كان الهدوء غريباً هذا الصباح. أو ربما شعر أبوصالح بهذا السكون بعدما استيقظ لصلاة الفجر .
وهو في وضوئه تذكّر ماذا رأى في رؤياه مباشرة قبل أن يستيقظ.لا زالت كلمات إبنته البكر ردينة ترنّ في أذنيه :"الفطور في البيت ، بس إحزر وين الغدا يابا؟"
كانت تضحك وهي تمسك بأيدي إخوتها وتنادي أمها من بعيد وتقول لها: "يلا يمّا الغدا جاهز..."
لاحظ أبو صالح أنه لم يكن مدعواً للغذاء ولكن رؤيته لأولاده بهذه السعادة وهم في ظلّ حصار قاتل ، جعلته ينسى نفسه.
منذ أيام وأولاده يطلبون منه أن يذهبوا بنزهة . حاول أن يفسّر لهم أن الوقود قد نفذ من سيارته ، فقالوا له : "طيب إيش رأيك يابا ، نعمل سيران في حديقة الدار كأننا ذهبنا في نزهة بعيدة؟"
إبتسم بألم...وكم من أب في فلسطين حاول إيجاد أعذار لأولاده ليبرر خطأ وجشع ممثلو السلطة عندهم .
ما كان يواسيه أنه لا زال هناك من الشرفاء من يرفضوا أن يعيشوا بذلّ فهم يحوّلون حياة اليهود لجحيم ، آآآآخ! على قدر إستطاعتهم والله يكون معهم. " الله يؤتي نصره من شاء"
لاحظ أنه لا زال أمام المرآة ينظر ، وإذا بآذان الفجر يقطع صمت الليل بجملة "الله أكبر الله أكبر"
لم يكن يشعر بالسوء أو بالغضب لأنه يتذكر دائماً أنه على أرض الرباط ويأمل أن يكونوا ممن يثبتوا على الحق ولا يبدّلوا تبديلا.عجّل في وضوئه وقبل أن يذهب للمسجد أيقظ زوجه ، وتفقّد أولاده ، كانوا يغطون في نوم عميق.رد الغطاء عليهم ودعا لهم بالخير.
منذ السنة القادمة سيستيقظون معه بإذن الله على صلاة الفجر ويشهدون كل الصلوات معه وفي ظرف سنين معدودات سيصلي الصبح فيهم دون حاجة للذهاب إلى المسجد، إذ أن الجماعة هنا وله فيها أجر.....
صلى الصبح وذكر الله حتى طلعت الشمس ثم صلى الضحى وذهب للمنزل .
كان الأولاد قد بدأوا بالإستيقاظ تباعاً ومن أحلى أوقات أبا صالح كان عندما تركض إبنته الصغرى هناء كي تحضنه. في هذا الصباح كانت وجوههم كالبدر وإبتساماتهم كأحلى نغم.
وعند وضع الفطور وجد أن الخبز كان ناقصاً ، فذهب ليحضر كيساً من الخبز. إضطر لأن يذهب لآخر مخبز في الشارع بسبب نفاذ المواد الأولية في بيت حانون .
وفجأة سمع صوت قذيفتيّ مدفع ، ومن شدة قربهما وصل غبار القصف إليه ...
لثوانٍ رجعت إليه رؤيا السحر وخفق قلبه بشدة ، وهو يحمل الكيس ركض راجعاً ، وسؤال إبنته في الرؤيا يمر كالبرق في رأسه : :"الفطور في البيت ، بس إحزر وين الغدا يابا؟؟"
أين يريد أن يكون أطفاله ؟ في البيت آمنين. ترائى له الدخان صاعداً من منزله ، فركض بسرعة أكثر.
ما وجد أحداً ، كلهم كانوا قد فارقوا الحياة ! زوجته وأولاده الأربعة.
مرّ في ذهنه خاطر :"الغدا في الجنة يابا"
ركع على ركبتيه ، كيس الخبز في يديه وقال : "حسبي الله ونعم الوكيل ، إنا لله وإنا إليه راجعون....
اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيراً منها.... اللهم وألحقني بهم صابراً محتسباً قريباً غير بعيد...."
-----------------------------------------------
بالإيمان نكمل ، بالإصرار نصل ، بتقديم الغالي والرخيص في سبيل الله.....نبلغ عليين إن شاء الله
وهو في وضوئه تذكّر ماذا رأى في رؤياه مباشرة قبل أن يستيقظ.لا زالت كلمات إبنته البكر ردينة ترنّ في أذنيه :"الفطور في البيت ، بس إحزر وين الغدا يابا؟"
كانت تضحك وهي تمسك بأيدي إخوتها وتنادي أمها من بعيد وتقول لها: "يلا يمّا الغدا جاهز..."
لاحظ أبو صالح أنه لم يكن مدعواً للغذاء ولكن رؤيته لأولاده بهذه السعادة وهم في ظلّ حصار قاتل ، جعلته ينسى نفسه.
منذ أيام وأولاده يطلبون منه أن يذهبوا بنزهة . حاول أن يفسّر لهم أن الوقود قد نفذ من سيارته ، فقالوا له : "طيب إيش رأيك يابا ، نعمل سيران في حديقة الدار كأننا ذهبنا في نزهة بعيدة؟"
إبتسم بألم...وكم من أب في فلسطين حاول إيجاد أعذار لأولاده ليبرر خطأ وجشع ممثلو السلطة عندهم .
ما كان يواسيه أنه لا زال هناك من الشرفاء من يرفضوا أن يعيشوا بذلّ فهم يحوّلون حياة اليهود لجحيم ، آآآآخ! على قدر إستطاعتهم والله يكون معهم. " الله يؤتي نصره من شاء"
لاحظ أنه لا زال أمام المرآة ينظر ، وإذا بآذان الفجر يقطع صمت الليل بجملة "الله أكبر الله أكبر"
لم يكن يشعر بالسوء أو بالغضب لأنه يتذكر دائماً أنه على أرض الرباط ويأمل أن يكونوا ممن يثبتوا على الحق ولا يبدّلوا تبديلا.عجّل في وضوئه وقبل أن يذهب للمسجد أيقظ زوجه ، وتفقّد أولاده ، كانوا يغطون في نوم عميق.رد الغطاء عليهم ودعا لهم بالخير.
منذ السنة القادمة سيستيقظون معه بإذن الله على صلاة الفجر ويشهدون كل الصلوات معه وفي ظرف سنين معدودات سيصلي الصبح فيهم دون حاجة للذهاب إلى المسجد، إذ أن الجماعة هنا وله فيها أجر.....
صلى الصبح وذكر الله حتى طلعت الشمس ثم صلى الضحى وذهب للمنزل .
كان الأولاد قد بدأوا بالإستيقاظ تباعاً ومن أحلى أوقات أبا صالح كان عندما تركض إبنته الصغرى هناء كي تحضنه. في هذا الصباح كانت وجوههم كالبدر وإبتساماتهم كأحلى نغم.
وعند وضع الفطور وجد أن الخبز كان ناقصاً ، فذهب ليحضر كيساً من الخبز. إضطر لأن يذهب لآخر مخبز في الشارع بسبب نفاذ المواد الأولية في بيت حانون .
وفجأة سمع صوت قذيفتيّ مدفع ، ومن شدة قربهما وصل غبار القصف إليه ...
لثوانٍ رجعت إليه رؤيا السحر وخفق قلبه بشدة ، وهو يحمل الكيس ركض راجعاً ، وسؤال إبنته في الرؤيا يمر كالبرق في رأسه : :"الفطور في البيت ، بس إحزر وين الغدا يابا؟؟"
أين يريد أن يكون أطفاله ؟ في البيت آمنين. ترائى له الدخان صاعداً من منزله ، فركض بسرعة أكثر.
ما وجد أحداً ، كلهم كانوا قد فارقوا الحياة ! زوجته وأولاده الأربعة.
مرّ في ذهنه خاطر :"الغدا في الجنة يابا"
ركع على ركبتيه ، كيس الخبز في يديه وقال : "حسبي الله ونعم الوكيل ، إنا لله وإنا إليه راجعون....
اللهم أجرني في مصيبتي وأخلفني خيراً منها.... اللهم وألحقني بهم صابراً محتسباً قريباً غير بعيد...."
-----------------------------------------------
بالإيمان نكمل ، بالإصرار نصل ، بتقديم الغالي والرخيص في سبيل الله.....نبلغ عليين إن شاء الله
تعليق