إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

دليل المسجد الأقصى المبارك

تقليص
هذا الموضوع مغلق.
X
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • دليل المسجد الأقصى المبارك

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    المصلى المرواني ... في وجه العاصفة !

    بدايةً لا بدّ أن نعرف أن المصلّى المرواني هو جزءٌ لا يتجزّأ من المسجد الأقصى المبارك .. فنظرة سريعة إلى التعريف الشامل للمسجد الأقصى تدلّنا على هذا الأمر .
    فالمسجد الأقصى هو الاسم الإسلامي للمعبد العتيق في أرضِ فلسطين ، فهو مسجد قديم قدم البشرية ، بُنِيَ بعد المسجد الحرام بأربعين سنة ، و عاش في أكنافه معظم الأنبياء و المرسلين ، و المسجد الأقصى عند العلماء و المؤرّخين هو كلّ ما هو داخل السور الكبير ذي الأبواب ، و شكل المسجد مضلع ذو أضلاعٍ أربعة غير منتظمة و تبلغ مساحته 144 دونماً ، سمي بهذا الاسم لقوله تعالى : (سبحان الذين أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنيره من آياتنا إنه هو السميع البصير) .

    و هو أولى القبلتين فبعد فرض الصلاة مكث المسلمون يتجّهون صوبه نحو سبعة عشر شهراً ، و هو ثاني المسجدين بناءاً بعد المسجد الحرام لما رواه أبو ذرّ الغفاري ، و هو ثالث الحرمين بعد المسجد الحرام و المسجد النبوي ، إذ تشدّ الرحال إليه ، كما روي عن الرسول r : "لا تشدّ الرحال إلاّ إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام و إلى المسجد الأقصى و إلى مسجدي هذا" .
    فالمصلّى المرواني بهذا التعريف الشامل للمسجد الأقصى يعتبر جزءاً لا يتجزّأ من المسجد الأقصى المبارك

  • #2
    ما هو المصلى المرواني ؟
    يقع المصلى المرواني أسفل الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى ، و كان يُطلق عليه قديماً اسم التسوية الشرقية من المسجد الأقصى نسبة إلى التسوية المعمارية التي بناها الأمويّون في ذلك الموقع ليتسنّى لهم بناء المسجد الأقصى على أرضية مستوية و أساسات متينة ، حيث قاموا ببناء تلك الأروقة الحجرية القائمة على دعامات حجرية قوية و التي شكّلت هذه القطاعات الضخمة التي نراها اليوم كما أثبت أهل الآثار .
    و يتكوّن المصلّى المرواني من ستة عشر رواقاً ، و تبلغ مساحته نحو 4000 مترٍ مربع ، و خصّص في زمن عبد الملك بن مروان كمدرسة فقهية و من هنا اكتسبت اسم المصلّى المرواني .

    و في أثناء الاحتلال الصليبي لبيت المقدس استعمله الصليبيون اسطبلاً لخيولهم و مخزناً للذخيرة و أطلقوا عليه اسم اسطبلات سليمان ، و أعاد صلاح الدين الأيوبي فتحه للصلاة بعد تحرير بيت المقدس .
    و بالنسبة للسقف الحالي للمصلّى فإنه يعود إلى عهد السلطان العثماني سليمان القانوني ، أما الأعمدة و الأقواس الموجودة في المصلى فإنها تعود إلى عهد عبد الملك بن مروان .

    و نسب الصليبيون اسم اسطبلات لسليمان اعتقاداً منهم أن الموقع يعود لفترة النبي سليمان عليه السلام ، و من هنا يعتقد كثيرٌ من الناس أن هذا المكان من بناء سيّدنا سليمان عليه السلام ، و هذا من التلبيس و الدسّ الذي يستعمله اليهود ، حتى تُنسَب لهم فيما بعد ، لتكون شاهداً على وجودهم على هذه البقعة منذ الأزل ، و قد أُغلق المصلّى المرواني لسنوات طويلة ، لعدة عوامل أهمّها اتساع المكان العلويّ ، و قلة عدد شادّي الرحال إليه ، إلاّ أن صعود التيار الإسلامي ساهم في مضاعفة عدد المصلّين و تعميق الوعي الإسلامي بمعاني شدّ الرحال ، حيث لم تعدْ الظروف داخل المسجد الأقصى تكفي لاستيعاب الكمّ الهائل من المصلّين ، مما أوجب ضرورة إعادة افتتاحه و تحويله إلى مصلّى و أطلقوا عليه اسم المصلّى المرواني ، نسبة إلى مؤسسه الحقيقي

    تعليق


    • #3
      ترميمٌ و تعجيلٌ بافتتاح المرواني :
      في مطلع التسعينات أطلقت الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني و رئيسها الشيخ رائد صلاح مبادرة لإصلاح و ترميم المصلّى و نفّذ العمل على مراحل عن طريق مؤسسة الأقصى لإعمار المقدّسات الإسلامية و تحت إشراف هيئة الأوقاف و لجنة الإعمار في المسجد الأقصى المبارك ، و كانت المرحلة الأولى هي تبليط و تجهيز المصلّى للصلاة ، وقد بُدِئ العمل فيه في شهر 7/ 1996م لينتهي في شهر 11/96 ، ليفتتح مباشرة للصلاة أمام جموع المسلمين ، و قد شارك في العمل آلاف من الشباب المتطوّعين الذين قدِموا من الجليل و المثلث و النقب ، حيث هُيّئت أرضيّته و بُلّطت الأرضية بالرخام اللائق ، و تمت إنارته بالكهرباء ، و ما مساحته ما يقارب 4000 متر لاستقبال المصلّين ، و صُمّم له محرابٌ خشبيّ جميل و فُرش بالسجاد و تم الانتهاء من تجهيزه في فترة زمنية قصيرة جداً ، فقد قدّرت المدة المطلوبة لتجهيز المصلّى بحوالي العامين ، ليتم تنفيذ العمل في مدة أربعة أشهر بعد تيسيرات المولى عز و جلّ ، الأمر الذي أذهل السلطات الصهيونية ، حيث قامت بحملة إعلامية ضخمة ضد العمل .

      أما المرحلة الثانية فتمّ خلالها تبليط سطح المصلّى العلوي ، ففي عام 97 - 98 باشرت مؤسسة الأقصى ترميم المسطّح العلوي للمصلّى المرواني لمنع تسرّب المياه إليه ، و تم تبليط 7000 متر مربع ، و قام بتنفيذ الأعمال آلاف العاملين من المسلمين و أبناء الصحوة المباركة في الداخل الفلسطيني .

      و بعد فترة من الزمن ، و بعد أن بات اليهود يتحدّثون بصورة عملية عن الاستيلاء على المصلّى المرواني ، و بالأخص بعدما أقاموا مدرّجاً من جهة الجنوب مقابل الباب الثلاثي المغلق منذ مئات السنين و لكنه يدخل إلى المصلّى المرواني , إشارة منهم إلى أنهم سيحوّلون هذا المصلّى إلى كنيسٍ لهم , في ظلّ هذه الظروف باشر أعضاء مؤسسة الأقصى بإشراف هيئة الأوقاف و لجنة الإعمار في المسجد الأقصى فتح بوابتين عملاقتين من الجهة الشمالية للمصلّى المرواني كانتا قد أغلقتا منذ زمن قديم (بعد الزلزال الذي أصاب المسجد الأقصى و دمّر كثيراً من أجزائه اضطر المسلمون إلى إغلاق الأبواب و وضع مخلّفات الزلزال من التراب و الحجارة عليها مما أدّى إلى دفنها و إخفائها) .

      بدأ أعضاء المؤسّسة مشروعهم الجبّار فعملوا ليل نهار على استباق الحدث و إحداث ردّ عمليّ حقيقي لنجدة المصلّى المرواني من أطماع المتطرفين اليهود , و كان هذا الأمر و الحمد لله ربّ العالمين , و استمرّ العمل بعد ذلك و تمّ بناء درَجٍ كبير يؤدّي إلى هذه البوابات (انتهى العمل فيه في شهر 5/2000) ، كما و تمّ تبليط العديد من الساحات الشرقية المؤدّية إلى درَج و أبواب المصلّى المرواني الجديدة ، لتصبح المساحة المبلّطة ما يقارب من 5000 متر مربع ، و تم كذلك بناء جدارٍ صخريّ لمنع انهيار التراب ، و كذلك إنشاء و بناء مضخّة مياهٍ تضخّ مياه الأمطار التي تتجمّع أمام البوابات ، و تم تركيب خط إطفائية ، و خط أنابيب مياه يصل إلى بوابات المرواني الجديدة ، حيث تم بناء سبل مياه للشرب ، و تم العمل لإزالة أكوام التراب من الناحية الشرقية المحاذية للبوابات .
      و في (4/12/1999) تمّ فتح البوابات العملاقة للمصلّى المرواني ، ليستوعب أكثر من ستة آلاف مصلٍ داخل المصلّى المرواني و مثلهم على سطحه العلوي .


      أطماع يهودية جديدة - قديمة بالمصلّى المرواني :
      أطماع اليهود بالمسجد الأقصى أطماع قديمة و تحديداً أطماعهم بالمصلّى المرواني ، فقد أثار الصهاينة ضجّة كبيرة ضد عملية الإصلاح و الترميم في المصلّى المرواني التي قامت بها مؤسسة الأقصى و هيئة الأوقاف و كتبت الصحف العبرية حين ذاك أن المسلمين يقيمون مسجداً سرّياً تحت المسجد الأقصى ، هذه الضجة التي أثارها الصهاينة ترجِع بالدرجة الأولى إلى وجود مخطّطات داخل الحكومة الصهيونية لتحويل هذا المصلّى إلى كنيسٍ يهودي في إطار تسويةٍ ما للقضية الفلسطينية ، و لا أدلّ على ذلك مما فعله باراك عام 1999 ، ففي 3/أكتوبر قامت حكومة باراك ببناء درَجٍ حتى السور الذي هو حائط المصلّى المرواني و الحدّ الجنوبي للمسجد الأقصى المبارك ، و قد افتتحه باراك نفسه و ادعى كذِباً أن هذا المكان مدخل الهيكل .

      و في إشارة واضحة للأطماع اليهودية في المصلّى المرواني برزت حين اقتحم آرئيل شارون 28/9/2000 المسجد الأقصى و حاول دخول المصلّى المرواني عبر باحات المسجد الأقصى مدنّساً حرمة المكان ، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع انتفاضة الأقصى ، و من يومها منعت دائرة الأوقاف الإسلامية دخول اليهود و السيّاح الأجانب إلى باحات المسجد الأقصى ، إلى أن فرض و بعد مرور ثلاثة سنوات وزير الأمن الداخلي "تساحي هنغبي" السماح بدخول اليهود و الأجانب إلى ساحت المسجد الأقصى و الذين حاولوا مراراً و تكراراً أداء شعائر دينية مشبوهة أمام المصلّى المرواني و في أماكن أخرى من المسجد الأقصى .

      تعليق


      • #4
        المرواني .. وسط عاصفة إعلامية ترهيبيّة :
        في الأول من نيسان 2004 نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية خبراً مفاده أن تقريراً سرياًّ قُدّم لرئيس الوزراء الصهيونيّ آرئيل شارون يوصي بإغلاق المصلّى المرواني و محيطه أمام المصلّين المسلمين ، و ادعى التقرير أنه بسبب الزلزال الذي حدث في فبراير 2004 فإن الجدار الشرقيّ للمسجد الأقصى يتهدّده خطر الانهيار الفوري ، مما قد يتسبّب بانهيار المصلّى المرواني .
        و في 30/6/2004 حاولت الشرطة الصهيونيّة بالقوة منع إتمام عمليات الترميم و الإصلاح كانت تقوم بها دائرة الأوقاف في مدخل المصلّى المرواني تهدف إلى وقف تدفّق مياه الأمطار في فصل الشتاء إلى داخل المصلّى .
        و في 26/9/2004 بدأت المؤسسة الصهيونيّة و أذرعها المختلفة بحملة إعلامية واسعة النطاق حول أخطار انهيار المصلّى المرواني بسبب اكتظاظه بالمصلّين خلال شهر رمضان المبارك ، و أصدر رئيس الحكومة الصهيونيّة آرئيل شارون أوامر مغلّفة للأجهزة الأمنية الصهيونيّة بإغلاق المرواني و منع الصلاة فيه بحجة منع "كارثة إنسانية"- حسب زعمه - ، و سارعت دائرة الأوقاف الإسلامية و مؤسسة الأقصى بالردّ على الادعاءات الصهيونيّة و أكّدت أن المصلّى المرواني بخير و أن وضعه الإنشائي مستقرّ .
        التصريحات الصهيونيّة بإغلاق المصلّى المرواني بحجة خطر انهيارٍ تسارعت بشكلٍ ملفت ، فبعد يومٍ واحدٍ من تصريحات شارون خرج القائم بأعمال وزير الأمن الداخلي "جدعون عزرا" ليقول : "إن (إسرائيل) ستحدّد عددَ المسموح لهم بالدخول إلى الأقصى إذا لم تحلّ إشكالية الترميمات في المصلّى المرواني" ، لتُسرّب بعد أيام معلومات بأن سلطات الاحتلال ستغلق نصف المصلّى المرواني .
        و في 12/10/2004 قالت المؤسسة الصهيونيّة إن هناك "اتفاقاً معيّناً" بإغلاق جزءٍ من المرواني ، إلا أن دائرة الأوقاف كَذّبت هذه الرواية و قالت إن الحقيقة هي منطقة صغيرة تجري فيها الآن أعمال ترميم في المصلّى المرواني أغلقت للمحافظة على سلامة المصلّين ، و بعد يومٍ واحدٍ فقط نشرت الصحافة العبريّة تقريراً مفصّلاً بأنه سيتمّ عزل مدينة القدس و محاصرة الأقصى و أن السلطات الصهيونيّة لن تسمح إلا لـ 50 ألف مصلٍّ فقط بالدخول إلى المسجد الأقصى في يوم الجمعة الأول من شهر رمضان .
        تراجع شارونيّ :
        عشيّة شهر رمضان المبارك و ظهر يوم الخميس 14/10/2004 و بعد اقتحام القائد العام للشرطة الصهيونيّة "موشيه كرداي" للمسجد الأقصى و المصلّى المرواني و الاطّلاع على الأوضاع فيه ، يخرج بتصريحٍ بأن الحرم القدس آمن بالنسبة للمصلّين و يقول : "إن الحرم القدسي آمنٌ بالنسبة للمصلّين ، بعد إجراءات عمليّات صيانة في الـ 48 الساعة الأخيرة و ذلك بأمرٍ من الأوقاف الإسلامية و بالتعاون مع الأردن و باستشارة خبراء في المجال العمراني" ، بعد ساعاتٍ قلائل ، و إجراء مشاورات في مكتب رئاسة الحكومة الصهيونيّة يتراجع شارون عن تحديد عدد المصلّين في الأقصى يوم الجمعة الأول من شهر رمضان بعد حملة الترهيب و التخويف الواسعة من انهيار المصلّى المرواني .
        و رغم أن القدس و محيط المسجد الأقصى كانا يوم الجمعة الأخيرة أشبه بالثكنة العسكرية إلاّ أن نحو 100 ألف وصلوا من القدس و من مدن و قرى الداخل الفلسطيني ليصلّوا في المسجد الأقصى المبارك و أنحاء المصلّى المرواني ..
        يبقى التساؤل .. ؟!!
        يوم الخميس الأخير 14/10/2004 كان يوماً حافلاً بالأحداث و التصريحات بالنسبة للمصلّى المرواني ، فقد ذكرت مصادر أمنية صهيونيّة إن تراجع شارون عن قراره بتحديد الأعداد التي يسمح لها بالصلاة في المسجد الأقصى إنما جاء بعد قبول رئيس الوزراء شارون بالتوصيات التي رفعها قائد الشرطة الصهيونيّة العام في أعقاب "اتفاقٍ" مع الأوقاف الإسلامية و الأردن على إغلاق أجزاء من المصلّى المرواني لن يسمح للمصلّين بالاقتراب منها خشية الانهيار – حسب الرواية الصهيونيّة – ،كما جاء على لسان المتحدّث باسم الشرطة الصهيونيّة "جيل كلايمان" بأن القائد العام للشرطة الصهيونية قد قام يوم الخميس الأخير يرافقه قائد شرطة القدس بجولة في ساحات الأقصى اطّلع خلالها على أعمال الترميم و تدابير السلامة !! .
        رواية هيئة الأوقاف الإسلامية تختلف تماماً و تؤكّد كما قال الشيخ محمد حسين – مدير و خطيب المسجد الأقصى - : "أن أعمال الصيانة جارية الآن في جزءٍ من قاعة الصلاة التي ستقفل أمام المصلّين و قد أغلق ممرّ أو ممرّان أمام المصلّين" – صحيفة القدس - ..
        و كانت فرق الهندسة الفلسطينية و الأردنيّة و المصريّة أعلنت سابقاً أن قاعة الصلاة التي تستطيع استيعاب أكثر من 5000 مصلٍّ ليست معرّضة لخطر الانهيار ، و من جهته قال مدير الأوقاف عدنان الحسيني لصحيفة القدس إن قاعة الصلاة لا تشكّل أيّ خطر ، متّهماً الكيان الصهيونيّ بالحديث عن خطر الانهيار لأسباب سياسية ، و أكّد الحسيني : "أن المصلّين لن يستطيعوا الصلاة في الجزء الكائن تحت الأقصى من المصلّى المرواني حيث الأعمال جارية ، و لا في الجزء من المسجد الأقصى الذي يستخدم سقفاً لهذه القاعة" ، و كانت بالفعل قد وضعت دعائم و حواجز لمنع المصلّين من دخول ثلاث أروقة قصيرة في المرواني و منطقة ضيّقة على سطحه العلوي للمحافظة على سلامة المصلّين .
        هذه التصريحات و الأحداث المتسارعة دفعت صحيفة القدس الفلسطينية إلى أن يتصدّر عنوانها الرئيسي صباح الجمعة : "بعد اتخاذ الأوقاف تدابير تبعد المصلّين عن مناطق الخطر – السلطات (الإسرائيلية) تراجعت عن تقليص عدد المصلين ، السماح لحاملي الهوية الزرقاء فقط بدخول الأقصى اليوم" .
        الإعلام الصهيونيّ لم يمرّ على أحداث و تصريحات الخميس مرّ الكرام بل جعلها مادة للتحليلات و التفسيرات ، مما جعل الصحافي الصهيونيّ "عامي بن دافيد" في خبرٍ له في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبريّة صباح الجمعة يقول : "إن (إسرائيل) ترى أنها حقّقت في قضية الحرم القدسي – المصلّى المرواني - نجاحاً باتجاهين ، الأول القبول بالشروط (الإسرائيلية) كلّها ، و ثانيها تبنّي وجهة النظر (الإسرائيلية) بأن مبنى المصلّى المرواني يتهدّده الخطر" .
        هذا التحليل الصهيونيّ و التفسير ليس عفوياً ، بل يقصد منه التركيز على أن السيادة و السيطرة على المسجد الأقصى هي للمؤسسة الصهيونيّة و يمكنها أن تفرض هذه السيطرة بأساليب مختلفة .
        و لذا فالسؤال الذي يطرح نفسه : هل توقّفت الأطماع الصهيونيّة بالمسجد الأقصى و المصلّى المرواني عند هذا الحدّ .. ؟! أم أنها الخطوة الأولى في فرض المزيد من السيطرة على أنحاء من المسجد الأقصى المبارك ؟! و هل سيخرج المسجد الأقصى و المصلّى المرواني سالماً و صامداً في وجه هذه العاصفة ؟!! ..

        تعليق


        • #5
          قبة الصخرة المشرفة
          تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم: ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة. ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى، حيث جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية حتى اعتبرت آية من في الهندسة المعمارية .
          تتوسط قبة الصخرة المشرفة تقريباً ساحة الحرم الشريف، حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4م، ويتوصل إليها من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع .
          بنى هذه القبة المباركة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، حيث بدأ العمل في بنائها سنة 66هـ/ 685م، وتم الفراغ منها سنة 72هـ/ 691م. وقد اشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسان فلسطين ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس (1) .
          وقد وضع تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة تدل على مدى إبداع العقلية الهندسية الإسلامية، حيث اعتمد المهندس المسلم في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث دوائر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة وتحيط بها، وتثمينتين داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج فيما بينهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع (2) . (أنظر لوحة رقم 1،2) .
          فأما القبة التي جاءت بمثابة الدائرة المركزية التي تحيط بالصخرة فإنها تجلس على رقبة تقوم على أربع دعامات حجرية (عرض كل منها ثلاثة أمتار) واثنين عشر عموداً مكسوة بالرخام المعرق، تحيط بالصخرة بشكل دائري ومنسق بحيث يتخلل كل دعاة حجرية ثلاثة أعمدة رخامية. وتتكون القبة من طبقتين خشبيتين داخلية وخارجية وقد نصبتا على إطار خشبي يعلو رقبة القبة. كما زينت القبة من الداخل بالزخارف الجصية المذهبة، وأما من الخارج فقد صفحت بالصفائح النحاسية المطلية بالذهب .
          وأما رقبة القبة فقد زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، كما فتح فيها ست عشرة نافذة لغرضي الإنارة والتهوية .
          وأما التثمينة الداخلية فتحتوي على ثماني دعامات حجرية يتخللها بين كل دعامة وأخرى عمودان من الرخام تعلوها عقود نصف دائرية متصلة ببعضها البعض بواسطة جسور خشبية مزخرفة، حيث زينت هذه العقود بالزخارف الفسيفسائية المطلية بالذهب .
          وأما التثمينة الخارجية فتتألف من ثماني واجهات حجرية، فتح في أربع منها المقابلة للجهات الأربع باب، كما فتح من كل واجهة منها خمسة شبابيك. وقد كسيت الواجهات من الداخل بالبلاط الرخامي الأبيض.
          وأما من الخارج فقد كسي القسم السفلي للواجهات بالبلاط الرخامي الأبيض. وأما من الخارج فقد كسي القسم السفلي للواجهات بالبلاط الرخامي الأبيض والقسم العلوي بالقاشاني، علماً بأنها كانت مكسوة بالفسيفساء المزخرفة في الفترة الأموية (3) . وكما تم تغطية سقفي الرواقين الممتدين من التثمينة الخارجية وحتى القبة بجمالونات خشبية صفحت من الداخل بألواح خشب دهنت وزخرفت بأشكال مختلفة، وأما من الخارج فقد صفحت بألواح من الرصاص .

          وأما القياسات الهندسية لأبعاد القبة فقد جاءت على النحو التالي:
          قطر القبة الداخلي (29,44م) وارتفاع رقبتها (9,8م). قطر المبنى بشكل عام (52م) وارتفاعه (54م) وأما أضلاع المثمن فيبلغ طول كل منها (20,60م) على ارتفاع (9,5). علماً بأن أبعاد الصخرة المشرفة نفسها (17,70م و 13,50م) (4) . ويقوم أسفل الصخرة المشرفة كهف صغير يعرف بالمغارة، مربع الشكل تقريباً (4,5 م2) ومتوسط ارتفاعه 3 م. وقد أقيم في جهته القبلية محرابان، أحدهما وهو الواقع في الجانب الشرقي للمغارة يعود إلى تاريخه للفترة الأموية والثاني في الجانب الغربي لها والذي يعود تاريخه لفترات متأخرة .

          تعليق


          • #6
            تاريخ بناء قبة الصخرة المشرفة
            الأمويون هم من بنى قبة الصخرة


            لقد بات معروفاً تماماً أنه تم الفراغ من بناء قبة الصخرة المشرفة عام 76هـ/ 691م أي في فترة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، وذلك حسب النص المادي والموجود حتى يومنا الحاضر والذي يتمثل بالنقش التذكاري المعمول من الفسيفساء المذهبة بالخط الكوفي الأموي والواقع أعلى التثمينة الداخلية للقبة في الجهة الشرقية الجنوبية منها (5) .
            يقول النص (( .. بنى هذه القبة عبدالله الإمام المأمون أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ..)) وهنا لا للقارئ أن يتساءل كيف تداخل اسم "المأمون" الخليفة العباسي (198-218 هـ/ 813 – 833م) مع التاريخ 72 هـ .
            والجواب هنا أنه أثناء أعمال الترميم التي جرت في فترة الخليفة العباسي المأمون، قام أحد الفنيين بتغيير اسم عبد الملك الخليفة الأموي مؤسس وباني قبة الصخرة، ووضع مكانه اسم "المأمون" ولكنه نسي أن يغير التاريخ حيث تم اكتشاف الأمر بسهولة، ولا نظن هنا أنه كان للمأمون رياً في هذا الأمر، وإنما جاء من قبيل الصدفة على يدي أحد الصناع .
            ولكننا نقول حتى ولو تم تغيير التاريخ فإنه من الصعب القبول به: ذلك أن التحليل المعماري لمخطط قبة الصخرة يعود بعناصره وزخارفه إلى الفترة الأموية (6) وليست العباسية إضافة إلى ما ورد في المصادر التاريخية (7) من نصوص تؤكد أن الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان هو نفسه الذي قام ببناء هذه القبة وصرف على بنائها خراج مصر لسبع سنين .
            فلو أجرينا حسابات للمبالغ الطائلة التي أنفقت لبناء هذا المعلم الحضاري، والذي رصد لبنائه خراج أكبر ولاية إسلامية (مصر) ولمدة سبع سنوات فإننا سنجدها اليوم تقدر بملايين الدولارات. وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على الاستقرار والرخاء الذي كان يعم الخلافة الإسلامية في الفترة الأموية والتي تعكس تأثير القوة الاقتصادية لهذه الخلافة الإسلامية الحديثة أمام الإمبراطوريتين العظميين البيزنطية والفارسية في ذلك الوقت .
            وهذا يقودنا إلى السؤال عن السبب الكامن خلف بناء قبة الصخرة بهذه الفخامة والعظمة، فمما لا شك فيه أن السبب المباشر في بناء هذه القبة هو السبب الديني حيث لولا وجود "الصخرة" بالتحديد التي عرج عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسب ما هو مثبت في العقيدة الإسلامية لما ورد في القرآن الكريم والأحاديث الشريفة والروايات التاريخية المنقحة، فلولا وجود هذه الصخرة كرمز ديني إسلامي ارتبطت بمعجزة الإسراء والمعراج لما قدم الخليفة عبد الملك بن مروان ليشيد هذه القبة فوقها .
            وهذا يجعلنا نستبعد التبرير السياسي الذي أورده اليعقوبي (8) ، واتهم فيه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان بنية تحويل قبلة الحجاج عن الكعبة المشرفة في مكة المكرمة إلى الصخرة في بيت المقدس مانعاً في ذلك مبايعة الحجاج لعبدالله بن الزبير في مكة. إذ لا يخفى عن بال كل فطين شيعية المؤرخ اليعقوبي ومدى معارضته للخلافة الأموية التي أكثر من تشويه صورتها أمام الخلافة العباسية .
            فليس من المنطق إذن أن نقبل رواية مدسوسة على الخليفة الذي حكم فترة تزيد عن العشرين سنة وعرف عنه خلالها الحزم والحكمة السياسية وقوة الإرادة وبعد النظر والاهتمام بالعقيدة الإسلامية، فكيف يعقل لخليفة في مثل هذه الصفات وصاحب تاريخ عظيم، أن يقدم على التلاعب بركن من أركان الإسلام (الحج) بهذه البساطة التي يرويها اليعقوبي .
            ولكننا نتساءل هل كان ضرورياً أن يبنيها بهذه العظمة والفخامة، إذ كان يستطيع أن يبنيها بشكل أبسط وغير مكلف، ولكن إذا أمعنا النظر بالظروف التي أحاطت بتلك الفترة عشية بناء القبة وحللناها نجد أنه كان لا بد لأمير المؤمنين الخليفة عبد الملك بن مروان أن يبني هذه القبة بهذا الشكل لإظهار عظمة وقوة الخلافة الإسلامية الحديثة في حينها أمام القوتين العظميين الفرس والروم. ذلك أنه إبان الفتوحات الإسلامية لبلاد الشام، كان السكان في هذه البلاد إما نصارى أو وثنيين ومنهم من دخل الإسلام مع الفتوحات، ولكنهم بقوا ضعفاء الإيمان فكيف لا وهم اعتادوا على رؤية الحضارة البيزنطية تتألق من خلال مبانيها الفخمة مثل الكنائس والقلاع وخاصة كنيسة القيامة في القدس الشريف وكنيسة المهد في بيت لحم (9). فما كان للخليفة الأموي إلا أن يبني هذه القبة العظيمة محاكياً فيها العمارة البيزنطية ليبين ويثبت للسكان مدى وقوة الدولة الإسلامية الجديدة .
            وقد أكد هذا السبب المؤرخ الجليل المقدسي المتوفى عام 985م حينما وضحه أثناء مناقشته مع عمه (البناء) بخصوص العمارة الأموية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان وولده الوليد، حيث يقول في ذلك ما نصه على لسان عمه (10) ((.. ألا ترى أن عبد الملك لما رأى عظم قبة القمامة (القيامة) وهيئتها خشي أن تعظم في قلوب المسلمين فنصب على الصخرة قبة على ما ترى ..)) .

            تعليق


            • #7
              المسلمون والمحافظة على قبة الصخرة
              وقد اهتم المسلمون برعاية وعناية قبة الصخرة المشرفة، على مر الفترات الإسلامية المتعاقبة، وبخاصة بعد ما كان يحدث بها من خراب جراء التأثيرات الطبيعية مثل الهزات الأرضية، والعواصف والأمطار والحرائق. فلم يتأخر أي خليفة أو سلطان في ترميمها والحفاظ عليها .
              العباسيون
              إن ما شاع عن العباسيين أنهم لم يهتموا بالحرم الشريف وعمارته ليس صحيحاً، فقد أشرنا سابقاً إلى أنهم حافظوا قدر استطاعتهم على عمارته، ولكن على ما يبدو دون تغيير ملموس في ذلك الطابع المعماري الذي نفذه الأمويون، فقد قام الخليفتان المنصور والمهدي بترميم المسجد الأقصى المبارك بعد الخراب الذي أصابه جراء الهزات الأرضية التي حدثت في تلك الفترات والذي سنأتي على شرحه لاحقاً .
              ففي سنة 216هـ/ 831م، زار الخليفة العباسي المأمون (198-218 هـ/ 813 – 833م) بيت المقدس وكان قد أصاب قبة الصخرة شيء من الخراب فأمر بترميمه وإصلاحه، والأمر تطور على ما يبدو ليصبح مشروع ترميم ضخم اشتمل على قبة الصخرة المشرفة، مما حدا بالمأمون أن يضرب فلساً يحمل اسم القدس لأول مرة في تاريخ مدينة القدس وذلك في سنة 217 هـ كذكرى لإنجاز ترميماته تلك .
              وفي عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله (295 –320/ 908 – 932م)، في سنة 301 هجرية/ 913 ميلادية، تمت أعمال ترميمات خشبية في قبة الصخرة اشتملت على إصلاح قسم من السقف وكذلك عمل أربعة أبواب خشبية مذهبة بأمر من أم الخليفة المقتدر، حيث تم الكشف عن ذلك من خلال شريط كتابي مكتوب بالدهان الأسود وجد على بعض الأعمال الخشبية في القبة، حيث كتب عليها ما نصه (11) :
              بسم الله الرحمن الرحيم، بركة من الله لعبد الله جعفر الإمام المقتدر بالله أمير المؤمنين حفظه الله لنا، مما أمرت به السيدة أم المقتدر بالله نصرها الله، وجرى ذلك على يد لبيد مولى السيدة، وذلك في سنة إحدى وثلثماية)) .
              الفاطميون
              وفي الفترة الفاطمية تعرضت فلسطين لهزات أرضية عنيفة: منها التي حدثت سنة 407 هـ/ 1016 م، والتي أدت إلى إصابة قبة الصخرة وإتلاف بعض أجزاء القبة الكبيرة (12)، حيث بدئ بترميمها في عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله (386 – 411هـ/ 996-1021) واستكمل في عهد ولده الخليفة الظاهر لإعزاز دين الله (411-427هـ/1021-1036م). وقد اشتملت الترميمات على القبة وزخارفها وتمت على يدي علي بن أحمد في سنة 413هـ/1022 م، وذلك حسب ما ورد في الشريط الكتابي الواقع في الدهليز الموجود في رقبة القبة (13) .
              الاحتلال الصليبي
              لقد عانت قبة الصخرة كثيراً مثلما عانت معظم المساجد الإسلامية في فلسطين من الاحتلال الصليبي .
              فعندما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 493هـ/ 1099م، قاموا بتحويل مسجد قبة الصخرة إلى كنيسة عرفت بذلك الوقت باسم "هيكل السيد العظيم/ Temple Domini (14)، فانتهكوا قدسيتها وبنوا فوق الصخرة مذبحاً ووضعوا فيها الصور والتماثيل. مبيحين في ذلك ما حرمه الإسلام في أماكنه المقدسة .
              ومن الطريف بالأمر أن قساوسة ذلك الوقت اعتادوا على المتاجرة بأجزاء من الصخرة، كانوا يقتطعوها من الصخرة ليبيعوها للحجاج والزوار ليعودوا بهذه القطع إلى بلادهم بحجة التبرك والتيمن بها. وعلى ما يبدو أنها كانت تجارة رابحة جداً للقساوسة، حيث كانون يبيعون تلك القطع بوزنها ذهباً، الأمر الذي حدا بملوك الفرنج إلى كسوة الصخرة بالرخام وإحاطتها بحاجز حديدي مشبك لحمايتها والإبقاء عليها خوفاً من زوالها إذا استمر القساوسة بهذه التجارة (15) .
              الأيوبيون
              ولم يشأ الله عز وجل أن يطيل معاناة قبة الصخرة المشرفة من ذلك الاحتلال الغاشم، حتى هيأ سبحانه وتعالى القائد الجليل صلاح الدين (564 – 589 هجرية/ 1169-1193 ميلادية) لتحرير فلسطين واستردادها من الصليبيين سنة 583هجرية/ 1187 ميلادية (16) .
              وبذلك تطهرت قبة الصخرة المشرفة من النجس الذي كان عالقاً بها، حيث قام صلاح الدين بإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الصليبيين وإزالة جميع بصماتهم التي وضعوها عليها، فقد قام بإزالة المذبح الذي أضافوه فوق الصخرة والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى، حيث تم تجديد تذهيب القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوباً من خلال الشريط الكتابي الواقع بداخل القبة والذي جاء فيه ما نصه (17) : ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته. وذلك في شهور سنة ست وثمانين وخمسمائة)) .
              هذا ولم يغفل المجاهد صلاح الدين عن متابعة مبنى قبة الصخرة والحفاظ عليها، فنراه قد رتب للمسجد إماماً وعين لخدمته سدنة ووقف عليه الوقوفات لكي ينفق ريعها لصالح قبة الصخرة المشرفة (18) .
              وقد استمر الأيوبيون بعد صلاح الدين بالاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها، حيث تشير المصادر التاريخية (19) إلى أن معظمهم كانوا يكنسون الصخرة بأيديهم ثم يغسلونها بماء الورد باستمرار لتظل نظيفة معطرة، كما أن الملك العزيز عثمان بن صلاح الدين (589-595 هجرية/ 1193-1198ميلادية)، قام بوضع الحاجز الخشبي الذي يحيط الصخرة (20) لحمايتها بدلاً من الحاجز الحديدي الذي وضعه الصليبيون
              المماليك
              وفي الفترة المملوكية لم ينس سلاطين المماليك متابعة الاهتمام بقبة الصخرة والحفاظ عليها. فقد قام السلطان الملك الظاهر بيبرس (658 – 676هجرية/ 1260 – 1277ميلادية) بتجديد الزخارف الفسيفسائية التي تكسو الأقسام العلوية الواقعة في واجهات التثمينة الخارجية وذلك سنة 699 هجرية/ 1270 ميلادية (21) .
              أما السلطان الناصر محمد بن قلاوون وفي فترة سلطنته الثالثة (709 –741هجرية/ 1309-1340 ميلادية) والذي اعتبر من مشاهير سلاطين المماليك الذين اهتموا بالإنجازات المعمارية بصورة عامة، مثله مثل الوليد بن عبد الملك في الفترة الأموية، فقد قام السلطان ابن قلاوون بأعمال صيانة وترميم عديدة في قبة الصخرة نذكر منها: تجديد وتذهيب القبة من الداخل والخارج في سنة 718 هجرية/ 1318 ميلادية) وذلك حسب ما ورد بالشريط الكتابي الموجود في أعلى رقبة الداخلية حيث جاء ما نصه (22) ((بسم الله الرحمن الرحيم. أمر بتجديد وتذهيب هذه القبة مع القبة الفوقانية برصاصها مولانا ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه السلطان محمد بن الملك المنصور الشهيد قلاوون تغمده الله برحمته. وذلك في سنة ثمان عشرة وسبع مائة)). وكما أنه قام بتبليط فناء (صحن) قبة الصخرة المشرفة الذي يحيط بها .
              وفي عهد السلطان الملك الظاهر برقوق وفي فترة سلطنته الأولى (784-791هجرية/ 1382 –1389ميلادية)، تم تجديد دكة المؤذنين الواقعة إلى الغرب من باب المغارة مقابل الباب الجنوبي (القبلي) لقبة الصخرة، وذلك في سنة 789هجرية/ 1387ميلادية) على يدي نائبه بالقدس محمد بن السيفي بهادر الظاهري نائب السلطنة الشريفة بالقدس وناظر الحرمين الشريفين، حسب ما ورد في النص التذكاري الموجود عليها (23) .

              وفي عهد السلطان الملك الظاهر جقمق (842 – 857هجرية/ 1438 – 1453ميلادية)، تم ترميم قسم من سقف قبة الصخرة الذي تعرض للحريق إثر صاعقة عنيفة (24) .
              وقد حافظ سلاطين المماليك على استمرارية صيانة وترميم قبة الصخرة والحفاظ عليها إما عن طريق الترميمات الفعلية أو عن طريق الوقوفات التي كانت بمثابة الرصيد المالي الدائم لكي يضمن النفقات والمصاريف على مصلحة مسجد قبة الصخرة المشرفة. فعلى ما يبدو أنه في حال لم يكن هناك ترميمات، اهتم السلاطين برصد الأموال اللازمة لها في حين الحاجة، فنجد السلطان الملك الأشرف برسباي (825-841هجرية/ 1422-1437ميلادية)، قد أمر بشراء الضياع والقرى ووقفها لرصد ريعها للنفقة على قبة الصخرة المشرفة، حيث جاء في النص الوقفي ما نصه (25) : ((جدده وأنشأه ناظر الحرمين الشريفين أثابه الله الجنة وهو مشتراه مما ثمره من مال الوقف من أجور المسقفات في كل شهر ألفا درهم خارجاً عن تكملة جوامك المستحقين وما جدده وأنشأه من الحمام الخراب بحارة حواصل قرية العوجاء والنويعمة بالغور ومرتب الجرجان الواردين تمامه وأن يصرف جميع متحصل ذلك برسم عمارة المسجد الأقصى الشريف والصخرة الشريفة مهما حصل من ذلك يرصد حاصلاً لصندوق الصخرة المشرفة أرصد ذلك جميعه برسم العمارة خاصة إرصاداً صحيحاً شرعياً بمقتضى المرسوم الشريف المعين تاريخه أعلاه ورسم أن ينقش ذلك في هذه الرخامة حسنة جارية في صحائف مولانا السلطان الملك الأشرف برسباي خلد الله ملكه على مستمرة الدوام الشهور والأعوام فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ومضاف إلى ذلك فائض الزيت والجوالي اللهم من فضل هذا الخير وكان سبب فيه جازه الجنة والنعيم ومن غيره أو نقصه جازه العذاب الأليم في الدنيا والآخرة)) .

              تعليق


              • #8
                العثمانيون
                نستطيع القول أن تاريخ بناء قبة الصخرة المشرفة قد دخل مرحلة جديدة وطويلة في الفترة العثمانية التي استمرت أربعة قرون، حيث لم تنقص أهمية المحافظة والصيانة لقبة الصخرة، بل قل إنها زادت وتضاعفت (26) .
                فكان أول سلاطين العثمانيين الذين اهتموا بقبة الصخرة ورعايتها، هو السلطان سليمان القانوني (926-974هجرية/ 1520-1566ميلادية)، الذي استطاع أن يصبغ قبة الصخرة بالفن العثماني من خلال مشروعه الكبير المشار إليه في نقشه التذكاري (27) الموجود فوق الباب الشمالي لقبة الصخرة والذي اشتمل على استبدال الزخارف الفسيفسائية التي كانت تغطي واجهات التثمينة الخارجية والتي ظلت قائمة منذ الفترة الأموية، فترة تأسيس وبناء قبة الصخرة وحتى الفترة العثمانية، وقد استبدلت بالبلاط القاشاني المزجج والملون في سنة 959هجرية/ 1552ميلادية، مما أكسب قبة الصخرة روعة وجمالاً فائقين من الخارج كما هي من الداخل .
                كما قام بتجديد النوافذ الجصية الواقعة في رقبة القبة وذلك في سنة 945هجرية/ 1538ميلادية .
                ولقد حرص سلاطين العثمانيين بشدة خلال فترات توليهم الطويلة على استمرارية الحفاظ على مسجد قبة الصخرة، حتى أنهم قاموا بتشكيل لجنة لتختص بشؤون إعمار قبة الصخرة والمسجد الأقصى، تألفت من شيخ الحرم وأمين البناء وأمين الدفتر (28) .
                ومن مشاريع الترميمات العثمانية المهمة تلك التي أنجزت في عهدي السلطانين عبد المجيد الأول (1255-1277 هجرية/ 1839-1861ميلادية)، والسلطان عبدالعزيز (1277-1293هجرية/ 1861-1876ميلادية)، حيث تم إنجاز أعمال ترميمات ضخمة استمرت مدة من الزمن، كلفت خزينة الدولة أموالاً طائلة، حيث استدعي خبراء ومهندسون من خارج البلاد لتقوية وصيانة المبنى الأساسي للقبة وزخارفها من الداخل والخارج (29) .
                وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1293-1327 هجرية/ 1876-1909ميلادية)، تم كتابة سورة (يس) الموجودة حالياً في أعلى واجهات التثمينة الخارجية، وقد كتبت بالخط الثلث على القاشاني، كما أمر السلطان عبد الحميد بفرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد الثمين (30) .
                ومن الجدير بالإشارة إلى القبة الصغيرة التي تقوم إلى الغرب من مدخل المغارة والتي على ما يظهر أنها أضيفت في الفترة العثمانية والتي عرفت بحجرة شعرات النبي عليه السلام، وقد قال المؤرخ المقدسي الجليل عارف العارف بخصوصها ما نصه (31) (.. وقد عهد إلى آل الشهابي من الأسر القديمة في بيت المقدس بمهمة الاحتفاظ بهاتين الشعرتين من شعر النبي ويحتفل القوم بها مرة في كل سنة، .. في اليوم السابع والعشرين من شهر رمضان..)) .
                المجلس الإسلامي الأعلى
                هذا وقد أخذ المجلس الإسلامي الأعلى على عاتقه مسؤولية الحفاظ على قبة الصخرة المشرفة، حيث قام في الفترة ما بين 1936-1948م، بأعمال الترميم اللازمة والضرورية فيها مستعيناً بالخبراء والمختصين في هذا المجال(32).
                وقد استمرت الترميمات في العهد الأردني، حيث سنت الحكومة الأردنية في سنة 1954م، قانون أسمته (قانون إعمار المسجد الأقصى المبارك والصخرة المشرفة لسنة 1954م)، خولت فيه مجلس الوزراء تعيين لجنة لإعمار المسجدين. ومنذ ذلك الحين وحتى هذا اليوم واللجنة تقوم بمسؤولياتها تجاه إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة (33) .

                زخارف قبة الصخرة المشرفة
                لقد استطاع الفنان المسلم أن يزين ويحلي قبة الصخرة المشرفة بعدة أنواع من الزخارف، نذكر أهمها: الزخارف الفسيفسائية، الزخارف الرخامية، الزخارف الخشبية، الزخارف القاشانية والخطوط كعنصر زخرفي إلى جانب وظائفه التوثيقية .

                أما الزخارف الفسيفسائية والتي تعرف بالفسيفساء فهي عبارة عن قطع زجاجية ملونة ذهبية تميل في شكلها إلى المربعات الصغيرة، حيث اشتهرت كعنصر زخرفي في تجميل العمائر الهندسية في العصر البيزنطي والعصر الأموي.

                ويعود تاريخ فسيفساء قبة الصخرة المشرفة إلى الفترة الأموية – فترة تأسيس وبناء قبة الصخرة. حيث استخدم الفنان المسلم الفسيفساء ليضفي جمالاً أخّاذاً وبريقاً لماعاً، بتغطيته المساحات الواسعة المرئية والتي لم يقم بتغطيتها بالفسيفساء لبدت للناظر جوفاء ومملة .

                وقد وزع الفنان المسلم هذه المساحات في ست مجموعات (34) :

                الوجه الخارجي للتثمينة الداخلية .

                الوجه الداخلي للتثمينة الداخلية .

                بطنيات العقود الواقعة في التثمينة الداخلية .

                رقبة القبة من الخارج .

                رقبة القبة من الداخل .

                المساحات الواقعة ما بين الشبابيك في القمس العلوي من رقبة القبة .

                وقد اختار الفنان المسلم ثلاثة ألوان رئيسية ليستخدمها في نسج زخارفه الفسيفسائية هذه، حيث اشتملت الألوان على الأخضر والأزرق والمذهب (اللون الذهبي)، إضافة إلى ألوان أخرى ثانوية .

                وقد استطاع هذه الفنان أن يجسد روح العقيدة الإسلامية من خلال تصميماته للوحات الفسيفسائية هذه، فكان لزاماً عليه أن لا يجسد أي تصوير لإنسان أو حيوان وذلك تماشياً مع الإسلام الذي يحرم تجسيد الأشخاص والحيوانات، فاستعاض بذلك بعناصر زخرفية أهمها النباتات والأشجار والفواكه والأوراق النباتية مختلفة الأنواع والأشكال وورق الأكانشس والمجوهرات بجميع أنواعها والمزاهر (المزهريات) والأشكال الهندسية والخط، جاءت كلها لتكون مواضيع الرسالة التي أراد الفنان إبراقها للناظرين إليها والمتمعنين بها .

                فأما النباتات (35) فقد اشتملت على أشجار مختلفة الأنواع كالنخيل والزيتون والرمان والتين واللوز وثمار أخرى مختلفة ألوانه، وفواكه متنوعة وموضوعة في سلال أو صحون وكذلك عروق النباتات التي فاضت من المزاهر، تلك المزهريات (جمع مزهرية) التي زينت أجسامها بمختلف المجوهرات والحلي مثل العقود والأساور والتيجان والأقراط والأهلة والنجوم، المفصصة جميعها بالأحجار الكريمة والثمينة مثل اللؤلؤ (الذي نراه باللون الفضي البراق) وغيرها، حيث ظهرت هذه العناصر في وجهي التثمينة الداخلية من الداخل والخارج .

                وكأن الفنان يريد أن يذكرنا بتصويراته هذه، الأشياء الموجودة في الجنة التي وعد الله بها المؤمنين والتي تم وصفها في القرآن الكريم (36) وجاء فيها من أشجار وثمار مختلفة الألوان ومجوهرات ثمينة وقصور .. الخ .

                كما أنه ركز على تصوير التاج بصورة مكررة، والذي صممه بشكليه البيزنطي الذي يظهر في الوجه الداخلي للتثمينة الداخلية، والساساني (الفارسي) المعروف بالتاج ذي الأجنحة والذي يظهر في القبة من الداخل. وكأن الفنان أراد هنا أن يذكر بنصر الإسلام (الدولة الإسلامية) على القوتين العظميين البيزنطية والفارسية في ذلك الوقت فرمز إليهما بتيجانيهما والتي تشير إلى السلطة والملكية (37) .

                العنصر الثالث الذي استخدمه الفنان المسلم في تصميم لوحاته الفسيفسائية، فهو الخط، حيث قام بعمل زنّارين بطول 240 م2 (38)، يقومان أعلى التثمينة الداخلية من الداخل والخارج، زينهما بكتابات بالخط الكوفي البسيط والمعمولة بالفسيفساء المذهبة على خلفية (أرضية) زرقاء .

                إن أهمية استخدام هذا العنصر تكمن في قدمها، حيث تعتبر أقدم كتابة توثيقية لمعلم حضاري يعود تاريخه للفترة الأموية (72هجرية/ 691 ميلادية) من جهة، وأما من جهة أخرى فإن مضمون ما جاءت من آيات قرآنية فيها ليعكس أهمية الرسالة التي أراد الفنان المسلم أن يوصلها للناظرين في ذلك الوقت، حيث اختار نصوص آيات من القرآن الكريم الدالة على وحدانية الله سبحانه وتعالى والتي نجدها في سورة الإخلاص، وما تيسر من سورة مريم التي تذكر سيدنا عيسى عليه السلام، مبيناً مكانته في الإسلام كرد على ما جاء في النصرانية من معتقدات مثل الثالوث النصراني (الأب والابن والروح القدس) التي كانت شائعة في ذلك الوقت وحتى يومنا الحاضر، فقد كان هذا الصراع العقائدي في أوجه في الفترة الأموية حتى أن الأمويين اهتموا به وردوا عليه من خلال الآيات القرآنية التي تدل عليه، ومن خلال الركن الأول من أركان الإسلام ألا وهو الشهادتان، (لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله)، حيث إنهم كرروا هذا الركن في معظم أمورهم المادية، فهم أول من عربوا النقود الإسلامية (السكة) ضاربين على وجهي الدينار والفلس سورة الإخلاص، وعلى ظهريهما الشهادتين مركزين في ذلك على جوهر العقيدة الإسلامية، أما النصوص المادية للكتابات التي زينت التثمينة الداخلية من الداخل والخارج فهي:

                تعليق


                • #9
                  ما كتب في الوجه الخارجي للتثمينة (39) :

                  (الضلع الشمالي للمثمن) : ((بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحداً محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم)) .

                  الضلع الشمالي الغربي : ((بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله إن الله وملائكته يصلون على النبي)) .

                  الضلع الغربي المثمن : (( يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً – زخرفة وردية – بسم الله الرحمن الرحيم .. لا إله إلا الله وحده لله الحمد )) .

                  الضلع الشمالي الغربي : ((لله الذي لم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيراً محمد رسول ا)) .

                  الضلع الشمالي للمثمن: ((لله صلى الله عليه وملائكته ورسله والتسليم عليه ورحمت الله – زخرفة وردية – بسم الله الرحمن الرحيم لا إلا الله وحده لا شريك له)) .

                  الضلع الشمالي الشرقي: ((له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقبل شفاعته يوم القيامة في أمته)) .

                  الضلع الشرقي للمثمن : ((بسم الله الرحمن الرحيم إلا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم – زخرفة وردية – بنى هذه القبة عبدالله عبد)) .

                  الضلع الجنوبي الشرقي : ((/الله الإمام المأمون أمير/ المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ورضي عنه آمين رب العالمين والحمد لله)) .

                  ما كتب في الوجه الداخلي للتثمينة (40) :

                  الضلع الجنوبي للمثمن: ((بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير محمد رسول الله)).

                  الضلع الجنوبي الشرقي : ((إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً صلى الله عليه والسلام عليه ورحمة الله يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا)) .

                  الضلع الشرقي للمثمن : ((تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم)) .

                  الضلع الشمالي الشرقي: (( إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلاً لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله)) .

                  الضلع الشمالي للمثمن: ((ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعاً اللهم صلى على رسولك وعبدك عيسى ابن مريم)) .

                  الضلع الشمالي الغربي: ((والسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حياً ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمراً)) .

                  الضلع الغربي للمثمن: ((فإنما يقول له كن فيكون وإن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم أن)) .

                  الضلع الشمالي الغربي: ((الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب)) .

                  تعليق


                  • #10
                    الزخارف الرخامية

                    لقد استخدم الفنان المسلم المادة الرخامية في زخرفة قبة الصخرة المشرفة بشكل ملفت للنظر، حيث استخدمها في الأعمدة وتيجانها وفي تكسية الواجهات الداخلية والخارجية للتثمينة الخارجية وكذلك في تكسية الدعامات الحجرية، ولكن ثمة عنصر آخر شكله من المادة الرخامية أيضاً وهو الأفاريز الرخامية (الإطارات) التي علت الدعامات الحجرية المكسية بالرخام، وكذلك الواجهات الداخلية للتثمينة الخارجية، حيث جاءت هذه الأفاريز الرخامية المحفورة والمزخرفة بزخارف نباتية وهندسية، متجانسة إلى حد كبير مع الزخارف الفسيفسائية من ناحية ألوانها وموضوعات زخرفتها. وقد عرف أسلوب عمل هذه الأفاريز الرخامية باسم (Champelve) (41)، حيث اشتهر في العصرين البيزنطي والأموي. وأن جميع هذه الأفاريز الرخامية الموجودة في قبة الصخرة المشرفة، لتعود إلى الفترة الأموية متزامنة مع تاريخ بنائها سنة 72هجرية/ 691 ميلادية .
                    الإشارة أيضاً إلى الزخارف الخشبية التي جاءت أيضاً متجانسة في عناصرها وموضوعاتها مع الزخارف الفسيفسائية والرخامية في قبة الصخرة المشرفة .

                    الزخارف القاشانية (42) :
                    القاشاني هو ذلك الأجر المزجج والملون والذي يعرف في بلادنا بالبلاط الصيني. وقد استخدم لأول مرة في عمارة قبة الصخرة المشرفة في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني الذي قام باستبدال الزخارف الفسيفسائية التي كانت تغطي واجهات التثمينة الخارجية منذ العهد الأموي، بالبلاط القاشاني المزجج والملون وذلك في سنة 959هجرية/ 1552 ميلادية .
                    وقد عرف بالبلاط القاشاني نسبة إلى مدينة قاشان الواقعة في خراسان في بلاد فارس، حيث كان في بادئ الأمر يصنع في هذه المدينة وينقل بعد ذلك إلى البلاد المراد استخدامه فيها .
                    وإن القاشاني الذي استخدم في عمارة قبة الصخرة في عهد السلطان سليمان القانوني، كان قد صنع في قاشان ومن ثم نقل إلى القدس .
                    ولكن ما لبثت هذه الصناعة أن انتقلت في نهاية القرن السادس عشر إلى القدس وذلك عن طريق استقطاب صنّاع مهرة من بلاد فارس ليقوموا بتصنيع البلاط في القدس نفسها، فقد تعلمها الكثير من صنّاع أهل الشام وفلسطين فنقلوها إلى بلاد الشام بسرعة فائقة، حتى غدا هذا الفن منتشراً ومشهوراً في القرنين السابع والثامن عشر الميلادي في بلاد الشام .
                    وقد استطاع الفنان المسلم أن يجسد روح العقيدة الإسلامية أيضاً في هذا العصر الزخرفي وذلك باستخدامه مواضع مشابهة لتلك الموجودة في الزخارف الفسيفسائية بالداخل والتي تمثلت بالعناصر النباتية والهندسية والخط الإسلامي .

                    صحن قبة الصخرة المشرفة
                    المقصود بصحن قبة الصخرة هو الساحة الخارجية أو الباحة التي تحيط بمبنى قبة الصخرة، والتي ترتفع عن أرضية الحرم الشريف 12 قدم (4م). ويتوصل إليها عن طريق مراق (درج)، توجت بقناطر حجرية تتألف من مجموعة عقود حجرية تقوم على أعمدة رخامية عرفت باسم "الموازين". وقد أشار المقدسي إلى وجود أربع مراق في صحن الصخرة، حيث يقول في وصفه للمسجد الأقصى ما نصه (43) : ((.. والصحن مبلط – يقصد الحرم الشريف – وسطه دكة – يقصد فناء الصخرة – مثل مسجد يثري يصعد إليها من الأربع جوانب في مراق واسعة ..)) وأما ابن الفقيه فقد أشار إلى وجود ست مراق تؤدي إلى صحن الصخرة .
                    فمن المحتمل أن تاريخ تأسيس وبناء هذه الموازين يعود للفترة الأموية حيث صممت لتفي بالغرض الجمالي والهندسي وهو مَلءُ الفراغ الموجود في صحن قبة الصخرة ليتجانس مع مخططها الهيكلي من جهة، وللغرض التوجيهي وهو الإشارة والدلالة إلى مداخلها من جهة أخرى (44) .
                    يبلغ عدد هذه الموازين أو القناطر أو البوائك (جمع بائكة) ثمانية، حيث مرت هذه البوائك في مراحل ترميم مختلفة تراوحت بين الصيانة والترميم إلى إعادة بنائها من جديد. وقد وزعت في

                    تعليق


                    • #11
                      المسجد الأقصى المبارك


                      لقد بات معروفاً بين الباحثين والمختصين في العمارة الإسلامية (1)، أن مبنى المسجد الأقصى المبارك الحالي، هو المسجد الأقصى الثاني، باعتبار أن المسجد الأقصى الأول (القديم) هو ذاك الذي بناه الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب (13-23 هجرية/ 634-644 ميلادية)، بعد الفتح الإسلامي لبيت المقدس سنة 15هجرية/ 636 ميلادية (2) ،حيث كان يقوم في الجهة الجنوبية الشرقية للحرم الشريف والذي امتاز بناؤه بالبساطة المتناهية، وعلى ما يبدو أن هذا المسجد لم يصمد طويلاً أمام تقلبات العوامل الطبيعية المؤثرة وذلك لبدائية إنشائيته، حتى قام الأمويون بتأسيس وبناء المسجد الأقصى الحالي .
                      بنى المسجد الأقصى المبارك الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (86-96 هجرية/ 705-715ميلادية) (3) ، في الفترة الواقعة ما بين (90-96 هجرية/ 709-714ميلادية) فقد أكدت ذلك وثائق البردى (أوراق البردى) التي احتوت على مراسلات بين قرة بن شريك عامل مصر الأموي (90-96هجرية/ 709-714ميلادية) وأحد حكام الصعيد، حيث تضمنت كشفاً بنفقات العمال الذين شاركوا في بناء المسجد الأقصى، مما يؤكد أن الذي بنى المسجد الأقصى هو الخليفة الوليد بن عبد الملك .
                      يتألف المسجد الأقصى من رواق أوسط كبير يقوم على أعمدة رخامية ممتداً من الشمال إلى الجنوب، يغطيه جملون مصفح بألوان الرصاص وينتهي من الجنوب بقبة عظيمة الهيئة والمنظر، كروية الشكل تقوم على أربعة دعامات حجرية تعلوها أربعة عقود حجرية، نتج عنها أربعة مثلثات ركنية لتكون بمثابة القاعدة التي تحمل رقبة القبة والقبة نفسها والتي تتكون من طبقتين (قبتين: مثل قبة الصخرة المشرفة) داخلية وخارجية، زينت من الداخل بالزخارف الفسيفسائية البديعة، وأما من الخارج فقد تم تغطيتها بصفائح النحاس المطلية بالذهب (مثل قبة الصخرة)، ولكنها استبدلت حديثاً بألواح من الرصاص، وذلك للزوم أعمال الترميم التي تمت فيها على يدي لجنة إعمار قبة الصخرة والمسجد الأقصى المبارك .
                      ويحف الرواق الأوسط من كلا جانبيه الغربي والشرقي، ثلاثة أروقة في كل جانب جاءت موازية له وأقل ارتفاعاً منه. أما الأروقة الواقعة في القسم الغربي، فقد غطيت بالأقبية المتقاطعة المحمولة على العقود والدعامات الحجرية والتي تم إنشاؤها في الفترة المملوكية. وأما القسم الشرقي فقد غطي بسقوف خرسانية تقوم على أعمدة وعقود حجرية، تم ترميمها وإعادة بنائها على يدي المجلس الإسلامي الأعلى (1938-1943م)(4) ، (أنظر لوحة رقم 3) .
                      ويدخل إلى المسجد الأقصى من خلال أبوابه السبعة التي فتحت في واجهته الشمالية والذي يؤدي كل منها إلى إحدى أروقة المسجد السبعة، هذا ويتقدم الواجهة الشمالية المذكورة، واجهة أخرى عبارة عن رواق تمت إضافته في الفترة الأيوبية والذي يمتد من الشرق إلى الغرب، يتألف من سبعة عقود حجرية تقوم على دعامات حجرية. وعوضاً عن تلك الأبواب السبعة، فقد فتح بابان آخران في كل من الجهة الغربية والشرقية للمسجد، وباب واحد في الجهة الجنوبية وذلك في فترات متأخرة .

                      تعليق


                      • #12
                        تاريخ بناء المسجد الأقصى المبارك
                        الأمويون هم من بنى المسجد الأقصى المبارك .


                        في ضوء الحفريات التي جرت في الجهة الجنوبية للمسجد الأقصى (5) ، والتي كشفت النقاب عن المخطط المعماري لدار الإمارة الأموية في بيت المقدس (6) ، من خلال البقايا المعمارية والأثرية لخمسة مبان ضخمة عبارة عن قصور وقاعات كبيرة، دلت وأكدت تاريخ الأمويين العريق في بيت المقدس. (انظر لوحة 4) .
                        ولقد غيرت هذه الاكتشافات الجديدة، نظريات وأراء عديدة فيما يخص تاريخ بعض المعالم الأثرية في الحرم الشريف، مثل الأثر الذي يعرف بإسطبل سليمان وباب الرحمة وغيرها، وكان قد علق في أذهان العديد من الباحثين والمختصين على أن تاريخ تلك المعالم يعود لفترات سبقت الفتح الإسلامي لبيت المقدس، ولكن ما أن ظهرت هذه المكتشفات الجديدة، حتى غيرت هذه الآراء والمفاهيم مما اضطر الباحثين إلى إعادة بحوثهم ودراساتهم في ضوء (دار الإمارة) الأموية.
                        وانطلاقاً من هذا الواقع الجديد، لا بد لنا أن نقول، أن الأمويين لم يغفلوا ولو للحظة واحدة عن قدسية بيت المقدس ومكانتها في الإسلام. فنراهم ترجموا هذا الاهتمام بالفعل والعمل، وذلك من خلال مشاريعهم المعمارية الضخمة التي قاموا بتنفيذها في منطقة الحرم الشريف، حيث بدأ المسيرة المعمارية المباركة هذه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان في بناء قبة الصخرة المشرفة، وكأنه أوصى ابنه الخليفة الوليد بن عبد الملك، الذي امتاز عهده بالرخاء وكثرة البناء، حتى اشتهر بذلك، أوصاه لإكمال هذه المسيرة، فقام ببناء المسجد الأقصى ودار الإمارة ومعالم أخرى .
                        ولسوء الحظ، أنه لم تسعفنا المصادر التاريخية في وصف المسجد الأقصى في الفترة الأموية، في حين أننا نجد الإشارات التاريخية العديدة (7) التي تذكر اسم الخليفة الأموي الذي بنى المسجد الأقصى، فبعضهم أشار إلى الخليفة عبد الملك والبعض الآخر إلى ابنه الخليفة الوليد .
                        ومهما يكن من أمر، سواء الذي بناه الخليفة عبد الملك أو ابنه الخليفة الوليد، أو بدئ البناء فيه في عهد عبد الملك وأكمل في عهد الوليد. فإن خلاصة القول أن الأمويين هم الذين اختطوا بنوا المسجد الأقصى المبارك .
                        ولقد كانت مساحة المسجد الأقصى المبارك في العهد الأموي أكبر بكثير مما هي عليه الآن، وقد ظل المسجد قائماً بتخطيطه الأصلي الأموي حتى سنة 130هجرية/ 746 ميلادية، حيث تهدم جانبيه الغربي والشرقي جراء الهزة الأرضية التي حدثت في تلك السنة (8) .

                        تعليق


                        • #13
                          المسلمون والمحافظة على المسجد الأقصى المبارك
                          العباسيون (9)

                          وفي الفترة العباسية تم ترميم المسجد الأقصى لأول مرة في عهد الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (136-158 هجرية/ 754-775ميلادية)، ولكنه ما لبث وأن تعرض لهزة أرضية عنيفة ثانية وذلك في سنة 158 هجرية/ 774 ميلادية، مما أدى إلى تدمير معظم البناء، الأمر الذي جعل الخليفة العباسي المهدي (158-169 هجرية/ 775-785 ميلادية)، أن يقوم بترميمه وإعادة بنائه من جديد في سنة 163هجرية/ 780 ميلادية. وقد كان المسجد الأقصى في عهده يتألف من خمسة عشر رواقاً، وذلك حسب ما جاء في وصفه عند المقدسي (10) . (أنظر لوحة رقم 5) .

                          الفاطميون (11)
                          وفي الفترة الفاطمية، تعرض المسجد الأقصى لهزة أرضية أخرى حدثت سنة 425هجرية/ 1033 ميلادية، أدت إلى تدمير معظم ما عمر في عهد المهدي، حتى قام الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله (411-427 هجرية/ 1021-1036 ميلادية) بترميمه في سنة 426 هجرية/ 1035 ميلادية، حيث قام باختصاره على شكله الحالي وذلك عن طريق حذف أربعة أروقة من كل جهة، الغربية والشرقية، كما قام بترميم القبة وزخارفها من الداخل. وقد أشير لترميماته هذه من خلال نقشه التذكاري الموجود والذي جاء فيه ما نصه (12) :

                          ((بسم الله الرحمن الرحيم نصر من الله لعبد الله ووليه أبي الحسن علي الإمام الظاهر لإعزاز دين الله أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وأبنائه الأكرمين أمر بعمل هذه القبة وإذهابها سيدنا الوزير الأجل صفي أمير المؤمنين وخاصته أبو القاسم علي بن أحمد بن أحمد أيده الله ونصره وكمل جميع ذلك إلى سلخ ذي القعدة سنة ست وعشرين وأربع مائة صنعه عبدالله بن الحسن المصري المزوق)) .

                          الاحتلال الصليبي (13)
                          ولما احتل الصليبيون بيت المقدس سنة 492 هجرية/ 1099 ميلادية، قاموا بتغيير معالم المسجد الأقصى والذي استخدموه لأغراضهم الخاصة، منتهكين في ذلك حرمته الدينية، فقاموا بتحويل قسم منه إلى كنيسة والقسم الآخر مساكن لفرسان الهيكل، كما أضافوا إليه من الناحية الغربية ببناء استخدموه مستودعاً لذخائرهم .
                          وقد زاد استهتارهم وانتهاكهم لقدسية المسجد الأقصى عندما استخدموا الأروقة الواقعة أسفل المسجد الأقصى كإسطبلات لخيولهم، والتي عرفت منذ تلك اللحظة بإسطبل أو إسطبلات سليمان .
                          وقد ظل المسجد الأقصى منتهكاً بهذا الشكل طوال فترة الغزو الصليبي لبيت المقدس، وحتى الفتح الصلاحي سنة 583 هجرية/ 1187 ميلادية .

                          الأيوبيون

                          وفي سنة 583 هجرية/ 1187 ميلادية، فتح الله على القائد صلاح الدين الأيوبي (564-589 هجرية/ 119-1193ميلادية) باسترداد بيت المقدس وتطهير المسجد الأقصى من دنس الصليبيين، حيث قام صلاح الدين

                          بإعادة المسجد الأقصى على ما كان عليه قبل الغزو الصليبي له، والشروع بترميمه وإصلاحه. ومن أهم الترميمات التي أنجزت على يدي صلاح الدين، تجديد وتزيين محراب المسجد، حيث يشير إلى ذلك النقش التذكاري الذي يعلوه والمزخرف بالفسيفساء المذهبة حيث جاء فيه ما نصه (14) : ((بسم الله الرحمن الرحيم أمر بتجديد هذا المحراب المقدس وعمارة المسجد الأقصى الذي هو / على التقوى عبدالله ووليه يوسف بن أيوب أبو المظفر الملك الناصر صلاح الدنيا والدين/ عندما فتحه الله على يديه في شهور سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة/ وهو يسأل الله إذاعة شكر هذه النعمة وإجزال حظه من المغفرة والرحمة)).
                          كما أمر السلطان صلاح الدين بإحضار المنبر الخشبي الذي صنع خصيصاً في عهد السلطان نور الدين زنكي (541-569 هجرية/ 1146-1174 ميلادية)، ليكون بمثابة تذكار لفتح وتحرير المسجد الأقصى، حيث أحضره من حلب ووضعه في المسجد الأقصى .
                          وظل هذا المنبر قائماً فيه حتى تاريخ 21/8/1969م، عندما تم إحراق المسجد الأقصى المبارك على يدي مايكل روهان، وقد أتى الحريق على المنبر حتى لم يتبق منه إلا قطع صغيرة محفوظة الآن في المتحف الإسلامي في الحرم الشريف .
                          ويعتبر المنبر من روائع القطع الفنية الإسلامية، وذلك لما امتاز به من دقة ومتانة في الصنع، وكذلك لما اكتنفه من زخارف إسلامية بديعة (15) .
                          وقد تابع الأيوبيون بعد صلاح الدين، اهتمامهم في الحفاظ على المسجد الأقصى، حيث قام السلطان الملك المعظم عيسى (614-624هجرية/ 1218-1227 ميلادية)، في سنة 614 هجرية/ 1218 ميلادية، بإضافة الرواق الذي يتقدم الواجهة الشمالية للمسجد الأقصى، والذي يعتبر اليوم الواجهة الشمالية نفسها للمسجد الأقصى. وقد أشير إلى تعميره من خلال النقش التذكاري الموجود بواجهة الرواق الأوسط منه والذي جاء فيه ما نصه (16) :
                          ((بسم الله الرحمن الرحيم أنشأت هذه/ الأروقة في أيام دولة سيدنا/ ومولانا السلطان الملك المعظم شرف الدنيا/ والدين أبي العزائم عيسى بن الملك العادل/ سيف الدنيا والدين سلطان الإسلام/ والمسلمين أبي بكر بن أيوب بن شادي خليل أمير/ المؤمنين خلد الله ملكهما وذلك في سنة أربع/ عشر وستمائة للهجرة النبوية وصلى الله على محمد وآله)) .

                          المماليك
                          لقد ساهم المماليك في المحافظة على المسجد الأقصى بشكل منقطع النظير، وذلك من خلال ترميماتهم الكثيرة والمتتابعة فيه. حيث تركزت وتمت في الفترة المملوكية الواقعة ما بين (686-915 هجرية/ 1287-1509)، على يدي سلاطين المماليك نذكر أهمها:
                          1) السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون (678-689 هجرية/ 1280-1290ميلادية) : حيث قام بترميمات عديدة أهمها في سنة 686 هجرية/ 1286 ميلادية، والتي قام فيها بعمارة القسم الجنوبي الغربي من سقف المسجد الأقصى المبارك (17) .
                          2) السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون/ خلال سلطنته الثالثة (709-741 هجرية/ 1309-1340 ميلادية): حيث قام في سنة 728 هجرية/ 1327 ميلادية، بصيانة وترميم قبتي المسجد الداخلية والخارجية، وقد أشير إلى ذلك بالنقش التذكاري (الكتابة الدائرية) الموجودة في رقبة القبة من الداخل والذي جاء فيه ما نصه (18) : ((بسم الله الرحمن الرحيم جددت هذه القبة المباركة في أيام مولانا السلطان الملك الناصر العادل المجاهد المرابط المثاغر المؤيد المنصور قاهر الخوارج والمتمردين محي العدل في العالمين سلطان الإسلام والمسلمين ناصر الدنيا والدين محمد بن السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحي تغمده الله برحمته في شهور سنة ثمان وعشرين وسبعمائة)) .
                          3) السلطان الملك الكامل سيف الدين شعبان (746-747 هجرية/ 1345-1346 ميلادية) : حيث قام في سنة 746 هجرية/ 1345 ميلادية، بتجديد المسجد من الداخل وأبوابه، والذي أشير إليه في نقشه التذكاري الموجود في الواجهة الشمالية للمسجد (19) .
                          4) السلطان الملك الناصر ناصر الدين حسن خلال سلطنته الأولى (748-752 هجرية/ 1347-1351 ميلادية): حيث قام في سنة 751 هجرية/ 1350 ميلادية، بتجديد جناح للمسجد كان يقوم في الجهة الشرقية الشمالية منه، وذلك وفقاً لما جاء بالنقش التذكاري الموجود في الرواق الشمالي للمسجد (20) .
                          5) السلطان الملك الأشرف سيف الدين إينال (857-865 هجرية/ 1453-1461 ميلادية) : حيث قام في سنة 865 هجرية/ 1460 ميلادية، بتعميرات مختلفة في المسجد الأقصى، كما قام بوضع المصحف الشريف بالمسجد الأقصى ورتب له قارئاً ووقف عليه جهة(21) .
                          6) السلطان الملك الأشرف سيف الدين قايتباي (872-901 هجرية/ 1468-1496 ميلادية) : حيث قام في سنة 879 هجرية/ 1474 ميلادية، بتعميرات مختلفة في المسجد الأقصى، منها تجديد رصاص أسطحه وقبة المسجد الأقصى (22) .
                          7) السلطان الملك الأشرف قانصوه الغوري (906-922 هجرية/ 1501-1516 ميلادية) : حيث قام في 915 هجرية/ 1509 ميلادية، بأعمال تجديدات في المسجد اشتملت على إصلاح رصاص السطح وبياض الجدران ودهان الأبواب وترميمها وغير ذلك، وذلك حسب ما ورد في نقشه التذكاري الموجود في المسجد (23) .

                          العثمانيون (24)

                          لقد كان للعثمانيين دور هام في متابعة مسيرة المحافظة على المسجد الأقصى المبارك، حيث قام سلاطينهم بأعمال ترميمات ضخمة في المسجد الأقصى، كان أهمهم السلطان سليمان القانوني (969 هجرية/ 1561 ميلادية)، والسلطان محمود الثاني (1233 هجرية/ 1817 ميلادية)، والسلطان عبد المجيد (1256 هجرية/ 1840 ميلادية)، والسلطان عبدالعزيز (1291 هجرية/ 1874 ميلادية)، والسلطان عبد الحميد الثاني (1293هجرية/ 1876 ميلادية) .

                          المجلس الإسلامي الأعلى

                          يقول المؤرخ المقدسي عارف العارف عن هذه الفترة (25) : ((إن التعميرات ابتدأت سنة 1938 م وانتهت 1943 م. وتلخصت أعمال الترميم بهدم الرواق الشرقي وإعادة بنائه من جديد .. وإنك لترى عندما تدنو من المسجد بين مدخله الرئيسي والباب الكائن غربيه بلاطة من المرمر نقشت عليها السطور التالية بماء الذهب: ((جدد المجلس الإسلامي الأعلى القسم الشرقي والرواق الأوسط وواجهة الرواق الشمالي للمسجد الأقصى المبارك بإشراف الآثار العربية بمصر. وكان بدء العمل في سنة 1357 هجرية والفراغ منه 1326 هجرية. وقامت الحكومة المصرية بتجديد السقف الخشبي للرواق الأوسط في عهد جلالة الملك الصالح فاروق الأول حفظه الله وأيد ملكه في سنة 1363 للهجرة 1943 م)) .
                          وقد استمرت أعمال الترميم في المسجد الأقصى في العهد الأردني وذلك من خلال لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة التي ما زالت تقوم بمسؤولياتها حتى هذا اليوم .
                          حريق المسجد الأقصى

                          على أثر الحادث المؤسف الذي حل بالمسجد الأقصى المبارك في 21/8/1969م، قامت لجنة إعمار المسجد الأقصى المبارك بإصدار بيان خاص بالأضرار التي نتجت عن الحريق فضلاً عن المنبر الذي التهمته النيران وأتت عليه كله ما عدا بعض القطع منه، اشتملت على التقرير التالي (26) :

                          (1) – أ : تبين أن السقف الخشبي للجزء الجنوبي الشرقي من المسجد قد احترق كلياً ويجب إزالة بقايا العوارض الخشبية التي كانت تحمله لأنها آيلة للسقوط .
                          (ب): تبين أن أعمدة هذا الجزء لم تتأثر بالحريق وهي بالتالي لا تشكل خطراً في وضعها الحالي .
                          (2) القوس الجنوبي القائم مقابل المحراب والحامل للجزء الجنوبي من قبة المسجد .
                          (أ‌) تبين أن الحجارة المكونة للقوس وخاصة في قسمه الأعلى قد تأثر بالحريق وقد بدأ الوجه الجنوبي منها بالتفتت نتيجة للحرارة التي تعرضت لها .
                          (ب‌) يجب استبدال هذه الحجارة عند إجراء الإصلاحات .
                          (ج) تبين أن العمودين اللذين يرتكز عليهما هذا القوس قد تأثرا بالحريق وبدرجات متفاوتة .
                          (3) حائط المنبر: تبين أن هذا الحائط تضرر من الحريق .
                          (4) قبة المسجد :
                          (ا) نظراً لارتفاع القبة الخرسانية فقد تبين بأن الحريق لم يؤثر عليها لدرجة تدعو إلى القلق من الوجهة الإنشائية .
                          (ب) قاعدة القبة الحجرية المستديرة تعرضت للنيران في الجزء الأسفل الشرقي .
                          (ج‌) تبين أن النيران أتت على الكسوة الخشبية الداخلية للقبة بحيث سبب في تلفها .
                          (5) السقف عند المحراب: تبين بأن الكسوة الخشبية لهذا السقف قد تعرضت للنيران مما سبب في تلفها .

                          لقد كان حريق المسجد الأقصى المبارك كارثة حقيقية، ليس على المستوى الديني فحسب، وإنما أيضاً على المستوى الفني والأثري، إذ أن الخسائر التي ألحقها الحريق بالمسجد قد دمرت إبداعاً حضارياً صنعته يد الإنسان خلال عقود طويلة من الزمن

                          تعليق


                          • #14
                            مآذن الحرم الشريف

                            لم تسعفنا المصادر التاريخية عن ماهية وعدد مآذن المسجد الأقصى في الفترات الإسلامية المبكرة، ولكننا اليوم أمام أربع مآذن يعود تاريخ إنشائها للفترة المملوكية، حيث تقع ثلاثة منها على صف واحد في الجهة الغربية للحرم الشريف. وأما الرابعة فتقع في الجهة الشمالية على مقربة من باب الأسباط، ومن المحتمل جداً أن هذه المآذن الأربعة، قامت على أساس وأنقاض قواعد المآذن الأموية للمسجد الأقصى المبارك .
                            ومن الملاحظ أن المآذن الأربعة أقيمت في الجهتين الشمالية والغربية، ذلك أن تمركز السكان في ذلك الوقت كان في تلكما الجهتين، فكان لكل مئذنة مؤذن واحد يقف على شرفة المئذنة وينادي بالآذان لإسماع السكان القاطنين في جهتي المدينة. وعلى ما يبدو أنه لم تكن أية مئذنة في الجهتين الجنوبية والشرقية والتي كانتا بمثابة سور للمدينة في ذلك الوقت .
                            وقد أنشئت مآذن الحرم الشريف الأربعة التي نراها اليوم في عهد المماليك في الفترة الواقعة ما بين 677-769 هجرية/ 1278 – 1736 ميلادية)، حيث امتازت بشكل عام من الناحية المعمارية بمساقط مربعة الشكل تتألف من عدة طوابق، تنتهي بالأعلى للشرفة التي تعلوها القبة الصغيرة والتي تعرف بالخوذة أو المبخرة التي توجت بالهلال، ويصعد إلى شرفاتها بواسطة الدرج (السلم الحجري) الحلزوني الشكل والموجود بداخل المئذنة، وقد زخرفت مآذن الحرم بزخارف مملوكية مختلفة أهمها المقرنصات (1) التي زينت قواعد شرفاتها .
                            وقد لافت مآذن الحرم الشريف اهتماماً شديداً من قبل المجلس الأعلى حيث دأب على الحفاظ عليها من خلال ترميماته المكثفة لها في الفترة ما بين (1922-1927) (2) .

                            وأما المآذن الأربعة فهي:
                            (1) مئذنة باب المغاربة (3) : (دليل الموقع – 12)

                            تقوم هذه المئذنة في الركن الجنوبي الغربي للحرم الشريف، وتعرف كذلك بالمئذنة الفخرية نسبة للقاضي شرف الدين عبد الرحمن بن الصاحب الوزير فخر الدين الخليلي (4) الذي أشرف على بنائها خلال فترة وظيفته كناظر الحرمين الشريفين (في القدس والخليل) في سنة 677 هجرية/ 1278 ميلادية، في عهد السلطان الملك السعيد ناصر الدين بركة خان (676-678 هجرية/ 1277 – 1280) .

                            (2) مئذنة باب السلسلة (5) : (دليل الموقع – 13)

                            تقوم هذه المئذنة في الجهة الغربية للحرم الشريف بين باب السلسلة والمدرسة الأشرفية. وقد تم بناؤها في عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في سلطنته الثالثة (809 – 741 هجرية/ 1309-1340 ميلادية)، على يدي نائبه الأمير سيف الدين تنكز الناصري (6) سنة 730 هجرية/ 1329 ميلادية، وذلك وفق ما جاء بالنقش التذكاري الموجود في الجهة الشرقية من قاعدة المئذنة بما نصه (7):

                            ((بسم الله الرحمن الرحيم أمر بعمارة هذه المنارة المباركة في أيام مولانا السلطان الملك الناصر/ … في سنة ثلاثين وسبعمائة)) .

                            (3) مئذنة باب الغوانمة (8) : (دليل الموقع – 14)

                            تقوم هذه المئذنة في الركن الشمالي الغربي للحرم الشريف بجانب باب الغوانمة. وقد تم بناؤها في عهد السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين (696-698 هجرية/ 1297-1299ميلادية)، على يدي القاضي شرف الدين عبد الرحمن بن الصاحب الوزير فخر الدين الذي أشرف على بناء مئذنة باب المغاربة (9) .

                            وقد تم تجديدها في عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في نفس تاريخ إنشائه لمئذنة باب السلسلة المذكورة سابقاً (10) وعلى يدي نائبه الأمير سيف الدين تنكز. وقد عرفت مئذنة باب الغوانمة أيضاً بمنارة قلاوون.

                            (4) مئذنة باب الأسباط (11) : (دليل الموقع – 15)
                            تقوم هذه المئذنة في الجهة الشمالية للحرم الشريف، بين باب حطة وباب الأسباط، وقد تم بناؤها في عهد السلطان الملك الأشرف شعبان (764-778 هجرية/ 1363-1376 ميلادية) على يدي ناظر الحرمين الشريفين الأمير سيف الدين قطلوبغا في سنة 769 هجرية/ 1367 ميلادية، وذلك وفقاً للنقش التذكاري والذي كان موجوداً عليها، حيث جاء فيه ما نصه(12):
                            ((أنشئت هذه المنارة المباركة في أيام مولانا السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسن بن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون/ خلد الله ملكه الأمير سيف الدين المقر الأشرفي السيفي قطلعوبغا ناظر الحرمين الشريفين أعز الله أنصاره في تاريخ سنة تسع وستين وسبعمائة)) .
                            ومن الجدير بالإشارة إلى أن شكل قاعدة هذه المئذنة تختلف عن المآذن الأخرى، فهي ثمانية الأضلاع وليست مربعة، فعلى ما يبدو أنه أعيد بناؤها بشكلها الأسطواني هذا في الفترة العثمانية .

                            تعليق


                            • #15
                              أروقة الحرم الشريف

                              لم تسعفنا المصادر التاريخية بإعطائنا وصفاً لأروقة الحرم الشريف في الفترات الإسلامية المبكرة، باستثناء الرحالة الفارسي ناصر خسرو الذي زار المسجد الأقصى قبل الاحتلال الصليبي له، والذي أشار إلى وجود رواق في الجهة الشرقية للحرم الشريف (1) ، ولكنه تهدم واندثر جراء الهزات الأرضية التي حدثت في القدس .
                              ولكننا اليوم أمام رواقين قائمين في الجهتين الشمالية والغربية للحرم الشريف واللذين من المحتمل أن يكونا قد أقيما على أساسات أروقة الحرم الشريف الأصلية والقديمة التي تعود للفترات الإسلامية المبكرة. وقد عرفا بالرواقين: الشمالي والغربي. وقد أقيمت لغرضي الصلاة والتدريس، حيث يتقي المصلون والدارسون تحتها من حرارة الشمس في أيام الصيف والأمطار الغزيرة في أيام الشتاء .
                              الرواق الشمالي
                              وهو الذي يقوم في الجهة الشمالية للحرم الشريف ممتداً من الشرق إلى الغرب، والذي يتألف من عقود حجرية تقوم على دعامات حجرية متتابعة غطيت بسلسلة من الأقبية المتقاطعة، وقد تخللها ثلاثة من أبواب الحرم الشريف وهي باب الأسباط وباب حطة وباب العتم، إضافة إلى مئذنة باب الأسباط .
                              وقد تم إنشاء وتعمير هذا الرواق في الفترة ما بين (610-760 هجرية/ 1213-1358 ميلادية)، حيث تم تعمير قسم منه في الفترة الأيوبية في عهد السلطان الملك العظيم عيسى، وهو القسم الذي يقع ما بين باب العتم والمدرسة الفارسية وذلك حسب ما ورد في النقش التذكاري الموجود قرب باب العتم (2) .
                              وأما بقية الرواق فقد تم إنشاؤه على مراحل متتابعة في الفترة المملوكية، كما وبني فيه وفوقه مجموعة من المدارس الدينية المملوكية والتي أكسبته رونقاً وجمالاً من خلال واجهاتها المعمارية التي تعكس التطور المعماري للحرم الشريف في الفترة المملوكية .
                              وقد بلغت المدارس الدينية التي احتضنت في قلب هذا الرواق والقائمة فيه وعليه حتى يومنا هذا تسع مدارس وسنوردها بالترتيب من الشرق إلى الغرب كالآتي (3) :
                              1) المدرسة الغادرية: (دليل الموقع – 16)
                              الواقعة بين باب حطة وباب الأسباط، والتي بنيت في عهد السلطان الأشرف بارسباي في سنة 836 هـ، على يدي "مصر خاتون" زوجة الأمير ناصر الدين محمد بن دلغادر .
                              وتقوم اليوم دائرة الأوقاف الإسلامية بترميمها لتكون صالحة لاستخدامها كمكاتب لها .
                              2) المدرسة الكريمية : (دليل الموقع – 17)
                              الواقعة بباب حطة، والتي بنيت في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، والتي أوقفت على يدي الصاحب كريم الدين بن عبد الكريم بن المعلم هبة الله في سنة 718 هـ، وتعرف اليوم بدار جار الله الذين ما زالوا يرابطون فيها .
                              3) المدرسة والتربة الأوحدية: (دليل الموقع – 18)
                              الواقعة بباب حطة إلى الشرق من المدرستين الدوادارية والباسطية. وقد أوقفها الملك الأوحد نجم الدين يوسف بن الملك الناصر صلاح الدين في سنة 697 هجرية/ 1298 ميلادية وتعتبر أقدم نموذجاً للترب (جمع تربة) الأيوبية التي أقيمت في الفترة الأيوبية وبخاصة في الرواق الشمالي للحرم الشريف .
                              4) المدرسة الباسطية : (دليل الموقع – 19)
                              الواقعة فوق الرواق مقابل المدرسة الدوادارية. وقد أوقفت على يدي القاضي زين الدين عبد الباسط بن خليل الدمشقي في سنة 834 هجرية/ 1413 ميلادية، هذا ويستخدم قسم منها اليوم كمدرسة (مدرسة البكرية للبنين) والقسم الآخر كبيت سكن لإحدى العائلات المقدسية .
                              5) المدرسة الدوادارية : (دليل الموقع – 20)
                              الواقعة بباب العتم والتي بنيت على يدي الأمير علم الدين أبو موسى سنجر الداوادار (أي صاحب دواة السلطان وهو ما يعادل السكرتير الخاص به) وذلك في سنة 695 هجرية/ 1295 ميلادية، وهي اليوم مقراً للمدرسة البكرية الابتدائية للبنات .

                              6) المدرسة الأمينية: (سيأتي تفصيلها) .
                              7) المدرسة الفارسية: (سيأتي تفصيلها) .
                              8) المدرسة الألملكية: (سيأتي تفصيلها) .
                              9) المدرسة الأسعردية: (دليل الموقع – 24) .

                              الواقعة فوق الرواق إلى الغرب من المدرسة المالكية. وقد أوقفت على يدي مجد الدين أبي بكر بن يوسف الأسعردي في سنة 760 هجرية/ 1359 ميلادية، وتستخدم اليوم كدار للسكن حيث يرابط فيها جماعة من آل البيطار .
                              هذا وقد ذكر مجير الدين ثلاثة مدارس أخرى كانت تقوم فوق القسم الشرقي من الرواق الشمالي للحرم الشريف وتهدمت وأزيلت مع مرور الزمن، وهي الحسنية والطولونية والفنارية (4) .
                              وقبل البدء بشرح بعض النماذج من هذه المدارس المذكورة أعلاه، لا بد لنا من عرض بعض الحقائق العلمية والأثرية (المعمارية) التي تخص عمارة المدارس المملوكية بالقدس والحرم الشريف وهي:
                              1- امتازت المدارس المملوكية بواجهاتها الرئيسية التي حددت الحدود الخاصة لكل مدرسة على حدة وذلك من خلال الإطار المميز المحيط بها.
                              2- اشتمل مخطط الطابق الأرضي للمدرسة المملوكية بشكل عام على : المدخل الرئيسي الذي يؤدي إلى الدركاة التي كانت عبارة عن (موزع) تؤدي إلى غرفة الضريح في جانب والغرفة المقابلة، (والتي من المحتمل أنها كانت للحراسة)، في الجانب الآخر ومن ثم يدخل إلى الساحة المكشوفة التي تتوسط المدرسة والمحاطة بالغرف الصغيرة (الخلاوي للتعبد/ جمع خلوة) وفي بعض الأحيان يكون الإيوان المفتوح في صدر الساحة المكشوفة والمحاط بغرفتين من كل جانب مثل ذلك في المدرستين الجوهرية والمزهرية (9) .
                              وأما الطابق الأول الذي يصعد إليه من خلال السلم الحجري الواقع في زاوية ما في الطابق الأرضي، فيتألف في معظم الأحيان من الممرات المكشوفة التي تؤدي إلى الغرف والخلاوي المحيطة بها على غرار الخلاوي الواقعة في الطابق الأرضي، هذا وتجدر الإشارة هنا إلى وجود بعض الاختلافات من مدرسة إلى أخرى بشكل طفيف وليس جوهرياً .
                              3- تميزت عمارة المدارس المملوكية بعناصر معمارية نذكر منها:
                              أ‌) الواجهة المعمارية التي تعتبر مفتاح المبنى بحد ذاته .
                              ب‌) الإطار الحجري المزخرف أو المنحوت الذي يحدد الواجهة الرئيسية ومن ثم المعلم نفسه .
                              ج) استعمال الحجارة الملونة وخاصة اللونين الأحمر والأبيض (المشهر) وذلك بترتيبها بصفوف (مداميك) حجرية متناوبة: أحمر وأبيض .. وهكذا .. وكذلك استخدام الحجارة ذات اللون الأسود .
                              د) استعمال صفوف المقرنصات الهندسية المزخرفة وبخاصة فوق المدخل الرئيسي للواجهة الرئيسية في أعلى القوصرة، وكذلك استعمال الصنج المعشقة المشهرة .
                              هـ) استعمال اللوحات النباتية والهندسية وبخاصة فوق شبابيك غرف الضريح والمدخل الرئيسي.
                              و) استعمال الشريط الكتابي (النقش التذكاري) الذي يعتبر وثيقة تاريخية وأثرية في تدقيق الأثر نفسه حيث يعطينا اسم مؤسس المبنى وتاريخ إنشائه ووظيفته .
                              ز) استعمال المصبغات الحديدية كحماية على الشبابيك الواقعة في الواجهة الرئيسية .
                              وقد ارتأينا أن نعرض ثلاثة نماذج من المدارس المملوكية الواقعة في الرواق الشمالي للحرم الشريف وهي: الألملكية، الفارسية، والأمينية .
                              المدرسة الألملكية : (دليل الموقع - 23)
                              تقع المدرسة الألملكية في الرواق الشمالي للحرم الشريف بين المدرستين الفارسية من الجهة الشرقية والأسعردية من الجهة الغربية، ويدخل إلى المدرسة من خلال مدخلها الرئيسي الجميل الواقع في الجهة الغربية والذي يتوصل إليه بواسطة السلم الحجري المؤدي لكلتا المدرستين الألملكية والأسعردية .
                              ويتألف مبنى المدرسة الألملكية من طابقين، الأول والذي يتكون من القاعة الرئيسة الواقعة في الجهة الجنوبية للمبنى وغرفة الضريح المدفون فيه جثمان زوجة الأمير آل ملك الجوكندار والغرف الصغيرة المحيطة بالساحة المكشوفة.
                              وأما الطابق الثاني فيتكون من عدد من الغرف الصغيرة والكبيرة والتي أضيفت في الفترة العثمانية المتأخرة على يدي مالكيه (آل الخطيب) وذلك لتوسيع المبنى ليتناسب واحتياجات قاطنيه .
                              هذا وتمثل عمارة المدرسة الألملكية متحفاً للعمارة المملوكية في القدس حيث اشتملت على معظم العناصر المعمارية المملوكية والتي تجلت في واجهتها الرئيسية ومدخلها الرئيسي من خلال استخدام الحجارة المشهرة (الملونة باللونين الأحمر والأبيض المتتاليين) وصوف المقرنصات المزخرفة والصنج المعشقة والنقش التذكاري الذي يشير إلى تاريخ عمارتها والرنوك (الشعارات) السلطانية التي تحف به من الجانبين والتي تشير إلى شعار الأمير جوكندار المتمثل بالعصا التي يحملها لاعب الكرة (البولو) حيث كان الحاج آل ملك مسؤولاً عن حمل عصا الملك الناصر محمد أثناء اللعب ومن هنا جاء لقبه بالجوكندار "plol masters".
                              وأما من الداخل، فلم يقل مستوى استخدام العناصر المعمارية والزخرفية عن المستوى الذي استخدم في الواجهتين المذكورتين، فقط حافظ المعماري المملوكي على نسيج واحد متكامل ومتجانس سواء في داخل مبنى المدرسة أو خارجها وذلك ليعكس مدى جمال وتناسق الزخم المعماري المملوكي في الحرم الشريف .
                              تاريخ المبنى:
                              قام بإنشاء المدرسة الألملكية والتي تعرف أيضاً باسم "مدرسة الجوكندار"، الحاج آل ملك الجوكندار في سنة 741 هجرية/ 1340 ميلادية في عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون خلال سلطنته الثالثة (709 –741 هجرية/ 1309-1340ميلادية)، وذلك حسب ما يشير إليه النقش التذكاري (6) والذي يقوم في واجهتها الرئيسية. وقد كان الأمير الحاج آل ملك الجوكندار من رجالات الدولة المملوكية حيث شغل مناصب متعددة ومهمة فقد كان جوكندار للملك الناصر محمد بن قلاوون، وكذلك تولى نيابة السلطنة في الديار المصرية في عهد الملك الصالح عماد الدين إسماعيل (743-746 هجرية/ 1342 – 1345 ميلادية)، حتى تم خلعه عنها على يدي الملك الكامل سيف الدين شعبان (746 –747 هجرية/ 1345-1346 ميلادية)، وولاية نيابة صفد كإهانة له (7) .
                              وأما عن وقفية المدرسة، فقد جاء أن زوجة الحاج آل ملك الجوكندار والمعروفة باسم "ملك بنت السيفي قلطقتم الناصري" قامت بوقف الأموال اللازمة للصرف على المدرسة ومن المحتمل عمارتها أيضاً من أموالها الخاصة وذلك حسب ما جاء في الوقفية المؤرخة في سنة 745 هجرية/ 1344 ميلادية والتي ذكرها مجير الدين (8). وقد قامت زوجة الأمير آل ملك الجوكندار بعمل وقفية أخرى في سنة 757 هجرية/ 1356 ميلادية (9) ، حيث أوقفت عليها خان الحبالين الواقع بمدينة غزة وجميع الحوانيت السبع الملاصقة للخان .
                              هذا وقد ظلت المدرسة الألملكية تقوم بدورها الحضاري كمعهد من معاهد العلم في الحرم الشريف في القدس حتى نهاية القرن الثاني عشر الهجري، حيث اشتهر من شيوخها (10) : الشيخ الإمام سراج الدين الحنبلي المتوفي سنة 755 هجرية، والشيخ شرف الدين القرقشندي المقدسي المتوفي سنة 836 هجرية، وقاضي القضاة جمال الدين الأنصاري المالكي المتوفي سنة 850 هجرية تقريباً، والشيخ علي بن حبيب الله المتوفي سنة 1144 هجرية.
                              وتعتبر المدرسة الألملكية وقفاً ذرياً لآل الخطيب الذين يرابطون فيها حتى يومنا هذا .

                              المدرسة الفارسية : (دليل الموقع – 22)
                              تقع المدرسة الفارسية فوق الرواق الشمالي للحرم الشريف، بين المدرستين الأمينية والألملكية، ويدخل إلى المبنى الحالي للمدرسة بواسطة مدخل بسيط يقوم تحت الرواق المذكور حيث يؤدي إلى سلم حجري يتوصل من خلاله إلى المبنى نفسه .
                              ويتألف المبنى من طابق واحد يتكون من ثلاث غرف مربعة الشكل تقريباً ممتدة على صف واحد من الغرب إلى الشرق، إضافة إلى الساحة المكشوفة الصغيرة الواقعة خلف الغرف المذكورة والمحاطة بغرفتين صغيرتين من الجهة الغربية .
                              تاريخ المبنى:
                              شاء القدر أن لا يبقى من معالم المدرسة الفارسية الأصلية شيء يؤكد عمارتها التي كانت تتمتع بها، حيث تكاد أن ندرجها في جدول المعالم المملوكية الدارسة في القدس. ولكن لولا ذكرها في كتب التاريخ لما استطعنا التعرف عليها، حيث تمت الإشارة إليها عند مجير الدين (11) ضمن المدارس الواقعة في الرواق الشمالي للحرم الشريف، مشيراً إلى أنه أطلع على الوقفية المؤرخة في الثالث من شعبان سنة 755 هجرية والتي تنص على أن واقفها هو الأمير فارس ألبكي بن الأمير قطلو ملك بن عبدالله نائب السلطنة بالأعمال الساحلية والجبلية ونائب غزة، وذلك في عهد السلطان الملك الناصر حسن خلال سلطنته الثانية (755 –762 هجرية/ 1354 – 1261ميلادية)، ووقف عليها قسماً من قرية طولكرم (مدينة كبيرة في شمال فلسطين اليوم). ونجد في مصدر آخر ما يدل (12) على أن الأمير المذكور أعلاه قد أنشأ المدرسة الفارسية ووقف عليها نصل أراضي قرية الشويكة قضاء نابلس وذلك في تاريخ 753 هجرية/ 1352 ميلادية، وقد دعيت الفارسية بهذه الوقفية باسم خانقاه (دار للعبادة والتصوف باللغة الفارسية).
                              ونعتقد بأن المصدر الثاني أدق من مجير الدين، لاعتماد مؤلفه الدكتور العسلي على سجلات المحكمة الشرعية بالقدس.
                              كما وقام الأمير فارس ألبكي بإنشاء مدرسة بالقاهرة سميت بالفارسية بعد الفارسية بالقدس، وعليه نميل إلى الاعتقاد إلى أن تاريخ عمارة الفارسية يعود إلى ما بين 750 – 753 هجرية .
                              وقد كانت المدرسة الفارسية معهداً علمياً ساهم في دفع النهضة العلمية والحضارية في القدس، فقد برز من شيوخها القدماء والمحدثين الشيخ زين الدين المتوفي
                              سنة 838 هجرية، والمدفون في مقبرة باب الرحمة بالقدس الشريف (13) .
                              هذا وعلى ما يبدو أن عمارة المدرسة الفارسية الأصلية قد تهدمت أثر زلزال حدث في فترة لاحقة (لم تسعفنا الروايات التاريخية بالإشارة إليه)، الأمر الذي جعل العثمانيين يعيدون بناءها بالشكل التي هي عليه الآن .
                              وتشير السجلات الوقفية إلى استمرارية استخدام المبنى كمدرسة وسكن لشيوخها بنفس الوقت في الفترة العثمانية، والذين نذكر منهم (14) :
                              الشيخ طه بن صالح المكنى بأبي الرضا الديري المقدسي الحنفي المتوفي سنة 1071 هجرية، والذي سكن المدرسة الفارسية ودرس فيها، والشيخ فتح الله بن طه (الخالدي) الديري الذي عين شيخاً بالفارسية في سنة 1077 هجرية، وكذلك الشيخ موسى بن محمود الخالدي الذي درس فيها سنة 1124 هجرية .
                              ونخلص بالقول إلى أننا أمام معلم أثري مهم ذو تاريخ ووقف إسلامي عام يعود للفترة المملوكية، وعمارة عثمانية طالما لعب دوراً فعالاً في نهوض الحركة العلمية والحضارية في القدس الشريف .
                              والمبنى اليوم يسكنه جماعة من آل الدجاني كانوا قد استأجروه من دائرة الأوقاف الإسلامية على اعتبار أنه وقف إسلامي عام .
                              المدرسة أو الزاوية الأمينية : (دليل الموقع – 21)
                              تقع المدرسة أو الزاوية الأمينية بقرب باب العتم بالنسبة للطابقين الأرضي والأول منها، وفوق الرواق الشمالي للحرم الشريف إلى الشرق من المدرسة الفارسية بالنسبة إلى الطابقين الثاني والثالث منها، ويتألف مبنى المدرسة الأمينية من أربعة طوابق: الأرضي والأول والثاني والثالث. ويتكون الطابق الأرضي من المدخل الرئيسي الذي يطل على طريق باب العتم والدركاه (الموزع) المؤدية إلى غرفة الضريح والإيوان والصحن المكشوف الذي يتوسطه حوض ماء مربع الشكل، وقد كان الطابق الأرضي يستخدم للتدريس .
                              وأما الطابق الأول فهو عبارة عن أربعة غرف مربعة الشكل تقريباً تقوم في الجهة الجنوبية منه إضافة إلى الدهاليز (الممرات المقبية) المحيطة بالمنور والذي على ما يبدو أنه قد تم تغطيته في فترة لاحقة (الفترة العثمانية) ومجموعة من الغرف الصغيرة التي تقوم في الجهة الشمالية للطابق الأول. ويصعد إلى الطابق الثاني من خلال السلم الحجري المؤدي إلى الساحة المكشوفة التي تتقدم الغرف والقاعة الرئيسية المطلة على ساحة الحرم الشريف، وأما الطابق الثاني فيتألف من غرف صغيرة وكبيرة تقوم في الجهتين الشمالية والجنوبية للساحة المكشوفة .

                              تاريخ المبنى
                              قام بإنشاء المدرسة أو الزاوية الأمينية الصاحب أمين الدين عبد الله سنة 730 هجرية/ 1329 ميلادية في عهد السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون خلال سلطنته الثالثة (709 –741 هجرية/ 1309-1340 ميلادية)، حيث تم ذكرها عند المؤرخين مثل ابن فضل الله العمري (15) وكذلك مجير الدين الحنبلي (16) .
                              ومن خلال زيارتنا للموقع فقد اتضح لنا أن المبنى قد مر بمرحلتين تاريخيتين متعاقبتلتي أضيفين في الفترة المملوكية و فترة التأسيس والفترة العثمانية وهي فترة الترميمات والإضافات .
                              وتتمثل الفترة المملوكية بالطابق الأرضي والأول والقسم الجنوبي من الطابق الثاني والذي يقوم على الرواق الشمالي للحرم الشريف والمطل على ساحته من خلال واجهته التي زينت بالشبابيك الجميلة ذات العناصر المعمارية المملوكية حيث تكتنف هذه الواجهة في داخلها الدركاه والقاعة الرئيسية والغرفة المجاورة لها من الجهة الشرقية .
                              وعلى ما يبدو فإن المبنى قد تهدم إثر الهزة الأرضية التي حدثت في سنة 952 هجرية/ 1546 ميلادية (17) مما ترتب عليه عمل ترميمات وإضافات في الفترة العثمانية ما بين القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين .

                              تعليق

                              يعمل...
                              X