بسم الله الرحمن الرحيم
موقع الثابتون على العهد
(قاعدة الجهاد في أرض الكنانة)
يقدم
(سلسلة المخابرات و المجاهدون)
-2-
«مراسل الجزيرة يرفض التجسس على بن لادن»
أثناء وجودي في الدوحة وبعد أن بثت الجزيرة جزءً من المقابلة مع أسامة مباشرة اتصل مسئول في سفارة عربية في إسلام أباد بمنزلي يستفسر عني، فأبلغ بأنني مسافر ، وسأل ثانية ما إذا كنت أنا الذي أجريت المقابلة مع أسامة أم لا ؟ فأبلغ بالجواب .
اتصل الدبلوماسي العربي مباشرة بالجزيرة سائلاً عني بحجة أنه قريب لي فأبلغ بأنني في الفندق ، وأخذ يتصل على الفندق أكثر من مرة ولم يأته رد مني .
وبعد رجوعي إلى إسلام أباد بيومين اتصلت به ((وأنا أخمن ما الذي يريده)) مستفسراً عنه وعن سبب اتصاله ، فدعاني إلى ملاقاته، لكنني اعتذرت عن ذلك لانشغالي ببعض الأمور ، فقال إذن أنا آتي إلى بيتك لأمر هام .
أعطيته عنوان المنزل، وبعد دقائق وصل، لكنه رفض الدخول، وكان سريعاً في عرض ما جاء لأجله :
هل بالإمكان الحصول على النسخة الأصلية من المقابلة؟
فأجبته نعم .اتصل بالجزيرة وتفاهم معهم، لكنني أظن أن تلفزيون بلادكم لن يعرض منها شيئاً بسبب السياسة التي تنتهجها دولتكم حيال هذا الأمر .
فرد قائلا : لا نريد النشر ، ولكن نريد منعه مهما كانت الأحوال. وأنت يمكنك استعادة المقابلة من الجزيرة وبيعها لنا بضعف الثمن الذي اتفقت مع الجزيرة عليه .
فقلت له: أنا أجريت المقابلة حتى يتم نشرها وليس وأدها، وأنا حريص على نشرها وتحقيق إنجاز صحفي لي أكثر من حرص الجزيرة على المقابلة وأكثر من حرصي على المال! ومستعد للتنازل عن حقوقي المادية من هذه المقابلة إن وافقت الجزيرة على نشرها كاملة غير منقوصة.
استغرب الدبلوماسي من إجابتي بقوله : يا سلام ، أنت تبدو متحمسا جداً لأسامة وتريد أن تعمل له دعاية في العالم العربي!!
أجبته : لا . . ليس حماساً له بقدر ما هو دعاية لي. فلو أنفقت عشرات الألوف من الدولارات لأعمل دعاية لنفسي لن يكون صداها من ناحية إعلامية بقدر ما يعرف العالم أنني أجريت مقابلة مع أشهر رجل مطلوب في العالم. ولهذا السبب أنا حريص على نشر المقابلة ، كما أن هذا يحفظ لي رصيدي المهني ومصداقيتي أمام من قابلتهم أو ساهم في إنجاح المقابلة أو غيرهم، وهذا أمر لا يقدر بثمن بالنسبة لي .
فقال : أنا أعطيك ما وعدتك به الجزيرة وأكثر، شريطة استعادة النسخة الأصلية من الجزيرة أو الاشتراط عليهم ألا يبثوا أي جزء منها بعد ذلك. فقلت له: إن هذا أمر مستحيل بالنسبة لي ، وحتى لو وافقت الجزيرة على ذلك فأنا لن أرضى به. وإن كان لكم أي اعتراض على المقابلة فيمكنكم الاتصال بالجزيرة ، وأظنكم تعرفون أرقام هواتف إدارتها .
عند ذلك شعر أنه أسقط في يديه ولم ينل شيئا مني ، فقال لنتحدث عن موضوع آخر ، وانس أمر هذه المقابلة : هل تستطيع مقابلة أسامة مرة أخرى وفي وقت قريب ؟
فقلت له : لا مانع لدي في إجراء مقابلات معه في أي وقت . لكن هذا يعتمد على الحكومة الأفغانية وعليه هو ، ومن ناحيتي فإن ما أعرفه عنه هو رفضه مقابلة صحفي مرتين ، لكن لو وافقت الحكومة الأفغانية على إتاحة الفرصة لي مرة ثانية فلن أتردد في ذلك.
فرد قائلا : حسنا. نريد منك أن تنقل له شيئا معك .
مهمة قاتلة!
ظننت أن الذي يريده مني هو رسالة من حكومته تنقل لأسامة بن لادن ولا يريدونها أن تصل له عبر الحكومة الأفغانية ، فاعتذرت بأنه لا يمكنني حمل شيء من الرسائل إلا بعلم الحكومة الأفغانية .
استدرك قائلا : لا . الأمر لا يتعلق برسالة .
فقلت له :هل هناك أسئلة معينة تريدون أجوبته عليها ؟
قال :لا .. لا نريد سؤاله عن أي شيء .
فقلت : إذن ماذا تريدني أن أحمل له ؟
فقال في تردد وعيناه تحدقان في ملامح وجهي : نريدك أن تأخذ معك إن ذهبت لمقابلته ثانية جهاز بث صغير( TRANSMITER) تضعه في ملابسك ، وحينما تصل إليه فقط تفتح الجهاز ليبث إشارات إلى مكان ما .
أدركت ما يريده مباشرة ، فقلت له ضاحكاً : وكم تدفع من أجل هذا العمل !؟ فأجاب دون تردد وكأنه يخشى عدم موافقتي ويحاول إقناعي بما يزيده في عرضه المادي : مائة ألف دولار ، مائتي ألف ، مائتين وخمسين ألفا . ماذا تقول ؟
قلت له: لا . . لأن ما تدفعه زهيد جداً لعمل مثل هذا !
فقال : إذن ندفع لك نصف مليون دولار . جيد ! وهذا المبلغ لم ندفعه من قبل لأي شخص مهما كان الأمر . اتفقنا .
كررت له إجابتي، مردفاً أن غيرك دفع أكثر مما تدفع أنت .
فسأل باستغراب : ومن يكون هذا الذي دفع أكثر، وكم دفع ؟
قلت له : الأمريكان . لقد أعلنوا عن جائزة قيمتها خمسة ملايين دولار . وهذا الجهاز الذي تريدني حمله سيحدد مكاني ومكان أسامة (إن سمح لي برؤيته ثانية) بشكل دقيق . فلو رغبت القيام بعمل من هذا القبيل فلماذا لا أذهب إلى من يعطي خمسة ملايين بدلاً من نصف مليون . فقال بلهفة : وهل اتصل بك الأمريكان ؟ أو اتصلت بهم ؟
قلت : لا .. لم يتصلوا ولن أتصل بهم !!
فرد بالقول : أنا أحضر لك الجائزة منهم ، فهل تقبل القيام بهذه المهمة .فأجبته : ما رأيته على الانترنت وفي الدعاية الأمريكية أنهم لم يطلبوا واسطة للشخص الذي يريد الإدلاء بمعلومات ، أو يفيدهم بأي شيء ، والسفارة الأمريكية موجودة في إسلام أباد ومكتبهم الإعلامي أعرفه ، ولو أردت يمكنني الذهاب دون أي واسطة .
خمسة عشر مليون دولار !!
فأجاب وهو يلح علي بالقبول بما يعرضه : حسناً . أنا أعرض عليك شيئاً إضافياً لما عرضوه ، منهم خمسة ملايين ومنا خمسة ملايين، ماذا قلت؟ وقبل أن أرد على سؤاله أضاف : منا عشرة ملايين دولار ومنهم خمسة ملايين دولار ، أي يكون لك خمسة عشر مليون دولار ، وهذا مبلغ لم تدفعه أي دولة في العالم لأي شخص في مثل هذه الأعمال! هاه ، ماذا قلت !؟
ضحكت في أعماقي ، وأمسكت لحيتي بيدي وقلت :إن كان الأمر هكذا ، أنا لا أريد المال ، أريد شيئا أخر غيره!
فتلهف لسماع ما أريده ، وأنصت بدقة ، فقلت له :أريد قطعة صغيرة من الورق . وقبل أن أكمل قال نعم نحن نعطيك جنسية وجواز سفر ، فقلت له ما هذا الذي أسال عنه .
فأجاب : ماذا تريد إذن؟ فقلت له : أريد قطعة ورق صغيرة موقعة من رب العالمين مكتوب فيها أنني مغفور لي كل ما أفعل ، فإن أحضرت لي هذه الورقة ، فأنا على استعداد للقيام بأي عمل تريده ، مهما كان ، وضد أي شخص كان .
بهت الرجل مما سمع وظن أنني أمزح معه ، فقال وكأنه يحاول إقناعي بالأمر بالتخفيف من عواقبه : أنت تعلم أنه لا أحد يمكنه إحضار مثل هذه الورقة ، ونحن لا نطلب منك قتل الرجل ولا إيذاءه . فقط اذهب بالجهاز وافتحه حينما تكون عنده .
فرددت عليه بلهجة أشد مما كنت أكلمه به : هذا الجهاز الذي تريدني نقله إلى هناك سيبث ذبذبات يتم التقاطها في مكان ما ، وسيتم بناءً عليها تحديد موقعه بالضبط ، وموقعي أنا بالذات بصورة أدق، والذي أعرفه أن بلادكم ليس لها قدرات تقنية متطورة تتعامل من خلالها مع هذا الجهاز ، والذي سيستفيد منه هو الأمريكان الذين سيضربون مجموعة من الصواريخ على المكان الذي تم تحديده ، والصاروخ سيأتي إلي قبل أن يصيبه هو ، هذا إن وصلت إليه ومعي الجهاز ! فماذا لو أمسكوا بي وفتشوني قبل أن أصل إليه واكتشفوا وجود مثل هذا الجهاز معي؟؟؟ بالطبع سيحققون معي وسيعلمون أنني تعاملت معكم أو مع غيركم . وأنت تعلم ما مصير من يقبض عليه في هذه القضايا . ترى لو تم هذا ماذا ستنفع الخمسة عشر مليون دولار .
فأجاب وكأنه يريد استمالتي من ناحية أولادي : نعطيها لأولادك من بعدك ، ونتكفل بهم طيلة حياتهم .
ضحكت ، وقلت له وما ينفعني أنا إن مت جاسوساً وتنعم أولادي من بعدي بأموال اكتسبت بغير طريق شرعي ، وماذا ستفعل لهم الأموال؟! هل ستغسل عار الأبد وتمحو من أذهانهم ومن أذهان الناس أن أباهم مات على ما تريدني أن أموت عليه من نذالة وخسة ؟
توقفت برهة من الوقت ثم بادرته بسؤال خطر لي وأنا أحدثه، فقلت له : هل تظن المسئول الأمني الأول في بلادكم كذاباً ؟ فقال لي مباشرة : وما السبب في هذا السؤال ؟
فقلت له أنا لا أظنه كذاباً ، فهل تظنه أنت كذاباً ؟ فقال لي على الفور: لا . . رغم أنه لم يكن يعرف ما أرمي إليه من هذا السؤال!
فقلت له إذا كان المسئول الأمني الأول في بلادكم أعلن أن أسامة ليس مطلوباً في أي قضية لدولتكم وأنه لا علاقة له بما جرى فيها من أحداث وتفجيرات وغير ذلك ، فإذا كان الأمر هكذا فلماذا تسأل عن أسامة بهذه الحماسة وتحاول أن تقتله ؟ أم أنك تريدني أن أفهم أنك تعمل لدولة أخرى غير بلادك ؟!
انتظر محدثي قليلا ثم قال لي : هذا آخر ما عندك من كلام .
قلت له هذا ما عندي كله . فقال لي: (طيب نشوف بعدين).
. . . . . .
. . . . . .
سفارات تطلب إبعادي:
بعد أيام من ذلك علمت من وزارة الإعلام الباكستانية أن سفير إحدى الدول العربية في باكستان تقدم برسالة إلى الخارجية الباكستانية يطالب فيها بإخراجي من باكستان بحجة أنني أجريت مقابلة مع أسامة بن لادن وأخرى مع أيمن الظواهري، وقد حاول هذا السفير استخدام مشاعر الباكستانيين المعادية لإسرائيل في هذه المسألة، حيث جاء في رسالته أن جمال يحمل جواز سفر فلسطيني، وأنه يستطيع زيارة (إسرائيل) في أي وقت!! كما أنه يعمل على تخريب العلاقات الباكستانية العربية!!! من خلال ما يبثه من تقارير من باكستان! وزعم السفير العربي في رسالته أن سفراء ثلاث دول عربية أخرى يشاطرونه الرأي في هذه المسألة!! كما لم ينس (اتهامي) بأنني أعمل لصالح قناة الجزيرة التي عملت على إغاظة عدد من الحكومات العربية منها الأردن والمملكة العربية السعودية والكويت ومصر وغيرها. وطالب بإبعادي من باكستان أو على الأقل منعي من ممارسة الصحافة في باكستان إن كانت الحكومة لا تريد إبعادي.
موقع الثابتون على العهد
(قاعدة الجهاد في أرض الكنانة)
يقدم
(سلسلة المخابرات و المجاهدون)
-2-
«مراسل الجزيرة يرفض التجسس على بن لادن»
أثناء وجودي في الدوحة وبعد أن بثت الجزيرة جزءً من المقابلة مع أسامة مباشرة اتصل مسئول في سفارة عربية في إسلام أباد بمنزلي يستفسر عني، فأبلغ بأنني مسافر ، وسأل ثانية ما إذا كنت أنا الذي أجريت المقابلة مع أسامة أم لا ؟ فأبلغ بالجواب .
اتصل الدبلوماسي العربي مباشرة بالجزيرة سائلاً عني بحجة أنه قريب لي فأبلغ بأنني في الفندق ، وأخذ يتصل على الفندق أكثر من مرة ولم يأته رد مني .
وبعد رجوعي إلى إسلام أباد بيومين اتصلت به ((وأنا أخمن ما الذي يريده)) مستفسراً عنه وعن سبب اتصاله ، فدعاني إلى ملاقاته، لكنني اعتذرت عن ذلك لانشغالي ببعض الأمور ، فقال إذن أنا آتي إلى بيتك لأمر هام .
أعطيته عنوان المنزل، وبعد دقائق وصل، لكنه رفض الدخول، وكان سريعاً في عرض ما جاء لأجله :
هل بالإمكان الحصول على النسخة الأصلية من المقابلة؟
فأجبته نعم .اتصل بالجزيرة وتفاهم معهم، لكنني أظن أن تلفزيون بلادكم لن يعرض منها شيئاً بسبب السياسة التي تنتهجها دولتكم حيال هذا الأمر .
فرد قائلا : لا نريد النشر ، ولكن نريد منعه مهما كانت الأحوال. وأنت يمكنك استعادة المقابلة من الجزيرة وبيعها لنا بضعف الثمن الذي اتفقت مع الجزيرة عليه .
فقلت له: أنا أجريت المقابلة حتى يتم نشرها وليس وأدها، وأنا حريص على نشرها وتحقيق إنجاز صحفي لي أكثر من حرص الجزيرة على المقابلة وأكثر من حرصي على المال! ومستعد للتنازل عن حقوقي المادية من هذه المقابلة إن وافقت الجزيرة على نشرها كاملة غير منقوصة.
استغرب الدبلوماسي من إجابتي بقوله : يا سلام ، أنت تبدو متحمسا جداً لأسامة وتريد أن تعمل له دعاية في العالم العربي!!
أجبته : لا . . ليس حماساً له بقدر ما هو دعاية لي. فلو أنفقت عشرات الألوف من الدولارات لأعمل دعاية لنفسي لن يكون صداها من ناحية إعلامية بقدر ما يعرف العالم أنني أجريت مقابلة مع أشهر رجل مطلوب في العالم. ولهذا السبب أنا حريص على نشر المقابلة ، كما أن هذا يحفظ لي رصيدي المهني ومصداقيتي أمام من قابلتهم أو ساهم في إنجاح المقابلة أو غيرهم، وهذا أمر لا يقدر بثمن بالنسبة لي .
فقال : أنا أعطيك ما وعدتك به الجزيرة وأكثر، شريطة استعادة النسخة الأصلية من الجزيرة أو الاشتراط عليهم ألا يبثوا أي جزء منها بعد ذلك. فقلت له: إن هذا أمر مستحيل بالنسبة لي ، وحتى لو وافقت الجزيرة على ذلك فأنا لن أرضى به. وإن كان لكم أي اعتراض على المقابلة فيمكنكم الاتصال بالجزيرة ، وأظنكم تعرفون أرقام هواتف إدارتها .
عند ذلك شعر أنه أسقط في يديه ولم ينل شيئا مني ، فقال لنتحدث عن موضوع آخر ، وانس أمر هذه المقابلة : هل تستطيع مقابلة أسامة مرة أخرى وفي وقت قريب ؟
فقلت له : لا مانع لدي في إجراء مقابلات معه في أي وقت . لكن هذا يعتمد على الحكومة الأفغانية وعليه هو ، ومن ناحيتي فإن ما أعرفه عنه هو رفضه مقابلة صحفي مرتين ، لكن لو وافقت الحكومة الأفغانية على إتاحة الفرصة لي مرة ثانية فلن أتردد في ذلك.
فرد قائلا : حسنا. نريد منك أن تنقل له شيئا معك .
مهمة قاتلة!
ظننت أن الذي يريده مني هو رسالة من حكومته تنقل لأسامة بن لادن ولا يريدونها أن تصل له عبر الحكومة الأفغانية ، فاعتذرت بأنه لا يمكنني حمل شيء من الرسائل إلا بعلم الحكومة الأفغانية .
استدرك قائلا : لا . الأمر لا يتعلق برسالة .
فقلت له :هل هناك أسئلة معينة تريدون أجوبته عليها ؟
قال :لا .. لا نريد سؤاله عن أي شيء .
فقلت : إذن ماذا تريدني أن أحمل له ؟
فقال في تردد وعيناه تحدقان في ملامح وجهي : نريدك أن تأخذ معك إن ذهبت لمقابلته ثانية جهاز بث صغير( TRANSMITER) تضعه في ملابسك ، وحينما تصل إليه فقط تفتح الجهاز ليبث إشارات إلى مكان ما .
أدركت ما يريده مباشرة ، فقلت له ضاحكاً : وكم تدفع من أجل هذا العمل !؟ فأجاب دون تردد وكأنه يخشى عدم موافقتي ويحاول إقناعي بما يزيده في عرضه المادي : مائة ألف دولار ، مائتي ألف ، مائتين وخمسين ألفا . ماذا تقول ؟
قلت له: لا . . لأن ما تدفعه زهيد جداً لعمل مثل هذا !
فقال : إذن ندفع لك نصف مليون دولار . جيد ! وهذا المبلغ لم ندفعه من قبل لأي شخص مهما كان الأمر . اتفقنا .
كررت له إجابتي، مردفاً أن غيرك دفع أكثر مما تدفع أنت .
فسأل باستغراب : ومن يكون هذا الذي دفع أكثر، وكم دفع ؟
قلت له : الأمريكان . لقد أعلنوا عن جائزة قيمتها خمسة ملايين دولار . وهذا الجهاز الذي تريدني حمله سيحدد مكاني ومكان أسامة (إن سمح لي برؤيته ثانية) بشكل دقيق . فلو رغبت القيام بعمل من هذا القبيل فلماذا لا أذهب إلى من يعطي خمسة ملايين بدلاً من نصف مليون . فقال بلهفة : وهل اتصل بك الأمريكان ؟ أو اتصلت بهم ؟
قلت : لا .. لم يتصلوا ولن أتصل بهم !!
فرد بالقول : أنا أحضر لك الجائزة منهم ، فهل تقبل القيام بهذه المهمة .فأجبته : ما رأيته على الانترنت وفي الدعاية الأمريكية أنهم لم يطلبوا واسطة للشخص الذي يريد الإدلاء بمعلومات ، أو يفيدهم بأي شيء ، والسفارة الأمريكية موجودة في إسلام أباد ومكتبهم الإعلامي أعرفه ، ولو أردت يمكنني الذهاب دون أي واسطة .
خمسة عشر مليون دولار !!
فأجاب وهو يلح علي بالقبول بما يعرضه : حسناً . أنا أعرض عليك شيئاً إضافياً لما عرضوه ، منهم خمسة ملايين ومنا خمسة ملايين، ماذا قلت؟ وقبل أن أرد على سؤاله أضاف : منا عشرة ملايين دولار ومنهم خمسة ملايين دولار ، أي يكون لك خمسة عشر مليون دولار ، وهذا مبلغ لم تدفعه أي دولة في العالم لأي شخص في مثل هذه الأعمال! هاه ، ماذا قلت !؟
ضحكت في أعماقي ، وأمسكت لحيتي بيدي وقلت :إن كان الأمر هكذا ، أنا لا أريد المال ، أريد شيئا أخر غيره!
فتلهف لسماع ما أريده ، وأنصت بدقة ، فقلت له :أريد قطعة صغيرة من الورق . وقبل أن أكمل قال نعم نحن نعطيك جنسية وجواز سفر ، فقلت له ما هذا الذي أسال عنه .
فأجاب : ماذا تريد إذن؟ فقلت له : أريد قطعة ورق صغيرة موقعة من رب العالمين مكتوب فيها أنني مغفور لي كل ما أفعل ، فإن أحضرت لي هذه الورقة ، فأنا على استعداد للقيام بأي عمل تريده ، مهما كان ، وضد أي شخص كان .
بهت الرجل مما سمع وظن أنني أمزح معه ، فقال وكأنه يحاول إقناعي بالأمر بالتخفيف من عواقبه : أنت تعلم أنه لا أحد يمكنه إحضار مثل هذه الورقة ، ونحن لا نطلب منك قتل الرجل ولا إيذاءه . فقط اذهب بالجهاز وافتحه حينما تكون عنده .
فرددت عليه بلهجة أشد مما كنت أكلمه به : هذا الجهاز الذي تريدني نقله إلى هناك سيبث ذبذبات يتم التقاطها في مكان ما ، وسيتم بناءً عليها تحديد موقعه بالضبط ، وموقعي أنا بالذات بصورة أدق، والذي أعرفه أن بلادكم ليس لها قدرات تقنية متطورة تتعامل من خلالها مع هذا الجهاز ، والذي سيستفيد منه هو الأمريكان الذين سيضربون مجموعة من الصواريخ على المكان الذي تم تحديده ، والصاروخ سيأتي إلي قبل أن يصيبه هو ، هذا إن وصلت إليه ومعي الجهاز ! فماذا لو أمسكوا بي وفتشوني قبل أن أصل إليه واكتشفوا وجود مثل هذا الجهاز معي؟؟؟ بالطبع سيحققون معي وسيعلمون أنني تعاملت معكم أو مع غيركم . وأنت تعلم ما مصير من يقبض عليه في هذه القضايا . ترى لو تم هذا ماذا ستنفع الخمسة عشر مليون دولار .
فأجاب وكأنه يريد استمالتي من ناحية أولادي : نعطيها لأولادك من بعدك ، ونتكفل بهم طيلة حياتهم .
ضحكت ، وقلت له وما ينفعني أنا إن مت جاسوساً وتنعم أولادي من بعدي بأموال اكتسبت بغير طريق شرعي ، وماذا ستفعل لهم الأموال؟! هل ستغسل عار الأبد وتمحو من أذهانهم ومن أذهان الناس أن أباهم مات على ما تريدني أن أموت عليه من نذالة وخسة ؟
توقفت برهة من الوقت ثم بادرته بسؤال خطر لي وأنا أحدثه، فقلت له : هل تظن المسئول الأمني الأول في بلادكم كذاباً ؟ فقال لي مباشرة : وما السبب في هذا السؤال ؟
فقلت له أنا لا أظنه كذاباً ، فهل تظنه أنت كذاباً ؟ فقال لي على الفور: لا . . رغم أنه لم يكن يعرف ما أرمي إليه من هذا السؤال!
فقلت له إذا كان المسئول الأمني الأول في بلادكم أعلن أن أسامة ليس مطلوباً في أي قضية لدولتكم وأنه لا علاقة له بما جرى فيها من أحداث وتفجيرات وغير ذلك ، فإذا كان الأمر هكذا فلماذا تسأل عن أسامة بهذه الحماسة وتحاول أن تقتله ؟ أم أنك تريدني أن أفهم أنك تعمل لدولة أخرى غير بلادك ؟!
انتظر محدثي قليلا ثم قال لي : هذا آخر ما عندك من كلام .
قلت له هذا ما عندي كله . فقال لي: (طيب نشوف بعدين).
. . . . . .
. . . . . .
سفارات تطلب إبعادي:
بعد أيام من ذلك علمت من وزارة الإعلام الباكستانية أن سفير إحدى الدول العربية في باكستان تقدم برسالة إلى الخارجية الباكستانية يطالب فيها بإخراجي من باكستان بحجة أنني أجريت مقابلة مع أسامة بن لادن وأخرى مع أيمن الظواهري، وقد حاول هذا السفير استخدام مشاعر الباكستانيين المعادية لإسرائيل في هذه المسألة، حيث جاء في رسالته أن جمال يحمل جواز سفر فلسطيني، وأنه يستطيع زيارة (إسرائيل) في أي وقت!! كما أنه يعمل على تخريب العلاقات الباكستانية العربية!!! من خلال ما يبثه من تقارير من باكستان! وزعم السفير العربي في رسالته أن سفراء ثلاث دول عربية أخرى يشاطرونه الرأي في هذه المسألة!! كما لم ينس (اتهامي) بأنني أعمل لصالح قناة الجزيرة التي عملت على إغاظة عدد من الحكومات العربية منها الأردن والمملكة العربية السعودية والكويت ومصر وغيرها. وطالب بإبعادي من باكستان أو على الأقل منعي من ممارسة الصحافة في باكستان إن كانت الحكومة لا تريد إبعادي.
مراسل قناة الجزيرة سابقاً
جمال اسماعيل
المصدر : موقع الثابتون على العهد
تعليق