الإيمان والإرادة أقوى من الطائرة والدبابة
الذي لا يكتفي بمراقبة السطح الخارجي للأحداث – خاصة فيما يتصل بخبرات شعوبنا في مواجهة التحديات الاستعمارية وآخرها أمريكا وإسرائيل – يدرك على الفور أننا نمتلك القدرة على المواجهة والصمود وتفشيل العدو ومنعه من تحقيق أهدافه بوسائل غير تقليدية اكتشفها المجاهدون على مدى الصراع ، وأن قوة أمريكا وإسرائيل ليست قدراً ، بل هي قوة يمكن مواجهتها وهزيمتها ، ولو بمنعها على الأقل من تحقيق أهدافها وأننا إن كنا نتألم من جراء ممارسات تلك القوى ضدنا فإنهم يتألمون مثلما نتألم ، أي أننا قادرون على إنزال الألم بهم أيضاً ، ولكننا نرجو رضا الله تعالى والجنة وهم لا يرجون شيئاً ، وهذا عامل قوة لنا " فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون " .
حقيقة إمكانية مواجهة القوى الظالمة مهما كانت قوتها وجبروتها ، وأن الإنسان أقوى من التكنولوجيا هي حقيقة يؤكدها الإيمان بمدد الله تعالى ، الذي يأتي للمؤمنين المجاهدين الصادقين ، الذين بذلوا غاية الجهد ، ومن ثم فإن القعود عن الجهاد والمقاومة بدعوى عدم تكافؤ القوى هي حجة مرفوضة شرعياً ومرفوضة على مستوى دراسة تاريخ وحوادث الصراع ، بل إن تلك الحجة ليست إلا وسيلة للهزيمة من قبل بدء المعركة وتوفير جهد الأعداء من ثم ، وهي لا تحقق قطعاً حقن دمائنا بل العكس هو الصحيح ، فالاستسلام عادة ما يؤدي إلى مذابح " مذبحة صابرا وشاتيلا مثلاً " وكل المذابح التي تمت من قبل ومن بعد .
من الناحية القرآنية يقول الله تعالى " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " . إنها نفس الحجج الخوف من مواجهة الأعداء وانتقامهم بدعوى عدم تكافؤ القوى .
في مراحل الصراع مع العدو الصهيوني والأمريكي – ومن قبل مراحل الصراع مع الاستعمار الغربي ، أي منذ أن بدأت عناصر القوة تكون في صالح أعدائنا ، فإن الخبرات المتراكمة تقول أن مواجهة العدو بجيوش نظامية أو بدول وحكومات فشلت إلى حد كبير ، وأن الطريقة الوحيدة التي تم بها النجاح في المواجهة كانت الحرب الشعبية ، والأمثلة كثيرة متواترة متكررة ، مع أولى الحملات الاستعمارية مثلاً " الحملة الفرنسية 1798 " نجحت المقاومة الشعبية التي نظمها الأهالي بقيادة علماء الأزهر في إخراج الحملة وهزيمتها حين فشل المماليك " الحكومة والدولة " في ذلك .
الأمر نفسه تكرر في حملة فريزر على مصر 1807م، وفي التاريخ الحديث فشلت الدول العربية متفرقة ومجتمعة في التصدي لإسرائيل ، ولكن المقاومة الشعبية في مدينة السويس في مصر 1973 نجحت في ذلك وهزمت القوات الصهيونية التي حاولت احتلال المدينة، وفي الحملة العسكرية الأمريكية على العراق مثلاً 2003 فشلت حكومة العراق بجيشها الكبير وحزبها المنظم وقيادتها الصارمة في التصدي للعدوان، واحتل الأمريكيون العراق، ولكن المقاومة الشعبية اندلعت سريعاً، ونجحت في إنزال أكبر الخسائر بجيش الاحتلال، بل إنها صمدت رغم الظروف السيئة، وخيانة أحزاب وطوائف وزعماء وقادة ، صمدت للحملات العسكرية المتكررة طوال تلك السنوات منذ عام 2003 وهي على وشك تحقيق اندحار القوات الأمريكية .
نفس الأمر حدث في أفغانستان ، فشلت الحكومة والدولة بقيادة طالبان في مواجهة الاحتلال الأمريكي ثم نجحت كحركة شعبية، وبعد أربع سنوات على الاحتلال الذي تم عام 2001 ، أي تحديداً منذ نهاية عام 2005 كانت الحكومة والجيش الأمريكي، وجيوش حلف الأطلسي لا تسيطر إلا على العاصمة، وتزايدت قوة المقاومة التابعة لطالبان، أي أن طالبان ذاتها نجحت كحركة فيما فشلت فيه كحكومة.
الأمر نفسه تكرر مع حماس التي صمدت لكل أنواع ومحاولات التصفية ، ولا تزال تنفذ عملياتها وتطلق صواريخها ضد إسرائيل .
نفس المنطق تم في لبنان ، فلم يستطع إخراج الاحتلال الصهيوني من الجنوب إلا المقاومة الإسلامية عام 2000 وفي عام 2006 حين نجحت إسرائيل في الحصول على ضوء أخضر أمريكي أوروبي دولي بل وعربي وجزء منه لبناني لتصفية حزب الله ونزع سلاحه وتنفيذ القرار 1559 فإنها قد فشلت في ذلك .
لا يرجع ذلك بالطبع إلى قلة أو ضعف الإمكانيات لدى الجيش الصهيوني أو الجيش الأمريكي، بل يرجع إلى أن تلك الجيوش قد تنجح مع جيوش مثلها هي بالضرورة أضعف منها، أو تنجح في مواجهة دول وحكومات ولكنها تفشل بالضرورة في مواجهة حركات ومجتمعات. وهكذا فإن الخبرة الكبرى تقول أنه من الممكن هزيمة الأعداء بحرب المجتمعات وليس الجيوش والدول، وبحرب المنظمات الصغيرة، وبحرب الشعب، وأن الإيمان والإرادة أقوى من الطائرة والدبابة. وهذا من رحمة الله طبعاً بنا وبالبشر جميعاً، لأن من سننه تعالى أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا، وأن المجتمعات أقوى من جيوش الظالمين.
مسألة أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا، هذه حقيقة دللت عليها آلاف الحوادث ، فما معنى أنه في ظروف صعبة للغاية تنشأ حركات مقاومة مثل حماس والجهاد، لا تملك إلا إمكانيات بسيطة، وأنها تستطيع أن تقوم بعمليات استشهادية متكررة في الزمان والمكان، لمدة طويلة وفي كل مكان من أرض فلسطين التاريخية، في القدس وتل أبيب وحيفا على الساحل، في الشمال والجنوب في غزة والضفة ، وبديهي أن ذلك اقتضى اختراق تحصينات وتجهيزات واستخبارات صهيونية هي الأقوى من نوعها، ما معنى أن تفشل إسرائيل في منع تلك العمليات رغم جيوش العملاء، رغم الاستخبارات ورغم الميزانيات الباهظة، رغم الجيش القوي والتحصينات الضخمة، رغم الأقمار الصناعية، ورغم الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي، وأن تصل تلك العمليات في كل الظروف الصعبة والسهلة إلى داخل إسرائيل في القلب وعلى الساحل وفي الشمال والجنوب، معناه ببساطة أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا – وهذا من رحمة الله.
ثم معنى أن تستمر حماس والجهاد رغم عشرات الحملات العدوانية واستخدام كل أنواع الطائرات والدبابات والمدفعية والمشاة، واقتحام المدن، وهدم البيوت والجسور والمرافق والضغط على المدنيين. . .الخ ما معنى استمرار قصف إسرائيل بصواريخ القسام بعد ذلك كله . . معناه إن الإنسان أقوى من التكنولوجيا ، وصاروخ القسام نفسه يؤكد ذلك فهو صاروخ بسيط صغير لا تستطيع شبكة الصواريخ الإسرائيلية " باتريوت وحيتس " والتي تكلفت المليارات من الدولارات أن تتصدى له ، ربما لأنه صغير ! ! ويحقق نوعا من الخوف وعدم الأمان بالنسبة للإسرائيلي وهذا ينسف فكرة الصهيونية ذاتها.
الأمر نفسه ينطبق على سلاح الكاتيوشا، وكل من الكاتيوشا والقسام سلاح بسيط يمكن تصنيعه بأبسط الوسائل والخبرات، بل يمكن لطلاب العلوم والهندسة تطويره وزيادة مداه، ولا يمكن كشفه أو التصدي له، وسلاح الكاتيوشا وصواريخ حزب الله مثلاً وصلت إلى معظم المدن الإسرائيلية وحققت نوعاً من الردع وأسقطت قتلى وجرحى .
إنه الإنسان أقوى من التكنولوجيا، وهناك طريقة ما يستطيع بها الإنسان مهما كان ضعفه أن يواجه أعتى القوى، إنها حرب النملة مع الفيل!!.
ليس هذا فحسب. . . فيمكننا أن نرصد عدداً من الحوادث دللت أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا ، حتى في مواجهة الجيوش الأمريكية الصهيونية مباشرة .
عملية نسف مقر قيادة القوات الأمريكية " المارينز " في بيروت عام 1984 وقتل وجرح مئات الجنود ، إنها عملية استشهادية نفذها فرد في مواجهة جيش محصن وقد سئل وقتئذ الرئيس الأمريكي دونالد ريجان في الكونجرس كيف يمكن حدوث ذلك ، أين التحصينات ، أين الاستخبارات فأفاد ، أن كل التحصينات في العالم قائمة على فكرة خوف المهاجم من الموت ، فإذا انتفى هذا الخوف فإنه لا حل هناك . . . صدق وهو كذوب .
عمليات نسف مقر الحاكم الإسرائيلي في صور عام 1985 وغيرها من العمليات المماثلة .
عملية أنصارية عام 1998م، والتي جاءت فيها أقوى وحدة إسرائيلية على الإطلاق " وحدة خاصة يتكلف الجندي فيها 5 مليون دولار " عن طريق الإبرار الجوي، فوجدت رجال المقاومة بانتظارها ليبيدوا كل القوة الإسرائيلية، وتضطر إسرائيل إلى إلغاء العملية. . كيف علمت المقاومة بمكان وزمان العملية وكيف نجح رجال المقاومة في إبادة وحدة إسرائيلية من أفضل وحداتها العسكرية؟!!. . إنه الإنسان أقوى من التكنولوجيا.
في عملية الوهم المتبدد " يونيو 2006 " حيث حفر المجاهدون خندقاً بطول 400 متر تحت الجدار العازل دون أن يحس بذلك العدو ولا استخباراته، ووصلوا إلى موقع عسكري إسرائيلي في " كرم شالوم " وقتلوا وأسروا ورجعوا. . ما معنى ذلك معناه أن الإيمان والإرادة أقوى من الجيش الصهيوني.
عملية " الوعد الصادق " التي تم فيها الهجوم على وحدة صهيونية في جنوب لبنان " زرعيرت " في يوليو 2006 وتم قتل 9 جنود وأسر جنديين، وجرح العشرات. . ما معنى ذلك معناه أنه حتى الجيش الصهيوني بات من الممكن إنزال الضربات به على يد المقاومة، معناه أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا، وأن هناك مدد الله دائماً يأتي للمجاهدين الصادقين بعد بذل كل الجهد.
وفي الحقيقة فإن الوقائع من هذا النوع أكثر من أن تحصى والحمد لله رب العالمين .
د. محمد مورو
http://www.islamicnews.net/************************/...dItemSellected=
الذي لا يكتفي بمراقبة السطح الخارجي للأحداث – خاصة فيما يتصل بخبرات شعوبنا في مواجهة التحديات الاستعمارية وآخرها أمريكا وإسرائيل – يدرك على الفور أننا نمتلك القدرة على المواجهة والصمود وتفشيل العدو ومنعه من تحقيق أهدافه بوسائل غير تقليدية اكتشفها المجاهدون على مدى الصراع ، وأن قوة أمريكا وإسرائيل ليست قدراً ، بل هي قوة يمكن مواجهتها وهزيمتها ، ولو بمنعها على الأقل من تحقيق أهدافها وأننا إن كنا نتألم من جراء ممارسات تلك القوى ضدنا فإنهم يتألمون مثلما نتألم ، أي أننا قادرون على إنزال الألم بهم أيضاً ، ولكننا نرجو رضا الله تعالى والجنة وهم لا يرجون شيئاً ، وهذا عامل قوة لنا " فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون " .
حقيقة إمكانية مواجهة القوى الظالمة مهما كانت قوتها وجبروتها ، وأن الإنسان أقوى من التكنولوجيا هي حقيقة يؤكدها الإيمان بمدد الله تعالى ، الذي يأتي للمؤمنين المجاهدين الصادقين ، الذين بذلوا غاية الجهد ، ومن ثم فإن القعود عن الجهاد والمقاومة بدعوى عدم تكافؤ القوى هي حجة مرفوضة شرعياً ومرفوضة على مستوى دراسة تاريخ وحوادث الصراع ، بل إن تلك الحجة ليست إلا وسيلة للهزيمة من قبل بدء المعركة وتوفير جهد الأعداء من ثم ، وهي لا تحقق قطعاً حقن دمائنا بل العكس هو الصحيح ، فالاستسلام عادة ما يؤدي إلى مذابح " مذبحة صابرا وشاتيلا مثلاً " وكل المذابح التي تمت من قبل ومن بعد .
من الناحية القرآنية يقول الله تعالى " فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين " . إنها نفس الحجج الخوف من مواجهة الأعداء وانتقامهم بدعوى عدم تكافؤ القوى .
في مراحل الصراع مع العدو الصهيوني والأمريكي – ومن قبل مراحل الصراع مع الاستعمار الغربي ، أي منذ أن بدأت عناصر القوة تكون في صالح أعدائنا ، فإن الخبرات المتراكمة تقول أن مواجهة العدو بجيوش نظامية أو بدول وحكومات فشلت إلى حد كبير ، وأن الطريقة الوحيدة التي تم بها النجاح في المواجهة كانت الحرب الشعبية ، والأمثلة كثيرة متواترة متكررة ، مع أولى الحملات الاستعمارية مثلاً " الحملة الفرنسية 1798 " نجحت المقاومة الشعبية التي نظمها الأهالي بقيادة علماء الأزهر في إخراج الحملة وهزيمتها حين فشل المماليك " الحكومة والدولة " في ذلك .
الأمر نفسه تكرر في حملة فريزر على مصر 1807م، وفي التاريخ الحديث فشلت الدول العربية متفرقة ومجتمعة في التصدي لإسرائيل ، ولكن المقاومة الشعبية في مدينة السويس في مصر 1973 نجحت في ذلك وهزمت القوات الصهيونية التي حاولت احتلال المدينة، وفي الحملة العسكرية الأمريكية على العراق مثلاً 2003 فشلت حكومة العراق بجيشها الكبير وحزبها المنظم وقيادتها الصارمة في التصدي للعدوان، واحتل الأمريكيون العراق، ولكن المقاومة الشعبية اندلعت سريعاً، ونجحت في إنزال أكبر الخسائر بجيش الاحتلال، بل إنها صمدت رغم الظروف السيئة، وخيانة أحزاب وطوائف وزعماء وقادة ، صمدت للحملات العسكرية المتكررة طوال تلك السنوات منذ عام 2003 وهي على وشك تحقيق اندحار القوات الأمريكية .
نفس الأمر حدث في أفغانستان ، فشلت الحكومة والدولة بقيادة طالبان في مواجهة الاحتلال الأمريكي ثم نجحت كحركة شعبية، وبعد أربع سنوات على الاحتلال الذي تم عام 2001 ، أي تحديداً منذ نهاية عام 2005 كانت الحكومة والجيش الأمريكي، وجيوش حلف الأطلسي لا تسيطر إلا على العاصمة، وتزايدت قوة المقاومة التابعة لطالبان، أي أن طالبان ذاتها نجحت كحركة فيما فشلت فيه كحكومة.
الأمر نفسه تكرر مع حماس التي صمدت لكل أنواع ومحاولات التصفية ، ولا تزال تنفذ عملياتها وتطلق صواريخها ضد إسرائيل .
نفس المنطق تم في لبنان ، فلم يستطع إخراج الاحتلال الصهيوني من الجنوب إلا المقاومة الإسلامية عام 2000 وفي عام 2006 حين نجحت إسرائيل في الحصول على ضوء أخضر أمريكي أوروبي دولي بل وعربي وجزء منه لبناني لتصفية حزب الله ونزع سلاحه وتنفيذ القرار 1559 فإنها قد فشلت في ذلك .
لا يرجع ذلك بالطبع إلى قلة أو ضعف الإمكانيات لدى الجيش الصهيوني أو الجيش الأمريكي، بل يرجع إلى أن تلك الجيوش قد تنجح مع جيوش مثلها هي بالضرورة أضعف منها، أو تنجح في مواجهة دول وحكومات ولكنها تفشل بالضرورة في مواجهة حركات ومجتمعات. وهكذا فإن الخبرة الكبرى تقول أنه من الممكن هزيمة الأعداء بحرب المجتمعات وليس الجيوش والدول، وبحرب المنظمات الصغيرة، وبحرب الشعب، وأن الإيمان والإرادة أقوى من الطائرة والدبابة. وهذا من رحمة الله طبعاً بنا وبالبشر جميعاً، لأن من سننه تعالى أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا، وأن المجتمعات أقوى من جيوش الظالمين.
مسألة أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا، هذه حقيقة دللت عليها آلاف الحوادث ، فما معنى أنه في ظروف صعبة للغاية تنشأ حركات مقاومة مثل حماس والجهاد، لا تملك إلا إمكانيات بسيطة، وأنها تستطيع أن تقوم بعمليات استشهادية متكررة في الزمان والمكان، لمدة طويلة وفي كل مكان من أرض فلسطين التاريخية، في القدس وتل أبيب وحيفا على الساحل، في الشمال والجنوب في غزة والضفة ، وبديهي أن ذلك اقتضى اختراق تحصينات وتجهيزات واستخبارات صهيونية هي الأقوى من نوعها، ما معنى أن تفشل إسرائيل في منع تلك العمليات رغم جيوش العملاء، رغم الاستخبارات ورغم الميزانيات الباهظة، رغم الجيش القوي والتحصينات الضخمة، رغم الأقمار الصناعية، ورغم الدعم العسكري والاستخباراتي الأمريكي، وأن تصل تلك العمليات في كل الظروف الصعبة والسهلة إلى داخل إسرائيل في القلب وعلى الساحل وفي الشمال والجنوب، معناه ببساطة أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا – وهذا من رحمة الله.
ثم معنى أن تستمر حماس والجهاد رغم عشرات الحملات العدوانية واستخدام كل أنواع الطائرات والدبابات والمدفعية والمشاة، واقتحام المدن، وهدم البيوت والجسور والمرافق والضغط على المدنيين. . .الخ ما معنى استمرار قصف إسرائيل بصواريخ القسام بعد ذلك كله . . معناه إن الإنسان أقوى من التكنولوجيا ، وصاروخ القسام نفسه يؤكد ذلك فهو صاروخ بسيط صغير لا تستطيع شبكة الصواريخ الإسرائيلية " باتريوت وحيتس " والتي تكلفت المليارات من الدولارات أن تتصدى له ، ربما لأنه صغير ! ! ويحقق نوعا من الخوف وعدم الأمان بالنسبة للإسرائيلي وهذا ينسف فكرة الصهيونية ذاتها.
الأمر نفسه ينطبق على سلاح الكاتيوشا، وكل من الكاتيوشا والقسام سلاح بسيط يمكن تصنيعه بأبسط الوسائل والخبرات، بل يمكن لطلاب العلوم والهندسة تطويره وزيادة مداه، ولا يمكن كشفه أو التصدي له، وسلاح الكاتيوشا وصواريخ حزب الله مثلاً وصلت إلى معظم المدن الإسرائيلية وحققت نوعاً من الردع وأسقطت قتلى وجرحى .
إنه الإنسان أقوى من التكنولوجيا، وهناك طريقة ما يستطيع بها الإنسان مهما كان ضعفه أن يواجه أعتى القوى، إنها حرب النملة مع الفيل!!.
ليس هذا فحسب. . . فيمكننا أن نرصد عدداً من الحوادث دللت أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا ، حتى في مواجهة الجيوش الأمريكية الصهيونية مباشرة .
عملية نسف مقر قيادة القوات الأمريكية " المارينز " في بيروت عام 1984 وقتل وجرح مئات الجنود ، إنها عملية استشهادية نفذها فرد في مواجهة جيش محصن وقد سئل وقتئذ الرئيس الأمريكي دونالد ريجان في الكونجرس كيف يمكن حدوث ذلك ، أين التحصينات ، أين الاستخبارات فأفاد ، أن كل التحصينات في العالم قائمة على فكرة خوف المهاجم من الموت ، فإذا انتفى هذا الخوف فإنه لا حل هناك . . . صدق وهو كذوب .
عمليات نسف مقر الحاكم الإسرائيلي في صور عام 1985 وغيرها من العمليات المماثلة .
عملية أنصارية عام 1998م، والتي جاءت فيها أقوى وحدة إسرائيلية على الإطلاق " وحدة خاصة يتكلف الجندي فيها 5 مليون دولار " عن طريق الإبرار الجوي، فوجدت رجال المقاومة بانتظارها ليبيدوا كل القوة الإسرائيلية، وتضطر إسرائيل إلى إلغاء العملية. . كيف علمت المقاومة بمكان وزمان العملية وكيف نجح رجال المقاومة في إبادة وحدة إسرائيلية من أفضل وحداتها العسكرية؟!!. . إنه الإنسان أقوى من التكنولوجيا.
في عملية الوهم المتبدد " يونيو 2006 " حيث حفر المجاهدون خندقاً بطول 400 متر تحت الجدار العازل دون أن يحس بذلك العدو ولا استخباراته، ووصلوا إلى موقع عسكري إسرائيلي في " كرم شالوم " وقتلوا وأسروا ورجعوا. . ما معنى ذلك معناه أن الإيمان والإرادة أقوى من الجيش الصهيوني.
عملية " الوعد الصادق " التي تم فيها الهجوم على وحدة صهيونية في جنوب لبنان " زرعيرت " في يوليو 2006 وتم قتل 9 جنود وأسر جنديين، وجرح العشرات. . ما معنى ذلك معناه أنه حتى الجيش الصهيوني بات من الممكن إنزال الضربات به على يد المقاومة، معناه أن الإنسان أقوى من التكنولوجيا، وأن هناك مدد الله دائماً يأتي للمجاهدين الصادقين بعد بذل كل الجهد.
وفي الحقيقة فإن الوقائع من هذا النوع أكثر من أن تحصى والحمد لله رب العالمين .
د. محمد مورو
http://www.islamicnews.net/************************/...dItemSellected=
تعليق