حكاية الشهيد الصحفي «حسن» والأميرة «أمل»: بينما أنت تمضي تمنيت لو أنني كنت معك..
التاريخ:
كتبت/ هديل عطاالله:
كان أصعب وأغلى حوار بكى فيه قلب الصحفية أمل الحجار (24عاماً) بصمت وصبر، عندما جاؤوا بجثمان رجلها وحبيب عمرها.. إنه الشهيد حسن شقورة (24عاماً) الصحفي في إذاعة القدس، الذي اغتالته الطائرات الصهيونية شرق غزة مساء يوم السبت الموافق (15-3-2008).
كان المشهد الأخير صعباً ومدوياً... أمل تودّع توأم القلب والروح والمهنة «حسن»، عندما سُجي جثمانه أمامها دارَ حوار بينها وبين وجهه الملائكي البارد الذي لم يسمعه أحد ممن حولها... كانت تتمنى أن تبقى معه وحدها حتى تتأمله بعيداً عن فوضى الحزن العارمة في المكان، لتقول له كلمات وداع أخيرة... لتقرأ له ـ لآخر مرة ـ قصة الشاطر حسن، حوار دللت فيه أمل حسن كما لم تدلّله من قبل.. ابتسم لها وفتح عينيه ليصغي إلى حبيبته وابنته وصديقته، كان كلاهما الحدث... هما القصة الصحفية... بعد أن كانا يلتقطان معاناة الناس ليروياها كل بطريقته... إنها ابتكارات الاحتلال في صناعة المفارقات!.
«فلسطين» كانت طرفاً ثالثاً أصغت للحوار من الحرف الأول حتى الرمق الأخير ما بين الزميلين.. الزوجين... الشقيقين.. الحبيبين.. الصديقين.. حسن وأمل، فأعادت صياغته أثناء زيارة بيت العزاء في بيت لاهيا شمال غزة.
الحرف الأول...
أمل: حسن...لا أعرف ماذا يمكنني أن أقول لك في موقف كهذا... أكاد أتلعثمُ في كلماتي، وتكادُ دموعي تعقد لساني... ياااه ما أزكاها رائحتك... ما أروعه المسك المتدفق من جنبات روحك، والذي أخذتُ أستنشقه بملء أنفاسي لأدخره لكل شهقة وزفرة سأتنفسها بدونك، لن أستجدي صوتك أو وجهك البارد يا حسن كي تبقى معي... لأن روحك ستخلد في روحي إلى الأبد... أليس كذلك؟!.
حسن: إن كنتِ تحبينني حقاً... قصّي عليّ حكاية الشاطر حسن للمرة الأخيرة... وغنيلي، قبل أن تغطيني «بالأبيض».
أمل: منذ صغري وأنا أحب الشاطر حسن وحكاياته، ولكن «حسَني» كان أجمل «الشطار» وأنبلهم، من أين تريديني أن أبدأ يا (أبا إسلام)... أأبدأ من مكان ميلاد قصتنا؟، أم من اسمي الذي أحببته قبل أن تتعرفَ على صاحبة الاسم؟
حسن: ابدئي من حيث شئت... فكل بداياتنا جميلة!!.
أمل: كان يا مكان... في حديث الزمان (عام 2005م)، كان في «غزتنا» صحيفة اسمها «الاستقلال»، كان هو المكان الذي التقيتك فيه، ليكون مكاننا الأول في انطلاقتنا الصحفية، للدفاع عن كلمة الحق ونشر الحقيقة...
عميقة جداً جداً جداً...
حسن: أكملي القصة يا «أميرة الشاطر حسن»... يا من شعرتُ معها بالسعادة التي كنت أقرأ عنها في الكتب عندما دخلت حياتي...
أمل: ياااه يا حسن... بالفعل كل شيء في هذه الحياة «مقدر ومكتوب»، في تلك الفترة كنتُ أحلم بعد تخرجي بأن ألتفت لحياتي المهنية كي أكون صحفية ناجحة، ولكنكَ غيّرت كل خططي بظهوركَ في حياتي... كان أكثر ما يعجبني أنك تتصرف بأسلوب يكبر عمرك، ومنك فقط تيقنتُ أن الشهامة والبطولة والأخلاق لا تفصل وفقاً للعمر الزمني، بل وفق مقاييس أخرى.
لا زلتُ حتى الآن أنا نفسي مندهشة من عمق علاقتنا، لم نكن زوجين فقط، بل كنا صديقين حقيقيين، تأتمنني على أسرارك، وأأتمنك على سري، وتخبرني بكل التفاصيل الدقيقة لتحركاتك وعملك في الميدان العسكري والصحفي.
لفرط علاقتنا القوية أردت أن تفاجئني بعيد زواجنا الأول في أيلول أجمل شهور السنة، الذي لم نحتفل بسواه، كنتّ قد عزمت على أن تفاجئني بأن تأتي بأفراد عائلتي، ومعهم هدية ميلادنا الأول، ولكنك لم تستطع أن تصبر إلى حين موعد المفاجأة، فإذ بك «تنسحب» من لسانك لتخبرني بما ستفعله، يومها قبّلت يدي وقلت «لا أعرف! أنا هكذا، لا أملك أن أخفي عنك أي شيء، لعلّ هذا ما يميّز أمل وحسن ليصبحا علامة مسجّلة كزوجين مختلفين».
شكراً للفتاة الرائعة
حسن: ما هو أكثر ما كنت تحبينه في علاقتك بالشاطر حسن؟!
أمل: يا إلهي كم كنتُ أحبُ براءتنا وطفولتنا ونضجنا... كنا متشابهين في روحينا حد التطابق يا حسن... لم يرزقنا الله بأطفال ولكنك كنت طفلي، وكنت أنا طفلتك المدللة، كنتَ تستطيع أن تقرأني من نظرة عين واحدة، كنت ترعاني إن مرضت، كل دمعة أذرفها تقول لك شكراً يا حسن في كل مرة ساعدتني في عملي وخففت عني ضغطي... أراها ابتسامتك وهي تشكرني على كل المرات التي أشفقتُ عليك فيها من التعب، وتركتكَ نائماً وأخذتُ أرسل عنك إلى وسائل الإعلام كل ما يتعلق بأخبار حركة «الجهاد» العاجلة وبيانات وتصريحات صحفية.
كان ما يعجبني أنكَ كنت حقاً متعدد المهارات ومتنوع القدرات في التصميم والمونتاج والبرمجة وصيانة الأجهزة وكتابة البيانات الصحفية، كما أنك كنتَ تتسم بالمرونة في تفكيرك وعدم التعصب لحزب دون الآخر، بمعنى آخر كنتَ «صحفياً وحدوياً، وهذا ما كان يزيدني في احترامك مهنياً».
زوجة شهيد
حسن: كنتِِ تشعرين بأنك ستكونين زوجة شهيدٍ يوماً ما... لمَ كان هذا الشعور يسيطر عليك؟
أمل: حقاً يا حسن... الآن فقط عرفت أن إحساسي هذا صدقني، أتذكر سؤالنا المشترك لبعضنا أنه إذا استشهد أحدنا، فهل سيتزوج الآخر، كانت الإجابة مجهولة بالنسبة لكلينا، ولكن كل منا وعد الآخر بأن يبقى في قلبه محفوراً، وكنت أقول لك «لو حطوا «باطونا» على قلبي، مش ممكن أنساك». أنا اليوم أعلنها أمام العالم كله، أني أرفع رأسي بك شامخة، وسأفخر بك حتى آخر يوم في حياتي.
حسن: أمل... هلا سامحتني لأنني لم أف بوعدي لك بالأمنيات الصغيرة التي كنا نخطط لها، بأن نسكنَ في عش صغير جميل، رغم أنكِ لم تضيقي يوماً بالسكن مع أهلي الذين كانوا يحبونك كابنتهم... ولكن ما يجبُ أن يعزيك بأني حققتُ لك هدفاً أجمل وأكبر... واشتريتُ لنا قصراً في الجنة، وهل هناك أجملُ من قصور الجنة؟!.
أمل: وهذا أقصى أحلامي، أن ألحق بك شهيدة لالتقيك في جنان النعيم.
في العرس استقبلتُ الموت
أمل: حسن... إليك سلام وأشواق من حاسوبنا الذي كثيراً ما تناوبنا سوياً عليه لأداء مهامنا الصحفية، أزراره اشتاقت إليك يا «حسون»، و«طقطقته» التي أحبها رغم إزعاجها، تسلّم على أنامل مسؤول الإعلام الحربي في مكتب سرايا القدس، علاقةُ حميمة كانت بينك وبين جهاز الحاسوب، بينما أنت تمضي ليلتكَ معه، دون أن تغفل عينكَ عن متابعة الأخبار على المواقع الإلكترونية، وعبر الاتصالات المستمرة بقادة الحركة، نتابعُ معاً الأخبار لنرسلها إلى الصحفيين ووسائل الإعلام، ولكن في «المسج الأخير» التي وصلت هاتفي النقّال باغتيال ثلاثة من كوادر سرايا القدس، شرق مدينة غزة، دقّ قلبي وهاتفني بأن من أرسلها ليس حسن، وأنك أحد الشهداء.
حسن: كم هي مفارقات الحياة والموت غريبة، أن يأتيك خبر استشهاد أعزّ الناس عليك وأنت تحضّرين عرساً، أن تصلكِ رسالة قصيرة يخبركِ قلبكِ أن حسن هو من استشهد، بينما هناك عروسان صغيران مثلنا يتأهبان لحياة جديدة... خسارة أننا اقتربنا من نهاية الحكاية..
أمل: نعم أوشكنا على النهاية... مساء السبت الحزين أصرّت أمك الحبيبة على أن تصحبني معها إلى عرس أحد الأقارب، ولم تكن لديّ أي رغبة في الذهاب إلى أي مكان، ولكن تحت إصرار «حماتي العزيزة» ذهبتُ إلى الفرح، ووصلتني رسالة عبر الهاتف النقال استشهاد كوادر من الجهاد، لم أجرّب لحظتها بالاتصال على رقمك، لأني كنت واثقة بأن هاتفك ينتحبُ بعد أن احترق معك، لم أبك أو ألطم خدي، بل اكتفى لساني بأن يلهج بالحمد والشكر لله على أن تحققت أمنيتك بالشهادة.
«الحدوتة» لم تنته!
حسن: ما هو الوعد الأخير الذي تريدين أن تعديني به قبل أن ينقلوا جثماني إلى المقبرة؟!
أمل: حسن... يا نور عيني... افتح عينيكَ أكثر لتراني... افتح أذنيكَ أكثر لتلتقط كلماتي الأخيرة... سأكرّس نفسي أكثر لجهاد الكلمة، سأبذل جهداً أكثر في أن أكون مقاومة في عملي الصحفي، بأن استمر في نقل الحقيقة إلى العالم كله... ذلك العالم الصامت عن كل الجرائم التي سرقت حسن مني، وسرقت طلتك الحلوة التي كنت بوجودها أشعر أني أميرة الأميرات.
حسن: هيا يا حبيبتي قوليها... «توتة توتة» خلصت الحدوتة...
أمل: هي قبلة أطبعها على جبينك الطاهر أهمسُ لك بها حكاية الشاطر حسن لا يمكن أن تنتهي... يا «حسنَ أمل» وأمير قلبها... موعدنا هناك في قصر الجنة... إلى الملتقى...
سامحونا ان كنا فتحنا الجرح مجددا ولكن هى عظمة الشهادة وروعة البناء
الى اللقاء يا حبيب اروح يا حبيب القلب يا ابو اسلام11:11 11:11 11:11
رحمة الله عليك يا حبيبى 55:5 55:5
التاريخ:
كتبت/ هديل عطاالله:
كان أصعب وأغلى حوار بكى فيه قلب الصحفية أمل الحجار (24عاماً) بصمت وصبر، عندما جاؤوا بجثمان رجلها وحبيب عمرها.. إنه الشهيد حسن شقورة (24عاماً) الصحفي في إذاعة القدس، الذي اغتالته الطائرات الصهيونية شرق غزة مساء يوم السبت الموافق (15-3-2008).
كان المشهد الأخير صعباً ومدوياً... أمل تودّع توأم القلب والروح والمهنة «حسن»، عندما سُجي جثمانه أمامها دارَ حوار بينها وبين وجهه الملائكي البارد الذي لم يسمعه أحد ممن حولها... كانت تتمنى أن تبقى معه وحدها حتى تتأمله بعيداً عن فوضى الحزن العارمة في المكان، لتقول له كلمات وداع أخيرة... لتقرأ له ـ لآخر مرة ـ قصة الشاطر حسن، حوار دللت فيه أمل حسن كما لم تدلّله من قبل.. ابتسم لها وفتح عينيه ليصغي إلى حبيبته وابنته وصديقته، كان كلاهما الحدث... هما القصة الصحفية... بعد أن كانا يلتقطان معاناة الناس ليروياها كل بطريقته... إنها ابتكارات الاحتلال في صناعة المفارقات!.
«فلسطين» كانت طرفاً ثالثاً أصغت للحوار من الحرف الأول حتى الرمق الأخير ما بين الزميلين.. الزوجين... الشقيقين.. الحبيبين.. الصديقين.. حسن وأمل، فأعادت صياغته أثناء زيارة بيت العزاء في بيت لاهيا شمال غزة.
الحرف الأول...
أمل: حسن...لا أعرف ماذا يمكنني أن أقول لك في موقف كهذا... أكاد أتلعثمُ في كلماتي، وتكادُ دموعي تعقد لساني... ياااه ما أزكاها رائحتك... ما أروعه المسك المتدفق من جنبات روحك، والذي أخذتُ أستنشقه بملء أنفاسي لأدخره لكل شهقة وزفرة سأتنفسها بدونك، لن أستجدي صوتك أو وجهك البارد يا حسن كي تبقى معي... لأن روحك ستخلد في روحي إلى الأبد... أليس كذلك؟!.
حسن: إن كنتِ تحبينني حقاً... قصّي عليّ حكاية الشاطر حسن للمرة الأخيرة... وغنيلي، قبل أن تغطيني «بالأبيض».
أمل: منذ صغري وأنا أحب الشاطر حسن وحكاياته، ولكن «حسَني» كان أجمل «الشطار» وأنبلهم، من أين تريديني أن أبدأ يا (أبا إسلام)... أأبدأ من مكان ميلاد قصتنا؟، أم من اسمي الذي أحببته قبل أن تتعرفَ على صاحبة الاسم؟
حسن: ابدئي من حيث شئت... فكل بداياتنا جميلة!!.
أمل: كان يا مكان... في حديث الزمان (عام 2005م)، كان في «غزتنا» صحيفة اسمها «الاستقلال»، كان هو المكان الذي التقيتك فيه، ليكون مكاننا الأول في انطلاقتنا الصحفية، للدفاع عن كلمة الحق ونشر الحقيقة...
عميقة جداً جداً جداً...
حسن: أكملي القصة يا «أميرة الشاطر حسن»... يا من شعرتُ معها بالسعادة التي كنت أقرأ عنها في الكتب عندما دخلت حياتي...
أمل: ياااه يا حسن... بالفعل كل شيء في هذه الحياة «مقدر ومكتوب»، في تلك الفترة كنتُ أحلم بعد تخرجي بأن ألتفت لحياتي المهنية كي أكون صحفية ناجحة، ولكنكَ غيّرت كل خططي بظهوركَ في حياتي... كان أكثر ما يعجبني أنك تتصرف بأسلوب يكبر عمرك، ومنك فقط تيقنتُ أن الشهامة والبطولة والأخلاق لا تفصل وفقاً للعمر الزمني، بل وفق مقاييس أخرى.
لا زلتُ حتى الآن أنا نفسي مندهشة من عمق علاقتنا، لم نكن زوجين فقط، بل كنا صديقين حقيقيين، تأتمنني على أسرارك، وأأتمنك على سري، وتخبرني بكل التفاصيل الدقيقة لتحركاتك وعملك في الميدان العسكري والصحفي.
لفرط علاقتنا القوية أردت أن تفاجئني بعيد زواجنا الأول في أيلول أجمل شهور السنة، الذي لم نحتفل بسواه، كنتّ قد عزمت على أن تفاجئني بأن تأتي بأفراد عائلتي، ومعهم هدية ميلادنا الأول، ولكنك لم تستطع أن تصبر إلى حين موعد المفاجأة، فإذ بك «تنسحب» من لسانك لتخبرني بما ستفعله، يومها قبّلت يدي وقلت «لا أعرف! أنا هكذا، لا أملك أن أخفي عنك أي شيء، لعلّ هذا ما يميّز أمل وحسن ليصبحا علامة مسجّلة كزوجين مختلفين».
شكراً للفتاة الرائعة
حسن: ما هو أكثر ما كنت تحبينه في علاقتك بالشاطر حسن؟!
أمل: يا إلهي كم كنتُ أحبُ براءتنا وطفولتنا ونضجنا... كنا متشابهين في روحينا حد التطابق يا حسن... لم يرزقنا الله بأطفال ولكنك كنت طفلي، وكنت أنا طفلتك المدللة، كنتَ تستطيع أن تقرأني من نظرة عين واحدة، كنت ترعاني إن مرضت، كل دمعة أذرفها تقول لك شكراً يا حسن في كل مرة ساعدتني في عملي وخففت عني ضغطي... أراها ابتسامتك وهي تشكرني على كل المرات التي أشفقتُ عليك فيها من التعب، وتركتكَ نائماً وأخذتُ أرسل عنك إلى وسائل الإعلام كل ما يتعلق بأخبار حركة «الجهاد» العاجلة وبيانات وتصريحات صحفية.
كان ما يعجبني أنكَ كنت حقاً متعدد المهارات ومتنوع القدرات في التصميم والمونتاج والبرمجة وصيانة الأجهزة وكتابة البيانات الصحفية، كما أنك كنتَ تتسم بالمرونة في تفكيرك وعدم التعصب لحزب دون الآخر، بمعنى آخر كنتَ «صحفياً وحدوياً، وهذا ما كان يزيدني في احترامك مهنياً».
زوجة شهيد
حسن: كنتِِ تشعرين بأنك ستكونين زوجة شهيدٍ يوماً ما... لمَ كان هذا الشعور يسيطر عليك؟
أمل: حقاً يا حسن... الآن فقط عرفت أن إحساسي هذا صدقني، أتذكر سؤالنا المشترك لبعضنا أنه إذا استشهد أحدنا، فهل سيتزوج الآخر، كانت الإجابة مجهولة بالنسبة لكلينا، ولكن كل منا وعد الآخر بأن يبقى في قلبه محفوراً، وكنت أقول لك «لو حطوا «باطونا» على قلبي، مش ممكن أنساك». أنا اليوم أعلنها أمام العالم كله، أني أرفع رأسي بك شامخة، وسأفخر بك حتى آخر يوم في حياتي.
حسن: أمل... هلا سامحتني لأنني لم أف بوعدي لك بالأمنيات الصغيرة التي كنا نخطط لها، بأن نسكنَ في عش صغير جميل، رغم أنكِ لم تضيقي يوماً بالسكن مع أهلي الذين كانوا يحبونك كابنتهم... ولكن ما يجبُ أن يعزيك بأني حققتُ لك هدفاً أجمل وأكبر... واشتريتُ لنا قصراً في الجنة، وهل هناك أجملُ من قصور الجنة؟!.
أمل: وهذا أقصى أحلامي، أن ألحق بك شهيدة لالتقيك في جنان النعيم.
في العرس استقبلتُ الموت
أمل: حسن... إليك سلام وأشواق من حاسوبنا الذي كثيراً ما تناوبنا سوياً عليه لأداء مهامنا الصحفية، أزراره اشتاقت إليك يا «حسون»، و«طقطقته» التي أحبها رغم إزعاجها، تسلّم على أنامل مسؤول الإعلام الحربي في مكتب سرايا القدس، علاقةُ حميمة كانت بينك وبين جهاز الحاسوب، بينما أنت تمضي ليلتكَ معه، دون أن تغفل عينكَ عن متابعة الأخبار على المواقع الإلكترونية، وعبر الاتصالات المستمرة بقادة الحركة، نتابعُ معاً الأخبار لنرسلها إلى الصحفيين ووسائل الإعلام، ولكن في «المسج الأخير» التي وصلت هاتفي النقّال باغتيال ثلاثة من كوادر سرايا القدس، شرق مدينة غزة، دقّ قلبي وهاتفني بأن من أرسلها ليس حسن، وأنك أحد الشهداء.
حسن: كم هي مفارقات الحياة والموت غريبة، أن يأتيك خبر استشهاد أعزّ الناس عليك وأنت تحضّرين عرساً، أن تصلكِ رسالة قصيرة يخبركِ قلبكِ أن حسن هو من استشهد، بينما هناك عروسان صغيران مثلنا يتأهبان لحياة جديدة... خسارة أننا اقتربنا من نهاية الحكاية..
أمل: نعم أوشكنا على النهاية... مساء السبت الحزين أصرّت أمك الحبيبة على أن تصحبني معها إلى عرس أحد الأقارب، ولم تكن لديّ أي رغبة في الذهاب إلى أي مكان، ولكن تحت إصرار «حماتي العزيزة» ذهبتُ إلى الفرح، ووصلتني رسالة عبر الهاتف النقال استشهاد كوادر من الجهاد، لم أجرّب لحظتها بالاتصال على رقمك، لأني كنت واثقة بأن هاتفك ينتحبُ بعد أن احترق معك، لم أبك أو ألطم خدي، بل اكتفى لساني بأن يلهج بالحمد والشكر لله على أن تحققت أمنيتك بالشهادة.
«الحدوتة» لم تنته!
حسن: ما هو الوعد الأخير الذي تريدين أن تعديني به قبل أن ينقلوا جثماني إلى المقبرة؟!
أمل: حسن... يا نور عيني... افتح عينيكَ أكثر لتراني... افتح أذنيكَ أكثر لتلتقط كلماتي الأخيرة... سأكرّس نفسي أكثر لجهاد الكلمة، سأبذل جهداً أكثر في أن أكون مقاومة في عملي الصحفي، بأن استمر في نقل الحقيقة إلى العالم كله... ذلك العالم الصامت عن كل الجرائم التي سرقت حسن مني، وسرقت طلتك الحلوة التي كنت بوجودها أشعر أني أميرة الأميرات.
حسن: هيا يا حبيبتي قوليها... «توتة توتة» خلصت الحدوتة...
أمل: هي قبلة أطبعها على جبينك الطاهر أهمسُ لك بها حكاية الشاطر حسن لا يمكن أن تنتهي... يا «حسنَ أمل» وأمير قلبها... موعدنا هناك في قصر الجنة... إلى الملتقى...
سامحونا ان كنا فتحنا الجرح مجددا ولكن هى عظمة الشهادة وروعة البناء
الى اللقاء يا حبيب اروح يا حبيب القلب يا ابو اسلام11:11 11:11 11:11
رحمة الله عليك يا حبيبى 55:5 55:5
تعليق