بغدادُ مَدَّتْ في حياءٍ كفَّها
(1)
أ رأيتَ !
في بَغدادْ !!
أشياؤهُمْ مَعروضةٌ للبيعْ
الأرضُ ، والناسُ ..
البيوتْ
كلُ الدكاكينِ .. الحوانيتُ .. الملابسْ
فرشُ المنازلِ ، والشبابيكُ
التماثيلُ .. الأواني
كتُبُ التُّراثْ
حِصَصُ الطَّحينْ
سُتَرُ الجنودِ ..
الأحذيةْ
حُورُ العُيونْ
والحُزنُ في دمعِ الأراملِ
وانتِظارُ الأمهاتْ
والكحلُ حتى في عيونِ الماجداتْ
(2)
في "كربِلاءَ" وفي "النَّجَفْ"
معروضةٌ للبيعِ
قُبَبُ النحاسْ
في مسجدِ العبَّاسْ
معروضةٌ للبيعِ
أحزانُ الحُسينْ
ودَمُ الحسينْ
وعُيونُ فاطمةٍ
ودمعُ القبلَتينْ
(3)
في مركزٍ للطبْ
معروضةٌ للبيعِ
آلافُ الكُلَى ،
مُقَلُ العيونْ
وذراعُ جُنديٍّ وساقْ
لِمَ يا عراقْ
كلُّ الغِناءِ الآنَ
يَبدو لي حزينْ ؟
إني أرى المأْساةَ تَكبُرُ
في عيونِ الناظرينْ
يا سادتي
إن كانتِ الحربُ
انتِحارًا ..
فلِمَ انزلَقْتُمْ في الكمينْ ؟
بغدادُ تَشكو حُزنَها
للباعةِ المتجوِّلينْ
في كلِّ شبرٍ يصرخونْ
كي يَعرضوا
تاريخَ بغدادَ القديمْ
تاريخَ هارونِ الرشيدْ
للبيعِ لو يأتي ثَمنْ
هي زُمرةٌ لا تُؤتَمنْ
(4)
في معهدِ السرطانِ
أشباحٌ لمرضى جالسينْ
يتحاورونْ
ويُحملقونْ
في اللا أملْ
في اللا حياةْ
مرسومةٌ في كلِّ عينٍ
أمطرتني حزنَها مأساةْ
في كلِّ جُرحٍ قادمٍ لا يُحتملْ
في كلِّ آهْ
شيءٌ يَجولُ بخاطِري
ويقولُ : يا غَوثاهْ
بغدادُ مَدَّتْ في حياءٍ كفَّها
والمُعتصِمْ
مازالَ يأبى أن يَمدَّ لها يَدَهْ
يا حسرتاهْ
(5)
أنا في الطريقِ إليكِ
يا بغدادُ قد غنَّيتْ :
القدسُ لنا
والبيتُ لنا
وضَحكتُ .. بكيتْ
وصرختُ : فيروزُ استَحي
أ تُرى رأيتِ بِحالِنا
خمسونَ عامًا من غِناءٍ
ما تغيَّرَ حالُنا
القدسُ لهُمْ
والبيتُ لهُمْ
والذلُّ لنا
(6)
في غارةٍ من ضِمنِ غاراتِ السفالةِ ،
والنذالةْ
بعضُ الصغارِ
وفي عُجالةْ
كانَ اتِّفاقًا بينَهمْ
أن يُسقطوا ها الطائرةْ
صنعوا منَ الحزنِ المدافعْ
مِن قهرِهِمْ
صنعوا صواريخًا تُدافعْ
وقنابلاً مَحشوَّةً
بالحِقدِ من لونِ الفواجعْ
السربُ يمضي فوقََهم
مازالَ يحصدُ حُلمَهم ،
أعمارَهم ،
أيامَهمْ ...
نصبوا الشَّرَكْ
لما رأى الطيارُ
لونَ عُيونِهِمْ
علَّى قليلاً وارتبكْ
حينَ التقتْ عيناهُ
بالطُّهرِ الذي بوجوهِهِمْ
كانَ الصغارُ الأربعةْ
يتحاورونْ
ما ذنبُنا
أن جاءَنا هذا الزمنْ
زمنٌ منَ العارِ المُميتْ
ما ذنبُنا
أن نَلبسَ اليُتمَ المَقيتْ
أن تُصبحَ الحَلوى حرائقْ
أنْ يُصبح َالمرَحُ الطفوليُّ
اختباءً في الخنادقْ
أن تَذبحوا نخلَ العراقِ
وتَحرقوا زهرَ الحدائقْ
في غُرفةِ الطيارِ
صارَ الجوُّ خانقْ
حينَ انجلى فجرُ الحقائقْ
ما ذنبُ أطفالٍ صِغارْ ؟
وغدا كلامُ الأربعةْ
في جوفِهِ لهبًا ونارْ
سقطتْ على الأرضِ
الخرابِ الطائرةْ
متفجِّرةْ
عادَ الصغارُ الحالمونْ
ووجوهُهُمْ مُتغيِّرةْ
متعفِّرةْ
في الليلِ كانوا يجلسونْ
يتسامرونْ
ضحكاتُهم تأتي
إلينا ساخرةْ
وعلى العيونِ الحائرةْ
بسماتُ أطفالٍ صغارٍ
دونَ سِنِّ العاشرةْ
يتحاورونْ ..
يتوعَّدونْ : في الغدْ ..
سنُسقِطُ طائرةْ
منقولة للشاعر الكبير سلام المهندس من العراق
الاخ والصديق الغالي
(1)
أ رأيتَ !
في بَغدادْ !!
أشياؤهُمْ مَعروضةٌ للبيعْ
الأرضُ ، والناسُ ..
البيوتْ
كلُ الدكاكينِ .. الحوانيتُ .. الملابسْ
فرشُ المنازلِ ، والشبابيكُ
التماثيلُ .. الأواني
كتُبُ التُّراثْ
حِصَصُ الطَّحينْ
سُتَرُ الجنودِ ..
الأحذيةْ
حُورُ العُيونْ
والحُزنُ في دمعِ الأراملِ
وانتِظارُ الأمهاتْ
والكحلُ حتى في عيونِ الماجداتْ
(2)
في "كربِلاءَ" وفي "النَّجَفْ"
معروضةٌ للبيعِ
قُبَبُ النحاسْ
في مسجدِ العبَّاسْ
معروضةٌ للبيعِ
أحزانُ الحُسينْ
ودَمُ الحسينْ
وعُيونُ فاطمةٍ
ودمعُ القبلَتينْ
(3)
في مركزٍ للطبْ
معروضةٌ للبيعِ
آلافُ الكُلَى ،
مُقَلُ العيونْ
وذراعُ جُنديٍّ وساقْ
لِمَ يا عراقْ
كلُّ الغِناءِ الآنَ
يَبدو لي حزينْ ؟
إني أرى المأْساةَ تَكبُرُ
في عيونِ الناظرينْ
يا سادتي
إن كانتِ الحربُ
انتِحارًا ..
فلِمَ انزلَقْتُمْ في الكمينْ ؟
بغدادُ تَشكو حُزنَها
للباعةِ المتجوِّلينْ
في كلِّ شبرٍ يصرخونْ
كي يَعرضوا
تاريخَ بغدادَ القديمْ
تاريخَ هارونِ الرشيدْ
للبيعِ لو يأتي ثَمنْ
هي زُمرةٌ لا تُؤتَمنْ
(4)
في معهدِ السرطانِ
أشباحٌ لمرضى جالسينْ
يتحاورونْ
ويُحملقونْ
في اللا أملْ
في اللا حياةْ
مرسومةٌ في كلِّ عينٍ
أمطرتني حزنَها مأساةْ
في كلِّ جُرحٍ قادمٍ لا يُحتملْ
في كلِّ آهْ
شيءٌ يَجولُ بخاطِري
ويقولُ : يا غَوثاهْ
بغدادُ مَدَّتْ في حياءٍ كفَّها
والمُعتصِمْ
مازالَ يأبى أن يَمدَّ لها يَدَهْ
يا حسرتاهْ
(5)
أنا في الطريقِ إليكِ
يا بغدادُ قد غنَّيتْ :
القدسُ لنا
والبيتُ لنا
وضَحكتُ .. بكيتْ
وصرختُ : فيروزُ استَحي
أ تُرى رأيتِ بِحالِنا
خمسونَ عامًا من غِناءٍ
ما تغيَّرَ حالُنا
القدسُ لهُمْ
والبيتُ لهُمْ
والذلُّ لنا
(6)
في غارةٍ من ضِمنِ غاراتِ السفالةِ ،
والنذالةْ
بعضُ الصغارِ
وفي عُجالةْ
كانَ اتِّفاقًا بينَهمْ
أن يُسقطوا ها الطائرةْ
صنعوا منَ الحزنِ المدافعْ
مِن قهرِهِمْ
صنعوا صواريخًا تُدافعْ
وقنابلاً مَحشوَّةً
بالحِقدِ من لونِ الفواجعْ
السربُ يمضي فوقََهم
مازالَ يحصدُ حُلمَهم ،
أعمارَهم ،
أيامَهمْ ...
نصبوا الشَّرَكْ
لما رأى الطيارُ
لونَ عُيونِهِمْ
علَّى قليلاً وارتبكْ
حينَ التقتْ عيناهُ
بالطُّهرِ الذي بوجوهِهِمْ
كانَ الصغارُ الأربعةْ
يتحاورونْ
ما ذنبُنا
أن جاءَنا هذا الزمنْ
زمنٌ منَ العارِ المُميتْ
ما ذنبُنا
أن نَلبسَ اليُتمَ المَقيتْ
أن تُصبحَ الحَلوى حرائقْ
أنْ يُصبح َالمرَحُ الطفوليُّ
اختباءً في الخنادقْ
أن تَذبحوا نخلَ العراقِ
وتَحرقوا زهرَ الحدائقْ
في غُرفةِ الطيارِ
صارَ الجوُّ خانقْ
حينَ انجلى فجرُ الحقائقْ
ما ذنبُ أطفالٍ صِغارْ ؟
وغدا كلامُ الأربعةْ
في جوفِهِ لهبًا ونارْ
سقطتْ على الأرضِ
الخرابِ الطائرةْ
متفجِّرةْ
عادَ الصغارُ الحالمونْ
ووجوهُهُمْ مُتغيِّرةْ
متعفِّرةْ
في الليلِ كانوا يجلسونْ
يتسامرونْ
ضحكاتُهم تأتي
إلينا ساخرةْ
وعلى العيونِ الحائرةْ
بسماتُ أطفالٍ صغارٍ
دونَ سِنِّ العاشرةْ
يتحاورونْ ..
يتوعَّدونْ : في الغدْ ..
سنُسقِطُ طائرةْ
منقولة للشاعر الكبير سلام المهندس من العراق
الاخ والصديق الغالي
تعليق