ربح البيع أهل غزة ربح البيع اهل فلسطين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين و بعد:
فيقول الله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (التوبة:111) .
السلعة : الجنة، والثمن : النفسُ في سبيل الله، فالعظماءُ يذبحون في سبيل الله، العظيم، لأنهم باعوا نفوسهم لله نقداً وقبضوا ثمن الأرواح : الجنة ، والمفلسون تخرج أرواحهم غصباً : (( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ )) نعم ... إن سلعة الله غالية...إن سلعة الله الجنة ، كيف لا يشتاق المسلمون للشهادة في سبيل الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ )) رواه البخارينعم يا مسلمون (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ )) .
فالمشتري هو الله سبحانه : (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً )) ، والباعة:هم المؤمنون أبطالُ بدرٍ وأحد واليرموك ومؤتة، وتلك المواقف المأثورة والمشاهد الخالدة، والسلعة: جنة عرضها السماوات والأرض من دخلها لا يندم، والثمن : أجسامُ الأبطال المخضبة بالدماء سالت في سبيل الواحد القهار .
لماذا تُركب الأخطار، ويضحى بالأموال والنفوس، وتُبذلُ المهج وتوضع الأرواح على الأكف في القتال ؟
لأجل ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)
فعوضهم عن حياتهم التي بذلوها بحياةٍ أبديةٍ لا يصفها الواصفون.
لماذا تقدم النفس في سبيل الله ؟
لأجل أن (( الشهداء أرواحهم في أجواف طيرٍ خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها )) .
العالم اليوم يستغربون هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم في أرض فلسطين والرافدين و الشيشان وأفغانستان من المسلمين، ولا يوجدُ أصحاب دين آخر يقدمون أنفسهم مثل المسلمين، لا يوجد أصحابُ تضحيات على مر التاريخ قدموا تضحياتٍ مثل المسلمين لأنه لا يوجدُ دينٌ يقدم تضحيات مثل دين الإسلام، ولا يوجد إلا أهل الإسلام الذين يقدمون أرواحهم لله رب العالمين ، وبقيةُ الأقوامِ إذا قدموا أرواحهم يقدمونها من أجل ماذا ؟ دنيا ؟ بوذا ؟ بقرة ؟ من أجل ماذا ؟ .
أما المسلمون فيقدمون أرواحهم لله فلذلك يكون لأحدهم من الأجر العظيم ما يصبّره على هول القتل ، لما ترك الشهيد زوجته أبدلهُ الله باثنتين وسبعين زوجة من الحور العين.
جاء رجلٌ أسود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( يا رسول الله، إني رجلٌ أسود مُنتن الريح، قبيحُ الوجه لا مال لي ، فإن أنا قاتلتُ هؤلاء حتى أُقتل فأين أنا ؟ قال: في الجنة، فقاتل حتى قُتل فأتاهُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد بيضَ الله وجهك وطيب ريحك وأكثر مالك )) .
وقد قال هذا له أو لغيره (( فقد رأيتُ زوجته من الحور العين نازعته جبةً له من صوف تدخل بينه وبين جبته)) ( صححه الألباني في كتاب صحيح الترغيب والترهيب ) .
المرأة من الحور العين لما جاء الشهيد هذا إلى الدار الآخرة، وارتحل عن الدنيا تنازعه جبته فتدخل بينه وبينها زوجته من الحور العين .
لماذا يجاهدون في سبيل الله ؟
لأجل هذه الجنة التي عرضها السماوات والأرض، ولأجل الظل من الملائكة، والماء المسكوب والفاكهة الكثيرة ، (( تبكي أو لا تبكي مازالت الملائكة تظله بأجنحتها )) هذا ما قاله صلى الله عليه وسلم لوالد جابر تظله الملائكة بأجنحتها.
لماذا يسافرون للجهاد وتغبرّ الأقدام في سبيل الله ؟
لأجل حديث : (( لا يجتمع غبارٌ في سبيل الله عز وجل ودخانُ جهنم في منخري مسلم أبداً )) .
لماذا تهون الجراح في سبيل الله ؟
لأجل حديث : (( ما من مكلومٍ يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يُد ما ؛ اللون لون دمٍ والريحُ ريح مسك)) رواه البخاري .
لماذا يسهل الرباط مع أن فيه سهرٌ وأيام، وربما شهورٌ في الثغور في الحراسةِ حتى لا يفاجأ العدو المسلمين ؟
لأجل حديث : (( رباطٌ يوم في سبيل الله خيرٌ من صيام شهرا وقيامه فإن مات أُجري عليه عمله الذي يعملهُ، وأُجري عليه رزقه وأمن الفتان))
فسار الصحابة ـ رضوان الله عليهم - على خطى الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلهم عشق الشهادة: كيف لا وهم يسمعون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : (( لموضعِ سوطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولغدوةٌ في سبيل الله أو روحة خيرٌ من الدنيا وما فيها )) .
كيف لا يشتاقون لخوضِ المعارك ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : (( والذي نفسي بيده لو أنَّ الدنيا تساوي عند الله جناحَ بعوضةٍ ما سقى الكافرُ منها شربة ماء )) . رواه أحمد،
لقد قُطعت أجسامهم في سبيل الله، وضربت أبشارهم، وسُفكت دماؤهم، وهم يبايعون ويقدمون أرواحهم ويقولون : يا رسول الله ما لنا إذا نصرك الله ؟
فما قال صلى الله عليه وسلم : لكم المناصب و الأموال و المساكن ، بل قال لهم : لكم الجنة.
فقام ابنُ رواحةَ- رضي الله عنه- وقال : ( ربح البيعُ يا رسول الله ، والله لا نقيل ولا نستقيل ) !!
صار الأذى إن كان لله ألذّ من الشهد، وصار العذاب في الله عذباً " ومن ترك شيئاً لله عوضهُ اللهُ خيراً منه "، يقومُ الصديق فيخطبُ في المشركين، يدعو للتوحيد، فيقومون يضربونه ضرباً شديداً، حتى يقوم عُتبة بن ربيعة يضربُه بنعلين مخصوفتين يحرفهما في وجهه فيصبر الصديق، ويُقاتل عمر قريشاً من الصباح إلى المساء، وعمُّ عثمان كان يلفهُ في حصيرِ من أوراق النخلِ ثم يدخنهُ من تحته، ومصعبٌ تحبسه أمهُ وتجيعه،و ابن مسعود يُضربُ ضرباً شديداً لما جهر بالقرآن،وأبو ذر يُضربُ حتى يعودَ كالتمثالِ الأحمر لما قال أمامهم لا إله إلا الله وكاد أن يموت، وأوذي المستضعفون وآلُ ياسر وخباب وبلا ل، ناهيك عن الأذى النفسي بالإضافة للأذى البدني، لكن طابت بذلك أنفسهم لله لأنهم أيقنوا بما عند الله، وامنوا بالغيب، حرامُ ابن ملحان لما طُعن في المعركة؛ طعنهُ كافر فقال: فزتُ ورب الكعبة من شدةِ إيمانه بالغيب، بل إنَّ أنسَ بن النضر شمَّ رائحة الجنَّة في المعركة، لقد هجروا الأوطان في سبيل الله وذهب بعضهم إلى الحبشة، وذهبوا إلى المدينة تاركين وراءهم بيوتاً وأموالا ، لماذا (( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وأبناؤكم وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )) .
لماذا يخرج الناس من أوطانهم ومتى يهون عليهم ذلك ؟ متى يهون عليهم ترك المال والمتاع؟
لأجل الله، عندما يكونُ المقابلُ أعظم ، جنّة عرضها السماوات والأرض ، بماذا أبدلهم الله ؟ قال ابن القيم- رحمه الله-: " ولما ترك المجاهدون ديارهم لله وأوطانهم التي هي أحب شيئاً إليهم، أعاضهم اللهُ أن فتح عليهم الدنيا- ليس مكة فقط، ما رجعت بيوتهم التي في مكة فقط- وملكهم شرق الأرض وغربها حتى مدائن كسرى وقيصر...، (( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )) .
أما الذين لم يخرجوا من بيوتهم مضحين ، ولم يُهاجروا، توعدوا بالنار (( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا )) وهؤلاءِ أصحابُ النبي- صلى الله عليه وسلم- يُضحون بالغالي والرخيص، صهيبٌ تاجرٌ ورجلٌ حاذق، جاءَ إلى مكة ولم يكن من مكة، مستثمرٌ في مكة، جاءَ من خارج مكة، لما صار عندهُ أموالاً في مكة هداهُ الله، لما أراد أن يهاجر قالوا:
جئتنا غريباً طريداً، فقيراً صعلوكاً حقيراً فكثر مالك عندنا، وبلغت ما بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك ، والله لا يكون ذلك ، فقال لهم صهيب : أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي ؟ ، قالوا: نعم- أغراهم بالمال ، وهؤلاء تضيع عندهم المبادئ عند ذكر الأموال وعرضها- قال : (( فإني قد جعلت لكم مالي )) ، أبو سلمة المخزومي ضحى بأُسرته لأجل الهجرة لله عز وجل ، لأنَّهُ لما أراد أن يهاجر بنفسه وزوجته وولده جاء إليه أصهاره المشركون قالوا: " هذه نفسك غلبتنا عليها فما بال ابنتنا وولدها والله لا تأخذهما معك " ، فلما رأى إصرارهم ترك الزوجة والولد وهاجر لأجل الأمر بالهجرة ، لأنَّهُ أُمر بالهجرة ، هذه الهجرة التي فيها ترك محبوبات النفس لله عز وجل أجرها عظيم ، لدرجة إن رجل هاجر ولم يطق ألم الهجرة وأحدث بنفسه جراحاً ومات لكن لأجل الهجرة غفر الله له ، وبدعاء النبيّ عليه الصلاة والسلام كملت المغفرة ،المرأة كانت تصبر على فقد ولدها في الجهاد، لماذا تأتي أمُّ حارثة الذي قتل يوم بدرٍ وتقول: يا رسول الله قد عرفتَ منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر واحتسب ، وإن تكن أُخرى ترى ما أصنع !! فقال صلى الله عليه وسلم : (( ويحكِ أهبلت، أجنةٌ واحدة هي ؛ إنها جنانٌ كثيرة وإنه في الفردوس الأعلى )) .
كانوا يخشون أن يردوا في المعارك، ويختفي الواحد وراء الكبار لئلا يراه النبي عليه الصلاة والسلام فيردهُ لصغره ، ويقال استصغر فلان في غزوة كذا وكذا ، كانت تعقد حمائل سيف أحدهم من صغره وهو ابنُ ستَ عشر سنة، وكانت آثارُ المعارك في ظهورهم حتى يلعبُ بها أولادهم ، كما لعب أولاد الزبير بآثار الجراح التي في ظهره، ضربتين يوم بدر وواحدة في اليرموك .
وعبد الله بن أبي أوفى ضُرب على ساعده ، فسأله أحد التابعين فقال : ضُرِبتُها يوم حنين، وهكذا يتركون الراحة للجهاد ، يتركون الزوجة والأولاد في سبيل الله ،
فهذا ثابتُ بن قيس- رضي الله عنه- حاملُ لواء الأنصار يوم اليمامة، يتكفن ويحفر لنفسه حفرة في الأرض إلى نصفِ ساقيه، ويبقى ثابتاً يجا لد عن راية الإسلام حتى خر صريعاً شهيداً.
وهذا زيدُ بن الخطاب- رضي الله عنه- يُنادي بالمسلمين : أيَّها الناس عضوا على أضراسكم واضربوا في عدوكم وامضوا قدماً، أيَّها الناسُ والله لا أتكلمُ بعد هذه الكلمة أبداً حتى يُهزم مسيلمة أو ألقى الله ، فأدلي بحجتي، ثم كرَّ على القومِ فما زال يُقاتل حتى استشهد
أمَّا البراءُ بن مالك- رضي الله عنه- فقد ضَرب أروع صورِ البطولةِ والفداء والصبر، وهو يلتفت إلى قومهِ يوم اليمامةِ عندما اشتد الخطب ويقول لهم : يا معشرَ الانصار لا يُفكرن أحدٌ منكم بالرجوع إلى المدينة ! فلا مدينة لكم بعد اليوم! وإنَّما هو الله وحده، ثُمَّ الجنة !
باعوا نفوسهم لله تركوا الأهل والمال والأرض في سبيل الله، فنعم البيع بيعهم.
[mark=FF0099]نعم أيَّها الإخوة [/mark]: [mark=FFFF00]ما أعظمَ بيعهم !ويا أبطالَ الإسلامِ اليوم، يا من تُدافعون عن دينِ الله لقد ربح البيع يا من تدافعون عن أعراض المسلمين لقد ربح البيع، يا من لا تنامون الليل سهراً في سبيل الله لقد ربح البيع، يا أبطال فلسطين و الرافدين ربح البيع ، يا أبطالَ الشيشان وأفغانستان ربح البيع ، يا أسودَ الإسلام، يا من هُدمت بيوتكم في غزة وجنين والخليل ووووالعراق والشيشان وافغانستان لقد ربح البيع.
ربح البيع أيَّها المجاهدون : فلا تزعزعكم أقوال المخذ لين ، ربح البيعُ يا أهل غزة؛ فقد اصطفى اللهُ منكم الشهداء وتركتم دوركم وأموالكم وراء ظهور كم، لقد ربح البيع .
ربح البيع ، فإنَّ اللهَ معنا ومدافعٌ عنا، وناصرٌ عبادهُ وهو على كل شيءٍ قدير،
ولا تحزنوا لما كتبته الصحف وقاله القائلون فلا تحزنوا واعلموا أنَّ اللهَ يمتحن المؤمنين، فالموتُ وتهدم البنيان في سبيل الله خيرٌ من تقبيل يد الصهاينة الحاقدين.
وليعلم الجميع أن عُشاق الشهادة يتدفقون ويتزايدون ووعي الشباب في ازدياد، فقد بانت الأحلامُ الصليبية والصهيونية في أرضِ الإسلام، وبدت ظاهرةً للمسلمين وهم يَضربون المساجد ويدنسون بيوت الله بأقدامهم النجسة الخبيثة.[/mark]
ولتعلمي أمةَ الإسلام: أن عُشاق الشهادة والباحثين عن صليلِ السيوف، وصهيلِ الجياد متزايدون ويبشرون ومن الله الحمد والمنة .
.لقد ربح البيعُ يا مسلمون، فبطولاتُ المجاهدين تتوالى، ورياح النصر قادمة؛ فكلَّ الأجسادِ تريدُ البيعُ لله جلَّ في عُلاه، فهذه ألويةُ الكفر تتمزق، وقلاعُ الباطل تتحرق، وكتائبُ الإيمان والجهاد تتدفق.
يا من غبَّرتم أقدامكم في سبيل الله .
لقد ربح البيعُ يا من تتساقط على رؤوسكم القنابل، وتلتحفون بنيران الكفار: لقد ربح بيعكم.
يا أماهُ في غزة
أيَّتُها الصابرة، يا من فقدتِ زوجك وولدك، وطفلك وبيتك وأرضك: ابشري فقد ربح البيع.
أماهُ في غزة
كفكفي عن دموعك واحتسبي الأجر على الله، فإنَّ سلعةَ الله غالية أماهُ في غزةتذكري أسماءَ- رضي الله عنها- وهي تودعُ ابنها عبد الله بن الزبير، وترفعُ يدها إلى الحيِّ القيوم، وتقول: اللهمَّ إنِّي سلمتهُ لأَمرك، ورضيتُ بما قضيت له، فأثبني عليه ثواب الصابرين.
أماهُ في غزه صبراً :
فتلك سُميةَ- رضي اللهُ عنها- قد ابتليت وصبرت فبشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ).
أهلُنا في الضفة صبراً :
يا من تركتم دياركم وأموالكم لا نكم مجاهدين وبتم مطاردين، لقد ربحَ البيعُ، وتذكروا صُهيباً الرومي -رضي الله عنه- وهو يتركُ جميعُ ما يملكُ من مالهِ في مكة ويهاجر في سبيل الله، ثُمَّ يبشره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( ربحَ البيعُ أبا يحيى ربح البيع )) وأنزلَ اللهُ في حقه قرآن يتلى إلى يوم القيامة : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ )) فطوبى لصهيبٍ، وطوبى لكم أيَّها الصحابة، طوبى لكم أيَّها الشهداء، وطوبى لكم يا أهل فلسطين وحُسن مآب.
وينبغي علينا دائماً أن نتذكرَ بأنَّ هذه القاعدةُ عليها مدار السعادة (( من تركَ شيئاً لله عوضهُ الله خير منه )) .
ونتذكرُ بأنَّ الدين لا يقومُ إلا بالتضحيات، وأن التضحياتَ إذا بذلناها لله فإنَّ العوضَ على الله ولابد، واللهُ لا يخلفُ الميعاد، إذا وعد فإنَّهُ سبحانه يفي بما وعد (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)) , (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)) ،
والله لا يخلفُ الميعاد.
طوبى لكم أيَّها المجاهدين في فلسطين طوبى للمجاهدين في العراق والشيشان وأفغانستان، طوبى لكم وحسن مآب.
اللهمَّ أرحم أهلنا في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان، وفي كلِّ مكانٍ تُرفعُ فيه راية الإسلام، اللهم انصر المجاهدين الذين يُجاهدون في سبيلكَ في كلِّ مكان، اللهمَّ انصرنا على أعدائك من اليهود والصليبيين والمنافقين ،
اللهمَّ صلي على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين و بعد:
فيقول الله تعالى : (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْإنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)) (التوبة:111) .
السلعة : الجنة، والثمن : النفسُ في سبيل الله، فالعظماءُ يذبحون في سبيل الله، العظيم، لأنهم باعوا نفوسهم لله نقداً وقبضوا ثمن الأرواح : الجنة ، والمفلسون تخرج أرواحهم غصباً : (( ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ )) نعم ... إن سلعة الله غالية...إن سلعة الله الجنة ، كيف لا يشتاق المسلمون للشهادة في سبيل الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( انْتَدَبَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي أَنْ أُرْجِعَهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَوْ أُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ )) رواه البخارينعم يا مسلمون (( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ )) .
فالمشتري هو الله سبحانه : (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً )) ، والباعة:هم المؤمنون أبطالُ بدرٍ وأحد واليرموك ومؤتة، وتلك المواقف المأثورة والمشاهد الخالدة، والسلعة: جنة عرضها السماوات والأرض من دخلها لا يندم، والثمن : أجسامُ الأبطال المخضبة بالدماء سالت في سبيل الواحد القهار .
لماذا تُركب الأخطار، ويضحى بالأموال والنفوس، وتُبذلُ المهج وتوضع الأرواح على الأكف في القتال ؟
لأجل ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة)
فعوضهم عن حياتهم التي بذلوها بحياةٍ أبديةٍ لا يصفها الواصفون.
لماذا تقدم النفس في سبيل الله ؟
لأجل أن (( الشهداء أرواحهم في أجواف طيرٍ خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها )) .
العالم اليوم يستغربون هؤلاء الذين يقدمون أنفسهم في أرض فلسطين والرافدين و الشيشان وأفغانستان من المسلمين، ولا يوجدُ أصحاب دين آخر يقدمون أنفسهم مثل المسلمين، لا يوجد أصحابُ تضحيات على مر التاريخ قدموا تضحياتٍ مثل المسلمين لأنه لا يوجدُ دينٌ يقدم تضحيات مثل دين الإسلام، ولا يوجد إلا أهل الإسلام الذين يقدمون أرواحهم لله رب العالمين ، وبقيةُ الأقوامِ إذا قدموا أرواحهم يقدمونها من أجل ماذا ؟ دنيا ؟ بوذا ؟ بقرة ؟ من أجل ماذا ؟ .
أما المسلمون فيقدمون أرواحهم لله فلذلك يكون لأحدهم من الأجر العظيم ما يصبّره على هول القتل ، لما ترك الشهيد زوجته أبدلهُ الله باثنتين وسبعين زوجة من الحور العين.
جاء رجلٌ أسود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (( يا رسول الله، إني رجلٌ أسود مُنتن الريح، قبيحُ الوجه لا مال لي ، فإن أنا قاتلتُ هؤلاء حتى أُقتل فأين أنا ؟ قال: في الجنة، فقاتل حتى قُتل فأتاهُ النبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد بيضَ الله وجهك وطيب ريحك وأكثر مالك )) .
وقد قال هذا له أو لغيره (( فقد رأيتُ زوجته من الحور العين نازعته جبةً له من صوف تدخل بينه وبين جبته)) ( صححه الألباني في كتاب صحيح الترغيب والترهيب ) .
المرأة من الحور العين لما جاء الشهيد هذا إلى الدار الآخرة، وارتحل عن الدنيا تنازعه جبته فتدخل بينه وبينها زوجته من الحور العين .
لماذا يجاهدون في سبيل الله ؟
لأجل هذه الجنة التي عرضها السماوات والأرض، ولأجل الظل من الملائكة، والماء المسكوب والفاكهة الكثيرة ، (( تبكي أو لا تبكي مازالت الملائكة تظله بأجنحتها )) هذا ما قاله صلى الله عليه وسلم لوالد جابر تظله الملائكة بأجنحتها.
لماذا يسافرون للجهاد وتغبرّ الأقدام في سبيل الله ؟
لأجل حديث : (( لا يجتمع غبارٌ في سبيل الله عز وجل ودخانُ جهنم في منخري مسلم أبداً )) .
لماذا تهون الجراح في سبيل الله ؟
لأجل حديث : (( ما من مكلومٍ يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة وكلمه يُد ما ؛ اللون لون دمٍ والريحُ ريح مسك)) رواه البخاري .
لماذا يسهل الرباط مع أن فيه سهرٌ وأيام، وربما شهورٌ في الثغور في الحراسةِ حتى لا يفاجأ العدو المسلمين ؟
لأجل حديث : (( رباطٌ يوم في سبيل الله خيرٌ من صيام شهرا وقيامه فإن مات أُجري عليه عمله الذي يعملهُ، وأُجري عليه رزقه وأمن الفتان))
فسار الصحابة ـ رضوان الله عليهم - على خطى الرسول صلى الله عليه وسلم، فكلهم عشق الشهادة: كيف لا وهم يسمعون رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : (( لموضعِ سوطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، ولغدوةٌ في سبيل الله أو روحة خيرٌ من الدنيا وما فيها )) .
كيف لا يشتاقون لخوضِ المعارك ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : (( والذي نفسي بيده لو أنَّ الدنيا تساوي عند الله جناحَ بعوضةٍ ما سقى الكافرُ منها شربة ماء )) . رواه أحمد،
لقد قُطعت أجسامهم في سبيل الله، وضربت أبشارهم، وسُفكت دماؤهم، وهم يبايعون ويقدمون أرواحهم ويقولون : يا رسول الله ما لنا إذا نصرك الله ؟
فما قال صلى الله عليه وسلم : لكم المناصب و الأموال و المساكن ، بل قال لهم : لكم الجنة.
فقام ابنُ رواحةَ- رضي الله عنه- وقال : ( ربح البيعُ يا رسول الله ، والله لا نقيل ولا نستقيل ) !!
صار الأذى إن كان لله ألذّ من الشهد، وصار العذاب في الله عذباً " ومن ترك شيئاً لله عوضهُ اللهُ خيراً منه "، يقومُ الصديق فيخطبُ في المشركين، يدعو للتوحيد، فيقومون يضربونه ضرباً شديداً، حتى يقوم عُتبة بن ربيعة يضربُه بنعلين مخصوفتين يحرفهما في وجهه فيصبر الصديق، ويُقاتل عمر قريشاً من الصباح إلى المساء، وعمُّ عثمان كان يلفهُ في حصيرِ من أوراق النخلِ ثم يدخنهُ من تحته، ومصعبٌ تحبسه أمهُ وتجيعه،و ابن مسعود يُضربُ ضرباً شديداً لما جهر بالقرآن،وأبو ذر يُضربُ حتى يعودَ كالتمثالِ الأحمر لما قال أمامهم لا إله إلا الله وكاد أن يموت، وأوذي المستضعفون وآلُ ياسر وخباب وبلا ل، ناهيك عن الأذى النفسي بالإضافة للأذى البدني، لكن طابت بذلك أنفسهم لله لأنهم أيقنوا بما عند الله، وامنوا بالغيب، حرامُ ابن ملحان لما طُعن في المعركة؛ طعنهُ كافر فقال: فزتُ ورب الكعبة من شدةِ إيمانه بالغيب، بل إنَّ أنسَ بن النضر شمَّ رائحة الجنَّة في المعركة، لقد هجروا الأوطان في سبيل الله وذهب بعضهم إلى الحبشة، وذهبوا إلى المدينة تاركين وراءهم بيوتاً وأموالا ، لماذا (( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وأبناؤكم وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ )) .
لماذا يخرج الناس من أوطانهم ومتى يهون عليهم ذلك ؟ متى يهون عليهم ترك المال والمتاع؟
لأجل الله، عندما يكونُ المقابلُ أعظم ، جنّة عرضها السماوات والأرض ، بماذا أبدلهم الله ؟ قال ابن القيم- رحمه الله-: " ولما ترك المجاهدون ديارهم لله وأوطانهم التي هي أحب شيئاً إليهم، أعاضهم اللهُ أن فتح عليهم الدنيا- ليس مكة فقط، ما رجعت بيوتهم التي في مكة فقط- وملكهم شرق الأرض وغربها حتى مدائن كسرى وقيصر...، (( وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )) .
أما الذين لم يخرجوا من بيوتهم مضحين ، ولم يُهاجروا، توعدوا بالنار (( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا )) وهؤلاءِ أصحابُ النبي- صلى الله عليه وسلم- يُضحون بالغالي والرخيص، صهيبٌ تاجرٌ ورجلٌ حاذق، جاءَ إلى مكة ولم يكن من مكة، مستثمرٌ في مكة، جاءَ من خارج مكة، لما صار عندهُ أموالاً في مكة هداهُ الله، لما أراد أن يهاجر قالوا:
جئتنا غريباً طريداً، فقيراً صعلوكاً حقيراً فكثر مالك عندنا، وبلغت ما بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك ، والله لا يكون ذلك ، فقال لهم صهيب : أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي ؟ ، قالوا: نعم- أغراهم بالمال ، وهؤلاء تضيع عندهم المبادئ عند ذكر الأموال وعرضها- قال : (( فإني قد جعلت لكم مالي )) ، أبو سلمة المخزومي ضحى بأُسرته لأجل الهجرة لله عز وجل ، لأنَّهُ لما أراد أن يهاجر بنفسه وزوجته وولده جاء إليه أصهاره المشركون قالوا: " هذه نفسك غلبتنا عليها فما بال ابنتنا وولدها والله لا تأخذهما معك " ، فلما رأى إصرارهم ترك الزوجة والولد وهاجر لأجل الأمر بالهجرة ، لأنَّهُ أُمر بالهجرة ، هذه الهجرة التي فيها ترك محبوبات النفس لله عز وجل أجرها عظيم ، لدرجة إن رجل هاجر ولم يطق ألم الهجرة وأحدث بنفسه جراحاً ومات لكن لأجل الهجرة غفر الله له ، وبدعاء النبيّ عليه الصلاة والسلام كملت المغفرة ،المرأة كانت تصبر على فقد ولدها في الجهاد، لماذا تأتي أمُّ حارثة الذي قتل يوم بدرٍ وتقول: يا رسول الله قد عرفتَ منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر واحتسب ، وإن تكن أُخرى ترى ما أصنع !! فقال صلى الله عليه وسلم : (( ويحكِ أهبلت، أجنةٌ واحدة هي ؛ إنها جنانٌ كثيرة وإنه في الفردوس الأعلى )) .
كانوا يخشون أن يردوا في المعارك، ويختفي الواحد وراء الكبار لئلا يراه النبي عليه الصلاة والسلام فيردهُ لصغره ، ويقال استصغر فلان في غزوة كذا وكذا ، كانت تعقد حمائل سيف أحدهم من صغره وهو ابنُ ستَ عشر سنة، وكانت آثارُ المعارك في ظهورهم حتى يلعبُ بها أولادهم ، كما لعب أولاد الزبير بآثار الجراح التي في ظهره، ضربتين يوم بدر وواحدة في اليرموك .
وعبد الله بن أبي أوفى ضُرب على ساعده ، فسأله أحد التابعين فقال : ضُرِبتُها يوم حنين، وهكذا يتركون الراحة للجهاد ، يتركون الزوجة والأولاد في سبيل الله ،
فهذا ثابتُ بن قيس- رضي الله عنه- حاملُ لواء الأنصار يوم اليمامة، يتكفن ويحفر لنفسه حفرة في الأرض إلى نصفِ ساقيه، ويبقى ثابتاً يجا لد عن راية الإسلام حتى خر صريعاً شهيداً.
وهذا زيدُ بن الخطاب- رضي الله عنه- يُنادي بالمسلمين : أيَّها الناس عضوا على أضراسكم واضربوا في عدوكم وامضوا قدماً، أيَّها الناسُ والله لا أتكلمُ بعد هذه الكلمة أبداً حتى يُهزم مسيلمة أو ألقى الله ، فأدلي بحجتي، ثم كرَّ على القومِ فما زال يُقاتل حتى استشهد
أمَّا البراءُ بن مالك- رضي الله عنه- فقد ضَرب أروع صورِ البطولةِ والفداء والصبر، وهو يلتفت إلى قومهِ يوم اليمامةِ عندما اشتد الخطب ويقول لهم : يا معشرَ الانصار لا يُفكرن أحدٌ منكم بالرجوع إلى المدينة ! فلا مدينة لكم بعد اليوم! وإنَّما هو الله وحده، ثُمَّ الجنة !
باعوا نفوسهم لله تركوا الأهل والمال والأرض في سبيل الله، فنعم البيع بيعهم.
[mark=FF0099]نعم أيَّها الإخوة [/mark]: [mark=FFFF00]ما أعظمَ بيعهم !ويا أبطالَ الإسلامِ اليوم، يا من تُدافعون عن دينِ الله لقد ربح البيع يا من تدافعون عن أعراض المسلمين لقد ربح البيع، يا من لا تنامون الليل سهراً في سبيل الله لقد ربح البيع، يا أبطال فلسطين و الرافدين ربح البيع ، يا أبطالَ الشيشان وأفغانستان ربح البيع ، يا أسودَ الإسلام، يا من هُدمت بيوتكم في غزة وجنين والخليل ووووالعراق والشيشان وافغانستان لقد ربح البيع.
ربح البيع أيَّها المجاهدون : فلا تزعزعكم أقوال المخذ لين ، ربح البيعُ يا أهل غزة؛ فقد اصطفى اللهُ منكم الشهداء وتركتم دوركم وأموالكم وراء ظهور كم، لقد ربح البيع .
ربح البيع ، فإنَّ اللهَ معنا ومدافعٌ عنا، وناصرٌ عبادهُ وهو على كل شيءٍ قدير،
ولا تحزنوا لما كتبته الصحف وقاله القائلون فلا تحزنوا واعلموا أنَّ اللهَ يمتحن المؤمنين، فالموتُ وتهدم البنيان في سبيل الله خيرٌ من تقبيل يد الصهاينة الحاقدين.
وليعلم الجميع أن عُشاق الشهادة يتدفقون ويتزايدون ووعي الشباب في ازدياد، فقد بانت الأحلامُ الصليبية والصهيونية في أرضِ الإسلام، وبدت ظاهرةً للمسلمين وهم يَضربون المساجد ويدنسون بيوت الله بأقدامهم النجسة الخبيثة.[/mark]
ولتعلمي أمةَ الإسلام: أن عُشاق الشهادة والباحثين عن صليلِ السيوف، وصهيلِ الجياد متزايدون ويبشرون ومن الله الحمد والمنة .
.لقد ربح البيعُ يا مسلمون، فبطولاتُ المجاهدين تتوالى، ورياح النصر قادمة؛ فكلَّ الأجسادِ تريدُ البيعُ لله جلَّ في عُلاه، فهذه ألويةُ الكفر تتمزق، وقلاعُ الباطل تتحرق، وكتائبُ الإيمان والجهاد تتدفق.
يا من غبَّرتم أقدامكم في سبيل الله .
لقد ربح البيعُ يا من تتساقط على رؤوسكم القنابل، وتلتحفون بنيران الكفار: لقد ربح بيعكم.
يا أماهُ في غزة
أيَّتُها الصابرة، يا من فقدتِ زوجك وولدك، وطفلك وبيتك وأرضك: ابشري فقد ربح البيع.
أماهُ في غزة
كفكفي عن دموعك واحتسبي الأجر على الله، فإنَّ سلعةَ الله غالية أماهُ في غزةتذكري أسماءَ- رضي الله عنها- وهي تودعُ ابنها عبد الله بن الزبير، وترفعُ يدها إلى الحيِّ القيوم، وتقول: اللهمَّ إنِّي سلمتهُ لأَمرك، ورضيتُ بما قضيت له، فأثبني عليه ثواب الصابرين.
أماهُ في غزه صبراً :
فتلك سُميةَ- رضي اللهُ عنها- قد ابتليت وصبرت فبشرها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة ).
أهلُنا في الضفة صبراً :
يا من تركتم دياركم وأموالكم لا نكم مجاهدين وبتم مطاردين، لقد ربحَ البيعُ، وتذكروا صُهيباً الرومي -رضي الله عنه- وهو يتركُ جميعُ ما يملكُ من مالهِ في مكة ويهاجر في سبيل الله، ثُمَّ يبشره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : (( ربحَ البيعُ أبا يحيى ربح البيع )) وأنزلَ اللهُ في حقه قرآن يتلى إلى يوم القيامة : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ )) فطوبى لصهيبٍ، وطوبى لكم أيَّها الصحابة، طوبى لكم أيَّها الشهداء، وطوبى لكم يا أهل فلسطين وحُسن مآب.
وينبغي علينا دائماً أن نتذكرَ بأنَّ هذه القاعدةُ عليها مدار السعادة (( من تركَ شيئاً لله عوضهُ الله خير منه )) .
ونتذكرُ بأنَّ الدين لا يقومُ إلا بالتضحيات، وأن التضحياتَ إذا بذلناها لله فإنَّ العوضَ على الله ولابد، واللهُ لا يخلفُ الميعاد، إذا وعد فإنَّهُ سبحانه يفي بما وعد (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)) , (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)) ،
والله لا يخلفُ الميعاد.
طوبى لكم أيَّها المجاهدين في فلسطين طوبى للمجاهدين في العراق والشيشان وأفغانستان، طوبى لكم وحسن مآب.
اللهمَّ أرحم أهلنا في فلسطين والعراق والشيشان وأفغانستان، وفي كلِّ مكانٍ تُرفعُ فيه راية الإسلام، اللهم انصر المجاهدين الذين يُجاهدون في سبيلكَ في كلِّ مكان، اللهمَّ انصرنا على أعدائك من اليهود والصليبيين والمنافقين ،
اللهمَّ صلي على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه إلى يوم الدين
تعليق