--------------------------------------------------------------------------------
الصواريخ الفلسطينية نظرة عقلانية:
* الصواريخ والنموذج الإدراكي:
يجب أن ندرك جيداً أنّ معظم المستوطنين الإسرائليين الحاليين هم مجرد مرتزقة، فأكثرهم لم يأتِ به إلى فلسطين إلا الرخاء المادي الذي وفرته له الحكومة ، وإذا كانت الأجيال الأولى من المستوطنين ذات بعدٍ دينيٍّ عقديٍّ في قدومها إلى فلسطين فإن الأجيال الحالية – ومع تزايد معدل العلمنة – تبحث عن العيش الرخيِّ الهانئ! ويدلك على هذا أن الإعلان عن المستوطنات الإسرائيلية في الصحف الغربية لم يعد يتحدث بمنطق العودة إلى أرض الأجداد !! وإنما بات يتحدث عن مزايا المستوطنة مادياً فقط !!
إذنْ الخارطة الإدراكية للمستوطن اليهودي أنه سيأتي إلى أرض ينعم فيها بالرخاءالمادي والنعيم والاستقرار .. إذا فهمنا ذلك جيداً أدركنا أنَّ ( كل ما ينغص على المستوطنين حياتهم هو في النهاية إحباطٌ للمخطط الصهيوني !
المسألة إذن ليست مسألة صواريخ لاتزيد على أن تثقب حفراً في شوارع إسرائيل، المسألة أن هذه الصواريخ البسيطة تهز النموذج الإدراكي للمستوطنين من أساسه، وبالتالي تدفعهم للهرب، ومن ثم يفضي ذلك إلى زوال نموذج إسرائيل كدولة آمنة مستقرة. [ انظر ما كتبهد.المسيري في تجربته الفكرية ص : 524 ـ 526 ] .
هل فهمنا الآن قيمة الصواريخ ؟ بل حتى قيمة الحجر الذي يلقيه الطفل الفلسطيني على اليهود ؟
إنَّ تعطيل الدراسة في جنوب إسرائيل بسبب صواريخ المقاومة يعني شرخاًهائلاًُ في البنية الإدراكية التي صرفت إسرائيل مليارات الدولارات لتغرسها في نفوس مواطنيها.
إنّ صاروخ المقاومة لا يثقب حفرة في أرض إسرائيل فقط .. بل يثقب الكيان الإسرائيلي بأكمله.
* الكيل بمكيالين:
ومن عجيب هذه القضية أن كل دولةٍ عربيةٍ – ومعها مؤرخوها وكتابها - تصوِّر حروبها التأسيسية والتحررية على أنها حروب كرامةٍ ووطنية ثم تُصَوَّرُ حرب المقاومة في فلسطين على أنها حرب عبثية بصواريخ ورقية؟!!
إن القضية ليست في ( صواريخ ) تطلقها المقاومة ، بل المشكلة عند إسرائيل هي في المقاومة ذاتها، إنها لا تريد أن يوجد شخص واحدٌ يؤمن بخيار المقاومة ولو بعد مرحلةٍ من السياسةِ والمرونة، تريد الجميع أن يكونوا مستسلمين مدجّنين .. ولعلها بعد ذلك ألا ترضى أيضاً ! لأنها في النهاية تريد دولة يهودية خالصةً !! ولعلنا نتذكر تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية مؤخراً حول أحلامها بدولةٍ يهوديةٍ نقيةٍ!! مما يعني طرد عرب 48 .. هؤلاء الذين ما حملوا سلاحاً ولا أطلقوا صاروخاً واحداً !!!
إنه من المحزن حقا أن نجد كاتباً يهودياً يتفهم هذه الحقيقة بينما يجهلها أو يتجاهلها بعضنا ، يقول كاسريلز وزير المخابرات في جنوب أفريقيا ( وهو يهودي معاد للصهيونية ) : " كان هدف الصهيونية منذ البداية هو طرد المواطنين الأصليين حتى تصبح الدولة دولة يهودية خالصة. وعندما أدرك الفلسطينيون هذا بدأوا في المقاومة" إنه يفهم جيداً أن المقاومة حالة طبيعية تُجاه مستعمر يريد طرد السكان الأصليين. ثم يقول: "هذا هو السبب الرئيسي للصراع، من وجهة نظر الكثيرين".
*حكاية التوازن :
وأحسبُ أنَّ الشعوب المستعمَرَةَ والمضطهَدَة لو أخذتْ بنصيحةِ هؤلاء (الواقعيين) القاضية بضرورة توازن القوى وعدم المقاومة إلا عند تكافؤ العَدد والعُدد لبقيت إلى اليوم مستعمرةً مستنزفةً خانعةً.
أخبرني عن حالة تحررية واحدةٍ في العصر الحديث أو القديم كان فيها ( المقاوِمُ ) أقوى من المحتل أو حتى في مثل قوتِهِ!
أين حصل مثل هذا؟ في فيتنام؟ في جنوب أفريقيا؟ في الهند؟ في مجمل الدول العربية؟ في فرنسا إبان حربها مع النازيين؟ أين؟!!
كل تلك الحالات التحررية التي انتهت إلى استقلالٍ وردّ اعتبارٍ كانت كحالةِ فلسطين اليوم تماماً .. مقاومة أضعفُ عدداً وعدةً بكثير لكنها تملك إيماناً وعدالة قضية لا يمتلكهما المحتل المدجج بالسلاح، "ولم تكن المقاومة في يوم من الأيام مماثلة أو قريبة في قوتها من عدوها بل كانت أضعف منه وهي من يُقدّم الشُهداء، ولكنها تنطلق من توازن الرعب الذي يُجرد المحتل من القدرة على استقراره ويفرض عليه برنامجا مضطرباً من خلال الآلة المقاومة الأضعف هكذا حتى يهتز الاحتلال ويندحر"
وبعد هذا كله .. فإنَّ المقاومة التي انتقلت من مرحلة الحجارة إلى مرحلة الصواريخ، والتي بدأت صواريخها ببضعةِ كيلومترات ثم وصلت إلى أسدود وسديروت، ومن ثم إلى أكبر قاعدة عسكرية صهيونية، هذه المقاومة قادرة بإذن الله على مزيد من التطوير وتقليل الفارق يوماً بعد يومٍ.
ختاماً ...
إذا كانت العقلانية تعني أن يصبح الضحية مجرماً، والمظلوم ظالماً فلا بارك الله فيها!!
وإذا كانت العقلانية تعني التجرّد من المروءة والإنسانية، والولوغ في دماء القتلى والجرحى فلا مرحباً بها!!
وحيهلاً بعقلانيةٍ تنصرُ المظلوم وتقول للظالم: كفى.
الصواريخ الفلسطينية نظرة عقلانية:
* الصواريخ والنموذج الإدراكي:
يجب أن ندرك جيداً أنّ معظم المستوطنين الإسرائليين الحاليين هم مجرد مرتزقة، فأكثرهم لم يأتِ به إلى فلسطين إلا الرخاء المادي الذي وفرته له الحكومة ، وإذا كانت الأجيال الأولى من المستوطنين ذات بعدٍ دينيٍّ عقديٍّ في قدومها إلى فلسطين فإن الأجيال الحالية – ومع تزايد معدل العلمنة – تبحث عن العيش الرخيِّ الهانئ! ويدلك على هذا أن الإعلان عن المستوطنات الإسرائيلية في الصحف الغربية لم يعد يتحدث بمنطق العودة إلى أرض الأجداد !! وإنما بات يتحدث عن مزايا المستوطنة مادياً فقط !!
إذنْ الخارطة الإدراكية للمستوطن اليهودي أنه سيأتي إلى أرض ينعم فيها بالرخاءالمادي والنعيم والاستقرار .. إذا فهمنا ذلك جيداً أدركنا أنَّ ( كل ما ينغص على المستوطنين حياتهم هو في النهاية إحباطٌ للمخطط الصهيوني !
المسألة إذن ليست مسألة صواريخ لاتزيد على أن تثقب حفراً في شوارع إسرائيل، المسألة أن هذه الصواريخ البسيطة تهز النموذج الإدراكي للمستوطنين من أساسه، وبالتالي تدفعهم للهرب، ومن ثم يفضي ذلك إلى زوال نموذج إسرائيل كدولة آمنة مستقرة. [ انظر ما كتبهد.المسيري في تجربته الفكرية ص : 524 ـ 526 ] .
هل فهمنا الآن قيمة الصواريخ ؟ بل حتى قيمة الحجر الذي يلقيه الطفل الفلسطيني على اليهود ؟
إنَّ تعطيل الدراسة في جنوب إسرائيل بسبب صواريخ المقاومة يعني شرخاًهائلاًُ في البنية الإدراكية التي صرفت إسرائيل مليارات الدولارات لتغرسها في نفوس مواطنيها.
إنّ صاروخ المقاومة لا يثقب حفرة في أرض إسرائيل فقط .. بل يثقب الكيان الإسرائيلي بأكمله.
* الكيل بمكيالين:
ومن عجيب هذه القضية أن كل دولةٍ عربيةٍ – ومعها مؤرخوها وكتابها - تصوِّر حروبها التأسيسية والتحررية على أنها حروب كرامةٍ ووطنية ثم تُصَوَّرُ حرب المقاومة في فلسطين على أنها حرب عبثية بصواريخ ورقية؟!!
إن القضية ليست في ( صواريخ ) تطلقها المقاومة ، بل المشكلة عند إسرائيل هي في المقاومة ذاتها، إنها لا تريد أن يوجد شخص واحدٌ يؤمن بخيار المقاومة ولو بعد مرحلةٍ من السياسةِ والمرونة، تريد الجميع أن يكونوا مستسلمين مدجّنين .. ولعلها بعد ذلك ألا ترضى أيضاً ! لأنها في النهاية تريد دولة يهودية خالصةً !! ولعلنا نتذكر تصريح وزيرة الخارجية الإسرائيلية مؤخراً حول أحلامها بدولةٍ يهوديةٍ نقيةٍ!! مما يعني طرد عرب 48 .. هؤلاء الذين ما حملوا سلاحاً ولا أطلقوا صاروخاً واحداً !!!
إنه من المحزن حقا أن نجد كاتباً يهودياً يتفهم هذه الحقيقة بينما يجهلها أو يتجاهلها بعضنا ، يقول كاسريلز وزير المخابرات في جنوب أفريقيا ( وهو يهودي معاد للصهيونية ) : " كان هدف الصهيونية منذ البداية هو طرد المواطنين الأصليين حتى تصبح الدولة دولة يهودية خالصة. وعندما أدرك الفلسطينيون هذا بدأوا في المقاومة" إنه يفهم جيداً أن المقاومة حالة طبيعية تُجاه مستعمر يريد طرد السكان الأصليين. ثم يقول: "هذا هو السبب الرئيسي للصراع، من وجهة نظر الكثيرين".
*حكاية التوازن :
وأحسبُ أنَّ الشعوب المستعمَرَةَ والمضطهَدَة لو أخذتْ بنصيحةِ هؤلاء (الواقعيين) القاضية بضرورة توازن القوى وعدم المقاومة إلا عند تكافؤ العَدد والعُدد لبقيت إلى اليوم مستعمرةً مستنزفةً خانعةً.
أخبرني عن حالة تحررية واحدةٍ في العصر الحديث أو القديم كان فيها ( المقاوِمُ ) أقوى من المحتل أو حتى في مثل قوتِهِ!
أين حصل مثل هذا؟ في فيتنام؟ في جنوب أفريقيا؟ في الهند؟ في مجمل الدول العربية؟ في فرنسا إبان حربها مع النازيين؟ أين؟!!
كل تلك الحالات التحررية التي انتهت إلى استقلالٍ وردّ اعتبارٍ كانت كحالةِ فلسطين اليوم تماماً .. مقاومة أضعفُ عدداً وعدةً بكثير لكنها تملك إيماناً وعدالة قضية لا يمتلكهما المحتل المدجج بالسلاح، "ولم تكن المقاومة في يوم من الأيام مماثلة أو قريبة في قوتها من عدوها بل كانت أضعف منه وهي من يُقدّم الشُهداء، ولكنها تنطلق من توازن الرعب الذي يُجرد المحتل من القدرة على استقراره ويفرض عليه برنامجا مضطرباً من خلال الآلة المقاومة الأضعف هكذا حتى يهتز الاحتلال ويندحر"
وبعد هذا كله .. فإنَّ المقاومة التي انتقلت من مرحلة الحجارة إلى مرحلة الصواريخ، والتي بدأت صواريخها ببضعةِ كيلومترات ثم وصلت إلى أسدود وسديروت، ومن ثم إلى أكبر قاعدة عسكرية صهيونية، هذه المقاومة قادرة بإذن الله على مزيد من التطوير وتقليل الفارق يوماً بعد يومٍ.
ختاماً ...
إذا كانت العقلانية تعني أن يصبح الضحية مجرماً، والمظلوم ظالماً فلا بارك الله فيها!!
وإذا كانت العقلانية تعني التجرّد من المروءة والإنسانية، والولوغ في دماء القتلى والجرحى فلا مرحباً بها!!
وحيهلاً بعقلانيةٍ تنصرُ المظلوم وتقول للظالم: كفى.
تعليق