاً ، ولنبحث عن الأسباب الحقيقية التي دعت إلى تخلفنا وانحطاط حضارتنا ،وعن السبل الإيجابية التي تقوم بها نهضتنا ، والوسائل الفعالة التي تقال بها عثرتنا فليس تقديم تاريخ على تاريخ أو استبدال تقويم بآخر مما يعيد لنا حضارتنا حقاً أو يقوم بنهضتنا صدقا . وإنما هناك قضايا أكثر إلحاحاً ، وأعمالٌ لها أولوية المباشرة والبدء في زماننا وبالنظر إلى واقعنا والتطلع إلى مستقبلنا .. ويأتي على رأس ذلك قضيتان كبريان أولاهما : قضية تجديد الدين : معناه ومغزاه كنبوءة محمدية وضرورة حضارية .
وثانيهما : قضية التوحيد أو الوحدة الإسلامية : لزومها الديني وضرورتها الآنية .
وحول هاتين القضيتين : التجديد والتوحيد لا بد أن يدور بحث ومسعى كل من يريد لهذه الأمة أن تنهض من ركود ولحضارتها أن تعود ..
تحياتي لكم
هذا موضوع منقول من موقع الرابطة الإسلامية
وصراحة نال إعجابي وأحببت ان تطلعوا عليه
الإسلام والتجديد
بقلم رفيق أحمد علي
(1)
التقويم الشمسي أم القمري ؟
وأي القضايا أولى ؟؟
تصيب البعض حُميّا الغيرة على الإسلام ، فتنسيهم حقيقة مصلحته ونجاح دعوته ، وقويم السبل لعودة حضارته ، إذ تلفحهم هذه الحُمَيّا بنار الغلو والتنطع ، ولا تنفحهم ببرد الحكمة والاعتدال ، ورويّة العقل وعمق الاستدلال ، وتوفير الجهد فيما هو أولى من المسائل ،لا تبديده فيما لا نفع فيه ولا كبير طائل ! – يتمسكون بالقشور ويتركون لباب الأمور !!
من ذلك مثلاً ما دعا إليه البعض من ضرورة العودة إلى التقويم الهجري القمري ، ونبذ التقويم الميلادي الشمسي ! بدعوى أن التقويم الشمسي قام على أساطير الرومان وخرافاتهم ، أو كما يقول الدكتور محمود خشّان بعلوم عين شمس :
( إن هذا التقويم خليط من هوى كثير وعلم قليل ! أما العلم القليل فهو أن العام الشمسي يبلغ 365.2422 يوماً على وجه الدقة ، وأما بدء العام وعدد الأشهر وأسماؤها فمحكومة بالأهواء الصريحة و الأساطير الصرفة ..) وأن هذا التقويم إنما ساد وسيطر بحكم سيادة الاستعمار وحضارته الغربية المسيحية ، والذي أدخل التقويم الميلادي ليصبح جزءاً أساسياً من نسيج الحياة اليومية في البلاد الإسلامية ، ولم يترك للتقويم الهجري إلا زاوية صغيرة جداً من اهتمام الفرد المسلم !
ونرد على هؤلاء رداً علمياً يصب في مصلحة الإسلام والمسلمين بأكثر وأجدى مما فعلوا منطلقين من مجرد الغيرة التي تحكمها العاطفة ويجافيها العلم والعقل! وقبل ذلك فلنأخذ الموضوع من الناحية العملية وأولويات البدء ، فنطرح بعض الأسئلة ذات الفائدة :
-هل خلت ساحتنا العربية والإسلامية من العيوب و المساوئ الظاهرة والمؤثرة فيما يتعلق بتطبيق ديننا الإسلامي حتى نفرغ للعيوب الأقل شأناً وتأثيراً إن عُدَّت عيوباً ؟
-هل نكرس على الدعوة إلى رفع الثوب شبراً عن الأرض فيما لا نذكر الدعوة إلى غرس الشجرة شبراً في الأرض ؟
- هل نقطع يد جائع سرق رغيفاً فيما نغض الطرف عن متخم يسرق الملايين ؟
-أم هل ندين حاجًّا سفك دم برغوث في الحرم بينما لا نحاسب (حَجّاجاً يسفك دماء المسلمين ؟!
والسؤال الأخير لما نحن بصدده ! هل المطلوب أولا أن نلغي التقويم الشمسي ونقتصر على التقويم القمري ليتم لنا عودة حضارتنا والنهوض من كبوتنا ؟؟
فنقول لأصحاب هذه الدعوة ! مهلاً وحاولوا أن تتعرفوا بوصلتكم جيداً .. فدعوتكم هذه فيها شيء من تعصب وكثير من جهل وتطرف ، ذلك لأنكم إنما تريدون إلغاء التقويم الشمسي بالكلية ، وإحلال التقويم القمري مكانه ملياً !! مع أن الإنسان –وفي هذا العصر بالذات – بحاجة إلى التقويم الشمسي في حياته الاقتصادية والزراعية والسياسية ، بمثل حاجته إلى التقويم القمري في حياته الدينية ، وذلك لأن الأشهر القمرية لا تتواءم مع فصول السنة الأربعة ، حيث تتجدد مواعيد الزراعة والحصاد وقطف الزيتون، وسوى ذلك فيما لا يغني فيه إلا الأشهر الشمسية وأيامها ! أضف إلى ذلك أننا لا نستطيع أن نفهم تاريخ الأمم الأخرى التي لا تتعامل إلا بالسنة الشمسية ، بغير التقويم الميلادي الشمسي . هذا ولو كانت دعوتكم إلى ضرورة اقتران التقويم الهجري بالتقويم الميلادي ، أي ذكرهما جنباً إلى جنب معاً ، لكان أقرب إلى الاعتدال وأبعد من التعصب العاطفي اللاعلمي ! ثم إلى أولئك الأقل تعصباً والأقرب من الاعتدال ، بحيث أنهم يطالبون فقط بذكر التاريخ الهجري قبل الميلادي فيما يكتبون من رسائل أو تقارير أو إعلانات أو وثائق ، نقول اطمئنوا ولا تشغلوا بالكم كثيراً بمثل هذه القضية ، فليست الثمرة في النهاية بمجزية عن الجهد الذي يبذل ويضيع من أجلها ...في الوقت الذي لا نجد عجباً أو نلمس غرابةً أو نرى خطأً أو نعهد خطيئة في أن يذكر التاريخ الشمسي قبل القمري وإن كان من الأصح والأقوم أن يذكر قبله ! أو ليس الله تعالى يقول : "فالق الإصباح وجعَل الليلَ سكناً والشمس والقمر حسباناً "(الأنعام 96 ) أي حساباً للأوقات ، فذكر الشمس قبل ذكر القمر ! وعندما ذكر الله تعالى مدة لبث أهل الكهف في كهفهم ، فقد ذكر المدة بالتقويم الشمسي أولاً ثم القمري إذ يقول سبحانه وتعالى : "ولبثوا في كهفهم ثلاث مئةٍ سنين وازدادوا تسعا " فالثلاث مئة من السنين هي بالحساب الشمسي والتسعة الزائدة هي بالحساب القمري ، إذ تزيد السنة الشمسية عن القمرية بحوالي ثلث الشهر بما يعادل في الثلاث مئة سنة تسعاً من السنين . ولا مانع هنا من أن نستأنس ببحث الأستاذ (بسام جرار) أيضاً ومن خلال دراسته للقرآن الكريم وتتبع أسرار حروفه وكلماته ، لننقل عنه أن كلمة (يوم) مفردة وردت في القرآن الكريم 365 مرة ! وهذا هو عدد أيام السنة الشمسية بالتمام فيما السنة القمرية تنقص عن ذلك بحوالي أحد عشر يوماً أو أقل قليلاً ولم يشر إلى عدد أيامها في القرآن الكريم .. فهل بقي بعد ذلك عجب أو إنكار لأن يذكر التاريخ الشمسي قبل القمري ؟ أم أن الأدعى للعجب والإنكار دعوة من يطالب بإبطال التقويم الشمسي كليةً ليحل محله التقويم القمري فقط !
فلنكن على درب من الاعتدال ، ولنأخذ بما هو أيسر وأبعد عن التعصب ، ولا يخالف منطق القرآن الكريم ، لتستقر دعوتنا في هذا المجال ويثبت تأكيدنا على ذكر التاريخ الهجري إلى جانب الميلادي ، أياً كان المبدوء به وإن كان الأولى أن نبدأ بما بدأ به القرآن ألا وهو التقويم الشمسي ! ولنضرب صفحاً عن المسائل التي لا تقدم قليلاً ولا تؤخر كثيراً ، لنفتش عن قضايانا الأكثر أهميةً وإلحاحاً ، ولنبحث عن الأسباب الحقيقية التي دعت إلى تخلفنا وانحطاط حضارتنا ،وعن السبل الإيجابية التي تقوم بها نهضتنا ، والوسائل الفعالة التي تقال بها عثرتنا فليس تقديم تاريخ على تاريخ أو استبدال تقويم بآخر مما يعيد لنا حضارتنا حقاً أو يقوم بنهضتنا صدقا . وإنما هناك قضايا أكثر إلحاحاً ، وأعمالٌ لها أولوية المباشرة والبدء في زماننا وبالنظر إلى واقعنا والتطلع إلى مستقبلنا .. ويأتي على رأس ذلك قضيتان كبريان أولاهما : قضية تجديد الدين : معناه ومغزاه كنبوءة محمدية وضرورة حضارية .
وثانيهما : قضية التوحيد أو الوحدة الإسلامية : لزومها الديني وضرورتها الآنية .
وحول هاتين القضيتين : التجديد والتوحيد لا بد أن يدور بحث ومسعى كل من يريد لهذه الأمة أن تنهض من ركود ولحضارتها أن تعود ..
تحياتي لكم
تعليق