ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة
أبو سعد العاملي
بسم الله الرحمن الرحيم
والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد ؛
لما كان لكل عمل أسبابه ومقدماته، فإن العمل لدين الله تعالى والسعي لتحكيم شرعه ومحاربة أعدائه يحتاج – من باب أولى – إلى مقدمات وشروط اصطلح عليها شرعاً بالإعداد، لقوله تعالى ﴿ وَأَعِدُّوا لهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُم ﴾ [الأنفال 61 ].
وقد اختلف الكثيرون في كيفية الإعداد، كل على حسب فهمه للتغيير المطلوب، فمن الناس من يرى أن الإعداد ينبغي أن ينحصر في الجانب التربوي وذلك بإخراج أفراد مؤهلين أخلاقياً وسلوكياً، وهذا في زعمهم كاف بإحداث التغيير المطلوب دون اللجوء إلى الأنواع الأخرى من الإعداد.
ومن الناس من يرى أن الإعداد هو معناه الدخول في بعض المؤسسات القائمة أصلاً ومحاولة التغيير من داخلها، حتى يتجنبوا الخسائر المادية والبشرية.
وهناك من يرى أن الإعداد يتجلى فقط في امتلاك الرجال والسلاح لخوض غمار المعارك مع العدو دون السعي إلى إيجاد ما يلزم من مؤسسات تابعة أو مساعدة للجانب العسكري.
وقسم آخر يؤمن بالاكتفاء بالتربية النظرية وانتظار منادي الجهاد، ثم يلتحقوا بالصفوف يومئذ، دون الإعداد العملي لهذا اليوم، وهؤلاء يكذبهم الله تعالى في ادعائهم هذا حيث يقول ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة ﴾[التوبة].
وهكذا تتشعب الآراء والمذاهب حول الإعداد، ولأهمية الموضوع سأحاول الوقوف على بعض الشبهات المطروحة حوله، دون تفصيل الأدلة الشرعية على وجوب الإعداد شرعاً وحتميته واقعاً، لأن البحوث فيه كثيرة تغني وتشفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
استعجال المواجهة :
قولهم: " أن في ذلك -أي الإعداد- استعجال المواجهة قبل اكتمال العدة، و بالتالي قتل الدعوة في مهدها، بل و لفت نظر الطغاة إلى الدعاة وبالتالي قتلهم وسجنهم وتشريدهم، ومن ثم التضييق على المسلمين، وفي النهاية مسخ أهل الإسلام، والعودة إلى الصفر كما بدأنا، والواقع خير شاهد لمن تأمل."
أقول : إن نقطة الالتقاء بين جميع العقلاء في ساحة العمل الإسلامي، هي ضرورة إعداد القوة اللازمة لإزالة هذه الحكومات المرتدة العفنة التي لا يصلح معها سوى القتال والقوة، والتي يؤيدها العالم الصليبي /الصهيوني بكل ما عوامل البقاء وبكل عناصر القوة، لتواصل عملية المسخ لهذا الدين، وعملية تكبيل طاقات المسلمين وتمييعها لتخدم مصالحهم وتبعدهم عن دينهم عن طريق وسائل الفساد المتوفرة.
فالإعداد يحتاج إلى جمع الجهود ووضعها في المكان المناسب، والمطلوب إعداد محكم شامل، ومنه الإعداد المادي الذي يشكل الجانب الرئيس لمن تأمل واقع هذه الحكومات المرتدة، حيث أنها لا تؤمن بالحوار ولا بالحلول السلمية، كما لا تدع مجالاً لخصومها بنشر الدعوة والتحرك بكل حرية في الساحة، مما يؤكد أن ضرورة امتلاك القوة أو حق القوة هو من أولى الأولويات في عملية الإعداد.
أما مسألة التضييق على الدعاة وقتلهم أو سجنهم وتشريدهم فهذه أمور يجب أن ينتظرها الدعاة إلى الله في كل حين، وهي علامة من علامات صدق المنهج، وضريبة لابد من أدائها ونحن ندعو أو نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر أو نجاهد في سبيل الله، إنها سنة الدعوات كلها، فالباطل لن يدع أهل الحق في سلام وأمان حتى وإن قرر أهل الحق عدم الهجوم على هذا الباطل ومبادأته بالقتال، فمجرد وجود الحق إلى جانب الباطل هو شيء مزعج له ومن شأنه أن يهيجه على الحق ولا يرتاح ويطمئن حتى يستأصل شأفة هذا الحق.
فالذي يستعجل المواجهة هو الطاغوت وجنوده، خوفاً من وجود الحق إلى جانبه، ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلوُنَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾، فسواء أعددت العدة أم قعدت مع القاعدين، فإن يد الكفر والردة ستطالك وتحاول إخراجك من دينك وفتنتك عن عقيدتك، وهذا منتهى مرامهم.
أما قولهم: بأن ذلك سيقتل الدعوة في مهدها، فهذا خطأ كبير، لأن الدعوة إنما تنتشر وتتجذر في النفوس (سواء نفوس أصحابها أو نفوس المتتبعين) في أيام الشدة والابتلاء والتمحيص، وهذا لا يعني أننا من محبي وعشاق الابتلاء، كلا ولكن لابد مما ليس منه بد، والضربة التي لا تقصم ظهرك لا تزيده إلا قوة، بالإضافة إلى أن ثباتك على هذا الدين - بالرغم من الابتلاءات والحصار والتشريد- من شأنه أن يؤثر في عدوك قبل صديقك ناهيك عن الكثرة التي وقفت في المنطقة الرمادية وأمسكت العصا من الوسط، فلا شك أن ثباتك وصبرك على مبادئك سيكون سبباً للدخول في دين الله أفواجاً، فهذا هو الطريق ولن تجد لسنة تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
أما أولئك المتساقطون في الطريق، فمن الخير ومن مصلحة الدعوة أن يتساقطوا لأنهم ضعفاء ولن يستطيعوا مواصلة المسير، وبالتالي وجودهم في الصفوف مدعاة للهزيمة والضعف، ويعتبر الابتلاء ثم التمحيص خير وسيلة لتصفية الصفوف، بدلاً من تجميع الأصفار، وتحويل التجمع إلى غثاء كغثاء السيل، يضر أكثر مما ينفع، وهذا ما نشاهده اليوم في الساحة، وهو لا يمثل حقيقة التجمع المبدئي الذي ينصر الله به دينه.
الإعداد يُشعر الأعداء بالخطر ويدفعهم إلى أخذ الحذر :
تلك شبهة أخرى وهي قولهم: "أننا بإعدادنا نُشعر الطاغوت بوجودنا وننبهه إلى أخذ الحذر للبطش بنا".
أقول : اعلم أن عملية الإعداد لا تتم في السراديب، وإنما تتم في واقع، فهناك من الأعمال ما هو داخل في الإعداد لا يمكن أن تقوم بها إلا علناً، ولكن الكثير بل الجزء الأكبر يجب أن يكون سراً، ولا يمكن للعدو أن يعلم به، ولسنا من دعاة الاستعجال أو استفزاز العدو ليقحمنا في معارك جانبية وهامشية لا مصلحة لنا فيها، فيجب علينا أن نعلم متى نخرج للمعركة وفق مقوماتنا ووفق برنامج يتوافق وإعدادنا، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية والواقعية فأحياناً يصعب عليك تطبيق برنامجك، وتجد نفسك مضطراً إلى اتخاذ بعض المواقف العملية علناً، التي من شأنها أن تكشف أموراً، فالمسيرة لابد أن يكون فيها خسائر، لأن الطريق مفروش بالأشواك والعقبات وليس بالورود.
ومن يظن أنه سيقطع كل أشواط الإعداد دون أن يُعرف أو يتنبه العدو لبعض تحركاته ويكشف بعض مواقعه، فهذا غافل عن سنن الله في الدعوات، وعليه أن يبحث عن عالم آخر يتحرك فيه، وسنن أخرى لدعوته الغريبة.
أما قولهم أننا نحذر الطاغوت وننبهه بأخذ الحذر، فهذا غير صحيح، فالعدو يعلم يقيناً أن أهل الحق الحقيقيين لابد أنهم يعدون العدة لمحاربته، ما عدا أولئك المنهزمين الذين ينتظرون المعجزات، والذين سقطوا في أحضان الأعداء، يلتمسون منهم الرخصة لممارسة العمل السياسي المقنن وفق قوانين الكفر، ويعترفون بشرعية الطغاة، فهؤلاء لا يلتفت إليهم الطاغوت ولا يحسب لهم أي حساب، والواقع شاهد على ما أقول. أما المجاهدون فهم دوماً مرهوبو الجانب من قبل الطواغيت، ويحسبون لهم ألف حساب، وهذا معنى قوله تعالى ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل ﴾ لماذا يا رب؟ ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾، فقضية إعداد العدة لابد أن تحقق هذا الهدف، وهو إرهاب أعداء الله وإرعابهم وتخويفهم، وليس مجرد التخفي والعمل في الظلام المطلق خوفاً من إثارة العدو وتنبيهه كما يظن الكثيرون.
نعم، نحن نريد أن نرعبه ونرهبه، حتى يحسب لنا حساباً، وحتى يعلم الناس أن الإسلام له شوكة، وأن المعركة مع الباطل لابد حاصلة، فينضموا إلى صفوف المجاهدين، وهم بعد في مرحلة الإعداد.
الإعداد يسبب ضرراً للدعوة ويمنع من تكوين القاعدة العريضة :
قولهم: "إن هذا يتسبب في الإضرار بالدعوة عموماً، بل والقضاء على كل محاولة للإصلاح وبالتالي العجز التام عن تكوين القاعدة، كما هو الواقع."
أقول : فأما الإضرار بالدعوة فقد سبق أن تحدثت عنها سابقاً وقلت إن الدعوة تنشط أكثر وبصفة فعالة حينما يكون التجمع في مرحلة الابتلاء والتمحيص وليس العكس، لأن الذي يلتحق بالتجمع حينئذ يعلم يقيناً ما ينتظره في الطريق، وسيخلو التجمع من كل عناصر النفاق والضعف، كما كانت المرحلة المكية بالنسبة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم يكن هناك نفاق ولا منافقون.
أما تكوين القاعدة، وهي القاعدة الصلبة التي ستتحمل البناء فيما بعد، فهي الأخرى لا يمكن أن تتم وتتأسس إلا في مدرسة التمحيص والابتلاء ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُون ﴾[العنكبوت 1] ، أما بناء القواعد في الرخاء وسعة الأمر فينتج عنه البناء الغثائي كما هو واقع حالنا اليوم، حيث أن الأعداد هائلة ولكن الإنتاج ضعيف إن لم أقل منعدم، إلا لدى التجمعات التي توجد في مراحل الابتلاء والتمحيص والمواجهة مع العدو.
وخير شاهد على هذا هو واقع الحركات الإسلامية المتباين، فقارن على سبيل المثال ما تعيشه كل الحركات المتواجدة في الساحة والتي تتبنى العمل السياسي وتهرب من التصادم مع السلطات القائمة، بل تعتبر هذا الصدام من المحرمات، قارن واقعها وحالها مع حالة الحركات الجهادية التي تبنت خط الجهاد والصدام مع هذه الأنظمة، لتجد الفارق الكبير بينهما وذلك على مستوى التكوين والعطاء والتقدم لخدمة هذا الدين.
إن القاعدة العريضة الحقيقية لا تنشأ في فراغ أو خلال التربية النظرية، بل وسط ألغام الابتلاء والتمحيص والحركة، فمن الذي يخيف العدو يا ترى؟ ألوف مؤلفة من القاعدين أم عشرات من المتحركين؟ انظروا إلى واقعنا لتدركوا هذه الحقيقة الناصعة، جماعات تُعدُّ بالألوف إن لم أقل بالملايين لا يعبأ لها الطاغوت ولا يأبه لها بسبب منهجها المسالم وطريقتها الموافقة لقوانينه وشرائعه، بينما جماعات الجهاد التي يُعدُّ أفرادها بالعشرات تُسخًّر لها كل الطاقات لتتبع آثارها من أجل حصارها ومحاربتها ليل نهار.
فمن الأقوى ومن الأجدر بالاتباع يا ترى؟
ضرورة الاستفادة من التاريخ :
قولهم: "ينبغي الاستفادة من التاريخ، والنظر لكل حركة كيف نجحت وكيف فشلت، بل النظر قبل ذلك إلى دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم في بدايتها، كيف كانت. و النظر إلى حركات اليوم كيف منيت بالفشل الذريع ولم يكتب لها النجاح، وسبب ذلك هو استعجال الثمرة قبل بناء القاعدة، أو فضح الأمر وإعطاء الطاغوت إشارة إلى قدومنا وتخطيطنا."
أقول : التاريخ شاهد على عكس ما يقول هؤلاء، فكل الحركات التي مُنيت بالفشل هي التي أخذت بمنطق قوة الحق وحده، وغفلت عن منطق حق القوة، فظنت أنها بامتلاكها هذا الحق ستتمكن من الانتصار وسوف يقدم لها الطاغوت زمام الأمور في طبق من ذهب، فكان العكس، بحيث سُحقت سحقاً، وكان الخطأ يتكرر في كل مرة، والقوم يُلدغون من نفس الجحر.
أنظر – إن شئت – إلى الحركات الإسلامية التي تبنَّت العمل السياسي في سائر البلاد الإسلامية ماذا جنوا من تمهلهم وانتظار أن تنضج الثمرة وعدم تسرعهم في قطفها؟
لقد جنوا الويلات تلو الويلات، وكانوا سبباً في تأخر الدعوة وتمييعها، وتمكين الطغاة من رقاب أتباعهم وزجهم في السجون أو الذهاب بهم إلى أعواد المشانق، وهم يرددون جهلاً قوله تعالى ﴿ كُفُّوا أِيْدَيِكُمْ وِأِقَيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاة ﴾ أو قوله تعالى: ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِين ﴾.
والأجدر بنا – ونحن نسرد الأحداث التاريخية – أن نسوق الأمثلة والتجارب الناجحة ونركز عليها، بدلاً من التركيز على التجارب الفاشلة وعلى الأخطاء البشرية لكي نثبط الناس عن التحرك ومعاودة الكرة.
وقلة الإعداد للمعركة هو الذي تسبب في هذه الخسائر والهزائم، ولو أنهم كانوا يمتلكون القوة اللازمة لما حصدوا كل هذا الحصيلة المرة خلال هذه العقود من الزمن.
عدم إثارة العدو :
ومن شبهات القوم الغريبة والعجيبة هو دعوتهم إلى عدم إثارة العدو والتحرش به، وعدم الدعوة للخروج عليه، والتعرض لقضايا الحكم على سبيل العموم لا التخصيص".
أقول : إنها وسائل بدعية، لم يعمل بها الأولون، ومخالفة لما سلكه الأنبياء والمرسلون، حتى وهم في مرحلة الضعف والحصار وقلة النصير.
كيف نسكت عن إثارة العدو وعدم الدعوة إلى الخروج عليه؟ وهو جوهر الدعوة كلها؟! وهل تقوم دعوة التوحيد في ديننا والعقيدة إلا على نفي وإثبات؟! نفي صفات الألوهية والربوبية عن هؤلاء الطواغيت، وإثباتها لله رب العالمين "لا إله إلا الله"؟!
فهل سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله عن سب آلهة أقوامهم، وفضحهم وتحريض الناس على الكفر بهم وبها؟!
هذه هي طريقة بناء القاعدة الصلبة الصحيحة، وليس بالسكوت عن هذه القوانين وعن هؤلاء الطواغيت، لكي لا تتأذى الدعوة كما يزعمون!!
فالدعوة إلى التوحيد الخالص، وإلى عقيدة الولاء والبراء ونشرها بين الناس، هو من الإعداد النظري الحقيقي، وهو عرض حقيقة الأسس والركائز التي يقوم عليها الباطل، والسعي إلى تدميرها ونسفها من الأساس.
ثم ما هذا الخطاب العام الذي يجب أن نسلكه في شرح الآيات والأحاديث؟! أتريدون أن نداهن، أم تراكم تريدون أن نؤمن ببعض الدين ونكفر ببعض حتى لا ينزعج هؤلاء الطغاة ويغضبوا فيسدوا علينا أبواب الدعوة، ويسلبونا هذه الحريات في الحركة؟! وكأننا أحرار في ظل هذه الأنظمة المرتدة!!
إن الطغاة المرتدون يضعون لنا حدوداً وسدوداً حتى في ميدان الدعوة، فهم يحددون لك خطوطاً ودوائر لا ينبغي تجاوزها أو الخروج منها، وهو دين الملك كما سماه رب العزة. فكيف يمكننا قبول هذه الشروط لنقزِّم ديننا ونشوهه فينطبق علينا قول ربنا عز وجل ﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ، فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين ﴾.
أسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرينا سبل الإعداد الحقيقية
ويجنبنا شبهات الشيطان وسبله التي تثبطنا عن فريضة الإعداد لنصرة دينه وإحياء سنة نبيه
آمين
والحمد لله رب العالمين
أبو سعد العاملي
بسم الله الرحمن الرحيم
والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، وبعد ؛
لما كان لكل عمل أسبابه ومقدماته، فإن العمل لدين الله تعالى والسعي لتحكيم شرعه ومحاربة أعدائه يحتاج – من باب أولى – إلى مقدمات وشروط اصطلح عليها شرعاً بالإعداد، لقوله تعالى ﴿ وَأَعِدُّوا لهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُم ﴾ [الأنفال 61 ].
وقد اختلف الكثيرون في كيفية الإعداد، كل على حسب فهمه للتغيير المطلوب، فمن الناس من يرى أن الإعداد ينبغي أن ينحصر في الجانب التربوي وذلك بإخراج أفراد مؤهلين أخلاقياً وسلوكياً، وهذا في زعمهم كاف بإحداث التغيير المطلوب دون اللجوء إلى الأنواع الأخرى من الإعداد.
ومن الناس من يرى أن الإعداد هو معناه الدخول في بعض المؤسسات القائمة أصلاً ومحاولة التغيير من داخلها، حتى يتجنبوا الخسائر المادية والبشرية.
وهناك من يرى أن الإعداد يتجلى فقط في امتلاك الرجال والسلاح لخوض غمار المعارك مع العدو دون السعي إلى إيجاد ما يلزم من مؤسسات تابعة أو مساعدة للجانب العسكري.
وقسم آخر يؤمن بالاكتفاء بالتربية النظرية وانتظار منادي الجهاد، ثم يلتحقوا بالصفوف يومئذ، دون الإعداد العملي لهذا اليوم، وهؤلاء يكذبهم الله تعالى في ادعائهم هذا حيث يقول ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة ﴾[التوبة].
وهكذا تتشعب الآراء والمذاهب حول الإعداد، ولأهمية الموضوع سأحاول الوقوف على بعض الشبهات المطروحة حوله، دون تفصيل الأدلة الشرعية على وجوب الإعداد شرعاً وحتميته واقعاً، لأن البحوث فيه كثيرة تغني وتشفي، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
استعجال المواجهة :
قولهم: " أن في ذلك -أي الإعداد- استعجال المواجهة قبل اكتمال العدة، و بالتالي قتل الدعوة في مهدها، بل و لفت نظر الطغاة إلى الدعاة وبالتالي قتلهم وسجنهم وتشريدهم، ومن ثم التضييق على المسلمين، وفي النهاية مسخ أهل الإسلام، والعودة إلى الصفر كما بدأنا، والواقع خير شاهد لمن تأمل."
أقول : إن نقطة الالتقاء بين جميع العقلاء في ساحة العمل الإسلامي، هي ضرورة إعداد القوة اللازمة لإزالة هذه الحكومات المرتدة العفنة التي لا يصلح معها سوى القتال والقوة، والتي يؤيدها العالم الصليبي /الصهيوني بكل ما عوامل البقاء وبكل عناصر القوة، لتواصل عملية المسخ لهذا الدين، وعملية تكبيل طاقات المسلمين وتمييعها لتخدم مصالحهم وتبعدهم عن دينهم عن طريق وسائل الفساد المتوفرة.
فالإعداد يحتاج إلى جمع الجهود ووضعها في المكان المناسب، والمطلوب إعداد محكم شامل، ومنه الإعداد المادي الذي يشكل الجانب الرئيس لمن تأمل واقع هذه الحكومات المرتدة، حيث أنها لا تؤمن بالحوار ولا بالحلول السلمية، كما لا تدع مجالاً لخصومها بنشر الدعوة والتحرك بكل حرية في الساحة، مما يؤكد أن ضرورة امتلاك القوة أو حق القوة هو من أولى الأولويات في عملية الإعداد.
أما مسألة التضييق على الدعاة وقتلهم أو سجنهم وتشريدهم فهذه أمور يجب أن ينتظرها الدعاة إلى الله في كل حين، وهي علامة من علامات صدق المنهج، وضريبة لابد من أدائها ونحن ندعو أو نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر أو نجاهد في سبيل الله، إنها سنة الدعوات كلها، فالباطل لن يدع أهل الحق في سلام وأمان حتى وإن قرر أهل الحق عدم الهجوم على هذا الباطل ومبادأته بالقتال، فمجرد وجود الحق إلى جانب الباطل هو شيء مزعج له ومن شأنه أن يهيجه على الحق ولا يرتاح ويطمئن حتى يستأصل شأفة هذا الحق.
فالذي يستعجل المواجهة هو الطاغوت وجنوده، خوفاً من وجود الحق إلى جانبه، ﴿ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلوُنَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا ﴾، فسواء أعددت العدة أم قعدت مع القاعدين، فإن يد الكفر والردة ستطالك وتحاول إخراجك من دينك وفتنتك عن عقيدتك، وهذا منتهى مرامهم.
أما قولهم: بأن ذلك سيقتل الدعوة في مهدها، فهذا خطأ كبير، لأن الدعوة إنما تنتشر وتتجذر في النفوس (سواء نفوس أصحابها أو نفوس المتتبعين) في أيام الشدة والابتلاء والتمحيص، وهذا لا يعني أننا من محبي وعشاق الابتلاء، كلا ولكن لابد مما ليس منه بد، والضربة التي لا تقصم ظهرك لا تزيده إلا قوة، بالإضافة إلى أن ثباتك على هذا الدين - بالرغم من الابتلاءات والحصار والتشريد- من شأنه أن يؤثر في عدوك قبل صديقك ناهيك عن الكثرة التي وقفت في المنطقة الرمادية وأمسكت العصا من الوسط، فلا شك أن ثباتك وصبرك على مبادئك سيكون سبباً للدخول في دين الله أفواجاً، فهذا هو الطريق ولن تجد لسنة تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً.
أما أولئك المتساقطون في الطريق، فمن الخير ومن مصلحة الدعوة أن يتساقطوا لأنهم ضعفاء ولن يستطيعوا مواصلة المسير، وبالتالي وجودهم في الصفوف مدعاة للهزيمة والضعف، ويعتبر الابتلاء ثم التمحيص خير وسيلة لتصفية الصفوف، بدلاً من تجميع الأصفار، وتحويل التجمع إلى غثاء كغثاء السيل، يضر أكثر مما ينفع، وهذا ما نشاهده اليوم في الساحة، وهو لا يمثل حقيقة التجمع المبدئي الذي ينصر الله به دينه.
الإعداد يُشعر الأعداء بالخطر ويدفعهم إلى أخذ الحذر :
تلك شبهة أخرى وهي قولهم: "أننا بإعدادنا نُشعر الطاغوت بوجودنا وننبهه إلى أخذ الحذر للبطش بنا".
أقول : اعلم أن عملية الإعداد لا تتم في السراديب، وإنما تتم في واقع، فهناك من الأعمال ما هو داخل في الإعداد لا يمكن أن تقوم بها إلا علناً، ولكن الكثير بل الجزء الأكبر يجب أن يكون سراً، ولا يمكن للعدو أن يعلم به، ولسنا من دعاة الاستعجال أو استفزاز العدو ليقحمنا في معارك جانبية وهامشية لا مصلحة لنا فيها، فيجب علينا أن نعلم متى نخرج للمعركة وفق مقوماتنا ووفق برنامج يتوافق وإعدادنا، هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية والواقعية فأحياناً يصعب عليك تطبيق برنامجك، وتجد نفسك مضطراً إلى اتخاذ بعض المواقف العملية علناً، التي من شأنها أن تكشف أموراً، فالمسيرة لابد أن يكون فيها خسائر، لأن الطريق مفروش بالأشواك والعقبات وليس بالورود.
ومن يظن أنه سيقطع كل أشواط الإعداد دون أن يُعرف أو يتنبه العدو لبعض تحركاته ويكشف بعض مواقعه، فهذا غافل عن سنن الله في الدعوات، وعليه أن يبحث عن عالم آخر يتحرك فيه، وسنن أخرى لدعوته الغريبة.
أما قولهم أننا نحذر الطاغوت وننبهه بأخذ الحذر، فهذا غير صحيح، فالعدو يعلم يقيناً أن أهل الحق الحقيقيين لابد أنهم يعدون العدة لمحاربته، ما عدا أولئك المنهزمين الذين ينتظرون المعجزات، والذين سقطوا في أحضان الأعداء، يلتمسون منهم الرخصة لممارسة العمل السياسي المقنن وفق قوانين الكفر، ويعترفون بشرعية الطغاة، فهؤلاء لا يلتفت إليهم الطاغوت ولا يحسب لهم أي حساب، والواقع شاهد على ما أقول. أما المجاهدون فهم دوماً مرهوبو الجانب من قبل الطواغيت، ويحسبون لهم ألف حساب، وهذا معنى قوله تعالى ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْل ﴾ لماذا يا رب؟ ﴿ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ ﴾، فقضية إعداد العدة لابد أن تحقق هذا الهدف، وهو إرهاب أعداء الله وإرعابهم وتخويفهم، وليس مجرد التخفي والعمل في الظلام المطلق خوفاً من إثارة العدو وتنبيهه كما يظن الكثيرون.
نعم، نحن نريد أن نرعبه ونرهبه، حتى يحسب لنا حساباً، وحتى يعلم الناس أن الإسلام له شوكة، وأن المعركة مع الباطل لابد حاصلة، فينضموا إلى صفوف المجاهدين، وهم بعد في مرحلة الإعداد.
الإعداد يسبب ضرراً للدعوة ويمنع من تكوين القاعدة العريضة :
قولهم: "إن هذا يتسبب في الإضرار بالدعوة عموماً، بل والقضاء على كل محاولة للإصلاح وبالتالي العجز التام عن تكوين القاعدة، كما هو الواقع."
أقول : فأما الإضرار بالدعوة فقد سبق أن تحدثت عنها سابقاً وقلت إن الدعوة تنشط أكثر وبصفة فعالة حينما يكون التجمع في مرحلة الابتلاء والتمحيص وليس العكس، لأن الذي يلتحق بالتجمع حينئذ يعلم يقيناً ما ينتظره في الطريق، وسيخلو التجمع من كل عناصر النفاق والضعف، كما كانت المرحلة المكية بالنسبة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث لم يكن هناك نفاق ولا منافقون.
أما تكوين القاعدة، وهي القاعدة الصلبة التي ستتحمل البناء فيما بعد، فهي الأخرى لا يمكن أن تتم وتتأسس إلا في مدرسة التمحيص والابتلاء ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُون ﴾[العنكبوت 1] ، أما بناء القواعد في الرخاء وسعة الأمر فينتج عنه البناء الغثائي كما هو واقع حالنا اليوم، حيث أن الأعداد هائلة ولكن الإنتاج ضعيف إن لم أقل منعدم، إلا لدى التجمعات التي توجد في مراحل الابتلاء والتمحيص والمواجهة مع العدو.
وخير شاهد على هذا هو واقع الحركات الإسلامية المتباين، فقارن على سبيل المثال ما تعيشه كل الحركات المتواجدة في الساحة والتي تتبنى العمل السياسي وتهرب من التصادم مع السلطات القائمة، بل تعتبر هذا الصدام من المحرمات، قارن واقعها وحالها مع حالة الحركات الجهادية التي تبنت خط الجهاد والصدام مع هذه الأنظمة، لتجد الفارق الكبير بينهما وذلك على مستوى التكوين والعطاء والتقدم لخدمة هذا الدين.
إن القاعدة العريضة الحقيقية لا تنشأ في فراغ أو خلال التربية النظرية، بل وسط ألغام الابتلاء والتمحيص والحركة، فمن الذي يخيف العدو يا ترى؟ ألوف مؤلفة من القاعدين أم عشرات من المتحركين؟ انظروا إلى واقعنا لتدركوا هذه الحقيقة الناصعة، جماعات تُعدُّ بالألوف إن لم أقل بالملايين لا يعبأ لها الطاغوت ولا يأبه لها بسبب منهجها المسالم وطريقتها الموافقة لقوانينه وشرائعه، بينما جماعات الجهاد التي يُعدُّ أفرادها بالعشرات تُسخًّر لها كل الطاقات لتتبع آثارها من أجل حصارها ومحاربتها ليل نهار.
فمن الأقوى ومن الأجدر بالاتباع يا ترى؟
ضرورة الاستفادة من التاريخ :
قولهم: "ينبغي الاستفادة من التاريخ، والنظر لكل حركة كيف نجحت وكيف فشلت، بل النظر قبل ذلك إلى دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم في بدايتها، كيف كانت. و النظر إلى حركات اليوم كيف منيت بالفشل الذريع ولم يكتب لها النجاح، وسبب ذلك هو استعجال الثمرة قبل بناء القاعدة، أو فضح الأمر وإعطاء الطاغوت إشارة إلى قدومنا وتخطيطنا."
أقول : التاريخ شاهد على عكس ما يقول هؤلاء، فكل الحركات التي مُنيت بالفشل هي التي أخذت بمنطق قوة الحق وحده، وغفلت عن منطق حق القوة، فظنت أنها بامتلاكها هذا الحق ستتمكن من الانتصار وسوف يقدم لها الطاغوت زمام الأمور في طبق من ذهب، فكان العكس، بحيث سُحقت سحقاً، وكان الخطأ يتكرر في كل مرة، والقوم يُلدغون من نفس الجحر.
أنظر – إن شئت – إلى الحركات الإسلامية التي تبنَّت العمل السياسي في سائر البلاد الإسلامية ماذا جنوا من تمهلهم وانتظار أن تنضج الثمرة وعدم تسرعهم في قطفها؟
لقد جنوا الويلات تلو الويلات، وكانوا سبباً في تأخر الدعوة وتمييعها، وتمكين الطغاة من رقاب أتباعهم وزجهم في السجون أو الذهاب بهم إلى أعواد المشانق، وهم يرددون جهلاً قوله تعالى ﴿ كُفُّوا أِيْدَيِكُمْ وِأِقَيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاة ﴾ أو قوله تعالى: ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِين ﴾.
والأجدر بنا – ونحن نسرد الأحداث التاريخية – أن نسوق الأمثلة والتجارب الناجحة ونركز عليها، بدلاً من التركيز على التجارب الفاشلة وعلى الأخطاء البشرية لكي نثبط الناس عن التحرك ومعاودة الكرة.
وقلة الإعداد للمعركة هو الذي تسبب في هذه الخسائر والهزائم، ولو أنهم كانوا يمتلكون القوة اللازمة لما حصدوا كل هذا الحصيلة المرة خلال هذه العقود من الزمن.
عدم إثارة العدو :
ومن شبهات القوم الغريبة والعجيبة هو دعوتهم إلى عدم إثارة العدو والتحرش به، وعدم الدعوة للخروج عليه، والتعرض لقضايا الحكم على سبيل العموم لا التخصيص".
أقول : إنها وسائل بدعية، لم يعمل بها الأولون، ومخالفة لما سلكه الأنبياء والمرسلون، حتى وهم في مرحلة الضعف والحصار وقلة النصير.
كيف نسكت عن إثارة العدو وعدم الدعوة إلى الخروج عليه؟ وهو جوهر الدعوة كلها؟! وهل تقوم دعوة التوحيد في ديننا والعقيدة إلا على نفي وإثبات؟! نفي صفات الألوهية والربوبية عن هؤلاء الطواغيت، وإثباتها لله رب العالمين "لا إله إلا الله"؟!
فهل سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله عن سب آلهة أقوامهم، وفضحهم وتحريض الناس على الكفر بهم وبها؟!
هذه هي طريقة بناء القاعدة الصلبة الصحيحة، وليس بالسكوت عن هذه القوانين وعن هؤلاء الطواغيت، لكي لا تتأذى الدعوة كما يزعمون!!
فالدعوة إلى التوحيد الخالص، وإلى عقيدة الولاء والبراء ونشرها بين الناس، هو من الإعداد النظري الحقيقي، وهو عرض حقيقة الأسس والركائز التي يقوم عليها الباطل، والسعي إلى تدميرها ونسفها من الأساس.
ثم ما هذا الخطاب العام الذي يجب أن نسلكه في شرح الآيات والأحاديث؟! أتريدون أن نداهن، أم تراكم تريدون أن نؤمن ببعض الدين ونكفر ببعض حتى لا ينزعج هؤلاء الطغاة ويغضبوا فيسدوا علينا أبواب الدعوة، ويسلبونا هذه الحريات في الحركة؟! وكأننا أحرار في ظل هذه الأنظمة المرتدة!!
إن الطغاة المرتدون يضعون لنا حدوداً وسدوداً حتى في ميدان الدعوة، فهم يحددون لك خطوطاً ودوائر لا ينبغي تجاوزها أو الخروج منها، وهو دين الملك كما سماه رب العزة. فكيف يمكننا قبول هذه الشروط لنقزِّم ديننا ونشوهه فينطبق علينا قول ربنا عز وجل ﴿ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ، فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِين ﴾.
أسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرينا سبل الإعداد الحقيقية
ويجنبنا شبهات الشيطان وسبله التي تثبطنا عن فريضة الإعداد لنصرة دينه وإحياء سنة نبيه
آمين
والحمد لله رب العالمين
تعليق