إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

تحليل آثار الأزمة المالية على قطاع الأعمال الأوروبية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • تحليل آثار الأزمة المالية على قطاع الأعمال الأوروبية

    تحليل آثار الأزمة المالية على قطاع الأعمال الأوروبية
    18/10/1429هـ

    ربما تبدو جزيرة مايوركا التي تلفحها الشمس بعيدة عن الأزمة المالية المستشرية في العواصم الغربية. لكن بالنسبة إلى كارمن ريو، تعد الأوقات الحالية أصعب الأوقات التي تمر بها خلال عملها الطويل في السياحة. تقول كارمن في هذا الصدد:"إنها أشد فترات حالات عدم اليقين التي عرفتها في 30 عاماً من العمل في الجزيرة".
    على بعد آلاف الكيلو مترات، تقع على نهر الفولجا مصانع شركة أفتوفاز التي تصنع سيارات لادا. ويقول يان فينسنت، مدير العمليات بهذه الشركة التي تعد أكبر شركات صنع السيارات في روسيا، إن الطلب الضعيف والوضع الخطير الذي يمر به الموردون والوكلاء "يهددان ميزانيتنا العمومية".
    في أوروبا، يتزايد الشعور بآثار الأزمة على الاقتصاد الحقيقي. ولا تقتصر نتيجة ذلك على استشراء عدم اليقين، بل تشمل أيضا تخفيض عدد الوظائف والإنتاج والاستثمار، في ظل ترقب الشركات أملاً في أن تنجو مما تخشى أن يكون توجهاً عكسياً شديداً.
    اتضح منذ فترة أن تداعيات الأزمة لن تقتصر على البنوك والمستثمرين، لأن اقتصادات القارة بدأت تتباطأ هذه السنة بشكل كبير. والأمر المفاجئ على هذا الصعيد هو مدى سرعة الشعور بأثر الأزمة على الشركات غير المالية، إذ تتعرض شركات التصنيع والخدمات في القارة الأوروبية وفي المملكة المتحدة إلى الضغط من ناحيتين: تراجع الطلب في كثير من أسواقها ومشكلات التمويل التي تتسبب في التمهل والتباطؤ في الاستثمار.
    يقول فلافيو راديس، الرئيس التنفيذي لشركة بييترو كارناثمي الصناعية الإيطالية:: "الوضع الائتماني يسوء يوماً عن يوم، وهذا يؤثر في الاستثمار- وفي الوقت نفسه، تراجعت مشتريات الناس من الآليات، ولذلك فإن هناك مشكلة مزدوجة".
    لم تتضح آثار تلك المشكلة في أي مكان، كما اتضحت في معرض باريس للسيارات الذي أقيم الأسبوع الماضي. ذلك أن الرؤساء التنفيذيين لشركات صناعة السيارات الذين اعتاد المرء على سماعهم يتحدثون عن السرعة، أو القوة أو السعر أو التصميم كانوا أكثر حرصاً على أن يتفوقوا على بعضهم بعضا في التعبير عن التشاؤم. الخط الذي ينتهجه هذه الأيام ويندلين ويدكنغ، الرئيس التنفيذي لشركة بورش يتلخص في قوله: "ليس من الأمور الجادة أن يعطي المرء أي نوع من التوقعات حالياً حول المستقبل". ويشير كارلوس غصن، الرئيس التنفيذي لشركتي "رينو" و"نيسان" إلى تراجع المبيعات الذي وصل إلى نسبة 32 في المائة في إسبانيا الشهر الماضي وإلى 21 في المائة في المملكة المتحدة، حيث قال في عبارات تنم عن شعور بالصدمة: "هذه أرقام لم يسبق أن شهدناها في الأسواق الناضجة".
    وفقاً للسيد غصن، يؤدي شح التمويل إلى احتفاظ الشركات بالنقد عبر خفض الاستثمار. يقول غصن معلقاً: "إننا في نوع من الدورات الشريرة – وإذا لم يتم اتخاذ تدابير فاعلة، فقد يؤدي ذلك إلى حدوث ركود طويل وشديد". ولكن حسب رأيه، فإن هذه التخفيضات لن تدرأ الخسائر. والسبب في ذلك هو أن الأسوأ لم يأت بعد. ويقول نوربرت ريثوفر، رئيس شركة بي إم دبليو: "إذا تحسن الوضع في عام 2009، فسيكون ذلك في النصف الثاني منه فقط".
    في جميع قطاعات الأعمال الأوروبية، يبدو أن جميع الشركات تقريباً على قناعة أن العام المقبل سيكون أصعب من العام الحالي. إذ يقول ميخائيل شامولين، الرئيس التنفيذي لشركة MTS، وهي أكبر شركة للهاتف الجوال في روسيا: "أعتقد أن عام 2009 بأكمله سيكون صعباً". وحتى القطاعات التي كانت تنجو من معظم المشكلات في السابق، كشركات البضائع الرأسمالية- مثل شركتي "سيمنز" و"ألستوم"، تتجه نحو التراجع الحاد، كما يقول المحللون.
    هل سيكون الوضع في أوروبا أسوأ منه في الولايات المتحدة؟ هناك بعض العوامل التي تدل على أن الأمر قد يكون كذلك. كبداية، هناك مخاوف متكررة على صعيدين هما: أن أسواق العمل الأوروبية أقل مرونة، الأمر الذي سيجعل من الصعب على أصحاب العمل أن يتكيفوا، وأن حكومات البلدان الأوروبية كثيراً ما تكون غير مستعدة لاتخاذ إجراء اقتصادي حاسم . يضاف إلى ذلك أن القوة النسبية لليورو تجعل من الصعب على شركات التصدير أن تكون منافسة، رغم أن اليورو تراجع قليلاً مقابل الدولار في الآونة الأخيرة. ويقول بالدوميرو فالكونيس، الرئيس التنفيذي لشركة FCC الإسبانية للتصنيع، إن الانكماش سيدوم لفترة أطول في أوروبا: "متى سيحدث التعافي في الولايات المتحدة؟ ربما بعد سنة أو سنتين . أما في أوروبا، فبعد الولايات المتحدة بسنة".
    لكن حتى تخفيضات أسعار الفائدة التي تمت بصورة منسقة هذا الأسبوع من قبل البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا من بين بنوك أخرى، لم يكن لها وقع كبير على الكثير من الرؤساء التنفيذيين للشركات. إذ يقول راديس: "كان على البنوك المركزية أن تفعل المزيد، وكان يجدر بها أن تفعل ذلك من قبل".
    من المؤكد أن بعض الشركات ما زالت في وضع جيد: لدى راديس سجل طويل من الطلبيات السابقة، حيث يترتب على العملاء أن ينتظروا 28 شهرا لاستلام طلبياتهم من الأدوات. والوضع مشابه بالنسبة لشركة مان الألمانية للتصنيع التي تشهد طفرة كبيرة لدرجة تجعلها ترحب بحدوث نوع من التباطؤ، كما يقول المديرون العاملون فيها. ويضيف هاكان صموئيلسون، رئيس شركة مان إنه في حين أن الصناعة لديها مخاوف بالنسبة للمدى القصير:"لكن إذا نظرت إلى المدى المتوسط أو الطويل، فإن التباطؤ يعد أمراً ضرورياً".
    لكن على الصعيد الاستهلاكي، إن الكثير من الأسواق تعاني ضعف الطلب. وتعاني سلاسل المخازن التجارية أصعب ظروف تمر بها في عقود، حيث تراجعت مبيعات التجزئة في أوروبا بنسبة 1.8 في المائة في شهر آب (أغسطس.) وتخطط متاجر ماركس آند سبنسر في المملكة المتحدة إلى التحفظ على النقد عبر خفض النفقات الرأسمالية من 850 مليون جنيه إسترليني (1.5 مليار دولار، 1.1 مليار يورو) كما كان متوقعاً في الأصل إلى 700 مليون جنيه في هذا العام وإلى 400 مليون جنيه في العام المقبل. كما أن شركات صنع السيارات ترد على ضعف الطلب بتخفيض الإنتاج، حيث عمدت شركات التصنيع من "جنرال موتورز" إلى "ديملر" إلى إيقاف بعض الورديات.
    يقول الرئيس التنفيذي لمجموعة صناعية ألمانية إن مزيداً من الألم سيأتي: "الشركات على أهبة الاستعداد لاتخاذ كل التدابير القاسية- الأكثر من قاسية ربما – ولكن علينا أن نرد الآن. وأعتقد أننا سنشهد الكثير من عمليات تقليص الوظائف". وفي واقع الأمر، فإن شركات من بينها "سيمنز"، وشركات تتراوح من شركة هنكيل التي تعمل في المنتجات المنزلية، وشركة سان – جوبين التي تعمل في مواد البناء قد قلصت الوظائف استعداداً لمواجهة التباطؤ الاقتصادي.
    من الأمور التي تعادل ضعف الطلب في أهميتها، المشكلات التي تواجهها الشركات في التمويل. الكثير من المنافذ التي كانت الشركات تعتمد عليها إما جفت أو أصبحت أكثر تكلفة، الأمر الذي حدا بالشركات إلى تخزين النقد وخفض الاستثمار.
    حتى الشركات التي تتمتع بمركز جيد تنظر بعصبية إلى الوضع المالي الخاص بالجهات التي تورد إليها. إذ يقول السيد فنسنت من شركة أفتوفاز: "لدينا موردون يصرخون .. إنهم يقولون إذا لم تدفعوا لنا كذا مليون روبل، فلن نتمكن من الإنتاج لأنه لا يوجد لدينا ائتمان". ويصف لويس جالوا، الرئيس التنفيذي لشركة الفضاء الأوروبية، الوضع المالي للموردين بأنه مبعث قلق له، في حين أن دنيس رانك، رئيس مجموعة ثيلز للصناعات الدفاعية يقول بدوره: "إذا كان لدي مبعث قلق، فذلك هو "،(الوضع المالي للموردين).
    الشركات واقعة في مأزق صعب بسبب نقص السيولة في سوق الأوراق التجارية التي جفت من الناحية الفعلية. الأوراق التجارية هي نوع من أنواع الاقتراض الذي يعمل بمثابة السحب على المكشوف لفترات قصيرة: أي أن الشركات تصدر أوراقاً تصل مدتها إلى ثلاثة أشهر يشتريها المستثمرون من قبيل صناديق أسواق المال. وتعد هذه الأوراق مصدراً مهماً من مصادر التمويل بالنسبة لغالبية الشركات الكبرى.
    تقول شركة أليكس بارتنرز، المختصة في شؤون الدورات المالية، بإنه توجد في المملكة المتحدة نحو 50 مليار جنيه إسترليني من الدين المتداول بين العموم بحاجة إلى إعادة تمويل في نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر)، الأمر الذي يؤثر في 21 شركة من الشركات المدرجة في مؤشر بورصة فاينانشال تايمز، التي يبلغ عددها 350 شركة. وتقول الشركة إن هناك توقعات بأن تتضاعف معدلات التخلف عن السداد ثلاث مرات بحلول عيد الميلاد.
    يرى الكثيرون أن البديل هو السحب من خطوط الائتمان- التي تعرف بالتسهيلات الدوارة. وتبرم البنوك عقوداً ملزمة، من الناحية القانونية مع الشركات لتقديم هذه التسهيلات التي تمتد من ثلاث إلى خمس سنوات على أساس ألا يتم الاعتماد عليها أو سحب مبالغ كبيرة منها إلا في الظروف القاسية.
    لكن الشركات كانت وما زالت تعتمد على هذه الأموال للتعويض عن عدم تمكنها من الوصول إلى أسواق الأوراق التجارية. وقد أدى هذا إلى حدوث خلاف مع البنوك التي تعتقد أن بعض الشركات ليست بحاجة فعلية إلى هذه الأموال وأنها تسحب الأموال من قبيل التحوط للحالات الطارئة مستقبلاً. ففي هذا العام سحبت شركة بورش خطاً ائتمانياً قدره عشرة مليارات يورو (13.6 مليار دولار، 7.9 مليار جنيه إسترليني) لوضع هذه الأموال في استثمارات قليلة الخطر: وقد أثارت هذه الخطوة الاستهجان لأن الشركة تتمتع بمركز نقدي صحي.
    هذه الإجراءات تسبب المشكلات للبنوك لأن معظم التسهيلات الدوارة تم الاتفاق عليها بأسعار الفائدة التي كانت سائدة قبل أن تصل أزمة الشح الائتماني إلى أوجها، ورغم ذلك تجد البنوك أنها تتحمل تكاليف أعلى من ذي قبل على هذه الأموال. وتواجه الشركات البريطانية الآن احتمال أن تستخدم البنوك التي تتعامل معها ذلك كذريعة لتطبيق"بنود الإخلال بالسوق" لوقف عمليات السحب من التسهيلات الدوارة.
    يقول مارتن أو دونوفان، مدير اتحاد أمناء صناديق الشركات في المملكة المتحدة: "إننا سمعنا بالتأكيد من الأعضاء في اتحادنا أن البنوك التي يتعاملون معها اتصلت بهم بشأن هذا الموضوع. ولذلك، أخذ المعنيون باستشارة محاميهم لمعرفة تفسيرهم لهذا البند".
    في ضوء ذلك، اقترح الاتحاد المذكور في الأسابيع الأخيرة أن تتفق البنوك والشركات على أن يتم السحب من الأموال المخصصة للأجل القصير، وذلك لإحداث التوازن مع الاحتياجات التمويلية للبنوك. ولكن الأسابيع القليلة المقبلة لن تكون سهلة. إذ يقول بول كيركبرايت، الشريك في ممارسة إعادة الهيكلية المالية في شركة KPMG بأنه: "كان من الصعب جداً تطبيق تلك البنود، ولكن إذا كان ذلك هو البديل الوحيد للإفراج عن هذه التسهيلات الضخمة، فستنظر البنوك باستخدام كل الوسائل المتوافرة لديها للرجوع إلى الشركات".
    رغم التكلفة العالية التي تتحملها الشركات في سبيل الاقتراض، يحذر المصرفيون من أن انهيار بعض البنوك وتأميم بعضها الآخر قد أضاف مشكلة أخرى للشركات المقترضة: تراجع قدرة البنوك على تقديم القروض.
    في ضوء العدد القليل من البنوك التي ما زالت في الساحة، فقد قلت القروض المتاحة حتى للشركات التي لديها ميزانيات عمومية محترمة وتصنيفات ائتمانية جيدة. يقول فيليب سنيل، الشريك في ممارسة التمويل بشركة سلوتر آند ماي للمحاماة: "بالنسبة لمعظم الناس، لن تكون هناك سيولة متوافرة. إن الأمر لا يتعلق بارتفاع كلفة القروض، بل بتوافر الائتمان".
    سيزيد هذا من الضغوط التي تمارس على الشركات لكي تركز على تحسين إدارة النقد لديها، خاصة مع اقتراب موعد تقارير مراجعي الحسابات. ويقول سنيل: "هذا يؤثر في كامل عملية اتخاذ القرارات فيما يتعلق بالاضطلاع بمشاريع كبيرة".
    في وقت تسوده حالة عدم اليقين هذه، يترتب على الشركات الأوروبية أن تراجع كل شيء تقريباً. وتقول بيبا ويكس، العضو في مجلس إدارة شركة أليكس، إنها تعتقد أن بعض مجالس الإدارة لم يتكيف مع العقلية اللازم توافرها في دورة الانكماش الاقتصادية هذه. فهو يعيش في عالم الربح والخسارة السعيد وليس في عالم النقد".
    يوافق غصن، رئيس شركة رينو على أن الأزمة تجعل الشركات تعيد النظر في استراتيجياتها في المدى القصير. ويترتب أن تنتظر الأسئلة حول مستقبل نموذج عمل الشركة الفرنسية لصناعة السيارات إلى أن يتم حل مشكلات إعادة التمويل والائتمان. يقول غصن معلقاً: "الأمر يتعلق أكثر بسؤال كيف سنظل نعمل في الأشهر الثلاثة المقبلة ؟ وليس كيف سننافس في السنوات العشر المقبلة
    ".

  • #2
    مشكور اخي الكريم
    (كم عشقت المشي تحت المطر......لكي لايعرف احد اني ابكي)اخوكم (توفيق) ابن مخيم الوسطى

    تعليق

    يعمل...
    X